Skip to main content

Full text of "dhakhira1"

See other formats




الإا الاسم 
3 


8 ا 


صما 
- : 
ا“ 2 


س 


ANY 


الم یر راشا 


o 0‏ کا 


2 


3 


4و" / 1 8 
| 2 


م راپ ال یا 


اس دی 


ر 


ل 


یں 


ت 


٠ 








ارمام كراب الم أ امتاس نھ ر ہا ہیی ب عبلليك 
الصنياعي الع رياه رر راان 
اتر نة ۵1۸4 
ني ار سیا ت ا عر رہ 
ار الأول 
اتوت ۽ 
كتادببالطراءة ۔کتا دبالصدرة 


جميع الحقوق محفوظة 


« Copyright © 
All rights reserved 
Tous drbits réservés 





جميع حقوق الملكية الادبية والفنية محفوظة 

لصأو الضف العامية بيروت لبنان 

ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمسة أوإعادة 

تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على 

أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو 

برمجته على اسطوانات ضولية إلا بمواققة 
الناشر خطيا. 


Exdusive Rights by 
Dar AF-Kotob Al-llmiyah Belrut - Lebanon 


No part of this publicatlon may be 
translated, reproduced, distributed in any 
form or by any means, or stored in a data 
base or retrleval system, without the 
prior written permission of the publisher. 


Droits Exclusifs ù 
Dar Al-Kotob Al-llmiyah Beyrouth - Liban 
il est Interdit è toute personne Indıviduefle 
ou morale d'éditer, de traduire, de 
photocopier, d'enregistrer sur cassette, 
disquette, C.D, ordinateur toute 
production écrite, entière ou partlelle, 
sans I'autorisation slgnée de Féditeur. 


الطبعة الأولى 
كاه ا م 








دأر الك العلمية 
بيروت_البنان 
رمل الظريفء شارع البحتري» بناية ملكارت 
هاتف وفاكس (٩11 1۱(۴۷۸9 6118 - ۳11۴۹4 ٠‏ 
صندوق بريد + 111474 بيروت لبنان 


Dar A!l-Kotob Al-ilmiyah 
Belrut - Lebanon 


Ramel Al-Zarif, Bohtory St, Melart Bldg, Ist Floor 
Tel. & Fax :00 (961 1) 37.85.42 - 36,61 35 - 36.43.98 
RO.Box : I | - 9424 Beirut - Lebanon 


Dar AFKotob Al-ilmiyah 
Beyrouth - Liber 7 
Ramel AL-Zarif, Rue Bahtory, مما‎ Melkart, | م‎ Etage 
Tel. & Fax :00 (961 |) 37.85.42 - 36.61.35 - 8 
BR: 11 - 9424 Beyrouth - Liban 





ISBN 2-7451-3405-1 
90 0 û û 


http://www.al-ilmiyah.com/ 


e-~mall: sales@al-limiyah.com 
Info@al-Imiyah.com 
baydoun@al-Nmiyah.com 


نماث الک ار 


الحمد الله الذى شرع لنا من الدين ما تستقيم به حياتناء ونشهد أن لا إله إلا الله 
وحده لا شريك له والصلاة والسلام على أشرف المرسلين» سيد الخلق أجمعين 
محمد بن عبد الله النبى الأمى الهادى الأمين» أرسله سبحانه وتعالى رحمة 
للعالمين» ومبيئا لهم كل ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم بمنهج قويم» وطريق 
مستقيم . 

وبعد : 

فالفقه الإسلامى جامعة ورابطة للأمة الإسلاميةء وهو حياتها تدوم ما دام» 
وتنعدم ما انعدم» وهو جزء لا يتجزأ من تاريخ الأمة المحمدية فى أقطارها 
المعمورة» ويعد الفقه الإسلامى مفخرة من مفاخرها العظيمة» فالفقه موضح ومبين 

قوق المجتمع الإسلامى بل البشرى» وبه كمال نظام العالم فهو جامع لمصالحهم 
الاجتماعية والأخلاقية فأمة بلا فقه أمة بلا حياة؛ إذ الفقه معالم الحلال والحرام 
والصحيح والفاسد» ويتجلى هذا واضحًا فى عباداته التى تهدف إلى تهذيب الفرد 
وغرس الفضائل فيه والارتقاء به ديا وأخلاقًا بغية صلاحه ومن ثم صلاح المجتمع 
بأسره فما الفرد إلا لبنة من صرح المجتمع الشامخ. 

وأما المعاملات فقد نظمها الإسلام تنظيمًا يتسنى للمجتمع من خلاله أن يسير 
على أسس صالحة ومعالم واضحة تحقق السعادة سواء فى إطار الأفراد أو 
الجماعات» فحرم الإسلام كل معاملة تؤدى إلى الإفساد وتخل بنظم المجتمع ؛ 
فأوامر الفقه الإسلامى تجلب الخير» ونواهيه تحقق السعادة وتصون المجتمع من 
الانحراف. 

كما أن فى الفقه توضيح للعلاقة بين الزوجين من مبدثها إلى منتهاها إما بالموت 
وإما بالطلاق» فبين أحكام الخطبة» والمهرء والنزاع» والطلاق» والفسخء 
والخلعء والعدة. .. إلخ. 

كما أن فيه توضيح لآداب دخول البيوت صونًا لحرماتها وتوضيح لفصل 
الخصومات وفض المنازعات سواء كانت مالا أو دما أو عرضاء كل ذلك - وغيره 
كثير - الفقه هو المنوط به. 





فخلاصة القول فى ذلك: أن الفقه الإسلامى له أهميته التى لا ينكرها منكرء فلا 
يستغنى عنه مسلم ينشد الإسلام ديئاء فالصحوة الإسلامية تنادى بتطبيق شريعة 
الرحمن وجعلها أصلا لكل س 0 ت إلى الفقه e‏ أمر أوجبه الله عز 
وجل فى قوله تعالى : 56 وروک كا مؤت کی پک کا بص تتن 
[النساء: .]٦٤‏ 

ومن هنا رأينا أن نسهم فى إثراء المكتبة الإسلامية بكتاب يعد موسوعة كبرى فى 
الفقه الإسلامى وأصوله» فهو جدير بالرعاية والعناية؛ إذ أنه يوفر على طالبى العلم 
والحقيقة معرفة أحكام الله تعالى؛ كما أنه يعد جاممًا لشتات الكتب والأبواب 
والفروع والمسائل والقواعد فهو بحق يعد من أمهات الكتب والدواوين فى مذهب 
إمامنا إمام دار الهجرة مالك بن أنس» جمع فيه بين أمهات كتب علماء المالكية 
ك «المدونة» لسحنون بن سعيد التنوخى و «الجواهر الثميئة فى مذهب عالم المدينة» 
لأبى محمد بن عبد الله بن نجم بن شاس» و «التلقين» للقاضى عبد الوهاب بن على 
ابن نصر البغدادى» و «التفريع» لأبى عبيد الله بن الحسن الجلاب» و «الرسالةه 
لأبى زيد القيروانى وقد استقصى ما فى هذه الكتب من المسائل وزاد عليها كثيرًا 
ولعل هذا ما أوضحه المصنف فى مقدمة كتابه» فقد ذكر أنه جمع هذا المصنف من 
نحو أربعين مصنفًا: ما بين شرح وكتاب مستقل غير كتب الحديث واللغة؛ كما افتتح 
كتابه بفضل العلم وآدابه» ثم ثنى ببيان قواعد الفقه وأصوله وزاد عليها عدة مباحث 
وأسماها 'تنقيح الفصول» وقد قام بشرحها فى كتابه اشرح تنقيح الفصول» كما حوى 
الكتاب أبواب العبادات والمعاملات والفرائض والمواريث وبين فيه أبواب الجبر 
والمقابلة» والحساب على غير عادة كتب علماء المالكية كما ذكر أيضًا مجموعة من 
القواعد المهمة فى علم الفلك»ء كما ختم كتابه بكتاب أسماه «الجامع» وهلا الكتاب 
من مفردات مصنفات المالكية» وهو يعد من أجل التصانيف وأنفعها. 

فيعد كتاب الذخيرة من أكبر الموسوعات التى شملت القواعد الفقهية» والقواعد 
الأصولية» والفروق بين المتشابهات . 

القرافى اسمه ونسبته وكنيته : 

هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجى البغشمى 
البنشيمى البهنسى المصرى المالكى يكنى «أبا العباس»» ولقب ب «شهاب الدين». 


مقدمة التحقيق ج١1‏ 0 

أما مولده فلم يذكره المؤرخون غير حاجى خليفة فى كشف الظنون' ذكر مولده 
نقلا عن القرافى نفسه أنه ذكر فى أحد كتبه أنه ولد بمصر سنة ١۲٦ه.‏ 

شيوخه وتلاميذه : 

تلمذ الإمام القرافى ونهل من معين سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلامء 
وأبى عمرو بن الحاجب وشمس الدين الخسروشاهى» وأخذ أيضًا عن شمس الدين 
محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن شرف الدين المقدسى» والشريف الكركى» 
وشرف الدين الفاكهانى وغير ذلك. 

ثم بعد ذلك رسخت قدمه فى العلم حتى قال ابن فرحون: إنه حرر أحد عشر 
علمًا فى ثمانية أشهر. 

ثم بعد ذلك توافد عليه الطلاب ؛ لينهلوا من معينه» فكان ممن أخذوا عليه أبو عبد الله 
محمد بن إبراهيم اليقورى» وتقى الدين بن بنت الأغر» وشهاب الدين المرداوى وهو من 
فقهاء الحنابلة» ومحمد بن عبد الله بن راشد البكرى القفصىء وخلائق. 

ثم شارك فى إثراء المكتبة الإسلامية فكان من أسفاره التى خلفها لنا. 

كتاب نفائس الأصول» وكتاب الذخيرة فى الفقه - الذى نحن بصدد تحقيقه - 
وكتاب شرح التهذيب للبراذعى» والأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاجرة فى الرد 
على أهل الكتاب» والفروق فى الأصولء وكتاب الأمنية فى إدراك النية» وكتاب 
الاستغناء فى أحكام الاستثناء؛ وكتاب الأحكام فى الفرق بين الفتاوى والأحكام» 
وشرح الأربعين لفخر الدين الرازى فى أصول الدين» وكتاب المنجيات والموبقات 
فى الأدعية» وكتاب الانتقاد فى الاعتقاد» وكتاب الإبصار فى مدركات الأبصار» 
وكتاب الیواقیت فى أحكام المواقبت» وكتاب البيان فى تعليق الأيمان» وكتاب 
الخصائص فى قواعد العربية» وكتاب العقد المنظوم فى الخصوص والعموم. 

قلت: وقد عدها د/ طه محسن فى تحقيقه للاستغناء للومام القرافى» فبلغ بها 
واحدًا وثلاثين مصنمًا ثابتة نسبته إلى الإمام القرافى. 

وفاته : 

توفى رضى الله عنه فى دير الطين بالقرب من مصر القديمة المسماة بدار السلام 


,)11867/5( (0) 


٦1‏ ج ۱ مقدمة الت شيو 





ودفن بالقرافة الكبرى سنة 584ه عن عمر يناهز ثمانية وخمسين عامًا فى شهر 
جمادى الآخرة أسكته الله وإيانا فسيح جناته اللهم آمين آمين . 
نسبة الكتاب إلى القرافى 

لقد تضافرت الأدلة وتواترت على نسبة الذخيرة للقرافى حتى لم نجد أحدًا ترجم 
لهذا الإمام إلا وقد نسب الذخيرة إليه» كما فعل العلامة ابن فرحون فى «الديباج 
المذهب» ‏ وقال: هو أجل كتاب فى الفقه المالكى» وذكره الذهبى فى "تاريخ 
الإسلام»» والصفدى فى «الوافى بالوفيات» 027 والجلال السيوطى فى «حسن 
المحاضرة فى أخبار مصر والقاهرة» 229 وحاجى خليفة فى «كشف الظنون» ١ء‏ 
والبغدادى فى «هداية العارفين» ء والزركلى فى «الأعلام» )ء والشيخ مخلوف 
فى «شجرة النور الزكية» ء والمراغى فى «طبقات الأصوليين» )ء وغير هؤلاءء 
كما أن كتب الفقه عنيت بالنقل عن الذخيرة عناية بالغة؛ حتى لا يلو كتاب بعدها - 
فى الغالب - إلا وللذخيرة فيه ذكر والله أعلم. 

المخطوطات المعتمدة فى هذا الكتاب 

اعتمدنا فى إخراج هذا السفر على عدة نسخ من كتاب «الذخيرة» وهى كالتالى: 

أولا: نسخة دار الكتب المصريةء وهى تقع فى خمسة أجزاء» آخرها الجزء 
السادس الذى تم به الكتاب» وتنقص هذه النسخة الجزء الثالث بتجزئة ناسخ هذه 
التسخة. كما لاحظنا أن بالجزء الأول نقصًا يبلغ قرابة صفحتين» إلا أن كلية الشريعة 
والقانون بالقاهرة قد أتمت هذا النقص حين تحقيقها لهذا الكتاب فى رسائلها 
الجامعية وذلك عن طريق نسخة مصورة من المغرب العربى وهذه النسخة تقع فى 
دار الكتب المصرية تحت رقم 6-74 فقه مالك. 





.(YAYTA/\N) (¥) 
.(TT/D قف‎ 
.(11/ © 
.(AY0/۱) (f) 
.)44/۱( )( 

.)40-4£/1) (» 
.(\AA) (VY) 
.(4-A4/۲) (A) 


مقدمة التحقيق + ١‏ ۷ 
ش وقد كتب الجزء الأول والثانى من هذه النسخة بخط واحد» وناسخهما محمد بن 
أبى بكر السخاوى» وقد فرغ من نسخ الجزء الأول سنة ۸١۸ه.‏ 

وقد كتبت بقية الأجزاء بخط آخر» وفيها تداخل فى الأبواب وكثير من التكرار. 

ثانيَا: نسخة جامع القرويين» ولم تحو هذه النسخة سوى ثلاثة أجزاء فقط . أما 
بقية الأجزاء فقد عثرنا عليها من مكتبتى ١لا‏ له لى بإستنبول» ومكتبة «رواق 
المغارية» بالأزهر الشريف. وقد حوت الأخيرة الجزء السادس من الكتاب إلا أنه 
فهرس له فى الفهرست بالثالث خطأ. 

ثاثا : نسخة هيئة الأوقاف العامة «مكتبة طرابلس»» وهى نسخة مكتوبة بخط عادى 
وبها نقص صفحتين من المقدمة» وتنتهى عند الحكم الثالث فى آخر كتاب «الأضحية) . 

رابعا: كما اعتمدنا على النسخة المطبوعة بدار الغرب الإسلامى رغم جميع الهئات 
الموجودة بهاء فقد حوت هذه النسخة كثيرًا من الأخطاء التى لا تعد ولا تحصى» ففى 
الجزء الواحد يتجاوز عدد الأخطاء المئات بل الألوف من الأخطاءء ولعل هذا ما دفعنا 
إلى إعادة تحقيق هذا السفر العظيم مرة أخرى» راجين الله - عز وجل - أن يكلل عملنا 
بالسداد. 

خامسا: كما اعتمدنا على أمهات كتب علماء المالكية لسد النقص الموجود فى 
كتابنا الذخيرة وجعلنا ما أضفناه منها بين 1 ]. 

منهج القرافى فى ذخيرته 

لقد انتهج الإمام القرافى فى الذخيرة منهجًا فريدًا يدل على سعة أفقه» وكثرة 
اطلاعهء فالمتمعن فى كتابه يلحظ فيه بحرًا سيّالا من العلم والمعرفة» كما أن القارئ 
لكتابه أول ما يستوقفه الأمانة العلمية التى درج عليها الإمام فى جميع كتابه» حيث إنه 
كان ينسب کل فرع ينقله إلى قائله ما لم يكن مذكورًا فى «المدونة» استقلالا أو 
اشتراكا مع غیره» فإن كان الفرع منقولا عن المدونة وغيرها أو مخصوصًا بها نسبه 
إليهاء ولم ينسبه إلى قائله الأصلى مكتفيًا بالنسبة للمدونة. 

وهذا ما أوضحه الإمام فى مقدمة ذخيرته بقوله: 

«قد عزمت أن أعزو الفرع إلى «المدونة» إن كان مشتركًا بينهاء وبين غيرها أو 
خاصًا بهاء فإن لم يكن منها عزوته لكاتبه؛ وذلك لكى يكون الفقيه على بصيرة 
لعلمه بالكتاب المنقول منه. . .»). 


۸ چ ۱ مقدمة المحقيق 





وإذا قال القرافى: قال فى «الكتاب» فإنه إنما يعنى بذلك كتاب المدونة. 

وإذا كانت المسألة المنقولة تحتوى على أكثر من قول» بعضها مشهور والبعض 
الآخر غير مشهور - نجد القرافى يبتدئ بذكر المشهور ثم يثنى بغيره؛ وكأنه بذلك 
يستدل بالتقديم على الشهرة وأولوية القبول. 

وتتفيدًا للمنهج الذى ارتسمه القرافى لنفسه بقوله : «وأقصد أن يكون لفظه خاليًا 
عن التطويل الممل» والاختصار المخل . . .2 فمن الطبيعى أن تستوقفنا بعض الرموز 
والاصطلاحات متها: 

- أنه قد جعل حرف «الشين؟ علامة على الإمام الشافعى - رضى الله عنه‎ - ١ 
وحرف «الحاء» علامة على الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان.‎ 

؟ - إذا قال: «الأئمة)ء فإنما يعنى بذلك الأئمة الثلاثة: الشافعى» وأبا حئيفة» 


الإمام أحمد. 
والإمام 

۳ - إذا قال: «الصحاح»» فإنه يعنى بذلك صحيحى الإمام البخارى ومسلم 
رضى الله عنهما. 


٤‏ - رمز فى نقوله كلها إلى الكتاب المنقول عنه ومصتفه بعبارة موجزة جامعة 
للاثنين بلا إملال ولا إخلال؛ كقوله: «صاحب البيان» يعنى بذلك «البيان 
والتحصيل؟ للعلامة ابن رشد الكبير. . . إلى غير ذلك من الرموز والاصطلاحات 
المبينة فى كتابه» والله أعلم. 


مقدمة التحقيق جا 





لحن ایتا ی 
من كزاء . ا لحه "المت ا لملامة الامام 
مها ب | لدين ١‏ حير بن 1د ردس من عد ارعن 
ابن عسيدا ديه ١‏ لیهدنی ' لمسرى! ىرون را لرا 





ا 
را ار c.0. MV. i‏ بسن أ 


| 
ل ا 
السام = اليم يديا ل با 


صورة من المخطوط 


جا مقدمة التحقيقا 





لعزا مه رفم د رجام د ون فلا( ساف له را اننا فب راما 
ارج مزال حرام د اصاں )لہ ہہ وم ساو حون انتا او ساد ارم اسه 
)الماح رساب رمل در ازام السهران وما ار حرم المرئيءالا و انعلا 
اسا دنا لاق لاد وى ابعر دام ما چم )وا سمو ک زل لد سب دال انوع ط23 
دا دیش و فول سالاد ركرن خسفلا ی موا لشبيرا لرام سه 
عع اراو عن تا لہ با رك وای + الديث دن اول پیت وسو ادای لرک سیکا 
سور سير الں پا کار کک اکا 
ده ماخر د زاگ 'لدقهر النعب رات اسع نیت جاص کان ی الا 
الصسيام و عر )وهر من المباد ان العا یہ وإ لیا رک ٠ل‏ مله الساا ا مزعب كرت ا 
اریہ ان یچ لا الرنبادادالديا ماز پا تعره ذا رویز ماپ دز * 
!سان لالہ نای ليع ری لر ودی حل اساوسر و ری ریا مائ 
ولزات و رام یت تید سخ يسوطه يرن ارب ااا ار نامرا 
الارن ادلا جریضان (lali‏ د ريا ول غ را !ديرن لديا وما 
و ل عله السلا زارت قدماء ی سسا اس رما برا ری ا لالد 
يوم امتارديك لااد وجل ىا لمان البادات والسائييه ححا r‏ 
٣بد‏ شه بعلا لطر يلاح طور ال مرل معت" لاہ ایا اومان اذام[ عله 
دنن مات متمول وزإلک ب انا شرا السات رلوم 
د وال لارو رمل رشا كايا تطاحوزةركها لالہ ۸ا کیجم الان اراي نىا 
او بردو لایر ی لتا نال الار ری قال پال دش دردد خا اوعان لزل نال 
ولو اال ,کی کان کر يالوكين ۰ایا ار اددحم التو هرايد امسج ا 
مال ما ا 5ا ا سی اع بلقب بدالا 
LD‏ اوو ا ی ولل ومين کے ره 


الما“ شين یاف ره 8 ليل 05 م„ ا 
٠ہ‏ باک ° ل لے اا بره لا ههد اين 


١ 5 1 0‏ 0 1 
وام اسع ۰ یه و ea hens a,‏ ول أبن تهري !ا نا 


صورة من الخطوط 


I 
.اا سرچ لوتاواختلنا ولعم المت مہقت۲ ناب رمه فال رار‎ 
تح فال فا نعتيت الا درشا لا ہیں ذلة/(؟:مرالمم ارصراق‎ 
الت حرم انان الم ی۸ا سا ممداتحن ولاو مر اا کی دعلت الس‎ 
SL ار ای برط تابنا وس ی راسا‎ 
دعل ال ركد یت فر اکل ری امدرع ر دیا شرل : ہل‎ 
20 گا الس ن رالا ركاب البنيع اما‎ ۲ 
6 سهان ادر زور أو رطس رالو يه‎ > 
* مارم د اك وول ادال یور تار ما‎ © 
مرس ركان المح !للہا ما‎ 6 
المواس وعلط السر‎ 053 





3 
امسار 
( م 
SS‏ - اد 
3 ,1 ¢ 4 پیا اہ 
¥ . ل م 
2 . اي 7 
لد * 1 م / 7 
"لا 2 ال “ميم واي أ م 
e‏ ع : 
یہی 4 1 5 
. مره 


المقدمة ج ١‏ 1 


شم ثم اق اید 

يقول العبد الفقير إلى رحمة ربهء أحمد بن إدريس المالكى : 

الحمد لله: الذى تجلى لخلقه فى عجائب مبتدعات صنعته» واحتجب عنهم 
بسرادقات كمالات هويته» وتَقَردٌ بوجوب الوجود فهو الأزلى الأبدى فى قيوميته» 
وتوحد بالإيجاد فكل الأكوان خاضعة لجلال هيبته» وتنزه عن الشبيه والشريك فهو 
الواحد الأحد فى إلاهيته استخلص العلماء بمواهب عنايته» فأطلع شموس العلوم 
فى آفاق سرائره.(2: فأشرقت عرصات() الأرواح بآثار رحمته» وأينعت رياض 
الأشباح بثمرات المعارف» فأضحت حالية بجميل طاعته» فهم السامعون لتفاصيل 
مناجاته» والحاملون لأعباء رسالاته» والعاملون بمحاسن مشروعاته» فأولئك مشكاة 
أنواره» ومعدن أسراره والهائمون بجمال صفاتهء والهانئون بجلال عظمة ذاته» 
والفانون عن الأكوان بملاحظات [بهاء وارداته](» فهم خير بريته من ابر مخلوقاته . 

ونحن الضارعون بضعفنا لجلاله» والمبتهلون بنقصنا لكماله» أن يفيض علينا 

وأفضل الصلوات والتسليمات على أفضل الصادرين عن قدرته: محمد المبعوث 
بأفضل الرسائل وأقرب الوسائل إلى دار كرامته» الجامع بين ذروة مكارم الأخلاق 
وخلاصة شرف الأعراق فى حوزته» المخصوص بسيادة الدنيا لعموم رسالته» واستيلاء 
ملك [. . .] ثناء [. . .] وإنفاذ 1. . .] وارتفاع علو منزلتهء صلی الله عليه وعلى آله 
وأزواجه وعترته"؟» أساة المضايق» وهداة الخلائق إلى أفضل الطرائق من سيرته. 

أما بعد: فإن الفقه عماد الحق» ونظام الخلق» ووسيلة السعادة الأبديةء 
ولباب" الرسالة المحمدية» من تحلى بلباسه فقد ساد» ومن بالغ فى ضبط معالمه 


فقد شاد. 





() فى ش: نهارهم . 

(؟) فى ش: على كافة. 

(۳) فى ش: بملاحظات بهائه ومراداته. 

() فى ط: سائر. 

(0) جنب ضارع» أى: متخشع › والضارعون» أى : المتخشعون. 

)١(‏ العترة: نسل الرجل ورهطه وعشيرته» وعترة الرسول و هم نسله وعشيرته. 
(۷) اللباب: خالص كل شىء. 


1 + ا المقدمة 


ومن أجله تحقيقاء وأقربه إلى الحق طريقا: مذهب إمام دار الهجرة النبويةء 
واختيارات آرائه المرضية؛ لأمور: 

منها: ورود الحديث النبوى فيه» وتظاهر الآثار بشرف معاليه» واختصاصه بمهبط 
الرسالة» وامتيازه بضبط أقضية الصحابة» حتى يقول إمام الحرمين -رحمه الله-: 
«وأما مالك - رحمه الله - فى أقضية الصحابة - رضى الله عنهم - فلا يشق 
غباره». ويقول الشافعى" - رحمه الله -: إذا ذكر الحديث فمالك النجم . ويقول- 


)١(‏ إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجوينى» أبو المعالى» 
الملقب: ضياء الدين: المعروف بإمام الحرمين. من أعلم أصحاب الشافعى. ولد فى 
جوين» مجتمع على إمامته وغزارته» تفقه على والده» وأتى على جميع مصنفاتهء وتصرف 
فيها حتى زاد عليه فى التحقيق والتدقيق. جاور بمكة أربع سنين» وبالمدينة يدرس» ويفتى 
ويجمع طرق المذهب؛ فلهذا قيل له: إمام الحرمين. وتولى الخطابة بمدرسة النظامية بمدينة 
نيسابور» وفوض إليه الأوقافء وبقى على ذلك ثلاثين سنة . 

له مصنفات كثيرة» منها: «نهاية المطلب فى دراية المذهب؛ فى فقه الشافعيةء و «الشامل» فى 
أصول الدينء و ”الإرشاد؟ فى أصول الدينء و «البرهان» فى أصول الفقه. 
ينظر: وفيات الأعيان (/۴). وطبقات الشافعية (۳/ ۹٤۲)ء‏ والأعلام (005/5). 

(۲) مالك: هو مالك بن أنس بن مالك؛ إمام دار الهجرة» وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. 
أخذ العلم عن نافع مولى ابن عمرء والزهرى» وربيعة الرأى» ونظرائهم. وكان مشهورًا 
بالتثبت والتحرى: يتحرى فيمن يأخذ عنه» ويتحرى فيما يرويه من الأحاديث» ويتحرى فى 
الفتياء لا يبالى أن يقول: «لا أدرى». وروی عنه أنه قال: «ما أفتيت حتى شهد لی سبعون 
شيحًا أنى موضع لذلك». اشتهر فى فقهه باتباع الكتاب والسنة» وعمل أهل المدينة. كان 
رجلا مهيبا: وجه إليه الرشيد ليأنيه فيحدثه فأبى وقال: العلم يؤتى . فأتاه الرشيدء فجلس 
بين يدى مالك . وقد امتحن قبل ذلك» فضربه أمير المديئة ما بين ثلاثين إلى مائة سوط . 
ومدت يدأه حتى انحلت کتفاه» وكان سيب ذلك أنه أبى إلا أن يفتى يعدم وقرع طلاق 
المكره. ميلاده ووفاته بالمديئة . 

من تصائيفه: «الموطأ»» و «تفسير غريب القرآن»» وجمع فقهه فى «المدونة». وله: «الرد على 
القدرية)» و (الرسالة» إلى الليث بن سعد. 
ينظر : الديباج المذهب ص »)۲۸-١١(‏ وتهذيب التهذيب /٠١(‏ 6)» ووفيات الأعيان (۱/ .)٤۳۹‏ 

الود الشافعى : هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع . من بنى المطلب من قريش . 
أحد أئمة المذاهب الأربعة» وإليه ينتسب الشافعية. جمع إلى علم الفقه القراءات وعلم 
الأصول» والحديث؛» واللغة» والشعر. قال الإمام أحمد: اما أحد ممن بيده محبرة أو ورق 
إلا وللشافعى عليه منة». كان شديد الذكاء. نشر مذعبه بالحجاز والعراق. ثم انتقل إلى مصر 
(155ه) ونشر بها مذهبه أيضًا. وبها توفى. 

من تصانيفه: «الأم؟ فى الفقهء و «الرسالة فى أصول الفقهء و «أحكام القرآن؛» و «اختلاف 
الحديث» وغيرها. 


المقدمة ج ۱ 16 


أيضا - لأبى يوسف(2©: أنشدك الله أصاحبئا - يعنى مالكا - أعلم بكتاب الله أم 
صاحبكم؟ يعنى أبا حنيفة - فقال صاحبكم. فقال: أصاحبنا أعلم بسنة رسول الله 
كك أم صاحبكم؟ فقال: صاحبكم . فقال: أصاحبنا أعلم بأقضية الصحابة - رضوان 
الله عليهم - أم صاحبكم؟ فقال: صاحبكم فقال: فإذن لم يبق لصاحبكم إلا القياس 
وهو فرع النصوص» ومن كان أعلم بالأصل كان أعلم بالفرع. 

ومنها: طول عمره فى الإقراء والإفتاء سنين» ومعلوم أنهما ينبوع الاطلاع . 

ومنها: أنه أملى فى مذهيه نحوا من مائة وخمسين مجلدًا فى الأحكام الشرعية؛ 
فلا يكاد يقع فرع إلا ويوجد له [فيه]9©) فتيا. 

بخلاف غيره» ممن لا يكاد يجد له أصحابه إلا القليل من المجلدات: كالأم 
للشافعى» وفتاوى مفرقة فى مذهب أحمد وأبى حنيفة فى كتب أصحابهم» ثم 


5 ينظر: الأعلام للزركلى» وتذكرة الحفاظ (۳۲۹/۱)ء وطبقات الحنابلة (۱/ ۲۸۰ - 584)) 
وتاريخ بغداد .)1١7 - ٥٦/۲(‏ 
00( أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب» القاضى الإمام من ولد سعد ابن حبتة 
الأنصارى صاحب رسول الله كه . أخذ الفقه عن أبى حنيفة - رضى الله عنه -. وهو المقدم 
من أصحابه جميعًا. ولى القضاء للهادى» والمهدی» والرشيد. وهو أول من سمى: قاضى 
القضاة» وأول من اتخذ للعلماء زيّا خاصًا. وثقه أحمد وابن معين وابن المدينى. روى عله 
أنه قال: «ما قلت قولا خالفت فيه أبا حنيفة إلا وهو قول قاله ثم رغب عنه؛ قيل: إنه أول 
من وضع الكتب فى أصول الفقه. 
من تصانيفه: «الخراج)ء و «أدب القاضى؟» و «الجوامع؟. 
ينظر: الجواهر المضية ص (۲۲۰ - ۲۲۲)ء وتاريخ بغداد (١۲/۱١۲)ء‏ والبداية والنهاية 
.)14١/1٠(‏ 
(؟) أبو حنيفة: هو الئعمان بن ثابت بن كاوس بن هرمز. ينتسب إلى تيم بالولاء. الفقيه المجتهد 
المحقق الإمام» أحد أئمة المذاهب الأربعة» قيل: أصله من أبناء فارس» ولد ونشأ بالكوفة. 
كان يبيع الخز» ويطلب العلم» ثم انقطم للدرس» والإفتاء . قال فيه الإمام مالك ارأيت 
رجلا لو كلمته فى هذه السارية أن يجعلها ذهيًا لقام بحجته»؛ وعن الإمام الشافعى أنه قال: 
«الناس فى الفقه عيال على أبى حنيفة؟ . 
له امسئدة فى الحديث» و «المخارج) فى الفقه» وتنسب إليه رسالة «الفقه الأكبر؛ في الاعتقادء 
ورسالة «العالم والمتعلم؟ . 
ينظر: الأعلام للزركلى (5/ 5)» والجواهر المضية »)١1/1(‏ و «أبو حنيفة» لمحمد أبى زهرة» 
والانتقاء لابن عبد البرء (۱۲۲ - ۱۷۱)ء وتاريخ بغداد (17/ 97 - .)٤١۴‏ 
(۳) فى ش: والإسماع. 
() سقط فى ش. 
(۵) أحمد: هو أحمد بن حنبل الشیباتی» أبو عبد الله. من بنى ذهل بن شيبان الذين يتمون إلى = 


5 جا المقدمة 


خرج أصحابهم بقية مذاهبهم على مناسبات أقوال أتمتهم. ومعلوم أن التخريج قد 
يوافق إرادة صاحب الأصل وقد يخالفها. حتى لو عرض عليه المخرج على أصله 
لأنكره» وهذا معلوم بالضرورة. 

ولا خفاء أن من قلد مذهيًا فقد جعل إمامه واسطة بيئه وبين الله - تعالى - 
وسكون النفوس إلى قول الإمام القدوة أكثر من سكونها إلى أتباعه بالضرورة. 

ومنها: أن الله - تعالى - أسعده وسدده لعمل أهل المديئة» الذين ينقل أبناؤهم عن 
آبائهم» وأخلافهم عن أسلافهم الأحكام» والسئن - التقل المتواتر بسبب جمع الدار 
لهم ولأسلافهم؛ فيخرج المسند من حيز الظن والتخمين إلى حيز العلم واليقين. 

وغيره لم يظفر بذلك؛ ولذلك لما شاهد أبو يوسف مستند مالك فى الصاع 
والأذان والأوقات وكثير من الأحكام [الشرعيات](0) رجع عن مذهب صاحبه إلى 
مذهب مالك» رحمة الله عليهم أجمعين . 

ومنها: ما ظهر من مذهبه فى أهل المغرب» واختصاصهم به وتصميمهم عليه. 
مع شهادته عليه السلام لهم بأن الحق يكون فيهم ولا يضرهم من خذلهم إلى أن تقوم 
الساعة9) . فتكون هذه [الشهادة له شهادة له بأن مذهبه حق؛ لأنه شعارهم 





قبيلة بكر بن وائل . إمام المذهب الحتبلى» وأحد أثمة الفقه الأربعة. أصله من مروء وولد 
ببغداد. امتحن فى أيام المأمون: والمعتصم ليقول بخلق القرآن» فأبى» وأظهر الله على يديه 
مذهب أهل السنة. ولما توفى الوائق» وولى المتوكل أكرم أحمد» ومكث مدة لا يولى أحدًا 
إلا بمشورته. 
له «المسندا وفيه ثلاثون ألف حديث» و «المسائل؟؛ و «الأشربة»» و «فضائل الصحابة» وغيرها. 
ينظر: الأعلام للزركلى (١/۱۹۲)ء‏ وطبقات الحتابلة لأبى يعلى ص (۳ - :)١١‏ وطبقات 
الحنابلة لابن أبى يعلى ٤/١(‏ - ١۲)ء‏ والبداية والنهاية /1١(‏ وا" - ع "8), 
(۱) سقط فى ش. 
زفق أخرج مسلم (۱۷۷ - ۱۹۲۵) من حديث سعد بن أبى وقاص مرفوعًا: دلا يزال أهل الغرب 
ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة!, 
وقد اختلف فى تفسير المراد يأهل الغرب: فقال على بن المدينى: العرب» والمراد بالغرب: 
الدلو الكبير؛ لاختصاصهم بها غالبًا. وقال آخرون: المراد به: الغرب من الأرض. وقال معاذ: هم 
بالشام» وجاء فى حديث آخر اهم ببيت المقدس». وقيل: هم أهل الشام وما وراء ذلك. وقيل: 
المراد بأهل الغرب: الشدة والجلدء وغرب كل شىء: حدته, 
ينظر: شرح مسلم للتووى (۷۷/۷). 
(۳) سقط فى آ, . 


المقدمة +۱ ۱۷ 





ودثارهم' ولا طريق لهم سواهء وغيره لم تحصل له هذه الشهادة. 

ولما وهبنى الله من فضله أن جعلنى من جملة طلبتهء والكاتبين فى صحيفته. 
تعين على القيام بحقه بحسب الإمكان» واستفراغ الجهد فى مكافأة الإحسان» 
فوجدت أخيار علمائنا - رضى الله عنهم - قد أتوا فى كتبهم بالحكم الفائقة» 
والألفاظ الرائقة» والمعانى الباهرة» والحجج القاهرة. 

غير أنهم يتبعون7" الفتاوى فى مواطنها حيث کانت» ويتكلمون عليها أين 
وجدت» مع قطع النظر عن معاقد الترتيب» ونظام التهذيب: كشراح المدونة 
وغيرها. ومنهم من سلك الترتيب البديع» وأجاد فيه الصنيع» كالإمام العلامة كمال 
الدين““ صاحب الجواهر الثمينة)ء واقتصر على ذلك مع اليسير من التتبيه» على 
بعض التوجيه . 





(1) الدثار: الثوب الذى يكون فوق الشعار. 

(۲) فى أ: يبتغون. 

(۳) المدونة: من أجل الكتب فى المذهب المالكى» وهى للإمام مالك عن ابن القاسم» وقد 
شرحها عيسى بن مسعود الولادى (ت ٤٤۷ه)»‏ والسيد بن عنان المالكى الأزدى (ت ٠٤١‏ 
ه)ء وعليها تنبيهات للقاضى عياض موسى اليحصبى المالكى» واختصرها عبد الوهاب بن 
أحمد الشعرانى» وأبو العباس أحمد بن محمد التلمسانى» وعلق أبو عبد الله محمد بن خلف 
الوسانى عليها تعليقة. 

ينظر: كشف الظنون لحاجى خليفة (411/51). 

)٤(‏ هو عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار بن عشائر بن عبد الله بن محمد بن شاس» الجذامى 
السعدى» الفقيه المالكى» كنيته : أبو محمد» ويلقب بالجلال» كان فقيهًا فاضلا فى مذهبه: 
عارنًا بقواعده» وقد صنف كتاب الجواهر على ترتيب الوجيز للغزالى» وعكف عليه 
المالكية؛ لحسن ترتيبه» وكان جلال الدين مدرسًا بمصر بالمدرسة المجاورة للجامع 
العتيق» وتوجه إلى ثغر دمياط لما أخذه العدو المخذول؛ بنية الجهاد» فتوفى هناك فى 
جمادى الآخرة - أو فى رجب - سنة عشر وستمائة. 

ينظر: وفيات الأعيان (۲/ ۲٠۲)ء‏ الديباج المذهب /١(‏ 447)» وشجرة النور الزكية (1/ .)٠١١‏ 

(0) الجواهر الثمينة لكمال الدين: هو أحد كتب المذهب المالكى المشهورة» وقد رتبه صاحبه 
ابن شاس المالكى على ترتيب الوجيز للغزالى» وفيه دلالة على غزارة فضل صاحبهء وقد 
عكف عليه المالكية لأهميته. وقد اسختصره ابن الحاجب صاحب المختصر. 


وقيل فى كتابه : 
أيا طالبًا تحصيل مذهب مالك ليسلم من تمويه أهل الظاهر 
عليك بمجموع ابن شاس تجد به حقائق تبدو كالنجوم الزواهر 


يزيد نحور المالكيين سلكها فلله من سماه عقد الجواهر 


۱۸ +۱ المقدمة 





وأنت تعلم أن الفقه وإن جلء إذا كان [مبدداء تفرقت] حكمته» وقلت 
طلاوته» وضعفت7) عند النفوس طلبته . 

وإذا رتبت الأحكام مخرجة على قواعد الشرع مبنية على مآخذهاء نهضت الهمم 
حيتئذ لاقتباسهاء وأعجبت غاية الإعجاب بتقمص لباسها. 

وقد آثرت أن أجمع بين الكتب الخمسة التى عكف عليها المالكيون شرقا وغربا؛ 
حتى لا يفوت أحدًا من الناس مطلب ولا يعوزه9) أرب. 

وهى: المدونة» والجواهرء والتلقيه 9ء والتفريع لابن الجلابء 
والرسالة"2؛ جمعا مرتبا بحيث يستقر كل فرع فى مركزهء ولا يوجد فى غير 
حيزه» على قانون المناسبة فى تأخير ما يتعين تأخيره» وتقديم ما يتعين تقديمه» من 
الكتب والأبواب والفصول» متميزة الفروع . 

حتى إذا رأى الإنسان الفرع» فإن كان مقصوده طالعه وإلا أعرض عنه؛ فلا يضيع 
الزمان فى غير مقصود. 





ينظر: الديياج المذهب /١(‏ ١٤٤)ء‏ ووفيات الأعيان (۲/ ٠)٠١‏ وشجرة النور الزكية /١(‏ 116). 

)ع0 فى ط: غرقا تبددت. 

(؟) فى ط: بعدت. 

لوف يقال : عوز الشىء فلاناء وأعوژه» أى: قل ولم يو جد . 

)£( التلقين فى الفروع للقاضى عبد الوهاب بن على البغدادى المالكى المتوفى سنة ؟"47ه. قال 
القاضى ابن شهية: مختصر» ولم يتجه) وعليه شرح لداود بن عمر الشاذلى المتوفى سنة 
)1م( , 

ينظر: كشف الظنون (۲/ .)٤۸١‏ 

)0( التفريع » هو كتاب فى فروع الفقه المالكى لابن اللجلاب» شرحه محمد بن إبراهيم بن عبد 
الرحمن الخزرجى التلمسانى المالكى» نزيل الثغر بالإسكندرية (ت 665"ه)ء, واختصره 
إبراهيم بن الحسن بن على الربعى» قاضى تونس (ت ۷۳٤‏ ه) وأسماه: السهل البديع . 

أما صاحبه ابن الجلاب: فهو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن الحسن بن الجلاب» 
عراقى» مالکی» أصولى» حافظ » أخذ الفقه عن الأبهرى» والقاضى عبد الوهاب» وغيرهماء وتوفى 
وهو منصرف من الحج سنة #/الاه. 

ينظر: كشف الظنون (۱/ ۲۹۷)» الديياج المذهب .)١55(‏ 

)0ن الرسالة لابن أبى زيد» وهى رسالة فى الفقه المالكى للشيخ الإمام أبى محمد عبد الله بن أبى 
زید المالکی القيروانى (ت ۹ هھ وشرحها عبد الله بن طلحة (ت ۸ هنل" وشرحها - 
أيضًا - جلال الدين التبانىء وكذلك الشيخ الإمام أبو حفص عمر بن على بن سالم اللخمى 
الشهير بابن الفاكهانى المالكى (ت ۷٣١‏ ه). 

ينظر: كشف الظئون .)۸٤١/۲(‏ 


المقدمة چ ۱ 1 





وأعزى الفرع إلى المدونة إن كان مشتركا بينها وبين غيرها أو خاصا بها. 

فإن لم يكن منها عزيته لكتابه؛ ليكون الفقيه على ثقة من نقله لعلمه بالكتاب 
المنقول منه ومتى شاء راجعه. 

ومتى وجدت الفرع أتم فى كتابء نقلته منه وأعرضت عن غيره. 

وإن كان منقولا فيهء [إلا] المدونة؛ فإنى أدأب29 فى استيعابهاء غير أول 
الطهارة؛ فإنه مستوعب من غيرهاء وإنه نزر. 

ومتى كانت فروع منقولة عن واحد سميته فى الفرع الأول» وأقتصر بعد ذلك 
على قولى: «قال» ؛ ولا أسميه طلبا للاختصار. 

وإذا قلت: قال فى الكتاب؛ فهو المدونة. 

وأقدم المشهور على غيره من الأقوال؛ ليستدل الفقيه بتقديمه على شهرته"» إلا 
أن يتعذر ذلك لتساوى الأقوال» أو لوقوع الخلاف بين الأصحاب على المشهورء 
اختلافا على السواء» وهذا قليل فى المذهب» يعلم بقرينة البحث فيه. 

واخترت أن أقول: «قال صاحب البيان“ء قال صاحب المقدمات9©©): أو: 
صاحب النكت2"7؟ ؛ لأجمع بين القائل والكتاب المقول فيه» فإن صاحب البيان قد 
ينقل فى المقدمات» وصاحب النكت قد ينقل فى تهذيب الطالب. 


(۱) يقال: عزا عزيّاء أى: نَسّب› وأغزى» أى: أنسب. 

۲( أدأب» أى: أجد, 

)۳( فی ط٠‏ مشهوريته . 

(4) صاحب البيان: هو محمد بن أحمد بن رشدء أبو الوليد. قاضى الجماعة بقرطبة. بها ولد 
وبها توفى. من أعيان المالكية. وهو جد ابن رشد الفيلسوف المشهور. من تأليفه: 
«المقدمات الممهدات لمدونة مالكة» و «البيان والتحصيل؟ فى الفقه» و «مختصر شرح 
معانى الاثار للطحاوى»ء و (اختصار المبسوطة». 

ينظر : الأعلام للزركلى: والصلة ص 3 والديباج ص (VN‏ 

)0( صاحب المقدمات: وهو لابن رشد الجد المتقدم ذكره. 

00 صاحب النكت : هو عبد الحق بن محمد بن هارون السهمى القرشى» من أهل صقلية» أخذ 
الفقه عن أبى عمران الفاسى» وغيره» ولقى القاضى عبد الوهاب فى الحج» ولقى كذلك 
إمام الحرمين بمكة» وكان حسن التأليف؛ إذ ألف كتاب النكت والفروق لمسائل المدونةء 
وألف كذلك تهذيب الطالب» وله استدراك على مختصر البراذعى» وتوفى بالإسكندرية سنة 
ست وستين وأربعمائة . 

ينظر: الديباج المذهب (01/۲)(ء وترتيب المدارك (؟/ ؟/ا/ا), وشجرة النور الزكية .)١1١5/1(‏ 


١ + ۰‏ المقدمة 





ومتى قلت: «المازری“» فهو فى شرح التلقين"؛ تركته لطول الاسم . 

وقد آثرت التنبيه على مذاهب المخالفين لنا من" الأئمة الثلاثة - رحمهم الله - 
ومآخذهم فى كثير من المسائل؛ تكميلا للفائدة» ومزيدا فى الاطلاع؟ فإن الحق 
ليس محصورًا فى جهة» فيعلم الفقيه أى المذهبين أقرب للتقوى» وأعلق بالسبب 
الأقوى. 

وقد جعلت «الشين» علامة للشافعى» «والحاء؛ علامة لأبى حنيفة؛ تقليلا 
للحجم»ء «والأئمة؛ علامة للشافعى وأبى حنيفة وابن حنبل» «والصحاح» علامة 
لمسلم )5( والبخارى )6 والمو O‏ 


() المازرى: هو محمد بن على عمر التميمى المازرى. نسبته إلى «مازر؟ بليدة فى صقلية . 
لقب بالإمام. فقيه أصولى. قال صاحب الديباج: كان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية 
بتحقيق الفقه» ورتبة الاجتهاد» ولم يكن فى عصره للمالكية أفقه مله ولا أقوم لمذهبهم 

ملك . 

له: «إيضاح المحصول فى برهان الأصول للجوينى؟؛ و «تعليق على المدونة»ء و «نظم الفوائد 
فى علم العفائد» و «شرح التلقين» لعبد الوهاب فى عشر مجلدات» و «الكشف والإنباء على 
المترجم بالإحياء؟. 

ينظر: الديياج المذهب ص (۲۷۹)ء روفيات الأعيان /٤(‏ ١۲۸)ء‏ ومعجم المؤلفين /۱١(‏ ۲١)ء‏ 
والأعلام 154/9). 

(۲) شرح التلقين: لأبى محمد عبد الله المازرىء وهو أحد شروح التلقين الجيدةء بل إنه 
أجودهاء وقد اشتهر بين كتب المذهب المالكى؛ حتى رأى بعض أئمة المذهب أنه لم يؤلف 
فى المذهب المالكى مثله؛ وهو شرح فى أريع مجلدات» ويرجع سبب جودته إلى أن مؤلفه 
المازرى تلقى العلم عن القاضى مباشرة. 

فرق فى ش: مع. 

)٤(‏ أى: صحيح مسلم» وهو الجامع الصحيح للإمام الحافظ أبى الحسين مسلم بن الحجاج 
القشيرى النيسابورى الشافعى» وهو أحد الكتب الصحيحة الستة» وثانيها من حيث الصحة 
بعد صحيح البخارى؛ على خلاف بين العلماء فى التفضيل بينهما. 

ينظر: كشف الظنون: .)٠۵١ /١(‏ 

(o)‏ أى : صحيح البخارى . وهو الجامع الصحيح › وقد اشتهر بصحيح البخارى› للحافظ أبى 
عبد الله محمد بن إسماعيل الجعقى البخارى› وهو أول الكتب الستة فى الحديث» وأفضلها 
على رأى الجمهور. 

ينظر: كشف الظئون (041/1). 

(1) الموطأ للإمام مالك بن أنس» وقد كتبه بنفسهء وأثبت فيه القوى من حديث أهل الحجاز» 
كما أثبت فيه أقوالا للصحابة والتابعين» ورتبه على أبواب الفقهء فكان بذلك كتابًا فقبيًا 
حديئا جمع بين الأصل والفرع» وقد رحل إليه العلماء من جميع الأقطار؛ ورووه عنهء إلا س 


۲١ ١ + المقدمة‎ 





وأودعته ما تحتاجه الأبواب من اللغةء فى الاشتقاق وغيره» وما تحتاجه من 
النحو. 

وأضيف الأحاديث إلى مصنفيها؛ لتقوية الحجة فى المناظرة» والعلم بقوة السند 
من ضعفه» وأتكلم على الأحاديث: بما تحتاجه من إشكال أو أجوبة أو إثارة فائدة 
مئة . 

وأضيف الأقوال إلى قائليها إن أمكن؛ [ليعلم] الإنسان التفاوت بين القولين 
بسبب التفاوت بين القائلين» بخلاف ما يقول كثير من أصحاينا: «فى المسألة 
قولان»؛ من غير تعيين؟ فلا يدرى الإنسان من يجعله بينه وبين الله - تعالى - من 
القائلين» ولعل قائلهما واحد وقد رجع عن أحدهما؛ فإهمال ذلك مؤلم فى 
التصانيف . 

وأودعته من أصول الفقه» وقواعد الشرع» وأسرار الأحكامء وضوابط الفروع - 
ما فتح الله على به من فضله» مضافا لما أجد فى كتب الأصحاب» بحسب الإمكان 
والتيسير. 

وقد جمعت له من تصانيف المذهب نحو أربعين تصنيفاء ما بين شرح وكتاب 
مستقل» خارجا عن كتب الحديث واللغة» ولا يكاد أحد يجد فيها فرعا إلا نقلته 
مضافا لما جمعته» وأطالعها جميعها قبل وضع الباب» وحينئذ أضعه. 

وما كان من الفروع يندرج تحت غيره تركته؛ فلا معنى لإعادة اللفظ بغير فائدة. 

وأقصد أن يكون لفظه خاليا عن التطويل الممل» والاختصار المخل. 

وأقدم بين يديه مقدمتين: إحداهما: فى بيان فضيلة العلم وآدابه؛ [ليكون ذلك 
معيئًا وتقوية لطلابه]". والمقدمة الأخرى فى قواعد الفقه وأصوله» وما يحتاج إليه 
من نفائس العلم» مما يكون حلية للفقيه» وجنة للمناظر» وعونا على التحصيل. 


= أن فى رواياتهم اختلاقًا بالزيادة والنقصان» وأكثر روايات الموطأ شهرة رواية يحيى بن يحي 
الليئى . 
ينظر : شذرات اللعب () ووفیات الأعيان )/ «(YAEL‏ والديباج المذهب 11۸4/۷( 
وترتیب المدارك )0۸/1(«< والبداية والنهاية .)۷٤/1(‏ 
)١(‏ سقط فى أ. 
(۲) فى أ: ليكون ذلك صفة لطلابه. 


5-5 ج١1‏ المقدمة 





وبينت مذهب مالك - رحمه الله - فى أصول الفقه؛ ليظهر علو شرفه فى اختياره 
فى الأصول كما ظهر فى الفروع» ويطلع الفقيه على موافقته لأصله أو مخالفته له 
لمعارض أرجح منه؛ فيطلبه حتى يطلع على مدركه» ويطلع0© المخالفين فى 
المناظرات على أصله. 

وأنقح - إن شاء الله - كتاب الفرائض» وأمهد قواعده وما عليها من نقوض» 
وأقرر ما أجده. وأودع فيه من الجبر والمقابلة ما يحتاج إليه؛ فإنى لم أره فى كتبناء 
بل فى كتب الشافعية والحنفية» وهو من الأسرار العجيبة التى لا يمكن أن يخرج كثير 
من مسائل الفرائض والوصايا والنكاح والخلع والبيع والإجارة إلا بها. 

وأمهد - إن شاء الله - كتاب الجامع منه تمهيدًا جميلا. 

ولما نظرت إلى هذه المقاصد وما اشتملت عليه من الفوائد؛ سميته «بالخيرة»» 
وهو ذخيرة - إن شاء الله - للمعاد؛ لقوله كِِ: «إذًا مات ان آدمَ الفط عَمَلهُ إلا مِنْ 
ثلاث: عِلم بقع بوء أز صَدَقَةٍ جاريةء أو وَل صَالِح يدعو هص . 

وهر ذخيرة لطلاب العلم فى تحصيل مطالبهم» وتقريب مقاصدهم» فكل من 
أراد منهم إقراء كتاب من الكتب الخمسة» أو قراءته وجد فروعه مشروحة ممهدة. 

والله - تعالى - هو المسئول فى العون على خلوص النية» وحصول البغية؛ فإن 
الخير كله بيديه» ولا ملجأ منه إلا إليه. 


آ سس 

)0غ( فى ش: وبمنع . 

(؟) أخرجه أحمد ۷۲۲0 والدارمى (1/ 89 ومسلم ۱٤(‏ - 0)1771 وأبو داود 
84 والترمذى (179/5)., والنسائى (61/5؟9), وابن خزيمة )۲٤۹٤(‏ من حدیث أبى 
هريرة» مرفوعا. 


المقدمة الأولى ج ۱ رف 
المقدمة الأول 
فى فضيلة العلم وآدابه 





وفيها فصلان: 

الأول : فى فضيلته من الكتاب والسنة والمعنى. 

أما الكتاب: فمن وجوه: 

الأول : أن تقول خير البرية من يخشى اله» وكل من يخشى الله - تعالى - فهو 
عالم؛ فخير البرية عالم. 

تبيان الأولى قوله - تعالى -: إت لیب موا ولوا للحت وليك م عد 
لري إلى قوله : َلك لمن حى ر [البينة : 8] ؛ فأثبت الخشية لخير البرية وهو 
المطلوب. 

تبيان الثانية قوله - تعالى -: إا می اله من عبارو ما4 [فاطر : ۲۸] 
أضاف الخشية إلى كل عالم على وجه الحصر؛ فيكون کل من يخشى الله - تعالى - 
فهو عالم» وهو المطلوب. 

الثانى : - قوله - تعالى -: سک اق آم ل إل إلا هو وَالتتكة وألا انيار كبا 
الس [آل عمران: ]١8‏ بدأ بنفسه» وثنى بالملائكة» وثلث بالعلماء دون سائر 
خلقه ؛ فيكون من عداهم دونهم وهو المطلوب. 

الثالث: قوله - تعالى - وانرد اه یت الكِتب ولیک ولم ما کم کک 
که وكات فصل ألو عَليْكَ عَظِيمًا4 [النساء: ۳[ وعادة العرب فى سياق الامتنان 
تأخير الأفضل وتقديم المفضول على الأفضل ؛ فتكون موهبته عليه الصلاة والسلام 
من العلم أفضل من موهبته من الإنزال المتضمن للنبوة والرسالة» وهذا شرف عظيم 
«شب فيه عمرو عن الطوق». 

الرابع : قوله - تعالى - حكاية عن سليمان - عليه السلام - فى أمر الهدهد 
SÊ‏ دابا كحييدًا4 [النمل: ]7١‏ فلما جاء الهدهد فقال: حط يما لم يط 
بی [النمل: ۲۲] اشتدت نفسه» واستعلت همته بما علمه» على سيد أهل الزمان» 
ورسول الملك الديان» مع عظم ملكه وهيبة مجلسه» وعلم الهدهد بحقارة نفسهء 
وما تقرر عند سليمان - عليه السلام - من جريمته» والعزم على عقوبته. 


7 +۱ المقدمة الأول 





فلولا أن العلم يرفع من الثرى إلى الثرياء لما عظم الهدهد بعد أن کان نسيا 
منسيا. فلا جرم أبدل له العقوبة بالإكرام النفيس» وأسبغ عليه خلع الرسالة إلى 
وأما السنةء فمن وجوه: 
الأول: ما فى الموطأ «من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين:0©. 
والقاعدة أن المبتدأ محصور فى الخبر» والشرط اللغرى محصور فى مشروطه؟ 
لأنه سبب» فيكون المراد: الخير محصور فى المتفقه» فمن ليس بمتفقه لا خير فيه . 
الثانى : ما فی ابی داود قال د : 
«من سلك طريقا يطلب فيها علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة » وإن الملائكة 
لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم» وإن العالم ليستغفر له من فى السموات ومن فى 
الأرض والحيتان فى جوف الماء» وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة 
البدر على سائر الكواكب» وإن العلماء ورثة الأنبياء» [وإن الأنبياء] لم يورثوا دينارا 
ولادرهماء وورثوا العلم» فمن أخذه أخذ ببحظ وافر»(". 
فأما الطريق التى يسلك به فيها إلى الجنة فمعناه: أن هذه الحالة سبب موصل إلى 
الجنة . 
)١(‏ زاد فى ط: يود أن لو كان. 
(؟) آخرجه مالك فى الموطأ (؟/ )40١ - 4٠١‏ رقم (۸)ء ومن طريقه البخارى فى الأدب المفرد 
(115) عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظى عن معاوية بن أبى سفيان» مرفوعًا. 
وأخرجه البخارى (۷۱)» ومسلم )1١17- ٠٠١(‏ من طريق ابن واهب عن يونس عن الزهرى 
عن حميد بن عبد الله عن معاوية» به. 
(۳) أخرجه أحمد (196/6)» وأبو داود (۱٤۳۹)ء‏ وابن ماجه (۲۲۳)» والدارمى (۱/ ۰)۹۸ 
وابن عبد البر فى جامع بیان العلم ص (۳۹» ))4٠‏ وابن حبان (۸۸). 
والطحاوى فى مشكل الآثار 2)414/١(‏ والبغوى فى شرح السئة (۱۲۹) من طريق عاصم بن 
رجاء بن حيوة عن داود بن جميل عن كثير بن قيس عن أبى الدرداء مرفوعًا به» وفيه قصة. 
وأسخرجه أحمد (155/0). والترمذى 9) من طريق عاصم بن رجاء عن قيس بن كثير» 
بف أى: بإسقاط داود بن جميل. 
وقال البغوى: هذا حديث غريب. 
وأخرجه أبو داود (؟1714) من طريق محمد بن الوزير الدمشقى حدثنا الوليد فال: لقيت شبيب بن 
شيبة؛ فحدثنى عن عثمان بن أبى سودة عن أبى الدرداء. 
وقال الحافظ فى الفتح 2141/11 طبعة بولاق]: «حسنه [أى هذا الحديث] حمزة الكتانى» 
وضعفه غيره بالاضطراب فى سئده» لکن له شواهد يتقوی بها . 


المقدمة الأول ج۱ 0 


وأما وضع الملائكة أجنحتهاء فقيل : تكف عن الطيران فتجلس إليه لتستمع منه. 
وقيل: تكف عن الطيران توقيرا له. وقيل: تكف عن الطيران؛ لتيسط أجنحتها له 
بالدعاء. ولو لم تعلم الملائكة أن منزلته عند الله تستحق ذلك لما فعلته. 

فينبغى لكل أحد من الملوك - فمن دونهم - أن يتواضعوا لطلبة العلم؛ اتباعا 
لملائكة الله - تعالى - وخاصة ملكه. 

وأما استغفارهم له فهو طلب ودعاء له بالمغفرة» وأحدنا يسافر البلاد البعيدة 
للرجل الصالح لعله يدعو له» فما ظنك بدعاء قوم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون 
ما يؤمرون؟ فيا حبذا هذه النعمة. 

[وأما تشبيه فضله]('" بالبدر ففيه فوائد: 

[منها]: أن العالم يكمل بقدر اتباعه للنبى يا لأن النبى هو الشمس؛ لقوله - 
تعالى - 3إا أَْسَلكَكَ شهدا وميا َم إل آل ياي ممما يبا [الأحزاب : 
٥‏ 51]ء والسراج هو الشمسء لقوله تعالى رجلا يلجا وَهَاجا» [النبأ: »]١١‏ 
ولما كان القمر يستفيد ضوءه من الشمس» وكلما كثر توجهه إليها كثر ضوءه 
حتى يصير بدرا - فكذلك العالم؛ كلما كثر توجهه للنبى ب وإقباله عليه توفر 
كماله . 

[ومنها]: أن العالم متى أعرض عن النبى بكليته كسف باله» وفسد حاله؛ كما أن 
القمر إذا حيل بينه وبين الشمس كسف» خلافا لمن يزعم أن العلوم تتلقى بالتوجهء 
ولا يحتاج فيها إلى النبوة. 

[ومنها]: أن الكوكب مع البدر كالمطموس الذى لا أثر له» وضوء البدر عظيم 
المنفعة منتشر الأضواء» منبعث الأشعة فى الأقطار برّا وبحرّاء وهذا هو شأن العالم» 
وأما العابد فكالكوكب حيتذ لا يتعدى نوره محله» ولا يصل نفعه إلى غيره. 

الثالث: ما فى الترمذى29 أنه - عليه السلام - ذكر له رجلان: عالم وعابدء 


)١(‏ فى ط: التشبيه. 

(۲) أى: الجامع الصحيح للإمام الحافظ أبى عيسى محمد بن عيسى الترمذى» وهو ثالث الكتب 
الستة فى الحديث» وقد ثقل عن الترمذى أنه قال: صنفت هذا الكتاب» فعرضته على علماء 
الحجازء والعراق» وخراسان» فرضوا به. 

ينظر: كشف الظنون (00591/1), 


ا جا القدمة الأول 


فقال - عليه السلام: «قَضل لالم عَلَى الْعَابدٍ كَمُضْلِو عَلَى أَدْنَاكُمْك ثم قال - عليه 
السلام -: هون الله - تارك وَتَعََى - وَمَلَائِكَتَهُء وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأزض» حى 
6 . رماس و5 جاه 30 eh f‏ 
الثملة فى جخرهًا - يصلون على مُعَلْهى الئاس ه290 , 

وهذا الحديث أبلغ من الأول بكثير جدا؛ فإن فضله - عليه السلام - على أدناهم 
أعظم من فضل القمر على الكواكب أضعافا مضاعفة. 
روى أنه - عليه السلام - قال: اما جَمِيعٌ أعْمَالٍ البرٌ فى الْحِهَادٍ إلا كَْقْطةٍ فى بَحْرء 
وَمَا جَمِيعُ أعْمَالٍ الِْر وَالْجِهَادٍ فى طلس الْلم وَفَضْلِهِ إلا كثفطة فى بخرة. 

ويؤيده ما فى الخبر: «يُوزَنُ مِذَادُ الْعلَمَاءِ وَدَمّ السَهَدَاء يوم الْقِيَامَة فَيَرْجَحٌ مِدَادُ 
الْعُلْمَاءِ عَلَى ڌم الشهَدَاء»0 , 

ومعلوم أن أعلى ما للشهيد دمه وأدنى ما للعالم مداده؛ فإذا رجح الأدنى 
على الأعلى فما الظن بالأعلى مع الأدنى؟! 





(۱) أخرجه الترمذى (٥۲۹۸)ء‏ والطبرانى فى الکبیر (۲۷۸/۸) (۷۹۱۱ء ۷۹۱۲) من حديث 
أبى أمامة مرفوعَاء وقال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح غريب. 

(؟) ابن أبى زيد: عبد الله بن عبد الرحمن التفزاوى» القيروانىي» أبر محمد: فقيه؛ مفسرء من 
أعيان القيروان. مولده ومنشؤه ووفاته فيها. 

كان إمام المالكية فى عصره. يلقب بقطب المذهب» وبمالك الأصغر. قال عنه الذهبى: كان 
على أصول السلف فى الأصول» لا يتأرل. 

من تصائيفه : «كتاب النوادر والزيادات؟» و #مختصر المدونة»» و «كتاب الرسالة». 

ينظر: معجم المؤلفين (7/ "71): والأعلام للزركلى (4/ ۲۳۰)ء وشذرات الذهب (171/9). 

(9) ابن القاسم : هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة» الحافظ الفقيه» 
وأثبت الناس فى مذهب مالك» وقد صحب ابن القاسم مالكا عشرين عاماء وتفقه به 
وبنظرائه» وروی عن الليث» وابن الماجشون»ء وأخل عنه أصبغ » ويحيى بن دینار» 
والحارث بن مسکین› وغيرهم. وابن القاسم أصله من الشام» وقد سكن مصر » وله بها 
مسجد معروف» وتوفى سنة إحدى وتسعين ومائة. 

انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (۱۲۷)» الديباج المذهب (2145 .)١٤١‏ 

)٤(‏ أخرجه ابن عبد البر فى جامع بیان العلم /١(‏ رقم 197) عن أبى الدرداء» وأخرجه ابن 
الجوزى فى العلل المتناهية /١(‏ رقم '47) عن عبد الله بن عمرء و )۸٤(‏ عن عبد الله بن 
عمرو بن العاص» و (80) عن التعمان بن بشير. 

وقال: لا يصح. 

(0) فى ش: أقل. 


المقدمة الأولى ج ۱ ۷ 





الخامس: ما فى الترمذى أنه(١)‏ - عليه السلام - قال: لما عُبِدٌ الله بشنء7) 
فصل مِنَ الَف فی الدينِء وَلقَقية واد اشد عَلَى ليس ين لف عابي وَلِكُل شنم 
قِرَامٌ وَقوَامٌ الذين الْفِقْهُء وَلِكلٌ شىء دِعَامَة9) وَِعَامَةُ الدين اليف . 

السادس: أنه - عليه السلام - قال: «قليل الْفِفْهِ حير من كثير الاد( . 

السابع: أنه - عليه السلام - قال: لد الله يَجْمَعُ الْعلَمَاهَ فى صَعِيدٍ وَاجِدِء 
َيقُول: يا مَعْسَرَ العلَمَاءِء إن َم أُويَكُمْ على رَحِكْمَتِى إلا خير ارد بك 
شْهِدُكُمْ آئی مذ عفرت لَكُمْ ما گان تی0 . 

وأما المعنى فمن وجوه: 

الأول: أن العلم معتبر فى الإلهية وكفى بذلك شرفا عند كل عاقل على العبادات» 
وغيرها! 

وثانيها: أن كل خير مكتسب فى العالم فهو بسبب العلم» وكل شر يكتسب فى 
العالم فهو بسبب: الجهل» والاستقراء يحقق ذلك . 

وثالثها: أن الله - تعالى - لما أراد بيان فضل آدم على الملائكة» وإقامة الحجة 





(۱) فى ش: أن. 
(۲) فى أء ش» ط: عند الله شىء. والمثبت من كتب الحديث. 
() الدعامة: عماد البيت الذى يقوم عليه» ويقال: هو دعامة الضعيف: معيئه. وهذا من دعائم 
الأمور: مما تتماسك به الأمورء والجمع : دعائم. 
)٤(‏ أخرجه الدارقطنى فى السنن (1/ ۷۹)ء والطبرانى فى الأوسط (1/ رقم 77١5)؛‏ من حديث 
أبى هريرة» مرفوعًا. وفيه يزيد بن عياض وهو کذاب» قاله الهيثمى فى المجمع .)١1١/١1(‏ 
(5) أخرجه الطبرانى فى الأوسط (0/ رقم 2)8198 وأبو نعيم فى حلية الأولياء (0/ 117/7 - 
2 وابن عبد البر فى جامع بيان العلم /١(‏ رقم 0 وتمام فى فوائده )م2060 والبيهقى 
فى المدخل ص (557)» والخطيب فى الفقيه والمتفقه )٠١ /١(‏ من حديث عبد الله بن 
عمرو بن العاص» مرفوعًا. 
وفيه إسحاق بن أسيدء قال أبو حاتم: ١لا‏ يشتغل به؟» قاله الهيثمى فى المجمع (١1/١17)؛‏ 
فالحديث ضعيف. 
() أخرجه ابن عدى فى الكامل (4/ ١١١)؛‏ وابن عبد البر فى جامع بیان العلم /١(‏ رقم 9107 
۲)؛ والطبرانى فى الكبيرء كما فى مجمع الزوائد (۱۲۹/۱ - 2)١71‏ من حديث أبى 
موسی الأشعرى مرفوعًا: #يبعث الله العباد يوم القيامة ؛ ثم يميز العلماءء كم يقول لهم 
يا معشر العلماء؛ إنى لم أضع علمى فيكم إلا لعلمى بكم» ولم أضع علمى فيكم لأعذبكم» 
اذهبوا فقد غفرت لكم؟» وقال ابن عدى: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل. 
قلت: وأخرجه ابن الجوزى فى الموضوعات (011) من طريق ابن عدى. 


3 ج ١‏ المقدمة الأولى 





عليهم - علمه أسماء الأشياء أو علاماتها - على الخلاف فى ذلك - ثم سألهم فلم 
يعلمواء وسأله فعلم وعلّم؛ فاعترفوا حينئذ بفضيلته» وأمرهم بالسجود له فى وقت 
واحد؛ تعظيما لمنزلته» وخالف إبليس فى ذلك؛ فباء من الله - تعالى - بقبيح 
لعنته. وهذا حال العلم بأسماء الأشياء أو علاماتها؛ فكيف بالعلم بحدود الدين» 
وما يتوصل به إلى رب العالمين؟! 

ورابعها: أن الكلب أخس الأشياء؛ لقذارته وأذيته» وسوء حالته» فإذا اتصف 
بعلم الاصطياد شرفه الشرع وعظمه» وجعل صيده حينئذ قوام الأجساد» ومحترما 
عن الإفساد. 

وخامسها: أن العالم ينقل عن الحق للخلق» فيقول: إن الله - تعالى - حرم 
عليكم كذاء وأوجب عليكم كذاء وأذن لكم فى كذاء وأمركم بتقديم كذاء وتأخير 
كذا. فهو القائم بأمر الله - تعالى - فى خلقه» وموصله إلى مستحقهء والدافع عنه 
تحريف المحرفين» وتبديل المبدلين» وشبه المبطلين» وهذا هو معنى مقام 
المرسلين. 

ولهذا ينبغى لطالب العلم أن يتصور نفسه فى هذا المقام» ويعاملها بما يليق بها 
من الاحترام؛ فإن الرسول إذا ورد من عند ملك عظيمء قبح عليه أن يمشى إلى 
بيوت الأمراء وفى الأسواق» أو يتقاصر عن مكارم الأخلاق؛ صونا لتعظيم مرسلهء 
وهذا معلوم فى العوائد؛ فكذلك طالب العلم ينبغى له أن يعد نفسه من" الدناءات» بل 
عن الكثير من المباحات؛ صونا لشرف منصبه» وتعزيرًا لثمرات مطلبه . 

سادسها: أن قيمة الإنسان ما يعمله"» لا ما يعلمه؛ لقول على -رضى الله عنه-: 
«المرء مخبوء تحت لسانه»» وما قال: تحت ثيابه . ومعنى هذا الاختباء أنه إن نطق بشر 
ظهرت خسته ودناءته» وبخير ظهر شرفه. وإن لم ينطق بشىء فهو عدم محض عند 
مشاهده . 

وقال على - رضى الله عنه -: «المرء بأصغريه : قلبه ولسانئه:»0 © ولم يقل: 


000 فى ش: عن. 

(؟) فى ط: يعلمه. 

(۳) قال العجلونى فى كشف الخفاء :)٤٠۹/۲(‏ قال النجم ذكره السيوطى فى مختصر النهاية من 
زياداته عليها. اه. قلت: ولم ينسبه إلى على بن أبى طالب. 


المقدمة الأول ج۱ ۲۹ 


بيديه» أى: هو معتبر بهماء فإن رفعاه ارتفع وإن وضعاه اتضعء فالقلب معدن 
الحكم» واللسان ترجمانه29» وما عداه فى حكم الأعوان البعيدة التى لا اعتداد بها. 

وأنشد على - رضى الله عنه - فى هذا المعنى: 

الناس من جهة التمثيل أكفاء أبوهم آدم والأم حواء 

فإن أتيت بفخر من ذوى نسب فإن نسبتنا: الطين والماء 

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهمو على الهدى لمن استهدى أدلاء° 

وقيمة المرء ما قد كان يحسنه والجاهلون لأهل العلم أعداء 

فاطلب لنفسك علمًا واكتسب أديًا فالناس موتى وأهل العلم أحياء 

وسابعها: أن العلم على عظيم قدره وشريف معناه» يزيد بكثرة الإنفاق» وينقص 
مع الإشفاق» وهذه فضيلة جليلة آخذة بآفاق الشرف» جعلنا الله - تعالى - من أهله 
القائمين بحقوقه بمنه وكرمه. 

وثامنها: أن العلماء وصلوا بحقيقة العلم إلى عين اليقين؛ فشاهدوا الأخطار 
والأوطار بالأفق المبين» فاستلانوا ما استوعره المترفون» واستأنسوا بما استوحش 
منه الجاهلون» وفازوا بما قعد عنه المقصرون» فهم مع جلسائهم بأشباحهم» وفى 
الملأ الأعلى بأرواحهم؛ فلا جرم هم أحياء وإن ماتت الأبدان» على ممر الدهور 
والأزمان» غابت أعيانهم عن العيان» وصورهم مشاهدة فى الجنان والجنان» 
جعلنا الله - تبارك وتعالى - ممن أخذ من هداهم بأوثق نصيب» ونافس فى 
نفائسهم؛ إنه قريب مجيب. 

الفصل الثانى : فى آدابه: 

اعلم أن أعظمها: الإخلاص لله - سبحانه وتعالى - فإنه إذا فقد انتقل العلم من 
أفضل الطاعات إلى أقبح المخالفات. 

قال الله - تعالى - ويل لِلَمْصَيْنٌ . اليب هم عن لام ساون . الذِينَ هم 


000700 


براجودت . ويمتعونٌ الماعون» [الماعون: o‏ - ¥[. 


)١(‏ يقال: ترجم الكلام» أى: بيلة ووضحه . وترجم كلام غيره) وعته : نقله من لغة إلى أخرى. 
والترجمان هو المترجم. 
(؟) جمع دليلء وهو المرشد. 


۳ +۱ المقدمة الأرلى 


وروی ابن أبى زيد فى جامع المختصر أنه - عليه السلام - قال: «وَيَل لِمَنْ عَلِمَ 
َل ْمُه عِلْمُه - سبع مرات - ثم قال دوَيْلَ لِمْنْ لَمْ بعلم وَلَوْ شاء الله لَعَلمَهُ. 
ثلاث مرات:(©. ويروى عنه - عليه السلام -: هيامر الله - تَعَالَى - بِطائِقَةِ مِنّ 
الْعْلَمَاءِ وَالقُوَاِوَالْمجَاهِدِينَ إلى الَارِء وَيَقُولُ لكل طَائِقَةٍ مِنْهُمْ : انيا عَمِلْتَ لِيْقَالَ 
وَكَدْ قيل. . .» الحديث بطوله9©. 

وروی ابن أبى زيد - أنه عليه السلام - قال: ١مَنْ‏ تَعَلْمَ الْعلمَ ليُمَارىَ په - أو 
يناج په أو لِيرَائين0 به اة الله مَوْتِتَ الذل وَالصّعْارِ وَجَعَلَهُ عَلَيْهِ حَُجةٌ يوم 
اقام يَوْمَ يكُونُ الْعِلْمْ ريا لإي . 

وروى - أيضا - عنه عليه السلام: «مَنْ تَعَلَمَ عِلْمًا مِمًا يُبْتَعَى به وَجْهُ الله - تَعَالَى 
لا يتعلَمُهُ إلا لِيْصِيبَ به عَرَضًا مِنَ الدنيا لم يَرَح رَائِحَة الج( . 





)0( علقه ابن عبد البر فى جامم بیان العلم (1/ رقم ۲) فقال: وذكره الفريابى عن الثورى 
قال: بلغنا عن النبى يك أنه قال: «وبل لمن يعلم ولم يعمل» وويل ثم ويل لمن لا يعلم ولا 
يتعلم. مرتين؟. 

(۲) أخرجه أحمد (۳۲۱/۲)ء ومسلم (۱۵۲ - 14:08)» والنسائى (77/5)؛ عن أبى هريرة» 
مرفوعًا: «إن أول الناس يقضى يوم القيام عليه: رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفهاء 
قال: فما عملت فيها؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت . قال: كذبت؛ ولكنك قاتلت لأن 
يقال : جرىء. فقد قيل» ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى الثار. ورجل تعلم 
العلم وعلّمهء وقرأ القرآن فأتى به» فعرفه نعمه فعرفهاء قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت 
العلم» وعلمته» وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت؛ ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم» 
وقرأت القرآن؛ ليقال : هو قارئ»› فقد قيل» ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى 
التار. ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كلهء فأتى به فعرفه نعمه قعرفهاء قال: 
فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: 
كلبت؛ ولكنك فعلت ليقال: هو جواد» فقد قيل» ثم أمر به فسحب على وجههء ثم ألقى 
فى الثار». 

(۳) فى ش: ليوارى. 

)٤(‏ أحخرجه ابن ماجه (55؟)» وابن حبان (۷۷)ء والحاكم (85/1)» وابن عبد البر فى جامع 
بیان العلم /١(‏ رقم ۱۱۲۷) من طريق ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله 
مرفوعا: دلا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء» ولا لتماروا به السفهاء,» ولا تخيروا به 
المجالس؛ فمن فعل ذلك. فالتار النار» . 

وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلمء قاله البوصيرى فى الزوائد .)١١١/١(‏ قلت: فيه 
مدلسان: ابن جريج وأبو الزبير» وقد عنعتا. 
(۵) أخرجه أحمد (۲۲۸/۲)ء وأبو داود (5514): وابن ماجه (7617)؛ وابن حبان (۷۸)ء 


المقدمة الأولى ج۱ ۳١‏ 





وحقيقة الرياء: أن يعمل الطاعة لله وللناس - ويسمى : رياء الشرك - أو للناس 
خاصة» ويسمى : رياء الإخلاص» وكلاهما يصير الطاعة معصية. وأغراض' الرياء 
الباعثة عليه منحصرة فى ثلاثة: جلب الخيور› ودفع الشرورء والتعظيم. 

ويلحق بالرياء» التسميع» وهو أن يقول: علمت كذا أو حفظت كذاء أو غير 
ذلك من أعمال البر. 

والتسميع يكون - بعد انعقاد العبادة معصية على الرياءء وبعد انعقادها طاعة مع 
الإخلاص» لكن فى الأول يكون جامعا بین معصيتى: الرياء والتسميع » وفى الثانى 
هو عاص بالتسميع فقط. فتقابل سيئة التسميع حسنة الطاعة المسمع بها فى 
الموازنة» فربما استوياء وربما رجحت إحداهماء على حسب مقادير الطاعات 
والتسميع . ٍ 

والأصل فى التسميع قوله - عليه السلام -: «مَنْ سَمُعَ سمح الله به أَسَامِعَ خْلْقِه 
يوم ليامت أى: ينادى مناد من قبل الله - تعالى -: عبدى فلان» عمل عملا 
لى ثم تقرب به لغيرى». نسأل الله العفو والعافية فى الدنيا والآخرة. 

واعلم يا أخى» أن هذا مقام تشيب منه النواص ()ء ولا يعتصم منه 
بالصياصى؛ فينبغى لك أن توفر العناية عليه والجد فيه» مستعينا بالله - تعالى - 





= والحاكم ))80/١(‏ وابن عبد البر /١(‏ رقم ١١٠٠)ء‏ والخطيب فى اقتضاء العلم العمل 
)١(‏ من طريق فليح بن سليمان» عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبى طوالة» عن 
سعيد بن يسار» عن أبى هريرة» مرفوعًا: لمن تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلم إلا 
ليصيب به عرضًا من الدنيا - لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعنى: ريحها. 
وفليح بن سليمان: صدوق كثير الخطأء قاله الحافظ فى التقريب» لكن للحديث شواهد يتقوى 
بهاء منها: حديث جابر السابق. 
)١(‏ فى ش: تستعمل. 
(؟) فى ش: وأعراض. 
() جمم اخير». 
)٤(‏ أخرجه البخارى )۷۱١۲(‏ من حديث جندب بن عبد الله البجلى» مرفوعًا: «من سمّع سمّع 
الله به يوم القيامة» ومن شاق شق الله عليه يوم القيامة» . 
وآخرجه البخارى (۹۹٤1)ء‏ ومسلم (48 - ۹۸۷) من طريق آخر عن جندب» مرفوعًا: #من 
سمع سمع الله بهء ومن راءى راءى الله يه . 
)2 جمع ااناصية؟) وهى مقدم الرأس. 
0( جمع اصيصية)» وهى الحصن. 


5 ج۱ المقدمة الأول 


فمن لم يساعده القدر لم ينفعه الحذرء ولقد قطع [داء الكبر دابر من استكبر]. 

إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده 

ولكنى أدلك على أعظم الوسائل» مع بذل الاجتهادء وهو: أن تكون مع بذل 
جهدك شديد الخوف» عظيم الافتقار» ملقيا للسلاح» معتمدا على ذى الجلال» 
مخرجا لنفسك من التدبير؛ فإن هذه الوسيلة هى العروة الوثقى لماسكهاء وطريق 
السلامة لسالكهاء والله - تعالى - هو المسئول» المبتهل لجلاله فى السلامة من 
عذابه . 

فما لجلدى بحر النار من جلد ولا لقلبى بهول الحشر من قبل 

واعلم: أنه ليس من الرياء قصد اشتهار النفس بالعلم لطلب الاقتداءء بل هو من 
. أعظم القربات؛ فإنه سعى فى تكثير الطاعات» وتقليل المخالفات» وكذلك قال 
إبراهيم - عليه السلام -: #وَبَعل لي لان صنق في اللخ [الشعراء: ٤۸]ء‏ قال 
العلماء معناه: يقتدى بى من بعدى. ولهذا المعنى أشار - عليه السلام - بقوله : «إِذًا 
مات ابْنُ دم القَطعَ عَمَلَهُ إلا مِنْ تَلاثِ: عِلْم يفم بوه الحديث7)؛ حضا على 
نشر" العلم؛ ليبقى بعد الإنسان لتكثير التفع» ومنه قوله - تعالى -: رتا لك 
يك [الشرح: ٤]ء‏ على أحد الأقوال. 

وقال العلماء بالله: ينبغى للعابد السعى فى الخمول والعزلة؛ لأنهما أقرب 
للسلامة؛ وللعالم السعى فى الشهرة والظهور؛ تحصيلا للإفادة» ولكنه مقام كثير 
الخطر؛ فربما غلبت النفس وائتقل الإنسان من هذا المعنى إلى طلب الرئاسةء 
وتحصيل أغراض الرياءء والله المستعان» وهو حسبنا فى الأمر كله. 

الثانى : ينبغى لطالب العلم أن يحسن ظاهره وباطنه» وسره وعلانیته» وأفعاله 
وأقواله. 

فالعيب فى الجاهل المغمور مغمور 2 وعيب ذى الشرف المذكور مذكور 

قلامة الظفر تخفى من حقارتها ‏ ومثلها فى سواد العين مشهور 








(۳) فى ش: انتشار. 
(6) القلامة: ما قطع من طرف الظفرء أو الحافرء أو العودء وقلامة الظفر: مثل فى القلة = 


المقدمة الأول ١‏ ۳۳ 





ولهذا المعنى قال الله - تعالى - لنبيه عليه السلام: «إدًا لفك ْمَك الي 
وضع ألْمَمَاتِ؟ [الإسراء: 76]» أى لو فعلت ذلك لعذبناك مثل عذاب غيرك فى 
16 مرتين» ومثل عذابه فى الآخرة مرتين» وكذلك فى قوله - تعالى -: ينس 
آي من يات ينك يجك مي يلعف لها الْمَدَّابُ كبن [الأحزاب: »]٠٠‏ 
وهذه عادة الله تعالى فى خلقه» من عظمت عليه نعمته اشتدت عليه نقمته؛ ولذلك 
رجم المحصن فى الزناء وجلد البكر. 

ولأن اشتهاره بالخيرء يبعث على الاقتداء به؛ فيحصل له كمال السعادة 
[الدنياوية» ووقور السمت] ويصير للمتقين إماما. واشتهاره بالدناءة29 ينفر 
النفوس منه» فتفوته هذه المنزلة. 

بل ينبغى له أن يکتم من الحق ما تنفر منه عقول جلسائه» أو آهل زمانه» وأن 
يخاطب الناس على قدر عقولهم؛ فإنه إن لم يفعل ذلك لا يحصل مقصوده من 
إظهار ذلك الحق ولا من غيره» وفى الحديث: «مَنْ حاطب وما ما لَمْ تَصِل َيِه 
عُقُولُهُمْ كا عَلَيْهِمْ تة اللهم إلا أن يكون مما أوجب الله - تعالى - إظهاره 
كقواعد الدين» وإبطال شبه الضالين» اوالأمر بالمعروف رالتهى عن المنكر؛ فيل 
على - قوله - تعالى -: وَيْلٍ الْحَنّ ين ریک مسن سه هَبوين ومن سه یکر 
[الكهف: ۲۹]ء ومن رضى الله تدا ل فلا يشر شف و 

إذا رضيت عنى كرام عشیرتی فلا زال غضبانا على شرارها 

قال مالك - رحمه الله - فى المختصر: حق على طالب العلم أن يكون فيه وقار 
وسكينة» وخشية واتباع لأثر من مضى قبله. 

وقال الحسن 2" - رحمه الله -: كان الرجل إذا طلب العلم لم يلبث أن يرى ذلك 


= والحقارة» يقال: لم يغن عنى قلامة ظفر. 

)١(‏ السمت: السكينة والوقار. 

(۲) سقط فى أء ش. 

شرف فی أ ش: بالزند. 

(4) أخرجه عن ابن السنى عن عائشة» كما فى كنز العمال (۲۹۲۸۳)ء وقال: وفيه عباد بن'بشر. 

)2( هو الحسن بن أبى الحسن» يسار بو سعيد» مولى الأنصار» ولد لسنتين بقيتا من خلافة 

> عمر - رضى الله عنه -» ومات بالبصرة سئة عشرة ومائة عن ثمان وثمانين سنة. حدث عن 
عثمان» وعمران بن حصين» والمغيرة بن شعبة) وغيرهم» وحدث عنه فتادة» وأيوب» - 


5 ج۱ المقدمة الأول 


فى وجهه وتحشعه ولسانه ویده وصلواته0©. 0 
ما ف شع اا ف ا 1 0 1ل 

وتاك - عليه السلام -: هما م شىء إلى شىء أَحْسَنَ من حم إلى عم : 

وقال عمر - رضى الله عنه -: لتعلموا للعلم السكينة والوقار» وتواضعوا لمن 
تتعلمون منه» ولم ° تعلمونه» وإياكم أن تكونوا من جبابرة العلماء؛ فلا يقوم 
علمكم بجهلکې0, 

وقال أبو حازم: كان العالم فيما مضى إذا لقى من هو فوقه فى العلم كان يوم 
غئيمة أو من هو مثله ذاكره» أو من هو دونه : لم يزه عليه ثم كان - هذا الزمان - 
أن صار الرجل إذا لقى من فوقه انقطع عنه؛ حتى لا يرى الناس أن به حاجة إليه» 
وإذا لقى من هو مثله لم يذاكره؛ ويزهو على من هو دونئه(©. 

وقال ابن أبى ليلى: أدركت عشرين ومائة من الصحابة والأنصارء ما منهم أحد 
يسأل عن شىء إلا ود أن صاحبه كفاه الفي , 





= وابن عون» وغيرهم. 
ينظر: تذكرة الحفاظ 0)1١/1(‏ وطبقات الفقهاء للشيرازى ۰)۵ وتاريخ الإسلام (۹۸/6). 

09١8 رقم‎ /١( آخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم‎ )١( 

)۳( حديث ضعيف. أخرجه الطبرانى فى الأوسط وفى الصغير من حديث على بن أبى طالب 
مرفوعًاء كما فى مجمع الزوائد 1/0( من رواية حفص بن يشر بن حسن بن الحسين 
بن يزيد العلوى عن أبيه» ولم أر من ذكر أحدًا منهم. قاله الهيثمى . 

فرق فى ش: لم. 

(4) أحخرجه أبن عبد البر فى جامع بيان العلم (۸۹۳)ء واليبهقى فى المدخل (١۳۷)ء‏ وفى 
الشعب (؟/ رقم ۱۷۸۹), من طريق ابن وهب» قال : أخبرنى يونس بن يزيد عن عمران بن 
مسلم: أن عمر بن الخطاب قال. . . فذكرهء وآخرجه وكيع فى الزهد (١۲۷)ء‏ وعنه أحمد 
فى «الزهد» ص ,)۱٤۹(‏ قال : حدثنا العلاء بن عبد الكريم عن بعض أصحابه» قال: قال 
عمر... فذكره. 

وأخرجه الخطيب فى الجامع )٤١(‏ من طريق العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال عمر... 
فذكره. 

وعلة الطريق الأولى والثالثة الانقطاعء وعلة الطريق الثانية الجهالة» لكن هذه الطرق تدل على أن 
هذا الأثر له أصل. 

() أخرج البيهقى فى شعب الإيمان 079 عن أبى حازم قال: لا تكون عالمًا حتى تكون 
فيك ثلاث خصال : «لا تبغى على من فوقك› ولا تحقر من دونك» ولا تأخذ على علمك 
دنيا؟ . 

(9) أخرجه ابن المبارك فى الزهد (/ه), وأبو خيئمة فى العلم تي" وابن عبد البر فى جامع 
بیان العلم (۲۱۹۹/۲ء 9.01ى, 


المقدمة الأولى ج۱ ۳o‏ 





وقال مالك: جنة العالم: لا أدرى» فإذا أخطأ أصيبت مقاتله. وقال: كان 
الصديق يسأل عن الشىء» فيقول: لا أدرى» وأحدكم اليوم يأنف أن يقول: لا 
أد ری . 

قال مطرف - رحمه الله -: ما رأيت: أكثر قولا من مالك: لا أدرى0) 

وقال بعض الفضلاء: إذا قلت: لا أدرى» علمت حتى تدرى» وإذا قلت: أدرى 
سئلت حتى لا تدرى؛ فصار لا أدرى وسيلة إلى العلم» وأدرى وسيلة للجهل؛ 
ولذلك قال أبو الدرداء: قول الرجل فيما لا يعلم: لا أعلم» نصف العله9©. 

ولما تعلم الحسن - رضى الله عنه - العلم أقام أربعين سنة لم يتكلم بهء وأفتى 
مالك - رحمه الله - بعد أريعين سنةء وحلق ابن سبع عشرة سنة» وكان يقول: لا 
يفتى العالم حتى يراه الناس أهلا للفتوى. 

قال سحنون : يريد العلماء. قال ابن هرمز: [وبرى هو تفسه] أهلا لذلك. 

الثالث: أن يوفى الأمانة فى العلمء فلا يعطيه لغير أهله» ولا يمنعه من أهله؛ فإن 


العلم يزيد النفس الشريرة شراء والخيرة خيرا. 
قال المحاسبى27 - رحمه الله -: العلم كالغيث ينزل من السماءء كله حلوء 


(۱) علقه ابن عبد البر بنحوه فى جامع بیان العلم (؟/ رقم /ا/ا6١).‏ 

0( علّقه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم (/ رقم 5 ٠‏ ) عن ابن وهب قال: لو كتبنا عن 
مالك: دلا أدرى» لملأنا الألواح. 

لف علّقه ابن عبد البر (۲/رقم (0۸٦‏ . 

)٤(‏ سحنون: هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب» أبو سعيد» التنوخى القيروانى. وسحنون 
لقبه» من العرب صليبة» أصله شامى من حمص. فقيه مالکی › شيخ عصره» وعالم وقته. 
كان ثقة حافظًا للعلم» رحل فى طلب العلم وهو ابن ثمانية عشر عاماء أو تسعة عشر. ولم 
يلق مالكاء وإنما أخذ عن أئمة أصحابه كابن القاسم وأشهب. والرواة عنه نحو )0/٠١(‏ 
انتهت إليه الرثاسة فى العلم» وكان عليه المعول فى المشكلات» وإليه الرحلة. راوده محمد 
بن الأغلب حولا كاملا على القضاءء ثم قبل منه على شرط ألا يرتزق له شيئًا على القضاءء 
وأن ينفذ الحقوق على وجهها فى الأمير وأهل بيته. وكانت ولايته سنة a4‏ ومات وهو 
يتولى القضاء . 

من مصنفاته: «المدونة» جمع فيها فقه مالك. 
ينظر: شجرة النور الزكية ص (564)» والديباج ص 2)١1١(‏ ومرآة الجنان »)۱١١/۲(‏ ومعجم 
المؤلفين (5/6؟7). 
)2 فى ش: ثقة . 
»( الممحاسيى : هو الحارث بن أسد المحاسبى» أبو عبد الله» من أكابر الصوفية» كان عالمًا 


۳٦‏ جا المقدمة الأولى 





فيزيد الحلو حلاوة والمر مرارة. 

قال الغزالى(): تعليم العلم لأهل الشر كبيع السيف من قاطع الطريق. 

وبعث الشافعى لمحمد بن الحسن9) - رضى الله عنهما - يستعير منه كتياء 
فتوقف عليه؛ فكتب إليه: 


حى کان من راه قَدْ رَأى مَنْ قَبْلَهُ 
ليلم يَنْهَى أَهْلَهُ أن يَمْتَعوهُ أهْلَهُ 


4 4 ب A‏ اه له 4 ۸ 
فبعث إليه بوقر بعير. فقوله: ينهى أهله أن يمنعوه أهله› يفيد الدفع للأهل والمنع 
من غير الأهل والأصل فى هذه القاعدة قوله - عليه السلام -: الا تُغطوا الْحِكُمَة 


= بالأصول» والمعاملاتء واعفًا مبكيّاء وله تصانيف فى الزهد: والرد على المعتزلة» 

وغيرهمء ولد ونشأ بالبصرة» ومات ببغداد» وهو أستاذ أكثر البغدائيين فى عصره. 
من كتبه: آداب التفوس» وشرح المعرفة؛ والمسائل فى أعمال القلوب والجوارح» والمسائل فى 
الزهد» وغيرها. توفى سنة 747 ه. 

)١(‏ الغزالى: هو محمد بن محمد بن محمد» أبو حامد الغزالى» بتشديد الزاى. نسبته إلى 
الغزال (بالتشديد) على طريقة أهل خوارزم وجرجان: ينسبون إلى العطار عطارى» وإلى 
القصّار: قصّارىء وكان أبوه غزالاء أو: هو بتخفيف الزاى نسبة إلى «غزالةة قرية من قرى 
طوس. فقيه شافعى أصولى؛ متكلم» متصوف. رحل إلى بغدادء فالحجاز» فالشام» 
قفمصرء وعاد إلى طوس. 

من مصنفاته: الالبسيطة. و «الوسيط)ء و االوجيز)ء و لالخلاصة» وكلها فى الفقه؛ و «تهافت 
الفلاسفة»: و «إحياء علو 1 الدين». 

ينظر: طبقات الشافعية :)18١ - ٠١١/4(‏ والأعلام للزركلى (۷/ »)۲٤۷‏ والوافى بالوفيات 
(vv /Y)‏ 

(5) محمد بن الحسن: هو محمد بن الحسن بن فرقد. نسبته إلى بنى شيبان بالولاء. أصله من 
(حرستا) من قرى دمشق؛ منها قدم أبره العراق» فولد له محمد بواسطء ونشأ بالكوفة. إمام 
فى الفقه والأصول» ثانى أصحاب أبى حنيفة بعد أبى يوسف. من المجتهدين المنتسبين. 
هو الذى نشر علم أبى حنيفة بتصانيفه الكثيرة. ولى القضاء للرشيد بالرقة» ثم عزله» 
واستصحيه الرشيد فى مخرجه إلى خراسانء فمات محمد بالرى. 

من تصانيفه: «الجامع الكبير»؛ و «الجامع الصغير»» و «المبسوط)ء و «السير الكبيرة؛ و *السير 
الصغير»؛ و «الزيادات». وهذه كلها التى تسمى عند الحتفية: كتب ظاهر الرواية. وله #كتاب الآثار» 
و «الأصل؟. : 

ينظر: الفوائد البهية ص :)1١57(‏ والأعلام للرركلى (5/ ٠5‏ *)» واليداية والنهاية ,)9١1 /١١(‏ 


المقدمة الأول +۱ ۳۷ 


َير أَملًِا َتَظْلِمُوهًاه0© . 

سؤال: إذا كان الغالب على الناس اليوم فى طلب العلم» الرياء والمباهاة©) 
وسوء الحالة - فالمعلم لهم معين لهم على هذه المعاصى» والإعانة على المعصية 
معصية؛ فيحرم التعليم حيتئذ على الإطلاق» نظرا إلى الغالب. 

جوابه9؟2: أن هذا سؤال مشكل» وقد اضطربت فيه فتاوى العلماء: 

فمنهم من يقول لو اعتبرنا هذا لانحسمت مادة التعليم والإقراء؛ فينقطع الشرعء 
ويفسد النظام؛ فيؤدى ذلك إلى إطفاء نور الحق» وإضلال الخلق» حتى يطبق 
الأرض الكفرء ومعلوم أن هذه المفاسد أعظم من الرياء الذى قد يقع وقد لا يقع» 
فإنا وإن قطعنا بوقوعه فى الجملة» لكنا لا نعلم حال كل أحد على انفراده؛ فإن الله- 
تعالى - متولى السرائر؛ فما استوى الأمران ولا وقوعهما. 

ولأن العلم قربة محققة؛ وهذه المعاصى أمور عارضةء الأصل عدمها فى كل 

ومنهم من يقول: بل يتعين ذلك» ولا يجوز التعليم إلا لمن يغلب على الظن 
سلامته من هذه المعاصى؛ طردا لقاعدة إلحاق الوسائل بالمقاصد. 

وأما قول الأولين: إن اعتبار ذلك يؤدى إلى انقطاع الشرع» وتطبيق الكفرء 
فأجاب27 الغزالى عنه فقال: لا نسلم أنه يلزم من تحريم التعليم انقطاع الشرع؛ لأن 
الطباع مجبولة"“ على حب الرئاسة» ولاسيما بألقاب العلوم» ومناصب النبوة» 
واستتباع الخلق؛ كما لم يلزم من عدم إيجاب النظر فى المعجزة عدم النظر فيهاء بل 
ناب الطبع مناب الشرع فى النظر؛ فإن الطباع مجبولة على رؤية المستغربات والفكرة 
فيها وكذلك لم يلزم من تحريم الرياء“ وغيره من المحرمات عدمها. 





.)7/5/4( أورده الزبيدى فى إتحاف السادة المتقين‎ )١( 
فى ش: فإن قلت.‎ )۲( 

(۳) يقال: باهاه» أى: فاخره» والمباهاة: المفاخرة. 
() فى ش: فالجواب أن. 

(o)‏ جمع لسريرة؟» وهى ما يكتم ويسر. 

)5ن فى ش: فأوجب. 

(۷) أى: مطبوعةء يقال: جبله على كذا: طبعه. 

(۸) فى أء ش: الزنا. 


١ ۳۸‏ المقدمة الأولى 





الرابع : ينبغى لطالب العلم إذا تعلم مسألة أن ينوى تعليمها كل من هو أهل لهاء 
وكذلك إذا علمها أن ينوى التوسل إلى تعليم كل من يتعلم ممن علمه؛ ليكون 
المنوى فى الحالين عددا لا يعد ولا يحصى» وله بكل واحد من ذلك العدد حسنة» 
فإن وقع مَنُويُهُ كان له عشر؛ لقوله - عليه السلام -: «مَنْ هم بِحَسَئةٍ كَل يَعْمَلْهَا 
ُيَثْ لَهُ حَسَتدٌء وَإِنْ عَمِلَهًا اكيت ل عَشْرَاه9©: وهذا متجر لا غاية لربحهء 
أعاننا الله - تعالى - على الخير كله. 





)١(‏ فى ش: فله. 

(۲) أخرجه أحمد (۲۷۹/۱)ء والبخاری »)١1441(‏ ومسلم (۲۰۷ - ۱۳۱) عن ابن عباس عن 
النبى ل قال : «إن الله كتب الحسنات والسيئات؛ ثم بين ذلك» فمن هم بحسنه فلم يعملها 
كتبها الله له عنده حسنة كاملة» فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسئات» إلى 
سبعمائة ضعف» إلى أضعاف كثيرة. ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسئة 
كاملة » فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة). 

وفى الباب عن آيى هريرة: أخرجه مسلم 7١5(‏ - ۱۳۰). 


المقدمة الثانية +۱ ۳۹ 





المقدمة الثانية 

فيما يتعين أن يكون على خاطر الفقيه من أصول الفقه وقواعد الشرع 
واصطلاحات العلماء؛ حتى تخرج الفروع على القواعد والأصول؛ فإن كل فقه لم 
يخرج على القواعد فليس بشىء. 

ولم أتعرض فيها لبيان مدارك الأصول؛ فإن ذلك من وظيفة الأصولى لا من 
وظائف الفقيه» فإن مقدمات كل علم توجد فيه مسلمة» فمن أراد ذلك فعليه بكتبه. 

واعتمدت فى هذه المقدمة على أخذ جملة كتاب «الإفادة» للقاضى عبد الوهاب» 
وهو مجلدان فى أصول الفقه. وجملة «الإشارة؛ للباجى(ء وكلام ابن القصار(؟) 
فى أول «تعليقه» فى الخّلاف. وكتاب «المحصول06) للإمام فخر الدين. 


)١(‏ الباجى : هو سليمان بن خلف بن سعدء أبو الوليد الباجى؛ نسبة إلى مديئة باجة بالأندلس. 
من كبار المحدثين؛ ومن كبار فقهاء المالكية. رحل إلى المشرق ٠١‏ سنة. ثم عاد إلى بلاده 
ونشر الفقه والحديث. وكان بينه وبين ابن حزم مناظرات» ومجادلات» ومجالس» وشهد له 
ابن حزم. وكان سببًا فى إحراق كتب ابن حزم. ولى القضاء فى بعض أنحاء الأندلس. 
من تصانيفه: «الاستيفاء شرح الموطا»» واختصره فى «المنتقى»» ثم اختصر المنتقى فى 
«الإيماء»» وله «شرح المدونة»» و «أحكام الفصول فى أحكام الأصرل». 
ينظر: الديباج المذهب ص (؟؟١)»‏ والأعلام للزركلى (187/1). 

ابن القصار: هو أبو الحسن على بن أحمد» البغدادى» المعروف بابن القصار الأبهرى 

الشيرازى» إمام فقيه أصولى حافظء أخل الفقه عن الأبهرى وغيره» وأخذ الفقه عنه أبو ذر 

الهروى» والقاضى عبد الوهاب» ومحمد بن عمروس» وغيرهم. له كتاب فى مسائل 

الخلاف» وكتاب الخلاف» توفى سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة من الهجرة. 

ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطى (118)غ وتبصرة الحكام لابن فرحون /١(‏ ١۲۹)ء‏ وتهذيب 

الفروق والقواعد السئية (١1/١؟).‏ 

(۳) المحصول: أحد الكتب الشهيرة لفخر الدين الرازى (ت 5*5 ه)ء وشرحه المصنف 
وأسماه: (نفائس الأصرل)» وشرحه شمس الدين محمد بن محمود الأصبهانى المتوفى سنة 
ماه ولم يكمله» وعلق عليه أحمد بن عثمان بن صبيح اللجوزجانى (ت٤٤۷ه)ء‏ وأيضًا 
علق عليه عز الدين عبد الحميد بن هبة الله المدائئى المعتزلى ( ت۵٥۵‏ ه)» واختصره سراج 
الدين أبو الثناء محمود بن أبى بكر الأرموى )ت (aA‏ وغيره . 

(4) فخر الدين الرازى: هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن» الرازى» فخر الدين» أبو عبد 
الله » المعروف بابن الخطيب. من نسل أبى بكر الصديق» (رضى الله عنه). ولد بالرى وإليها 
نسبته» وأصله من طبرستان. فقيه» وأصولى شافعى» متكلم» نظار» مفسرء أديب» 
ومشارك فى أنواع من العلوم. رحل إلى خوارزم بعدما مهر فى العلوم؛ ثم قصد ما وراء النهر 
وخراسان. واستقر فى (هرأة» وكان يلقب بها: شيخ الإسلام. بنيت له المدارس ليلقى فيها 


۲( 


پک 


١ f‏ المقدمة الثانية 





ولم أترك من هذه الكتب الأربعة إلا المآخذ والتقاسيم والشىء اليسير من مسائل 
الأصول» مما لا يكاد الفقيه يحتاجه. مع أنى زدت مباحث وقواعد وتلخيصات 
ليست فى المحصول ولا فى سائر الكتب الثلاثة. ولخصت جميع ذلك فى مائة 
فصل وفصلينء فى عشرين بابا. وسميتها: اتنقيح الفصول فى علم الأصول» لمن 
أراد أن يكتبها وحدها خارجة عن هذا الكتاب. 


= دروسه وعظاته. وكان درسه حافلا بالأفاضل . منحه الله قدرة فائقة فى التأليف والتصنيف › 
فكان فريد عصرهء اشتهرت مصنفاته فى الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها. ذكره 
الذهبى فى الضحقاء . 

من تصانيفه: «معالم الأصول؛: و «المحصول) فى أصول الفقه. 

ينظر: طبقات الشافعية الكبرى (07/0: والفتح الميين فى طبقات الأصوليين .)٤۷/۲(‏ 
والأعلام للرركلى (۲۰۳/۷). 

وزاد فى (ش): وبينت مذهب مالك في الأصول؛ ليتتفع بذلك المالكية خصوصًا وغيرهم 
عمومًا. ١‏ 


الاصطلاحات ج١1‏ 3 


الباب الأول 
فى الاصطلاحات 





وفيه عشرون فصلا: 

الفصل الأول - فى الحر(': 

وهو شرح ما دل عليه اللفظ بطريق الإجمال» وهو غير المحدود إن أريد به 
اللفظء ونفسه إن أريد به المعنى. 

وشرطه: أن يكون جامعا لجملة أفراد المحدودء مانعا من دخول غيره معهء 
ويحترز فيه من التحديد بالمساوى والأخفى» وما لا يعرف إلا بعد معرفة المحدودء 
والإجمال فى اللفظ . 

والمعرفات خمسة: 

الحد التامء والحد الناقصء والرسم التام©): والرسم الناقص0©» وتبديل 
لفظ بلفظ مرادف له أشهر منه عند السامع: 


)١(‏ الحد عند الأصوليين: هو الجامع المانع. ويقال: المطرد المنعكس» فعلى هذا: هى شطور 
لا شروط» وعلى الأول: هى شروط لا شطورء وصورة الحد: الجنس الأقرب ثم الفصل. 
وخلل ذلك نقص » وخلل المادة خطأ» ونقص المعرف للشىء ما معرفته سبب معرفته» وله 
خمسة شروط: 

الأول: أن يكون المعرّف أجلى من المعكف. 

الثانى: أن يكون المعرّف غير المعرّف. 

الثالث: أن يكون المعرّف سابقًا على المعرّف فى المعرفة. 
الرابع: أن يكون المعرّف مساويًا للمعرّف فى العموم والخصوص. 
الخامس: ألا يكون المعرّف معرفًا بالمعرّف؛ لثلا يلزم الدور. 
ينظر: جمع الجوامع .)١۳۳/١(‏ 

(؟) الحد التام: هو ما كان بالجنس القريب» والفصل القريب» مثل تعريف الإنسان بأنه: حيوان 
ناطق» وتعريف الأسد بأنه: حيوان مفترس» وكتعريف الحيوان بأنه: نام حساس. 

() الحد الناقص: هو ما كان بالجنس البعيد» والفصل القريب» أو بالفصل القريب وحده» 
كتعريف الإنسان بأنه: نام ناطق» أو ناطق» وكتعريف الحيوان بأنه: جسم حساسء أو: 
حساس . فمدار كونه حدًا على وجود الفصل القريب» فإن كان معه جنس قريب: فتام» وإلا 
فناقص . 

)٤(‏ الرسم التام: هو ما كان بالجنس القريب والخاصة» كتعريف الإنسان بأنه: حيوان كاتب» 
وكتعريف الحيوان بأنه: نام ماش . 

(0) الرسم الناقص: هو ما كان بالجنس البعيد والخاصةء أو بالخاصة وحدهاء كتعريف الإنسان = 


4۲ ج ۱ الاصطلاحات 





فالأول: التعريف بجملة الأجزاء» نحو قولنا: الإنسان هو الحيوان الناطق. 

والثانى : التعريف بالفصل وحدهء وهو الناطق. 

والثالث: التعريف بالجنس والخاصة» كقولنا: الحيوان الضاحك. 

والرابع : بالخاصة وحدهاء نحو قولنا: هو الضاحك. 

والخامس: وضع أحد المترادفين موضع الآخرء نحو: ما هو البر؟ فتقول: 
القمح. 

الفصل الثانى - فى تفسير أصول الفقه : 

فأصل الشىء: ما منه الشىء لغة» ورجحانهء أو دليله اصطلاحا. 

فمن الأول: أصل السنبلة“ البرة229. 

ومن الثانى: الأصل: براءة الذمة» والأصل: عدم المجازء والأصل: بقاء ما 
كان على ما كان. ومن الثالث: أصول الفقهء أى: أدلته. 

والفقه : هو الفهم» والعلم» والشعر» والطب» لعة. وإنما اختص بعض هذه 
الألفاظ ببعض العلوم بسبب العرف. 

والفقه فى الاصطلاح هو: العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال. 

ويقال: فق" - بكسر القاف: إذا فهمء ويفتحها: إذا سبق غيره للفهمء 
وبضمها: إذا صار الفقه له سجية. 

الفصل الثالث: 

الفرق بين الوضع والاستعمال والحمل؛ فإنها تلتبس على كثير من الناس: 

فالوضع : يقال بالاشتراك على جعل اللفظ دليلا على المعنىء كتسمية الولد: 
زيداء وهذا هو الوضع اللغوى» وعلى غلبة استعمال اللفظ فى المعنى» حتى يصير 
أشهر فيه من غيره» وهذا هو وضع المنقولات الثلاثة: 


= ابأنه: نام كاتب أو: كاتب» وكتعريف الحيوان بأنه: جسم ماش» أو ماش . ومدار التمام فى 
الحد والرسم على وجود الجنس القريب» فإن لم يوجد فقد نزل كل منهما إلى مرتبة 
النقص 


)١(‏ السنبلة: جزء النبات الذى يتكون فيه الحب. 
زفق البرة: حبة القمح. 


(5) فى ش: فقيه. 


الاصطلاحات ج۱ و 


الشرعى : نحو الصلاة. 

والعرفى العام : نحو الدابة. 

والعرفى الخاص: نحو الجوهر والعرض عند المتكلمين. 

والاستعمال: إطلاق اللفظ وإرادة عين مسماه بالحكمء وهو الحقيقة» أو غير 
مسماه - لعلاقة بينهما - وهو المجاز. 

والحمل: اعتقاد السامع مراد المتكلم من لفظهء أو ما اشتمل على مراده: 

فالمراد: كاعتقاد المالكى أن الله - سبحانه وتعالى - أراد بالقرء الطهرء 
والحنفى: أن الله - تبارك وتعالى - أراد الحيض. 

والمشتمل: نحو حمل الشافعى - رضى الله عنه - اللفظ المشترك على جملة 
معانيه» عند تجرده عن القرائن؛ لاشتماله على مراد المتكلم احتياطا. 

الفصل الرابع - فى الدلالة) وأقسامها: 

فدلالة اللفظ: فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى أو جزءه أو لازمهء 
ولها ثلاثة أنواع: 





)١(‏ الدلالة هى: فهم أمر من أمرء فالأمر الأول هو المعنى» والثانى هو اللفظ» وقد أخذ على 
هذا التعريف بأن الفهم صفة الفاهم» والدلالة صفة اللفظ ؛ فالتعريف لم ينطبق على المعرّف 
وقد أجيب عن ذلك بأن المراد: انفهام أمر من أمرء فقد أطلق السبب وأريد المسبب؛ وذلك 
لأن الفهم سبب فى الانفهام؛ إذ هو مطاوع للفهم. يقال: فهمت اللفظ فائفهم» أى: اللفظ› 
وإذن يكون الانفهام صفة للقظ ؛ فانطبق التعريف على المعرف. 

وعرفها آخرون بكون الشىء بحالة يلزم من العلم به العلم بشىء آخرء أى: كون الشىء - سواء 
أكان لفظًا أو غيره - متلبسًا بحالة هى معرفة جهة دلالته من ناحية الوضع أو العادة أو العقل» يلزم من 
العلم به - أى بالشىء - العلم بشىء آخر الذى هو المعنى والمدلول. 


تنقسم الدلالة إلى لفظية وغير لفظيةء وفى كل: إما وضعيةء وإما عقلية» وإما عادية؛ فتكون 
الأقسام ستة: 


الأمثلة لغير اللفظية: 

مثال الوضعية: الإشارة الحمراء التى وضعها قسم المرور» فإنها تدل على معنى الوقوف وعدم 
السير. 

مثال العادية: ارتفاع الحرارة يدل عادة على المرض» وكحمرة الوجه تدل عادة على الخجل. 

مثال العقلية: الأثر فى الرمل يدل على المؤثر» وكإتقان الصنعة وتنسيقها يدل على علم صانعها. 

الأمثلة اللفظية: 


٤‏ + ۱ الاصطلاحات 
دلالة المطابقة وهى : فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى. 
ودلالة التضمر 90 وهى: فهم السامع من كلام المتكلم جزء المسمى. 
ودلالة الالتزاء20: وهى: فهم السامع من كلام المتكلم لازم المسمى البين(ء 
وهو اللازم فى الذهن. 








= الوضعية: كدلالة الأعلام على الذوات المشخصة. 
العادية: كدلالة «أخ» على الألم» ودلالة «أح؟ مع السعال على وجع الصدر. 
العقلية: كدلالة المتكلم من وراء جدار على حياته» وكدلالة المسموع فى «الرادير» على أن هناك 
ولما كانت الدلالة العقلية والعادية غير منضبطة؛ إذ الطبائع والعادات تختلف». وكذا العقول 
تختلف وتتضارب - كانت هذه الدلالة غير معتيرة هنا سواء أكان الدال لفظًا أو غيره» أما إذا كانت 
الدلالة غير لفظية وجهة الدلالة فيها الوضع» فإن الاستفادة منها قليلة؛ لذلك كانت هذه الدلالة - 
أيضًا - غير معتبرة» فلم ببق إلا الدلالة اللفظية الوضعية؛ إذ هى المعتبرة فى كل العلوم. 


تعريف الدلالة اللفظية الوضعية: 
هى كون اللفظ متلبسًا بحالة هى العلم برضعهء بحيث يلزم من العلم به العلم بشىء آخرء 
والوضع هو جعل اللفظ بإزاء المعنى. 


ينظر: مذكرة صالح شرف (۸ - .)٠١‏ 1 

الذرة؛ ولهذا كان هذا التعريف أشمل من قولهم فى تعريفها: هى دلالة اللفظ على تمام 
معناه؛ فإن لفظة «التمام» تشعر بأن المعنى مركب فلا يشمل المعنى البسيط» وسميت هله 
الدلالة: مطابقية؛ لتطابق اللفظ والمعنى» مثل دلالة لفظ محمد على الذات المشخصة» 
ودلالة «الإنسان» على الحيوان الناطق. 

(؟) والتضمنية: هى دلالة اللفظ على جزء معناه» كدلالة (الإنسان» على الحيوان فقط أو على 
الناطق» ومن ذلك قوله - تعالى -: #أم يحسدون الناس» أى: محمدًا؛ فإنه أطلق 
#الناس»» وأراد محمدًا عليه السلام. ومحمد - عليه السلام - وإن كان فردًا من الئاس إلا 
أنه جزء من المجموعة للناس» وسميت هذه الدلالة؛ تضمنية ؛ لتضمن المعنى لجزئه» وفهم 
هذا الجزء ضمن المعنى . 

زلف هى دلالة اللفظ على معنى خارج عن المعنى الذى وضع له اللفظ» ولا يدل اللفظ على كل 
خارج؛ لأن الخارج عن المعنى لا حصر له؛ لذلك اشترط فى هذا الخارج أن يكون له صلة 
بالمعنى وارتباط به؛ فلابد أن يكون لازمًا له. 

() واللازم إما بين أو غير بين: فالبين ما لا يحتاج فى فهمه إلى واسطةء بل تارة يفهم من 
المعنى الأصلى» مثل : الزوجية؛ فإنها لازمة للأربعة؛ فمتى فهمت الأربعة فهمت الزوجية. 
وتارة يدرك لزومه عند فهم المعنى الأصلى وفهم اللازم؛ لذلك انقسم اللازم البين إلى 
قسمين: 


بين بالمعنى الأخص» وبين بالمعنى الأعم . 


الاصطلاحات جا 50 
فالأول: كفهم مجموع الخمستين من لفظ العشرة. 


- فالأول: ما يكفى فى فهمه تصور الملزوم» مثل: الزوجيةء للأربعة؛ فإنك متى تصورت الأربعة 

فهمت الزوجية وجزمت بلزومها للأربعةء ومثل البنوة» اللازمة للأبوة؛ فمتى فهمت الأبوة فهمت 
البنوة ولزومها للأبوة. 

والثانى : لا يكفى فى فهمه فهم ملزومه فقطء بل لابد من فهم الاثنين : الملزوم واللازم ؛ حتى 
يعرف التلازم بينهماء وذلك مثل قابلية الإنسان للعلم والكتابة أو الشعرء فإننا قد نتصور الإنسانء ولا 
يخطر ببالنا قابليته لهذه الأشياء. أما إذا تصورنا الإنسان وتصورنا القابلية للعلم والكتابة» أدركنا أنها 
لوازم للؤنسان. وجزمنا بالتلازم بينهما. 

فتلخص أن اللازم البين بالمعنى الأخص هو الذى يلزم من تصور المعنى الأصلى تصوره» والبيّن 
بالمعنى الأعم هو الذى لا يكفى فى فهمه تصور ملزومه؛ بل لابد من فهم الاثنين حتى يعرف لزومه. 

ومعنى العموم والخصوص - هنا -: أنه كلما وجد اللازم البيّن بالمعنى الأخص وجد معه الثانى 
كالزوجية للأربعة» فإننا إذا تصورنا الأربعة تصورنا لزوم الزوجية. ومن باب أولى إذا تصورنا الاثئين 
- أى الأربعة والزوجية - فإننا ندرك التلازم بينهماء فوجد فى هذا المثال اللازم البيّْن بالمعنى 
الأخص» ووجد معه - أيضًا - البين بالمعنى الأعم. 

أما فى قابلية العلم ولزومها للإنسان فلا يوجد فيها البين بالمعنى الأخص؛ لأنه لا يلزم من تصور 
الإنسان تصورها؛ فتكون لازمًا ينا بالمعنى الأعم. 

هذا كله فى اللازم البين الذى لا يحتاج إلى واسطة» وأما غير البين فهو الذى يحتاج إلى واسطة 
بين اللازم والملزوم؛ حتى يدرك بهذه الواسطة التلازم بينهماء وذلك مثل الحدوث اللازم للعالم ؛ 
فإته لا يفهم التلازم بينهما إلا بواسطة هى التغير. 

وينقسم اللازم البين وغير البين إلى لازم ذهنى وخارجى: 

فالخارجى: ما يصح اجتماعه فى الخارج مع ملزومه» وذلك كالزوجية اللازمة للأربعة» وكقابلية 
الإنسان للعلم وكالحدوث اللازم للعالم؛ فإن هذه اللوازم مجتمعة مع ملزوماتها فى الخارج. 

وآما اللازم الذهنى فهو أعم من أن يجتمع مع ملزومه أو يمتنع اجتماعه مع ملزومه؛ كالبصير 
اللازم للعمىء فإنه لازم ذهنى فقط؛ إذ لا يجتمع مع ملزومه فى الخارج لأنهما متعاندان» وإنما هو 

وهناك لازم عرفى يدرك لزومه من العادة والعرف» كالنبات اللازم للغيث؛ فإن هذا التلازم يدرك 
بواسطة العادة والعرف. 

فتلخص مما تقدم أن أقسام اللازم: بين المعنى الأخص» بين المعنى الأعمء غير بين» وفى كل 
إما ذهنى أو خارجى ولازم عرفى. 

أى اللوازم معتبر فى الدلالة الالتزامية؟ 

اختلف المتقدمون من المناطقة والمتأخرون منهم: فيرى المتقدمون أن اللوازم كلها معتبرة فى 
دلالة الالتزام . ورأى المتأخرون أن المعتبر فى الدلالة الالتزامية هو اللازم البين بالمعنى الأخص لا 
غير. والحق ما ذهب إليه المتقدمون» وحجتهم أن المجازات والكنايات تعتمد على اللازم العرفى؛ 
فهو معتبر فيهاء وإذا كان اللازم العرفى معتبرًا فمن باب أولى اللازم العقلى» سواء أكان بيا بالمعنى 
الأخص أو بالمعنى الأعم أو غير بين. 

النسب بين هذه الدلالات الثلاث: 


١ :5‏ الاصطلاحات 





والثانى: كفهم الخمسة وحدها من اللفظ . 

والثالث كفهم الزوجية من اللفظ. 

والدلالة باللفظ هى : استعمال اللفظ إما فى موضوعه وهو الحقيقة» أو فى غير 
موضوعه - لعلاقة بينهما - وهو المجاز. 

والفرق بينهما: أن هذه صفة للمتكلم» وألفاظ قائمة باللسان وقصبة الرئة» وتلك 
صفة السامعء وعلم أو ظن قائم بالقلب. 

ولهذه نوعان - وهما الحقيقة والمجاز - لا يعرضان لتلكء وأنواع تلك ثلاثة لا 
تعرض لهذه. 

الفصل الخامس - الفرق بين الكلى والجزئى: 

فالکلی(): هو الذى لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه» سواء امتنع وجوده 





= الدلالة المطابقية لا تستلزم التضمنية ولا الالتزامية؛ لجواز أن يكون المعنى بسيطًا فلا توجد حينئذ 
التضمنية» ولجواز أن يكون المعنى لا لازم له. أما التضمنية والالتزامية فإنهما يستلزمان المطابقية؛ 
لان التضمنية دلالة اللفظ على جزء المعنى» فهناك لابد من معنى؟ فتوجد المطابقية. والالتزامية دلالة 
اللفظ على لازم للمعنى الأصلى» فهناك معنى أصلى؛ فتوجد المطابقية. وبالجملة فهما تابعان 
للمطابقية» والتابع لا يوجد بدون متبوعه. والتضمنية مع الالتزامية لا تلازم بينهما؛ فقد توجد 
التضمنية بدون الالتزامية» وبالعكس فقد توجد التضمنية بدونها فى معنى مركب ولا لازم لهء وتوجد 
الالتزامية بدون التضمنية فى معنى بسيط له لازم» وقد يجتمعان فى معنى مركب له لازم؛ فبيتهما 
العموم والخصوص الوجهى. ينظر: مذكرة صالح شرف .)١7/11١(‏ 

(1) المفهوم - وهو الحاصل فى العقل - إما كلى وإما جزئى؛ فالكلية والجزئية من صفات 
المعانى» كما أن الإفراد والتركيب من صفات الألفاظ . فالكلى هو الذى لا يمتئع فرض 
صدقه على كثيرين» وهذا المعنى منظور فيه إلى الحصول فى العقل بقطع النظر عن الخارج 
والبرهان» فإذا فرض العقل صدق المعنى على كثيرين فيكون هذا المعنى كليّاء وفرق بين 
فرض صدقه على كثيرين وبين صدقه بالفعل على كثيرين؛ إذ فرض صدقه على كثيرين يشمل 
ستة أقسام: 

كلى لم يوجد منه فرد واحدء سواء امتنع عقلا وجوده أو أمكن» فهذان قسمان: 

فالأول: كشريك البارى؛ فإن معناه كلى عند العقل» ولم. يوجد منه فرد ويستحيل وجوده. 

والثانى : مثل الغول والعنقاءء فهما كليان ولم يوجد لهما فرد فى الخارج» ويمكن وجود فرد كلى 
وجد منه فرد واحدء مع استحالة وجود آخر معه أو إمكائف فهذان قسمان أيضًا. 

مثال الأول: إله؛ فإنه كلى ولم يوجد منه إلا فرد واحد هو الله - سبحائه - ويمتتع بالبرهان 
العقلى وجود إله آخر. 

والثانى: مثل شمس وقمرء فهما كليان» وجد لكل منهما فرد واحدء ويمكن وجود آخر كلى 
وجدت له أفراد كثيرة فى الخارج» إما متناهية أو غير متناهية. فهذان قسمان أيضًا. 


الاصطلاحات ج ۱ ۷ 


كالمستحيل» أو أمكن ولم يوجد: كبحر من زئيق» أو وجد ولم يتعدد: كالشمس» 
أو تعدد كالإنسان. 

وقد تركت قسمين: أحدهما محالء والثانى أدب. 

والجزئى27 هو: الذى يمنع تصوره من الشركة فيه. 

الفصل السادس - فى أسماء الألفاظ : 

المشترك هو: اللفظ الموضوع لكل واحد من معنيين فأكثر كالعين. 


فالأول: كإنسان وجد له أفراد كثيرة» وهى متناهية. 

والثانى : كتعم الله ومعلوماته؛ فإنها كثيرة وغير متتاهية . 

بذلك تصير الأقسام ستةء ولكنها منظور فيها إلى الحصول فى العقل وفرض الصدق على كثيرين. 

والكلى بهذا المعنى الواسع هو الكلى الحقيقىء أما الكلى الإضافى فهو ما صدق بالفعل على 
كثيرين: فهو أخص من الأول؛ إذ لا يشمل إلا القسمين الأخيرين فقط. 

ينظر: مذكرة صالح شرف (19 - .)٠١‏ 
فهو الذى يمتنع عند العقل فرض صدقه على كثيرين» مثل: الأعلام؛ فإن العقل يمئع فرض 
صدقها على كثيرين؛ إذ كل علم ملحوظ فيه عند الوضع التشخص الذى لا ينطبق على 
یره . 

فإن قيل: إن الجزئى بهذا المعنى (يمتئع فرض صدقه على كثيرين) كلى؛ إذ هذا التعريف له 
يصدق على كثيرين» مثل: محمد وعلى وبکر وغيرهم. وکل ما صدق على كثيرين فهو الكلى. 
فيكون الجزئى كليًا. 

ويجاب بأن الجزتى له حالتان: إن نظر إلى معناء فهو كلى» ولا مانع من ذلك. وإن نظر إلى 
أفراده فهى جزئيات وليست کلیات؛ إذ كل فرد منها لا يصدق على كثيرين. وهنا فى مقابلة الكلى 
ينظر فيه إلى أفراده. 

هذاء ويطلق الجزئى على معنى أوسع من المعنى الأولء ويعرف بأنه: ما اندرج تحت كلى؛ 
فيشمل الأعلام فإنها مندرجة تحت إنسان» ويشمل (إنسانًا» فإنه مندرج تحت «حيوان»» ويشمل 
الحيوان فإنه مندرج تحت الجسم النامى. 

ويسمى الجزئى بهذا المعنى الواسع: الجزئى الإضافى» وهو آعم من الجزئی بالمعنى الأول - 
وهو ما لا يصدق على كثيرين - الذى هو الجزئى الحقيقى. 

فتحصّل مما تقدم أن الكلى حقيقى وإضافى . والحقيقى أعم من الإضافى؛ إذ الحقيقى هو ما لا 
يمتنع فرض صدقه على كثيرين؛ فيشمل - كما عرفت - ستة أقسام. والإضافى هو ما صدق بالفعل 
على كثيرين؛ فلا يشمل إلا قسمين فقط . 

والجزئى - أيضًا - حقيقى: وهو ما يمتنع فرض صدقه على كثيرين؛ فلا يشمل إلا الأعلام. 
والإضافى: ما اندرج تحت كلى؛ فيشمل الأعلام والكليات المندرجة تحت كلى. فالحقيقى فى 
الجزئى أخص من الإضافى» بعكس ما للكلى؛ إذ الحقيقى فيه أعم من الإضافى. 

ينظر: مذكرة صالح شرف (۲۰ - .)5١‏ 


(۲) حدّه آهل الأصول بأنه اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثرء دلالة على السواء 


۸ 


ج ١‏ الاصطلاحات 





وقولنا: لكل واحد؛ احترارًا من أسماء الأعداد؛ فإنها لمجموع المعانى لا لكل 


واحد. ولا حاجة لقولنا: مختلفين؛ فإن الوضع مستحيل للمثلين ؛ فإن التعين إن 
اعتبر فى التسمية كانا مختلفين» وإن لم يعتبر كانا واحداء والواحد ليس يمثلين. 


رالمتواطئ هو: اللفظ الموضوع لمعنى كلى مستوفٍ محاله: كالرجل. ٠‏ 
والمشكك هو: الموضوع لمعنى كلى مختلف فى محاله: إما بالكثرة والقلة: 


كالنور بالنسبة إلى السراج والشمس. 


= 


أو بإمكان التغير واستحالته: كالوجود بالنسبة إلى الواجب والممكن. 
أو بالاستغناء والافتقار: كالموجود بالنسبة إلى الجوهر والعرض. 
والمترادفة" هى : “الألفاظ الكثيرة لمعنى واحدء كالقمح والبر والحنطة. 


عند أهل تلك اللغة. واختلف الئاس فيه. 

فالأكثرون على أنه ممكن الوقوع؛ لجواز أن يقع إما من واضييْنء بأن يضع أحدهما لفظًا لمعنى» 
ثم يضعه الآخر لمعنى آخرء ويشتهر ذلك اللفظ بين الطائفتين فى إفادته المعنيين؟ وهذا على أن 
اللغات غير توقيفية» وإما من واضع واحد لغرض الإبهام على السامع ؟ حيث يكون التصريح سپا 
للمفسدة؛ كما روى عن أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - وقد سأله رجل عن النبى بك وقت 
ذهابهما إلى الغار: من هذا؟ قال: هذا رجل يهدينى السبيل. 

والأكثرون - أيضًا - على أنه واقع؛ لنقل آهل اللغة فى ذلك فى كثير من الألفاظ. 

ومن الناس من أوجب وقوعه» قال: لأن المعانى غير متناهية؛ والألفاظ متناهية» فإذا وزع لزم 
الاشتراك. 

وذهب بعضهم إلى أن الاشتراك أغلب» قال: لأن الحروف بأسرها مشتركة بشهادة النحاق 
والأفعال الماضية مشتركة بين الخبر والدعاء؛ والمضارع كذلك» وهو - أيضًا - مشترك بين الحال 
والاستقبال. والأسماء كثيرٌ فيها الاشتراك؛ فإذا ضممناها إلى قسمى الحروف والأفعال كان الاشتراك 
أغلب. ورد بأن أغلب الألفاظ الأسماءء والاشتراك فيها قليل بالاستقراءء ولا خلاف أن الاشتراك 
على خلاف الأصل . 

ينظر: المزهر للسيوطى .)۳۷١ - *594/١(‏ 
قال الإمام فخر الدين: هو الألفاظ المفردة الدالة على شىء واحد باعتبار واحد. قال: 
واحترزنا بالإفراد عن الاسم والحدٌ؛ فليسا مترادفين. وبوحدة الاعتبار عن المتباينين» 
كالسيف والصارم؛ فإنهما دلا على شىء واحدء لكن باعتبارين: أحدهما على الذات» 
والآخر على الصفة. والفرق بينه وبين التوكيد: أن أحد المترادفين يفيد ما أفاد الآخره 
كالإنسان والبشر» وفى التوكيد يفيد الثانى تقوية الأول. والفرق بينه وبين التابع: أن التابع 
وحده لا يفيد شيئّاء كقولنا: عطشان نطشان. قال: ومن الناس من أنكره» وزعم أن كل ما 
يظن من المترادفات فهو من المتباينات؛ إما لأن أحدهما اسم الذات» والآخر اسم الصفة أو 
صفة الصفة. قال : والكلام معهم إما فى الجواز ولا شك فيه و فى الوقوع : إما فى لختين 
وهو = أيضًا - معلوم بالضرورة» أو من لنة واحدة كالحنطة والبر والقممح. وتعسفات 


الاصطلاحات +۱ ۹ 





والمتباينة هى : الموضوعة كل واحد منها لمعئى» كالإنسان والفرس والطيرء 


ولو كانت للذات والصفة وصفة الصفة» نحو زيد متكلم فصيح 


والمنقول هو: اللفظ الذى غلب استعماله فى غير موضوعه الأول حتى صار 


أشهر من الأول. 
والمرتجل هو: اللفظ الموضوع لمعنى لم يسبق بوضع آخر. 


00 


الاشتقاقيين لا يشهد لها شبهةٌ فضلا عن حجة. انتهى. 

وقال التاج السبكى فى شرح المنهاج: ذهب بعض الناس إلى إنكار المترادف فى اللغة العربية» 
وزعم أن كل ما يظن من المترادفات فهو من المتبايئات التى تتباين بالصفات» كما فى الإنسان 
والبشر؛ فإن الأول موضوع له باعتبار النسيان أو باعتبار أنه يؤنسء والثانى باعتبار أنه بادى البشرة. 
وكذا: الخندريس العقار؛ فإن الأول باعتبار العتقء والثانى باعتبار عقر الدن لشدتها. وتكلف لأكثر 
المترادفات يمثل هذا المقال العجيب. 

قال التاج: وقد اختار هذا المذهب أبو الحسين أحمد بن فارس فى كتابه الذى ألفه فى فته اللغة 
والعربية وستن العرب وكلامهاء ونقله عن شيخه أبى العباس ثعلب. 

ينظر: المزهر للسيوطى 4017/1١(‏ -4:7). 
عند المنطقيين: كون المفهومين بحيث لا يصدق أحدهما على كل ما صدق عليه الآخر» 
كالإنسان والحجر» ويسمى تبايئًا كلا ومبايئة كلية - أيضًا - والمبايئة الجزئية. ويسمى 
بالتباين الجزئى - أيضًا -: صدق كل واحد من المفهومين بدون الآخر فى الجملة. 

وفى بعض حواشى شرح المطالع» قال: كل مفهومين متصادقين على شىء واحد» سراء كان 
تصادقهما عليه فى زمان واحد أو فى زمانين» وعلى كلا التقديرين - سواء کان تصادقهما عليه من 
جهة واحدة أو من جهتين - ليسا متباينين؟ فلا تكون الكليات الخمس متباينة» وكذا مثل النائم 
والمستيقظء والأب والابن» وغير ذلك» وقد تطلق المباينة على كون المفهومين غير متشاركين فى 
ذاتى. ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون (۱/ .)۲۲١‏ 
المرتجل - بفتح الجيم؛ اسم مفعول من «الارتجال؛: هو عند آهل العربية والميزان: لفظ 
نقل من معناه الموضوع له إلى معنى آخر» لا لمناسبة بينهما : ك اجعفر؟ علماء بعل وضعه 
للنهر على ما هو مذهب الجمهور؛ فإنهم قالوا: الأعلام تنقسم إلى منقول» ومرتجل. 
وخالفهم سيبويه. وقال: الأعلام كلها متقولة. 

فاللفظ يمتزلة الجدس» وقيد النقل احتراز عن المشترك» وقيد عدم المناسبة احتراز عن المنقول 
والمجاز. فالمرتجل قسم من الحقيقة؛ لأن الاستعمال الصحيح فى غير ما وضع له بلا علاقة وضع 
جديد؛ فيكون اللفظ مستعملا فيما وضع له؛ فيكون حقيقة. 

وإنما جعله صاحب التوضيح من قسم المستعمل فى غير ما وضع له؛ نظرًا إلى الرضع الأول فإنه 
أولى بالاعتبار. 

فإن قيل : الاستعمال لا لعلاقة لأ يوجب عدم العلاقة فى الواقعء فالمرتجل يجوز أن يكون مجارًا 
فى المعنى الثانى . 

قلنا: لما تعسر الاطلاع على أن الناقل هل اعتبر العلاقة آم لاء اعتبر الأمر الظاهرء وهو وجود 
العلاقة وعدمها؛ فجعلوا الأول منقولا ومجارًاء والثانى مرتجلا؛ فلزم فى المرتجل عدم العلاقةء = 


ج ١‏ الاصطلاحات 





والعلم هو: الموضوع لجزئى» كزيد. 

والمضمر: هو اللفظ المحتاج فى تفسيره إلى لفظ منفصل عنه إن كان غائباء أو 
قريئة تكلم أو خطاب. 

فقولنا: «إلى لفظ» ؛ احترارًا من ألفاظ الإشارة. وقولنا: «متفصل عنه» ؛ احترارًا 
من الموصولات. وقولنا: «فرينة تكلم أو خطاب» ؛ ليدخل ضمير المتكلم 
والمخاطب. 

(والنص) فيه ثلاثة اصطلاحات: 

قيل: ما دل على معنى قطعاء ولا يحتمل غيره قطعاء كأسماء الأعداد. 

وقيل: ما دل على معنى قطعاء وإن احتمل غيره: كصيغ الجموع فى العموم فإتها 


وفي المنقول والمجاز وجودهاء لكن لا لصحة الاستعمال؛ بل لأولوية هذا الاسم بالتعيين لهذا 
المحنى . 

إن قيل من أين يعلم أن فى المرتجل نقلا وفى المشترك لا؟ قلت: إذا علم تقدم الوضع لأحدهما 
على الوضع الآخرء حمل على أن الواضع كانه غصب لفظ المعنى الأول للمعنى الثانى» ونقل منه 
إليهء بخلاف ما إذا جعل مشتركًا فإنه لما لم يعلم تقدم وضعه لأحدهما على وضعه الآثر حمله 
على أنه وضع لكل منهما من غير أن يلاحظ أن له وضعًا آخر آم لا. 

واعلم أن هذا الاستعمال لا يشترط فى المرتجل؛ فإنه يكفى فيه مجرد النقل والتعيين» ويشترط 
فى الحقيقة والمجاز ما مر في محله. 

وهذا الذى ذكرء على مذهب من لم يعتبر قيد المناسبة فى التقل» وقال: إن تعدد معنى اللفظ : 
فإن لم يتخلل ببنهما نقل فهر المشترك» وإن تخلل: فإن لم يكن التقل لمناسبة فهو المرتجل» وإن 
كان لمناسبة فإن هجر المعنى الأول فمنقول» وإلا: ففى الأول حقيقةء وفى الثانى مجاز. 

وأما من اعتبر قيد المناسبة فى التقلء فيجعل المرتجل داخلا فى المشترك» ويفسره بما يكون 
وضعه لكل من المعانى ابتداء بلا مناسبة بينهما» ويفسر المشترك بما يكون وضعه لكل من المعانى 
ابتداء» أى: من غير تخلل نقل بيئهما» سواء كان الوضعان من واضع» أو واضعين» فى زمان واحد 
أو فى زمانين» وسواء وجدت المناسبة أو لا؛ فإن المعتبر فى المشترك ألا يلاحظ فى أحد الوضعين 
الوضع الآخرء لا أن يلاحظ المعنيان ممّاء أى: فى زمان واحدء بخلاف النقل؛ فإن الملاحظة 
المذكورة معتبرة فيه مع المناسبة بين الوضعين» هكا يستفاد من التلويحء والسلم» وحواشى شرح 
الشمسيةء وشح المطالع , 

وقال عبد العلى البرجندى فى حاشية الجغمنى؛: الارتجال هو أن ينتقل لفظ من معناء الموضوع له 
إلى معنى آخر لا لمناسبة بيتهما. ا 

وقد يطلق الارتجال على وضع لفظ لمعنى من غير مناسبة بينهماء سواء كان منقولا أو غير 
منقول» كغطفان اسم قبيلة» والمعنى الأول أخص. انتهى. 

ينظر: كشاف اصطلاحات الفئرت (/ الا - 09/8 , 


الاصطلاحات ج ۱ ۵١‏ 


تدل على أقل الجمع قطعاء وتحتمل الاستغراق. 
وقيل: ما دل على معنى كيف كان» وهو غالب استعمال الفقهاء. 
والظاهر هو: المتردد بين احتمالين فأكثرء هو فى أحدهما أرجح. 
والمجمل هو: المتردد بين احتمالين فأكثر على السواء. 
ثم التردد قد يكون من جهة الوضع كالمشترك» وقد يكون من جهة العقل 
كالمتواطئ بالنسبة إلى أشخاص مسماه» نحو قوله - تعالى -: واوا حَقهُ ود 
حَصكاوي [الأنعام: ]١4١‏ ؛ فهو ظاهر بالنسبة إلى الحق» مجمل بالنسبة إلى 
مقاديره . 000 
والميين9) هو: ما أفاد معناه: إما بسبب الوضعء أو بضميمة بيان إليه. 
والعام هو: الموضوع لمعنى كلى بقيد تتبعه فى محاله2©9: نحو: المشركين. 
والمطلق هو: اللفظ الموضوع لمعنى كلى» نحو: رجل. 
والمقيد هو: اللفظ الذى أضيف إلى مسماه معنى زائد عليه» نحو: رجل صالح. 
والأمر هو: اللفظ الموضوع لطلب الفعل طلبا جازما على سبيل الاستعلاءء 
نحو: قم. 
والنهى هو: الموضوع لطلب الترك طلبا جازما. 
والاستفهام هو: طلب حقيقة الشىء ‏ 
والخبر هو: الموضوع للفظين فأكثر» أسند مسمى أحدهما إلى مسمى الآخر 
)١(‏ المجمل لغة: المجموع؛ من «أجملت الحساب:: إذا جمعته. أو المحصل» من «أجملت 
الشىء؟ : إذا حصلته. أو المبهم. من «أجمل الأمر»: إذا أبهم . 
وفى الاصطلاح: ما له دلالة على أحد أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه. 
ينظر: لسان العرب (١١/۲۸١)ء‏ المصباح المثير »)١١١ /١(‏ المعتمد (711//1)» العدة /١(‏ 
7 ) الحدود للباجى ص (40)» اللمع ص (۲۷). 
(۲) فى ش: مجمع. 
(۳) المبين - لغة -: الموضح. 
الأول: ما احتاج إلى البيان وقد ورد عليه بيانه. 
الثانى : الخطاب المبتدأ المستغنى عن البيان. 
ينظر: المصباح المنير /١(‏ ١۷)ء‏ المعتمد (١/۳۱۹)ء‏ المستصفى (١/١٤)ء‏ شرح تنقيح 


)٤(‏ زاد فى ش: بحكمه. 


١ 11‏ الاصطلاحات 





إسنادا يقبل الصدق والكذب لذاته» نحو: زيد قائم. 

الفصل السابع - الفرق بين الحقيقة والمجازء وأقسامهما: 

فالحقيقة" هى : استعمال اللفظ فيما وضع له فى العرف الذى وقع به التخاطب» 
وهى أربعة: لغوية» كاستعمال «الإنسان» فى الحيوان الناطق. 

وشرعية: كاستعمال لفظ «الصلاة» فى الأفعال المخصوصة. وعرفية عامة: 
كاستعمال لفظ الدابة فى الحمار. 

وخاصة: نحو استعمال لفظ الجوهر فى المتحيز الذى لا يقبل القسمة. 

والمجاز": استعمال اللفظ فى غير ما وضع له فى العرف الذى وقع به 
التخاطب؛ لعلاقة بينهما. 


)١(‏ قال ابن فارس فى فقه اللغة: (الحقيقة» من قولنا: حق الشىء: إذا وجب. واشتقاقه من 
الشىء المحققء وهو المحكم؛ يقال: ثوب محقق النسج: أى محكمه . فالحقيقة : الكلام 
الموضوع موضعه الذى ليس باستعارة» ولا تمثيل» ولا تقديم فيه ولا تأخير؛ كقول القائل : 
أحمد الله على نعمه وإحسانه . وهذا أكثر الكلام» وأكثر آى القرآن» وشعر العرب على هذا. 

.)١٠١ /١( ينظر: المزهر‎ 

(۲) وأما المجاز فمأخوذ من «جاز» يجوز»: إذا استن ماضيّاء تقول: جاز بنا فلان» وجاز علينا 
فرس» هذا هو الأصل. ثم تقول: يجوز أن تفعل كذاء أى: ينفذ» ولا يردء ولا يمنع. 
وتقول: عندنا دراهم وضح وازنة» وأخرى تجوز جواز الوازنة: أى: إن هذه وإن لم تكن 
وازنة فهى تجوز ممجازهاء وجوازها لقربها منها. 

فهذا تأويل قولنا: #مجاز»؛ يعنى: أن الكلام الحقيقى يمضى لسئنه لا يعترض عليهء وقد يكون 
غيره يجوز جرازه لقربه منه» إلا أن فيه من تشبيه واستعارة وكني ما ليس فى الأول؛ وذلك كقولنا: 
عطاء فلان مزن واكف. فهذا تشبيه» وقد جاز مجاز قوله: عطاؤه كثير واب. ومن هذا قوله - تعالى 
-: «سنسمه على الخرطوم»» فهذا استعارة. 

وقال ابن جنى فى الخصائص: الحقيقة: ما أقر فى الاستعمال على أصل وضعه فى اللغةء 
والمجاز: ما كان بضد ذلك وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة؛ لمعان ثلالةء وهى: 
الاتساع» والتوكيدء والتشييهء فإن عدمت الثلاثة تعينت الحقيقة» فمن ذلك قوله يك فى الفرس: «هو 
بحر»» فالمعانى الثلاثة موجودة فيه: 

أما الاتساع؛ فلأنه زاد فى أسماء الفرس - التى هى: فرّسء وطرف» وجوادء وثحوها - البحرء 
حتى إنه إن احتيج إليه فى شعرء أو سجعء أو اتساع استعمل استعمال بقية تلك الأسماءء لكن لا 
يفضى إلى ذلك إلا بقريئة تسقط الشبهة» وذلك كأن يقول الشاعر: 
علوت مطا جوادك يوم يوم وقد ثمد الجياد فكان بحرا 

وكان يقول الساجع: فرسك هذا إذا سما بغرته كان فجرّاء وإذا جرى إلى غايته كان بحرًا. فإن 
عرى من دليل فلا؛ لثلا يكون إلباسًا وإلغارًا. 

وأما التشبيه؛ فلأن جريه يجرى فى الكثرة مجرى مائه. 


الاصطلاحات ج۱ 5 


وهو ينقسم بحسب الواضع إلى أربعة: 

مجاز لغوى: كاستعمال «الأسد» فى الرجل الشجاع. 

وشرعى : كاستعمال لفظ «الصلاة» فى الدعاء. 

وعرفى عام: كاستعمال لفظ «الدابة؛ فى مطلق ما اتصف بالدبيب. 

وخاص : كاستعمال لفظ «الجوهر» فى الئفيس. 

وبحسب الموضوع له إلى: 

مفرد» نحو قولنا: أسدء للرجل الشجاع. 

وإلى مركب» كقوله: 

أشاب الصغير وأفنى الكبي ر كر الغداة ومر العشى 

فالمفردات حقيقةء وإستاد الإشابة والإفناء إلى «الكر» و «المر» مجاز فى 
التركيب . 


وإلى مفرد ومركب» نحو قولهم : «أحيانى اكتحالى بطلعتك»» فاستعمال الإحياء 


- وأما التوكيد؛ فلأنه شبه العرض بالجوهرء وهو أثبت فى النفوس منه. 

وكذلك قوله - تعالى -: #وأدخلناه فى رحمتناة هو مجازء وفيه المعانى الثلاثة: 

أما السعة؛ فلأنه كأنه زاد فى اسم الجهات والمحال اسمًا هو الرحمة. 

وأما التشبيه؛ فلأنه شبه الرحمة - وإن لم يصح دخولها - يما يجوز دخوله؛ فلذلك وضعها 
مو ضعه . 

وأما التوكيد؛ فلأنه أخبر عن المعنى يما يخبر به عن الذات. 

وجميع أنواع الاستعارات داخلة تحت المجاز» كقوله: 


غمر الرداء إذا تبسم ضاحكًا غلقت لضحكته رقاب المال 
وقوله: 
ووجه كأن الشمس حلت رداءها عليه نقى الخد لم يتخدد 


جعل للشمس رداءء استعارة للنور؛ لأنه أبلغ. وكذلك قولك: «بنيتُ لك فى قلبى بيا مجاز 
واستعارة؛ لما فيه من الاتساع» والتوكيدء والتشبيه» بخلاف قولك: (بثيت دارًا؛ ؛ فإنه حقيقة لا 
مجاز فيه ولا استعارة» وإنما المجاز فى الفعل الواصل إليه. 

قال: ومن المجاز فى اللغة: أبواب الحذف» والزيادات» والتقديم» والتأخيرء والحمل على 
المعنىء والتحريف» نحو: «واسأل القريةاء ووجه الاتساع فيه: أنه استعمل لفظ السؤال مع ما لا 
يصح فى الحقيقة سؤاله» والتشبيه: أنها شبهت بمن يصح سؤاله لما كان بهاء والتوكيد: أنه فى ظاهر 
اللفظ أحال بالسؤال على من ليس من عادته الإجابة» فكأنهم ضمنوا لأبيهم أنه إن سأل الجمادات 
والجمال أنبأته يصحة قولهم» وهذا تناه فى تصحيح الخبر. 

ينظر: المزهر /١(‏ 6ه" - /اه7), 


' الاصطلاحات‎ ١ + 6 


والاكتحال فى السرور والرؤيةء مجاز فى الإفراد» وإضافة الإحياء إلى الاكتحال 
مجاز فى التركيب؟ فإنه مضاف إلى الله تعالى . 
وبحسب هیئته إلى : 
الخفى: كالأسد للرجل الشجاع. 
والجلى الراجح» كالدابة للحمار. 
وههنا دقيقة : 
وهى: أن كل مجاز راجح منقول» ولیس کل منقول مجازا راجحاء فالمنقول 
أعم مطلقاء والمجاز الراجح أخص مطلقا. 
فرع : كل محل قام به معنى وجب أن يشتق له من لفظ ذلك المعنى لفظ› ويمتنع 
الاشتقاق لغيره» خلافا للمعتزلة فى الأمرين. 
فإن كان الاشتقاق باعتبار قيامه فى الاستقبال فهو مجاز إجماعاء نحو تسمية العنب 
بالخمر» أو باعتبار قيامه فى الحال فهو حقيقة إجماعاء نحو تسمية الخمر خمرا. 
أو باعتبار الماضى: ففى كونه حقيقة أو مجازا مذهبان» أصحهما: المجاز. 
هذا إذا كان محكوما په أما إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقاء نحو: 
ؤِتَانْتلرا الشركة [التوبة: 0]. 
الفصل الثامن - التخصيص : 
وهو: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ العام أو ما يقوم مقامه بدليل منفصل فى 
الزمان إن كان المخصص لفظياء أو بالجنس إن كان عقلياء قبل تقرر حكمه. 
فقولنا: «أو ما يقوم مقامه؛ احترازًا من المفهوم؛ فإنه يدخله التخصيص . وقولنا: 
)١(‏ وفى عرف الأصوليين يطلق على معانٍ: منها: قصر العام على بعض مسمياته» وهذا 
مصطلح الشافعية والمالكية. فقيل : المراد بالمسميات: أجزاء المسمى؛ للقطع بأن الآحاد: 
كزيد» وعمرو - مثلا - ليس من أفراد مسمى الرجال؛ إذ مسماه ما فوق الاثثين من هذا 
الجنس» لكن التحقيق - على ما يجىء فى لفظ العام - أنها الآحاد التى دل العام عليها 
باعتيار أمر اشتركت فیه» وهو معنى مسميات العام لا آفراد مدلولهء ولولا أنهم جوزوا 
التخصيص يمثل الاستثناء إلى الواحد لجاز جعل مسميات صيغة الجمع هى الجماعات لا 
الاحاد؛ فيتناول التعريف ما أريد به جميع المسميات أولاء ثم أخرج بعض كما فى 
الاستثناءء وما لم يرد به إلا بعض مسمياته ابتداء كما فی غيره. 
وقال أبو الحسين: هو إخراج بعض ما تناوله الخطاب. ويرد عليه: أن ما أخرج فالخطاب لم 
يتناوله» وأجيب بأن المراد: ما يتناوله الخطاب بتقدير عدم المخصص» كقولهم: خصص العام = 





الاصطلاحات ج ١‏ 00 





«فى الزمان» ؛ احترازًا من الاستثناء. وقولنا: «بالجس» ؛ لأن المخصص العقلى 


= وهلا عام مخصص. ولا شك أن المخصص ليس بعام» لكن المراد به: كونه عامًا لولا تخصيصهء 

وهذا ظاهر فى غير الاستثناء» وأما فى الاستثناء: فاللفظ عام يتناول الجميعء وإن لم يكن الخطاب - 
أى الحكم - عاماء فبعبارة أبى الحسين يفتقر إلى هذا التأويل فى الاستثناء وغيرهء وفى الإخراج - 
أيضًا - لاقتضائه سابقية الدخول» وقولنا: قصر العام على بعض مسمياته» إنما يفتقر إليه فى غير 
الاستناء» فيكون أولى» وبعضهم لم يفرق بين العام والخطاب» فزعم أن عبارة أبى الحسين لا تفتقر 
إلى التأويل؛ لأن الخطاب فى نفسه متناول لذلك البعض المخرج. 

وقيل: هو تعريف أن العموم للخصوص» والمراد بالتخصيص: هو الاصطلاحى» 
وبالخصوص: اللغوى؛ كأنه قيل: التخصيص تعريفٌ أن المراد باللفظ الموضوع لجميع الأفراد 
هو البعض منها؛ فلا دورء ولا تساوى بين الحد والمحدود فى الجلاء والخفاء؛ باعتبار أن من عرف 
حصول الخصوص عرف تحصيل الخصوص وبالعكس؛ لأن الخصوص اللغوى قد عرف» 
والتخصيص الاصطلاحى بعد لم يعرف» وقيل: هو بیان ما يراد باللفظ العام . 

ومنها: قصر العام على بعض أفراده بكلام مستقل مقترن» أى: غير متراخ . وهذا مصطلح الحنفية. 

فبقيد الكلام: خرج المخصص الغير الكلامى؛ فإنه ليس بتخصيص اصطلاحى » نحو: العقل فى 
قوله - تعالى -: وهو خالق كل شىء# فإن العقل يخصص ذات الله - تعالى - منه. والحس فى 
نحو قوله - تعالى -: #وأوتيت من كل شىء» فإن الحس يخصص ما لم يكن فى ملك بلقيس. 
والعادة فى نحو: لا يأكل الرأس؛ فإنه لا يتناول رأس الطير - مثلا -. 

وبقيد المستقل: خرج غير المستقل» وهو الكلام الذى يتعلق بصدر الكلام» أى: ما هو صدر 
ومقدم فى الاعتبار سواء» كان مقدمًا فى الذكر أو لم يكن» فلا يرد الشرط المقدم على الجزاء؛ قإنه 
مؤحئر اعتبارّاء وكذا لا يرد الاستثثاء المقدم على المستثنى منه ونحو ذلكء ولا يكون تاما بنفسه» 
حتى لو ذكر منفردًا لا يفيد المعنى؛ فإنه ليس بتخصيص عند الحنفية» بل إن كان ب «إلا» وأخواتها 
فاستئناءء وإلا: فإن كان ب(إن؟ كان بإن وما يؤدى مؤداها فشرط» وإلا: فإن كان ب «إلى؟ وما يفيد 
معتاها فغاية» وإلا فصفة أو غيرها. . 

وبقيد المقترن: خرج النسخ؛ فإنه إذا تراخى دليل التخصيص يسمى: نسحا لا تخصيصًا. 

ومنها: قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقل» وبهذا المعنى يطلق التخصيص - أيضًا - عند 
الحتفية» وبهذا الاعتبار يقال النسخ تخصيص» فله عندهم معنيان. 

ومما ينبغى أن يعلم: أنه ليس معنى القصر - عند الحنفية - ثبوت الحكم للبعض» ونفيه عن 
البعض ؛ فإن هذا قول بمفهوم الصفة والشرطء وهو خلاف مذهبهمء بل المراد من القصر: أن يدل 
على الحكم فى البعض» ولا يدل فى البعض الآخر لا نفيًا ولا إثباّاء حتى لو ثبت بدليل آخر ولو 
انعدم انعدم بالعدم الأصلى» وأنه لابد فى التخصيص من معنى المعارضة ولا يوجد ذلك فى الدليل 
الغير المستقل؛ فإن الاستثناء - مثلا - لبيان أنه لم يدخل تحت الصدرء لا أن هناك حكمين» أحدهما 
معارض للآسثر كما يوجد فى الدليل المستقل. 

ومنها قصر اللفظ على بعض مسمياته وإن لم يكن ذلك اللفظ عامّاء فهذا أعم من المعنى الأول 
وهذا كما يقال للعشرة: إنه عام باعتبار تعدد آحاده مع القطع بأن آحاده ليست مسمياتها ونما مسمياتها 
العشرات» فإذا قصر العشرة - مثلا - على خمسة بالاستثناء عنه قيل: قد خصص» وكذلك 
«المسلمون» للمعهودين» نحو: جاءنى مسلمون فأكرمت المسلمين إلا زيدًا؛ فإنهم يسمون = 


١ 61‏ الاصطلاحات 


مقارن. وقولنا:. «قبل تقرر حكمه) احترازًا من أن يعمل بالعام؛ فإن الإخراج بعد هذا 
يكون نسحًا. 

الفصل التاسع - فى لحن الخطاب وفحواهء ودليله وتنبيههء واقتضائه ومفهومه: 

فلحن الخطاب: هو دلالة الاقتضاءء وهو: دلالة اللفظ التزامًا على ما لا يستقل 
الحكم إلا به وإن كان اللفظ لا يقتضيه وضعاء نحو قوله - تعالى -: «قأوحتاً إل 
توج أن أضرب بََمَاكَ الحر اقلق [الشعراء: 17]ء تقديره: فضرب» فانفلق. 
وقوله - تعالى -: لأا و4 إلى قوله: ألم ربك فا ولِيدًا4 [الشعراء:7١-‏ 
۸ تقديره: فأتياه. 

وقيل هو: فحوى الخطاب. وهو خلاف لفظى. 

قال القاضى عبد الوهاب: واللغة تقتضى الاصطلاحين. 

وقال الباجى : هو دليل الخطاب» وهو مفهوم المخالفة» وهو إثبات نقيض حكم 
المنطوق به للمسكوت عنه. 

وهو عشرة أنواع: 

مفهوم العلة» نحو: ما أسكر فهو حرام. 

ومفهوم الصفة؛ نحو قوله - عليه السلام -: «فى سَائِمَةٍ الْمَكم الرّكَاةُو0© . 


= (المسلمين»: عاماء والاستثناء عنه: تخصيصا له. 
اعلم أن التخصيص كما يطلق على القول - كما عرفت - كذلك قد يطلق - تجورًا - على 
الفعل» وكذلك النسخ » صرح بذلك فى العضدى فى مياحث السنة. 
تقسيم التخصيص بالمعنى الأول: 
قالوا: المخصص ينقسم إلى متصل ومنفصل؛ لأنه إما ألا يستقل بتفسهء أو يستقلء والأول 
المتصل» والثانى المنفصل . والمخصص المتصل خمسة: الاستئناءء والشرط»ء والصفةء والغاية» 
ويدل البعض» نحو: جاءنى القوم أكثرهم» والمنفصل: إما كلام» أو غيره كالعقل» نحو «خالق كل 
شیء) ؛ فإن العقل هو المخصص للشىء بما سوى الله - تعالى - وتخصيص الصبى» والمجنون من 
خطابات الشرع من هذا القبيل. وكالحس» نحو: «وأوتيت من كل شىء. وكالعادةء نحو: لا 
تأكل رأسًا؛ فإنه يقع على ما يتعارف أكله مشويًا. وكالتشكيك؛ نحو: كل مملوك لی حرء لا يقع 
على المكاتب. فهذا - أى التخصيص بالمستقل - تخصيص اتفاقًا بين الحنفيةقء والشافعيةء 
والمالكية» بخلاف التخصيص بغير المستقل؛ فإنه مختلف فيه كما عرفت» هذا كله هو المستفاد من 
كشف البزدوى» والتلويح, والعضدى»› وحاشية التفتازانى . 
ينظر: كشف الاصطلاحات (۲۰۷/۲ - ۲۰۹). 
)١(‏ أخرجه البخارى )١15014(‏ بلفظ : «وفى صدقة الغنم فى سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين 
ومائة: شاة؟. 


الاصطلاحات ج ١‏ باه 





والفرق بينهما: أن العلة فى الثانى: الغنى» والسوم مكمل لهء وفى الأول: العلة 
عين المذكور. 

ومفهوم الشرط» نحو: من تطهر صلحت صلاته. 

ومفهوم الاستثناء» نحو: قام القوم إلا زيدا. 

ومفهوم الغاية» نحو: أي يم إلى اليل( [البقرة: ۱۸۷]. 

ومفهوم الحصرء نحو: لما الْمَاء مِنّ الْمَاوِغ0©. 

ومفهوم الزمان» نحو: سافرت يوم الجمعة. 

ومفهوم المكانء نحو: جلست أمام زيد. 

ومفهوم العددء نحو قوله - تعالى -: الور تين جلدة4 [النور: 4]. 

ومفهوم اللقب» وهو: تعليق الحكم على مجرد أسماء الذوات» نحو: فى الغنم 
الزكاة . وهو أضعفها. 

وتنبيه الخطاب» وهو: مفهوم الموافقة» عند القاضى عبد الوهاب أو المخالفة 
عند غيره» وكلاهما: فحوى الخطاب عند الباجى» فيترادف تنبيه الخطاب وفحواه. 

ومفهوم الموافقة لمعنى واحدء وهو: إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه 
بطريق الأولىء كما يترادف مفهوم المخالفة ودليل الخطاب وتنبيهه. 

ومفهوم الموافقة نوعان: 

أحدهما: إثباته فى الأكثرء نحو قوله - تعالى -: للا تقل شا أَن» 
[الإسراء: *77] ؛ فإنه يقتضى تحريم الضرب بطريق الأولى. 

وثانيهما: إثباته فى الأقل» نحو: قوله - تعالى -: وَين أمْلٍ آلب سن إن امن 
قِنطارٍ ير إِليِكَ؟ [آل عمران: ]۷١‏ ؛ فإنه يقتضى ثبوت الأمانة فى الدرهم بطريق 
الأولى. 





= وهذا الحديث كتبه أبو بكر الصديق لأنس عندما وجهه إلى البحرين» وأوله: #بسم الله الرحمن 
الرحيم» هذه فريضة الصدقة التى فرض رسول الله 6 على المسلمينء والتى أمر الله بها رسوله». 

/١( أخرجه عن أبى أيوب: أحمد فى المسند (417/6)» وابن ماجه (507)» والنسائى‎ )١( 
وأخرجه عن عتبان بن‎ .)٠٤١ /٤( وأخرجه عن راقع بن خديج أحمد فى المسند‎ .)6 
.)١٤١ /٤( مالك الأنصارى: أحمد فى المسند‎ 


مه جح ١‏ الاصطلاحات 


الفصل العاشر - فى الحصر: 

وهو إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه بصيغة «إنما» ونحوها. 
أدواته أرب 00 
وادواته اربع 

«إنماءء نحو: إنْمَا الْمَاكُ مِنَّ الْمَاءِ» . 

وتقدم النفى قبل «إلا»» نحو: لا يبل الله صَلَاةٌ 0 بطْھُوں(. 

والمبتدأ مع الخبرء نحو: قوله - عليه السلام -: ١تَحْرَيمَهَا‏ التكبيرٌ ود 
المُسْلية»0, فالتحريم محصور فى التكبير» والتحليل محصور فى التسليم . 
وكذلك : «ذْكَاةٌ الْجَنِينٍ ذكَاةٌ ONE‏ 

ع اک لاس رر 

وتقديم المعمولات» نحو قوله - تعالى -: «إيّاك نعبد4 [الفاتحة: 5]» 
رشم مرو ينملوت؟ [الأنبياء: ۲۷] أى: لا نعبد إلا إياك› وهم لا يعملون إلا 
بأمره. 

وهو منقسم إلى حصر الموصوفات فى الصفاتء نحو: إنما زيد عالمء وإلى 
حصر الصفات فى الموصوقفات» نحو إنما العالم زيد. وعلى التقديرين . فقد يكون 
عاما فى المتعلق» نحو ما تقدم . وقد يكون خاصاء نحو قوله - تعالى -: #8إِنَّمَآ أت 
زد [الرعد: ۷]ء أى : باعتبار من لا يؤمن؛ فإن حظه منه الإنذار ليس إلاء فهو 


)١(‏ فى ش: أربعة. 
(؟) قال الحافظ ابن حجر فى تلخيص الحبير (١/4؟7؟7):‏ 
حديث «لا صلاة إلا بطهارة»» قلت: لم أر هذا الحديث بهذا اللفظء نعمء روى الترمذى [1] من 
حديث ابن عمر : الا تقبل صلاة إلا بطهور؛ وأصله فى صحيح مسلم [۲۲] بلفظ : ۶ قبل صلاة بغير 
طهور»» ورواه الطبرائى فى الأوسط من حديث ابن عمر بلفظ: «لا صلاة لمن لا طهور لها . 
(؟) هو من حديث على بن أبى طالب» مرفوعًا: «مفتاح الصلاة الطهورء وتحريمها التكبير» 
وتحليلها التسليم» 
أخرجه أحمد (۰۱۲۳/۱ 119)» وأبو داود (71: 11۸)ء والترمذى (۳)ء وابن ماجه (۲۷۵)ء 
والطحاوى فى شرح معانى الآثار (1/ 151): وأبو نعيم فى الحلية (۸/ ۳۷۲)؛ والبيهقى (7/ 197). 
قال الترمذى: هذا الحديث أصح شىء فى هذا الباب وأحسن. 

)٤(‏ هو من حديث أبى سعيد الخدرى مرفوعًاء أخرجه أحمد (۰۳۱/۳ ۳۹)ء وأبو داود 
(۲۸۲۷)ء والترمذى (٩۷٤۱)ء‏ وابن ماجه (۳۱۹۹)» وأبو يعلى (2»)491 وابن حبان 
۰)۸۹ وابن الجارود »)۹٠۰(‏ والدارقطنی /٤(‏ ۲۷۲ ۲۷۳ 2071784 والبيهقى (4/ 
.)٥‏ والبغوى (۷۸) . 

وقال الترمذى: وفى الباب عن جابر وأبى أمامةء وأبى الدرداءء وأبى هريرة» وهلا حديث 
حسن . 


68 ١ + الاصطلاحات‎ 


محصور فى إنذاره» ولا وصف له غير الإنذار باعتبار هذه الطائفة. وإلا فهذه الصيغة 
تقتضى حصره فى النذارة؛ فلا يوصف بالبشارة»› ولا بالعلم» ولا بالشجاعة» ولا 
بصفة أخرى . 

ومن هذا الباب قولهم: زيد صديقى وصديقى زید» فالأول يقتضى حصر زيد فى 
صداقتك فلا يصادق غيرك» وأنت يجوز أن تصادق غيره. والثانى يقتضى حصر 
صداقتك فيهء وهو غير منحصر فى صداقتك» بل يجوز أن يصادق غيرك على عكس 
الأول. 

الفصل الحادى عشر: 

خمس حقائق لا تتعلق إلا بالمستقبل من الزمان» وبالمعدوم» وهى: الأمرء 
والنهى» والدعاءء والشرطء وجزاژه. 

الفصل الثانى عشر: 

حكم العقل بأمر على أمرء [إما جازم أو غير جازم]'ء والاحتمالات إما مستوية 
فهو الشك» أو بعضها راجح وهو الظن» والمرجوح وهم. 

والجازم : إما غير مطابق وهو الجهل المركب» أو مطابق وهو إما لغير موجب 
وهو التقليدء أو لموجب وهو إما عقل وحدهء فإن استغنى عن الكسب فهو 
البديهى» وإلا فهو النظرى» أو حس وحده وهو: المحسوسات الخمس» أو مركب 
منهما وهو: المتواترات» والتجريبيات» والحدسيات. والوجدانيات أشبه 
بالمحسوسات؛ فتندرج معها. 

القصل الثالث عشر - فى الحكم وأقسامه: 

الحكم الشرعى: هو خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو 
التخيير. 


(۲) وزاد بعضهم: أو المتعلق بالأعم من أفعال المكلفين على جهة الوضع» والوضع: الجعل 
على نحو خاص. كجعل الشىء سبياء أو شرطاء أو مانعًا» أو صحيحًاء أو فاسداء وكلمة 
لأو؛ للتنويع» فتفيد أن الحكم نوعان: نوع خاص بأفعال المكلفين» ونوع يشمل أعمال 
المكلفين وغيرهم؛ ولذلك عبر فى جانب النوع الثانى بكلمة «الأعم؟ الدالة على العموم 
والشمول. 


e‏ +۱ الاصطلاحات 





ف «القديم؛ احترارًا من نصوص أدلة الحكم؛ فإنها خطاب الله وليست حكما وإلا 
و لمكلفين» ع احترادًا من المتعلق بالجماد وغيره . 
و«الاقتضاء» ؛ احترارًا من الخبر. 
وقولنا: «آو التخيير» ¢ لیندرے() المباح . 
واختلف فى أقسامه» فقيل: خمسة: الوجوب» والتحريم» والندب» والكراهة» 
والوباحة . 
وقيل أربعة» والمباح ليس من الشرع . 
وفيل : ائثنان: التحريم والإباحة» وفسرت بجواز الإقدام الذى يشمل الوجوب 
والندب والكراهة والإباحة. وعلى هذا المذهب يتخرج قوله - عليه السلام -: 
«أَبَْضُ الْمُبَّاح ِلَى الله الطلاق»229؛ فإن البغضة تقتضى رجحان التركء والرجحان 
والواجب: ما ذم تاركه شرعا. 
والمحرم: ما ذم فاعله شرعا. 
[وقيد «الشرع» ؛ احترارًا من العرف](©. 
= ومن تعريف الحكم بالخطاب» نعلم أن الحكم المتعارف عليه عند الأصوليين هو نفس الخطاب 
الذى وجهه الشارع؛ طاليًا به من | لمكلف فعل أمر من الأمور» أو الكف عتهء أو مخيرًا له بين أن 
يفعل وألا يفعل»› أو جاعلا شيئًا من الأشياء سبياء أو شرطا أو مانعّاء أو صحيحخاء أو فاسدًا. 
فنحو #أقيموا الصلاة. طلا تقربوا الزنا)ء «إإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم» وما 
ماثلها: أحكام عند الأصوليين؛ باعتبار أنها دالة على الخطاب النفسى المتعلق بعل المكلف أو الأعم 
ينه . 
أما الحكم عند الفقهاء: فهو آثر ذلك الخطاب الذى هو عبارة عن: الوجوب للصلاة؛ والحرمة 
للزناء وشرطية الطهارة لصحة الصلاة. 
ينظر: يحوث فى أصول الفقه ص .)۳١(‏ 

)١(‏ فى ط: ليدخل. 

(۲) هو من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب» مرفوعًا: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». 
أخرجه أبو داود (۲۱۷۸)» وابن ماجه (۲۰۱۸)ء والحاكم 2)١193/1(‏ والبيهقتى (۷/ ۳۲۲). 
والحديث معروف مرسلا ليس فيه عبد الله بن عمر بن الخطاب» أح رجه أبو داود (۲۱۷۷)» 

والبيهقى 


وقد رجح المرسل أبو حاتم» والدارتطنى فى العلل » والبيهقى, كما فى تلخیص الحبير (۳/ /ا١4).‏ 
(۳) سقط فى ش. 


الاصطلاحات ج ۱ "١‏ 


والمندوب: ما رجح فعله على تركه شرعا من غير ذم. 

والمكروه: ما رجح تركه على فعله شرعا من غير ذم. 

والمباح: ما استوى طرفاه فى نظر الشرع. 

تنبيه : ليس كل واجب يثاب على فعله» ولا كل محرم پثاب على تركه. 

أما الأول: فكنفقات الزوجات والأقارب والدواب» ورد المغصوب والودائع 
والديون والعوارى؛ فإنها واجبةء وإذا فعلها الإنسان غافلا عن امتثال أمر الله - . 
تعالى- فيهاء وقعت واجبة مجزئة مبرئة للذمة» ولا ثواب. 

وأما الثانى: فلأن المحرمات يخرج الإنسان عن عهدتها بمجرد تركها وإن لم 
يشعر بهاء فضلا عن القصد إليهاء حتى ينوى امتثال أمر الله - تعالى - فيها؛ فلا 
ثواب حيتئذ» نعم: متى اقترن قصد الامتثال فى الجميع حصل الثواب. 

الفصل الرابع عشر - فى أوصاف العبادة وهى خمسة: 

الأول: الأداءء وهو إيقاع العبادة فى وقتها المعين لها شرعا؛ لمصلحة اشتمل 
عليها الوقت. 

فقولنا «فى وقتها» ؛ احترازًا من القضاءء وقولنا: «شرعا» ؛ احترازًا من العرف. 
وقولنا: «لمصلحة اشتمل عليها الوقت» ؛ احترازًا من تعيين الوقت لمصلحة المأمور 
به لا لمصلحة فى الوقت» كما إذا قلنا: «الأمر للفور» فإنه يتعين الزمن الذى يلى 
ورود الأمرء ولا يوصف بكونه أداء فى وقتهء ولا قضاء بعد وقته» وكمن بادر لإزالة 
منكر أو إنقاذ غريق ؛ فإن المصلحة ههنا فى الإنقاذ» سواء كان فى هذا الزمان أو غيره. 

وأما تعيين أوقات العبادات» فنحن نعتقد أنها لمصالح فى نفس الأمر اشتملت 
عليها هذه الأوقات وإن كنا لا نعلمها. وهكذا كل تعبدى: معناه أنا لا نعلم 
مصلحته» لا أنه ليس فيه مصلحة؛ طردا لقاعدة الشرع فى عادته فى رعاية مصالح 
العباد على سبيل التفضل . 

فقد تلخص : أن التعيين فى الفوريات لتكميل مصلحة المأمور به» وفى العبادات 
لمصلحة فى الأوقات؛ فظهر الفرق. 

الثانى القضاء2'9» وهو إيقاع العبادة خارج وقتها الذى عينه الشرع لمصلحة فيه. 
)١(‏ أقسام القضاء: 

والقضاء الذى عرفته يتقسم إلى أربعة أقسام: 


١ 1۲‏ الاصطلاحات 





تنبيه : لا يشترط فى القضاء تقدم الوجوب» بل تقدم سببه عند الإمام والمازرى 
وغيرهما من المحققين» خلافا للقاضى عبد الوهاب. وجماعة من الفقهاء؛ لأن 
الحائض تقضى ما حرم عليها فعله فى زمن الحيض» والحرام لا يتصف بالوجوب. 

وبسط ذلك فى الطهارة - فى موانع الحيض - مذكور. 

ثم تقدم السبب قد يكون مع الإثم: كالمتعمد المتمكن» وقد لا يكون: كالنائم 
والحائض . 

والمزيل للإثم: قد يكون من جهة العبد كالسفرء وقد لا يكون كالحيض» وقد 
يصح معه الأداء كالمرض» وقد لا يصح» إما شرعا: كالحيض» أو عقلا: كالنوم. 

فائدة: العبادة قد توصف بالأداء والقضاء كالصلوات الخمس» وقد لا توصف 


= الأول - قضاء كان أداؤه واجبًا: كقضاء الصلاة المتروكة ولم تفعل فى وقتها قصدًا بلا عذر. 

الثانى - قضاء لم يكن الأداء فيه واجبّاء ولكنه كان ممکئًا شرعًا وعقلا: كقضاء ما تركه كل من 
المريض والمسافر من الصوم؛ فإن كلا منهما لم يجب عليه الأداءء لقوله - تعالى -: «فمن كان 
منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر) وهو - مع عدم وجوبه - لا مانع منه شرعًاء ولا عقلا؛ 
إذ فى استطاعة كل منهما أن يصوم. 

الثالث - قضاء لم يكن الأداء فيه واجبّاء وليس ممكنًا عقلا: كقضاء الشخص لصلاة نام عنها 
حتى خرج وقتهاء فالصلاة غير واجبة على النائم حال نومه؛ لرفع القلم عنهء وأداؤها مع التوم 
مستحيل عقلا؛ لأن القصد إلى العبادة مستحيل مع الغفلة عنها؛ إذ هو جمع بين النقيضين. 

الرابع : قضاء لم يكن الأداء فيه واجبّاء وليس ممكنًا شرعًا: كقضاء الحائض لما فاتها من صيام 
مدة حيضهاء فالصيام غير واجب عليها؛ لوجود المانع» وهو وإن كان ممكنًا عقلا لكن الشارع منعها 
منهء فالمائع شرعى للنهى عن الصوم للوثم. 


فرع: 

إن السكلف أنه لا يعيش إلى آخر الوقت الموسع : تضيّق عليه الوقت اتفاقًا وحرم عليه التأحخير 
اعتبارًا بظنه. فإن عصى ولم يفعل ثم تخلف ظنه ففعله فى وقته الأصلى» لكن بعد الوقت المضيق 
بحسب ظنه - فهو قضاء عند القاضى أبى بكر الباقلانى؛ لأنه أوقعه بعد الوقت المضيق عليه شرعًاء 
وأداء عند الإمام الغزالى؟ لأنه وقع فى وقته المعين بحسب الشرعء وأما ظنه فقد تبين -خطؤهء ولا 
عبرة بالظن الذى ظهر خطؤه. 

وتقسيم العبادة بحسب وقتها إلى الأقسام الأربعة السابقة إذا كان لها وقت مقدر شرعًا. 

أما إذا لم يكن لها وقت مقدر - سواء كان لها سبب: كركعتى الوضوء» وتحية المسجدء أو لم 
يكن لها سبب: كالنفل المطلق - فلا توصف بأداء ولا قضاء. نعم» قد توصف بالإعادة كما إذا فعلت 
العبادة مرة بعد فعل لها تبين بطلانه كمن صلى ركعتين تحية المسجدء ظانًا أنه متوضىئ» ثم تبين أنه 
محدث» فلو أتى بالتحية بعد الوضوء سمى فعله الثانى: إعادة . 

ينظر: بحوث فى أصول الفقه ص (01- .)٥١‏ 


الاصطلاحات + ۱ 5 





بهماء كالنوافل» وقد توصف بالأداء وحده كالجمعة والعيدين . 

الثالث: الإعادة وهى: إيقاع العبادة فى وقتها بعد تقدم إيقاعها على [نوع من 
الخلل» ثم الخلل قد يكون فى الصحة: كمن صلى بدون شرط أو ركن» وقد يكون 
فى الكمال: كالمنفرد بالصلاة]. 

الرابع : الصحةء وهى عند المتكلمين: ما وافق الأمر. وعند الفقهاء: ما أسقط 
القضاء . 

والبطلان يتخرج على المذهبين: 

فصلاة من ظن الطهارة وهو محدث صحيحة عند المتكلمين؛ لأن الله - تعالى - 
أمره أن يصلى صلاة يغلب على ظنه طهارته وقد فعل؛ فهو موافق للأمر. وباطلة عند 
الفقهاء؛ لكونها لم تمنع .من ترتب القضاء. 

وأما فساد العقود: فهو خلل يوجب عدم ترتب آثارها عليهاء إلا أن تلحق بها 
عوارض» على أصولنا فى البيع الفاسدء ويأتى فى كتاب البيوع وغيره» إن شاء الله 
تعالى . 

الخامس : الإجزاء» وهو كون الفعل كافيا فى الخروج عن عهدة التكليف». 
وقيل: ما أسقط القضاء. 

الفصل الخامس عشر - فيما تتوقف عليه الأحكام: 

وهو ثلاثة: السبب» والشرطء وانتفاء المانع . فإن الله - تعالى - شرع الأحكام 
وشرع لها أسبابا وشروطا وموانع. 

وورد خطابه على قسمين: 

خطاب تكليف: يشترط فيه علم المكلف وقدرته وغير ذلك كالعبادات. 

وخطاب وضع لا يشترط فيه شىء من ذلك» وهو الخطاب بكثير من الأسباب 
والشروط والموانع» وليس ذلك عاما فيها؛ فلذلك توجب الضمان على المجانين 
والغافلين بسبب الإتلاف؛ لكونه من باب الوضع الذى معناه: أن الله - تعالى - 
قال: إذا وقع هذا فى الوجود فاعلموا أنى حكمت بكذا. ومن ذلك الطلاق بالإضرار 


)١(‏ بدل ما بين المعقوفين فى ش: خلل فى الأجزاء كمن صلى بدون ركن» أو فى الكمال 
كصلاة المنفرد. 


5 ج ۱ الاصطلاحات 





والإعسار» والتوريث بالأنساب. 

وقد يشترط فى السبب العلم كإيجاب الزنا للحد» والقتل للقصاص . 

الس ما يلزم من وجوده الوجود» ومن عدمه العدم لذاته . 

فالأول احتراز من الشرطء والثانى احتراز من المانع» والثالث احتراز من مقارنته 
فقدان الشرط أو وجود المائع ؛ فلا يلزم من وجوده الوجود» أو إخلافه سبب آخر؛ 
فلا يلزم من عدمه العدم . 

والشرط7(): ما يلزم من عدمه العدم' ولا يلزم من وجوده الوجود ولا العدم 
لذاته . 

فالأول احتراز من المانع» والثانى احتراز من السبب والمانع أيضاء والثالث 
احتراز من مقارنته لوجود السبب؛ فيلزم الوجود عند وجوده؛ أو قيام المانع فيقارن 
العدم . 

والمائع 29 : ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته. 


)١(‏ السبب: وهو وصف ظاهر منضبط يلزم من وجوده وجود الحكم» ومن عدمه عدم الحكم 
وذلك كدخول وقت الصلاة؛ فإنه سبب لوجوبها: إذ يلزم من وجود الوقت وجوب الصلاة» 
ومن عدمه عدم وجوبها. وكالقتل العمد العدوان؛ فإنه سبب لوجوب القصاص: إذ يلزم من 
وجود القتل العمد العدوان وجوب القصاص» ويلزم من عدمه عدم وجوب القصاص» 
وهكذا فى كل سبب مع الحكم المترتب عليه. 

وهنا يمكن أن يقال: إن السب يشبه الركن من جهة ارتباط المسبب بالسبب وجودًا وعدمًا» 
كارتباط الحقيقة بأركانها وجودًا وعدمًا. إلا أن السبب أمر خارج عن حقيقته المسبب وليس جزءًا 
منهاء فالقرابة سبب للإرث وليس جزءًا من حقيقته» وكذا كل سبب بالنسبة إلى الحكم الذى ربط به. 
بخلاف الركن؛ فإنه جزء ذاتى من ماهية فى الركن» فالقراءة مثلا جزء من الصلاة وحقيقتها؛ إذ هى 
أقوال وأفعال. .. إلى آخر ما ذكر فى تعريفهاء وكذا كل ركن مع صاحب ذلك الركن. 

ينظر: بحوث فى أصول الفقه ص (09). 

(۲) وهو الشرط: وصف ظاهر منضبط يلزم من عدمه عدم الحكم» ولا يلزم من وجوده وچجود 
الحكم ولا عدمه» كالطهارة بالنسبة للصلاة؛ إذ يزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة» 
ولا يلزم من وجود الطهارة وجود صحة الصلاة ولا عدمها. وكالقدرة على تسليم المبيع 
بالنسبة لصحة البيع؛ فإنه يلزم من عدم القدرة على تسليم المييع عدم صحة البيع » ولا يلزم 
من وجودها وجود صحة البيع ولا عدمه. وهكذا فى كل شرط مع مشروطه. 

ينظر: بحوث فى أصول الفقه ص (084), 

فر وهو المانع: وصف ظاهر منضبط يلزم من وجوده عدم حكم أو سيب» ولا يلزم من عدمه 


= 


الاصطلاحات +۱ 10 





فالأول احتراز من السبب» والثانى احتراز من الشرطء والثالث احتراز من مقارنة 


عدمه لوجود السبب. 
فالمعتبر من المانع وجوده» ومن الشرط عدمه» ومن السبب وجوده وعدمه. 


الأولى: الشرط وجزء العلة كلاهما يلزم من عدمه العدم» ولا يلزم من وجوده 
وجود ولا عدم؛ فهما يلتبسان. 

والفرق بينهما: أن جزء العلة مناسب فى ذاته» والشرط مناسب فى غيره» كجزء 
النصاب فإنه: مشتمل على بعض الغنى فى ذاته» ودوران الحول ليس فيه شىء من 
الغنى؛ وإنما هو مكمل للغنى الكائن فى النصاب. 

الثانية: إذا اجتمعت أجزاء العلة ترتب الحكمء وإذا اجتمعت العلل المستقلة 
ترتب الحكم» فما الفرق بين الوصف الذى هو جزء علة وبين الوصف الذى هو علة 
مستقلة؟ 


ب وجود غيره أو عدمه منهماء كالحيضش بالنسبة للصلاة ؛ فإنه يلزم من وجوده عدم وجوب 
الصلاة وصحتهاء ولا يلزم من عدمه وجوب الصلاة ولا صحتها ولا عدمها. وكالأبوة 
بالنسبة للقصاص إذا قتل الوالد ولده بالشروط الموجبة للقصاص؛ فإنه يلزم من وجودها عدم 
القصاص من الأب» ولا يلزم من عدمها وجوب القصاص ولا عدمه. وكقتل الشخص 
مورثه؛ فإنه يلزم من وجود هذا القتل عدم الإرث» ولا يلزم من عدمه وجود الإرث ولا 
علمه. 

ويالتأمل فى ذلك التعريف وتلك المْثّل نرى أن المانع ينقسم إلى قسمين: 

الأول: مانع يؤثر فى السيب؛ فلا يكون الحكم. 

الثانى : مانع يؤثر فى الحكم؟ فيرفعه. 

أما الأول: فهو كل وصف يخل وجوده يحكمة السبب يقيئّاء وذلك كأن يكون مالك التصاب 
مديئًا بدين يساوى ذلك النصاب أو بعضه» فيلك النصاب يحقق معنى الى الذى هو السبب فى 
وجوب الزكاة ووجود الدين يرفع الوصف بالغنى الذى هو السبب فى وجوبهاء وإذا عدم السبب عدم 
المسبب» فلا زكاة. 

وأما الثانى: نهو كل وصف يستلزم حكمة تقتضى نقيض حكم السيب مع بقاء السبب» وذلك 
كالأبوة فى قتل الوالد ولدَهٌء فإنها مائعة من القصاص وليست رافعة للسبب؛ لأن الحكم وهو 
القصاص قد تحقق سببه وهو القتل العمد العدوان» وكون القاتل أَا للمقتول يمنع من القصاصء لأن 
الزجر المقصود بشرعيته يعارض حال الأبوة من العطف الذى يمنعه من التفكير فى القتل إلا فى 
الأحوال التادرة؛ فلا حاجة إذن إلى العقوبة الزاجرة. 

ينظر: بحوث فى أصول الفقه ص (50 - 51), 


١ 1‏ الاصطلاحات 


والفرق بينهما أن جزء العلة إذا انفرد لا يثبت معه الحكمء كأحد أوصاف القتل 
العمد العدوان» فإن المجموع سبب القصاص» وإذا أنفرد جزؤه لا يترتب عليه 
قصاص . 

والوصف الذى هو علة مستقلة إذا اجتمع مع غيره ترتب الحكم» وإذا انفرد ترتب 
معه الحكم أيضاء كإيجاب الوضوء على من لامس وبال ونامء وإذا انفرد أحدها 
وجب الوضوء أيضا. 

الثالثة : : الحكم كما يتوقف على وجود سببه يتوقف على وجود شرطهء فبم يعلم 
كل واحد منهما؟ يعلم بأن السبب مناسب فى ذاته» والشرط مناسب' فى غیره» 
كالنصاب مشتمل على الغنى فى ذاته والحول مكمل لحكمة الغنى فى النصاب 
بالتمكن من التنمية . 

الرابعة : الموانع الشرعية على ثلاثة أقسام: منها ما يمنع ابتداء الحكم واستمراره» 
ومنها ما يمنع ابتداءه فقط. ومنها: ما اختلف فيه: هل يلحق بالأول أو بالثانى؟ 

فالأول: كالرضاع يمنع ابتداء التكاح» واستمراره إذا طرأ عليه. 

والثانى : كالاستبراء يمنع ابتداء النكاح» ولا يبطل استمراره إذا طرأ عليه. 

والثالث: كالإحرام بالنسبة إلى وضع اليد على الصيد؛ فإنه يمنع من وضع اليد 
على الصيد ابتداءء فإن طرأ على الصيد فهل يجب إزالة اليد عنه؟ فيه خلاف بين 
العلماء. وكالطول يمنع من نكاح الأمة ابتداءء فإن طرأ عليه فهل يبطله؟ فيه 
خلاف. وكوجود الماء يمنع التيمم ابتداء» فلو طرأ بعده فهل يبطله؟ فيه 
خلاف. 

الخامسة: الشروط اللغوية أسباب؛ لأنه يلزم من وجودها الوجودء ومن عدمها 
العدم» بخلاف الشروط العقلية كالحياة مع العلم» والشرعية: كالطهارة مع الصلاة» 
والعادية : كالغذاء مع الحياة؛ فى بعض الحيوانات. 

الفصل السادس عشر: 

الرخصة: جواز الإقدام على الفعل مع اشتهار المانع منه شرعا. 





)١(‏ فى ش : مناسبته. 
(؟) فى أ: ابتداء لحفظه. 


WW ١ + الاصطلاحات‎ 


والعزيمة: طلب الفعل الذى لم يشتهر فيه مانم(" شرعى . 

ثم الرخصة قد تنتهى للوجوب: كأكل المضطر للميتة» وقد لا تنتهى: كإفطار 
المسافرء وقد يباح سببها كالسفرء وقد لا يباح: كالغصة لشرب الخمر. 

الفصل السابع عشر - فى الحسن والقبح: 

حسن الشىء وقبحه يراد بهما ما يلائم الطبع أو ينافره: كإنقاذ الغرقى» واتهام 
الأبرياء . 

أو كونه صفة كمال أو نقصء نحو: العلم حسنء والجهل قبيح. 

أو كونه موجبًا للمدح أو الذم الشرعيين. 

والأولان عقليان إجماعاء والثالث شرعى عندناء لا يعلم ولا يثبت إلا بالشرع. 

فالقبیح: ما نهى الله - تعالى - عنه. والحسن: ما لم ينه عنه. 

وعند المعتزلة: هو عقلى لا يفتقر إلى ورود الشرائع؛ بل العقل اقتضى ثبوته قبل 
الرسل» وإنما الشرائع مؤكدة لحكم العقل : 

فيما علمه ضرورة: كالعلم بحسن الصدق النافع » وقبح الكذب الضار. 

أو نظرًا: كحسن الصدق الضارء وقبح الكذب النافع. 

أو مظهرة لما لم يعلمه العقل ضرورة ولا نظرًا؛ كوجوب آخر يوم من رمضان» 
وتحريم أول يوم من شوال. 

وعندنا الشرع الوارد منشئ للجميع؛ فعلى رأينا: لا يثبت حكم قبل الشرع» 
خلافا للمعتزلة فى قولهم: إن كل ما ثبت بعد الشرع فهو ثابت قبله» وخلافا 
للأبهرى من أصحابنا القائل بالحظر مطلقاء ولأبى الفرج القائل بالإباحة مطلقا. 
وكذلك قال بقولهما جماعة من المعتزلة فيما لم يطلع العقل على حالهء كآخر يوم 
من رمضان. 

لنا قوله - تعالى -: لوا کا سب حي مك رسرلا) [الإسراء: ]٠١‏ نفى 
التعذيب قبل البعثة؛ فينتفى ملزومه وهو الحكم. 

[فإن قيل](" بأنا.نعلم بالضرورة حسن الإحسان» وقبح الإساءة. 


)١(‏ فى ش: منع 
(؟) فى ش: احتجوا. 


قلنا: محل الضرورة مورد بالطباع» وليس محل النزاع. 

الفصل الثامن عشر - فى بيان الحقوق: 

فحق الله - تعالى - أمره ونهيه وحق العبد: مصالحه. 

والتكاليف على ثلاثة أقسام: 

حق لله - تعالى - فقط: كالإيمان. 

وحق للعبد فقط كالديون والأثمان. 

وقسم اختلف فيه: هل يغلب فيه حق الله - تعالى - أو حق العبد: كحد القذف؟ 

ونعنى بحق العبد المحض: أنه لو أسقطه لسقطء وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه 
حق لله - تعالى - وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه. 

الفصل التاسع عشر - فى بيان العموم والخصوص والمساواة والمباينةء 
وأحكامها: 

الحقائق كلها أربعة أقسام: 

إما متساويان: وهما اللذان يلزم من وجود كل واحد منهما وجود الآخر ومن 
علمه عدمه» كالرجم وزنا المحصن 

وإما متباينان: وهما اللذان .لا يجتمع أحدهما مع الآخر فى محل» كالإسلام 
والجزية . 

وإما أعم مطلقا أو أخص مطلقاء وهما اللذان يوجد أحدهما مع وجود كل أفراد 
الآخر من غير عكس» كالغسل والإنزال المعتبر؛ فإن الغسل أعم مطلقاء والإنزال 
أخص مطلقا. 

وإما كل واحد منهما أعم من وجه وأخص من وجهء وهما اللذان يوجد كل 
واحد منهما مع الآخر وبدونه: كحل النكاح مع ملك اليمين» فيوجد حل النكاح 
بدون الملك فى الحرائر» ويوجد الملك بدون حل النكاح فى موطوءات الآباء من 
الإماء» ويجتمعان معا فى الأمة التى ليس فيها مانع . 

فيستدل بوجود المساوى على وجود مساويهء وبعدمه على عدمه» وبوجود 
الأخص على وجود الأعمء وينفى الأعم على نفى الأخص» وبوجود المباين على 
عدم مباينه» ولا دلالة فى الأعم من وجه مطلقاء ولا فى عدم الأخصء ولا وجود 
الأعم . 





الاصطلاحات جا 514 


الفصل العشرون - فى المعلومات: 

المعلومات كلها أربعة أقسام : 

نقيضان وهما اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان: كوجود زيد وعلمه. 

وخلافان» وهما: اللذان يجتمعان ويرتفعان» كالحركة والسكون. 

وضدان» وهما: اللذان لا يجتمعان ويمكن ارتفاعهما مع الاختلاف فى الحقيقة» 
كالسواد والبياض. 

ومثلانء وهما: اللذان لا يجتمعان ويمكن ارتفاعهما مع تساوى الحقيقة 
كالبياض والبياض . 





7 ج ۱ معانى حروف يحتاج إليها الفقيه 
الباب الثانى 


فى معانى حروف يحتاج إليها الفقيه 
الواو("©: لمطلق الجمع فى الحك دون الترتيب فى الزمان. 
والفاء9: للتعقيب والترتيب نحو : سها فسجد. 





00( الواو العاطفة» وهى لمطلق الجمع› ولا تدل على ترتيب ولا معية» فإذا قلت: جاء زيد 
وعمرو» احتمل أن يكون مجىء عمرو بعد زيد» ويحتمل أن يكون قبله ويحتمل أن يكون 
معد قال أبن مالك: وكونها للمعية راجح› وللترتيب كثير» ولعكسه قليل. 

وقال الفراء» وقطرب» والربعى» وثعلب» وأبو عمر الزاهد» وهشام: تدل على الترتيب» ونسب 


ذلك إلى الشافعى. 
وأكثر الناس على الأول» حتى ادعى السيرافى : أن التحويين واللغوبين أجمعوا على أنها لا تفيد 
الترتيب 


قال ابن نور الدين: ولم أعلم أحدًا من أهل اللسان والأصول قال: إنها للمعية» إلا ما نقل عن 
إمام الحرمين فى البرهان عن بعض الحنفية. نعم يحتمل الجمع والمعية فى حال النفىء فإذا قلت: ما 
قام زيد وعمروء احتمل نفى القيام عنهما مطلقًاء واحتمل نفى القيام فى حال اجتماعهما معّاء فإن 
أردت أن تخلصه للنفى أتيت ب «لا» فقلت: ما قام زيد ولا عمروء ومنه: قوله - تعالى -: وما 
أموالكم ولا أولادكم». 
قال ابن نور الدين: مطلق الجمع أحسن من قول بعضهم: للجمع المطلقء فإنه قيد الجمع 
بالإطلاق» وهو يخرج مثل قوله - تعالى -: فإإنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) ؛ فإن الواو لم 
تجمع بين الرد والرسالة جمعًا مطلقّاء ولو كان جمعًا مطلقًا لكانا معًا؛ بل بينهما أربعون سنةء وإنما 
أفادت مطلق الجمع. 
ينظر: مصابيح المغانى (019 - .)05١‏ 
(۲) فى ط: الفعل. 
(؟) تكون عاطفة كقولك: قام زيد فعمرو» وتفيد ثلاثة أمور: التشريك» والترتيب» والتعقيب. 
فأما الترتيب فهو على أنواع: معنوى نحو: قام زيد فعمرو. 
وذكرى: وهو عطف مفصل على مجملء نحو قوله - تعالى -: طإفأزلهما الشيطان عنها 
فأخرجهما مما كانا فيه) [البقرة: ٣‏ ونحو قوله - تعالى -: «فقد سألوا مرسى أكبر من ذلك» 
فقالوا أرنا الله جهرة» [النساء: “0]167 وقوله تعالى: #ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلي» 
[هود: 5:] الآية. 
وإخبارى؛ نحو: مطرنا بمكان كذا فمكان كذاء ذكره جماعة. 
وخالف الأخفش فى الترتيب وقال: «الفاء تأتى بمعنى الواو) ؛ لأن «بين؛ إنما تقع معها الواوء 
ولأنك إذا قلت: المال بين زبد وعمروء فقد احتويا عليهء فهذا موضع الواو؛ لأنها للاجتماع؛ فإن 
جثت بالفاء وقع التفريق» وأنشد قول الشاعر: 
بسقط اللوى بين الدخول فحومل 
قال: ولرلا أن الفاء بمعنى الواو لفسد المعنى ؟ لأنه لا يريد أن يصيره بين «الدّخول؟ أولاء ثم بين 


معانى حروف يحتاج إليها الفقيه +۱ ۷۱ 


ثم: للتراخى. وحتر ()ء وإلى 9" : للغاية . 








= احومل؟. 

وأجيب: بأن التقدير: بين مراضع «الدخول؟ وبين مواضع «حومل)» ولم يرد: بين الدخول 
وحوملء كما يجوز: جلست بين العلماء والزهاد. 

وقال بعض البغدايين: الأصل: ما بينء فحذف اما» دون «بين» ؛ كما عكس ذلك من قال: 

يا أحسن الناس ما قرئًا إلى قدم 

أصله: ما بين قرن [إلى قدم]ء فحذف «يين» وأقام «قرئا» مقامهاء وقال: الفاء نائبة عن إلى. 

قال ابن هشام : ويحتاج على هذا القول إلى أن يقال : وصحت إضافة ابين» إلى «الدخول»؛ لاشتماله 
على مواضع أر لأن التقدير: بين مواضع «الدسخول»» وكون الفاء للغاية بمنزلة #إلى»؛ غريب . 

وزعم الأصمعى أن الصواب روايته بالواوء لأنه لا يجوز: جلست بين زيد فعمرو. وقال 
الجرمى: الفاء لا تفيد الترتيب» لا فى البقاعء ولا فى الأمطار بدليل قوله: 

... بين الدخول فحومل 

وقولهم: مطر بكان كذا فمكان كذاء وإن كان وقوع المطر فيهما فى وقت واحد. 

وأجيب: بأنه قد وقع ترتيب فى الأخبار كما تقدم ذكره. 

وأما التعقيب: فهو فى كل بحسبه» فيقال: تزوج فلان» فولد له إذا لم يكن بيئهما إلا مدة 
الحملء وإن كانت مدة متطاولةء ونحو قوله - تعالى -: ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح 
الأرض مخضرة) [الحج: .]٦١‏ 

وفيل: إن الفاء تقع بمعنى #ثم»؛ وإن منه قوله - تعالى -: لثم -خلقئا النطفة علقة فخلقنا العلقة 
مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقا آخر» [المؤمنون: »]١4‏ وقد تأتى 
لمجرد الترتيب نحو قوله - تعالى -: #فالزاجرات زجرًا فالتاليات ذكرًا» . 

ينظر: مصابيح المغائى (7:" - 7:6), 

ولها معان أخرى تنظر فى كتب الحروف والمعانى. 

)١(‏ تكون حرف ابتداءء أى يبتدأ بعدهاء ومعناها على هذا الاستعمال: الغاية؛ فتدخل على 

الجملة الاسمية: كقول الفرزدق : 


وقول جرير: 
فما زالت القتلى تمج دماءها بدجلة حتى ماء دجلة أشكل 


وتدخل على الفعلية إذا كان فعلها ماضيّاء أو بتأويل الماضى» نحو قوله - تعالى -: #حتى 
عفوا» [الأعراف: 46]» وقوله تعالى: طحتى يقول الرسول) [البقرة: ]۲٠١‏ على قراءة الرفع» 
ونحو قول الشاعر: 
سريت بهم حتى تكل مطيهم وحتى الجياد ما يقدن بأرسان 

على رواية من رفع #تكل؛» وتكون قد دخلت فى البيت على الجملتين. 

ومعناها فى هذا الاستعمال: الحال الواقع بالنظر إلى وقت الغايةء ومعناها على الاستعمال 
الأول: الغاية بالنظر إلى الزمن الماضى الممتد إلى وقت الغايةء ولا تخلو من هذا المعثى أصلا؛ 
ولهذا وجب نصب الفعل المستقبل بها حيث تخلص للاستقبال كقوله - تعالى -: لن نبرح عليه 
عاكفين حتى يرجع إلينا موسی) [طه: ۹۱]» ووجب رفعه حيث تخلص للحال كقوله: سرت حتى = 


y۲‏ ج ١‏ معانى حروف يحتاج إليها الفقيه 


«وفى» للظرفية» أو السببيةء نحو قوله - عليه السلام -: افِى الس الْمُؤْمَِةِ ائه 
ِنَ الإبل. 

اللا : للتمليك» نحو: المال لزيد. والاختصاص» نحو: هذا ابن لزيد . 
والاستحقاق» نحو: هذا السرج للدابة. والتعليل» نحو: هذه العقوبة للتأديب» 
والتأكيدء نحو: إن زيدًا لقائم. وللقسم نحو قوله - تعالى -: لتا يِليِيَةِ4 
[العلق: .]٠١‏ 





= أدخل المديئة» إذا قلت ذلك فى حال الدخول» وجاز الوجهان فيما احتمل الحال والاستقبالء كقوله 
تعالى: #حتى يقول الرسول؟ [القرة: ١٠۲]ء‏ فمن نظر إلى الحال رفعء ومن نظر إلى الماضى 
الممتد إلى وقت الغاية نصب. 

ينظر: مصابيح المغانى ۲۳۲٣(‏ - 788*0). 

(۲) حرف من حروف الجرء ومعناها: انتهاء الغاية الزمانية والمكانية» كقوله - سبحانه -: لثم 
أتموا الصيام إلى الليل» [البقرة: ۱۸۷]ء وكقوله - سبحانه -: #سبحان الذى أسرى بعبده 
ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) [الإسراء: ١]ء‏ ثم إن دلت قريئة على دخول 
المغبّى دخلء ' كقولك: قرأت القرآن إلى آخره» وإن دلت على خروجه خرجء كقوله - 
تعالى -: طفنظرة إلى ميسرة» [البقرة: ۲۸۰]ء وإن لم يدل على شىء فقيل: إن كان من 
الجنس دخل» كقوله - تعالى -: «وأيديكم إلى المرافق» [المائدة: ١]ء‏ «وأرجلكم إلى 
الكعبين) [المائدة: ١]ء‏ وقيل: بالدخول مطلقًاء وقيل: بعدمه مطلقّاء وقال ابن هشام: 
وهو الصحيح؛ لأن الأكثر فى الاستعمال عدم الدخول» فيجب الحمل عليه عند التردد. 

ينظر: مصابيح المغانى .)1١ - 1١9(‏ 

)١(‏ هو من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جذهء مرفوعًا: «من قتل -خطأ فديته مائة من 

الإبل . . .» الحديث مطولا. 

أخرجه أبو داود 154١(‏ - 2)4054 والنسائى (8/ 47 - ۳٤)ء‏ وابن ماجه (757:0), 

ومن حديث شعبة عن أيوب السختيانى عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص» 
مرفوعًا: «قتيل الخطأ شبه العمدء قتيل السوط والعصا مائة من الإبل» أربعون متها فى بطونها 
أولادها». 

أخرجه أحمد (151:154/5)» والنسائى (۸/ :)5١‏ وابن ماجه (۲۹۲۷)» والدارقطئى (/ 
4) والبيهقى .)٤٤/۸(‏ 

(؟) وذلك فى كل ما يقبل الملك نحو قوله - تعالى -: لله ما فى السموات وما فى الأرض» 
[البقرة : 4 ونقل عن بعض النحويين إنكار الملك» بدليل قولك: هذا أخ لعبد الل 
وأما قولهم: هذا الغلام لزيد فإنما عرف الملك بدليل آخرء قال بعض المتأخرين 
المحققين: «والظاهر أن أصل معانيها الاختصاص»؛ وهو المعنى الثانى؛ وهو فيما لا يقبل 
الملك؛ ولكنه يختص به المسئد إليه دون غيره من غير استحقاق» نحو: الجئة للمؤمنين» 
والحصير للمسجد» والسرج للدابة» والقميص للعبد. 

ينظر: مصابيح المغانى (۳۷۰» 00/1 


معانى حروف يحتاج إليها الفقيه ج١1‏ 7 





و«الباء»(): للولصاق». نحو: مررت بزيد. والاستعانة» نحو: كتبت بالقلم. 


والتعليل» نحو: سعدت بطاعة الله . والتبعيض عند بعضهم» وهو منكر عند أئمة 
اللخة. 
«وآو»": إما للتخيير نحو قوله تعالى: مت بلع لكب أو کنر مام سكي 


صر کے سے ع 


أو مدل َلك اما [المائدة: ١٩]ء‏ أو للإباحة نحو: اصحب العلماء أو الزهادء 
فله الجمع بينهما بخلاف الأول. أو للشك» نحو جاءنى زيد أو عمرو. أو للإيهام؛ 
نحو: جاءنى زيد أو عمرو» وكنت عالما بالآتى منهماء وإنما أردت التلبيس على 


)١(‏ قيل: وهو معنى لا يفارقها؛ ولهذا اقتصر عليه سيبويهء وذلك مثل قولك: مسحت يدى 
بالأرض» وأمسكت بيد زيد» وهذا إلصاق حقيقى» وأكثر آهل العلم يقولون فى: «مررت 
بزيد»: إنها للإلصاق» كأنه التصق المرور بمكان يقرب من زيدء وهذا إلصاق مجازى . 

وعن الأخفش أن المعنى مررت على زيدء واستدل بقوله تعالى: #وإنكم لتمرون عليهم 
مصبحين وبالليل» [الصافات: ۱۳۷ - ۱۳۸]. 

قال ابن هشام : «والمختار أن مجاز الإلصاقء ومجاز الاستعلاء مستعملان» فحيث تعين أحدهما 
حمل عليه» وإذا استوى التقديران فالأكثر استعمالا أولي بالتخريج عليه» و «مررت عليه» وإن كان قد 
جاء فى: لتمرون عليهم»»: و فى: #يمرون عليها) [يوسف: »]١1١6‏ وفى قول الشاعر: 

ولقد أمر على اللثيم يسينى 

إلا أن «مررت به» أكثر استعمالا؛ فكان تقدير الجماعة أولى. 

ينظر: مصابيح المغانى (194). 

(؟) هى الواقعة بعد الطلب» وقبل ما يمتنع فيه الجمع؛ نحو: تزوّج هندًا أو أختهاء ونحو: قول 
الله - تعالى -: الأفكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو 
تحرير رقبة» [المائدة: 84]» واجتماع هذه الخصال فى الكفارة فى حال كونها كفارة 
ممتنع» لم يقل به أحد من آهل العلم. ينظر: مصابيح المغانى ص(/158:1417). 

(۳) وهى الواقعة بعد الطلب» وقبل ما يجوز فيه الجمع» نحو: تعلم الفقه أو النحوء وجالس 
العلماء أو الزهادء وأما قول الله - عز وجل -: ولا تطع منهم آثمّا أو كفورًا» [الإنسان: 
]٤‏ فإنها واقعة بعد طلب» وقد قال فيها قوم: هذا يعارض ويقابل بضده؛ فيتبين المعنى 
ويصح المراد» وذلك إذا قيل: أطع زيدًا أو عمرّاء فإنما يريد: أطع واحدًا منهماء فإذا أطاع 
أحدهما أو أطاعهما فقد أطاع واحذا منهماء وامثل الأمرء وكذلك إذا نهيناه وقلنا: لا تطع 
زيدًا أو عمرّاء فقد قلنا: لا تطع واحدًا منهماء فأيهما فعل فقد أطاع واحدًا منهما وخالف 
النهى» ولا سبيل له إلى امتثال النهى إلا بترك طاعتهما جميعًا؛ حتى لا يطيع واحدًا منهماء 
فهى فى النهى حظر للجميع» كما أن الإياحة إطلاق للجميع . 

وتلخيصه: أنها تدخل للنهى عما كان مباحّاء وقال بعضهم: إن «أو» فى الآية لبيان النوع» أى: 
لا تطع هذا النوع » وقال بعضهم : هی بمعتى الواو» وقال بعضهم : بمعنی (ولا). 
ينظر: مصابيح المغانى .)١54(‏ 


V€‏ ج ١‏ معانى حروف يحتاج إليها الفقيه 


السامع بخلاف الشك أو للتنويع نحو: العدد إما زوج أو فردء أى هو متنوع إلى 

و «إن:(2 وكل ما تضمن معناها للشرط» نحو إن جاء زيد جاء عمرو» ومن 
دخل دارى فله درهمء وما تصنع أصنع» وأى شىء تفعل أفعل» ومتى أطعت الله 
سعذت » وأين تجلس أجلس. 

و«لو»: مثل هذه الكلمات فى الشرط» نحو: لو جاء زيد أكرمتهء وهى تدل 
على انتفاء الشىء لانتفاء غيره؛ فمتى دخلت على ثبوتين فهما نفيان» ومتى دخلت 
على نفيين فهما ثبوتان» ومتى دخلت على نفى وثبوت» فالثابت منفى والمنفى 
ثابت . 

والولا»9: تدل على انتفاء الشىء لوجود غيره؛ لأجل ألا يثبت النفى الكائن مع 
«لو٤»‏ فصار ثبونّاء وإلا فحكم «لو؛ لم ينتقض؛ فقوله - عليه السلام -: الَوْلَا أَنْ 


)١(‏ الشرطية كقوله - تعالى -: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) [الأنفال: ۳۸]» وتختص 
بالمستقبل فى المعنى» وكذا غيرها من أدوات الشرط؛ فإن وقع بعدها فعل ماض كان مؤولا 
بالمستقبل كقول الله - سبحانه - حكاية عن عيسى - عليه الصلاة والسلام -: إن كنت 
قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسي» [المائدة: »]١١7‏ قال ابن السراج: معئاه: إن ثبت فى 
المستقبل أنى قلته فى الماضى» فالشرط ثبوته فى المستقبل. ومن شرطها: أنها لا تعلق إلا 
بشىء مشكوك فيه» كقولك: إن أتاك زيد فأكرمه» وأما بالمعلوم فلا يجوز تعليقها به فلا 
تقل: إن طلعت الشمس فأتنى» وهذا لا يمنع استعمالها فى كتاب الله؛ فإن القرآن عربى» 
فكل ما يجوز أن تنطق به العرب يجوز فى كتاب الله - تعالى - وكل ما لا يجوز لو نطقت به 
العرب» فلا يجوز فى كتاب الله - تعالى - وخصوص الربوبية لا يدخل تحت اللغات. 

ينظر: مصابيح المخانى (159 - .)۱۷١‏ 
(۲) أما لو: فإنها حرف لما سيقع لوقوع غيره» كما قال سيبويه» كقولك: لو جتتنى أكرمتك . 
وهى أداة شرط فيد التعليق فى الماضى وتختص بهء كذا سماها الزمخشرى» وغيره: حرف 
شرطء وقال بعض الفضلاء: إنما سميت حرف شرط مجارًا؛ لشبهها بالشرط من جهة أن فيها ربط 
جملة بجملة كما فى الشرط؛ من جهة أن معنى الشرط: ربط توقع أمر مستقبل بأمر متوقع مستقبل» 
والواقع لا يتوقع ولا يتوقف دخوله فى الوجود على دخول أمر آخر؛ لأنه قد دخل فى الوجودء وقد 
اتفقوا على إفادتها الربط والتعليق فى الماضى. 
ينظر: مصابيح المغانى .)]٠٠١ - ]٠٤(‏ 

)۳( أن تكون نفيًا بمعنى (لم) وجعل منه قوله - تعالى -: فلولا كانت قرية آمنت فتفعها إيمانها 
إلا قوم يونس »# [يونس: 4ل وقوله - تعالى فلولا كان من القرون من قبلكم» 
[هرد: ١1۱]ء‏ أى: فلم يكن. 


معانى حروف يحتاج إليها الفقيه ج ۱ Vo‏ 





شی عَلَى أُمْتَى لأمَرْتُهُمْ بالسْرّاكِه20 يدل على انتفاء الأمر؛ لوجود المشقة المترتبة 

عر ر ورود ا 

وابل»: لوبطال الحكم عن الأول» وإثباته للثانى» نحو: جاء زيد بل عمرو. 

وعكسها «لا٤»‏ نحو: جاء زيد لا عمرو. 

ودلكن)9 : للاستدراك بعد النفى» نحو: ما جاء زيد لكن عمروء ولابد أن 
يتقدمها نفى فى المفردات» أو يحصل تناقض بين المركبات. 

والعدد يذكر فيه المؤنث ويؤنث فيه المذكر؛ ولذلك قلنا: إن المراد بقوله - 
تعالى -: رطفت يربص اسه َة رور [البقرة: ۲۲۸]: الأطهار دون 
الحيض؛ لأن الطهر مذكر والحيضة مؤئثة» وقد ورد النص بصيغة التأنيث؛ فيكون 
المعدود مذكرا لا مؤنثا. 


قال ابن هشام: والظاهر أن المعنى على التوبيخ» أى: فهلا كانت قرية واحدة من القرى المهلكة 
تابت عن الكفر قبل مجىء العذاب» فتفعها. 
قال: وهو تفسير الأخفش» والكسائى» والفراء» وعلى بن عيسى» والنحاس» ويؤيده قراءة بى 
وعيل الله (فهلا)» قال : ويلزم من هذا المعنى: التفى ؟ لأن التوبيخ يقتضى عدم الوقوع . 
قلت: وقد ذكر الوجهين: التوبيخ والنفى فى الآيتين ابن فارس: والله أعلم. 
ينظر: مصاببح المغانى من ص (450). 
)١(‏ حديث متفق عليه عن أبى هريرة: «لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك. . .» 
أسخ رجه البخارى )۷۲٤١(‏ واللفظ لهء ومسلم ٤۲(‏ - 507), 
(؟) المشهور أنها للاستدراك» وفسر بأن يثبت لما بعدها حكم مخالف لما قبلهاء كما إذا وقعت 
بين نقيضين » كقولك : ما هذا ساكئًا لكنه متحرك» أو بين ضدين كقولك: ما هذا أبيض لكنه 
أسود. فإن وقعت بين خلافين كقولك: ما زيد قائمًا لكنه شارب - فهل يصح معنى 
الاستدراك؟ فيه خلاف» ويشهد عندى لصحته قول زهير: 
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره لكن وقائعه فى الحرب تنتظر 
ينظر: مصابيح المغانی من ص (558 -459). 


۷٦‏ ج ۱ تعارض مقتضيات الألفاظ 
الباب الثالث 
فى تعارض مقتضيات الألفاظ 

يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز» والعموم دون الخصوصء والإفراد دون 
الاشتراك» والاستقلال دون الإضمارء وعلى الإطلاق دون التقييدء وعلى التأصيل 
دون الزيادة» وعلى الترتيب دون التقديم والتأخيرء وعلى التأسيس دون التأكيدء 
وعلى البقاء دون النسخ؛ وعلى الشرعى دون العقلى» وعلى العرفى دون اللغوى. 
إلا أن يدل دليل على خلاف ذلك؛ لأن جميع ما ادعينا تقديمه ترجح عند العقل 
احتمال وقوعه على ما يقابله» والعمل بالراجح متعين. 

فروع أربعة : 

الأول: يجوز عند المالكية و(ش) وجماعة من أصحابه استعمال اللفظ فى حقائقه 
إن كان مشتركاء أو مجازاته» أو مجازه وحقيقته» خلافا لقوم» ويشترط فيه دليل 
يدل على وقوعه. 

وهذا الفرع مبنى على قاعدة» وهى أن المجاز ثلاثة أقسام: 

جائز إجماعا وهو ما اتحد محمله» وقربت علاقته. 

وممتنع إجماعا وهو مجاز التعقيد» وهو ما افتقر إلى علاقات كثيرة نحو قول 
القائل: تزوجت بنت الأمير» ويفسر ذلك برؤيته لوالد عاقد الأنكحة بالمديئة» 
معتمدًا على أن النكاح ملازم للعقد الذى هو ملازم للعاقد الذى هو ملازم لأبيه . 

ومجاز مختلف فيه وهو الجمع بين حقيقتين أو مجازين أو مجاز وحقيقة؛ فإن 
الجمع بين حقيقتين مجاز» وكذلك الباقى؛ لأن اللفظ لم يوضع للمجموع؛ فهو 
مجاز فيهء فنحن و(ش) نقول بهذا المجازء وغيرنا لا يقول به. 

لنا قوله - تعالى -: إ4 أله كته بصَلُونَ عل انى [الأحزاب : 71] والصلاة 
من الملائكة الدعاءء ومن الله - تعالى - الإحسان» فقد استعمل فى المعنيين. 

احتجوا بأنه يمتنع استعماله حقيقة ؛ لعدم الوضعء ومجارًا؛ لأن العرب لم تجزه. 

والجواب منع الثانى. 

الفرع الثانى: إذا تجرد المشترك عن القرائن كان مجملا لا يتصرف فيه إلا بدليل 
يعين أحد مسمياته» وقال (ش): أحمله على الجميع احتياطا. 


تعارض مقتضيات الألفاظ جا ۷Y‏ 





الفرع الثالث: إذا دار اللفظ بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح» كلفظ 

«الدابة» حقيقة مرجوحة فى مطلق «الدابة٠»‏ مجاز راجح فى «الحمار»؛ فيحمل على 
الحقيقة عند (ح)؛ ترجيحا للحقيقة على المجازء وعلى المجاز الراجح عند أبى 
يوسف؛ نظرًا لرجحانه» وتوقف الإمام فخر الدين فى ذلك؛ نظرا للتعارض» 
والأظهر مذهب أبى يوسف؛ فإن كل شىء قدم من الألفاظ إنما قدم لرجحانه؛ 
والتقدير رجحان المجاز؛ فيجب المصير إليه. 

وههنا دقيقة» وهى: أن الكلام إذا كان فى سياق النفى» والمجاز الراجح بعض 
أفراد الحقيقة ك «الدابة» و «الطلاق»» يكون20 الكلام نصا فى نفى المجاز الراجح 
بالضرورة؛ فلا يتأتى توقف الإمام - رحمه الله - [وإن كان فى سياق الإثبات 
والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة» فهو نص فى إثبات الحقيقة المرجوحة 
بالضرورة؛ فلا يتأتى توقف الإمام]. وإنما يتأتى له ذلك إن سلم له فى نفى 
الحقيقة والكلام فى سياق النفى» أو فى إثبات المجاز [والكلام فى سياق 
الإثبات]27: أو يكون المجاز الراجح ليس بعض أفراد الحقيقة» ك «الراوية؛ 
والنجو. 

الفرع الرابع : إذا دار اللفظ بين احتمالين مرجوحين فيقدم التخصيص والمجاز 
والإضمار والنقل والاشتراك على النسخ» والأربعة الأول على الاشتراك» والثلاثة 
الأَوّلُ على النقل» والأولان على الإضمارء والأول على الثانى . 

لأن النسخ يحتاط فيه أكثر؛ لكونه يصير اللفظ باطلاء فتكون مقدماته أكثر› 
فيكون مرجوحا؛ فتقدم لرجحانها عليه. 

والاشتراك محمل حاله عدم القرينة» بخلاف الأربعة. 

والنقل يحتاج إلى اتفاق على إبطال وإنشاء وضع بعد وضع ٠‏ 

والثلاثة يكفى فيها مجرد القرينة ؛ فتقدم عليه . 

ولأن الإضمار أقل؛ فيكون مرجوحاء ولأن التخصيص فى بعض الحقيقة بخلاف 
المجاز. 





. فى ط: يتعين أن‎ )١( 
زفق ما بين المعقوفين سقط فى أ.‎ 
سقط فى آ.‎ )۳( 


۷۸ ج١1‏ الأوامر 


الباب الرايع 
فى الأوامر وفيه ثمانية فصول 

الفصل الأول - فى مسماه ما هو: 

أما لفظ الأمر فالصحيح أنه اسم لمطلق الصيغة الدالة على الطلب من سائر 
اللغات؛ لأنه المتبادر إلى الذهن منهاء هذا مذهب الجمهور. 

وعند بعض الفقهاء» مشترك بين القول والفعل» وعند أبى الحسين: مشترك 
بينهما وبين الشأن والشىء والصفة(©. 

وقيل: هو موضوع للكلام النفسانى دون اللسانى» وقيل: مشترك بينهما. 

وأما اللفظ الذى هو مدلول الأمر فهو موضوع عند مالك - رحمه الله وعند 
أصحابه - للوجوب وعند أبى هاشم؛ للندب وللقدر المشترك بينهما عند قوم وعند 
آخرين لا يعلم حاله. 

وهو عنده - أيضًا - للفور وعند الحنفية» خلافا لأصحابنا المغاربة والشافعية. 

وقيل بالوقف» وهو عنده للتكرارء قاله ابن القصار من استقراء كلامهء وخالفه 
أصحابه» وقيل بالوقف. 

لنا: قوله - تعالى - لإبليس: اما مَتمك ألا َنم إذ أك [الأعراف: ]١7‏ رتب 
الذم على ترك المأمور به فى الحال» وذلك دليل الوجوب والفور. 

وأما التكرار فلصحة الاستثناء من كل زمان من الفعل . 

فإن علق على شرط فهو عنده وعند جمهور أصحابه والشافعية للتكرار» خلافا 

وهو يدل على الإجزاء عند أصحابهء خلافا لأبى هاشم؛ لأنه لو بقيت الذمة 
مشغولة بعد الفعل لم يكن أتى بما أمر به» والمقرر -خلافه0©. 

وعلى النهى عن أضداد المأمور به عند أكثر أصحابه من المعنى لا من اللفظ 





خلافا لجمهور المعتزلة وكثير من أهل السنة. 
)1( فى أ: والصيغة. 
(۳) فى ط: متزل. 


(۳) زاد فى ش: هذا خلف. 


الأوامر ج ۱ ۷۹ 


ولا يشترط فيه علو الآمرء خلافا للمعتزلة» واختار الباجى من المالكية» [وأبو 
الحسن من المعتزلة» والإمام فخر الدين: الاستعلاء]"» ولم يشترط غيرهم 
الاستعلاء ولا العلو. 

والاستعلاء هيئة فى الآمر من الترفع وإظهار القهرء والعلو يرجع إلى هية° 
الآمرء من شرفه وعلو منزلته بالنسبة إلى المأمور. 

ولا يشترط فيه إرادة المأمور بهء ولا إرادة الطلب» خلافا لأبى على وأبى هاشم 


من المعتزلة. 
لنا: أنها معنى خفى يتوقف العلم به على اللفظ؛ فلو توقف اللفظ عليها لزم 
الدور. 


الفصل الثانى : 

إذا ورد بعد الحظر اقتضى الوجوب عند الباجى» ومتقدمى أصحاب مالك» 
وأصحاب (شن)» والإمام فخر الدين» خلافا لبعضٍ أصحابنا وأصحاب (ش) فى 
قولهم بالإباحة كقوله - تعالى -: ولا َكَل كَأمطَامُوا© [المائدة: ۲] بعد قوله: لا 
تنا ليد وي حيط [المائدة: ]۹١‏ ؛ لأن الأصل استعمال الصيغة فى مسماها. 

الفصل الثالث - فى عوارضه: 

مذهب الباجى وجماعة من أصحابنا والإمام فخر الدين: أنه إذا نسخ يحتج به 
على الجواز؛ لأنه من لوازمهء ومنع من ذلك بعض الشافعية وبعض أصحابنا. 


ويجوز أن يرد خيرًا لا طلب فیه» كقوله - تعالى -: فل مَن کان فى الصا ينقد 


وأن يرد الخبر بمعناهء كقوله - تعالى -: اللاك يعن ادي 
[البقرة : ۲۳۳] وهو كثير. 

الفصل الرابع : 

يجوز تكليف ما لا يطاقء خلافا للمعتزلة والغزالى» وإن كان لم يقع فى الشرعء 
خلافا للومام فخر الدين. 





لق فى ط: ونص. 
(۲) فى ط: وأبو الحسن من المعتزلة: على الاستعلاء؛ واختاره الإمام فخر الدين. 
(۳) فى ط: هيبة. : 


١ ۰‏ الأوامر 


لنا: قوله - تعالى -: ربا ولا تاتا ما لا طافَدٌ لنا بر [البقرة: ]۲۸١‏ فسؤال 
دفعه يدل على جوازه» وقوله - تعالى -: طلا يكلف اله تسا إلا وسنها» 
[البقرة: ]۲۸١‏ يدل على عدم وقوعه. 

وههنا دقيقة» وهى: أن ما لا يطاق قد يكون عاديا فقطء نحو: الطيران فى 
الهواء؛ أو عقليًا فقط » كإيمان الكافر الذى علم الله - تعالى - أنه لا يؤمن» أو عاديًا 
وعقليًا معاء كالجمع بين الضدين. 

فالأول والثالث هما المرادان هنا دون الثانى. 

الفصل الخامس : 

فيما ليس من مقتضاه لا يوجب القضاء عند اختلال المأمور به عملا بالأصل» بل 
القضاء بأمر جديدء خلافا لأبى بكر الرازى. 

وإذا تعلق بحقيقة كلية لا يكون متعلقا بشىء من جزئياتها؛ لأن الدال على الأعم 
غير دال على الأخص. 

ولا يشترط مقارنته للمأمور؛ بل يتعلق فى الأزل بالشخص الحادث» سخلافا 
لسائر الفرق» ولكنه لا يصير مأمورًا إلا حالة الملابسة خلافا للمعتزلة»ء والحاصل 
قبل ذلك إعلام بأنه سيصير مأمورًا؛ لأن كلام الله - تعالى - قديم والأمر متعلق 
لذاته؛ فلا يوجد غير متعلق» والأمر بالشىء حالة عدمه محال؛ للجمع بين 
النقيضين» وحالة إيقاعه محال؛ لتحصيل الحاصل؛ فيتعين زمن الحدوث» 
والأمر بالأمر بالشىء لا يكون أمرا بذلك الشىء؛ إلا أن ينص الآمر على ذلك 
كقوله - عليه السلام -: امرْوهُمْ بالصّلَاة لسع وَاضْرِبُوهُمْ عََيْهَا عضر وليس 





)١(‏ فى ط: الأول. 

(؟) فى ط: بقائه. 

0 هو من حديث سبرة بن معبد الجهنى» مرفوعًا: «مروا الصبى بالصلاة ابن سبع سنين» 
واضربوه عليها ابن عشرا. 

أخرجه أحمد (۳/ ١4‏ 4)» وأبو داود (444): والترملى :.)5٠1(‏ والدارمى (۱/ ۲۷۳)ء وأحمد 

»)5١1١/(‏ وابن الجارود (159)» والدارقطنى (۱/ ۲۳۰)ء والحاكم (1/ 2075١1‏ والبيهقتى (؟/ 
14)» وقال الترمذى: حديث حسن. وله شاهد من حدیث عبد الله بن عمرو بن العاص: أخرجه 
أحمد (۲/ ۱۸۷)ء وأبو داود (46)ء والدارقطتی (۱/ ۲۳۰)»› والحاكم (١/۱۹۷)ء‏ والبيهقى 
,(At /)‏ 


الأوامر + ۱ ۸۱ 


من شرطه تحقق العقاب على الترك عند القاضى أبى بكر والإمام فخر الدين خلافا 
للغزالى؛ لقوله - تعالى -: وفوا من حكَثِيرٍ4 [المائدة: .]١6‏ 

الفصل السادس - فى متعلقه : 

بالواجب الموسع: وهو أن يكون زمان الفعل يسع أكثر منهء وقد لا يكون 
محدوداء بل مُعَْيّى بالعمرء وقد يكون محدودا كأوقات الصلوات» وهذا يعزى 
للشافعية منعه؛ بناء على تعلق الوجوب بأول الوقت» والواقع بعد ذلك قضاء يسد 
مسد الأداء وللحنفية منعه؛ بناء على تعلق الوجوب بآخر الوقت» والواقع قبله نفل 
يسد مسد الواجب. 

وللكرخى منعه؛ بئاء على أن الواقع من الفعل موقوف» فإن كان الفاعل فى آخر 
الوقت من المكلفين فالواقع فرض وإلا فهو نفل. 

ومذهبنا جوازه» والخطاب عندنا متعلق بالقدر المشترك بين أجزاء الزمان الكائنة 
بين الحدين؛ فلا [جرم صح] أول الوقت لوجود المشترك» ولم يأئم بالتأخير؛ 
لبقاء المشترك فى آخره» ويأثم إذا فوت جملة الوقت؛ لتعطيل المشترك الذى هو 
متعلق الوجوب: فلا يرد علينا مخالفة قاعدة ألبتة» بخلاف غيرنا. 

وكذلك الواجب المخيرء قالت المعتزلة: الوجوب متعلق بجملة الخصال» 
وعندنا وعند بقية أهل السنة: متعلق بواحد لا بعينه» ويحكى عن المعتزلة - أيضا - 
أنه متعلق بواحد معين عند الله - تعالى - وهو ما علم أن المكلف سيوقعه» وهم 
ينقلون - أيضا - هذا المذهب عنا. 

والمخير عندنا كالموسع» والوجوب فيه متعلق بمفهوم أحد الخصال الذى هو 
قدر مشترك بينهاء وخصوصياتها متعلق التخيير؛ فما هو واجب لا تخيير فيه» وما 
هو مخير فيه [لا وجوب فيه]('© فلا جرم يجزئه كل معين منها؛ لتضمنه القدر 
المشترك» وفاعل الأخص فاعل الأعمء ولا يأثم بترك بعضها إذا فعل البعض؛ لأنه 
تارك للخصوص المباح» فاعل للمشترك الواجب» ويأثم بترك الجميع؛ لتعطيله 
المشترك بينها. 


(۲) سقط فى أ. 


AY‏ ج١1‏ الأوامر 


وكذلك فرض الكفاية» والمقصود بالطلب فيه إنما هو إحدى الطوائف التى 
هى قدر مشترك بينهاء غير أن الخطاب يتعلق بالجميع أول الأمر؛ لتعذر خطاب 
المجهول» فلا جرم سقط الوجوب بفعل طائفة معينة من الطوائف؛ لوجود المشترك 
فيهاء ولا تأثم طائفة معينة إذا غلب على الظن فعل غيرها؛ لتحقق الفعل من 
المشترك بينها ظناء ويأثم الجميع إذا تواطئوا على الترك؛ لتحقق تعطيل المشترك 

إذا تقرر تعلق الخطاب فى الأبواب الثلاثة بالقدر المشتركء فالفرق بينها: أن 
المشترك فى الموسع هو الواجب فيه» وفى الكفاية هو الواجب عليه» وفى المخير: 
الواجب نفسه. 

فائدة: لا يشترط فى فرض الكفاية تحقق الفعل بل ظنهء فإذا غلب على ظن هذه 
الطائفة أن تلك فعلت سقط عن هذه» وإذا غلب على ظن تلك الطائفة أن هذه فعلت 
سقط عنهاء وإذا غلب على ظن الطائفتين فعل كل واحدة منهما سقط عنهما. 

سؤال: إذا تقرر الوجوب على جملة الطوائف فى فرض الكفاية» فكيف يسقط 
عمّن لم يفعل بفعل غيره» مع أن الفعل البدنى كصلاة الجنازة والجهاد مثلا لا يجزئ 
فيه أحد عن أحد؛ فكيف يسوى الشرع بين من فعل ومن لم يفعل؟ 

جوابه: أن الفاعل يساوى غير الفاعل فى سقوط التكليف» واختلف السبب: 
فسبب سقوطه عن الفاعل فعله» وعن غير الفاعل تعذر تحصيل تلك المصلحة التى 
لأجلها وجب الفعل؛ [فانتفى الوجوب]20 لتعذر حكمته . 

قاعدة: الفعل على قسمين: 

منه ما تتكرر مصلحته ٻتكرره» كالصلوات الخمس؛ فإن مصلحتها الخضوع لذى 
الجلال» وهو متكرر بتكرر الصلاة. 

ومنه ما لا تتكرر مصلحته بتكرره» كإنقاذ الغريق؛ فإنه إذا انتشل0© من البحر 
فالنازل بعد ذلك إلى البحر لا يحصل شيئا من المصلحة» وكذلك إطعام الجوعان 
وإكساء العريان» وقتل الكفار. 





)١(‏ فى ط: لغة. 
زفق فى أ: فلا تنفى الوجوب» وفى ط: فلا جرم انتفى الوجوب. 
(۳) فى ط: إذا شيل. 


لأوامر ج ۱ A‏ 


فالقسم الأول جعله الشرع على الأعيان؛ تكثيرًا للمصلحة» والقسم الثانى على 
الكفاية؛ لعدم الفائدة فى الأعيان. 

فوائد ثلاث : 

الأولى: الكفاية والأعيان كما يتصوران فى الواجبات يتصوران فى المندوبات» 
كالأذان والإقامة والتسليم والتشميت(©2» وما يفعل بالأموات من المندوبات» فهذه 
على الكفاية. 

وعلى الأعيان» كالوتر والفجر وصيام الأيام الفاضلة» وصلاة العيدين» والطواف 
فى غير النسك» والصدقات. 

الثانية: نقل صاحب الطراز وغيره: أن اللاحق بالمجاهدين وقد كان سقط 
الفرض عنه يقع فعله فرضا بعد ما لم يكن واجبا عليه» وطرده غيره من العلماء فى 
سائر فروض الكفاية» كمن يلحق بمجهزى الأموات من الأحياء» أو بالساعين فى 
تحصيل العلم من العلماء؛ فإن ذلك الطالب للعلم يقع فعله واجباء معللا لذلك بأن 
مصلحة الوجوب لم تتحقق بعدء ولم تحصل 7" إلا بفعل الجميع ؛ فوجب أن يكون 
فعل الجميع واجباء ويختلف ثوابهم بحسب مساعيهم. 

الثالثة: : الأشياء المأمور بها على الترتيب أو على البدل» قد يحرم الجمع بينها 
كالمباح والميتة من المرتبات» وتزويج المرأة من أحد الكفئين من المشروع على 
سبيل البدل» وقد يباح كالوضوء والتيمم من المرتبات» والسترة بالثوبين من باب 
البدل» وقد يستحب كخصال الكفارة فى الظهار [من المرتبات]» وخصال كفارة 
الحنث [مما شرع] على البدل. 

فرع: اختار القاضى عبد الوهاب أن الأمر المعلق على الاسم يقتضى الاقتصار 
على أولهء والزائد على ذلك إما مندوب أو ساقط. 





)١(‏ فى آ: والسمية. 
(۳) فى ط: تقع. 

)£( قط و 

(4) فى ش: فيما یشرع . 


A4‏ +۱ الأوامر 


الفصل السابع - فى وسيلته -: 

وهى عندنا وعند جمهور العلماء ما لا يتم الواجب المطلق إلا به - وهو مقدور 
للمكلف - فهو واجب؛ لتوقف الواجب عليه. 

فالقيد الأول؛ احترازًا من أسباب الوجوب وشروطه» وانتفاء موانعه؛ فإنها لا 
تجب إجماعا مع التوقف عليهاء وإنما الخلاف فيما تتوقف عليه الصحة بعد 
الوجوب . 

والقيد الثانى؛ احترازًا من توقف فعل العبد بعد وجوبه على تعلق علم الله وإرادته 
وقدرته بإيجاده. ولا يجب على المكلف تحصيل ذلك إجماعا. 

وقالت الواقفية: إن كانت الوسيلة سبب المأمور به وجبت» وإلا فلا. 

ثم الوسيلة : إما أن يتوقف عليها المقصد فى ذاتهء أو لا يتوقفء والأول إما 
شرعى كالصلاة على الطهارة» أو عرفى كنصب السلم لصعود السطح» أو عقلى 
كترك الاستدبار لفعل الاستقبال. 

والثانى : جعله وسيلة: إما بسبب الاشتباه» نحو إيجاب خمس صلوات لتحصيل 
صلاة منسية» أو كاختلاط النجس بالطاهر» والمذكاة بالميتة» والمنكوحة بالأخت . 
أو لتيقن الاستيفاء» كغسل جزء من الرأس مع الوجه أو إمساك جزء من الليل مع نهار 
الصوم . 

الفصل الثامن - فى خطاب الكفار: 

أجمعت الأمة على أنهم مخاطبون بالإيمان» واحتلفوا فى خطابهم بالفروع : 

قال الباجى : وظاهر مذهب مالك خطابهم بها خلافا لجمهور الحنفية وأبى حامد 
الإسفرايينى؛ لقوله - تعالى - حكاية عنهم: 6لا لر تك وت الل 
[المدثر :١٤]ء‏ ولأن العمومات تتناولهم. 

وقیل: مخاطبون بالنواهى» دون الأوامر. 

وفائدة الخلاف ترجع إلى مضاعفة العقاب فى الآخرة» وعيئه الإمام؛ أو إلى غير 
ذلك. وبسطه فى غير هذا الکتاب. 

* اخ ساد 





)0 فى ط: وبسطه فى غير هذه المقدمة. 


النواهى جا ۸o‏ 
الباب الخامس 
فى النواهى وفيه ثلاثة فصول 

الفصل الأول - فى مسماه: 

وهو عندنا: التحريم")ء وفيه من الخلاف ما سبق فى الأمر. 

واختلف العلماء فى إفادته التكرار» وهو المشهور من مذاهب7 العلماء؛ وعلى 
القول بعدم إفادته - وهو مذهب الإمام فخر الدين - لا يفيد الفور عنده» ومتعلقه 
فعل ضد المنهى عنه؛ لأن العدم غير مقدورء وعند أبى هاشم: عدم المنهى 
عنة . 

الفصل الثانى - فى أقسامه: 

وإذا تعلق بأشياء: فإما عن الجميع» نحو الخمر والخنزيرء وإما عن الجمع نحو 
الأختين» أو على البدل» مثل: إن فعلت ذا فلا تفعل ذلك» كنكاح الأم بعد ابنتهاء 
أو عن البدل» كجعل الصلاة بدلا من الصوم. 

الفصل الثالث - فى لازمه: 

وهو عندنا يقتضى الفسادء خلافا لأكثر الشافعية والقاضى أبى بكر مناء وفرق أبو 
الحسين [البصرى] والإمام بين العبادات: فيقتضى» وبين المعاملات: فلا 
لنا: أن النهى إنما يكون لدرء المفاسد الكائنة فى المنهى عنهء والمتضمن 
للمفاسد فاسد. ومعنى الفساد فى العبادات: وقوعها على نوع من الخلل يوجب بقاء 
الذمة مشغولة بها. وفى المعاملات: عدم ترتب آثارها عليهاء إلا أن يتصل بها ما 
يقرر آثارهاء [على أصولنا فى الببع وغيره]). 

وقال (ح) ومحمد بن الحسن: لا يدل على الفساد مطلقاء ويدل على الصحة؛ 
لاستحالة النهى عن المستحيل» ويقتضى الأمر بضد من أضداد المنهى عنه. 

% نا كن 





(؟) فى ش: مذهب. 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ فى ط: من التصرفات» على تفصيل يأتى. 


م +۱ العمومات 
الباب السادس 
فى العمومات 





وفيه سبعة فصول: 

الفصل الأول: فى أدوات العموم» وهى نحو عشرين صيغة. 

قال الإمام: وهى إما أن تكون موضوعة للعموم بذاتها نحو: «كل(»ء أو بلفظ 
يضاف إليها: كالنفى» ولام التعريف» والإضافة. وفيه نظر. 

فمنها: كل» وجمیع"» ومن» وماء والمعرف باللام» جمعا ومفرداء والذى 
والتى» وتثنيتهماء وجمعهما: وأىء ومتى فى الزمان» وأين» وحيث فى المكان» 
قاله القاضى عبد الوهاب» واسم الجنس إذا أضيف» والنكرة فى سياق النفى؛ فهذه 
عندنا للعموم. 

واختلف فى الفعل فى سياق النفى» نحو قوله: «والله لا آكل؟: فعند (ش) 
للعموم فى المواكيل؛ فله تخصيصه بنيته فى بعضهاء وهذا هو الظاهر من مذهينا. 





)١(‏ اكل»» وهی أقوى صيغ العموم فى الدلالة عليه» ولا فرق بين أن تقع مبتدأ بهاء أو تابعة 
مؤكدة إلا من جهة التأسيس والتأكيد» وهى تشمل العاقل وغيره» والحيوان والجمادء وغير 
ذلك» والمذكر والمؤنث» والمفرد» والمثنى» والجموع؛ فلذلك كانت أقوى صيغ العموم. 

ولقاضى القضاة» فريد العصر تقى الدين السبكى عليهما كلام طويل فى مصنف مفرد ذكر فيه 
ينظر: تلقيح الفهوم ۲٠۰(‏ - ١0؟).‏ 

زفق من صيغ العموم : الجميع؟ وما يتصرف مله : کأجمع» وجمعاء» وأجمعين» وجمع»› وما 
يتبعه فى التوکيد» وهو: أكتع وأبصع وأبتم» على رأىء وما يتصرف من ذلك يحسب 
التأنيث» والجمع مذكرًا ومؤنثاء والتثنية. 

ويتحصل من ذلك نحو عشرين صيغة» لكنها ترجع فى الحقيقة إلى مادة واحدة. 

أما الجميع؟؛ فهو فيل بمعنى (مفعول؟: فيكون معناه: مجموع الأجزاء» وكل جزء مجموع؛ 
لأنه جمع مع غيره» فلا فرق بين قولك: المجموع العشرة»؛ و كل العشرة)» والإضافة فيهما بمعنى 
من)» فإن أردت بالمجموع الشىء [المجرًا] كالعشرة نفسهاء سام وكان ذلك معنى آخرء وهو 
المتبادر إلى الفهم عند الأصوليين والفقهاءء وهو الذى نتكلم عليه فى غرضناء وذكر الحنفية فى 
أصولهم بأن «كل» تعم الأشياء على سبيل الانفراد» و #جميعًا تعمها على سبيل الاجتماع» وكأنهم 
أرادوا ما أراده الأصوليون» لكنهم مثلوا ذلك بقولهم: «جاء القوم كلهم أجمعون». 

وتفصيل ذلك فى كتب الأصول. 

ينظر: تلقيح الفهوم (۲۹۸). 


وقال (ح): لا يصح؛ لأن الفعل يدل على المصدرء وهو لا واحد ولا كثير؛ قلا 

ولا تخصيص . 
تفق الإمامان على قوله: دلا أكلت أكلا» أنه عام يصح تخصيصهء وعلى عدم 

لخم الل ا أو البقاع . 

لنا: : إن كان عاما صح التخصيص» > وإلا فمطلق يصح تقییده ببعض حالهء وهو 
المطلوب. 

وقال (ش) - رضى الله عنه -: ترك الاستفصال فى حكايات الأحوال يقوم مقام 
العموم فى المقالء نحو قوله - عليه السلام - لغيلان() حين أسلم على عشر 

نسوة: «أَنْسِكُ ربا وََارِقٌ سَائْوَهةو(9) من غير كشف عن تقدم عقودهن أو 
تأخرهاء أو اتحادها أو تعددها. 

وخطاب المشافهة لا يتناول من يحدث بعد إلا بدليل؛ لأن الخطاب موضوع فى 
اللغة للمشافهة . 

وقول الصحابى : «نهى - عليه السلام - عن بيع الغرر" أو قضى بالشفعة29 
أو حكم بالشاهد واليمين - قال الإمام - رحمه الله -: لا عموم له؛ لأن الحجة 





)١(‏ فى ط: ابن غيلان. وهو خطأ. 
(۲) أسفرجه الشافعى (؟/ 2)47 وأحمد (1*/1؛ ٤۱ء‏ ۸۳)ء والترمذى :)١١78(‏ وابن ماجه 
»)١96(‏ والطيرانى فى الكبير )١55751(‏ وابن حبان (241865 ۷٥١٤ء‏ 4168 
والدارقطنى «(TY (T14۹1)‏ والحاكم )۱4۲/۲ - 14۳(. 
والبيهقى ١ »۱٤۹/۷(‏ والبغوى فى شرح السنة (۲۲۸۱) من طريق معمر عن الزهرى عن 
سالم عن ابن عمر قال: أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوةء فقاله له البى َة «أمسك أريعًاء 
وفارق سائرهن؟. 
قال الترمذى: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: هذا حديث غير محفوظ» والصحيح ما روى 
شعيب بن أبى حمزة وغيره عن الزهرى قال: حدثت عن محمد بن سويد أن غيلان بن سلمة أسلم 
وعنده عشر نسوة. 
وينظر: تلخيص الحبير (//21"” - 01/8 . 
)۳( هو من حديث أبى هريرة قال : (نھی رسول الله ل عن بيع الحصاة» وعن بيع الغرر» . 
أخرجه مسلم .(No\¥ — ٤(‏ 
)£( هو من حديث جابر قال: اقضی رسول الله يك بالشفعة فى كل ما لم يقسم؛ فإذا وقعت 
الحدود» وصرفت الطرق فلا شفعة 
أخرجه البخارى »)۲۲۵١۷(‏ وهذا انظ ومسلم (۱۳۴ - .)۱۹١۸‏ 
)6( هو من حديث ابن عباس «آن رسول الله يي قضى بيمين وشاهد» . أخرجه مسلم (1- -1/19). 


فى المحكى لا فى الحكاية. 

وكذلك قوله: كان يفعل كذاء وقيل: يفيده عرفاء وقال القاضى عبد الوهاب: 
إن «سائر» ليست للعموم؛ فإن معناها باقى الشىء لا جملته. 

وقال صاحب الصحاح وغيره من الأدباء: إنها بمعنى جملة الشىء» وهى مأخوذة 
من (سور» المدينة المحيط بهاء لا من #السؤر» الذى هو البقية؛ فعلى هذا تكون 
للعموم» والأول عليه الجمهور والاستعمال. 

وقال الجبائى: الجمع المنكر للعموم» خلافا للجميع فى حملهم له على أقل 
الجمع. والعطف على العام لا يقتضى العموم» نحو قوله - تعالى -: لطاب 
ريصب اهن نة ورور [البقرة: ۲۲۸]ء ثم قال : يلين لحن رمه [البقرة : 
۸ فهذا الضمير لا يلزم أن يكون عاما فى جملة ما تقدم؛ لأن العطف مقتضاه 
التشريك فى الحكم الذى سيق الكلام لأجله فقط . 

وقال الغزالى: المفهوم لا عموم له. قال الإمام: إن عنى به أنه لا يسمى عاما 
لفظيا فقريب» وإن عنى أنه لا يفيد عموم انتفاء الحكم» فدليل كون المفهوم حجة 
بف( . 

وخالف القاضى أبو بكر فى جميع هذه الصيغ» وقال بالوقف مع الواقفية. [وقال 
أكثر الواقفية :] إن الصيغ مشتركة بين العموم والخصوص. 

وقيل: تحمل على أقل الجمع» وخالف أبو هاشم مع الواقفية فى الجمع المعرف 
باللام» وخالف الومام فخر الدين فى المفرد المعرف باللام . 

لنا: أن العموم هو المتبادر؛ فيكون مسمى اللفظ كسائر الألفاظ. ولصحة 
الاستثناء فى كل فردء وما صح استئناؤه وجب اندراجه. 

تنبيه : النكرة فى سياق النفى يستثنى منها صورتان: 

إحداهما: «لا رجل فى الدار؟ بالرفع ؛ فإن المنقول عن العلماء أنها لا تعم» وهى 
بطل على الحنفية7 ما ادعوه من أن النكرة إنما عمت لضرورة نفى المشترك» وعند 
غيرهم عمت؛ لأنها موضوعة لغة لإثبات السلب لكل واحد من أفرادها. 
)١(‏ فى ط: بنفیه. 
(۲) سقط فى أ. 
(۳) فى ط: الحقيقة. 


وثانيتهما: سلب الحكم عن العمومات» نحو: ليس كل بيع حلالا؛ فإنه نكرة فى 
سياق النفى ولا يعم؛ لأنه سلب للحكم عن العموم» لا حكم بالسلب على العموم. 

فائدة: النكرة فى سياق النفى تعم» سواء دخل النفى عليهاء نحو: لا رجل فى 
الدارء أو دخل على ما هو متعلق بهاء» نحو: ما جاءنى أحد. 

الفصل الثانى - فى مدلوله: 

وهو كل واحد [واحد]ء لا الكل من حيث هو كلء فهو كلية لا كل» وإلا 
لتعذر الاستدلال به حالة النفى» أو النهى. 

ويندرج العبيد عندناء وعند الشافعية فى صيغة «الناس»ء و «الذين آمنوا». 

ويندرج النبى - عليه السلام - فى العموم عندناء وعند الشافعية. وقيل: علو 
منصبه يأبى ذلك . 

وقال الصيرفى: إن صدر الخطاب بالأمر بالتبليغ لم يتناوله» وإلا تناوله . وكذلك 
يندرج المخاطب فى العموم الذى يتناوله؛ لأن شمول اللفظ يقتضى جميع ذلك. 

والصحيح عندنا اندراج النساء فى خطاب التذكير» قاله القاضى عبد الوهاب. 

وقال الإمام فخر الدين: إن اختص الجمع بالذكور لا يتناول الإناث» وبالعكس: 
كشواكر وشكر» وإن لم يختص» كصيغة «من» تناولهما. 

قال: وقيل: لا يتناولهما. وإن لم يكن مختصا: فإن كان متمیزا بعلامات 
الإناث لا يتناول الذكور كمسلمات» وإن تميز بعلامات الذكور - كمسلمين - لا 
يتناول الإناث. وقيل: يتناولهن . 

الفصل الثالث - فى مخصصاته: 

وهى خمسة عشر: 

فيجوز عند مالك - رحمه الله - وعند أصحابه تخصيصه بالعقل» خلافا لقوم» 
كقوله - تعالى -: اله خَِنٌ َل سر4 [الزمر: 1۲]ء خصص العقل ذات الله 
وصقاته . 

وبالإجماع والكتاب» خلافا لبعض آهل الظاهر. 





)١(‏ سقط فى ط. 
(؟) فى ط: متقيدًا. 


وبالقياس الجلى والخفى للكتاب والسنة المتواترة. 

ووافقنا (ش) و(ح) والأشعرى(" وأبو الحسين البصرى229: وخالفنا اللجبائى 9) 
وأبو هاشم فى القياس مطلقا. 

وقال عيسى بن أبان: إن خص قبله بدليل مقطوع جاز» وإلا فلا. 

وقال الكرخى: إن خص قبله بدليل منفصل جازء وإلا فلا. 

وقال ابن سريج وكثير من الشافعية: يجوز بالجلى دون الخفى . 

واختلف فى الجلى والخفى: 

فقيل : 
الجلى: قياس المعنى» والخفى: قياس الشبه. 


(۱) على بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبى بردة 
بن أبى موسى» الشيخ أبو الحسن الأشعرى البصرى» إمام المتكلمين» وناصر سئة سيد 
المرسلين» والذات عن الدين» والمصحح لعقائد المسلمين» مولده سنة ستين وماثتين» 
وقيل سنة سبعين. كانت المعتزلة قد رفعوا رءوسهم حتى أظهر الله الأشعرى» فحجرهم فى 
أقماع السمسم. قال الخطيب البغدادى: أبو الحسن الأشعرى» المتكلم» صاحب الكتب 
والتصائيف فى الرد على الملحدة» وغيرهم من المعتزلةء والرافضة» والجهمية» والخوارج 
وسائر أصناف المبتدعة. توفى سنة 74"اه» وقيل: ١٠ا"اهء‏ وقيل: ٠""اه.‏ 

ينظر: الأعلام (٥/1۹)ء‏ تاريخ بغداد (207"47/11 وفيات الأعيان (؟/447)» طبقات ابن 
قاضى شهبة .)117/١(‏ 

(؟) محمد بن على الطيب» أبو الحسين البصرى» أحد أثمة المعتزلة» ولد فى البصرة قال 
الخطيب البغددى: له تصانيف» وشهرة بالذكاء والديانة على بدعته. من كتبه: الإمامة» 
تصفح الأدلة» المعتمد فى أصول الفقه» وغيرها توفى 475ه. 

ينظر: وفيات الأعيان (۱/ 587)» تاريخ بغداد (۳/ ١٠٠)ء‏ كشف الظنون (۱۲۰۰ء ۱۷۳۲)ء 
الأعلام (5/ .)۲۷١‏ 

)۳( محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائى» أبو علىء من أئمة المعتزلة» رئيس علماء الكلام 
فى عصره» ولد 110ه» إليه نسبة الطائفة الجبائية» له تفسير كامل» رد عليه الأشعرى. وله 
مقالات انفرد بها فى المذهب. توفى سنة 7:ثاه. 

ينظر: المقريزى (؟7548/1)» وفيات الأعيان »)58٠/1(‏ البداية والنهاية (11/ .)٠٠١‏ اللباب 
»)5١8/١(‏ مفتاح السعادة (؟/ 6"). الأعلام 1 ؟), 

)٤(‏ عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائى ) من أبناء أبان مولى عثمان» عالم بالكلام» 
من كبار المعتزلة؛ له آراء انفرد بهاء وتبعته فرقة سميت: «البهشمية»؟؛ نسبة إلى كنيته «أبى 
هاشم؟. من تصانيفه «الشامل؟ فى الفقهء و «تذكرة العالم»؛ و «العدة فى أصول الفقه. 

ينظر: المقريزى (۲/ »)۳٤۸‏ وفيات الأعيان (۱/ ۲۹۲)» البداية والنهاية (١١/۱۷1)ء‏ الأعلام 
/2)0. 


العمومات + ۱ ۹۱ 

وقيل : : الجلى ما تفهم علتهء كقوله - عليه السلام -: دلا يَنْضِى الْقَاضِى وَهُوَ 
ضبان( . 

وقيل: ما ينقض القضاء بخلافه. وقال الغزالى: إن استويا توقفناء وإلا طلبنا 
الترجيح» وتوقف القاضى أبو بكرء وإمام الحرمين» وهذا إذا كان أصل القياس 
متواتراء فإن كان حبرًا واحدٍ كان الخلاف أقوى. 

لنا: أن اقتضاء النصوص تابع للحكم» والقياس مشتمل على الحكم؛ فيقدم. 
ويجوز عندنا تخصيص السنة المتواترة بمثلهاء وتخصيص الكتاب بالسنة المتواترة 
كانت قولا أو فعلاء خلافا لبعض الشافعية. 

ويجوز عندنا وعند (ش) وأبى حنفية تخصيص الكتاب , بخبر الواحد» وفصل ابن 
أبان والكرخى كما تقدم» وقيل: لا يجوز مطلقاء وتوقف القاضى فيه. 

وعندنا يخصص7() فعله - عليه السلام - وإقراره» الكتاب والسئة. 

وفصل الإمام فخر الدين فقال: إن تناوله العام كان الفعل مخصصا له ولغيره» إن 
علم بدليل أن حكمه كحكمه؛ لكن المخصص فعله مع ذلك الدليل» وكذلك إذا 
كان العام متناولا لأمته فقط. وعلم بدليل منفصل أن حكمه حكم أمته. وكذلك 
الإقرار يخصص الشخص المسكوت عنه لما خالف العموم» ویخصص غغيره إن عام 
أن حكمه على الواحد حكمه على الكل . : 

وعندنا العوائد مخصصة للعموم. 

قال الإمام : إن علم وجودها فى زمن الخطاب. وهو متجه. 

وعندنا: يخصص الشرط والاستئناء العموم مطاقا. 

ونص الإمام على الغاية والصفة فقال: إن تعقبت الصفة جملا جرى فيها 
الخلاف الجارى فى الاستئناء. : 

والغاية: «حتى؛ و (إلى»» فإن اجتمع غايتان - كما لو قال: ١لا‏ تقربوهن حتى 
يطهرن حتى يغتسلن» - قال الإمام : فالغاية هى فى الحقيقة الثانية» والأولى سميت 
غاية؛ لقربها منهاء ونص على الحسء نحو قوله - تعالى -: طتُدَيَرُ كل شوم» 





)١(‏ هو من حديث أبى بكرة» مرفوعًا: ١لا‏ يقضين حَكم بين اثنين وهو غضبان». 
أخرجه البخارى (۷۱۸)ء ومسلم (15 - ۱۷۷). 


(۲) فى ش: تخصيص. 


۹۲ جا العمومات 





[الأحقاف: ]۲١‏ قال: وفى المفهوم نظرء وإن قلنا: إنه حجة لكونه أضعف من 
المنطوق به. 

لنا فى سائر صور النزاع: أن ما يدعى أنه مخصص لابد أن يكون منافيا وأخص 
من المخصصء فإن أعملا أو ألغيا اجتمع النقيضان» وإن أعمل العام مطلقا بطلت 
جملة الخاص بخلاف العكس؛ فيتعين» وهو المطلوب. 

الفصل الرابع - فيما ليس من مخصصاته: 

وليس من المخصصات للعموم سببه» بل يحمل عندنا على عمومه إذا كان 
مستقلا؛ لعدم المنافاة خلافا ل (ش) والمزنى - رضى الله عنهما - وإن كان السبب 
يندرج فى العموم أولى من غيره» وعلى ذلك أكثر أصحابنا. 

وعن مالك فيه روايتان. 

والضمير الخاص لا يخصص عموم ظاهره كقوله - تعالى -: #وَلطلْفتٌ 
ريص اهن [البقرة: ۲۲۸] وهذا عامء ثم قال: وهن لسن رد4 وهذا 
خاص بالرجعيات» نقله الباجى مناء خلافا ل (ش) والمزنى. 

ومذهب الراوى لا يخصص عند مالك و(ش) - رضى الله عنهما - خلافا لبعض 
أصحابنا وبعض الشافعية . 

وذكر بعض العموم لا يخصصهء خلافا لأبى ثور. 

وكونه مخاطبا لا يخصص العام» إن كان خبرا. وإن كان أمرا جعل جزءا0'. قال 
الإمام: يشبه أن يكون مخصصا. 

وذكر العام فى معرض المدح أو الذم لا يخصص» خلافا لبعض الفقهاء. 

وعطف الخاص على العام [لا] يقتضى تخصيصهء خلافا للحنفية» كقوله - 
عليه السلام -: 'لَا بل مُؤْمِنُ افر وَلَا دُو عَهْدٍ فى عَهْدِوه20؛ فإن الثانى خاص 
)١(‏ فى ط: جزاء. 
(۲) سقط فى ط. 
() هو من حديث على بن أبى طالب» مرفوعًا: «المسلمون تتكافاً دماژهم» ویسعی بذمتهم 

أدناهم» ويرد عليهم أقصاهم» وهم يد على من سواهم» لا يقتل مسلم بكافر» ولا ذو عهد 

فى عهذه؟. 


أخرجه أحمد (۱۲۲/۱)ء وأبو داود (:46)ء والنسائى (۱۹/۸)ء والبيهقتى (۲۹/۸)ء 
والبغوى فى شرح السنة (7616). 


بالحربى» فيكون الأول كذلك عندهم. 

وتعقيب العاء() باستثناء أو صفة أو حكم لا يتأتى إلا فى البعض» لا يخصصه 
عند القاضى عبد الجبارء وقيل: يخصصه؛ وقيل بالوقف» واختاره الإمام فخر 
الدين. 
فالاستثناء كقوله - تعالى -: طلا جتاح یکر إن لدم اس إلى قوله: < رآ 
أن يعور [البقرة: 776 - ۲۳۷] ؛ فإنه خاص بالرشيدات. 

والصفة كقوله تعالى: يام لين دا طلَتَثمٌ أل إلى قوله: لمل اله رث 
بعد ذلك أَمْرَا» [الطلاق: ]١‏ أى: الرغبة فى الرجعة. 

والحكم كقوله - تعالى -: رَالطَأقنتٌ ريض ينشِهنٌَ» إلى قوله تعالى: 

وهن لحن بَيْون4؟ فإنه خاص بالرجعيات؛ فتبقى العمومات على عمومهاء 
وتختص هذه الأمور بمن تصلح له. 

لنا فى سائر صور النزاع: أن الأصل بقاء العموم على عمومه» فمهما أمكن ذلك 
لا يعدل عنه؛ تغليبا للأصل . 

الفصل الخامس - فيما يجوز التخصيص إليه: 

يجوز عندنا للواحد» هذا إطلاق القاضى عبد الوهاب [من الأصحاب]0©؛ وأما 
الإمام فحكى إجماع أهل السنة على ذلك فى: «من وماء ونحوهما. قال: وقال 
القفال: يجب إبقاء(" أقل الجمع فى الجموع المعرفة باللام وقيل: يجوز إلى 
الواحد فيها. وقال أبو الحسين: لابد من الكثرة فى الكلء إلا إذا استعمله الواحد 
المعظم نفسه. 

الفصل السادس - فى حكمه بعد التخصيص: 

لنا وللشافعية والحنفية فى كونه بعد التخصيص حقيقة أو مجازا قولان» واختار الإمام 
[فخر الدين] وأبو الحسين التفصيل بين تخصيصه بقرينة مستقلة عقلية أو سمعية؛ 
فيكون مجازاء أو تخصيصه بالمتصل كالشرط والاستثناء والصفة؛ فيكون حقيقة. 





(۱) فى ط: ولا يخصص العام بتعقيبة . 
(۲) سقط فى ش. 
(۳) فى ط: أيضًا. 
)٤(‏ سقط فى ش. 





وهو حجة عند الجميع» إلا عيسى بن أبان» وأبا ثور. 

وخصص الكرخى التمسك به إذا خص بالمتصل . 

وقال الإمام: إن خصص تخصيصا إجمالياء نحو قوله: هذا العام مخصوص 
فليس بحجة» وما أظنه يخالف فى هذا التفصيل. 

لنا: أنه وضع للاستغراق» ولم يستعمل فیه؛ فيكون مجازاء ومقتضاه ثبوت 
الحكم لكل أفراده» وليس البعض شرطا فى البعض» وإلا لزم الدور؛ فيبقى حجة 
فى الباقى بعد التخصيص. 

والقياس على الصورة المخصوصة إذا علمت جائز عند القاضى إسماعيل مناء و 
Eu]‏ جماعة من الفقهاء . 

الفصل السابع - فى الفرق بينه وبين النسخ والاستناء : 

التخصيص لا يكون إلا فيما يتناوله اللفظ بخلاف النسخ» ولا يكون إلا قبل 
العمل بخلاف النسخ؛ فإنه يجوز قبل العمل وبعده. 

ويجوز نسخ شريعة بأخرى» ولا يجوز تخصيصها بها. 

والاستثناء مع المستثنى منه كاللفظة الواحدة الدالة على شىء واحد. 

ولا يثبت بالقرينة الحالية» ولا يجوز تأخيره بخلاف التخصيص. 

قال الإمام [فخر الدين]": والتخصيص كالجنس للثلاثة؛ لاشتراكها فى 
الإخراج» فالتخصيص والاستثناء إخراج الأشخاص» والنسخ إخراج الأزمان. 


ييخ يذ فنا 


(۲) سقط فى ش. 
[فرق سقط فى أل ش. 
©( فى ش: فالتخصص . 


أقل الجمع ج١1‏ ۹0 
الباب السابع 


فى أقل الجمع!") 

قال القاضى أبو بكر : مذهب مالك - رحمه الله -: أن أقل الجمع اثنان» ووافقه 
القاضى على ذلك» والأستاذ أبو إسحاق وعبد الملك ابن الماجشون من أصحابه. 
وعند (ش) و(ح) - رضوان الله عليهما -: ثلاثة» وحكاه عبد الوهاب عن مالك. 

وعندى أن محل النزاع مشكل؛ فإنه إن كان الخلاف فى صيغة الجمع التى هى 
الجيم والميم والعين» لم يمكن إثبات الحكم لغيرها من الصيغ» وقد اتفقوا على 
ذلك» وإن كان فى غيرها من صيغ الجموع فهى على قسمين: 

جمع قلة وهو جمع السلامة مذكرا أو مؤنثاء ومن جمع التكسير ما فى قول 
الشاعر: 

بأفعغل وَبِأَفْعَالٍ وَأَفْعِلَةٍ وَفِعْلَةٍ يُعرف الأدنى من اعدد( 

وجمع كثرة وهو ما عدا ذلك. 

فجموع القلة للعشرة فما دون ذلك» وجموع الكثرة لأحد عشر فأكثر هذا هو نقل 
العلماء . 

ثم قد يستعار كل واحد منهما للآخر مجازاء والخلاف فى هذه المسألة إنما هو 
فى الحقيقة اللغوية» فإن كان الخلاف فى جموع الكثرةء فأقلها: أحد عشرء 
ولا معنى للقول بالاثنين والثلاث وإن كان فى جموع القلة فهو مستقيم» لكنهم لما 
أثبتوا الأحكام والاستدلال فى جموع الكثرة علمنا أنهم غير مقتصرين عليهاء وأن 
محل الخلاف ما هو أعم منها لا هى. 

%# خا ¥ 


)١(‏ تنظر المسألة فى: البرهان (۸/۱٤۳)ء‏ الإبهاج (۱۲۹/۲)ء والمعتمد (١/۸٤۲)ء‏ شرح 
الكوكب المنير .)٠٤١٤/۳(‏ 
(؟) فى ط: يحسن. 
() وزاد أبو الحسن الدباج من نحاة أهل أشبيلية بيثًا ثانيًا : 
وسالم الجمع أيضًا داخل معها فى ذلك الحكم فاحفظها ولا تزد 
هكذا فى تلقيح الفهوم (۳۷۸)» وينظر: الخزانة )1١1/4(‏ منسوبة إلى أبى الحسن الدباح . 
والإيهاج (۲/ ۸۸). 


15 ج ١‏ الاستثناء 
الباب الثامن 
فى الاستثناء 

وفيه ثلاثة فصول: 

الفصل الأول - فى حده: 

وهو عبارة عن : إخراج بعض ما دل اللفظ عليهء ذانّا كان أو عددّاء أو ما لم يدل 
عليه: وهو إما محل المدلول» أو أمر عام - بلفظ «إلا» أو ما يقوم مقامها. 

فالذات نحو: رأيت زيدا إلا يده» والعدد: إما متناه نحو: له عندى عشرة إلا 
أثنين» أو غير متناه نحو: اقتلوا المشركين إلا أهل الذمة. 

ومحل المدلول نحو: أعتق رقبة إلا الكفار»ء و: صل إلا عند الزوال. 

إذا قلنا: الأمر ليس للتكرار» فإن الرقبة أمر مشترك عام يقبل أن يعين فى محال 
كثيرة من الأشخاص» فإن كل شخص هو محل لأعَمّه. 

وكذلك الفعل حقيقة كلية يقبل الوقوع فى أى زمان كانء فالأزمنة محال 
للأفعال» والأشخاص محال للحقائق . 

والأمر العام نحو قوله - تعالى -: کاٹ بد إل أن يماط م4 [يوسف: 11[ 
أى: لتأتننى به فى كل حالة من الحالات إلا فى حالة الإحاطة بكم. 

فالحالة أمر عام لم يدل عليها اللفظء وكذلك محال المدلول ليست مدلولة 
اللفظ» فإن فرعت على أن الاستثناء المنقطع مجاز فقد كمل الحد؛ فإنا إنما نحد 
الحقيقة . 

وإن قلت: هو حقيقة زدت بعد قولك: «أو أمر عام» -: أو ما يعرض فى نفس 
المتكلمء وتكون «أو» للتنويع؛ كأنك قلت : أى شىء وقع على وجه من هذه الوجوه 
فهو استئناء . 

الفصل الثانى - فى أقسامه -: 

وهو ينقسم إلى الإثبات والنفى» والمتصل والمنقطع» وضبطها مشكل؟ فينبغى 
أن تتأملهء فإن كثيرا من الفضلاء يعتقدون(1) أن المنقطع عبارة عن الاستثناء من غير 


)١(‏ فى ش: يعتقد. 


الاستثتاء ج ١‏ ۹۷ 


الجنس» وليس كذلك . فإن قوله - تعالى -: لا يدُوورت فيه الْمَوْتَ إلا الْمَوئّة 
لأر [الدخان: 05]. منقطع على الأصحء مع أن المحكوم عليه بعد «إلا» هو 
بعض المحكوم عليه أولا ومن جنسه. 

وكذلك قوله - تعالى -: طلا تَأَكُلُوا مول بتڪم بالطل إل أن تكرت 
رة [النساء: ۲۹] منقطع مع أن المحكوم عليه بعد «إلا» هو عين الأموال التى 
حكم عليها قبل (إلا». بل ينبغى أن تعلم أن المتصل عبارة عن أن تحكم على جنس 
ما حكمت عليه أولا بنقيض ما حكمت به أولا. فمتى انخرم قيد من هذين القيدين 
كان منقطعا؛ فيكون المنقطع هو: أن تحكم على غير جنس ما حكمت عليه أولاء 
أو بغير نقيض ما حكمت به أولاء وعلى هذا يكون الاستثناء فى الآيتين منقطعا؛ 
للحكم فيهما بغير النقيض؛ فإن نقيض «لا يذوقون فيها الموت): يذوقون فيهاء 
ولم يحكم به [بل بالذوق] فى الدنياء ونقيض لا تَأَكُلُوَا انرک بتڪم 
اَل : كلوها بالباطل» ولم يحكم بهء وعلى هذا الضابط تخرج جميع أقوال 
العلماء فى الكتاب والسئة ولسان العرب. 


الفصل الثالك - فى أحكامه: 

اختار الإمام [فخر الدين]27 أن المنقطع مجاز"» ووافقه القاضى عبد الوهاب» 
[وفيه خلاف]» وذكر القاضى أن قول القائل: «له عندى مائة دينار إلا ثويا؛ من 
هذا الباب» وأنه جائز على المجازء وأنه يرجع إلى المعنى بطريقة القيمة» خلافا 

لمن قال: إنه مقدر ب «لکن»»› ولمن قال: إنه كالمتصل . 

ويجب اتصال الاستغناء بالمستثنى منه عادة خلافا لابن عباس» رضى الله عنه" . 

)١(‏ فى أ: قبل الذوق. 

زفق سقط فى أ ش. 

(۳) زاد فى ط: وفيه خلاف. 

)٤(‏ سقط فى ط. 

(0) قال البغوى فى شرح السنة /٥(‏ 1417): واختلف أهل العلم فى الاستثناء إذا كان منفصلا عن 
اليمين» فذهب أكثرهم إلى أنه لا يعمل إلا أن يكون بين اليمين والاستثناء سكتة يسيرة 
كسكتة الرجل للتذكرء أو للعى» أو للتنفس . فإن طال الفصل» أو اشتغل بكلام آخر بينهماء 
ثم استثنى - فلا يصح . وذهب بعضهم إلى أن الاستثناء جائز ما دام فى المجلس› روى ذلك ے 


۹۸ ج ١‏ الاسئثتاء 
قال الإمام : إن صح النقل عنه يحمل على ما إذا نوى عند التلفظ ثم أظهره بعد ذلك . 
واختار القاضى عبد الوهاب والومام جواز استثناء الأكثرء وقال القاضى أبو بكر : 

يجب أن يكون أقل . 
وقبل: يجوز المساوى دون الأكثر؛ لقوله - تعالى -: إنَّ اوی لس لك عَم 

سُلْطنٌ إلا مَنِ امک من لاود [الحجر: 47] ومعلوم أنه أكثر» والاستثناء من 

الإثبات نفى اتفاقاء ومن النفى إثبات خلافا لاح)؛ رحمه الله. ومن أصحابه 

المتأخرين من يحكى التسوية بينهما فى عدم إثبات نقيض المحكوم به بعد #إلا4. 
لنا: أنه المتبادر عرفا؛ فيكون لغة فإن الأصل عدم النقل والتغيير. 
واعلم أن الكل اتفقوا على إثبات نقيض ما قبل الاستئناء لما بعده» ولكنهم 

اختلفواء فنحن ثبت نقيض المحكوم بهء والحنفية يثبتون نقيض الحكم؛ فيصير 

ما بعد الاستثناء غير محكوم عليه بنفى ولا إثبات . 
وإذا تعقب الاسغناء الجِمّلَ يرجع إلى جملتها عند مالك و(ش) - رحمة الله 

عليهما - وعند أصحابهماء وإلى الأخيرة عند (ح)» ومشترك بين الأمرين عند 

الشريف المرتضى . 
ومنهم من فصل فقال: إن تنوعت الجملتان - بأن تكون إحداهما خبرًا والأخرى 

أمرا - عاد إلى الأخيرة فقط وإن لم تتنوع الجملتان ولا كان حكم إحداهما فى 

الأخرى» ولا أضمر اسم إحداهما فى الأخرى - فكذلك أيضاء وإلا عاد إلى الكل ء 

واختاره الإمام . 
وتوقف القاضى أبو بكر منا فى الجميع. 
وإذا عطف استثناء على استثتاء : فإن كان الثانى بحرف عطف أو هو أكثر من 

الاستثناء الأول» أو مساو لى عاد إلى أصل الكلام؛ لاستحالة العطف فى 

الاستثناءء وإخراج الأكثر أو المساوى» وإلا عاد على الاستثناء الأول؛ ترجيسا 





= عن طاوس» والحسن» وقال قتادة: له أن يستثتى ما لم يتكلم أو يقم. وقال أحمد: له أن 
يستثنى ما دام فى ذلك الأمر. وقال ابن عباس : له الاستثناء بعد حين . وقال مسجاهد: بعد 
تین . وقال سعيد بن جبير: بعد أربعة أشهر. آھ. كلام البغوى . 

)١(‏ فى ط: مساويًا. 

(۲) فى ش: وخراج. 


الاستفناء ج ١‏ 44 


للقرب» ونفيا للغو الكلام. 

فائدتان: 

الأولى : قد يكون الاستثناء عبارة عما لولاه لعلم دخوله» أو ما لولاه لظن 
دخوله» أو ما لولاه لجاز دخوله؛ أو ما لولاه لقطع بعدم دخوله. فهذه أربعة أقسام: 

فالأول: الاستثناء من النصوص نحو: له عندى عشرة إلا اثنين. 

والثانى : الاستثناء من الظواهر نحو: اقتلوا المشركين إلا زيدا. 

والثالث: الاستثناء من المحال والأزمان والأحوال» نحو: أكرم رجلا إلا زيداء 
أو صل إلا عند الزوال»ء و: تتأ بيه إل أن يآ یک [يوسف: 15]. 

والرابع : الاستثناء المنقطع نحو: رأيت القوم إلا حمارا. 

الثانية : إطلاق العلماء أن الاستثناء من النفى إثبات» يجب أن يكون مخصوصا؛ 
فإن الاستثناء يرد على الأسباب والشروط والموانع والأحكام والأمور العامة التى لم 
ينطق بها . 

فالأول نحو: لا عقوبة إلا بجناية . 

والثانى نحو: «لا صَلَاةٌ إلا بطهُور»(. 

والثالث نحو: لا تسقط الصلاة عن المرأة إلا بالحيض . 

والرابع نحو: قام القوم إلا زيدا. ١‏ 

والخامس نحو قوله - تعالى -: لكأي بيه إل أن يماد € [يوسف: 15]. 

ولما كانت الشروط لا يلزم من وجودها الوجود ولا العدم» لم يلزم من الحكم 
بالنفى قبل الاستثناء - لعدم الشرط - الحكم بالوجود بعد الاستثناء لأجل وجوده؛ 
فيكون مطردا فيما عدا الشرط . 





 *‏ ¥ اا 


)١(‏ فى ط: طهارة. والحديث تقدم. 


1 ج ۱ الشرط 
الباب التاسع 


فى الشرط 





وفيه ثلاثة فصول 

الفصل الأول - فى أدواته: 

وهى: إن» وإذاء ولوء وما تضمن معنى إن». 

ف «إن٤:‏ تختص بالمشكوك فيه. 

و «إذا: تدخل على المعلوم والمشكوك. 

و «لو؛: تدخل على الماضى» بخلافهما. 

الفصل الثانى - فى حقيقته : 

وهو الذى يتوقف عليه تأثير المؤثر» ويلزم من عدمه العدم» ولا يلزم من وجوده 
وجود ولا عدم . 

ثم هو قد لا يوجد إلا متدرجا كدوران الحول» وقد يوجد دفعة كالنية» وقد يقبل 
الأمرين كالسترة» فيعتبر من الأول آخر جزء منهء ومن الثانى جملته» وكذلك 
الثالث؛ لإمكان تحققه . 

فإن كان الشرط عدمه اعتبر أول أزمنة عدمه فى الثلاثة. 

الفصل الثالث - فى حكمه: 

إذا رتب مشروط على شرطين لا يحصل إلا عند حصولهماء إن كانا على 
الجمع» وإن كانا على البدل حصل عند أحدهماء وللمعلق تعيينه؛ لأن الحاصل أن 
الشرط مشترك بينهما. 

وإذا دخل الشرط على جمل رجع إليها عند إمام الحرمين والحنابلة» وإلى ما يليه 
عند بعض الأدباءء واختار الإمام فخر الدين التوقف. 

واتفقوا على وجوب اتصال الشرط بالكلام» وعلى حسن التقييد به» وإن كان 
الخارج به أكثر من الباقى. 

ويجوز تقديمه فى اللفظ وتأخيره» واختار الإمام تقديمه خلافا للفراء؛ جمعا بين 
التقدم الطبعى والوضعى . 

#* اع ا 


المطلق والمقيد چ ۱ 1۹1 





الباب العاشر 


فى المطلق والمقيد 

التقيبد والإطلاق أمران اعتباريان» فقد يكون المقيد مطلقا بالنسبة إلى قيد آخر: 
كالرقبة مقيدة بالملك» [وهى] مطلقة بالنسبة إلى الإيمان» وقد يكون المطلق 
مقيدا كالرقبة مطلقة وهى مقيدة بالرق. 

والحاصل: أن كل حقيقة إن اعتبرت من حيث هى هى فهى مطلقة» وإن اعتبرت 
مضافة إلى غيرها فهى مقيدة. 

ووقوعه فى الشرع على أربعة أقسام: 

متفق الحكم والسبب: كإطلاق «الغنم» فى حديث» وتقييدها فى حديث آخر 
بالسوم . 

ومختلف الحكم والسبب: كتقييد الشهادة بالعدالة» وإطلاق الرقبة فى الظهار. 

ومتحد الحكم مختلف السبب: كالعتق مقيد فى القتل» مطلق فى الظهار. 

ومختلف الحكم متحد السبب: كتقبيد الوضوء بالمرافق» وإطلاق التيمم» 
والسبب واحد وهو الحدث. 

فالأول لا يحمل فيه المطلق على المقيدء على الخلاف فى دلالة المفهوم» وهو 
حجة عند مالك» رحمه الله . 

والثانى لا يحمل فيه إجماعا. 

والثالث لا يحمل فيه المطلق على المقيد عند أكثر أصحابناء وأكثر الحنفية خلافا 
لأكثر الشافعية؛ لأن الأصل فى اختلاف الأسباب اختلاف الأحكام؛ فيقتضى 
أحدهما التقيبد والآخر الإطلاق. 

والرابع فيه خلاف: 

فإن قيد بقيدين مختلفين فى موضعين» حمل على الأقيس منهما عند الإمام [فخر 
الدين]2'9؛ ويبقى على إطلاقه عند الحنفية» ومتقدمى الشافعية. 

د ا فك 

(۱) سقط فى ش. 
(۲) سقط فى أ. 


١ + 1۲‏ دليل الخطاب 
الباب الحادى عشر 


فى دليل الخطاب 

وهو مفهوم المخالفة» وقد تقدمت حقيقته» وأنواعه العشرة. وهو حجة عند 
مالك وجماعة من أصحابه» وأصحاب (ش). وخالف فى مفهوم الشرط القاضى 
أبو بكر مناء وأكثر المعتزلة. 

وليس معنى ذلك: أن المشروط لا يجب انتفاؤه عند انتفاء الشرط؛ فإنه متفق 
عليه بل معناه: أن هذا الانتفاء ليس مدلولا للفظ . 

وخالف فى مفهوم الصفة (ح) وابن سريج"ء والقاضى وإمام الحرمين» 
وجمهور المعتزلة» ووافقنا (ش) والأشعرى. 

وحكى الإمام أن مفهوم اللقب لم يقل به إلا الدقاق. 

لنا: أن التخصيص لو لم يقتض سلب الحكم عن المسكوت عنه للزم ترجيحه من 
غير مرجح» وهو محال. 

فرعان: 

الأول: أن المفهوم متى خرج مخرج الغالب فليس بحجة إجماعاء نحو قوله - 


)١(‏ كان للحسن البصرى تلميذ يتلقى عليه العقائد: فلما سمعه يقرر أن مرتكب الكبيرة مذئب 
عاص» إن لم يتب فأمره لربه» إن شاء عفا عنه» وإن شاء عاقبه عقابًا لا خلود معه فى النار» 
وأن أفعال العباد الاختيارية مخلوقة لله - تعالى - عند ذلك خالف أستاذه فى هاتين 
المسألتين» واعتزل مجلس أستاذه إلى مجلس آخر يقرر فى المسألة الأولى: أنه ليس بمؤمن 
ولا بكافر؛ بل هو واسطة بينهما فلا هو بمؤمن لأن الإيمان عقيدة وعمل» ولا بكافر. ويقرر 
فى الثانية: أن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية بأقدار من الله تعالى عند ذلك قال الحسن: 
اعتزلنا واصل. فسموا معتزلة لذلكء ثم كثر أتباع واصل وصار لهم مذهب معروف فى 
مسائل كثيرة» منها: وجوب ثواب المطيم وعقاب العاصى» ومنها: نفى الصفات القديمة 
ومنها: مسألة الحسن والقبح العقليين» ومسألة الصلاح والأصلح. 

ينظر: الفرق بين الفرق ص (١۲)ء‏ مقالات الإسلامبين ص (١٠۲)ء‏ الملل والنحل للشهرستانى 
(4/1). 

(۲) أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج: حامل لواء الشافعية فى زمانهء تفقه بأبى القاسم 
الأنماطى وغيره» وأخذ عنه الفقه خلق من الأئمة. قال العبادى: شيخ الأصحاب» وسالك 
سبيل الإنصاف» وصاحب الأصول والفروع الحسان» وناقض قوانين المعترضين على 
الشافعى» مات سنة 5١٠"اه.‏ 

ينظر: طبقات ابن قاضى شهبة 2)89/١(‏ ووفيات الأعيان .)٤۹/۱(‏ 


دليل الخطاب +۱ 1۳ 


تعالى -: لا فوا دم حَنْيَدَ نكن [الإسراء: ١۳]؛‏ ولذلك يرد على الشافعية 
فى قوله - عليه السلام -: افِى سَائِمَةٍ الْكَتم الزّكَاةُ20 أنه خرج مخرج الغالب؛ فإن 
غالب أغنام الحجاز وغيرها السوم. 
الثانى: أن التقييد بالصفة فى جنس هل يقتضى نفى ذلك الحكم عن سائر 
الأجناس؛ فيقتضى الحديث مثلا نفى وجوب الزكاة عن سائر الأنعام وغيرهاء أو 
لا يقتضى نفيه إلا عن ذلك الجنس خاصةء وهو اختيار الإمام فخر الدين؟ 
FF FF #*‏ 


غ2 تقدم, 


٠‏ ج١1‏ المجمل والمبين 





الباب الثانى عشر 
فى المجمل والمبين 

وفيه ستة فصول 

الفصل الأول - فى معنى ألفاظه -: 

فالمبين هو: اللفظ الدال بالوضع على معنى» إما بالأصالة وإما بعد البيان. 

والمجمل هو: الدائر بين احتمالين فصاعداء إما بسبب الوضع وهو المشترك» أو 
من جهة العقل كالمتواطئ بالنسبة إلى جزئياته؛ فكل مشترك مجمل» وليس كل 
مجمل مشتركا. 

وقد يكون اللفظ مبيئًا من وجه مجملا من وجهء كقوله - تعالى -: #وَءَانُوا حَقَهُ 
َم حَصكاو) [الأنعام: ١٤٠]؛‏ فإنه مبين فى الحق» مجمل فى مقداره. 

والمؤول هو: الاحتمال الخفى مع الظاهرء مأخوذ من «المآل»: إما لأنه يؤول 
إلى الظهور بسبب الدليل العاضدء أو لأن العقل يؤول إلى فهمه بعد فهم الظاهرء 
وهذا وصف له بما هو موصوف به فى الوقت الحاضر؛ فيكون حقيقة» وفى الأول 
باعتبار ما يصير إليه» وقد لا يقع؛ فيكون مجازا مطلقا. 

الفصل الثانى - فيما ليس مجملا: 

إضافة التحريم والتحليل إلى الأعيان ليس مجملا؛ فيحمل على ما يدل العرف 
عليه فى كل عين» خلافا للكرخى» فيحمل فى الميتة على الأكل» وفى الأمهات 
على وجوه الاستمتاع . 

وإذا دخل النفى على الفعل كان مجملاء عند أبى عبد الله البصرى» نحو قوله - 
عليه السلام -: «لا صَلَاةٌ إل بطهُور»29 و: دلا نِكَاحَ إلا و لدوران النفى 
بين الكمال والصحةء وقيل: إن كان المسمى شرعيا انتفى ولا إجمال. 

وقولنا: هذه صلاة فاسدة» محمول على اللغوى. 





(۱) تقدم. 

(؟) هو من حديث أبى موسى الأشعرى: أخرجه أحمد »)٤۱۸ ۰٤۱۳ ۰۳۹٤ /٤(‏ وأبو داود 
(5086). والترمذى 2)١1١١١(‏ وابن ماجه (۱۸۸۱)» وابن الجارود (1 ىلا ١۷ء .)۷٠٤‏ 
وأبو يعلى (۷۲۲۷)» وابن حبان 2)4٠1//(‏ والدارقطنی (8/ ١؟9),‏ والحاكم (21597/5 
الاك والبيهقى (97//ا 29١‏ ۱1۰۸ء 1١4‏ ), 


المجمل والمبين > جا 10 





وإن كان حقيقيا نحو: «الخطأ والنسيان» وله حكم واحدء انتفى ولا إجمالء وإلا 
تحقق الإجمال» وهو قول الأكثرين. 

الفصل الثالث - فى أقسامه: 

المبين: إما بنفسه كالنصوص والظواهرء وإما بالتعليل كفحوى الخطاب» أو 
باللزوم كالدلالة على الشروط والأسباب. 

والبيان إما بالقول أو بالفعل كالكتابة والإشارة» أو بالدليل العقلى» أو بالترك 
[فيعلم أنه ليس واجبًا]”2: أو بالسكوت بعد السؤال؛ فيعلم عدم الحكم للشرع فى 
تلك الحادثة . 

الفصل الرابع - فى حكمه: 

ويجوز ورود المجمل فى كتاب الله - تعالى - وسنة نبيه َة خلافا لقوم. 

لنا: أن آية الجمعة» وآية الزكاة مجملتان» وهما فى كتاب الله تعالى. 

ويجوز البيان بالفعل خلافا لقوم. 

وإذا تطابق القول والفعل فالبيان القول» والفعل: مؤكد لهء وإن تنافياء نحو 
قوله- عليه السلام -: «مَنْ قَرَنَّ الْحَجّ إلى الْعُمْرَةِ فَليَطْفْ لَهُمَا طَرَانَا وَاجده)ء 
وطاف - عليه السلام - لهما طوافين"ء فالقول مقدم؛ لكونه يدل بنفسه. 

ويجوز بيان المعلوم بالمظنون خلافا للكرخى. 

الفصل الخامس - فى وقته: 

من جوز تكليف ما لا يطاق» جوز تأخير البيان عن وقت الحاجة7؟». وتأخيره عن 





)١(‏ سقط فى ش. 
زفق هو من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب» مرفوعًا: امن قرن بين حجته وعمرته أجزأه 
لهما طواف واحدة. أخرجه أحمد (51//7)» والترملى (444)» وابن ماجه (2»)191/6 وابن 
الجارود (2)559 وابن خزيمة .)۲۷٤٥(‏ والطحاوى فى شرح معانی الآثار )14۷/۲( 
وابن حبان (2»)79417 والدارقطنى (؟//2)161 والبيهقى .)1١1//5(‏ 
وقال الترمذى: حسن غريب. 
فرق روى عن على أنه جمع بين الحج والعمرة» فطاف لهما طوافين» وسعى لهما سعيين» ثم 
قال: هكذا رأيت رسول الله هة فعل. 
وطرقه عن على عند عبد الرازق والدارقطتی (۲/ 01717 174) وغيرهما ضعيفة» قاله الحافظ ابن 
حجر فى الفتح (07:1/5. 
)٤(‏ ينظر الكلام على تأخير البيان فى: البحر المحيط للزركشى (۹۳/۳٤)ء‏ البرهان لإمام = 


۰٦‏ جا المجمل والمبين 
رقت الخطاب إلى وقت الحاجة جائز عندناء سواء كان للخطاب ظاهر أريد خلافهء 
أو لم يكن» خلافا لجمهور المعتزلة» إلا فى النسخ . 

ومنع أبو الحسين منه فيما له ظاهر أريد خلافه» وأوجب تقديم البيان الإجمالى 
دون التفصيلى» بأن يقول: هذا الظاهر ليس مرادا. 

ويجوز له - عليه السلام - تأخير ما يوحى إليه إلى وقت الحاجة. 

لنا: قوله - تعالى -: قا واد ال رام .م إِنَّ عا انم [القيامة ]١159-14:‏ 
وكلمة «ثم؛ للتراخى؛ فيجوز التأخيرء هو المطلوب. 

الفصل السادس - فى المبين له: 

يجب البيان لمن أريد إفهامه فقطء ثم المطلوب قد يكون علما فقط: كالعلماء 
بالنسبة إلى الحيضس» أو عملا فقط: كالنساء إلى أحكام الحيض وفقهه. 

أو العلم والعمل: كالعلماء بالنسبة إلى أحوالهم» أو لا علم ولا عمل: كالعلماء 
بالنسبة إلى الكتب السالفة . 

ويجوز إسماع المخصوص بالعقل من غير التنبيه عليه وفاقاء والمخصوص 
بالسمع بدون بيان مخصصه عند النظام وأبى هاشم» واختاره الإمام فخر الدين» 
خلافا للجبائى وأبى الهذيل . 





¥ # ¥ 


= الحرمين :)155/١1(‏ الإحكام فى أصول الأحكام للآمدى (۲۸/۴۳)ء نهاية السول (؟/ 
2 زوائد الأصول للإستوى ص »)٠٤(‏ منهاج العقول (۲/ ١7؟)2‏ غاية الوصول 
للشيخ زكريا الأنصارى ص (85)» التحصيل من المحصول للأرموى (519/1)» المنسخول 
للغزالى ص (1۸)ء المستصفى له /١(‏ ۳۹۸)ء حاشية البنانى (19/1)» الآيات البينات لابن 
قاسم العيادى (۳/ ۱۲۱). 


فعله عليه السلام ج ١‏ 1۷ 
الباب الثالث عشر 
فى فعله عليه السلام 

وفيه ثلاثة فصول : 

الفصل الأول - فى دلالة فعله عليه السلام : 

إن كان بيانا لمجملء فحكمه حكم ذلك المجمل فى الوجوب» أو الندب» أو 
الإباحة . 

وإن لم يكن بيانا وفيه قربة» فهو عند مالك - رحمه الله - وابن القصار 
والأبهرى» والباجى» وبعض الشافعية: للوجوب. 

وعتد (ش): للندب. 

وعند القاضى أبى بكر» والإمام فخر الدين وأكثر المعتزلة: على الوقف. 

وما لا قربة فيه - كالأكل والشرب واللباس - فهو عند الباجى للإباحة» وعند 
بعض أصحابنا للندب. 

وأما إقراره على الفعل» فيدل على جوازه. 

الفصل الثانى - فى اتباعه: 

قال جماهير الفقهاء والمعتزلة: يجب اتباعه فى فعله» إذا علم وجهه وجب اتباعه 
فى ذلك الوجه؛ لقوله - تعالى -: وبا انم اسول تش ڈو وما تلك نه ارا 
[الحشر: ۷]. 

والأمر ظاهر فى الوجوب. 

وقال أبو على بن خلاد به فى العبادات فقط. 

وإذا وجب التأسى به» وجب معرفة وجه فعله من الوجوب» والندب» والإباحة؛ 
إما بالنص أو بالتخییر بینه وبين غيره مما علم فيه وجه ثبوته فيسوى به» أو بما يدل 
على نفى قسمين فيتعين الثالث» أو بالاستصحاب فى عدم الوجوب» أو بالقربة على 
نفى الإباحة فيتعين الندب» وبالقضاء على الوجوب» وبالإدامة مع الترك فى بعض 
الأوقات على الندب» وبعلامة الوجوب عليه كالأذان» وبكونه جزءا لسبب الوجوب 
كالنذر. 

تفريع : إذا وجب الاتباع» وعارض فعله قوله: فإن تقدم القول وتأخر الفعل نسخ 


١ 1۸‏ فعله عليه السلام 


الفعل القولء كان القول خاصا به أو بأمته أو عمهماء وإن تأخر القول وهو عام له 
ولأمته - عليه السلام - أسقط حكم الفعل عن الكل. 

وإن اختص بأحدهماء خصصه عن عموم حكم الفعل. 

وإن تعقب الفعل القول من غير تراخ؛ وعم القول له ولأمته - عليه السلام - 
خصصه عن عموم القول. 

وإن اختص بالأمة» ترجح القول [على الفعل» وإن اختص به جاز أن يكون نسخ 
الشىء قبل وقتهء وإلا فلا وإن لم يتقدم واحد منهما صح القول]؛ لاستغنائه 
بدلالته عن غيره» من غير عكس . 

فإن عارض الفعل الفعل» بأن يقر شخصا على فعل فعل عليه السلام ضده؛ 
فيعلم خروجه عنه» أو يفعل - عليه السلام - ضده فى وقت يعلم لزوم مثله له فيه؛ 
فيكون نسحا للأول. 

الفصل الثالث - فى تأسيه عليه السلام -: 

مذهب مالك - رحمه الله - وأصحابه: أنه لم يكن متعبدا بشرع من قبله قبل 
نبوته» وقيل: كان متعبدا. 

لنا: أنه لو كان كذلك لافتخرت به أهل تلك الملة» وليس فليس. 

وأما بعد نبوته : 

فمذهب مالك» وجمهور أصحابه» وأصحاب (ش)» و(ح) أنه كان متعبدا بشرع 
من قبله» وكذلك أمتهء إلا ما خصه الدليل. 

ومنع منه القاضى أبو بكر وجماعة من أصحابنا. 

لتا قوله - تعالى -: لك الذي دى اله ْم سر4 [الأنعام: ]4٠‏ وهو 
عام؛ لأنه اسم جنس أضيف. 

يذ مذ اف 
)١(‏ ما بين المعقوفين سقط فى ش. 
(۲) محمد بن الطيب بن محمد بن جعفرء أبو بكرء قاض من كبار علماء الكلام» ولد بالبصرة 
سنة ۳۳۸ه. أنتهت إليه الرياسة فى مذهب الأشاعرة؛ كان جيد الاستنباط» سريع الجواب. 
من مصنفاته: إعجاز القرآن؛ الملل والنحل» دقائق الكلام؛ مناقب الأئمة؛ توفى 7٠4ه.‏ 


ينظر: وفيات الأعيان )١ /١(‏ الديباج المذهب (۲۱۷)ء تاريخ بغداد (۳۷۹)ء الأعلام 
.(Y1/0‏ 


النسخ ج۱ 1۹4 
الباب الرابع عشر 
[فى النسخ] 

وفيه خمسة فصول 

الفصل الأول - فى حقيقته : 

قال القاضى مناء والغزالى من الشافعية: هو خطاب دل على ارتفاع حكم ثابت 
بخطاب متقدم » على وجه لولاه لكان ثابتاء مع تراځیه عنه . 

وقال الإمام فخر الدين: الناسخ طريق شرعى يدل على أن مثل الحكم الثابت 
بطريق» لا يوجد بعده متراخيا عنه» بحيث لولاه لكان ثابتاء [فالطريق تشمل]() 
سائر المدارك: الخطاب وغيره. وقوله: «مثل الحكم»؛ لأن الثابت قبل النسخ غير 
المعدوم بعده. 

وقوله: «متراخيا»؛ لئلا يتهافت الخطاب. 

وقوله: «لكان ثابتا»؛ احترارًا من المغيّيات» نحو : الخطاب بالإفطار بعد غروب 
الشمس؛ فإنه ليس ناسخا لوجوب الصوم. 

وقال القاضى منا والغزالى: الحكم المتأخر يزيل المتقدم . 

وقال الإمام والأستاذ وجماعة: هو بيان انتهاء مدة الحكمء وهو الحق؛ لأنه لو 
كان دائما فى نفس الأمر لعلمه الله - تعالى - دائماء فكان يستحيل نسخه؛ لاستحالة 
انقلاب العلم. 

وكذلك الكلام القديم الذى هو خبر عنه. 

الفصل الثانى - فى حكمه: 

وهو واقع وأنكره بعض اليهود عقلاء وبعضهم سمعاء وبعض المسلمين مؤولا 
لما وقع من ذلك بالتخصيص . 

لنا: ما اتفقت عليه الأمم من أن الله - تعالى - شرع لآدم تزويج الأخ بأخته غير 
توءمته» وقد نسخ ذلك. 

ويجوز عندنا وعند الكافة نسخ القرآن» خلافا لأبى مسلم" الأصفهانى ؛ لأن الله- 


)١(‏ بدل ما المعقوفين فى ط: ورأى أن الطريق أعم من الخطاب؛ ليشمل. 
(۲) فى ط: لأبى مسلمة. 


تعالى - نشخ وقوف الواحد للعشرة فى الجهاد بثبوته للاثنين» وهما فى القرآن. 

ويجوز نسخ الشىء قبل وقوعه عندناء خلافا لأكثر الشافعية» والحنفية؛ كنسخ 
ذبح إسحاق قبل وقوعه. 

ويجوز نسخ الحكم لا إلى بدلء خلافا لقوم» كنسخ الصدقة فى قوله -تعالى-: 
يما بن يى موك سَنَقَةَ © [المجادلة: ]١١‏ لغير بدل. 

ونسخ الحكم إلى الأثقل» خلافًا لبعض آهل الظاهر» كنسخ عاشوراء برمضان. 

ونسخ التلاوة دون الحكمء كنسخ: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة 
نكالا من اش" مع بقاء الرجم . 

والحكم دون التلارة» كما تقدم فى الجهاد. 

وهما معا؛ لاستلزام إمكان المفردات» إمكان المركب. 

ونسخ الخبر إذا كان متضمنا لحكم عندناء خلافا لمن جوز مطلقاء أو منع 
مطلقاء وهو أبو على» وأبو هاشم › وأكثر المتقدمين . 

لنا: أن نسخ الخبر يوجب عدم المطابقة وهو محالء» فإذا تضمن الحكم جاز 
نسخه؛ لأنه مستعار له» ونسخ الحكم جائزء كما لو عبر عنه بالأمر. 

ويجوز نسخ ما قال فيه: افعلوا أبداء خلافا لقوم؛ لأن صيغة «أبدا» بمئزلة العموم 
فى الأزمان» والعموم قابل للتخصيص والنسخ. 

الفصل الثالث - فى الناسخ والمنسوخ: 

يجوز عندنا نسخ الكتاب بالكتاب» وعند الأكثرين والسنة المتواترة بمثلها 
والآحاد بمثلهاء وبالكتاب وبالسنة المتواترة إجماعا. 

وأما جواز نسخ الكتاب بالآحاد فجائز عقلاء غير واقع سمعًاء خلافا لبعض آهل 





(۱) زاد فى ط: وبالعكس. 

(۲) أخرجه عن زيد بن ثايت: أحمد (187/6)» والدارمى فى ستنه (1/ »)١98‏ والنسائى فى 
الكبرى »)۲۷١ /٤(‏ (580١ل9).‏ 

الوق هو حديث البراء بن عازب» قال: لما قدم رسول الله ب المدينة صلى نحو بيت المقدس 
ستة عشرء أو سبعة عشر شهرّاء وكان يحب أن يوجه إلى الكعبةء فأنزل الله - تعالى -: 
قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها) [البقرة: ٤٤٠]؛‏ فوجه نحو 
الكعبة وصلى معه رجل العصرّء ثم خرج فمرٌ على قوم من الأنصار فقال: هو يشهد أنه = 


النسخ جا 11۱ 


لنا أن الكتاب متواتر قطعى فلا يرفع بالآحاد المظنونة؛ لتقدم العلم على الظن. 

ويجوز نسخ السنة بالكتاب عندناء خلافا ل (ش) وبعض أصحابه. 

لنا: نسخ القبلة بقوله - تعالى -: ایی تا کر كلا وركم سر 
[البقرة:٤٤٠]ء‏ ولم يكن التوجه إلى بيت المقدس ثابتا بالكتاب عملا بالاستقراء. 

ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة؛ لمساواتها له فى الطريق العلمى عند أكثر 
الأصحاب. 

وواقع : كنسخ الوصية للوارث» بقوله - عليه السلام -: ا وَصِيةُ لوَارِثِو(© 
ونسخ الحبس فى البيوت بالرجم» وقال (ش) - رضى الله عنه - لم يقع؛ لأن آية 
الحبس فى البيوت نسخت بالجلد. 

والإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به. 

ويجوز نسخ الفحوى الذى هو مفهوم الموافقة تبعا للأصل» ومنع أبو الحسين من 
نسخه مع بقاء الأصل؛ دفعا للتناقض بين تحريم التأفيف مثلا وحل الضرب. 

ويجوز النسخ به وفاقاء لفظية كانت دلالته أو عقلية» على الخلاف» والعقل 
يكون ناسخا فى حق من سقطت رجلاه؛ فإن الوجوب ساقط عنه» قاله الإمام فخر 
الدين. 

الفصل الرابع - فيما يتوهم أنه ناسخ: 

زيادة صلاة على الصلوات أو عبادة على العبادات ليست نسخا وفاقاء وإنما جعل 
أهل العراق الوتر ناسخا؛ لما فيه من رفع قوله - تعالى -: يطو عَلَ لصوت 
وَالصّسار: الْيْسَطئ» [البقرة: 778] فإن المحافظة على الوسطى تذهب؛ لصيرورتها 
غير وسطى. 

والزيادة على العبادة الواحدة ليست نسخا عند مالك - رحمه الله - وعند أكثر 





= صلى مع النبى و وأنه قد وجه إلى الكعبة» فانحرفوا وهم ركوع فى صلاة العصر. 
أخرجه البخارى :4١(‏ ۲١٠۷۲)ء‏ ومسلم .)058/١11(‏ 
)١(‏ هو من حديث أبى أمامة الباهلى» مرفوعًا: «إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه؛ فلا وصية 
لرارٹ) . 
أخرجه أحمد (5/ 151)» وأبو داود (7014)» والترمذى (۲۱۲۰)ء وابن ماجه (۲۷۱۳)» وهو 
حسن الإستاد» قاله الحافظ ابن حجر فى تلخیص الحبير (۱۹۸/۳). 


أصجابه» و(ش)» خلافا للحنفية. وقيل: إن نفت الزيادة ما دل عليه المفهوم الذى 
هو دليل الخطاب أو الشرط كانت نسخاء وإلا فلا. وقيل: إن لم يجز الأصل بعدها 
فهى نسخ› وإلا فلا. 

فعلى مذهبنا زيادة التغريب على الجلد ليست نسخاء وكذلك تقييد الرقبة بالإيمان 
وإباحة قطع السارق فى الثانية» والتخيير بين الواجب وغيره؛ لأن المنع من إقامة 
الغير مقامه عقلى لا شرعى» وكذلك لو وجب الصوم إلى الشفق. 

ونقصان العبادة نسخ لما سقط دون الباقى» إن لم يتوقف. 

وإن توقف قال القاضى عبد الجبار: هو نسخ فى الجزء دون الشرط› واختار فخر 
الدين والكرخى عدم السخ . 

الفصل الخامس - فيما يعرف به النسخ : 

يعرف: بالنص على الرفع» أو على ثبوت النقيض أو الضدء ويعلم التاريخ 
بالنص على التأخيرء أو السنةء أو الغزوة» أو الهجرة» وبعلم نسبة ذلك إلى زمان 
الحكم» أو برواية من مات قبل رواية الحكم الآخر. 

قال القاضى عبد الجبار: قول الصحابى فى الخبرين المتواترين «هذا قبل 
ذاك»» مقبول وإن لم يقبل قوله فى نسخ المعلوم» كثبوت الإحصان بشهادة اثنين» 
بخلاف الرجم» وشهادة النساء فى الولادة دون النسب. 

وقال الإمام فخر الدين: قول الصحابى «هذا منسوخ» لا يقبل؛ لجواز أن يكون 
اجتهادا منه . 

وقال الكرخى: إن قال: «ذا نسخ ذاك» لم يقبل» وإن قال: «هذا منسوخ؟ قبل؛ 
لأنه لم يخل للاجتهاد مجالاء فيكون قاطعا به» وضعفه الإمام. 

FF #‏ يا 


)١(‏ عبيد الله بن الحسين الكرخى» أبو الحسن: فقيه انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق» ولد سنة 
هه له رسالة فى الأصول التى عليها مدار فروع الحنفية» (شرح الجامع الصغير)» 
(شرح الجامع الكبير). توفى فى بغداد سنة١1"4ه.‏ 

ينظر: الفوائد البهية »)1١1(‏ الأعلام (197/5)ء تاريخ بغداد /1١(‏ 88" - 5ه ")2 الفوائد 
البهية ص »)١1١5 - ١٠١8(‏ هدية العارفين .)5457/1١(‏ 

(؟) عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل» القاضى أبو الحسن الهمدانى» 

قاضى الرى وأعمالهاء وكان شافعى المذهب» وهو مع ذلك شيخ الاعتزال» وله المصنفات = 


الإجماع جا 11۳ 





الباب الخامس عشر 
[فى الإجماع] 

وفيه خمسة فصول 

الفصل الأول - فى حقيقته : 

وهو: اتفاق أهل الحل والعقد من هذه الأمة على أمر من الأمور. 

ونعنى بالاتفاق الاشتراك: إما فى القولء أو فى الفعل» أو الاعتقاد. 

وبأهل الحل والعقد: المجتهدين فى الأحكام الشرعية. 

وبأمر من الأمور: الشرعيات والعقليات والعرفيات. 

الفصل الثانى - فى حكمه: 

وهو عند الكافة حجة» خلافا للنظام والشيعة والخوارج؛ لقوله - تعالى -: وم 
ياق رسو من بعر ما بن له الى ويي عير يل الْؤْمني أيه ما تول . . 4 الآية 
[النساء : .]٠٠١‏ وثبوت الوعيد على المخالفة يدل على وجوب المتابعة. 

وقوله - عليه السلام -: «لا تَبمَوِعُ تى عَلَى خَطإ0) يدل على ذلك» وعلى 
منع القول الثالث» وعدم الفصل فيما جمعوه» فإن جميع ما خالفهم يكون خطأ؛ 
لتعيين الحق فى جهتهم. 

وإذا اختلف أهل العصر الأول على قولين فلا يجوز لمن بعدهم إحداث قول 
ثالث عند الأكثرين» وجوزه أهل الظاهرء وفصل الإمام فخر الدين فقال:.إن لزم منه 
خلاف ما أجمعوا عليه امتنع» وإلا فلا؛ كما قيل: للجد كل المالء وقيل: يقاسم 


= الكثيرة فى طريقتهم» وفى أصول الفقه؛ قال ابن كثير: ومن أجل مصنفاته وأعظمها كتاب 
«دلائل التبوة» فى مجلدين» أبان فيه عن علم وبصيرة جيدة. مات سنة 6١4ه.‏ 
پنظر: طبقات ابن قاضى شهية (۱/ ۱۸۳)ء تاريخ بغداد (۱۱/ ۱۱۳)ء شذرات الذهب (۲۲/۳). 
)١(‏ ورد هذا الحديث عن جماعة من الصحابة - منهم أنس بن مالك - مرفوعًا: «إن أمتى 
لا تجتمع على ضلالة» فإذا رأيتم اختلاقًا فعليكم بالسواد الأعظم». 
أخرجه ابن ماجه ))946٠:(‏ وعبد بن حميد (۱۲۲۰). 
ومنهم - أيضًا - ابن عمرء مرفوعًا: إن الله لا يجمع أمتى - أوقال: أمة محمد 5 - على 
ضلالةء ويد الله مع الجماعة» ومن شد شذ إلى النارة. 
أخرجه الترمذى (51١1؟):‏ وقال: غريب. 
وینظر: كشف الخفاء (۲/ .)٤۸۸‏ 


1 ج١1‏ الإجماع 





الأخ» فالقول بجعل المال كله للأخ مناقض للآول. 

وإذا أجمعت الأمة على عدم الفصل بين مسألتين» لا يجوز لمن بعدهم الفصل 

ويجوز حصول الاتفاق بعد الاختلاف فى العصر الواحد خلافا للصيرفى. وفى 
العصر الثانى لنا وللشافعية والحنفية فيه قولان:مبنيان على أن إجماعهم على الخلاف 
يقتضى أنه الحق؛ فيمتنع الاتفاق» أو هو مشروط بعدم الاتفاق وهو الصحيح. 

وانقراض العصر ليس شرطاء خلافا لقوم من الفقهاء والمتكلمين ؛ لتجدد الولادة 
فى كل يوم فيتعذر الإجماع. 

وإذا حكم بعض الأمة وسكت الباقون فعند (ش) والإمام فخر الدين ليس بحجة 
ولا إجماع» وعند الجبائى إجماع وحجة بعد انقراض العصرء وعند أبى هاشم ليس 
بإجماع وهو حجةء وعند أبى على بن أبى هريرة(2: إن کان القائل حاكما لم يكن 
إجماعا ولا حجة» وإن كان غيره فهو إجماع وحجة. 

فإن قال بعض الصحابة قولا ولم يعرف له مخالف» قال الإمام فخر الدين: إن 
كان مما تعم به البلوى ولم ينتشر ذلك القول فيهمء فيحتمل أن يكون فيهم مخالف 
لم يظهر؛ فيجرى مجرى قول البعض وسكوت البعض. وإن كان مما لا تعم به 
البلوىء فليس بإجماع ولا حجة. وإذا جوزنا الإجماع السكوتى فكثير ممن لم يعتبر 
انقراض العصر فى القولى اعتبره فى السكوتى. 

والإجماع المروى بالآحاد حجةء خلافا لأكثر الناس؛ لأن هذه الإجماعات» 
وإن لم تفد القطع فهى تفيد الظنء والظن معتبر فى الأحكام كالقياس وخبر الواحدء 
غير أنا لا نكفر مخالفهاء قاله الإمام. قال: وإذا استدل أهل العصر بدليل وذكروا 
تأويلاء واستدل العصر الثانى بدليل آخر وذكروا تأويلا آخر - فلا يجوز إبطال 
التأويل القديم» وأما الجديد فإن لزم منه إبطال القديم بطلء وإلا فلا. 

وإجماع أهل المدينة عند مالك - رحمه الله - فيما طريقه التوقيف حجةء خلافا 


ومن الئاس من اعتبر إجماع أهل الكوفة. 


() فی ط: ابن أبى جبيرة . 


الإجاع ج ١‏ 116 


وإجماع العترة عند الإمامية. 
وإجماع الخلفاء الأربعة حجة عند أبى حازم» ولم يعتد بخلاف زيد فى توريث 
ذوى الأرحام. 


قال الإمام فخر الدين: وإجماع الصحابة مع مخالفة من أدركهم من التابعين ليس 
بحجةء خلافا لقوم. 

قال: ومخالفة من خالفنا فى الأصول إن كفرناهم لم نعتبرهم» ولا يثبت تكفيرهم 
بإجماعنا؛ لأنه فرع تكفيرهم» وإن لم نكفرهم اعتبرناهم . 

ويعتير عند أصحاب مالك - رحمه الله - مخالفة الواحد فى إبطال الإجماع» 
خلافا لقوم. 

وهو مقدم على الكتاب والسنة والقياس. 

واختلف فى تكفير مخالفه؛ بناء على أنه قطعى وهو الصحيح؛ ولذلك قدم على 
الكتاب والسنة» وقيل: ظنى. 

الفصل الثالث - فى مستنده: ١‏ 

ويجوز عند مالك - رحمه الله - انعقاده عن القياس» والدلالة والأمارة» وجوزه 
قوم بغير ذلك» بمجرد الشبهة والبحث. 

ومنهم من قال: لا ينعقد عن الأمارة بل لابد من الدلالة. 

ومنهم من فصل بين الأمارة الجلية وغيرها. 

الفصل الرابع - فى المجمعين: 

فلا يعتبر فيه جملة الأمة إلى يوم القيامة؛ لانتفاء فائدة الإجماع» ولا العوام عند 
مالك - رحمه الله - وعند غيرهء خلافا للقاضى؛ لأن الاعتبار فرع الأهليةء 
ولا أهلية فلا اعتبار. 

والمعتبر فى كل فن: أهل الاجتهاد فى ذلك الفن» وإن لم يكونوا من أهل 
الاجتهاد فى غيره؛ فيعتبر فى الكلام المتكلمونء وفى الفقه الققهاء» قاله الإمام فخر 
الدين» وقال: لا عبرة بالفقيه الحافظ للأحكام والمذهب» إذا لم يكن مجتهدًا. 

والأصولى المتمكن من الاجتهاد غير الحافظ للأحكام» وخلافه معتبر على الأصح . 





)١(‏ فى ط: المذاهب. 


۱1٦‏ ج ۱ الإجماع 


ولا يشترط بلوغ المجمعين إلى حد التواترء بل لو لم يبق - والعياذ بالله - إلا 
واحد کان قوله حجة. 

وإجماع غير الصاحبة حجةء خلافا لأهل الظاهر. 

الفصل الخامس - فى المجمع عليه : 

كل ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة عليه لا يثبت بالإجماع: كوجود 
الصانع» وقدرتهء وعلمه» والنبوة. 

وما لا يتوقف عليه كحدوث العالمء والوحدانية - فيثبت. 

واختلفوا فى كونه حجة فى الحروب والآراء. 

ويجوز اشتراكهم فى عدم العلم بما لم يكلفوا به. 


الخبر ج۱ ۱1۷ 
الباب السادس عشر 


فى الخبر 

وفيه عشرة فصول 

الفصل الأول - فى حقيقته : 

وهو: المحتمل للصدق والكذب لذاته؛ احترازا من خبر المعصوم. والخبر عن 
خلاف الضرورة. 

وقال الجاحظ : يجوز عروه عن الصدق والكذب. والخلاف لفظى . 

واختلفوا فى اشتراط الإرادة فى حقيقة كونه خبراء وعند أبى على وأبى هاشم 
الخبرية معللة بتلك الإرادة» وأنكره الإمام لخفائها؛ فكان يلزم آلا يعلم خبر ألبتة. 
ولاستحالة قيام الخبرية بمجموع الحروف لعدمه» ولا ببعضهء وإلا لكان خبراء 
ولیس فليس. 

الفصل الثانى - فى التواتر : 

وهو مأخوذ من مجىء الواحد بعد الواحدء بفترة بينهماء وفى الاصطلاح: خبر 
أقوام عن أمر محسوس» يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة. 

وأكثر العقلاء على أنه مفيد للعلم فى الماضيات والحاضرات. 

والسَمَئْيّة : أنكروا العلم واعترفوا بالظن. 

ومنهم من اعترف به فى الحاضرات فقط . 

والعلم الحاصل منه ضرورى عند الجمهور» خلافا لأبى الحسين البصرى وإمام 
الحرمين والغزالى [والمرتضى]'. 

والأربعة لا تفيد العلم» قاله القاضى أبو بكرء وتوقف فى الخمسة. 

قال الإمام فخر الدين: والحق أن عددهم غير محصور خلافا لمن حصرهم فى 
اثنى عشرء عدة نقباء موسى - عليه السلام - أو عشرين عند أبى الهذيل؛ لقوله - 
تعالى -: إن < نکم رود ميرو يليا يا4 [الأتفال: ٠1]ء‏ أو أربعين ؛ 


2 


لقوله - تعالى -: اما أل تك أَنَهُ ومن امَك من الؤيبيت4 [الأنفال: 14]» 





)١(‏ سقط فى ش. 


11۸ جا الخبر 
00 ]| 





وكانوا حيتئذ آربعين ٠"‏ أو سبعين» عدد المختارين من قوم موسى - عليه السلام - 
أو ثلاثمائة عدد أهل بدرء أو عشرة عدد بيعة الرضوان. 

وهو ينقسم إلى اللفظى وهو: أن تقع الشركة بين ذلك العدد فى اللفظ المروى ‏ 

والمعنوى وهو: وقوع الاشتراك فى معنى عام كشجاعة على وسخاء حاتم . 

وشرطه على الإطلاق: إن كان المخبر لنا غير المباشر» استواء الطرفين 
والواسطة. وإن كان المباشر: فيكون المخبر عنه محسوسا؛ فإن الإخبار عن 
العقليات لا يحصل العلم. 

الفصل الثالث - فى الطرق المحصلة للعلم غير التواتر: 

وهى سبعة: كون المخبر عنه معلوما بالضرورة» أو الاستدلال» أو خبر الله - 
تعالى - أو خبر الرسول - عليه السلام - أو خبر مجموع الأمة» أو الجمع العظيم 
عن الوجدانيات فى نفوسهم» أو القرائن عند إمام الحرمين والغزالى والنظامء خلافا 
للباقين . 

الفصل الرابع - فى الدال على كذب الخبر -: 

وهو خمسة: منافاته لما علم بالضرورة» أو النظرء أو الدليل القاطع. أو فيما 
شأنه أن يكون متواترا ولم يتواتر: كسقوط المؤذن يوم الجمعة ولم يخبر به إلا 
واحد. أو كقواعد الشرع» أو لهما جميعا كالمعجزات» أو طلب فى صدور الرواة أو 
كتبهم بعد استقراء الأحاديث فلم يوجد. 

الفصل الخامس - فى خبر الواحد -: 

وهو خبر العدل أو العدول المفيد للظن. وهو عند مالك - رحمه الله - وعند 
أصحابه حجة. 

واتفقوا على جواز العمل به فى الدنيويات والفتوى والشهادات. 

والخلاف إنما هو فى كونه حجة فى حق المجتهدين» فالأكثرون على أنه حجة 
لمبادرة الصحابة - رضى الله عنهم - إلى العمل به. 

ويشترط فى المخبر: العقل والتكليف - وإن كان تحمل الصبى صحيتًا - 
(1) هو قول ابن عباس» إن ثبت عنه ذلك» آخرجه الطبرانى» وأبو الشيخ» وابن مردويه؛ كما 


فى الدر المنثور (/0)707 فقد قال الهيثمى فى المجمع (۲۸/۷): رواه الطبرانى» وفيه 
إسحاق بن بشر الكاهلى: وهو كذاب. 


الخبر ج۱ 114 


والإسلام» والضبط. 

واختلف فى المبتدعة إذا كفرناهم : فعند القاضى أبى بكر منا والقاضى عبد الجبار 
لا تقبل روايتهم. وفصل الإمام فخر الدين و أبو الحسين بين من يبيح الكذب 
وغيره. والصحابة29 - رضوان الله عليهم - عدول إلا عند قيام المعارض. 

والعدالة : اجتناب الكبائر وبعض الصغائر والإصرار عليها والمباحات القادحة فى 
المروءة. 

ثم الفاسق: إن كان فسقه مظنونا قبلت روايته بالاتفاق. 

وإن كان مقطوعا به» قبل (ش) رواية أرباب الأهواءء إلا الخطابية من الرافضة؛ 
لتجويزهم الكذب لموافقة مذهبهم» ومنع القاضى أبو بكر من قبولها. 

واختلف العلماء فى شارب النبيذ من غير سكرء فقال (ش): أحده وأقبل 
شهادته ؛ بناء على أن فسقه مظنون. 

وقال مالك - رحمه الله -: أحده ولا أقبل شهادته؛ كأنه قطع بفسقه. 

وقال الحنفية: يقبل قول المجهول. 

وتثبت العدالة: إما بالاختبارء أو بالتزكية. 

واختلف الناس فى اشتراط العدد فى التزكية والتجريح» فشرطه بعض المحدثين 
فى التزكية والتجريح فى الرواية والشهادة» واشترطه القاضى أبو بكر فى تزكية 
الشهادة فقطء واختاره الإمام فخر الدين. 

وقال (ش): يشترط إبداء سبب التجريح دون التعديل؛ لاختلاف المذاهب [فى 
ذلك]ء والعدالة شىء واحدء وعكس قوم؛ لوقوع الاكتفاء بالظاهر فى العدالة 
دون التجريح» ونفى ذلك القاضى أبو بكر فيهما. 

ويقدم الجرح على التعديل» إلا أن يجرحه بقتل إنسان» فيقول المعدل: رأيته 
حيا. وقيل: يقدم المعدل إذا زاد عدده ‏ 

الفصل السادس - فى مستند الراوى: 

فأعلاه أن يعلم قراءته على شيخهء أو إخباره بهء أو بتفكر ألفاظ قراءته. 

وثانيها: أن يعلم قراءة جميع الكتاب» ولا يذكر الألفاظ ولا الوقت. 


للق فى ش: والعدالة والصحابة . 
(۲) سقط فى ش. 


1۲۰ ج١1‏ الخبر 
. وثالئها: أن يشك فى سماعه؛ فلا يجوز له روايته بخلاف الأولَيْن. 

ورابعها: أن يعتمد على خطهء فيجوز عند (ش) وأبى يوسف ومحمدء خلافا 
لاح). 

الفصل السابع - فى عدده: 

والواحد عندنا وعند جمهور الفقهاء يكفى» خلافا للجبائى فى اشتراطه اثنين» أو 
يعضد الواحدٌ ظاهرٌء أو عمل بعض الصحابة» أو اجتهادء أو يكون منتشرًا فيهم . 

ولم يقبل فى الزنى إلا أربعة. 

لنا: أن الصحابة قبلوا خبر عائشة - رضى الله عنها - فى التقاء الختانين 
وحدها')ء وهو مما تعم به البلوى. 

الفصل الثامن - فيما اختلف فيه من الشروط فى القبول: 

قال الحنفية: إذا لم يبل راوى الأصل الحديث لا تقبل رواية الفرع. 

قال الإمام: إن جزم كل واحد منهما لم تقبل» وإلا عمل بالراجح. 

وقال أكثر أصحابنا والشافعية والحنفية: إذا شك الأصل فى الحديث لا يضر 
ذلكء خلافا للكرخى . 

والمنقول عن مالك - رحمه الله - أن الراوى إذا لم يكن فقيها فإنه كان يترك 
روايته. ووافقه (ح): وخالفه الإمام وجماعة. 

قال الإمام [فخر الدين]: ولا يخل بالراوى تساهله فى غير الحديث» 
ولا جهله بالعربية» ولا الجهل بنسبهء ولا خلافٌ أكثر الأمة لروايته. 

وقد اتفقوا على أن مخالفة الحفاظ لا تمنع من القبول» ولا كونه على خلاف 
الكتاب - خلافا لعيسى بن أبان - ولا کون مذهبه بخلاف روايته» وهو مذهب أكثر 


() أخرج مسلم AA)‏ — €۹( عن أبى موسى قال: اختلف فى ذلك رهط من المهاجرين 
والأنصار» فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء . وقال المهاجرون: 
بل إذا خالط فقد وجب الغسل. قال أبو موسى: فأنا أشفيكم من ذلك» فقمت فاستأذنت 
على عائشةء فَأذِنَ لىء فقلت لها: يا أماه [أو: يا أم المؤمنين]» إنى أريد أن أسألك عن 
شىء» وإنى أستحييك. فقالت: لا تستحى أن تسألنى عما كنت سائلا عنه أمك التى 
ولدتك؛ فإنما أنا أمّك. قلت: فما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقطت» قال 
رسول الله و2: «إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل». 

(؟) سقط فى ش. 


الخبر ج۱ ۱۲۱ 
أصحابناء وفيه أريعة مذاهب: 

قال الحنفية: إن خصصه رَِحَ إلى مذهب الراوى؛ لأنه أعلم. 

وقال الكرخى: ظاهر الخبر أولى. 

وقال (ش): إن خالف ظاهر الحديث رُحِمّ إلى الحديث» وإن كان أحدٌ 
الاحتمالين رجح إليه. 

وقال القاضى عبد الجبار: إن كان تأويله على خلاف الضرورة ترك» وإلا وجب 
النظر فى ذلك . 

وإذا ورد الخبر فى مسألة علمية - وليس فى الأدلة القطعية ما يعضده - رُدّ؛ٍ لأن 
الظن لا يكفى فى القطعيات› وإلا قبل. 

وإن اقتضى عملا تعم به البلوى» قبل عند المالكية والشافعيةء خلافا للحنفية. 

[لنا: حديث عائشة رضى الله عنها المتقدم فى الختانين](). 

الفصل التاسع - فى كيفية الرواية: 

إذا قال الصحابى: سمعت النبى 6 أو: أخبرنى» أو: شافهنى - فهذا أعلى 
المراتب. 

وثانيها: أن يقول: قال عليه السلام. 

وثالثئها: أمر عليه السلام بكذاء أو : نهى عن كذا. وهذا كله محمول عثد 
المالكية على أمر النبى - عليه الصلاة والسلام - خلافا لقوم. 

ورابعها: أن يقول: أمِرْنا بكذاء أو: تهنا عن كذاء فعندنا وعند (ش) يحمل على 
أمره عليه السلام» خلافا للكرخى . 

وخامسها: أن يقول: السنة كذاء فعندنا يحمل على سنته عليه السلام» خلافا 
لقوم . 

سادسها: أن يقول: عن النبى - عليه السلام -: قيل: يحمل على سماعه هوء 
وقيل: لا. 

وسابعها: كنا نقعل كذاء وهو يقتضى كونه شرعا. 

وأما غير الصحابى» فأعلى مراتبه أن يقول: حدثتى» أو: أخبرنى» أو: سمعته. 


زفق ما بين المعقوفين مثبت من ش . 


وللسامع منه أن يقول: حدثنى» وأخبرنى» وسمعته يحدث عن فلان» إن قصد 
إسماعه خاصة أو فى جماعة» وإلا فيقول: سمعته يحدث. 

وثانيها: أن يقال" له: أسمعت هذا من فلان؟ فيقول: نعم» أو يقول بعد 
الفراغ : الأمر كما قرئ» فالحكم فيه مثل الأول فى وجوب العمل ورواية السامع . 

وثالثها: أن يكتب إلى غيره سماعه» فللمكتوب إليه أن يعمل بكتابه إذا تحققه أو 
ظنه» ولا يقول: سمعت» ولا: حدثنی ويقول: أخبرنى. 

ورابعها: أن يقال له: هل سمعت هذا؟ فيشير بإصبعهء أو برأسه؛ فيجب العمل 
به. ولا يقول المشار إليه: أخبرنى ولا: حدثنى ولا: سمعته. 

وخامسها: أن يقرأ عليه فلا ينكر بإشارة ولا عبارة» ولا يعترف» فإن غلب على 
الظن اعترافه لزم العمل. وعامة الفقهاء جوزوا روايته» وأنكرها المتكلمون. وقال 
بعض المحدثين: ليس له أن يقول إلا: أخبرنى قراءة عليه. وكذلك الخلاف لو قال 
القارئ للراوى بعد قراءة الحديث: أرويه عنك؟ قال: نعم» وهو السادس. 

وفى مثل هذا اصطلاح للمحدثين» وهو من مجاز التشبيهء شبه السكوت 
بالإخبار. 

وسابعها: إذا قال له حَدّثْ عنى ما فى هذا الكتاب» ولم يقل له: سمعته - فإنه 
لا يكون محدثا له به» وإنما أذن له فى التحدث عنه. 

وثامنها: الإجازة تقتضى أن الشيخ أباح له أن يحدث به» وذلك إباحة للكذب» 
لكنه فى عرف المخدثين معناه: أن ما صح عندك أنى سمعته فاروه عنى. 

والعمل عندنا بالإجازة جائزء خلافا لأهل الظاهر فى اشتراطهم المناولة. 

وكذلك إذا كتب إليه أن الكتاب الفلانى رويته فاروه عنى إذا صح عندك» فإذا 
صح عنده جازت له الرواية. 

وكذلك إذا قال له مشافهة: ما صح عندك من حديثى فاروه عنى . 
الفصل العاشر - [فى مسائل شتى]: 

فالأولى : المراسيل: عند مالك و(ح) وجمهور المعتزلة حجة - خلافا ل(ش) - 
لأنه إنما أرسل حيث جزم بالعدالة» فتكون حجة. 





)١(‏ فى ش: يقول. 


الخبر +۱ ۱۲۳ 
ونقل الخبر بالمعنى عند أبى الحسين و(ش) و(ح) - رضى الله عنهم - جائز - 
خلافا لابن سيرين وبعض المحدثين - بثلاثة شروط : 
ألا تزيد الترجمة ولا تنقص. 
ولا تكون أخفى؛ لأن المقصود إنما هو إيصال المعانى» فلا يضر فوات غيرها. 
وإذا زادت إحدى الروايتين على الأخرى - والمجلس مختلف - قُيِلَْتْء وإن كان 
واحدا ويتأتى الذهول عن تلك الزيادة قبلت» وإلا لم تقبل. 





۲4 جا القياس 


الباب السابع عشر 
[فى القياس] 

وفيه سبعة فصول 

الفصل الأول - فى حقيقته : 

وهو: إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر؛ لأجل اشتراكهما فى علة الحكم عند 
المثبت . 

فالإثبات : المراد به المشترك بين العلم والظن والاعتقاد. 

ونعنى بالمعلوم: المشترك بين المظنون والمعلوم. 

وقولنا: عند المثبت؛ ليدخل فيه القياس الفاسد. 

الفصل الثانى - فى حكمه -: 

وهو حجة عند مالك وجماهير العلماء - رضى الله عنهم - خلافا لأهل الظاهر؛ 
لقوله - تعالى -: مروا نالي الأيِصرٍ» [الحشر: ۲]ء ولقول معاذ - رضى الله 
عنه -: «أجتهد رأيى» بعد ذكره الكتاب والسئة(") . 

وهو مقدم على خبر الواحد عند مالك - رحمه الله - لأن الخبر إنما يرد لتحصيل 
الحكم» والقياس متضمن للحكمة؛ فيقدم على الخبر. 

وهو حجة فى الدنيويات» اتفاقا. 

وهو إن كان بإلغاء الفارق فهو تنقيح المناط عند الغزالى» أو باستخراج الجامع 
من الأصل ثم تحقيقه فى الفرع . فالأول تخريج المناط» والثانى تحقيقه. 

الفصل الثالث - فى الدال على العلة -: 

وهو ثمانية: النص» والإيماء» والمناسبة» والشبهء والدوران» والسبرء والطردء 
وتنقيح المناط . 


ء)۲٤١‎ ء۲٣۳۰‎ /0( هو حديث معاذ بن جبل عندما بعثه النبى يد إلى اليمن: آخرجه أحمد‎ )١( 
وأبو داود (7041)» والترمذى (۱۳۲۸)» موصولاء وأخرجه أحمد (515/6)» وأبو داود‎ 
والترمذى (۱۳۲۷) مرسلا.‎ 2)0595( 

والمرسل أصحء قاله الدارقطنى فى العلل» كما فى تلخيص الحبير (5/ ۳۷١)ء‏ وقد أطال النفس 
فيه الحافظ ابن حجرء فلينظر. 


القياس +۱ ۰ 6 


فالنص على العلة. وهو ظاهر. 
والإيماء» وهو خمسة: 


ضع عرق 


الفاءء نحو قوله - تعالى -: «الزنية ولزن فَجلِدُ كُلّ ير [النور: 7]. 

وترتيب الحكم على الوصف» نحو: ترتيب الكفارة على قوله: واقعت أهلى فى 
شهر رمضان» قال الإمام: سواء كان مناسبا أو لم يكن. 
ٍ وسؤاله - عليه السلام - عن وصف المحكوم عليه» نحو قوله - عليه السلام “: 
«أيَنْقُصٌ الرّطبٌ إذّا جف . وتفريق الشارع بين شيئين فى الحكم» نحو: قوله - 
علية السلام -: «الْقَائِلُ لا يرث . 

أو ورود النهى عن فعل يمنع ما تقدم وجوبه. 

والمناسب: ما تضمن تحصيل مصلحة أو درء مفسدة. 

فالأول: كالغئى علة لوجوب الزكاة. 

والثانى: كالإسكار علة لتحريم الخمر. 

والمناسب ينقسم إلى ما هو فى محل الضرورات؛ وإلى ما هو فى محل 
الحاجات» وإلى ما هو فى محل التتمات» فيقدم الأول على الثانى» والثانى على 
الثالث عند التعارض . 


)0( هو من حديث سعد بن أبى وقاص قال: سمعت رسول الله ية سئل عن شراء التمر 
بالرطب» فقال رسول الله «أينقص الرطب إذا يبس؟؟ فقالوا: نعم. فنهاه عن ذلك5. 
أخرجه مالك (۲/ ٤1۲)ء‏ وأحمد (۱/ ۱۷۰ء۰ ۱۷۹)ء وأبو داود (۳۳۰۹)ء والترمذى (۱۲۲۵)» 
والنسائی (۲۷۸/۷» ۲۹۹)» وابن ماجه (٤۲۲۲)ء‏ وابن الجارود (۷٥٦)ء‏ واین حبان »)٤۹۹۷(‏ 
والدارقطنی (۳/ »)٤۹‏ والحاكم (۳۸/۲» ۹). والبيهقى (5/ ٤۲۹)ء‏ والبغوی .)5١51(‏ 
وهو حديث حسن صحيح» قاله الترمذى. 
وقال البغوى: وقوله - عليه السلام -: «أينقص الرطب إذا يبس؟» سؤال تقرير؛ ليبههم به على 
علة الحكمء لا سؤال استفهام؛ لأن انتقاص الرطب بالجفاف مما لا يخفى على عاقل» شرح السنة 
281/1 
(؟) أخرجه الترمذى (۲۱۰۹)ء وابن ماجه (21465 ه"/ا؟)» والدارقطنى /٤(‏ ۰)۹1 والبيهقى 
(7/ ۰)۲۰ من طريق إسحاق بن عبد الله أبى فروة عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن 
بن عوف عن أبى هريرة» مرفوعًا: «القاتل لا يرث؟. 
قال الترمذی: هذا حديث لا يصح» ولا يعرف إلا من هذا الوجه» وإسحاق بن عبد الله بن 
أبى فروة قد تركه بعض أهل العلمء منهم أحمد بن حنبل. اه. 
وقال البيهقى: إسحاق بن عبد الله لا يحتج به إلا أن شواهده تقويه. اه. 


11٦‏ ج ١‏ القياس 





فالأول نحو : الكليات الخمس: وهى حفظ النفوس والأديان والأنساب والعقول 
والأموال» وقيل: والأعراض. 

والثانى مثل: تزويج الولى الصغيرة؛ فإن التكاح غير ضرورى»ء لكن الحاجة 
تدعو إليه فى تحصيل الكفه؛ لثلا يفوت. 

والثالث: ما كان حثا على مكارم الأخلاق» كتحريم تناول القاذورات» وسلب 
أهلية الشهادات عن الأرقاء» ونحو الكتابات» ونفقات القرابات» وتقع أوصاف 
مترددة بين هذه المراتب: كقطع الأيدى باليد الواحدة؛ فإن شرعيته ضرورية صونا 
[للأطراف و]('2 للأعضاء» وإن أمكن أن يقال: ليس منه؛ لأنه يحتاج الجانى فيه إلى 
الاستعانة بالغير» وقد يتعذر. 

ومثال اجتماعها كلها فى وصف واحد: أن نفقة النفس ضروريةء والزوجات 
حاجةء والأقارب تتمة» واشتراط العدالة فى الشهادة ضرورى؛ صونا للنفوس 
والأموال» وفى الإمامة - على الخلاف - حاجة؛ لأنها شفاعة» والحاجة داعية 
لإصلاح حال الشفيع» وفى النكاح تتمة؛ لأن الولى قريب يَرَعَهُ طبعه عن الوقوع فى 
العار والسعى فى الإضرارء وقيل: حاجة على الخلاف. 

ولا تشترط فى الإقرار؛ لقوة الوازع الطبعىء ودفع المشقة عن التفوس مصلحةء 
ولو أفضت إلى مخالفة القواعد. 

وهى ضرورية مؤثرة فى الترخيص» كالبلد الذى يتعذر فيه العدول. 

قال .ابن أبى زيد فى النوادر: تقبل شهادة أمثلهم حالا؛ لأنه ضرورة. 

وكذلك يلزم فى القضاة وولاة الأمورء وحاجة فى الأوصياءء على الخلاف 
فى عدم اشتراط العدالة» وتمامية فى السَّلَّمِ والمساقاة وبيع الغائب؛ فإن فى منعها 
مشقة على الناس» وهى تتمات معاشهم'. 

وهو - أيضا - ينقسم إلى : ما اعتبره الشرع» وإلى ما ألغاه؛ وإلى ما جهل حاله . 

والأول ينقسم إلى : ما اعتبر نوعه فى نوع الحكم: كاعتبار نوع الإسكار فى نوع 
التحريم . 


)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) فى ش: الأولياء. 


القياس +۱ ۱۲۷ 

وإلى ما اعتتبر جنسه فى جنسهء كالتعليل بمطلق المصلحة: كإقامة الشرب مقام 
القذف؛ لأنه مظنعه . 

وإلى ما اعتبر نوعه فى جنسه: كاعتبار الأخوة فى التقديم فى الميراث؛ فتقدم فى 
النكاح . 

وإلى ما اعتبر جنسه فى نوع الحكم: كإسقاط الصلاة عن الحائض بالمشقة؛ فإن 
المشقة جنس» وهو - أى الإسقاط - نوع من الرخص. 

فتأثير النوع فى النوع مقدم على تأثير النوع فى الجنس» وتأثير النوع فى الجنس 
مقدم على تأثير الجنس فى النوع» وهو مقدم على تأثير الجنس فى الجنس. 

والملغى: نحو المنع من زراعة العنب؛ خشية الخمر. 

والذى جهل أمره: هو المصلحة المرسلة التى نحن نقول بهاء وعند التحقيق: 
هى عامة فى المذاهب. 

الرابع : الشبهء قال القاضى أبو بكر: هو الوصف الذى لا يناسب بذاته» ويستلزم 
المناسب لذاته» وقد شهد الشرع لتأثير جنسه القريب فى جنس الحكم القريب.' 

والشبه يقع فى الحكمء كشبه العبد المقتول بالحرء وشبهه بسائر المملوكات؛ 
وعند ابن علية يقع الشبه فى الصورةء كرد الجلسة الثانية إلى الجلسة الأولى فى 
الحكم . 
وعند الإمام: التسوية بين الأمرين إذا غلب على الظن أنه مستلزم للحكم أو لما 

وهو ليس بحجة عند القاضى منا. 

الخامس: الدوران» وهو عبارة عن اقتران ثبوت الحكم مع ثبوت الوصف». 
وعدمه مع عدمه» وفيه خلاف. 

والأكثرون من أصحابنا وغيرهم يقولون بكونه حجة. 

السادس: السبر والتقسيم» وهو أن يقول: إما أن يكون الحكم معللا بكذا أو 
بكذاء أو بكذاء والكل باطل إلا كذا؛ فيتعين. 

السابع : الطرد وهو عبارة عن اقتران الحكم بسائر صور الوصف» وليس مناسبا 
ولا مستلزما للمناسب» وفيه خلاف. 

الثامن: تنقيح المناط» وهو إلغاء الفارق؛ فيشتركان فى الحكم. 


۱۲۸ + ۱ القياس 


الفصل الرابع - فى الدال على عدم اعتبار العلة: 

وهو خمسة: الأول النقضص» وهو وجود الوصف يدون الحكم. 

وفيه أربعة مذاهب» ثالثها: إن وجد المانع فى صورة النقض فلا يقدح وإلا 
قدح» ورابعها: إن نص عليها لم يقدح» وإلا قدح. 

وجواب النقض إما بمنع وجود الوصف فى صورة النقض» أو بالتزام الحكم 

الثانى: عدم التأثير: وهو أن يكون الحكم موجودا مع وصف» ثم يعدم ذلك 
الوصف ويبقى الحكم؛ فيقدح [ذلك فى غليته]2'0: بخلاف العكس» وهو: وجود 
الحكم بدون الوصف فى صورة أخرى» فلا يقدح؛ لأن العلل الشرعية يخلف 

الثالث: القلب وهو إثبات نقيض الحكم بعين العلة» كقولنا فى الاعتكاف: لبث 
فى مكان مخصوص؛ فلا يستقل بنفسه قياسا على الوقوف بعرفة؛ فيكون الصوم 
شرطا فيه» فيقول السائل: لبث فى مكان مخصوص؛ فلا يكون الصوم شرطا فيهء 
كالوقوف بعرفة. 

وهو إما أن يقصد به إثبات مذهب السائل» أو إبطال مذهب المستدل» فالأول 
كما سبق» والثانى : كما يقول الحنفى : المسح ركن من أركان الوضوء؛ فلا يكفى 
فيه أقل ما يمكن» أصله الوجه. فيقول الشافعى: ركن من أركان الوضوء؛ فلا يقدر 
بالربع» أصله الوجه. 

الرابع : القول بالموجب» وهو: تسليم ما ادعاه المستدل موجب علته مع بقاء 
الخلاف فى صورة النزاغ. 

الخامس: الفرق» وهو إبداء معنى مناسب للحكم فى إحدى الصورتين» مفقود 
فى الأخرى؛ وقدحه مبنى على أن الحكم لا يعلل بعلتين؛ لاحتمال أن يكون الفارق 
إحداهماء فلا يلزم من عدمه عدم الحكم؛ لاستقلال الحكم بإحدى العلتين. 

الفصل الخامس - فى تعدد العلل: 

يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين منصوصتين» خلافا لبعضهم» كوجوب 








() سقط فى ش. 


القياس چ ۱ ۱۲۹ 





الوضوء على من بال ولامس» ولا يجوز بمستنبطتين؛ لأن الأصل عدم الاستقلالء 
فتجعلان علة واحدة. 

الفصل السادس - فى أنواعهاء وهى أحد عشر نوعا: 

الأول: التعليل بالمحل» [و] فيه خلاف» قال الإمام فخر الدين: إن جوزنا أن 
تكون العلة قاصرة» جوزناه: كتعليل الخمر بكونه خمراء والبرّ يحرم الربا فيه لكونه 
برا. 

الثانى: الوصف إن لم يكن منضبطا جاز التعليل بالحكمةء وفيه خلاف» 
والحكمة: هى التى لأجلها صار الوصف علة» كذهاب العقل المرجب لجعل 


الإسكار علة. 
الثالث: يجوز التعليل بالعدم خلافا لبعض الفقهاء؛ فإن عدم العلة علة لعدم 
المعلول. 


الرابع : المانعون من التعليل بالعدم امتنعوا من التعليل بالإضافات؛ لأنها عدم. 
الخامس : يجوز تعليل الحكم الشرعى بالحكم الشرعى» خلافا لقوم› كقولنا: 


السادس: يجوز التعليل بالأوصاف العرفية: كالشرف والخسة» بشرط اطرادها 
وتمييزها عن غيرها. 


السابع : يجوز التعليل بالعلة المركبة عند الأكثرين» كالقتل العمد العدوان. 

الثامن: يجوز التعليل [عند أصحابنا]9'© بالعلة القاصرة عند (ش) وأكثر 
المتكلمينء خلافا ل (ح) وأصحابه» إلا أن تكون منصوصة؛ لأن فائدة التعليل عند 
الحنفية التعدية للفرع» وقد انتفت» وجوابهم: نفى سكون النفس للحكم والاطلاع 
على مقصود الشرع فيه. ْ 

التاسع : اتفقوا على أنه لا يجوز التعليل بالاسم. 

العاشر: اختار الإمام أنه لا يجوز التعليل بالأوصاف المقدرة» خلافا لبعض 
الفقهاء» كتعليل العتق عن الغير بتقدير الملك. 

الحادى عشر: يجوز تعليل الحكم العدمى بالوصف الوجودى» ولا يتوقف على 


)00 سقط فى أء ش. 


وجود المقتضى عند الإمام» خلافا للأكثرين فى التوقف» وهذا هو تعليل أنتقاء 
الحكم بالمانع» فهو يقول: المانع هو ضد علة الثبوت» والشىء لا يتوقف على 
ضذة. 


۰ +۱ القياس 


وجوابه : أنه لا يحسن فى العادة أن يقال للأعمى : إنه لا يبصر زيدا للجدار الذى 
بينهماء وإنما يحسن ذلك فى البصير. 
الفصل السابع - فيما يدخله القياس : 


وهو ثمانية أنواع : 
الأول: اتفق أكثر المتكلمين على جوازه فى العقليات» ويسمونه : إلحاق الغائب 
بالشاهد. 


الثانى: أجاز الإمام فخر الدين وجماعة القياس فى اللغات» وقال ابن جنى: 
هو قول أكثر الأدباءء خلافا للحنفية» وجماعة من الفقهاء. 

الثالث: المشهور أنه لا يجوز إجراء القياس فى الأسباب» كقياس اللواط على 
الزنى فى وجوب الحد به؛ لأنه لا يحسن أن يقال فى طلوع الشمس: إنه موجب 
للعبادة كغروبها. 

الرابع : اختلفوا فى دخول القياس فى العدم الأصلىء قال الإمام: والحق أنه 
يدخله قياس الاستدلال» بعدم خواص الشىء على عدمه» دون قياس العلة» وهذا 
بخلاف الإعدام؟ فإنه حكم شرعی . 

الخامس : قال الجبائى والكرخى: لا يجوز إثبات أصول العبادات بالقياس. 

السادس: يجوز عند ابن القصار والباجى و(ش) جريان القياس فى المقدرات» 
والحدود» والكفارات» خلافا ل(ح) وأصحابه؛ لأنها أحكام شرعية. 

السابع : يجوز القياس عند (ش) على الرخص» خلافا ل (ح) وأصحابه. 


)١(‏ عثمان بن جنى الموصلى» أبو الفتح: من أئمة الأدب والنحوء وله شعر. ولد بالموصل 
وتوفى ببغداد عن نحو 50 عامًا. وكان أبوه مملوكًا رومبًا لسليمان بن فهد الأزدى 
الموصلى . من تصائيقه : رسالة فى امن نسب إلى آمه من الشعراءة» و (شرح ديوان 
المتتبى»» «الخصائص فى اللغة». وكان المتنبى يقول: ابن جنى أعرف بشعرى منی. توفى 
سئة ۳۹۲ه. ينظر: آداب اللغة (۲/ ۳۰۲)ء شذرات الذهب (/ ١٤٠)ء‏ الأعلام (4/ 4١؟)»‏ 
مفتاح السعادة (1/ .)١١١‏ 


القياس +۱ ۱۳۱ 


الثامن: لا يدخل القياس فيما طريقه الخلقة والعادة: كالحيض» ولا فيما 
لا يتعلق به عمل : كفتح مكة عنوة؛ ونحوه. 


)١(‏ المراد بالعادات الأشياء التى ترجع إلى الطبيعة والخلقة» وذلك كتحديد مدة الحيض أو 
النفاس أو الحمل من جهة القلة والكثرة» والذى عليه أكثر العلماء: هو عدم جريان القياس 
فيهاء فلا يصح - مثلا - أن تقاس امرأة على أخرى فى أقل الحيض» أو أكثره لمشاركتها لها 
فى النسب أو الجنس؛ لاختلاف ذلك باختلاف الطبائع والأمزجة ونحو ذلك» فهذه الأمور 
ليس لها ضوابط معينة يصح الاعتماد عليها فى الجميع» وإنما المعول عليه فى ذلك هو 
الخبر الصادق: كخبر الشارع» أو خبر أهل المعرفة بهذه الأشياء. 

ينظر: دراسات فى أصول الفقه ص (50). 


فل ١‏ التعارض والترجيح 
الباب الثامن عشر 
[فى التعارض والترجيح] 

وفيه خمسة فصول : 

الفصل الأول: 

اختلفوا هل يجوز تساوى الأمارتين» فمنعه الكرخى وجوزه الباقون. 

والمجوزون اختلفوا: فقال القاضى أبو بكر منا وأبو على وأبو هاشم» وبعض 
الشافعية وبعض الحتفية: يتخير. ويتساقطان عند بعض الفقهاء. 

قال الإمام - رحمه الله -: إن وقع التعارض فى فعل واحد باعتبار حكمين» فهذا 
متعذرء وإن وقع فى فعلين والحكم واحد كالتوجه إلى جهتين للكعبة فيتخير. 

وقال الباجى فى القسم الأول: إذا تعارضا فى الحظر والإباحة تخير. 

وقال الأبهرى: يتعين الحظر؛ بناء على أصله: أن الأشياء على الحظر. 

وقال أبو الفرج: يتعين الإباحة؛ بناء على أصله: أن الأشياء على الإباحة. 

فالثلاثة رجعوا إلى حكم العقل على أصولهم. 

وإذا نقل عن مجتهد قولان: فإن كانا فى موضعين وعلم التاريخ» عُد الثانى 
رجوعا عن الأول» وإن لم يعلم حكى عنه القولان» ولا يحكم عليه برجوع وإن كان 
فى موضع واحد» بأن يقول فى المسألة قولان. فإن أشار إلى تقوية أحدهما فهو 
قوله» وإن لم يعلمء فقيل: يتخير السامع بينهما. 

الفصل الثانى - فى الترجيح : 

الأكثرون اتفقوا على التمسك به» وأنكره بعضهمء وقال: يلزم التخيير أو 
التوقف . 

ويمتنع الترجيح فى العقليات؛ لتعذر التفاوت بين القطعيين. 

ومذهبنا ومذهب (ش): الترجيح بكثرة الأدلة» خلافا لقوم. 

وإذا تعارض دليلان فالعمل بكل واحد منهما من وجه أولى من العمل بأحدهما 
دون الآخر. 

وهما إن كانا عامين معلومين - والتاريخ معلوم - نسخ المتأخر المتقدم» وإن كان 
مجهولا سقطاء وإن علمت المقارنة خير بينهما. 


التعارض والترجيح + ا نيل 


وإن كأنا مظنونين» فإن علم المتآخر نسخ المتقدم؛ وإلا رجع إلى الترجيح 

وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا والمتأخر [هو] المعلوم: نسخ» أو 
المظنون: لم ينسخ» وإن جهل الحال تعين المعلوم. 

وإن كانا خاصين» فحكمهما حكم العامين. 

وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصاء قدم الخاص على العام؛ لأنه لا يقتضى 
عدم إلغاء أحدهما بخلاف العكس. 

وإن كان أحدهما عاما من وجه» كما فى قوله - تعالى - -: کوان نموا بت 
الأْمْكيْنِ4 [النساء: ۲۳] مع قوله تعالى : او ما ملگ ایک4 [النساء: ۳] وجب 
الترجبح إن كانا مظنونين. 

الفصل الثالث - فى ترجيحات الأخبار: 

وهى إما فى الإسنادء أو فى المتون. 

فالأول: قال الباجى - رحمه الله -: يترجح بأنه فى قضية مشهورة» والآخر ليس 
كذلك» أو رواته أحفظء أو أكثرء أو مسموع منه - عليه السلام - والآخر مكتوب 
بهء أو متفق على رفعه إليه عليه السلام» أو اتفق رواته عند إثبات الحكم بهء أو 
رواية صاحب القضية» أو إجماع أهل المدينة على العمل بهء أو روايته أحسن نسقاء 
أو سالم من الاضطراب» أو موافق لظاهر الكتاب» والآخر ليس كذلك. 

قال الإمام فخر الدين - رحمه الله -: أو يكون راويه فقيها أو عالما بالعربية» أو 
عرفت عدالته بالاختبار» أو علمت بالعدد الكثير» أو ذكر سبب عدالته» أو لم يختلط 
عقله فى بعض الأوقات» أو كونه من أكابر الصحابة» أو له اسم واحدء أو لم تعرف 
له رواية فى زمن الصباء والآخر ليس كذلك. 

أو يكون مدنيا والآخر مكياء أو رواية' متأخر الإسلام. 

وأما ترجيح المتن [فقد] قال الباجى - رحمه الله -: يترجح السالم من 
الاضطراب» والتص فى المراد» أو غير متفق على تخصيصه؛ أو ورد على غير 
سيب » أو قضى به على الآخر فى موضع» أو ورد بعبارات مختلفة» أو يتضمن نفى 
النقص عن الصحابة - رضوان الله عليهم - والآخر ليس كذلك. 





)0 فى ط: راوية. 


١ + 116‏ التعارض والترجيح 





قال الإمام فخر الدين - رحمه الله -: أو يكون فصيح اللفظء أو لفظه حقيقة» أو 
يدل على المراد من وجهين» أو يؤكد لفظه بالتكرارء أو يكون ناقلا عن حكم 
العقل» أو لم يعمل بعض الصحابة أو السلف على خلافه مع الاطلاع عليه أو كان 
فيما لا تعم به البلوى»ء والآخر ليس كذلك. 

الفصل الرابع - فى ترجيح الأقيسة: 

قال الباجى - رحمه الله -: يترجح أحد القياسين على الآخر بالنص على علتهء 
أو أنه يعود(") على أصله بالتخصيص» أو علته مطردة منعكسة» أو تشهد لها أصول 
كثيرة؛ [والآخر على خلافها فى جميع ذلك]0" أو يكون أحد القياسين فرعه من 
جنس أصله» أو علته متعدية › أو تعم فروعهاء أو هى أعمء أو هى متتزعة من أصل 
منصوص عليه» أو أقل أوصافاء والقياس الآخر ليس كذلك. 

قال الإمام فخر الدين - رحمه الله -: أو يكون أحد القياسين متفقا على علته» أو 
أقل خلافاء أو بعض مقدماته يقينية» أو علته وصف حقيقى. 

ويترجح التعليل بالحكمة على العدم» والإضافى» والحكم الشرعىء 
والتقديرى . 

والتعليل بالعدم أولى من التقديرى» وتعليل الحكم الوجودى بالوصف الوجودى 
أولى من العدمى بالعدمى» ومن العدمى بالوجودى» والوجودى بالعدمى؛ لأن 
التعليل بالعدم يستدعى تقدير الوجود. 

.وبالحكم الشرعى أولى من التقديرى؛ لكون التقدير على خلاف الأصلء 
والقياس الذى يكون ثبوت الحكم فى أصله أقوى. 

أو بالإجماع» أو بالتواتر أقوى مما ليس كذلك. 

الفصل الخامس - فى ترجيح طرق العلة: 

قال الإمام فخر الدين - رحمه الله -: المناسبة أقوى من الدوران» خلافا لقوم» 
ومن التأثير» والسبر المظنون» والشبه» والطرد. 

وآيترجم]0) المناسب الذى اعتبر نوعه فى نوع الحكم» على ما اعتبر جنسه فى 





)0 فى ش : أو أنه لا يعود. 
(؟) سقط فى ش. 
(۳) سقط فى ش. 


التعارض والترجيح ج ۱ 10 
نوعه» أو نوعه فى جنسه» أو.جنسه فى جنسه؛ لأن الأخص بالشىء أرجح و أولى 
به . 

والثانى والثالث متعارضان» والثلاثة راجحة على الرابع. 

ثم الأجناس عالية» وسافلة» ومتوسطة. وكلما قرب كان أرجح. 

والدوران فى صورة أرجح منه فى صورتين. 

والشبه فى الصفة أقوى منه فى الحكمء وفيه خلاف. 


هل جا الاجتهاد 





الباب التاسع عشر 
فى الاجتهاد 

وهو: استفراغ الوسع فى المطلوب» لغة. 

واستفراغ الوسع فى النظر فيما يلحقه فيه لوم شرعى» اصطلاحاء وفيه تسعة 
فصول: 

الفصل الأول - فى النظر: 

وهو: الفكرء وقيل: تردد الذهن بين أنحاء الضروريات» وقيل: تحديق العقل 
إلى جهة الضروريات» وقيل: ترتيب تصديقات يتوصل بها إلى علم أو ظن؛ وقيل: 
ترتيب تصديقين» وقيل ترتيب معلومات» وقيل: ترتيب معلومين. 

فهذه سبعة مذاهب» وأصحها الثلاثة الأول . 

وهو يكون فى التصورات؛ لتحصيل الحدود الكاشفة عن الحقائق المفردة» على 
ترتيب خاص كما تقدم أول الكتاب. 

وفى التصديقات؛ لتحصيل المطالب التصديقية على ترتيب خاص» وشروط 
خاصة» حُررت فى علم المنطق. 

ومتى كان فى الدليل مقدمة سالبة أو جرئية أو مظنونة» كانت التنيجة كذلك؛ 
لأنها تتبع أخس المقدمات» ولا يُلتفت إلى ما صحبها من أشرفها. 

الفصل الثانى - فى حكمه: 

ومذهب مالك وجمهور العلماء رضوان الله عليهم: وجوبه وإيطال التقليد لقوله 
تعالى: افا أله م أسْتَطمم» [التغابن: ]١١‏ وقد استثتى مالك رحمه الله أربع 
عشرة صورة لأجل الضرورة. 

الأولى: قال ابن القصار: قال مالك: يجب على العوام تقليد المجتهدين فى 
الأحكام» ويجب عليهم الاجتهاد فى أعيان المجتهدين» كما يجب على المجتهدين 
الاجتهاد فى أعيان الأدلة؛ وهو قول جمهور العلماءء خلافًا لمعتزلة بغداد. 

وقال الجبائى: يجوز فى مسائل الاجتهاد فقط . 

فروع ثلاثة : 

الأول: قال ابن القصار: إذا استفتى العامى فى نازلة ثم عادت له» يحتمل أن 


الاجتهاد ج ١‏ ۱۷ 


يعتمد على تلك الفتوى لأنها حق» ويحتمل أن يعيد الاستفتاء لاحتمال تغير 
الاجتهاد . 

الثانى : قال الزناتى : يجوز تقليد المذاهب فى النوازل» والانتقال من مذهب إلى 
مذهب بثلاثة شروط: ألا يجمع بينهما على وجه يخالف الإجماع كمن تزوج بغير 
صداق ولا ولى ولا شهود؛ فإن هذه الصورة لم يقل بها أحد. 

وأن يعتقد فيمن يقلده الفضل» بوصول أخباره إليه» ولا يقلده رميًا فى عماية؛ 
وألا يتتبع رخص المذاهب. 

قال: والمذاهب كلها مسالك إلى الجنة» وطرق إلى السعادة» فمن سلك منها 


طريقًا وصله. 
تنبيه: قال غيره: يجوز تقليد المذاهب والانتقال إليها فى كل ما لا ينقض فيه 
حكم الحاكم» وهو أربعة: 


ما خالف الإجماع؛ أوالقواعد» أو النص» أو القياس الجلى. 

فإن أراد رحمه الله بالرخص هذه الأربعة فهو حسن متعين؛ فإن ما لا تقره مع 
تأكده بحكم الحاكمء فأولى ألا تقره قبل ذلك 

وإن أراد بالرخص: ما فيه سهولة على المكلف كيف كان» يلزمه أن يكونة من 
قلد مالا فى المياه والأرواث» وترك الألفاظ فى العقود مخالفًا لتقوى الله تعالى» 
وليس كذلك. 

قاعدة: انعقد الإجماع على أن من أسلم» فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير 
حجر . 

وأجمع الصحابة رضوان الله عليهم : على أن من استفتى أبا بکر" وعمر رضى الله 


فق أبو بكر الصديق: هو عبد الله بن أبى قحافة» عثمان بن عامر» من تيم قريش » أول الخلفاء 
الراشدين» وأول من آمن يرسول الله 246 . من أعاظم الرجال» 'وخير هذه الأمة بعد نبيها. 
ولد بمكة» ونشأ فى قريش سيدّاء موسرّاء عالما بأنساب القبائل» حرم على نفسه الخمر فى 
الجاهلية» وكان مألا لقريش» أسلم بدعوته كثير من السابقين. صحب رسول الله ب فى 
هجرتهء وكان له معه المواقف المشهورة. ولى الخلافة بمبايعة الصحابة له. فحارب 
المرنين ورسخ قواعد الإسلام. وجه الجيوش إلى الشام» والعراق ففّتح قسم منها فى 
یامه 

ينظر : الإصابة (4/ :)١44‏ أسد الغابة ت(071)» تهذيب التهذيب (ه/ .)٠٠١‏ 


۱۳۸ ج ۱ الاجتهاد 


عنهما أو قلدهماء فله أن يستفتى أبا هريرة» ومعاذ بن جبل وغيرهماء ويعمل 
بقولهما من غير نكير» فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل. 

الثالث: إذا فعل المكلف فعلا مختلفًا فى تحريمهء غير مقلد لأحدء فهل نؤثمه 
بناء على القول بالتحريم» أو لا نؤثمه بناء على القول بالتحليل» مع أنه ليس إضافته 
فيه نصًا. وكان الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام من الشافعية قدس الله روحه 
يقول فى هذا الفرع: إنه آثم؛ من جهة أن كل أحد يجب عليه ألا يقدم على فعل 
حتى يعلم حكم الله -تعالى - فيه» وهذا أقدم غير عالم؟ فهو آثم بترك التعلم. 

وأما تأثيمه بالفعل نفسه: فإن كان مما علم من الشرع قبحه أثمناه» وإلا فلا. 

الثانية : قال أبن القصار: ويقلد القائف العدل عند مالك رحمه الله » وروی لايد 





4 


من اڻنين . 

الثالثة: قال: ويجوز عنده تقليد التاجر فى قيم المتلفات» إلا أن تتعلق القيمة 
بحد من حدود الله تعالى؛ فلابد من اثثين لدربة التاجرة بالقيم » وروى عنه أن لابد 
من اثنين فى كل موضع . 

الرابعة: قال: ويجوز تقليد القاسم بين انين عنله. واپن القاسم لا يقبل قول 
القاسم؛ لأنه شاهد على فعل نفسه. 


)١(‏ أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخرء من قييلة دوس. وقيل فى اسمه غير ذلك. صحابى. 
راوية الإسلام . أكثر الصحابة رواية. أسلم سنة ۷ه وهاجر إلى المديئة» ولزم صحبة النبى 
3 فروى عنه أكثر من خمسة آلاف حديث. ولاه أمير المؤمنين عمر البحرين» ثم عزله 
للين عريكته. وولى المدينة سنوات فى خلافة بنى أمية. 

ينظر: تهليب التهذيب (0) أسد الغابة ت(٤۳۳۳)ء‏ تقريب التهذيب /١(‏ 586). 

(۲) معاذ بن جبل: هر معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصارى الخزرجى» أبو عبد الرحمن. 
صحابى جليل . إمام الفقهاء. وأعلم الأمة بالحلال والحرام. أسلم وعمره ثمانى عشرة سنة. 
شهد بيعة العقبة. كم شهد بدرًا وأحذا والمشاهد كلها هم رسول الله 2 

جمع القرآن على عهد الرسول بء وكان من الذين يفتون فى ذلك العهد. بعثه النبى ل بعد 
غزوة تبوك قاضيًا ومرشدًا لأهل اليمن» وفى طبقات ابن سعد أنه أرسل معه كتابًا إليهم يقول فيه: (إنى 
بعئت إليكم خير أهلى». قدم من اليمن إلى المدينة فى خلافة أبى بكر ثم كان مع أبى عبيدة بن 
الجراح فى غزو الشام. ولما أصيب أبو عبيئة فى طاعون عمواس استخلف معادًا. وأقره عمرء فمات 
فى ذلك العام. ينظر: الإصابة فى تمييز الصحابة (47/57): وأسد الغابة (4/ ١۴۷)ء‏ وحلية الأولياء 
)۸/1( والأعلام ا 


الاجتهاد ج ۱ ۱۳۹ 


الخامسة: قال: يقلد المقوم لأرش الجنايات عنده. 

السادسة: قال: يقلد الخارص الواحد فيما يخرصه عند مالك رحمه الله . 

السابعة: قال: يقلد عند الراوى فيما يرويه. 

الثامنة : قال: يقلد الطبيب عنده فيما يدعيه . 

التاسعة: قال: يقلد الملاح فى القبلة إذا خفيت أدلتها وكان عدلا دريًا بالسير فى 
البحر. وكذلك كل من كانت صناعته فى الصحراء وهو عدل. 

العاشرة: قال ولا يجوز عنده أن يقلد عامى عاميّاء إلا فى رؤية الهلال لضبط 
التاريخ دوت العبادة . 

الحادية عشرة: قال: ويجوز عنده تقليد الصبى والأنثى والكافر والواحد فى 
الهدية والاستئذان. 

الثانية عشرة: قال: يقلد القصّاب فى الذكاة» ذكرًا كان أو أنثى» مسلمًا أو كتابيّاء 
ومن مثله يذبح. 

الثالثة عشرة: قال: يقلد محاريب البلاد العامرة التى تتكرر الصلاة فيها ويعلم أن 
إمام المسلمين بناها ونصبهاء أو اجتمع أهل البلدة على بنائها . 

قال: لأنه قد علم أنها لم تنصب إلا بعد اجتهاد العلماء فى ذلك . ويقلدها العالم 
والجاهل» وأما غير تلك فعلى العالم الاجتهادء فإن تعذرت عليه الأدلة» صلى إلى 
المحراب إذا كان البلد عامرًا لأنه أقوى من الاجتهاد بغير دليل. وأما العامى فيصلى 
فى سائر المساجد. 

الرابعة عشرة: قال: يقلد العامى فى ترجمة الفتوى باللسان العربى» أو العجمى» 
وفى قراءتها أيضًاء ولا يجوز لعالم ولا لجاهل التقليد فى زوال الشمس لأنه 
مشاهد. 

الفصل الثالث - فيمن يتعين عليه الاجتهاد: 

أفتى أصحابنا رضى الله عنهم بأن العلم على قسمين: فرض عين» وفرض كفاية» 
وحكى (ش) فى رسالتهء والغزالى فى إحياء علوم الدين الإجماع على ذلك. 

ففرض العين الواجب على كل أحد هو: علمه بحالته التى هو فيهاء مثاله: رجل 
أسلم ودخل فى وقت الصلاة؛ فيجب عليه أن يتعلم الوضوء والصلاة. 

فإن أراد أن يتشرى طعامًا لغذائه قلنا: يجب عليه أن يتعلم ما يعتمده فى ذلك . أو 


قل ج١1‏ الاجتهاد 


أراد الزواج وجب عليه أن يتعلم ما يعتمده فى ذلك. أو إن أراد أن يؤدى شهادة 
فيجب عليه أن يتعلم شروط التحمل والأداء. 

فإن أراد أن يصرف ذهيًا فيجب عليه أن يتعلم حكم الصرف. 

فكل حالة يتصف بها يجب عليه أن يعلم حكم الله تعالى عليه فيها. 

فعلى هذا لا ينحصر فرض العين فى العبادات» ولا فى باب من أبواب الفقه كما 
يعتقد كثير من الأغبياء . 

وعلى هذا القسم يحمل قوله بل «طلب العلم فريضة على كل مسل( . 

فمن توجهت عليه حالة؛ فعلم وعمل بمقتضى علمه فقد أطاع الله تعالى طاعتين» 
ومن لم يعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين. ومن علم ولم يعمل فقد أطاع الله 
طاعة وعصى الله معصية. 

ففى هذا المقام يكون العالم خيرًا من الجاهل» والمقام الذى يكون الجاهل فيه 
خيرًا من العالم: من شرب حمرًا یعلمه» وشربه آخر يجهله؛ فإن العالم يأئم بخلاف 
الجاهل فهو أحسن حالا من العالم. وكذلك من اتسع فى العلم باعه» تَغظم 
مؤاخذته لعلو منزلته» بخلاف الجاهل» فهو أسعد حالا من العالم فى هذين 
الوجهين. 

وأما فرضد الكفاية : فهو العلم الذى لا يتعلق بحالة الإنسان» فيجب على الأمة أن 
يكون منهم طائفة يتفقهون فى الدين؛ ليكونوا قدوة للمسلمين حفظًا للشرع من الضياع . 

والذى يتعين لهذا من الناس: من جاد حفظه» وحسن إدراكه» وطابت سجيته 





وسریرته» ومن لا فلا. 
الفصل الرابع - فى زمانه: 
اتفقوا على جواز الاجتهاد بعد وفاته عليه السلام . 
وأما فى زمنه: فوقوعه منه عليه السلام قال به (ش) وأبو يوسف. 
وقال أبو على وأبو هشام: لم يكن متعبدًا به لقوله تعالى: 3 مر إلا مر ين » 


[النجم : ئ[. 





)١(‏ آخرچه ابن ماجه (774)»: عن أنس مرفوعًاء وقال المزى: إن طرقه تبلغ رتبة الحسن. كما 
فى المقاصد الحسئة ص (5/؟) رقم (159). 


الاجتهاد ج۱ 14١‏ 





وقال بعضهم: کان له أن يجتهد فى الحروب دون الأحكام. قال الإمام فخر 
الدين: وتوقف أكثر المحققين فى الكل . 

وأما وقوع الاجتهاد فى زمنه عليه السلام من غيره فقليل وهو جائز(') عقلا فى 
الحاضر عنده عليه السلام والغائب عنهء وقد قال له معاذ رضى الله عنه: أجتهد 

رای . 

الفصل الخامس - فى شرائطه: 
وهى: أن يكون عالمًا بمعانى الألفاظ وعوارضها من التخصيص» والنسخ» 

وأصول الفقه. ومن كتاب الله تعالى ما يتضمن الأحكام» وهو خمسمائة آية. 

ولا يشترط الحفظ. بل العلم بمواضعها لينظرها عند الحاجة إليها. ومن السنة 

مواضع أحاديث الأحكام دون حفظهاء ومواضع الإجماع والاختلاف» والبراءة 

الأصلية» وشرائط الحد والبرهان» والنحوء واللغة والتصريف» وأحوال الرواة. 

ويقلد من تقدم فى ذلك . 

ولا يشترط عموم النظرء بل يجوز أن يحصل صفة الاجتهاد فى فن دون فن» 

وفى مسألة دون مسألة. خلافًا لبعضهم . 

الفصل السادس - فى التصويب: 
قال الجاحظ" وعبد الله بن الحسين العنبرى بتصويب المجتهدين فى أصول 

الدين» بمعنى نفى الوثم لا بمعنى مطابقة الاعتقاد. واتفق سائر العلماء على فساده. 

)١(‏ فى آ» ش: فقيل: هو جائز. 

غ0( تقدم . 

(۳) عمرو بن بحر بن محبوب الكتانى بالولاء» الليثى» أبو عثمان» الشهير بالجاحظ: كبير أئمة 
الأدب» ورئيس الفرقة الجاحظية من المعتزلة. مولده ووفاته فى البصرة. فلج فى آخر 
عمره. وكان مشوه الخلقة. ومات والكتاب على صدره. قتلته مجلدات من الكتب وقعت 
عليه . له تصانيف كثيرة» منها «الحيوان؛ أربعة مجلدات» واالبيان والتبيين» و «سحر البيان» 
و«التاج»» ويسمى لأخلاق الملوك»: و«الببخلاء»» ولالمحاسن والأضداد» والتبصرة 
بالتجارة» رسالة نشرت فى مجلة المجمع العلمى العربى › و امجموع رسائل» اشتمل على 
أربع » هى: المعاد والمعاش» وكتمان السر وحفظ اللسانء والجد والهزل» والحسد 
والعداوة. وله «ذم القرّاد». ينظر: الأعلام (5/ 2074 تاريخ بغداد (2)117/11 لسان 
الميزان /٤(‏ 06”) . 


)٤(‏ العنبرى : هو عبيد الله بن الحسن بن حصين بن أبى الحر» مالك بن الخشخاش العنبرى. من 
سادات أهل البصرة علمًا وفقهًا. ولى قضاءهاء وكان ثقة محمودًا. روى عن عبد الملك ”5 


14۲ ج١1‏ الاجتهاد 


' وأما فى الأحكام الشرعية فاختلفوا: هل لله تعالى فى نفس الأمر حكم معين فى 
الوقائع أم لا؟ 

والثانى قول من قال: كل مجتهد مصيب. وهو قول جمهور المتكلمين ومنهم 
الأشعرى والقاضى أبو بكر منا. وأبو على وأبو هاشم من المعتزلة. 

وإذا لم يكن لله تعالى حكم معين» فهل فى الواقعة حكم: لو كان لله تعالى حكم 
معين لحكم به أم لا؟ 

والأول هو القول بالأشبه. وقول جماعة من المصوبين. 

والثانى: قول بعضهم . 

وإذا قلنا بالمعين: فإما أن يكون عليه دليل ظنى أو قطعى . أو ليس عليه واحد 
منهما. والثانى هو قول جماعة من الفقهاء والمتكلمين» ونقل عن (ش)» وهو 
عندهم كدفين يعثر عليه بالاتفاق. 

وعلى القول بأن عليه دليلا ظنيًا: فهل كلف الإنسان بطلب ذلك الدليل؟ فإن 
أخطأه تعين التكليف إلى ما غلب على ظنهء وهو قول. أو لم يكلف بطلبه لخفائه؟ 
وهو قول كافة الفقهاءء ومنهم (ش)ء و(ح) رضى الله عنهم. ْ 

والقائلون بأن عليه دليلا قطعيًا اتفقوا على أن المكلف مأمور بطلبه. وقال بشر 
المريسى: إن أخطأه استحق العقاب. وقال غيره: لا يستحق العقاب. 

واختلفوا أيضًا: هل ينقض قضاء القاضى إذا خالفه؟ [قال الأصم ينقض» وقال 
الباقون لا ينقض](" . 

والمنقول عن مالك رحمه الله أن المصيب واحد واختاره الإمام فخر الدين وقال 
عليه دليل ظنى» ومخالفه معذورء والقضاء لا ينقض . 

لنا: أن الله تعالى شرع الشرائع لتحصيل المصالح الخالصة أو الراجحةء أو درء 
المفاسد الخالصة أو الراجحة» ويستحيل وجودها فى النقيضين فيتحد الحكم. 

احتجوا بانعقاد الإجماع على أن المجتهد يجب عليه أن يتبع ما غلب على ظنه 


= العرزمى وغيره. وروی عنه ابن مهدی» وخالد بن الحارث» ومحمد بن عبد الله الأنصارى»› 
وآخرون. قد خرج له مسلم. وقيل إنه تكلم فى معتقده ببدعة. 
ينظر: تهذيب التهذيب (۷/ ۷)» وميزان الاعتدال (/ ٥)ء‏ والأعلام للزركلى /٤(‏ ۱۹۲). 
فق فى أ ش: قاله الأصم خلاقًا للباقين. 


BH ۱+ الاجتهاد‎ 


ولو خالف الإجماع» وكذلك من قلده» ولا نعنى بحكم الله إلا ذلكء فكل مجتهد 
مصيب» وتكون ظنون المجتهدين تتبعها الأحكام» كأحوال المضطرين والمختارين 
بالنسبة إلى الميتة + فيكون الفعل الواحد حلالًا حرامًا بالنسبة إلى شخصين كالميتة. 
. الفصل السابع - فى نقض الاجتهاد: 

أما فى المجتهد فى نفسه: فلو تزوج امرأة علق طلاقها الثلاث على الملك 
بالاجتهادء فإن حكم به حاكم» ثم تغير اجتهاده لم ينقض» وإن لم يحكم نقض ولم 
يجز له إمساك المرأة. 

وأما العامى: إذا فعل ذلك بقول المفتى ثم تغير اجتهاده. فالصحيح تجب 
المفارقة» قاله الإمام. 

وكل حكم اتصل به قضاء القاضى استقرّء إلا أن يكون ذلك القضاء مما ينقض 
فى نفسه. 

الفصل الثامن - فى الاستفتاء : 

إذا استفتى مجتهد فأفتى» ثم سثل ثانية عن تلك الحادثة : فإن كان ذاكرًا لاجتهاده 
الأول أفتى» وإن نسى استأنف الاجتهاد. فإن أداه إلى خلاف الأول أفتى بالثانى. 

قال الإمام: والأحسن أن يعرّف العامى ليرجع [عن ذلك القول](©. 

ولا يجوز لأحد الاستفتاء إلا إذا غلب على ظنه أن الذى يستفتيه من أهل العلم 
والدين والورع» فإن اختلف عليه العلماء فى الفتوى» فقال قوم: يجب عليه 
الاجتهاد فى أعلمهم وأورعهم ؛ لتمكنه من ذلك. 

وقال قوم: لا يجب ذلك؛ لأن الكل طرق إلى الله تعالى» ولم ينكر أحد على 
العوام فى عصر ترك النظر فى أحوال العلماء. 

وإذا فرّعنا عن الأول: فإن حصل ظن الاستواء مطلقّاء فأمكن أن يقال ذلك 
متعذر» كما قيل فى الإمارات» وأمكن أن يقال: يسقط عنه التكليف ويفعل ما يشاء. 

وإن حصل ظن الرجحان مطلقًا تعينْ العمل بالراجح. 

وإن حصل من وجه: فإن كان فى العلم والاستواء فى الدين» فمنهم من خير 
ومنهم من أوجب الأخذ بقول الأعلم» قال الإمام: وهو الأقرب؛ ولذلك قذم فى 


للق سقط فى أ ش. 


15 + ۱ الاجتهاد 





إمامة الصلاة . 
- وإن كان فى الدين والاستواء فى العلم» فيتعين الأدين. 

فإن رجح أحدهما فى دينه والآخر فى علمهء فقيل: يتعين الأدين» وقيل: 
الأعلمء قال وهو الأرجح كما مر. 

الفصل التاسع - فيمن يتعين عليه الاستفتاء : 

الذى تنزل به الواقعة إن كان عاميًا وجب عليه الاستفتاء. 

وإن كان عالمًا لم يبلغ درجة الاجتهادء قال: فالأقرب أنه يجوز له الاستفتاء . 

وإن بل درجة الاجتهاد وكان قد اجتهد» وغلب على ظنه حكمء فاتفقوا على 
تعينه فى حقه. وإن كان لم يجتهد: فأكثر أهل السنة على أنه لا يجوز له التقليدء 
وهو مذهب مالك رحمه الله . 

وقال ابن حنبل وإسحاق بن راهويه”2؛ وسفيان الثوری" - رحمهم الله -: 
يجوز مطلقا. 

وقيل: يجوز للعالم تقليد الأعلم» وهو قول محمد بن الحسن. 

وقيل: يجوز فيما يخصه دون ما يفتى به. 

وقال ابن سريج: إن ضاق وقته عن الاجتهاد جازء وإلا فلا. فهذه خمسة أقوال. 

لنا: قوله - تعالى -: 6ا أله ما أَسْتَطعَم4 [التغاين:5١].‏ 

ولا يجوز التقليد فى أصول الدين لمجتهد» ولا للعوام عند الجمهور؛ لقوله - 
تعالى -: ولا فف ما یس لَك يو عم [الإسراء [۳٠:‏ ولعظم الخطر فى الخطأ فى 
جانب الربوبية» بخلاف الفروع؛ فإنه ربما كفر فى الأول» ويثاب فى الثانى جزما. 

# ¥ د 





)2غ( هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد» من بنى حنظلة من تميم . عالم خراسان فی عصره. طاف 
البلاد لجمع الحديث» وأخذ عنه أحمد والشيخان. قال فيه الخطيب البغدادى: «اجتمع له 
الفقه » والحديث» والحفظ› والصدق» والورع ‏ والزهد» . استوطن نيسابور وتوفى بها. 
ينظر: الأعلام للزركلى» وتهذيب التهذيب (۲۱۹/۱)ء والانتقاء ص .)1١8(‏ 
زفق هو سفيان بن سعيد بن مسروق»› الثورى» من بئی ثور بن عبد مناة» أمير المؤمنين فى 
الحديث. كان رأسًا فى التقوى. طلبه المنصورء ثم المهدى؛ لى الحكم» فتوارى منهما 
سنين» ومات بالبصرة مستخنيًا. 


أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين جا ١‏ 


الباب العشرون 
فى جميع أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين 





وفيه فصلان 

الفصل الأول - فى الأدلة 

وهى على قسمين: أدلة مشروعيتهاء وأدلة وقوعها. 

فأما أدلة مشروعيتها: فتسعة عشر بالاستقراء. 

وأما أدلة وقوعهاء فلا يحصرها عددء فلتتكلم - أولا - على أدلة مشروعيتها فنقول: 

هى الكتاب» والسنة» وإجماع الأمةء وإجماع أهل المديئة» والقياس» وقول 
الصحابى» والمصلحة المرسلة» والاستصحاب» والبراءة الأصلية» والعوائد» 
والاستقراء» وسد الذرائع» والاستدلال» والاستحسانء والأخذ بالأخف» 
والعصمة» وإجماع أهل الكوفةء وإجماع العترة؟» وإجماع الخلفاء الأربعة. 

فأما الخمسة الأولى» فقد تقدم الكلام عليها. 

وأما قول الصحابى: فهو حجة عند مالك و(ش) فى قوله القديم مطلقًا؛ لقوله - 
عليه السلام -: «أَصْحَابِى الجر م : أيهم اعدم ادیش . 

ومنهم من قال: : إن خالف القياس فهو حجةء وإلا فلا. 

ومنهم من قال: قول أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - حجة» دون غيرهماء 

وقيل: قول الخلفاء الأربعة حجة إذا اتفقوا. 

المصلحة المرسلة: والمصالح بالإضافة إلى شهادة الشرع لها بالاعتبار على ثلاثة 
أقسام : 


3 من مصنفاته: «الجامع الكبير»ء و «الجامع الصغير» كلاهما فى الحديث. وله كتاب فى 
الفرائض . 
ينظر: الأعلام للزركلى )/ «(10A‏ والجواهر المضية (۱/°(ء وتاريخ بغداد (161/9). 
)1( فى ط: العشرة. 
زفق هو حديث ضعيف جدّاء رواه عبد بن حميد فى مسنده» كما فى تلخيص الحبیر ٠٣١ /٤(‏ - 
0۱( من حديث ابن عمر مرفوعًا» وفيه حمزة بن أبى حمرة ة الذهبى» ضعيف جداء قاله 
الحافظ ابن حجر فى التلخيص › » وقال فى التقريب: متروك» مت متهم بالوضع. 
ثم ساق الحافظ ابن حجر فى التلخيص طرئًا أخرى» وتكلم عليهاء ثم نقل قول ابن حزم: هذا 
خبر مكذوب ياطل. 


1.5 ج١1‏ أدلة المجتهدينء وتصرفات المكلفين 





ما شهد الشرع باعتباره» وهو القياس الذى تقدم . 

وما شهد الشرع بعدم اعتباره» نحو المنع من زراعة العنب؛ لثلا يعصر منه الخمر. 

وما لم يشهد له باعتبار ولا پإلغاءء وهو المصلحة المرسلة» وهى عند مالك - 
رحمه الله - حجة. 

وقال الغزالى: إن وقعت فى محل الحاجة أو التتمة فلا تعتبرء وإن وقعت فى 
محل الضرورة» فيجوز أن يؤدى إليها اجتهاد مجتهد. 

ومثاله: َس الكفار بجماعة من المسلمين» فلو كففنا عنهم لصدمونا واستولوا 
عليناء وقتلوا المسلمين كافة» ولو رميناهم لقتلنا الترس معهم. 

قال: فيشترط فى هذه المصلحة أن تكون كلية» قطعية» ضرورية. 

فالكلية: استراز عما إذا تترسوا فى قلعة بمسلمين» [فلا يحل رمى 
المسلمين؛] إذ لا يلزم من ترك تلك القلعة فساد عام. 

والقطعية: احتراز عما إذا لم يقطع باستيلاء الكفار علينا إذا لم نقصد الترس› 
وعن المضطر يأكل قطعة من فخذه. 

والضرورية: احتراز من المناسب الكائن فى محل الحاجة والتتمة. 

لنا: أن الله - تعالى -: إنما بعث الرسل لتحصيل مصالح العباد؛ عملا 
بالاستقراء» فمهما وجدنا مصلحة» غلب على الظن أنها مطلوبة للشرع. 

الاستصحاب: ومعناه: أن اعتقاد كون الشىء فى الماضى أو الحاضر يوجب ظن 
ثبوته فى الحال» أو الاستقبال. 

وهذا الظن عند مالك والإمام فخر الدين والمزنی وأبى بكر الصيرفى - 
رحمة الله عليهم - حجة» خلافا لجمهور الحنفية والمتكلمين. 

لنا: أنه قضاء بالطرف الراجح؛ فيصح كأروش الجنايات» واتباع الشهادات . 


)١(‏ سقط فى ش. 

(۲) المزنى: هو إسماعيل بن يحبى بن إسماعيل المزنى» أبو إبراهيم؛ من أهل مصرء وأصله 
من مزينة. صاحب الإمام الشافعى. كان زاهدًا عالمًا مجتهدًا قوى الحجة غواصًا على 
المعانى الدقيقة. وهو إمام الشافعية. قال فيه الشافعى : «المزنى ناصر مذهبى). 

من كتبه : (الجامع الكييبراء و (الجامعم الصغير»؛ و (المختصر»» و «الترغيب فى العلم؟ . 
ينظر: طبقات الشافعية للسبكى (۱/ ۲۳۹ - ١٤۲)ء‏ ومعجم المؤلقين .0:١/1(‏ 


أدلة المجتهدين» وتصرفات الكلفين ١‏ 17 


البراءة الأصلية: وهى: استصحاب حكم العقل فى عدم الأحكام» خلافا 
للمعتزلة والأبهرى وأبى الفرج منا 

لنا: أن ثبوت عدم الحكم فى الماضى يوجب ظن علمه فى الحال؛ فيجب 
الاعتماد على هذا الظن» بغد الفحص عن رافعه وعدم وجودهء عندنا وعند طائفة 
من الفقهاء . | 

العوائد: والعادة: غلبة معنى من المعانى على التاس» وقد تكون هذه الغلبة فى 
سائر الأقاليم: كالحاجة للغذاء» والتنفس فى الهواء. 

وقد تكون خاصة ببعض البلاد» كالنقود والعيوب. 

وقد تكون خاصة ببعض الفرق: كالأذان للإسلام» والناقرس للنصارى» فهذه 
العادة يقضى بها عندنا؛ لما تقدم فى الاستصحاب. 

الاستقراء: وهو: تتبع الحكم فى جزئياته» على حالة يغلب على الظن أنه فى 
صورة النزاع على تلك الحالةء كاستقرائنا الفرض فى جزثياته بأنه لا يؤدى على 
الراحلة فيغلب على الظن: أن الوتر لو كان فرضا لما أدى على الراحلة» وهذا الظن 
حجة عندنا وعند الفقهاء. 

سد الذرائع : الذريعة: الوسيلة للشىءء ومعنى ذلك: حسم مادة وسائل الفساد؛ 
دفعا لهء فمتى كان الفعل السالم من المفسدة وسيلة إلى المفسدة» مئعنا من ذلك 
القعل» وهو مذهب مالك» رحمة الله عليه. 

تنبيه: ينقل عن مذهبنا: أن من خواصه اعتبار العوائد» والمصلحة المرسلة 
وسد الذرائع» ولیس كذلك . 

أما العرف: فمشترك بين المذاهب» ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها. 

وأما المصلحة المرسلة: فغيرنا يصرح بإنكارهاء ولكنهم عند التفريع تجدهم 
يعللون بمطلق المصلحةء ولا يطالبون أنفسهم عند الفوارق' والجوامع بإبداء الشاهد 
لها بالاعتبارء بل يعتمدون على مجرد المناسبة» وهذا هو المصلحة المرسلة. 

وأما الذرائع : فقد أجمعت الأمة على أنها على ثلاثة أقسام : 

أحدها: معتبر إجماعاء كحفر الآبار فى طرق المسلمين» وإلقاء السم فى 





)١(‏ فى ش: الفروق. 


١ ۱۸‏ أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين 





أطعمتهم » وسب الأصنام عند من يعلم من حاله أنه يسب الله - تعالى - حينئذ. 

وثانيها: ملغى إجماعاء كزراعة العنب؛ فإنه لا يمنع خشية الخمرء والشركة فى 
سكنى الآدر خشية الزنى. 

وثالئها : مختلف فيه كبيوع الآجال: اعتبرنا نحن الذريعة فيهاء وخالفنا غيرنا. 

فحاصل القضية: أنا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرناء لا أنها خاصة بنا. 

واعلم : أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحهاء ويكرهء ويندب» ويباح. 

فإن الذريعة: هى الوسيلة؛ فكما أن وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب 
واجبة: كالسعى للجمعة والحج. 

وموارد الأحكام على قسمين: 

مقاصد: وهى المتضمنئة للمصالح والمفاسد فى أنفسها. 

ووسائل: وهى الطرق المفضية إليهاء وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم أو 
تحليل» غير أنها أخفض رتبة من المقاصد فى س-مها 

فالوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل» وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل» 
وإلى ما هو متوسط متوسطة. 

وين على اعتبار الوسائل قوله - تعالى -: یللت اهر كا مز 31 
کت رکا عنص فى صبيل لَه ولا بوت موا يفيك السَكْئرَ ,لا بنا 
دو یا إلا كب لهم بيه عمل مد4 [التوبة: ]١١١‏ نابي على 8 
والتصب وان لم يكونا من فعلهم ؛ لأنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذى 
هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين؛ فالاستعداد وسيلة إلى الوسيلة . 

قاعدة: كلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة؛ فإنها تبع وقد خولفت 
هذه القاعدة فى الحج» فى إمرار الموسى على رأس من لا شعر لهء مع أنه وسيلة 
إلى إزالة الشعر؛ فيحتاج إلى ما يدل على أنه مقصود فى نفسهء وإلا فهو مشكل . 

تنبيه: قد تكون وسيلة المحرّم غير محرمة» إذا أفضت إلى مصلحة راجحة: 
كالتوسل إلى فداء الأسرى بدفع المال إلى العدوء [الذى حرم عليهم الانتفاع 
ب]2'0؛ لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عندنا. وكدفع مال لرجل يأكله حراما؛ 


قف فى ش : الذى هو محرم عليهم للانتفاع به. 


أدلة المجتهدين» وتصرفات الكلفين ج ۱ اال 





حتى لا يزنى بامرأة» إذا عجز عن ذلك إلا به. وكدفع المال للمحارب حتى لا يقتتل 
هو وصاحب المال» واشترط مالك فيه اليسارة. 

ومما يشنع به على مالك - رحمة الله عليه -: مخالفته لحديث «بيع الخيار» مع 

أن 00 0 5 6 .2 e‏ 
روايته له“ *» وهو مهيع”* متسعء ومسلك غير ممتنع. 

فلا يوجد عالم إلا وقد خالف من كتاب الله - تعالى - وسنة نبيه محمد و أدلة 
كثيرة» ولكن لمعارض راجح عليها عند مخالفها. 

وكذلك ترك مالك هذا الحديث لمعارض راجح عنده» وهو: عمل أهل المديئة؛ 
فليس هذا بابا اخترعه» ولا بدعا ابتدعه0 . 

ومن هذا الباب: ما يروى عن (ش) - رضى الله عنه - أنه قال: إذا صح الحديث 
فهو مذهبى» أو فاضربوا بمذهبى عرض الحائط . فإن كان مراده مع عدم المعارض 
فهذا مذهب العلماء كافة» ولیس خاصا بهء وإن كان مع وجود المعارض فهو خلاف 
الإجماع. ولیس هذا القول اوا بمذهبه كما ظيه بعضهم . 

الاستدلال : 

وهو: محاولة الدليل المفضى إلى الحكم الشرعى من جهة القواعد» لا من الأدلة 
المنصوبة. وفيه قاعدتان : 

القاعدة الأولى - فى الملازمات: 

وضابط الملزوم: ما يحسن فيه «لو)» واللازم: ما يحسن فيه «اللام». نحو قوله- 





٤۳( أخرجه مالك فى الموطأ (۲/ 1۷۱) رقم (۷۹)؛ ومن طريقه البخارى (١١١؟)2 ومسلم‎ )١( 
عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا: لالمتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه»‎ «(Nor — 
ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار».‎ 

(۲) يقال: طريق مَهيّع : بن واسع . ' ش 

(۳) قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى (0/ 04) ردا على من ترك العمل بهذا الحديث؛ لأنه 
معارض بعمل أهل المدينة - قال [أى ابن حجر]: وتُعْقّبِ بأنه قال به اين عمر» ثم سعيد بن 
المسيب» ثم الزهرى؛ ثم ابن أبى ذئب وهو من أكابر علماء أهل المدينة فى أعصارهم» 
ولا يحفظ عن أحدٍ من علماء المدينة القول بخلافه سوى عن ربيعة . . . وقد اشتد إتكار ابن 
عبد البر وابن العربى على من زعم من المالكية أن مالكا ترك العمل بهء لكون عمل أهل 
المدينة على خلافه. اه. 

ثم قال بعد كلام طويل: قال ابن عبد البر: قد أكثر المالكية والحنفية من الاحتجاج لرد هذا 
الحديث بما يطول ذكره» وأكثره لا يحصل منه شیء. آھ. 


ö۰‏ ج۱ أدلة الجتهدين» وتصرفات المكلفين 
تعالى -: ار کی فما مله إل آله سد [الأنبياء: ۲۲]ء وكقولنا: إن كان هذا 
الطعام مهلكا فهو حرام» تقديره: لو كان مهلكا لكان حراما. 

فالاستدلال: إما بوجود الملزوم أو بعدمه» أو بوجود اللازم أو بعدمه» فهذه 
الأربعة: منها اثنان منتجان» واثنان عقيمان. 

فالمتتجان: الاستدلال بوجود الملزوم على وجود اللازم» ويعدم اللازم على 
عدم الملزوم؛ فكل ما أنتج وجوده فعدمه عقيم» وكل ما أنتج عدمه فوجوده عقيم» 
إلا أن يكون اللازم مساويا للملزوم؛ فتنتج الأربعة» نحو قولنا: لو كان هذا إنسانا 
لكان ضاحكا بالقوة. 

ثم الملازمة قد تكون قطعية: كالعشرة مع الزوجية» وظنية: كالنجاسة مع كأس 
الحجام» وقد تكون كلية: كالتكليف مع العقل» فكل مكلف عاقل فى سائر الأزمان 
والأحوال» فكليتها باعتبار ذلك لا باعتبار الأشخاص . 

وجزئية : كالوضوء مع الغسل؛ فالوضوء لازم للغسل إذا سلم من النواقض حال 
إيقاعه فقط ؛ فلا جرم لم يلزم من انتفاء اللازم الذى هو الوضوء انتفاء الملزوم الذى 
هو الغسل؛ لأنه ليس كلياء بخلاف انتفاء العقل؛ فإنه يوجب انتفاء التكليف فى سائر 
الصور. 

القاعدة الثانية: أن الأصل فى المنافع: الإذن» وفى المضار: المنع» بأدلة السمع 
لا بالعقل» خلافا للمعتزلة. 

وقد تعظم المنفعة؛ فيصحبها الندب أو الوجوب» مع الإذن. 

وقد تعظم المضرة؛ فيصحبها التحريم على قدر رتبتهاء فيستدل على الأحكام 
بهذه القاعدة. 

الاستحسان: قال الباجى: هو القول بأقوى الدليلين. وعلى هذا يكون حجة 
إجماعاء وليس كذلك. 

وقيل: هو الحكم بغير دليل» وهذا اتباع للهوى؛ فيكون حراما إجماعا. 

وقال الكرخى: هو العدول عما حكم به فى نظائر مسألة إلى خلافه؛ لوجه أقوى 
منه. وهذا يقتضى أن يكون العدول عن العموم إلى الخصوص استحساناء ومن 
الناسخ إلى المنسوخ . 

وقال أبو الحسين: هو ترك وجه من وجوه الاجتهاد غير شامل شمول الألفاظ ؛ 


أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين ج ۱ 1۵۱ 


لوجه أقوى منه» وهو فى حكم الطارئ على الأول. فبالأول خرج العموم» وبالثانى 

خرج ترك القياس المرجوح للقياس الراجح؛ لعدم طرآنه عليه» وهو حجة عند 

الحتفية» وبعض البصريين مناء وأنكره العراقيون. 

الأخذ بالأخف: 

وهو عند (ش) - رحمه الله - حجة؛ كما قيل فى دية اليهودى: إنها مساوية لدية 
المسلم. 

ومنهم من قال: نصف دية المسلمء وهو قولنا» ومنهم من قال: ثلثها؛ أخذا 

بالأقل» فأوجب الثلث فقط؛ لأنه مجمع عليه» وما زاد منفى بالبراءة الأصلية. 

العصمة: وهى أن العلماء اختلفوا: هل يجوز أن يقول الله - تعالى - لنبى أو 

لعالم: احكم فإنك لا تحكم إلا بالصواب. 

فقطع بوقوع ذلك موسى بن عمران من العلماء» وقطع جمهور المعتزلة بامتناعه» 

وتوقف (ش) فى امتناعه وجوازه» ووافقه الإمام فخر الدين. 

إجماع أهل الكوفة: 

ذهب قوم إلى أنه حجة؛ لكثرة من وردها من الصحابة - رضى الله عنهم - كما 
قال مالك فى إجماع المدينة. 

فهذه أدلة مشروعية الأحكام. 

قاعدة: يقع التعارض فى الشرع بين الدليلين» والبينتين» والأصلين» والظاهرين» 
والأصل والظاهر» ويختلف العلماء فى جميع ذلك: 

فالدليلان: نحو قوله - تعالى -: له مَا ملت ش4 [النساء: 54 1]؛ وهو 

يتناول الجمع بين الأختين فى الملك» وقوله: «وّآن تَجَمَعُوا ب الشفكنن» 

[النساء: ]۲۳١‏ يقتضى تحريم الجمع مطلقًا؛ ولذلك قال على - رضى الله عنه -: 

حرمتهما آية» وأحلتهما آية2'0. وذلك كثير فى الكتاب والسنة. 

)١(‏ قلت لم ينقل عن على بن أبى طالب ذلك؛ وإنما نقل خلاف هذا عنهء وهذا القول الذى 
ذكره المصنف منقول عن عثمان بن عفان؛ فقد أخرج مالك فى الموطأ )018/١(‏ رقم 
»)۳٤(‏ ومن طريقه الشافعى فى المسند (۲/ رقم 2»)55 والبيهقى (۳/۷١۱)ء»‏ عن ابن 
شهاب عن قبيصة بن ذؤيب: أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين: 


هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية» وحرمتهما آية» فأما أنا فلا أحب أن أصنع 
ذلك. 


1o۲‏ ج ۱ أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين 





.واختلف العلماء: هل يخير بينهما أو يسقطان؟ 

والبينتان: نحو شهادة بيئة بأن هذه الدار لزيدء وشهادة أخرى بأنها لعمروء فهل 
تترجح إحدى البينتين؟ خلاف. 

والأصلان: نحو رجل قطع رجلا ملفوفا نصفين» ثم نازع أولياؤه: أنه كان 
حيا حالة القطع - فالأصل: براءة الذمة من القصاصء والأصل: بقاء الحياة. 

فاختلف العلماء فى نفى القصاص وثبوتهء أو التفرقة بين أن يكون ملفوفا فى 
ثياب الأموات أو الأحياء. 

ونحو العبد إذا انقطع خبره» فهل تجب زكاة فطره؛ لأن الأصل بقاء حياته» أو 
لا تجب؛ لأن الأصل براءة الذمة؟ خلاف. 

والظاهران: نحو اختلاف الزوجين فى متاع البيت؛ فإن اليد ظاهرة فى الملك» 
ولكل واحد منهما يد فسوى (ش) بينهماء ورجحنا نحن أحدهما بالعادة. 

ونحو شهادة عدلين منفردين برؤية الهلال والسماء مضحية» فظاهر العدالة: 
الصدق» وظاهر الصحو: اشتراك الناس فى الرؤية» فرجح مالك العدالة» ورجح 
سحنون الصحو. 

والأصل والظاهر: كالمقبرة القديمة» الظاهر: تنجيسها؛ فتحرم الصلاة فيها. 
والأصل : عدم النجاسة. 

وكذلك اختلاف الزوجين فى النفقة: ظاهر العادة دفعهاء والأصل: بقاؤهاء 
فغلبنا نحن الأول» و(ش): الثانى . 

ونحو اختلاف الجانى مع المجنى عليه فى سلامة العضو أو وجوده: الظاهر: 
سلامة أعضاء الئاس ووجودهاء والأصل: براءة الذمة. 

فاختلف العلماء فى جميع ذلك واتفقوا على تغليب الأصل على الغالب فى 
الدعاوى؛ فإن الأصل : براءة الذمة» والغالب: المعاملات» لاسيما إذا كان المدعى 
من أهل الدين والورع . 


قال : فخرج من عندهء فلقى رجلا من أصحاب رسول الله ل فسأله عن ذلك؟ فقال: لو كان لى 
من الأمر شىءء ثم وجدت أحدًا فعل ذلك لجعلته نكالا. 
قال ابن شهاب: أراه على بن أبى طالب . 
)١(‏ فى ش: تنازع. 


أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين ج ۱ 1er‏ 
اي ات کک کک 


واتفقوا على تغليب الغالب على الأصل فى البينة؛ فإن الغالب صدقهاء 
والأصل : براءة الذمة. 

فائدة: الأصل أن يحكم الشرع بالاستصحاب» أو بالظهور إذا انفرد عن 
المعارض . 

وقد استثنى من ذلك أمور لا يحكم فيها إلا بمزيد ترجيح يضم إليه. 

أحدها: ضم اليمين إلى التكول؛ فيجتمع الظاهران. 

وثانيها: تحليف المدعى عليه؛ فيجتمع استصحاب البراءة مع ظهور [اليمين. 

وثالئها: اشتباه الأوانى والأثواب. يجتهد فيها على الخلاف؛ فيجتمع الأصل مع 
ظهور] الاجتهادء ويكتفى فى القبلة بمجرد الاجتهاد؛ لتعذر انحصار القبلة فى 
| [فهذه أدلة مشروعية الأحكام وتفاصيل أحوالها)"ء وأما أدلة وقوع الأحكام بعد 
مشروعيتها [فلا تعد ولا تقف عند حد]؛ فهى أدلة وقوع أسبابهاء وحصول 
شروطهاء وانتفاء موانعها» وهى غير محصورة. 

وهى إما معلومة بالضرورة: كدلالة زيادة الظل على الزوال» أو كمال العدة على 
الهلال. وإما مظنونة: كالأقارير والبينات» والأيمان والتكولات والأيدى على 
الأملاك» وشعائر الإسلام عليه» وهو شرط فى الميراث» وشعائر الكفر عليه» وهو 
مانع من الميراث» وهذا باب لا يعد ولا يحصى. 

الفصل الثانى - فى تصرفات المكلفين فى الأعيان: 

وهى: إما نقل» أو إسقاطء أو قبض» أو إقباض» أو التزام» أو خلط أو إنشاء 
ملك» أو اختصاصء أو إذث» أو إتلاف» أو تأديب» أو زجر. 

النقل: ينقسم إلى: ما هو بعوض فى الأعيان كالبيع والقرض» أو فى المنافع : 
كالإجارة» ويندرج فيها المساقاة» والقراض» والمزارعة» والجعالة. 

وإلى ما هو بغير عوض: كالهداياء والوصاياء والعمرى» والهبات» والصدقات» 
والكفارات» والزكوات» والغنيمة» والمسروق من أموال الكفار. 





)١(‏ سقط فى أ. 
(۲) سقط فى ش. 
(۳) سقط فى ش. 


١65‏ چ 1١‏ أدلة المجتهدين» وتصرفات اللمكلفين 


الإسقاط: إما بعوض كالخلع» والعفو على مال» والكتابة» وبيع العبد من نفسه» 
والصلح على الدين» والتعزير» فجميع هذه تسقط الثابت» ولا تنقله إلى الباذل. 

أو بغير عوض: كالإبراء من الديون» والقصاص» والتعزير» وحد القذف» 
والطلاق» والعتاقء وإيقاف المساجد» فجميع هذه تسقط الثابت ولا تنقله. 

القبض: وهو إما بإذن الشرع وحده: كاللقطة» والثوب إذا ألقته الريح فى دار 
إنسان» ومال اللقيط» وقبض الإمام المخغصوبٌ من الغاصب» وأموال الغائبين» 
وأموال بيت المال» والمحجور عليهم» والزكوات. 

أو بإذن غير الشرع: كقبض المبيع بإذن البائع والمستلمء والبيع الفاسدء 
والرهون» والهبات» والصدقات» والعوارى› والودائع . 

أو بغير إذن لا من الشرع» ولا من غيره: كالغصب. 

الإقباض: كالمناولة فى العروض» والنقود» وبالوزن والكيل فى الموزونات 
والمكيلات» وبالتمكين فى العقار» والأشجارء وبالنية فقط: كقبض الوالدء 
وإقباضه لنفسه من نفسه لولده. 

الالتزام: بغير عوض: كالنذورء والضمان بالوجهء أو بالمال. 

الخلط: إما بشائع» وإما بين الأمثال» وكلاهما شركة. 

إنشاء الأملاك: فى غير مملوك: كإرقاق الكفارء وإحياء الموات» والاصطيادء 
والحيازة فى الحشيش ونحوه. 

الاختصاص بالمنافع: كالإقطاعء والسبق إلى المباحات» ومقاعد الأسواق 
والمساجد» ومواضع النسك: كالمطاف» والمسعى» وعرفةء ومزدلفة» ومنى» 
ومرمى الجمارء والمدارسء والربطء والأوقاف. 

الإذن: إما فى الأعيان: كالضيافات» أو فى المنائح» أو فى المنافع : كالعوارى 
والاصطناع فى الحلق والحجامة؛ أو فى التصرف: كالتوكيل» والإيماء. 

الإنلاف: إما للإصلاح فى الأجساد والأرواح: كالأطعمة» والأدود ية» والذبائح 
وقطع الأعضاء المتأكلة. 

أو للدفع : كقتل الصوال» والمؤذى من الحيوان. 








. فى ش: والأبضاع‎ )١( 


أدلة المجتهدين» وتصرفات الكلفين +۱ م6 
او وایند وااو ا ا 


أو لتعظيم الله - تعالى -: كقتل الكفار لمحو الكفر من قلوبهم» وإفساد 
الصلبان. 

أو لنظم"“ الكلمة: كقتال البغاة. 

أو للزجر: كرجم الزناة» وقتل الجناةٌ . 

التأديب والزجر: إما مقدر: كالحدودء أو غير مقدر: كالتعزير» وهو مع الثم 
فى المكلفين أو بدونه فى الصبيان» والمجانين» والدواب. 

فهذه أبواب مختلفة الحقائق والأحكام» فينبغى للفقيه الإحاطة بها؛ لتنشأ له 
الفروق والمدارك فى الفروع. 

وهذا تمام المقدمة» وحسينا الله ونم الوكيل . 





(۱) فى ش: لتعظيم. 


۱٥٦‏ ج١1‏ كتاب الطهارة 
كتاب الطهارة 
الباب الأول 
فى الطهارة 

الطهارة فى اللغة: التبرئة من الأدناس» ويقال: «طهر؛ بضم الهاءء وفتحهاء 
طهارة» فيهما. والطهرء وهو - أيضا -: ضد الحيض» والمرأة: طاهرة من الدنس 
والعيوب» وطاهر من الحيضء بالتاء فى الأول دون الثانى. 

والمطهرة: الإداوات» بفتح الميم وكسرهاء والفتح أفصح . 

وتستعمل الطهارة مجازًا فى التتزه عن العيوب فيقال: قلب طاهر» وعرض 
طاهر؛ تشبيها للدنس المعلوم بالدنس المحسوس. 

وأما الطهارة فى الشرع فليست شيئًا من أنواع العلاج بالماء ولا بغيره؛ لجزمنا 
بطهارة بطون الجبال وتخوم الأرض؛ بل هى حكم شرعى قديم» وهى إباحة. 
فالمعنى بطهارة العين : إباحة الله - تعالى - لعباده ملابستها فى صلواتهم وأغذيتهم 
ونحو ذلك. 

وتطلق على العلاج بالماء وغيره مجازاء وهى على قسمين: طهارة حدث» 
وطهارة خبث. 

والنجاسة فى اللغة: ملابسة الأدناس» وتستعمل مجازا فى العيوب» كقوله - 
تعالى -: إا المشروت جس [التوبة :۲۸]؛ تشبيها للدنس المعلوم 
بالمحسوس» ويقال: نجس الشىء - بكسر الجيم - ينجس - بفتحها - نجسًا 
- بفتحها - أيضًا؛ فهو نجسء بكسرها. 

وهى فى الشرع: حكم شرعى قديم» وهى تحريم ؛ فمعنى نجاسة العين: تحريم 
الله - تعالى - على عباده ملابستها فى صلواتهم وأغذيتهم ونحوهاء ثم يطلق على 
المعفو عنه أنه نجس» نحو: دم الجراح السائلةء وبول السلس؛ تغليبًا لحكم جنسها 
عليها مجازّاء ولأجل هذا التحديد لا تكون العذرة قبل ورود الشرع نجسة 
ولا طاهرة؛ لعدم الأحكام الشرعية فى الأفعال قبل ورود الشرع. 

تثميم: كل حكم شرعى لابد له من سبب شرعى» [وسبب الطهارة عدم سبب 


كتاب الطهارة ج۱ 0¥ 


النجاسة](2؛ لأن عدم العلة علة لعدم المعلول» ولما كانت علة النجاسة: 
الاستقذار؛ عملا بالمناسبة والاستقراء والدوران» وكانت النجاسة تحريما - كان 
عدم الاستقذار علة لعدم ذلك التحريم » وإذا عدم التحريم ثبتت الإباحة» وهى 
الطهارةء كما تقدم. وهذه قاعدة مطردة فى الشرع وغيره» فكل علة لتحريم يكون 
عدمها علة للإياحة» كالإسكار لما كان علة لتحريم الخمر كان عدمه علة لإباحتها. 

فإن قيل: تعليل النجاسة بالاستقذار غير مطرد ولا منعكسش» أما الأول: فبدليل 
المخاط والبصاق والعرق المنتن» ونحو ذلك؛ فإنها مستقذرة وليست نجسة» وأما 
الثانى : فلنجاسة الخمر وليست مستقذرة. 

قلنا: أما الأول: فمستثنى؛ لضرورة الملابسة. وأما الثانى: فالعكس غير لازم 
فى العلل الشرعية؛ لأن بعضها يخلف بعضاء ونجاسة الخمر معللة بالإسكارء 
وبطلب الإبعادء والقول بنجاستها يفضى إلى إبعادهاء وما أفضى إلى المطلوب فهو 
مطلوب؛ فيكون التنجيس مطلويا. 

وقدمت هذه المقدمة؛ تكميلا لفائدة الكلام على لفظ الطهارة» والاكتفاء به عند 
الكلام على النجاسة. 

وهذا الكتاب مشتمل على مقاصد ووسائل لتلك المقاصد» والوسائل يتقدم فعلها 
شرعا؛ فيجب تقدم الكلام عليها وضعا. 

فأول الوسائل: محل الماءء ولما كان استعمال الماء فى الأعضاء يتوقف على 
طهارتها حتى يلاقى الماء الطُهُورُ الأعضاء الطاهرة» وجب بيان الأعيان النجسة: 
ما هى؟ ثم كيفية إزالتهاء فهذه أربعة وسائل. ‏ 20 

الوسيلة الأولى - محل الماءء وهو الإناء : 

وهو فى اللغة مشتق من لأنى» يأنى» إناء»» وهو التناهى» قال الله - تعالى -: 
مير تِيينٌ إ4 [الأحزاب: ]٠١‏ أى : انتهاءه» و :. لين ميو [الغاشية: 5] أى 
متناه حدهاء و: حير مان [الرحمن: 55] أى: متناه حره» ولما كان الإناء لابد 
أن يتناهى خرطه أو حرّه أو سبكه على حسب جوهره فى نفسه؛ سمى إناء لذلك» 
وفيه ثلاثة فصول : 


)١(‏ فى أء ش: وسبب الطهارة سيب عدم التجاسة. 


0۸ ج ۱ كتاب الطهارة 


الفصل الأول - فى الجلود: 

وفى الجواهر: ولابد فى استعمالها من طهارتهاء ولطهارتها سيبان: 

السبب الأول: الذكاة مطهرة لسائر أجزاء الحيوان» لحمه وعظمه وجلده» وإن 
كان مختلفا فى إباحة أكله» كالحمر والكلاب والسباع» على روايتى الإباحة والمنع؛ 
لإزالة الذكاة الفضلات المستقذرة الموجبة للتنجيس على سائر الوجوه على 
الحيوان» إلا الخنزير؛ لقوله - تعالى -: #ثل ل ہد في م1 أو إل محرا مل لامو 
بمح إل أن يکرت مَيِنَدَ أو دما سفوا أو حم حير َل رجش» [الأنعام : 
06 والرجس فى اللغة: القذر؛ فكما أن العذرة لا تقبل التطهير فكذلك الختزير؛ 
لأنه سوى بينه وبين الدم ولحم الميتةء وهما لا يقبلان التطهير؛ فكذلك هو. 

ولأن الذكاة فى الشرع سبب لحكمين: إباحة الأكل» والطهارة» والذكاة لا تفيد 
الإباحة فيه إجماعا؛ فكذلك الطهارة؛ ولهذا المدرك منع ابن حبيب تطهير الذكاة لما 
لم يؤكل لحمه» ووافقه (ش)» ولابن حبيب - أيضا - التفرقة بين العادية وغيرهاء 
وزاد (ح) علينا بطهارة اللحم مع الجلد [وإن قال بتحريم أكله](. 

ومنع مالك - رحمه الله - الصلاة على جلود الحمر الأهلية» وإن ذكيت. 

وتوقف فى الكيمخت فى الكتاب» قال صاحب الطراز: وروى عنه الجواز. 

ومنشأ الخلاف: هل هى محرمة فلا تؤثر الذكاة فيها كالخنزير» أو مكروهة فتؤثر 
كالسباع؟ والكيمخت يكون من جلود الحمر» ومن جلود البغال. 

قال: وقد أباحه مرة» وأجاز الصلاة فيه على ما فى العتبية. 
. السبب الثانى - الدباغ : 

فى الجواهر: وهو استعمال ما فيه قبض وقوة على نزع الفضلات» وهو مختلف 
بحسب غلظ الجلد ورقته» ولينه وصلابته . 

قال ابن نافع : ولا يكفى التشميس» وهو مَطْهَرَة لجملة الجلود إلا الخنزير؛ للآية 
المتقدمةء ولأن الذكاة أقوى من الدباغ ؛ لاقتضائها إباحة الأكل مع التطهيرء ولنزعها 
الفضلات من معادنها قبل تشبثها بأجزاء الحيوان» وغلظهاء وقد سقط اعتبارها فى 
الخنزير؛ فكذلك الدباغ . 





(۱) فى أء ش: بأن قال: لتحريم أكله. 


كتاب الطهارة ج۱ 104 





وطهارة غير الخنزير مخصوصة عنده بالماء» واليابسات دون المائعات» والصلاة 
والبيع ؛ لأن قوله - عليه السلام -: يما خاب دُبعَ فَقَدْ طَهُرَغ('2 مطلق فى الطهارة» 
وإن كان عاما فى الأهبء والأصل فى الميتة النجاسة؛ فيتعين الماء [لمطلق 
الطهارة]“ لقوته» واليابسات؛ لعدم مخالطهاء وبقى ما عدا ذلك على الأصل. 

وعنه: أنها عامة؛ لزوال السبب المنجس» وهو الفضلات المستقذرة» ولأن 
الدباغ يرد الأشياء إلى أصولها قبل الموت» والحيوانات عندنا طاهرة قبله؛ فكذلك 
بعده بالدباغ؛ ولهذا المدرك قال (ش) - رضى الله عنه -: لا يطهر الكلب والخنزير 
بالدباغ؛ لأنهما نجسان قبل الموت عنده. 

وقال أبو يوسف وداود: يؤثر الدباغ فى جلد الخنزير. 

وقال الأوزاعى وأبو ثور: لا يؤثر إلا فيما يؤكل لحمه. 

ومنشأ الخلاف: هل يشبه الدباغ بالحياة» [أو بالذكاة) وهو مذهبنا؟ 

قاعدة: إزالة النجاسة: تارة تكون بالإزالة كالغسل بالماءء وتارة بالإحالة: 
كالخمر إذا صار خلاء أو العذرة إذا صارت لحم كبش» وتارة بهما كالدباغ؛ فإنه 
يزيل الفضلات» ويحيل الهيئات» أو لأنه يمنعه من الفساد كالحياة. 

الفصل الثانى - العظام : 

وكل عظم طاهر يجوز استعماله» وبيان ذلك فى الوسيلة الثالثة. 

الفصل الثالث - أوانى الذهب والفضة: 

وفى الجواهر: محرمة الاستعمال للرجال والنساء؛ لقوله - عليه السلام -: 
الى يشرب فی اة الذّمَبِ وَالْفِضْةَ إِنْمَا يَجَرْجِرٌ فى بَطَنْهِ ار 20 [وعلته : 
السرف أو الخيلاء على الفقراء أو الأمرانء ويتخرج على ذلك القولان فى 


(۱) أخرجه مسلم (۱/ ۲۷۷)ء رقم 2»0755/1١8(‏ وأبو داود »)٤۱۲۳(‏ والنسائى (۷/ ۱۷۳)ء 
والترمذی (۱۷۲۸)» وابن ماجه (۳۹۰۹)ء وأحمد (۰۲۱۹/۱ ۰۲۷۰ ۲۷۹) من حديث ابن 
عپاس . 

وقال الترمذى: حسن صحيح . 

(۲) فى ش: المطلق للطهارة. 

(۳) سقط فى ش. 

زفق أحخر-جه البخارى )٥٦۳٤(‏ ومسلم فى حرف من حديث أم سلمة 

)2 فى أ ش: : وعلة السرف والخيلاء على الفقراء والأقران. 


1 ج ١‏ كتاب الطهارة 


الذهب المموه بالرصاص أو غيره» وإلحاق القاضى أبى بكر أوانى الياقوت واللؤلؤ 
والمرجان بالذهب والفضة بطريق الأولى» وعدم إلحاق أبى الوليد لها؛ لأن 
المفاخرة بها خاصة بالخواص» وكراهة ابن سابق لذلك؛ لوجود جزء العلة. 
فرعان: . 
الأول: قال: استعمال المضبب» والمشعوب والذى فيه حلقة فضة أو ذهب من 
مرآة أو آنية - مكروه عنده» وممنوع عند أبى الوليد» وغير ممنوع عند القاضى أبى 
بكر؛ نظرا إلى وجود المحرم فيمنع» أو إلى اليسارة فلا يمنع» أو إليهما فيكره. 
الثانى : قال: تحريم اقتناء أوانى الذهب والفضة عن ابن الجلاب؛ لأنه وسيلة 





لاستعمالها. 
قال القاضى أبو الوليد: لو لم يجز الاتخاذ لفسخ بيعهاء وقد أجازه فى المدونة 
فى مسائل. 


قال أبو بكر بن سابق هذا الاستدلال باطل؛ لجواز ملكها إجماعاء بخلاف 
اتخاذهاء وإنما يظهر الخلاف فى الإجارة على عملهاء والضمان على مفسد 
صنعتهاء والمخالف يجيز ذلك أيضًا. 

[الوسيلة الثانية - الماء](؟ : 

وهو إما مطهر أو منجس» أو لا مطهر ولا منجس» أو مختلط من هذه الأقسامء 
فهذه أربعة أقسام. 

القسم الأول: 

المطهر: وهو الباقى على أصل خلقته» على أى صفة كان من السماء أو الأرض 
أو البحر؛ لقوله تعالى: ورتا يِن ألكما مآ طهُوًا» [الفرقان: ]٤۸‏ وقوله: 
ل هركم يب4 [الأنفال: ]١١‏ وقوله عليه السلام - فى الموطأ - لما سأله رجل: 
إنا نركب البحرء ونحمل معنا القليل من الماء» فإن توضأنا منه عطشناء أفتتوضاً من 
ماء البحر؟ قال - عليه السلام -: «هُوَ الطهُورٌ موه الج ميت . 


)١(‏ فى ش: إليها. 

(۲) سقط فى آ» ش. 

(؟) أخرجه مالك (۲۲/۱) رقم (۱۲)ء وأبو داود (۸۳)ء والترمذى (1۹)ء وابن ماجه (785)» 
والنسائى (۱/ ٠5)؛‏ وأحمد (۲/ ۰۲۳۷ ۳۹۳) من حديث أبى هريرة. 


كتاب الطهارة ج ۱ 15 





قاعدة: «فعُول» عند العرب يكون صفةء نحو: غفور وشكورء ويكون للذى 
يفعل به الفعل» نحو: الحنوط والسحور والبخورء لما يتحنط به» ويتسحر به 
ويتبخر به» فالطهور عندنا للذى يتطهر به متعد خلافا ل (ح) فإن معناه عنده: طاهر. 
وفائدة الخلاف: كونه سبب الطهارة عندنا؛ فينحصر المطهر فيه بسبب تخصيص 
الشرع له بالذكر» ومنع القياس فى الأسباب» ولو سلم المنع ههنا لكونه فرع الجامع 
الذى هو علة للأصل» والأصل ههنا ليس معللا لوجوب تطهير ما هو فى غاية 
النظافة؛ فيسقط7() اعتبار النبيذ وغيره عن مقام التطهيرء أو ليس سببًا فيشاركه7") فى 
الطاهرية غيره» فلا يختص التطهير به. 

لنا: قوله - تعالى -: هركم بد وهو نص فى الباب» ولو صح ما ذكروه 
لما صح جوابه - عليه السلام - فى ماء البحر؛ لعدم الفائدة» ولبطل معنى قوله - 
عليه السلام -: «جُلّث لى الْأَرْض مَسْجِدَاء وَرَابْهَا طَهُورًا20؛ لأن طهارة التراب 
لم تختص به - عليه السلام - وإنما الذى اختص به التطهر به. 

احتجوا بقوله - تعالى -: ##وَسَقَلهُمَ رم سرا طَهورا4 [الإنسان: »]۲١‏ ولیس 
فى الجنة ما يتطهر به. وبقول جرير: 

... ... ... عذاب الثنايا ريقهن طهور 

والجواب عن الأول: أنه مجاز للمبالغة؛ لأن الذى يتطهر به أفضل أنواع الماى 
فاستعير لشراب الجنة ترغيبا فيه» وهذا هو الجواب عن الثانى. 

وعن الثالث: لا نسلم أن الطهور ههنا جار على «طاهر؛ء بل بمعزل عنهء 





وقال الترمذى: حسن صحيح . 

. فى ش: فلیسقط‎ )١( 

(۲) فى أء ش: شيئًا يشاركه. 

(۳) أخرجه الطيالسى (418)» وأبو عوانة /١(‏ 0:7)» والدارقطنى /١(‏ 22176 والبيهقى /١(‏ 
)2 من حديث حليفة بهذا اللفظ. وأخرجه أحمد »)48/١(‏ والبيهقى (۲۱۳/۱)ء من 
حديث على» وفيه: «وجعل لى التراب طهورًا». 

وأصل الحديث عند البخارى (776): ومسلم (١۲٥)ء‏ من حديث أبى هريرة» وفيه: «وجعلت 
لى الأرض مسجدًا وطهورًا». 
)€( عجز بیت » وصلره: 
إلى رجح الأكفال هيف خصورها . 
وهو بلا نسبة فى اللسان (رجح)» والتاج (رجح). 


ويوضحه استحالة قبول الطهارة للزيادة فى المطر والبحر؛ فلا يمكن إلحاقه 
ب (صبور» و اشكور . ثم إنا لو سلمنا إمكان القياس على الماء - بناء على أنه بمعنى 
طاهر - لاندفع القياس بالفارق» وهو ما اشتمل عليه الماء من الرقة واللطافة. 

فإن قالوا: الخل وماء الليمون ألطف منه. 

قلنا: لا نسلم» ويدل على خلاف ذلك: أن الإنسان إذا أدخل يده فيهما أحس 
من الممانعة ليده ما لا يحس فى الماءء ولأن أجزاء الخبز لا يفرقها واحد منهما 
بخلافه» ولأن ماء الليمون إذا استعمل لزوال العرق سد المسام» ومنع انبعات() 
العرق» وأما إحالة الألوان» فليس لرقته» وإنما هو بإحالته لها. 

إذا تقرر هذا البحث فليلحق بالطهور؛ للحاجة» والأصل المتغير بجريه على 
المعادنء أو بطول المكث والطحلب والطين الكائن فيهء وكل ما هو من قراره. 

من التبصرة: وما يكون عن البرد والجليد والندى. ولا فرق بين ما تغير بالمعادن 
الجارى عليهاء والآنية المصنوعة منهاء وقد فرق أهل العلم بينهماء ولا فرق» وقد 
كان - عليه السلام - يتوضأ من الصّفْد9) ولم يكره أحد الوضوء من الحديد مع 
سرعة التغيير فيهماء لا سيما فى البلاد الحارة» وكان عمر بن عبد العزيز - رضى الله 
عنه - يسخن له الماء فى الصّفّر90), 

فروع أحد عشر: 

الأول: فى الجواهر: التراب المطروح عمدا فى الماء لا يسلبه الطهورية؛ إلحاقا 
للطارئ بالأصلى» وقيل: لا يلحق به؛ لفارق الضرورة. 

الثانى: الملح ملحق بالتراب عند ابن أبى زيدء وبالأطعمة عند الشيخ 








)١(‏ فى آ» ش: إنبات. 
(؟) آخرجه البخارى 2)١99(‏ وأبو داود .)٠٠١(‏ 
من حديث عبد الله بن زيد. وليس عند البخارى كلمة: صُفْر. 
م6 هذا ثابت عن عمر ين الخطاب» لا عمر بن عبد العزيز. 
أخرجه الدارقطنى (۱/ ۳۷) رقم )١(‏ واين أبى شيبة (۱/ 15) عن أسلم مولى عمر أن عمر بن 
الخطاب كان يسخن له ماء فى قمقمة ويغتسل به. 
وقال الدارقطنى : إسناده صحيح. 
وهو ثابت - أيضًا - عن جماعة من الصحابة والتابعين. 
ينظر: مصنف ابن أبى شيبة (1/ »)۲١‏ ومصئف عبد الرزاق .)۱۷١ /١(‏ 


كتاب الطهارة ج ۱ 1 


أبى الحسن» وقيل: المعدنى كالتراب؛ نظرا إلى الأصل» والمصنوع كالطعام؛ 
لإضافة غيره إليه غالبا. 

الثالث: قال: الملازم للماء إذا اختص ببعض المياه» قيل: ليس يطهر؛ لعدم 
العموم. وقيل: مطهر؛ لعدم الانفكاك. 

الرابع : قال: الماء القليل إذا وقع فيه طاهر لم يغيره. 

قال أبو الحسن القابسى : يسلبه التطهير» كما قال ابن القاسم فى النجاسة مع الماء 
القليل [والمذهب خلافه](" . 

الخامس : من الطراز: المسخن بالشمس مكروه» وقاله (ش) خلافا ل(ح)» وذلك 
من جهة الطب؛ لما رواه مالك - رضى الله عنه - عن عائشة - رضى الله عنها -: أنه عليه 
السلام دخل عليهاء وقد سخنت ماء فى الشمس» فقال - عليه السلام - : «لا تَفْعَلى هَذًا 
يا حُمَيْرَاءُ؛ قله يورت الْبَرَصّ)2'9؛ ونحوه عن عمرء رضى الله عنه . 

قال عبد الحق: ولم يصح فيه حديث. 

قال الغزالى: يخرج من الإناء فى الشمس مثل الهباء بسبب التشميس» فى 
النحاس والرصاص» فيعلق بالأجسام؛ فيورث البرص» ولا يكون ذلك فى الذهب 
والفضة؛ لصفائهما. 

وقال ابن الحاجب: والمسخن بالنار والشمس كغيره. 








)١(‏ سقط فى ش. 
(؟) حاشا أن يروى مالك هذا وهو موضوع. 
إنما أخرجه الدارقطنى فى غرائب مالك» كما فى تلخيص الحبير /1١(‏ ٤۲)ء‏ وقال الدارقطنى : 
هذا باطل عن مالك. 
قال الحافظ : واشتد إنكار البيهقى على الشيخ أبى محمد الجوينى فى عزوه هذا الحديث لرواية 
مالك» والعجب من ابن الصباغ كيف أورده فى «الشامل؟ جازمًا به! 
وله طرق أخرى عن عائشة لا تخرج عن رواية الكذابين والوضاعين» وقد أوردها الحافظ فى 
«التلخيص» »)۲١ /١(‏ وحكم يوضعها. 
() أخرجه الشافعى فى «الأم» (۳/۱) عن إبراهيم بن أبى يحيى» عن صدقة بن عبد الله» عن 
أبى الزبير» عن جابر» عن عمر: أنه كره الماء المشمس» وقال: إنه يورث البرص. وابن 
أبى يحيى أكثر أهل الحديث على تضعيفه» وقال النسائى: إنه كان يضع الحديث. 
وصدقة بن عبد الله: ضعيف. 
وآبو الزيير: مدلسء وقد عنعنه. 


١ 114‏ كتاب الطهارة 





السادس : قال فى الكتاب: يجوز الوضوء بما يقع البصاق فيه والمخاط وخشاش 
الأرض» مثل الزنبور والعقرب والصرار وبنات وردان. 

من التنبيهات: الخشاس : بفتح الخاء وكسرها وضمها وتخفيف الشين المعجمة» 
وهو صغار دواب الأرضء والزنبور: بضم الزاى» والخنفساء بضم الخاء ممدودة» 
والصّرار بالصاد المهملة وتشديد الراء الأولى؟ سمى بذلك لما يسمع من صوته» فإن 
لم تفرق أجزاء ذلك أو يطل مكثه فما وقع فيه طاهرء فإن تفرق أو طال مكثه 
فالماء مضاف» وقال أشهب: ينجس. 

وأما الطعام: فإن تفرق فيه أو غلب فلا يؤكل؛ لاحتياجه إلى الذكاة» وقيل: 
يؤكل؛ لعدم احتياجه إليهاء على الخلاف. 

السابع: قال المازرى فى شرح التلقين: إذا شك فيما يفسد الماءء فالأصل: 
بقاؤه على الطهورية؛ وقد نهى مالك - رحمه الله - عن استعمال البئر القريبة من 
المراحيض» فقال: تترك يومين أو ثلاثةء فإن طابت وإلا تركت» ووجهه: أن 
الظاهر إضافة التغير إلى المراحيض . 

الثامن: من الطراز: إذا راعينا وصف الماء دون مخالطهء وكان معه دون الماء 
الكافى» فكمله بماء ريحان» أو نحوه - مما لا يتغير به - فهل يتطهر به؛ لعدم 
التغير» أو لا يتطهر به؛ لكونه متطهرا بغير29 الماء المطلق جزما وهو الطاهر؟ وفرق 
بعض الشافعية بين هذه؛ وبين ما إذا خلط بما يكفيه مائعا لم يغيره» وتوضاً به 
وفضل قدر ذلك المائع أنه يجزئه» وقال بعضهم: لا يجزئ. 

قال صاحب تهذيب الطالب: قال الشيخ أبو الحسن: إذا دهن الدلو الجديد 
بالزیت واستنجى منه» لا يجزئه» فيغسل ما أصاب من ثيابه؛ لأن المضاف عنده 
لا يجزئ فى غسل النجاسات. 

وقال ابن أبى زيد: يعيد الاستنجاء دون غسل ثيابه؛ لاختلاف الناس فى 
المضاف. 


. فى ش: يطول‎ )١( 
فى أء ش: يعنى.‎ )۲( 


كتاب الطهارة +۱ 110 


قال: واختلف الأصحاب : هل يزيل المضاف حكم النجاسة» أو عينها فقط وهو 
الصواب؛ لأنه لا يتوضأ به؟ ومن أزال به حكم النجاسة فلضعفها؛ لإزالتها بغير نيةء 
والاختلاف فى وجوبهاء مع الاختلاف فى المضاف: هل يرفع الحدث أم لا؟ وأما 
قول من ينجس الثياب ببل موضع النجاسة إذا زال عينها فبعيد؛ لأن الباقى فى 
الموضع حكم ليس لعين فلا ينجس» إنما تنجس الأعيان. 

التاسع : منه - أيضا - القطران» تبقى رائحته فى الوعاء» وليس له جسم يخالط 
الماء: لا بأس به؛ للحاجة إليه فى البوادى. 

العاشر: منه - أيضا - الحشيش وورق الشجر يتساقط فى الماء فيغيره» لا بأس 
به عند العراقيين منا. 

الحادى عشر : قال: إذا وقعت فى الماء الكثير نجاسة أو عين طاهرة» ويقى على 
أصل خلقته - فهو مطهر» ولا يشترط وصوله القلتين» [خلافا ل (ش)؛ لأن 
الاستدلال] بحديث القلتين وإن صححناه فهو بالمفهوم» واستدلالنا بظاهر 
القرآن» وحديث بثر بضاعة استدلال بالمنطوق» وهو مقدم على المفهوم إجماعاء 
وإذا ظهر بطلان مذهب (ش) فمذهب (ح) بطريق الأولى فى قوله: إن الماء وإن كان 
فوق القلتين» ويمكن وصول النجاسة إلى أجزائه بالحركة فهو نجس؛ لأن أدلتنا 
وأدلة (ش) ترد عليه» رضى الله عنهم أجمعين . 

القسم الثانى : 

المنجس: وهو ما يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجس. 

وفى الجواهر: خالف عبد الملك فى الرائحة» وقيل: قوله منزل على المجاورة 
دون الحلول؛ لما فى الترمذى: قيل له - عليه السلام -: أنتوضأ من بئر بضاعة 
وهى بثر يلقى فيها الحيض» ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال - عليه السلام -: (إِنَّ 
الْمَاءَ طَهُورٌء لا يُنَجَسَهُ شی يعنى : إلا ما غيره» وقال فيه: حديث حسن. 
وروى فيه البغداديون: إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه. 


)١(‏ فى ش: خلافًا لدليل الاستدلال. 
(۲) أخرجه أبو داود ۰٦0‏ 1۷)ء والترمذى ۰)٦۷‏ والنسائی »)١74/١(‏ وأحمد (۳۱/۳» 
7) والدارقطنی (۱/ ۰۳۰ ۳۱) من حديث أبى سعيد الخدرى. 
وقال الترمذى: هذا حديث حسن وقد جود أبو أسامة هذا الحديث. 





ووجه قول عبد الملك: أن الثياب لا تنجس بروائح النجاسات» فكذلك الماء؛ 
لأنه أقوى فى الدفع عن نفسهء ولأن الرائحة لو كان تغيرها معتبرا لذكر فى الحديث. 

من التبصرة: إن كانت الرائحة عن المجاورة لم يخرج عن الطهورية» وإن كانت 
عما حل فيه من الطيب كان مضافاء وكذلك البخور؛ لأن النار تصعد بأجزائه ويوجد 
طعمه فيه؛ ولهذا قيل: لا يؤكل المطبوخ بالميتة. ووافقه صاحب الطراز على ذلك . 

فرعان: 

الأول من شرح التلقين: تثبت النجاسة بخبر الواحد إذا بينها أو كان مذهبه 
كمذهبه؛ لاحتمال أن يعتقد ما ليس نجسًا: نجسّاء ولا تشترط الشهادة؛ لما فى 
الموطأ: أن عمرو بن العاص - رضى الله عنه - سأل صاحب الحوض: هل ترد 
حوضك السباع؟ فلولا أن خبره يقبل لما سأله. 

الثانى: فى الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة» أربعة أقوال: 

قال مالك - رحمه الله -: فى الكتاب: مطهر؛ لحديث الترمذى السابق. 

وقال ابن القاسم فى الكتاب: يتيمم ويتركه» وإن توضأ وصلى ولم يعلم أعاد فى 
الوقت. فحمل أبو الحسن قوله على التنجيس؛ لإباحة التيمم» والإعادة فى الوقت 
مراعاة للخلاف» وحمله ابن رشد فى المقدمات على الكراهة؛ لتخصيصه الإعادة 
بالوقت» والتيمم مراعاة للخلاف. 

وقال مالك فى المجموعة: يجتنب» وفى السنن: سثل - عليه السلام - عن 
الماء وما يؤثر فيه من الدواب والسباعء فقال عليه السلام: (إِذّا كان الْمَاهُ لين لَمْ 
يحول ج20 مفهومه: أن ما دون ذلك يحمل الخبث» ولأن النفوس تعاف 
القليل إذا وقعت فيه النجاسة» و ما لم يرضه الإنسان لنفسه» أولى ألا يرضاه لربه. 

والكراهة لابن الحاجب والمدنيين. 

وقال ابن مسلمة: هو مشكوك فيه لا يعلم أنه طهور ولا نجس؛ لتعارض 
المآخل. فيجمع بينه وبين التيمم؛ ليخرج عن العهدة إجماعا. 

فرع: فى الجواهر: على هذا قال محمد بن سحنون وأبو الحسن: يتيمم ويصلى 





.)154( أحخترجه مالك (۲۳/۱ - 18) رقم‎ )١( 
أخرجه أبو داود (54» 2»)15 والترمذى (1۷)» وابن ماجه (۵۱۷» 0۱۸)» وأحمد‎ )۲( 
وعيد بن حميد (/2)831 وغيرهم من حديث ابن عمر.‎ 2)1١75 ۳۴ 1/۲ 


أولاء ثم يتوضأ ويصلى صلاة أخرى؛ ليسلم أولا من النجاسة المتوهمة. وقيل: 
يجمع بينهماء ويصلى صلاة واخدة؛ لعدم تحقق النجاسة . 

فإن أحدث جمع بينهماء وصلى صلاة واحدة على القولين ؛ لحصول ملاقاة الماء 
للأعضاء أولا. 

من التبصرة: وإن لم يحدث وفرعنا على أنه يصلى صلاتين» ثم حضرت صلاة 
أخرى - تيمم» وصلى صلاة واحدة. 

والماء القليل : كالجرة» والإناء» والبئر القليلة الماء. 

القسم الثالث: 

الماء الذى لا يطهر ولا ينجس» وهو ما تغير أحد أوصافه بطاهر غير لازم له» 
وخالف عيد الملك فى الرأئحة› وكذلك مياه النبات: كماء الورد ونحوه. 

فرعان: 

الأول: الماء المستعمل فى الحدث إذا لم يكن على الأعضاء نجاسة ولا وسخ. 

قال مالك - رحمه الله - فى الكتاب: لا يتوضأ بماء تُوْضَئ به مرة. قال ابن 
القاسم: إن لم يجد غيره توضأً. 

من التنبيهات : حمل قول مالك غير واحد من شيوخنا على وجود غيره» فإذا لم 
يجد غيره» فما قاله ابن القاسم؛ فهما متفقان» وعلى ذلك أكثر المختصرين. 

وقال ابن رشد: هما مختلفان. وقال فى كتاب ابن القصار: يتيمم من لم يجد 
سواه . 

قال أبن بشير: المشهور أنه مطهر مكروه؛ للخلاف فيه. وقيل : طاهر غير مطهر 
لثلاثة أوجه : 

الأول: عدم سلامته من الأوساخ ودهنية البدن. 

الثانى : أنه أديت به عبادة؛ فلا تؤدى به عبادة: كالرقبة فى الكفارة» ولا يلزم 
الثوب الذى صلى به؛ فإن مصلحته ستر العورة» وهى باقية. 

الثالك: أن الأولين لم يجمعوا ما سقط عن أعضائهم فی أسفارهم» مع شدة 
ضروراتهم؛ لقلة الماء» وذلك يدل على عدم جواز استعماله . 

القول الثالث: أنه مشكوك فيه» يجمع بينه وبين التيمم . 

قال ابن شاس: ويصلى صلاة واحدة. 


154 ج١1‏ كتاب الطهارة 


واعلم أن المتنازع فيه إنما هو المجموع عن الأعضاءء لا الذى يفضل فى الإناء 
بعد الطهارة» ولا المستعمل فى بعض العضو إذا جرى للبعض الآخر. 

تحرير: إذا قلنا بسقوط الطهورية» قال بعض العلماء: سببه أمران: 

أحدهما: كونه أديت به عبادة. 

والثانى : إزالته المانع» فإن انتفيا معا - كالرابعة فى الوضوء - فلا منع» وإن وجد 
أحدهما دون الآخر احتمل الخلاف» كالمستعمل فى المرة الثانية والثالثة» أو فى 
التجديد ؛ فإنه لم يزل مانعاء وإن أديت به عبادة . 

وغسل الذمية من الحيض أزال مانع وطنها لزوجها المسلم» ولم تؤدٌ به عبادةء 
وفى قول مالك - رحمه الله - نص صريح بهذا المعنى» فى قوله: ولا يتوضا بما 
توضئ به مرة؛ إشارة للعبادة» وإزالة المانع معاء ونقل صاحب الطراز عنه: التفرقة 
بين الحدث والتجديد» قال: وسوى (ح) فى المنعء ويرد على من قال بنجاسته: أن 
السلف الصالح كانوا يتوضئونء والغالب تطاير البلل على ثيابهم» والتصاق ثيابهم 
بأعضائهم وهى مبلولة» وما نقل عنهم التحرز عنه؛ فدل ذلك على طهارته. 

الفرع الثانى: من التبصرة: قال مالك فى البئر يقع فيها سعف النخل وورق 
الزيتون؛ فيتغير لون الماء: إن توضأً به أعاد فى الوقت؛ لأنه لا يتغير إلا وقد تغير 
طعمه. وكذلك قال فى الغدير ترده الماشية فتغيره بروثها: ما يعجبنى ولا أحرمه» 
والمعروف من المذهب أنه غير مطهر. 

القسم الرابع : 

المختلط من الطهور وغيره» ويتصور ذلك - وإن قلنا إن الباقى على خلقته طهور 
وغير الباقى غير طهور - بأن يكون متغيرًا بقراره أو لازمه» إلى لون نجاسة وقعت 
فى بعضهء فالتبس بالبعض الآخرء أو بصيرورة ماء بعض النبات - كماء الورد أو 
غيره - على صفة الطهورء ثم يلتبس بالطهور. 

وفى الجواهر: فإن وجد ما يتيقن طهوريته لم يجتهدء وإن لم يجد فللأصحاب 
أربعة أقوال: 

قال محمد بن مسلمة: يتوضأ بالإنامين وضوءين» ويصلى صلاتين» ويغسل 
أعضاء وضوئه من الإناء الثانى قبل وضوئه منهء إن كان أحدهما نجسا؛ لإمكان 





كتاب الطهارة + ١‏ 58 





الوصول إلى اليقين» كمن نسى صلاة من خمس» قال الأصحاب: وهو الأشبه بقول 
مالك» رحمه الله . 

وقال عيد الملك مثلهء إلا الغسل من الإناء الثانى قبل الوضوء؛ لعدم تيقن ْ 
النجاسة . 

وقال ابن المواز: يتحرى أحدهما فيتوضأ به» كما يصلى إلى جهة من الجهات 
عند التباس جهة الكعبة. 

فرع على هذا: قال بعض العلماء: الاجتهاد فى الأوانى يختص بالبصيرء وقيل: 
لا يختص» بل يصح من الأعمى؛ لإدراكه الطعم والرائحة» وزيادة الإناء بعد نقصه. 

وقال سحنون - أيضًا -: يتيمم ويتركهاء ولا يشرع له التحرى» كأخته من 
الرضاع إذا اختلطت بأجنبية. قال الطرطوشى فى تعليقه: بخلاف الثياب المشتبهة؛ 
فإنه لا بدل لهاء وههنا بدل» وهو التيمم. 

وقال صاحب الطراز: إذا أصابت النجاسة أحد الثوبين وجهل» لا يصلى فيهما 
حتى يغسلهماء وإنما يتحرى فيهما عند الضرورة» فلو شك فى موضع من الثوب. 
وتبقن الإصابة فى موضع آخرء غسل المتيقن ونضح المشكوك» وإذا قلنا بالتحرى 
فى الثوبين فلا يتحرى فى جهات الثوب» إذا اختلط عليه النجس بالطاهر من 
الجهتين» والفرق: أن التحرى فى الثوبين يوجب الصلاة فى أحدهما بغير غسل» 
ولابد من الغسل فى الثوب» نعم: لو لم يجد من الماء ما يعم الثوب ولم يجد 
غير الثوب» وضاق الوقت - تحرى. 

وفى الجواهر: يتحرى بين الثوبين» ولم يشترط الضرورة. قال: وقيل: إنه 
يصلى بكل واحد صلاة. 

قال: وقال القاضى أبو بكر: والصحيح الأول» قال: فلو أصاب بعض ثوبه 
نجاسة لم يجز التحرى» ولو قسمه بنصفين لم يجز التحرى بينهما؛ لجواز انقسام 
النجاسة فيهما. 

ولو أصابت أحد الكمين» قال القاضى أبو بكر: جاز الاجتهاد كالثوبين» 
باختلاف بين العلماءء قال: فإن فصلهما جاز الاجتهاد إجماعا. 





)١(‏ فى ش: لا. 


بيان: النضح - بالحاء المهملة - ينطلق على الغسل» ومنه سمى البعير الذى 
يستقى : ناضحاء وينطلق على الرش؛ وبالخاء المعجمة: على ما يكثر صب الماء 
فيه» ومنه قوله - تعالى -: عبان اتان [الرحمن: 57]» وقيل: ينطلق على 
ما ينبم من السفل كالفوران. 

فرع : إذا قلنا: يصلى بكل إناء صلاة» فهل يفرق بين ما قل وبين ما كثر كما فرقنا 
فى ترتيب الصلوات؟ أشار الطرطوشى إلى الفرق. 

فائدة: الأصل ألا تبنى الأحكام إلا على العلم؛ لقوله - تعالى -: ولا لقف ما 
يس لک يي علي [الإسراء: ١‏ لكن دعت الضرورة للعمل بالظن؛ لتعذر العلم فى 
أكثر الصورء فتثبت عليه الأحكام؛ لندرة خطئه وغلبة إصابته» والغالب لا يترك 
للنادر» وبقى الشك غير معتبر إجماعاء ثم شرط العمل بالظن : اقتباسه من الأمارات 
المعتبرة شرعا. 

ثم حيث ظفرنا بالعلم لا نعدل عنه إلى الظن» كتحصيل صلاة من خمس بفعل 
الخمس» وحيث لم نظفر به اتبعنا الظن . 

ثم الظن: قد ينشأ عن أمارة شرعية» وتتعدد موارده؛ فيتخير» كإخبار بينات 
متعددة بما يستفاد من الشهادة. وقد لا تتعدد موارده» بل تنحصر جهة الظن الناشئ 
عن الأمارة فى مورد؛ فيتعين علينا اتباع ذلك المورد كجهة الكعبة؛ فإن المظنون عن 
الأمارة فيها ليس إلا جهة واحدة» وما عدا تلك الجهة .يغلب على الظن عدم كون 
الكعبة فيها. 

وقد لا ينشأ عن أمارة شرعية؛ فلا يعتبر شرعاء وإن كان أرجح فى النفس من 
الناشئ عن الأمارة الشرعية : كشهادة ألف من عباد أهل الكتاب بفلس؛ فإنا لا نتبع 
هذا الظن» ولا يثبت الفلس» وإن قوى فى أنفسنا صدقهم» وكذلك الأخت مع 
الأجنبية» لما لم ينصب الشرع عليها أمارة وجب التوقف. وعلى هذه القاعدة تتخرج 
مسألة الأوانى» وكثير من مسائل المذهب. 





)١(‏ فى ط: يفور. 


كتاب الطهارة ج ۱ 1۷۱ 





فروع أربعة : 

الأول: لو صلی بما يغلب على ظنه طهوريته؛ ثم تيقن نجاسته - غسل أعضاءه 
وتوضأ وأعاد. وإن ظن ذلك» فقولان مبنيان على نه تقض الظن بالظن» كالمصلى إلى 
القبلة IS‏ 

الثانى: قال: يترتب على قول محمد بن مسلمة» إذا توضأ بالإناءين وصلى 
وحضر صلاة أخرى وطهارته باقية» والذى توضا به ثانيا معلوم - صلی بطهارته» 
وغسل أعضاءه من الذى توضأ به أولاء وتوضأ منه وصلى. وإن لم تكن طهارته 
باقية» أو كانت لكنه لا يعلم الذى توضأ به آخرًا - توضأ بالإناءين» كما تقدم. 

الثالث: قال الإمام أبو عبد الله: لا تصح صلاة من صلى خلف من يعتقد أنه 
توضأ بنجس ولو كثرت الأوانى والمجتهدون. قال صاحب القبس: إذا اختلف ثلاثة 
فى ثلاثة أوان نجس وطاهرين» توضأ كل واحد مما يراه طاهراء ويؤم أحدهم ثم 
الثانى» ولا يؤمهم الثالث؛ لأن إمامة الأول يحتمل أن يكون النجس مع أحد 
المأمومين» أو معه. والثانى يحتمل أن يقول. الثالث: يجوز أن يكون النجس وقع 
فى حقى فصلاة إمامى صحيحة. وإمامة الثالث تنعين النجاسة له؛ فلم تجز. ومتى 
زاد عدد الأوانى أو عدد الرجال إذا(') بقى واحد طاهر جازت الإمامة أبداء حتى 
يبقى واحد منها فيمتنع» فإن كانت الأوانى اثنتين وأم أحدهما الآخرء فلا يجوز أن 
يؤم الثانى » عند علماء الأمصار إلا أبا ثور؛ لعدم تيقن الخطأء ولأن المأموم يرى أن 
صلاة الإمام صحيحة فى حقه؛ فيجوز له اتباعهاء وهذه المسألة مبئية على تصويب 
المجتهدين» كما قال. 

وقد قال أصحاب (ش) فى هذه المسألة الأولى ثلاثة أقوال: 

قال صاحب التلخيص : لا يصح الاقتداء مطلقًا؛ لأجل الشك فى صلاة الإمام. 

وقال أبو إسحاق: الصلاة الأولى صحيحة لكل واحد فى اقتدائه» وفى الاقتداء 
الثانى تبطل إحدى صلاتيه ؛ فيلزمه قضاؤهما ليخرج عن الصلاة بيقين. 

وقال ابن الحداد: الاقتداء الثانى فى حق كل واحد باطل؛ لأن فيه يتعين تقدير 
النجاسة . 


(۱) فى ش: أو. 


1۷۲ ج١1‏ كتاب الطهارة 





الرابع : قال: حيث قلنا بالاجتهاد بين الماءين فقد خرج القاضى أبو محمد() 
عليه جواز الاجتهاد بين الماء والبول» خلافا ل (ش) و (ح)؛ لأن حقيقة الاجتهاد 
تميز الحق عن الباطل» وههنا كذلك» قال القاضى أبو بكر: هو الذى تقتضيه 
أصولناء وبه أقول. 

الوسيلة الثالثة - تمييز النجس من غيره: 

والعالّم: إما جماد أو نبات أو حيوان. 

وفى الجواهر: والأولان طاهران إلا المسكرات» للإسكار؛ لأنها مطلوبة 
الوبعاد» والقول بتنجيسها يفضى إلى إبعادهاء والمفضى إلى المطلوب مطلوب. 

والحيوان فيه أربعة فصول: الأول: فى أقسامهء والثانى: فى أجزائه» والثالث: 
فيما ينفصل عنه» والرابع: فيما يلابسه. 

الفصل الأول - فى أقسامه» وهى خمسة: 

وفى الجواهر: الحى كله طاهر؛ عملا بالأصل» ولأن الحياة علة الطهارة عملا 
بالدوران فى الأنعام؛ فإنها حال حياتها حية طاهرةء وحال موتها ليست حية 
ولا طاهرة؛ والدوران دليل عليه المدار الدائر؛ فيلحق به محل النزاع» كالكلب 
والخنزير ونحوهما. 

فإن قيل: الأنعام المذكاة طاهرة؛ فبطل الدوران. 

قلنا: علل الشرع تخلف بعضهاء والذكاة علة مطهرة إجماعا. 

الثانى : قال: الميتة حتف أنفها كلها نجسة؛ لاشتمالها على الفضلات المستقذرة 
إلا ميتة البحر؛ لقوله - عليه السلام - فى الموطأ: «مُوَ الطَهُورٌ مَاؤُهُ الْجلكة 
ه20 والحل دليل الطهارة. 

الثالث: قال: ميتة ما ليست له نفس سائلة طاهرة؛ لعدم الدم منه الذى هو علة 
الاستقذار؛ لقوله - عليه السلام - فى البخارى: (إذًا وَقَعَ الذبَّابُ فى إِنَاءٍ أَحَدِكُمْ 
َليْفمسْه كله نم يطرخ ولو كان ينجس بالموت - مع أن الغالب موته - لكان - 
عليه السلام - أمر بإفساد الطعام. 





)1( فى ش: أبو بكر محمل . 
۳( أخرجه البخارى 2)775١(‏ (لاملاه), وأبو داود (2)845 وابن خزيمة 2))٠١5(‏ وابن 2 


كتاب الطهارة ج ۱ 1۷ 





وقال أشهب و(ش) - رحمهما الله -: ينجس؛ لأن الموت عندهما علة التنجيس 
دون احتقان الدم لقلته» ووافقناهم على أن الأنعام إذا قطعت من أوساطها وخرجت : 
دماؤها أنها نجست بالموت» مع انتفاء الدم» فإذا استدللنا نحن بالذكاة احتجوا بهذه 
الصورة. 

والجواب عنه: أن الشرع لم يسلطنا على الحيوان إلا بشرط انتفاعنا به» وأن 
نسلك أقرب الطرق فى ذلك» وأقرب الطرق هو الذكاة فى الموضع المخصوص» 
فمن عدل عنه لم يرتب الشرع على فعله أثراء فسوى بين هذه الصورة وبين التى 
احتقنت فيها الفضلات؛ زجرا له. 

فرعان: 

الأول: للمازرى فى شرح التلقين: ألحق ابن القصار البرغوث بما له نفس 
سائلة ؛ لوجود الدم فيه › وألحقه سحنون بما لا نفس لهء وألحق (ح) البعوض 
بالجرادء مع وجود الدم فيه. ومنشأ الخلاف: النظر إلى أصالة الدم أو طَرُوٌه. 

الثانى : من الطراز: إذا مات البرغوث أو القملة فى الطعام» ألحقه ابن القصار بما 
له نفس» وخالفه سحنون وابن عبد البر. 

هذا إذا لم يكن فيهما دم» فإن كان: وافق ابن عبد البر ابن القصار فى التنجيس» 
وأكثر أصحابنا يقولون: لا يؤكل طعام مات فيه أحدهما؛ لأن عيشهما من دم 
الحيوان» ومنهم من قضى بنجاسة القملة؛ لكونها من الإنسان تخلق» بخلاف 
البرغوث؛ فإنه من التراب» ولأنه وثاب فيعسر الاحتراز منه. 

كشف: للنفس ثلاثة معان: 

يقال لذات الشىء نحو: جاء زيد نفسه. 

وللروح› كقوله - تعالى -: يرق الاش جيك مَوْتِهسا4 [الزمر: .]٤١‏ 
وللدم› كقول این دريد: 

خير النفوس السائلات جهرة ‏ على ظباة المرهفات والقنا 

ومنه سميت النفساء؛ لخروج الدم منها. 





= ماجه (2)960:6 من حديث أبى هريرة. 
وآخرجه أحمد (/ 2074 وابن ماجه (604”) من حديث أبى سعيد الخدرى. 


ع1 + 1١‏ كتاب الطهارة 


فقول العلماء: ما ليست له نفس سائلة - احتراز من الأولين» وإلا فكل دم 

الرابع : الآدمى إذا مات» طاهر على أحد القولين؛ لأن الأمر بغسله وإكرامه يأبى 
تنجيسه؛ إذ لا معنى لغسل الميتة التى هى بمنزلة العذرة. 

ولما فى الموطأ أنه - عليه السلام - صلى على سهل ابن بيضاء فى المسجدء 
ولو كان نجسا ما فعل - عليه السلام - ذلك. 

الخامس: الكلب. 

فى الجواهر: أطلق سحنون وعبد الملك عليه التدجيس» وكذلك الخنزير. إما 
لنجاسة عينهماء وإما لملابستهما النجاسة» فيرجع إلى نجاسة السؤر. وقد قال - 
عليه السلام - فى الموطأ: إا وَلَعْ الْكَلْبُ فى إِنَءِ أحَدِكُمْ فَليَعِْلهُ سَبْعَاه0©؛ ومن 
هذا الحديث تتخرج فروع المذهب فنذكرها فى أثناء [فقهه و)" الكلام على 
ألفاظهء فنقول: 

قوله: «إذا ولغ؛» هل يختص بالماء؛ عملا بالغالب» أو يعم الماء والطعام؛ 
لحصول السبب فى الجميع؟ قولان. 

وقوله «الكلب»؛ هل يختص بالمنهى عن اتخاذه؛ فتكون اللام للعهدء أو يعم 
الكلاب؛ لعموم السبب؟ قولان. 

وإذا قلنا بالعمومء فولغ فى الإناء جماعة كلاب أو كلب مرارا: هل تتداخل 
مسببات الأسباب كالأحداث» أو يغسل لكل كلب سبعاء وللكلب» كذلك؟ قولان. 

وقوله: «فليغسله»» هل يحمل على الندب» أو الوجوب؟ قولانء إما لأن الأمر 
للوجوب» لكن ههنا قرائن صرفته عنه» وإما للخلاف فى صيغة الأمرء وهل هذا 
الأمر تعبد؛ لتقييده بالعدد» كغسل الميت» ودلالة الدليل على طهارة الحيوان كما 
تقدم؟ أو هو معلل بدفع مفسدة الكلب عن بنى آدم؛ لأن الكلب فى أول مباشرة 
)١(‏ أخرجه مالك (۲۲۹/۱ء ۲۳۰) رقم (۲۲)» ومسلم 2)578/١(‏ رقم (4۷۳/۹۹) من 

حديث عائشة قالت: ما صلى رسول الله ية على سهيل ابن البيضاء إلا فى المسجد. 
(؟) أخرجه البخارى (۱۷۲) ومسلم :)774/١(‏ وأبو داود (۷۱)ء والترمذى (41)» والنسائى 
(1/ ۷۷( وابن ماجه (7715)) وأحمد (۲/ ۰۲٠۵‏ ۲۷٤)ء‏ وغيرهم من طرق كثيرة عن أبى 


هريرة. 
(۳) سقط فى ش. 


كتاب الطهارة ج۱ 1Yo‏ 





الماء يعلق لعابه بالإناء وهو سم؟ ويؤكد ذلك أمره - عليه السلام - فى بعض الطرق 
باستعمال التراب؟؛ لزوال اللزوجة الحاملة للسم» وأما عدد السبع فمناسبة 
بخصوصية" لدفع السموم والأسقام» قال - عليه السلام - فى مرضه لأَمَرِيقُوا عَلَىَ 
ين سبع قرب لَمْ تخل ويهر وقال - عليه السلام -: «من تَصَبْحَ بسع 
تَمْرَاتِ عَنْوَةٍ لَمْ يَضْرْهُ ذلك الْيَْمَ سم ولا خرً؛ ولذلك أمر بالرقى سبعا فى 
قوله: «أَعُودُ رة الله وَعَطَمَته وَقدرَيهِ مِنْ شر ما تد وَإذَا جاء أَمرُ الله سَلَامْمِنّ 
الله وَالْحَمْدُ لله . 

أو هو معلل بنجاسته؛ لقوله - عليه السلام -: «طْهُورٌ اء أَحَدِكُمْ إذا وَلَعْ اْكَلْبٌ 
فيه أن يَعْسِلَهُ سَبّْو0)» والطهارة ظاهرة فى النجاسة. 

ويخرج على هذا: هل يغسل بالماء الذى فى الإناء لطهارته» أو لا يغسل 
لنجاسته؟ قولان. وهل يؤكل الطعام» أو يطرح؟ قولان. وهل يمتنع القياس على 
الكلب؛ لأنه تعبد» أو يلحق به الخنزير بجامع الاستقذار؟ قولان. وهل هذا الأمر 
على الفور؛ لأنه تعبدء والعبادات لا تؤخرء أو لا يتعين غسله إلا عند إرادة 
استعماله؛ بناء على نجاسته؟ قولان» واختار عبد الحق وسند التأخير. 

فروع أربعة من الطراز: 

الأول: الأمر بالغسل مختص بالإناء؛ فلو ولغ من حوض أو نهر فإنه لا يتعدى 
الحكم إليه؛ لأنه تعبد. 

الثانى : الحكم مختص بولوغه؛ فلو أدخل يده أو رجله فلا أثر لذلك» خلافا 
ل (ش). 





)١(‏ ينظر الحديث السابق. 

(۲) فى ط: بخصوصه. 

(۳) آخرجه البخارى (۱۹۸) من حديث عائشة. 

(E) >‏ أخرجه البخارى »)٥٤٤٥(‏ ومسلم مر رقم 2))5١1//165(‏ من حديث سعد بن 
أبى وقاص . 

)0( أخرجه مسلم 30 وأبو داود )۴۸41((« والترمذى )+۹۸( وابن ماجه 
(2)"077 وأحمد »)۲۱/٤(‏ وغيرهم من حديث عثمان بن أبى العاص الثقفى . 

وقال الترمذى: حسن صحبح. 


الثالث: إذا استعمل الإناء فى الماء القليل قبل غسله» هل يعتد به أو يغسل سيعا 
بعد ذلك؟ يتخرج على اشتراط النية فى غسله. 

قال الباجى: لا تشترط» ويحتمل أن تشترط ؛ قياسا على اشتراطها فى النضح» 
ويحتمل الفرق؛ فإن الغسل مما يزيل اللعاب» والنضح لا يزيل شيئا؛ فكان تعبدا 
بخلاف إناء الكلب. 

الرابع: هل يشترط الدلك قياسا على الوضوء بجامع"' التعبد به» أو لا يشترط 
ويكفى إمرار الماء عليه؟ ليس فى ذلك نص» ويحتمل ألا يشترط ؛ لأن غسله خرج 
عن المتعارف» وإمرار الماء قد يسمى غسلاء وقد قدمت المشهور عن مالك - 
رحمه الله - فى حكاية الخلاف على العادة» فى الكتاب. 

تحقيق: قال فى الكتاب: وقد كان يضعفهء وقال: قد جاء هذا الحديث 





وما أدرى ما -حقيقته؟ 

من التنبيهات: قيل: يضعف العمل به؛ تقديما للكتاب والقياس عليه؛ لأن الله - 
تعالى - أباح أكل ما أمسك الكلاب عليه ولم يشترط غسلا» والقياس على سائر 
الحيوان. وقيل: يضعف العدد. وقيل: إيجابه للغسل» وهو معنى قوله: وما أدرى 
ما حقيقته؟ أى: ما المراد به من الحكم؟ 

ويقال: ولغ يلغ» بالفتح فيهما. 

من الطراز: يضعف علة الحكم حتى يقاس عليه الخنزير. 

الفصل الثانى - فى أجزاء الحيوان» وقد تقدم حكم لحمه: 

فى الجواهر: والعظم والقرن والظلف والسن كاللحم؛ لحلول الحياة فيهاء 
وانحصار فضلاتها فيها بعد الموت؛ فتكون نجسة. 

وقال ابن وهب: لا تنجس بالموت؛ لقلة فضلاتهاء بخلاف اللحم. 

وهل تلحق أطراف القرون والأظلاف بأصولها أو بالشعور؛ لعدم حلول الحياة 
فيها؟ قولان. 

والأصواف والأوبار والشعور طاهرة» قاله فى الكتاب» ووافقه (ح)» وتردد قول 
(ش). 





000( فی ط: لجامع . 
(۲) فى أء ش: اليد. 


كتاب الطهارة جا 1Y‏ 


حجتنا: أنها طاهرة قبل الموت؛ فتكون طاهرة بعده عملا بالاستصحاب» 
واستحسن فى الكتاب غسلها؛ لأن الجلد قد يعرق بعد الموت. 

قال صاحب الطراز: قال ابن المواز: ما نتف منها فهو غير طاهر؛ لما تعلق به من 
أجزاء الميتة . 

وفى شعر الخنزير خلاف [: فمذهب ابن القاسم أنه كشعور الميتة» ومذهب 
أصبغ أنه كالميتة.]27 وناب الفيل نجس؛ لتعذر ذكاة الفيل غالبا فيكون كعظام 
الميتة» وقيل: طاهر؛ لشبهه بالقرن والأظلاف. 

وقال مطرف: إن صلق فهو طاهر كالمدبوغ من الجلود الميتة» وإلا فلا. وشعر 
الريش كالصوف» وعظمه إن حل فيه الدم كالعظمء وإن لم يحل فيه الدم فعلى 
القولين فى طرف القرن [رالظاف]' . 

والجلدء بخلاف اللحم فى تطهير الذكاة له فى السباع: إما بناء على القول 
بالكراهة» وإما لأن الدباغ يعمل فى جلد الميتة دون لحمها؛ فكان أخف. 

وکل شىء أبين عن حى مما تحله الحياة فهو ميت؛ لأنه - عليه السلام - قدم 
المدينة وهم يحتزون أسنمة الإبل وأليات الغنمء فقال: «ما أبن عَنِ الْحَئْ فهو 
200 

الفصل الثالث - فى المنفصل عن الحيوان: 

وفى الجواهر: ما ليس له مقر كالدمع والعرق فطاهر؛ لما فى البخارى: أنه - 
عليه السلام - استقبلهم [على فرس عرى0: وفى الدارقطنی]: أنتوضاً بما 


)١(‏ سقط فى أ» ش. 

(۲) سقط فى ش. 

)0 أخرجه أحمد (4/6١5؟)2‏ وأبو داود (864؟)2 والترملی »)۱٤۸۰(‏ والدارمى )4۳/۲( 
من حديث أبى واقد الليثى. وقال الترمذى: حديث حسن غريب. 

وصححه الحاكم () على شرط اليخارى» وقد اختلف فى إسناده» ورجح بعضهم 

إرساله. وينظر العلل لابن أبى حاتم .)۱٤١۹(‏ 

)٤(‏ فى ش: متفذ. 

(0) أخرجه البخارى »)٠٤١(‏ ومسلم /٤۸(‏ ۲۳۰۷) والبغوى فى شرح السئة (47/1) من 
حديث أنس بن مالك. 

0( فى ش : على فرس عدىء وفى البخارى . 


۱۷۸ ج ١‏ كتاب الطهارة 





أفضلت الحمر؟ قال - عليه السلام -: «لَعَمْ» وَيِمَا أمُضَلْتٍ السب( . ولأن الحياة 
علة الطهارة؛ فتكون أجزاء الحى طاهرة إلا ما أخرجه الدليل . 

والمسك وفأرته طاهران؛ لأنه - عليه السلام - كان يتطيب به. 

والدم المسفوح نجس إجماعاء وغير المسفوح طاهر على الأصح؛ لقوله - 
تعالى -: أو دما سفوا [الأنعام: ]٠٤١‏ فمفهومه: أن ما ليس بمسفوح مباح 
الأكل؛ فيكون طاهرا. 

والأعيان النجسة كالبول والدم ونحوهماء لا يقضى عليها بنجاسة فى باطن 
الحيوان؛ لصحة صلاة حامل الحيوان الحى؛ كما وردت السئة: «صلى بصبى»7©, 
ولو حمل الإنسان عصفورا وصلى بهء لم أعلم فى صحة صلاته خلافا. 

والدماء كلها سواء. حتى دم الحيتان؛ طردا للعلةء وخصصه الشيخ أبو الحسن؛ 
لعدم اشتراط ذكاته . 

ولمالك فى دم الذباب والقراد قولانء كما سبق. 

وعفا مالك رحمه الله مرة عن يسير القبح والصديد؛ كيسير الدم» وألحقه مرة 
بالبول؛ لمزيد استقذاره على الدم. 

وفى الطراز: القىء والقلس طاهرانء إن خرجا على هيئة الطعام. 

والمعدة عندنا طاهرة؛ لعلة الحياة» والبلغم والصفراء ومرائر ما يؤكل لحمه. 

والدم والسوداء» نجسان» فإذا خالط القىء أو القلس أحدهما أو عذرة تنقلب إلى 
جهة المعدة» تنجس . 

والبول والعذرة نجسان من بنى آدم» وقيل: إلا ممن لم يأكل الطعام؛ لما فى 
الموطأ: «أن أم قيس أنت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إليه - عليه السلام - 
فأجلسه فى حجره فبال على ثوبهء فدعا عليه السلام بماء فنضحه ولم يغسله9© . 





/١( أخرجه الشافعى فى الأم (5/1)» وعبد الرزاق فى «المصنف» (۲١٠۲)ء والدارقطنى‎ )١( 
عن أبى يحبى عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر.‎ «(1Y 
وإستاده ضعيف جدّاء وقد تقدم الكلام على إبراهيم . وداود وأبوه ضعيفان.‎ 
من حديث أبى قتادة أن النبى !2 كان‎ »)٥٤۳( (؟) أخرجه البخارى (2)615 (2)0445 ومسلم‎ 
يصلى وهو حامل أمامة بنت زيلب بنت رسول الله يلق فإذا قام حملهاء وإذا سجد وضعها.‎ 
/۱۰۳( والبخارى (۲۲۳)» ومسلم (۲۳۸/۱) رقم‎ 2)11١( رقم‎ )14/١( أخرجه مالك‎ )۳( 
= .)٥۲٤( والترمذی (۷۱)ء والنسائى (۱۵۷/۱)» وابن ماجه‎ »)۴۳۷۶٤( وأبو داود‎ )۷ 


كتاب الطهارة + ۱ ١/4‏ 





وقيل: ذلك فى الذكر دون الأنثى؛ لأنه تميل النفوس إليه فيحمل» بخلافها. 
والمشهور الأول؛ لأن غذاء الجنين من دم الحيض» وهو نجس إجماعا. وأما 
الحديث : فالنضح فيه محمول على إتباعه بالماء وهو طرى» فذهبت أجزاء الماء 
بأجزاء النجاسة» وهو المقصود من التطهير. 

من التبصرة: ولا خلاف فى نجاسة ثفلهما وإن لم يأكلا. 

فى الجواهر: وهما طاهران من كل حيوان مباح الأكل» مكروهان من المكروه» 
نجسان من المحرم؛ لما فى مسلم : «قدم على رسول الله َة قوم من عكل أو عرئة؛ 
فاجتووا المدينة» فأمر لهم - عليه السلام - بلقاح» وأمرهم أن يشربوا من أبوالها 
وألبانها. . .»27 الحديث» مع قوله - عليه السلام -: «إِنّ الله - تَعَالَى - لَمْ يُجَعْلْ 
شِمَاة أُمْتِى فِيمَا حَوْعَ ياء والمراد بالجعل: المشروعية؛ فدل ذلك على 
طهارتهاء وإلا لما أمرهم بذلك» ولأن غذاء المباح طاهرء وأمعاءه طاهرة» وإلا لما 
كانت مباحة. 

وتغير7) الطاهر فى الطاهر لا ينجسهء كالمتغير فى الآنية» وأما المحرم فتختلط 
به رطوبات الأمعاءء وهى محرمة نجسة)؛ فينجس الطعام» وقد ظهر بذلك 
المكروه. 

وقيل: نجسان من الجميع؛ طردا لعلة الاستقذار» وفرق للمشهور: بأن 
الاستقذار فى البول والعذرة أتم منه فى مأكول اللحم» والقاصر عن محل الإجماع 
لا يلحق به؛ فلا ينجس من أرواث المأكول» وهو المطلوب. 

والمذى وكل رطوبة أو بلل يخرج من السبيلين فهو نجس» ومنه المنى» خلافا 





= وأحمد /٦(‏ ۵٥۲۵ء‏ 105) من حديث أم قيس بنت محصن. 
)1( أخرجه البخارى )(« ومسلم )141/0( رقم 11۷1/۹( من حديث أنس بن 


مالك. 

(۲) أسخرجه أحمد فى (الأشربة» (۹١٠)ء‏ وأبن حبان (۱۳۹۱)ء والبيهقى »)٥/۱۰(‏ من حديث 
أم سلمة. 
۴ 


)۳( فى ش: وتعمير. 

)٤(‏ ثبت فى حاشية أ: قوله: نجسة» أى: بعد انفصالها عن الحيوان وخروجها؛ فلا ينافى 
ما قدمه أنها طاهرة وهى فى باطنه. فتأمل لكاتبه. 

)0( فى ش: من ذوات . 


(ش): إما لأن أصله دم» أو لمروره فى مجرى البول» ويتخرج على ذلك منى 
ما بوله طاهر من الحيوان» وقد ورد على الأول: أن الفضلات فى باطن الحيوان 
لا يقضى عليها بالنجاسة» كما تقدم» وليس أصله نجسا؛ فينبغى أن يقال: علة 
التنجيس الاستقذار بشرط الانفصال» وقد حصلت العلة بشرطها فيتعين التدنجيس؛ 
لأنا نتكلم بعد الانفصال. 

ويحقق ذلك ما فى مسلم عن عائشة - رضى الله عنها - أنه عليه السلام كان 
يغسل المنى ثم يخرج إلى الصلاة فى ذلك الثوب» وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه 
ومنه : «أن رجلا نزل ضيفا بعائشة - رضى الله عنها - فأصبح يغسل ثوبه» فقالت 
له: إنما كان يجزيك إن رأيته أن تغسل مكانه؛ وإن لم تر نضحت حوله» لقد رأيتئى 
أفركه من ثوبه - عليه السلام - فركا فيصلى» . 

والألبان طاهرة من مأكول اللحمء وكذلك لبن بئات آدم؛ لأن تحريمهن 
لحرمتهن» ولأن الرضاع جائز بعد انقضاء زمن الضرورة إليه؛ فلو لم يكن مباحا 
لمنع . 

ولبن الخنزير نجس» وما عدا ذلك فمختلف فيه: فقيل: طاهر؛ قياسا على لبن 
بنات آدم» ولبعد الاستحالة وضعف الاستقذار. وقيل: تابعة للحوم؛ لأنها 
فضلاتها. وقيل: مكروهة من المحرم الأكل. 

والبيض طاهر مطلقا؛ لأنه من الطير وهو طاهر. 

الرابع - فيما يلابسهء وفيه] فروع ثمانية: 

الأول: فى الجواهر: ما غذاؤه النجاسة أو غالب غذائه» فروثه نجس؛ لكون 
المنفصل أجزاء المتناول» وقيل: طاهر؛ لبعد الاستحالة. 

الثانى: قال: الأعراق طاهرة» وإن كان صاحبها يتناول النجاسةء وكذلك البيض 





)١(‏ زاد فى ط: طهارة. 

(۲) أخرجه البخارى (۲۲۹)» ومسلم (2)789 وأبو داود (۳۷۳)» والترمذى »)١17(‏ والنسائى 
101/۷0(« وابن ماجه (575)) وغيرهم من حديث عائشة. 

(9) أخرجه مسلم (۲۸۸/ 2021١6‏ وأحمد ۴ ۷). وأبو داود (۰)۳۷۲ والنسائى /١(‏ 
/ا6١)»‏ وابن خزیمة (/8؟)2 وابن حبان (۱۳۷۹)ء وغيرهم من حديث عائشة. 

)٤(‏ سقط فی ش. 


كتاب الطهارة ١‏ 141 


واللبن؛ لبعد الاستحالة» وقيل: نجسة؛ نظرا للتولد. 

الثالث : قال: رماد الميتة والمتحجر فى أوانى الخمر نجس ؛ لأنه جزء النجاسة» 
وقيل: طاهر؛ للاستحالة. 

الرابع : قال: الحيوان الذى شأنه أكل النجاسة الملازم لنا - كالهر والفأرة - 
يقضى بطهارته حتى تتعين نجاسته» وغير الملازم كالطير: إن تعينت نجاسته قضى 
بهاء فإن لم تتعين فمكروه فى الماء؛ ليسارته. ويؤكل الطعام؛ لحرمته. وقيل: 
ينجس؛ عملا بالغالب. وقيل: طاهر؛ عملا بالأصل. 

الخامس : مرتب على الرايع» من التبصرة: إن توضأ بهذا الماء وصلى» قال فى 
المدونة: يعيد فى الوقت؛ مراعاة للخلاف» وإن كان قد أمره بالتيمم مع وجوده؛ 
لنجاسته(). 

السادس: فى الجواهر: سؤر أهل الذمة وشاربى الخمر كسؤر الجلالة» 
ولا يصلى بثيابهم حتى تغسل» وثوب غير المصلى كذلك» إلا ما كان على رأسهء 
ويصلى فى ثياب المصلين» إلا فى الوسط الذى يقابل الفرج من غير حائل؛ لقلة 
معرفة الاستبراء فى الئاس من غير العلماء. 

السابع : من التبصرة: إذا طبخ اللحم بماء نجس» قال مالك: يغسل ويؤكل» 
وقال - أيضا -: لا يؤكل. وهو أحسن؛ لقبول أجزاء اللحم النجاسة» وكذلك فى 
الزيتون يطرح فى ماء نجس» والبيض يطبخ فيهء أو يوجد بعضه فاسدا نجسا وقد 
طبخ مع غيره [قولان]9©. 

الثامن - منها أيضا -: أجرى مالك - رحمه الله - الماء النجس مجرى الميتة 
لا يسقى لبهيمة ولا نبات. وقال - أيضًا -: يجوز. 

وقال ابن مصعب: لا يسقى ما يؤكل لحمه» بخلاف الزرع والنحل27؛ فعلى 
القول الأول» لا يؤكل الحيوان أو النبات الذى شربه حتى تطول مدته وتتغير 
أعراضه» وفى المدوئة: لا بأس أن يعلف النحلّ العسلّ النجس» وفى الترمذى: 





)١(‏ فى ش: لمماسته. 
(۲) سقط فى ش. 
(۳) فى ط: التخل. 


1۸۲ جا كتاب الطهارة 


أنه- عليه السلام - «نهى عن أكل لحوم الجلالة وآلبانها»( . 

قاعدة: تبين ما تقدم» وهى: أن الله - تعالى - إنما حكم بالنجاسة فى أجسام 
مخصوصة» بشرط أن تكون موصوفة بأعراض مخصوصة مستقذرة» وإلا فالأجسام 
كلها متماثلة» واختلافها إنما وقع بالأعراض؛ فإذا ذهبت تلك الأعراض ذهابا كلياء 
ارتفع الحكم بالنجاسة إجماعاء كالدم يصير منيا ثم آدمياء وإن انتقلت تلك 
الأعراض إلى ما هو أشد استقذارا منهاء ثبت الحكم فيها بطريق الأولى» كالدم 
يصير قيحاء أو دم حيض» أو ميتة. 

وإن انتقلت إلى أعراض أخف منها فى الاستقذار» فهل يقال: هذه الصورة 
قاصرة عن محل الإجماع فى العلة؛ فيقصر عنها فى الحكم» أو يلاحظ أصل العلة 
لا كمالها؛ فيسوى بمحل الإجماع؟ 

هذا موضع النظر بين العلماء فى جملة هذه الفروع المتقدمة؛ ولذلك فرق 
علماؤنا - رحمة الله - عليهم بين استحالة الخمر إلى الخلء قضوا فيه بالطهارة» 
وبين استحالة العظام النجسة إلى الرماد؛ لما فيه من بقية الاستقذار وعدم الانتفاع» 
بخلاف الأول. 

وبهذا التقرير يظهر بطلان قول القائل: إزالة النجاسة من باب الرخص» محتجا 
بأن سبب تنجيس الماء وغيره: ملاقاته للنجاسة» فما من ماء يصل إلى المحل إلا 
ويتنجس» والثانى يتنجس بالأول» وهلم جراء حتى لو فرض صب الماء من أعلى 
جبل بإبريق» نجس ما فى الإبريق فوق الجبل بالنجاسة الكائنة أسفله؛ بسبب ملاقاة 
كل جزء لجز" تنجس قبله. 

[ونجيب]0) عن ذلك بأن الأعراض المخصوصة المستقذرة التى حكم الشرع 
لأجلها بالنجاسة منفية بالضرورة» فيما بعد عن النجاسة؛ فلا يكون نجسا. 

الوسيلة الرابعة - إزالة النحاسة : 

والكلام فى حقيقتها وحكمهاء والمستثنيات من أجناسها؛ فهذه ثلاثة فصول. 





(( أخرجه أبو داود «(VAo)‏ والترمذى )£ «(\AY‏ واين ماجه ۱1۸4(« والطہرانی فى 
«الكبير» (2»)17007 والبيهقى (۹/ ۳۳۲)» من حديث ابن عمر. 

(۲) فى ش: آخر. 

() فى ط: بأن نجيب. 


کتاب الطهارة ج ۱ 187 


الفصل الأول: 

فى حقيقتهاء ويتعلق الغرض بنفس الفعل» ويماذا يكون» وفى أى محل يكون؛ 
فهذه ثلاثة أقسام . 

القسم الأول - نفس الفعل: 

وفى الجواهر: ولا بد من إذهاب عينها وأثرهاء فإن بقى الطعم فهى باقية» وأما 
اللون والريح: فإن كان زوالهما متيسرا أزيلاء وإلا تركا. كما يعفى عن الرائحة فى 
الاستنجاء إذا عسر زوالها من اليد أو المحل. 

فروع أربعة: 

الأول: فى الجواهر: إذا انفصلت الغسالة عن المحل متغيرة فهما نجسانء وإلا 





فطاهران. 
الثانى: لا يضر بقاء بعض الغسالة فى المحل إذا كانت متغيرة» ولا يشترط 
العصر . 


الثالث: قال: إذا لم يتيقن محل النجاسة غسل الثوب أو الجسد كله؛ لتحصيل 
يقين الطهارة . 

الرابع : [قال صاحب التلخيص]: لا تشترط النية فى إزالتهاء وقيل: تشترط . 

قاعدة: التكاليف على قسمين: أوامر ونواه: 

فالنواهى بجملتها يخرج الإنسان من عهدتها وإن لم ينوها ولا شعر بهاء نحو: 
خروجنا عن عهدة شرب كل خمر لم نعلمه"ء وقتل كل إنسان لم نعرفه» ونحو 
ذلك. 

والأوامر على قسمين: 

منها ما تكون صورة فعله كافية فى تحصيل مصلحة بغير نية» كرد المغخصوب» 
- وأداء الديون والودائع » ونفقات الزوجات والأقارب والرقيق والبهائم؛ فإن الإنسان 
إذا فعل ذلك بغير نية خرج عن عهدتها؛ لأن المصالح المقصودة منها: الانتفاع بتلك 
الأعيان» وقد حصلت؛ فلا يضر فقد النية. 





)١(‏ فى ش: قيل. 
(؟) فى ش: يعلم. 


:18 ج ١‏ كتاب الطهارة 


ومنها: ما لا تكون صورة فعله كافية فى تحصيل مصلحته كالصلاة والحج 
والصيام؛ فإن المقصود منها تعظيم الرب - تعالى - وإجلاله والخضوع له بهاء 
وذلك إنما يحصل إذا قصد الله - سبحانه وتعالى - بهاء كمن عظم إنسانا بصنع 
طعام لهء فأكله غير من قصده؛ فإن التعظيم للأول دون الثانى. 

فمنشأ الخلاف فى إزالة النجاسة: هل الله - سبحانه وتعالى - حرم على عباده 
المثول بين يديه ملابسين للنجاسات؛ فتكون من باب المحرمات فيستغنى عن النية» 
أو أوجب عليهم أن يتطهروا من الخبث كما يتطهرون من الحدث؛ فتكون من باب 
المأمورات التى لا تكفى صورتها فى تحصيل مصلحتها؛ فتحتاج إلى النية؟ 

تتمة: فى الجواهر: إذا شك فى إصابة النجاسة المحل نضحه؛ لما فى مسلم 
أنه- عليه السلام - أتى بحصير قد اسود من طول ما قد لبث؛ فنضحه فصلى عليه. 

فإن تحقق الإصابة وشك فى النجاسة» فقولان. 

والفرق: أن الاستقذار سبب» والإصابة شرط وتعلق الحكم بسببه أقوى من 
تعلقه بشرطه؛ لأنه يلزم من وجود السبب وجود الحكم» بخلاف الشرط. 

فإن شك فيهما فلا ينضح؛ لأن الأصل عدمها. 

ثم هل يفتقر النضح إلى نية لكونه تعبدا؛ لنشره النجاسة من غير إزالة فأشبه 
العبادات» أو لا يفتقر؛ لكونها طهارة نجاسة؟ 

والنضح عام لما شك فيه إلا الجسد؛ فيتعين غسله لقوله - عليه السلام -: «إذًا 
اسيق أَحَدَُكُمْ مِنْ نومه فَليَْسِل يَدَهُتََانًا؛ فإِنهُ لا يَدرى أَيْنَ بَانَثْ يده ِن" ؛ فأمره 
بالغسل للشك. وقيل: ينضح ؛ طردا للعلة» والقولان فى المدونة؛ لأنه أمر بغسل 
الأنثيين إن خشى أن يصيبهما مذى» وهذا يقتضى استثناء الجسد من قاعدة النضح» 
وقال - أيضا - فيها: النضح طَهُورٌ لما شك فيهء وهذا عام» والأول هو الظاهر من 
كلام صاحب الطرازء وصاحب النكت» والقاضى فى التنبيهات نقله عن العراقيين» 
وهو الأظهر من كلام المدونة؛ فإنه لما نص على خصوص الجسد أمر بالغسل» 





)١(‏ فى أء ش: الشرط. 

(۲) أخرجه البخاری (151)؛ ومسلم (۱/ ۲۳۳) رقم (۲۷۸/۸۸)ء ومالك 2)7١/١(‏ وأحمد 
(؟/ £1( وأبو داود (4 )»)١٠١‏ والنسائى 5/1 وغيرهم من حديث أبى هريرة» وله طرق 
كثيرة جذا عنه . 


کتاب الطهارة ج ۱A0 ١‏ 


وحيث عمم أدرجه مع غيره؛ فيحتمل التخصيص . 

وحكى أبن شعبان وجماعة القول الثانى» وقال صاحب الجواهر: هو المشهورء 
وفيه نظر؛ لما ذكرته من قول المغارية» والعراقيين» وظاهر المدونة. 

فرع فى الجواهر - مرتب على من أمر بالنضح فصلى بلا نضح: 

قال ابن القاسم وسحنون: يعيد الصلاة؛ لتركه فرضا. وقال أشهب وابن نافع 
وعبد الملك: لا إعادة عليه. وعلله القاضى أبو محمد: بأن النضح مستحب على 
الخلاف فى ذلك. 

قال القاضى أبو بكر : النضح واجب» ولما لم يكن مزيلا لمستقذر لم يكن شرطا 
فى الصلاةء بخلاف إزالة النجاسة. وقال ابن حبيب: يعيد أبدا فى العمد والجهل» 
إلا أنه قد خفف فيمن احتلم فى ثوبه فلم ينضح ما لم يره؛ لخفة ذلك. 

قال بعض المتأخرين: ولم يقل أحد من الأصحاب بالإعادة من النسيان. 

نظائر خمسة: الأصل: أن الواجب لا يسقط مع النسيان. 

وأسقطه مالك - رحمه الله - فى خمسة مواضع: فى النضح» وغسل النجاسة» 
والموالاة فى الوضوءء والترتيب فى المنسيات» والتسمية فى الذكاة» على القول 
بالوجوب فى هذه الخمسة؛ لضعف مدرك الوجوب بسبب تعارض المآخذء فقوى 
الإسقاط بعذر التسيان. 

القسم الثانى - بماذا يكون التطهير : 

وهو إما إحالة: كالخمر يصير خلاء أو إزالة: كالغسل بالماءء أو بهما: كالدباغ. 

فروع: 

الأول: فى الجواهر: لا يجوز التطهير بغير الماء؛ لقوله - تعالى -: ورلا ين 
لكَمِ مك هراك [الفرقان: 48] والطهور هو: الذى يتطهر به كما سلف أول 
الكتاب؛ فيكون ذلك نصا على سببيته» والأصل عدم سببية غيره» فإن قاس الحنفية 
غيره عليه بجامع المائعية» منعنا صحة القياس فى الأسباب» وإذا سلمت صحتهء 
فرقتا باليسر والرقة واللطافة. 

فإن قالوا: الخل وماء الليمون ألطف منه. 

قلنا: لا نسلم؛ بدليل أن الخبز لا يفرق أجزاءه الخل ولا الليمون بخلافهء وأن 
الليمون إذا وضع فى مواضع العرق سَدَّها للزوجته» ومنعها من الخروج» بخلاف 


۱۸1٦‏ + ۱ كتاب الطهارة 
الماءء وإما إزالته لألوان المصبوغ؛ فذلك لإحالته اللون» لا للطافته . 

الثانى: إذا مسح السيف أو المدية الصقيلين أجزأ عن الغسل؛ لما فى الغسل من 
إفسادهماء وقيل: لأنه لم يبق من النجاسة شىء. ولو مسح البدن مسحا بليغا حتى 
تذهب النجاسة فى الحس لم يطهر؛ لبقاء بعض أجزائها غالباء وقيل: يطهر. 

الثالث: قال فى الكتاب: يغسل مواضع المحاجم» فإن مسح أعاد ما دام فى 
الوقت . 

قال القاضى أبو بكر: الصحيح أنه لا إعادة عليه ليسارة دم المحل. 

الرابع : إذا مسح الدم من فمه بالريق حتى ذهب ففى افتقاره للغسل قولان. 

قال القاضى أبو بكر: والصحيح: تطهيره بالماء إن كان كثيراء وإلا عفى عنهء 
ولا يطهر الريق شيئا. 

القسم الثالث - فى أى محل يكون التطهير: 

والأعيان ثلاثة أقسام: منها ما لا يقبل التطهير كلحم الميتة والدم والبول والعذرة» 
ومنها ما يقبل التطهير كالجسد والثوب» ومنها ما اختلف فيه وفيه صور ثلاث: 

الأولى: جلد الميتةء هل يطهر بالدباغ؟ وقد تقدم. 

الثانية: تطهير"" الخمر بوضع الملح فيها ونحوه حتى تصير" خلا. 

قال ابن رشد فى المقدمات: فيها ثلاثة أقوال: يجوز على كراهية» أو يمنع» 
والقولان لمالك» رحمه الله. ولسحئون: إن اقتناها امتنع» وإن عمل عصيرا فصار 
خلا جاز. 

الثالثة: : الزيت النجس» وفى الجواهر: روى ابن القاسم طهارته بالغسل» 
وقيل: لا يطهر؛ لأن لزوجة الزيت تمنع إخراج الماء لنجاسته» أما إذا كانت النجاسة 
لا تخرج مع الماء - كميتة أو شحم خنزير - فلا خلاف أنها لا تطهر. 

وصورة الغسل: أن يجعل0©) فى قربة أو جرةء ويلقى عليه مثله ماء أو نحو 
ويخضخض ثم يقلب فم الإناء إلى أسفل» وهو مسدود ساعة؛ فيصير الدهن إلى 
)١(‏ فى ش: المطبوع. 
(۲) فى ش: تطهر. 


۳( فى ش: يصير. 
)٤(‏ فى ش: تجعل. 


كتاب الطهارة ج۱ ۱A۷‏ 





القعرء ويبقى الماء عند الفمء فيفتح» فيخرج الماء ويمسك الدهن» ثم يسكب عليه 
ماء آخر. قال المازرى: ثلاث مرات ونحوها. 

الفصل الثانى - فى حكمها: 

فى الجواهر: قال القاضيان ابن القصار وعبد الوهاب: المذهب كله على وجوب 
الإزالة» وإنما الخلاف فى إعادة من صلى بها؛ بناء على كونها شرطا فى الصلاة أم 
لا. 

وقال المازرى: وقع الاتفاق على تأثيم المصلى بهاء ومعنى قول بعض العلماء: 
إنها سنةء أن حكمها علم بالسنة. 

وقال القاضى - أيضا - فى شرح الرسالة» وجماعةٌ: هى سنة. 

والخلاف فى إعادة من صلى بها مبنى على الخلاف فيمن ترك السئن متعمدا. 

واللخمى وغيره من المتأخرين المغاربة يقولون: فى المذهب ثلاثة أقوال: 

الوجوب» وهو رواية ابن وهب؛ لإلزامه الإعادة بعد الوقت ناسيا أو عامدا. 

والاستحباب لأشهب؛ لاستحبابه الإعادة فى الوقت عامدا أو ناسيا. 

والوجوب مع الذكر والقدرة دون النسيان والعجزء وهو ظاهر الكتاب؛ لإيجابه 
الإعادة على غير المعذورء بعد الوقت» وأمْر المعذور بالإعادة فى الوقت. 

فروع أربعة من الطراز: 

الأول: إذا ذكر النجاسة وهو فى الصلاة قطع صلاتهء أمكنه طرحه أو لم يمكن» 
على ظاهر الكتاب. وقيل: لا يقطع إذا طرح ما عليه لتوه؛ لأنه - عليه السلام - 
خلع نعله ولم يعد" . وقيل: لا يقطع فى الحالين: إما لأن إزالة النجاسة أخف» أو 
قياسا على الرعاف. والفرق: أن التحرز من النجاسة ممكن بخلاف الرعاف. 

زاد ابن الجلاب فى هذا الفرع: إن لم يمكنه طرحه. 

قال عبد الملك: يمضى على صلاته ويعيدها فى الوقت» فإن لم يذكر ذلك حتى 
فرغ أعاد فى الوقت استحباباء فإن تعمد خروج الوقت فلا إعادة عليه عند ابن 
القاسمء وقال محمد وعبد الملك: يعيد بعد الوقت. 
)١(‏ أخرجه أبو داود (500)» والدارمى (۱/ ۳۲۰)ء والحاكم (۱/ 7570)» والبيهقى (؟/ 2407 


))4١‏ وأحمد (۳/ 27١‏ 7)» والطحاوى »)۲۹٤/۱(‏ من حديث أبى سعيد الخدرى. 
وصححه الحاكم على شرط مسلمء ووافقه الذهبى. 


فرع مرتب: إذا قلنا: يقطعء وقد بقى من الوقت ما لا يسع بعد إزالة النجاسة 
ركعة - فيتخرج على الخلاف فيمن إذا تشاغل برفع الماء من البثر حتى خرج 
الوقت» وهذا أولى بالتمادى؛ لأن الصلاة بالنجاسة أخف من الصلاة بالحدث» 
لوجوب رفعه إجماعا. 

الثانى : إن قلنا بالقطع» فنسى بعد رؤيتها وأتم الصلاةٍ. 

قال ابن حبيب: يعيد وإن ذهب الوقت؛ لبطلان صلاته برؤيته» وهذا ظاهر على 
القول بأنه يقطع. وإن قلنا بأنه ينزع ولا يقطع» فالصلاة صحيحة. 

ولو كان ذاهبا قبل الصلاة ونسيهاء ففى الجواهر: قال القاضى أبو بكر عن بعض 
العلماء: إن عليه الإعادة» وإنه مفرط؛ واستضعفه بناء على اختصاص الوجوب 
بوقت الصلاة. 

الثالث: إذا كانت النجاسة تحت قدميه فرآها فتحول عنهاء خرجت على 
الخلاف فى الثوب إذا أمكنه طرحه» وإن كانت حول رجليه فلا شىء عليه . 

الرابع : قال أبو العباس الإبيانى: إذا كان أسفل نعله نجاسة» فنزعه" ووقف 
عليهء جاز كظهر حصير. 

الخامس : من البيان» قال مالك: إذا علم فى ثوب إمامه نجاسة: إن أمكنه إعلامه 
فليفعل» وإن لم يمكنه وصلى أعاد فى الوقت. 

قال يحيى بن يحبى : الإعادة فى الوقت وبعده أحب إلى» وإنما خصصها مالك 
بالوقت؛ مراعاة لقول من يقول: كل مصلل يصلى لنفسهء وكذلك" من علم أن 
الإمام غير متوضئ فليعلمه بذلك» وليستأنف عند سحنون» والذى يأتى على مذهب 
ابن القاسم: أن الكلام لإصلاح الصلاة لا يبطل البناء وعدم الاستئناف» وقيل فى 
المتلبس: إن أمكنه إعلامه بقراءة آية «المدثر»» أو آبة الوضوء فعل» وتمادى على 
صلاته مع مستخلف الإمام» وهو قول الأوزاعى› وقال يحيى بن يحيى وسحتون: 
له أن يخرق الصفوف ويعلمهء ولا يستدبر القبلة. 

وبقية أحكام النجاسة تأتى فى شروط الصلاة. 





)١(‏ فى أء ش: فتحرك. 
(۲) فى ش: فإن نزعه. 
شرف فى ش: ولذلك. 


كتاب الطهارة ج۱ 184 





حجة الوجوب قوله - تعالى -: اب ر4 [المدثر: ]٤‏ وقوله - عليه 
السلام- ة فى الصحيح فى صاحبى القبر - : إن هَلَيْنٍ يبان وَمَا يُعَذَِّانِ بكبير » کال 
أَحَدُهُمَا يَمْشِى بِالنّمِيمَقٍ َألآحَرُ لا ْئ مِنّ الل ومن سنن الدارقطنى عنه - 
عليه السلام - «اشتبرغوا من اء ِن عَامَة عَذَابٍ الْقَبْرِ مك20 ولأن البول تتعلق 
به طهارة حدث» وطهارة خبث» والأولى واجبة إجماعاء فتكون الأخرى كذلك؛ 
عملا باتحاد السبب. 

حجة الندب: ما فى الصحيح - أنه عليه السلام -: خلع نعله» فخلع الصحابة - 
رضوان الله عليهم - نعالهم» فلما سلم قال: دما اكم حَلَغْتُم يعَالكُمْ؟ قالوا : رأيناك 
خلعت فخلعناء قال - عليه السلام -: إن جبريل أَحْبرَنى أن فيها قَذَرَا. ٠‏ وروی : 
أَذّى . ولم يعد صلاته ولا أبطل ما مضى متها . 

وفى الموطأ: أنه - عليه السلام - كان يصلى وهو يحمل أمامة بنت زينب ابنته - 
رضى الله عنها - فإذا سجد وضعهاء وإذا قام حملها“؟ء والغالب على ثياب الصبيان 
النجاسة . 

وقد ألقت قريش على ظهره - عليه السلام - سلى جزور بدمهاء ولم يقطع 
صلاتهء ولا نقل أنه أعادها" . 

ولما تعارضت المآخذ كان النسيان مسقطا للوجوب؛ لضعف مأخذه على 
المشهور. 


(۱) أخرجه البخارى (2715 ۲۱۸)ء ومسلم (۱/ )۲٤١‏ رقم (۱۱۱/ ۲۹۲)› وأحمد (١/76؟)2‏ 
وأبو داود (۲۰). والترمذى (۰)۷۰ وابن ماجه (۷١٤۳)ء‏ والنسائى (۲۸/۱)ء من حديث ابن 
عبالن . 

وقال الترمذدى: حسن صحي 

(۲) أخرجه الدارقطنى AN)‏ وصوب إرساله» وأخرجه أحمد (۳۲۹/۲» ۳۸۸)ء وابن 
ماجه (0)754 والدارقطتی »)١78/١(‏ والحاكم )۱۸۳/١(‏ بلفظ أكثر عذاب القبر من 
البول. 

وأكمله أبو حاتم» وقال: باطل. 
وينظر : التلخيص .)۱۸۸/١(‏ 

قرف تقدم تخريجه من حديث أبى سعید الخدرى . 

)£( تقدم تمخريجه من حديث أبى قتادة . 

(0) أخرجه البخارى )١5٠(‏ من حديث اہن مسعود. 


1۹۹٩‏ ج ۱ كتاب الطهارة 





. الفصل الثالث - فى المستثنيات من أجناسها: 

وتقدم قبل ذلك قاعدة وهى: أن كل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به» 
وكل منهى شق عليهم اجتنابه سقط النهى عنه. 

والمشاق ثلاثة أقسام : 

مشقة فى المرتبة العلياء فيعفى عنها إجماعا: كما لو كانت طهارة الحدث أو 
الخبث تذهب النفس أو الأعضاء. 

ومشقة فى المرتبة الدنياء فلا يعفى عنها إجماعاء كطهارة الحدث والخبث بالماء 
البارد فى الشتاء . 

ومشقة مترددة بين المرتبتين» فمختلف فى إلحاقها بالمرتبة العليا فتؤثر فى 
الإسقاط» أو بالمرتبة الدنيا فلا تؤثرء وعلى هذه القاعدة يتخرج الخلاف فى فروع 
هذا الفصل؛ نظرا إلى أن هذه النجاسة: هل يشق اجتنابها أم لا؟ 

وفى هذا الفصل تسع عشرة صورة: 

الصورة الأولى: قال فى الكتاب: إذا رأى فى ثوبه يسيرا من الدم وهو فى 
الصلاة» مضى على صلاته» كان دم حيض أو غيرهء وإن نزعه فلا بأس. 

من الطراز: قال ابن حبيب: لا [و] إن رآه قبل الدخول فى الصلاة [نزعه]() 
وإنما الرخصة فى الصلاة أو بعدها. وهذا خلاف ظاهر المذهب. 

وقال صاحب الغرائب: إن صلى به عامدا أعاد بخلاف الساهى» والعلة فى العفو 
عنه تكررهء لا خفاؤه. 

واختلف فى اليسير: قال مالك - رحمه الله -: قدر الدرهم. [و] قال ابن عبد 
الحكم: قدر المخرج؛ لأنه معفو عنه. وأنكر مالك - رحمه الله - فى العتبية 
التحديد وقال أبو طاهر: الخنصر يسيرء والخلاف فيما فوقه إلى الدرهم. 

من الطراز: سوى مالك - رحمه الله - بين الدماء فى العفو فى المدونة» وألحق 
فى المبسوط دم الحيض بالبول» وإذا قلنا بالعفو عنهء فظاهر المذهب التسوية بين 
إضافته للحائضء أو لغيرها. 

وقال اللخمى : يختلف فى الدم اليسير يكون فى ثوب الغير ثم يلبسه الإنسان؛ 


)١(‏ سقط فى ش. 


كتاب الطهارة ج١1 14١‏ 
لإمكان الانفكاك عنه. 

وإذا قلنا: لا يعفى عن دم الحيض» فدم الميتة مثله عند ابن وهب» ويعفى عنه 
عند ابن حبيب كدم المذكاة استصحابا لحكمه قبل الموت. 

وإذا قلنا: يعفى عن يسير دم الميتة» فهل يعفى عن يسير دم الخنزير» على ظاهر 
التسوية بين الدماء فى الكتاب» أو يفرق بينه وبين دم الميتة بأنه كان معفوا عنه فى 
حالة الحياة» ومباح الأكل إذا لم يسفح» وبين دم الحيض بأنه دم إنسان» والإنسان 
لا يتميز عن دمه؟ 

وإذا قلنا يعفى عن دم الخنزير والميتة» فهل يعفى عن اليسير من لحم الميتة؛ لأنه 
على حكم الدم» أو لا يعفى عنه وهو الظاهر؛ لإمكان الاحتراز منه. 

الصورة الثانية: من البيان: سئل مالك - رحمه الله - عما ينسجه النصارى 
ويسقونه بالخبز المبلول» ويحركونه بأيديهم» وهم أهل نجاسةء قال: لا بأس بذلك 
ولم يزل الناس يلبسونها قديما. 

قال ابن رشد: ولا فرق فى القياس بين منسوجهم وملبوسهم فى الانتفاع. 

الصورة الثالثة: من التيصرة: قال مالك - رحمه الله -: إذا وقعت قطرة من بول 
أو خمر فى طعام أو دهن لا ينجس إلا أن يكون قليلاء وقاله ابن نافع فى حباب 
الزيت تقع فيها الفأرة . 

وأمكن أن يقال: إن هذا له أصل فى الشرع يرجع إليه؛ فلا يكون رخصة» وهو 
أن القاعدة المجمع عليها: إذا تعارضت المفسدة المرجوحة والمصلحة الراجحةء 
اغتفرت المفسدة فى جنب المصلحة» كقطع اليد المتآكلة لبقاء النفس» ونظائر ذلك 
كثير فى الشرع . 

والنقطة النجسة 'مشتملة على المفسدة» وكل نقطة من المائع مشتملة على 
مصلحةء فنقطة معارضة بنقطة» وبقية المائع سالم من المعارض؛ فيكون المائع 
طاهرا. 

فإن قيل: يشكل ذلك بالقليل من المائع. 

قلنا: الجواب من وجهين: 

الأول: أن عظم المفسدة فى إراقة الماء الكثير أتم . 

الثانى : أن هذه المفسدة يندر وجودها؛ فغلبت فى القليل طلبا للاحتياط . 


۱4۹۲ جا كتاب الطهارة 


الصورة الرابعة: قال فى الكتاب: لا بأس بطين المطرء وماء المطر المنتقع وفيه 
الغذرة والبول والروث» وما زالت الطرق كذلك» وهم يصلون بهء قال الشيخ أبو 
محمد: ما لم تكن النجاسة غالبة أو عينا قائمة. قال أبو الطاهر: ولو كانت كذلك 
وافتقر إلى المشى فيه لم يجب غسله» كثوب المرضعة. 

الصورة الخامسة فى الجواهر: الجرح يمصل الدم وغيره» يعفى عنه ما لم 
يتفاحش . 

الصورة السادسة: الدمل يسيل» يعفى عنه ما لم يتفاحش . 

الصورة السابعة: قال: ثوب المرضع يعفى عن بول الصبى فيه» ما لم يتفاحش . 

قال فى الكتاب: وأستحب لها ثوبا آخر لصلاتها. 

الصورة الثامنة: قال: الأحداث تستنكح ويكثر قطرها وإصابتها الثوب» فيعفى 
عنها ما لم يتفاحش . 

فرع: إذا عفى عن الأحداث فى حق صاحبها عفى عنها فى حق غيره؛ لسقوط 
اعتبارها شرعاء وقيل: لا يعفى عنها فى حق غيره؛ لأن سبب العفو الضرورة» ولم 
يوجد فى حق الغير. 

وفائدة الخلاف: صلاة صاحبها بغيره إماما. 

الصورة التاسعة: قال: بول الخيل بالنسبة إلى الغازى فى أرض الحرب - وقيل: 
مطلقا - يعفى عنه ما لم يتفاحش. 

الصورة العاشرة: قال: الدم على السيف أو المدية الصقيلين » يعفى عن أثره دون 

الصورة الحادية عشرة: الخف يمشى به على أبوال الدواب وأرواثهاء يكفى فيه 
المسح. وقيل: يغسل. 

فروع: 

الأول: من الطراز: قال سحنون: مسح الخف خاص بالأمصار والمواضع التى 
تكثر فيها الدواب» وما لا تكثر فيه الدواب لا يعفى عنه. 

الثانى: من الطراز: حد المسح: ألا يخرج المسح شيئاء مثل الاستجمار فى 
خروج الحجر نقياء وقال أبو ثور: يشترط انقطاع الريح. وليس شرطا كما فى 
الاستنجاء . 





كتاب الطهارة ج١1‏ 14۳ 


الثالث: منه - أيضا -: قال ابن القاسم فى النوادر: يغسل الخف من بول 
الكلب» ولا يمسح» ويشبه أن يلحق به الدجاج المخلاة؛ لندرتها فى الطرقات. 

الرابع : منه: لو مشى بخفه على نجاسة ولا ماء معه فليخلعه» ويتيمم؛ لأن 
التيمم بدل من الوضوءء والنجاسة لا بدل لها. 

الصورة الثانية عشرة: فى الجواهر: النعل إذا مشى به على أرواث الدواب 
وأبوالها دلكهء وصلى؛ لما فى أبى داود عنه - عليه السلام - أنه قال: (إِذّا وَطىَ 
أَحَدُكُمْ عله الأذى كاد الثرَابُ لَهُ طَهُورًاه وفى رواية: (إذًا وَطِى أَحَدَُكُمْ ادى بِحُنْه 
فَطْهُورُهَا الثَرَابٌة. وقال ابن حبيب: لا يجزيه؛ لخفة التزع» بخلاف الخف. 

الثالثة: عشرة: قال: بول من لم يأكل الطعام يغسل على المذهب» وقيل: 
يستثنىء وقيل: الذكر فقطء وقد تقدم تقريره. 

الرابعة عشرة: قال: إذا مشى برجله على نجاسة هل يجب غسلها؛ لخفتهء أو 
يلحق بالنعل؛ لتكرر ذلك» والتفرقة للقاضى أبى بكر بن العربى؟ ثلاثة أقوال. 

الخامسة عشرة: المرأة لما كانت مأمورة بإطالة ذيلها للستر» جعل الشرع ما بعده 
طهورًا له؛ لما فى الموطأ: عن عبد الرحمن بن عوف» عن امرأة7© أنها قالت لأم 
سلمة : إنى امرأة أطيل ذيلى وأمشى فى المكان القذرء فقالت: قال لها النبى - عليه 
السلام -: (يُطَهرُه ما بَعْدَه2"0: وقيل: هذا حديث مجهول؛ لأنه عن امرأة لا تعرف 
حالهاء وحمله مالك - رحمة الله عليه - فى الكتاب: على القشب اليابس. 

والقشب - بسكون الشين المعجمة - هو الرجيع اليابس» وأصله الخلط بما 
يفسدء وقشب الشىء إذا خلطه بما يفسدء وهو رجيع مخلوط بغيره. 

وقال التونسى: الأشبه أن ذلك مما لا تنفك عنه الطرق من أرواث الدواب 
وأبوالهاء وإن كانت رطبة» كما قال مالك فى الخف» وهذا تخريج حسنء بجامع 
المشقة» وهى فى الثوب أعظم؛ لأن كل أحد يمكنه نزع خفه ليجف بعد الغسل» 
)١(‏ كذا ورد فى الكتاب والصواب أنه ليس لعبد الرحمن بن عوف ذكر فى هذا الحديث أصلا 

إنما الإسناد هكذا: عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن 

ابن عوف أنها سألت أم سلمة. 

(؟) أخرجه مالك )۲٤/۱(‏ رقم (١۱)ء‏ وأحمد ۰۲۹۰/۷ ١۳۱)ء‏ وأبو داود (۳۸۳)ء 


والترمذى »)١417"(‏ وابن ماجه »)٥۳۱(‏ وأبو يعلى (5910: 1۹۸۱) من حديث آم سلمة. 
وسنده ضعيف؛ لجهالة فى سئده. 


۱44 جا كتاب الطهارة 





ولیس کل أحد يجد ثوبا غير ثوبه حتى ينزعه. 

وفى أبى داودء فى امرأة من بنى عبد الأشهل قالت: قلت يا رسول الله إن لنا 
طريقا إلى المسجد مبنية» فكيف نفعل إذا مطرناء فقال - عليه السلام -: «ألَيْسَ 
عدا طَرِيقٌ أَطْيّبُ مِْهًا؟؛ قالت بلىء قال: اَهَل بهي . 

فقيل: يطهر الخف ما بعده رطبا أو يابسا؛ لهذه الأحاديث» والمذهب الأول» 
وهو مذهب الكتاب» وخرج الأصحاب عليه: من مشى برجله مبلولة على نجاسة ثم 
على موضع جاف. 

السادسة عشرة: قال : ودم الفم يمجه بالريق حتى يذهب . [لو] لم ير طهارته 
بذلك فى الكتاب» وقيل: يطهرء وقد تقدم تحريره. 

السابعة عشيرة: قال: دم المحاجم» على ما تقدم فى الخلاف فى إزالة النجاسة . 

الثامنة عشرة: من الطراز: يسير البول والعذرة يعلق بالذباب» ثم يجلس على 
المحل يعفى عنه. 

التاسعة عشرة: (فى الجواهر): والأحداث على المخرجين معفو عن أثرها. 

ويتعلق الغرض ههنا بأربعة أطراف: 

الأول: آداب قضاء الحاجة» وهى ثلاثة عشر أدبًا: 

الأول: من الجواهر: طلب مكان بعيد؛ لما فى أبى داود: «كان - عليه السلام - 
إذا ذهب أبعد70" . 

الثانى : قال: يستصحب ما يزيل به الأذى. 1 

الثالث: قال: أن يتقى الملاعن؛ لقوله - عليه السلام -: (انْقُوا اللّاعِئيْن؟ 
قالوا يا رسول الله وما اللاعنان؟ قال : الى لی فى طرِيقٍ النّاس» أو فى 


لی . 


.)57 4 /۲( أخرجه أحمد (5/ه*87)ء وأبر داود (٤۳۸)ء والیهقی‎ )١( 
/4( والترمذى (۲۰) والنسائی (۱۸/۱)؛ وابن ماجه (۳۳۱) وأحمد‎ )١( (؟) أخرجه أبو داود‎ 
وغيرهم من حديث المغيرة بن شعبة.‎ 0) 4 
. وقال الترمذى : حسن صحيح‎ 
أخرجه مسلم (۲۹۹)ء من حديث أبى هريرة بهذا اللفظ وفى لفظ لابن الجارود كت «أو‎ (۳ 


مجالسهم؟ . 


كتاب الطهارة ج۱ 140 





ويلحق بذلك مجالسهم» والشجر؛ لصيانة الثمرء والأنهار؛ لصيانة الموارد. 

وسميت هذه: ملاعن؛ من باب تسمية المكان بما يقع فيه» كتسمية الحرم 
حراماء والبلد آمنا؛ لما حل فيهما من تحريم الصيد وأمنه» ولما كانت هذه المواضع 
يقع فيها لعن الفاعل الغائط من الناس سميت: ملاعن. 

الرابع : قال: يجتنب الموضع الصلب؛ حذرا من الرشاش. 

الخامس : قال يجتنب المياه الدائمة المحبوسة؛ لقوله - عليه السلام - فى 
مسلم: ١لا‏ يَبُوآَنْ أَحَدُكُمْ فى الْمَاءِ الذاتم يَْتَسِلَ م٤(‏ » ومحمله عند علمائنا 
على سد الذريعة عن فساده؛ لثلا يتوالى ذلك فيفسد الماء على الناس. 

السادس: قال: تقديم الذكر قبل دخول محل الخلاء؛ لما فى أبى داود: (إِنّ هَل 
الحشوش مُحْتضَرَةٌ؛ لذا أَنَى أَحَدُكُمْ الحَلاءء كليقن: أَعُودُ بالله مِنَ الْحْيْثِ 
رابا . 

قال الخطابى : المحدثون يروون: «الخبث» بإساكن الباءء والصواب ضمها. 

قال القاضى عياض : والحشوش - بالحاء المهملة المضمومة وشينين معجمتين - : 
المراحيض» واحدها: الحش» وهو: النخل المجتمعء بضم الحاء وفتحهاء وكانوا 
يستترون بها قبل اتخاذ الكنف» وأصلها من الحش بالفتح: وهو الزبر يكتنف الكنف أو 
يبرز منه فيها. ومعنى محتضرة: أى تحضرها الشياطين . 

قال غيره: «الخبث» جمع: خبيث» و «الخبائث» جمع: خبيثة» فأمر - عليه 
السلام - بالاستعاذة من ذكور الجن وإناثها. 

قال ابن الأعرابى: و «الخبث» بالضمء لغة: المكروه. 

يقول ذلك قبل دخوله إلى موضع الحدث» أو بعد وصوله إن كان الموضع غير 
معد للحدث» وقيل: يجوز وإن كان معدا له. 

كما جرى الخلاف فى جواز الاستنجاء بالخاتم مكتوبا فيه ذكر الله تعالى. قال 





)١(‏ أخرجه البخارى (۲۳۹)ء» ومسلم (۲۸۲)ء من حديث أبى هريرة بزيادة: الذى لا يجرى ثم 
يغتسل فيه» وفى رواية للنسائى :)١75 /١(‏ «ثم يتوضأ منه»» وفى رواية أخرى لابن خزيمة 
(٤۹)ء‏ وابن حبان »)١767(‏ والطحاوى فى شرح معانى الآثار (۱/ :)١5‏ «ثم يتوضأً منه أو 
يشرب؟. 

(۲) أخرجه أبو داود )٦(‏ والتسائى فى «الكبرى» ۲۳/١‏ - 5؟1) رقم (4۹۰۲۳)» وابن ماجه 
() من حديث زيد بن أرقم . 


1۹٦‏ ج ١‏ كتاب الطهارة 





صاحب الطراز: جوز مالك - رحمه الله - أن يدخل الخلاء ومعه الدينار والدرهم 
مكتوبا عليه اسم الله - تعالى - وجوز الاستنجاء بالخاتم وفيه اسم الله تعالى . 

وقال لم يكن من مضى يتحرز منه. 

قال ابن القاسم: وأنا أستنجى به» وفيه ذكر الله تعالى. 

قال. صاحب البيان : وهذا محمول من ابن القاسم على أنه كان يعسر قلعه» وإلا 
فاللائق بورعه غير هذاء وكره ذلك ابن حبيب» وهذا أحسن؛ لكراهة مالك - رحمه 
الله - معاملة أهل الذمة بالدراهم والدنانير فيها اسم الله - تعالى - لنجاستهم» وفى 
الترمذى: (كان - عليه السلام - إذا دخل الخلاء وضع خاتمه)27؛: وصححه 
الترمذى وضعفه أبو داود» وفى الصحيحين النهى عن مس الذكر باليمنى 29 وذكر 

الله - تعالى - أعظم من ذلك. 

السابع: قال: يديم الستر حتى يدنو من الأرض؛ لما فى الترمذى: أنه - عليه 
السلام - «كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض»02" ويروى: أن 
الله - تعالى - أوحى لإبراهيم عليه السلام : (إِنِ اسْتَطغت ألا تَنْظرَ الأرْضٌ عَوْرَتَكَ 

فَافْعَلَ»؛ فاتَخَذ السراويل. 

الثامن: قال: يبول جالسا إن كان المكان طاهرا؛ لما فى الترمذى: «قالت 
عائشة- رضى الله عنها -: من حدثكم أنه - عليه السلام - كان يبول قائما فلا 

تصدقوه» وما كان - عليه السلام - يبول إلا قاعدا» . ولأنه أبعد عن التنجيس» 

فإن كان المكان رخوا نجسا فله أن يبول قائما؛ لما فى مسلم «أنه - عليه السلام - 

أتى سباطة قوم خلف حائط» فقام كما يقوم أحدكمى فبال»9©. 

›)۱۷۸/۸( وفى 7الشمائل» (91)؛ وأبو داود (۱۹)ء والنسائى‎ )١7457( أخرجه الترمذى‎ )١( 
من‎ )6 244 /١( والبيهقى‎ 2)١41/ /١( والحاكم‎ ))١511( وابن ماجه (۳۰۳)ء واين حبان‎ 
حديث أنس. والحديث مذكر» كما قال أبو داود.‎ 

(۲) أخرجه البخارى (161؛ )١154‏ ومسلم (۲۹۷) من حديث أبى قتادة. 

(۳) ألخرجه أبو داود »)۱٤(‏ من حديث ابن عمر وضعفه» والبيهقى »)95/١(‏ وآخرجه أبو داود 
.)١5(‏ والترمذى ,)١5(‏ والبيهقى )45/١(‏ من حديث أنس . 

›»)۱۹۲ ,17"/5( أخرجه الترمذى (۱۲) والنسائى (۲۹/۱)» وابن ماجه (۳۰۷)» وأحمد‎ )٤( 
من حديث عائشة.‎ »)٠٠١٠١( والطيالسى‎ 

وقال الترمذى: حديث عائشة أحسن شىء فى الباب وأصح . [ 
(o)‏ أخرجه البخارى (۲۲۵. 54؟)2 ومسلم «(Y/Y‏ رقم /NY)‏ اا وأبو داود (۲۳)» 


كتاب الطهارة ج ۱ 14۹۷ 





والسباطة : موضع الزبالة ورمى القاذورات؛ فلذلك بال - عليه السلام - قائما. 

التاسع : الصمت؛ لما فى أبى داود: «لا يحرج الرّجُلَانٍ يَضْربَانٍ الائ كَاشِفَينٍ 
عَنْ عَوْرَتِهِمَاء يَتَحَدََانِ؛ٍ ن لله - تعالى - يَنْدّتُ عَلَى ذلك( . 

ولا يرد سلاما؛ لما فى الترمذى: «أنه عليه السلام : مر عليه رجل وهو يبول 
فسلمء فلم يرد عليه»29©. 

قال صاحب الطراز: وهذا يقتضى ألا يشمت عاطساء ولا يحمد إن عطس»› 
ولا يحاكى مؤذنا. 

العاشر: قال يجتنب البول فى الجحر؛ لما فى أبى داود: «نهى عليه السلام أن 
يبال فى الجحر»ء قيل: لأنها مساكن الجن" » وقيل خشية أذية الهوام الخارجة منها 
إما بسمهاء وإما [بتنفيرها إياه](؟) فيتنجس . 

الحادى عشر: قال: يجتنب المستحم؛ اف ای أنه - عليه السلام - 
قال: دلا بون أَحَدُكُمْ فى محم م يتَوَضّأ فيد أ و يَغْتَسِلَ مِنهُ؛ فَإِنَ عَامَة 
الْوَسْوَاس من( . 

الان عشر: قال صاحب الطراز: كان - عليه السلام - إذا خرج من الخلاء قال: 


= والترمذى »)١(‏ والنسائى (۱/ ۱۹ء ۰)۲١‏ وابن ماجه (7":0)) وأحمد (5/ ۳۸۲ ؟7١2)1‏ 
وغيرهم من حديث حذيقة . 
)١(‏ آخرجه أبو داود 2»)١6(‏ وابن ماجه (۲٤۳)ء‏ وأحمد (۳/٦۳)ء‏ وابن خزيمة (1/)» وابن 
حبان (؟571١)»‏ والحاكم »)١61//١(‏ والبيهقى »)18/١(‏ من حديث أبى سعيد الخدرى. 
وهو حديث ضعيف. 
(؟) أخرجه مسلم (۲۸۱/۱)» حديث ,)7/0/1١١6(‏ وأبو داود ۰)۱١‏ والترمذى »)٩۹۰(‏ 
والنسائى )1/ «(o‏ وابن ماجه (*اه*7) وابن خزيمة 097 وأبو عوانة 01/1 
والبيهقى )44/1( من حديث أبن عمر. 
وقال الترمذى: : حسن صحيح . 
(۳) أخرجه أبو داود (۲۹)ء والنسائى (۳۳/۱ - ٤۴)ء‏ وأحمد (۲۸/۰)ء والبیهقی (۹۹/۱)ء 
من طريق قتادة عن عبد الله بن سرجس . 
وإسناده ضعيف؛ لانقطاعه. 
)€( فی ش: بتنفره . 
)2 أخرجه أحمد )2 وأبو داود (۲۷)» والترمذی (١؟)2)‏ والنسائی /١(‏ 5؟9)» وابن ماجه 
»)۳۰٤(‏ وعيد الرزاق (۹۷۸)ء وعبد بن حميد »)٥۰۵(‏ من حديث عبد الله بن مغفل. 
وقال الترمذى: حديث غريب. 


۱۹۸ ج ١‏ كتاب الطهارة 





الْحَمْدٌ لل الّذِى أَذْمَبَ عَنّى الْأدّى رَعَاقًانی»ء وربما قال: «عُفْرَائك»› رواه 
أبو داود. 

قيل: استغفاره؛ لترك الذكر حالة الحاجة» وعادته الذكر دائما. وقيل: إظهارا 
للعجز عن شكر النعم. وقيل: لأن عادته الاستغفار» حتى كان يحفظ عنه فى 
المجلس الواحد مائة مرة"؛ فجرى على عادته. 

وورد على الأول: أن ترك الذكر فى تلك الحالة طاعة تأبى الاستغفار» وعلى 
الثانى: أن النعم فى كل وقت معجوز عن شكرهاء فما وجه الاختصاص؟ والصحيح 
الثالث. 

الثالث عشر: فى الجواهر: يجتنب القبلة؛ لما فى الموطأ: من قوله - عليه 
السلام -: «إًا اتيم الْعَائِط فلا تَسْتفيلُوا الْقِبْلدَ وَلَا تَسْتَذِِرُوهَا پيل أو غَائِطٍ وَلْكِنْ 
شَرُُوا إو عُرْبُوا22» فإن كان الموضع لا ساتر فيه ولا مراحيض فلا يجوز استقبالها 
ولا استدبارهاء وإن وجد الساتر والمراحيض جاز ذلك؛ لما فى الموطأ: أن ابن 
عمر - رضى الله عنهما - رآه عليه السلام فى بيت حفصة مستدبرا الكعبة مستقبلا 
بيت المقدس0). فإن وجد المرحاض بغير سترة جاز كمرحاض السطوح؛ لما فيه 
من الحاجة . 

قال مالك - رحمه الله -: ولم تعن هذه المراحيض بالحديث. 

ويسمى مرحاض السطوح: كرياساء وما كان فى الأرض: كنيفًا . 


)١(‏ أخرجه ابن ماجه »)۳١۱(‏ من حديث أنس بن مالك» وهو حديث ضعيف. 
زفق أخرجه الترمذى (۷)» وأبو داود (۳۰)» واين ماجه (۰۰)» والبخارى فى «الأدب المفرد» 
(59)» وأحمد (5/ 2)1١664‏ وابن خزيمة »)4١(‏ وابن حبان »)١5515(‏ وابن الجارود )٤١(‏ 
من حديث عائشة. وهو حديث ی . 
(۳) أخرجه مسلم )1١10 /٤(‏ حديث »)۲۷۰۲/٤۱(‏ من حديث الأغر المزنى. 
(4) أخرجه البخاری (155» 4) ومسلم (١/14؟١)‏ رقم (54/09؟)2 وأحمد 2)47١/65(‏ 
والترمذى (۰)۸ وأبو داود ۰)۹ والنسائى /١(‏ ۰۲۲ ۲۳)؛ وابن ماجه (۳۱۸)» وغيرهم من 
حديث أبى أيوب الأنصارى . 
وقال الترمذى: حديث أبى أيوب أحسن شىء فى هذا الباب وأصح. 
أخرجه البخارى ›۱٤٥(‏ 215/8 ۱64)› ومسلم (۱/ 1176) رقم 00 
وأحمد(؟/ ۱۲ء “اق ٤‏ والترمدی )١١(‏ وآبو داود (۱۲)» والنسائى (۱/ ۲۳)» وابن ماجه 
۲7 ) وابن خزیمة »)٥۹(‏ وغيرهم من حديث أبن عمر. 
وقال الترمذى: حسن صحيح . 


[للى 


مر 


كتاب الطهارة ج۱ 144 


وإن وجد الساتر بغیر مرحاض جاز أيضا؛ لما فى أبى داود أن ابن عمر - رضى 
الله عنهما - أناخ راحلته مستقبل القبلة» ثم جلس يبول إليهاء فقيل له: أليس قد نهى 
عن هذا؟ فقال: لا؛ إنما نهى عن ذلك فى الفضاءء فإن كان بينك وبين القبلة شىء 

يستر فلا باس( . 

وقيل: لا يجوزء والخلاف يخرج على علة هذا الحكم» فقيل: إجلالا لجهة 

الكعبة؛ لما روى البزار عنه - عليه السلام -: «مَنْ جَلس يبول كُبَالََ ابلق هَذَكَرَ؛ 

َينْحَرِفٌ عَنْهَا خالا لَهَا - لَمْ يَقُمْ مِنْ مُجِلِسِهِ حى يُغْفَرَ ه20 وقال الشعبى : ذلك 

لحرمة المصلين» والحشوش لا يصلى فيها. وهذا أولى؛ لجمعه بين الحديثين. 

كشف: إباحة استقبال المشرق والمغرب بالبول مخصوص ببلاد الشام واليمن» 
وکل ما هو شمال البيت أو جنويه» فإن الشام شماله» واليمن جنوبه؛ فيكون البائل 
حيتئذ يقابل البيت والمصلين بجنبه لا بعورته وهو المطلوب» أما من كان المشرق 
والمغرب قبلته فينهى عن استقبالهما واستدبارهماء ويباح الجنوب والشمال؛ صونا 
لما أشار الشرع لصونه من الكعبة أو المصلين» ومن قبلته (االتكباء)7" التى بين 

الجنوب» [والصبا كبلاد مصرء يستقبل النكباء التى بين المغرب والجنوب أو]4) 

يستدبرهاء وقس على ذلك سائر الجهات» وصمم على أن الحديث خاص منبهء 

وليس عاما للأقطار؛ فإنه - عليه الصلاة والسلام - خاطب به أهل المدينةء وهم من 

أهل الشمال؛ فكان الحديث موافقا لهم. 

تتميم : الرياح ثمانية: الصبا: وهى الشرقية» والدبور: وهى الغربية» والجنوب: 

وهى القبلية» وتسمى: اليمانية» والشمالية: وهى التى تقابلهاء وتسمى بمصر: 

البحرية؛ لكونها تأتى من جهة بحر الروم» وتسمى الجنوبية: المريسية؛ لكونها تمر 

على مريسة من بلاد السودان. وکل ريح بين ريحين فهى نکباء؛ لكونها نكبت عن 
مجرى جارتيهاء فالأصول أربعةء والنواكب أربعة» وتأتى تتمة ذلك فى استقبال 

(۱) أخرجه أبو داود (۱۱) من حديث ابن عمر. 

(۲) لم أره فى «كشف الأستار»» و «مجمع الزوائد»» لكن رأيت الحافظ الزيلعى ذكره فى «انصب 
الرايةة (۲/ 0٠١7‏ وعزاه لأبى جعفر الطبرى فى «تهذيب الاثارة من طريق عبد الله بن 
الحسن عن أبيه عن جده. 

(۳) فى ش: الأمكنة. 

)٤(‏ سقط فى ش. 


٣٣‏ ۳ا کاب الطهارة 
القبلة» فى كتاب الصلاةء إن شاء الله تعالى. 

فرعان: 

الأول: قال صاحب الطراز: لا يكره استقبال بيت المقدس؛ لأنه ليس قبلة. 

الثانى : قال اللخمى : الجماع كالبول؛ بجامع كشف العورة› وقيل: يجوز فى 
الفلوات [عند الحاجة] وهى جزء العلةء وقيل: إن كانا مكشوفين» منع فى 
الصحارى» ويختلف فى البيوت» وإن كانا مستورين جاز فى الموضعين. 

الطرف الثانى - فيما يستنجى منه: 

والاستنجاء طلب إزالة النجوء وقيل: إزالة الشىء عن موضعهء وتخليصه منه. 
[يقال]: استنجيت الرطب ونجوته وأنجيته» والنجو: الفضلة المستقذرة؛ سميت 
بذلك لأن «النجو» جمع (نجوة»: وهى المكان المرتفع» فلما كان الناس يستترون 
بها غالبا سميت بها؛ لتلازمهماء وقيل: من «نجوت العود؛» أى: قشرتهء وقيل: 
من النجاء» وهو الخلاص من الشىء» وكذلك سميت: غائطا؛ لأن الغائط هو 
المكان المطمئن» والغالب إلقاؤها فيه؛ فلما لازمها29 سمى بهاء وكذلك سمى 
برازا - بفتح الباء -: لأن البراز هو المتسع من الأرض» كانوا يذهبون إليه لقضاء 
الحاجة؛ فسميت به لذلك» وسمى خلاء؛ لأنه يذهب بسببها إلى المكان الخالى. 

والاستجمار: طلب استعمال الجمارء وهى الحجارةء جمع «جمرة: وهى 
الحصاةء ومنه الجمار فى الحجء وقيل: من الاستجمار بالبخورء والحجر يطيب 
الموضع كما يطيبه البخورء ولذلك سمى استطابة؛ لما فيه من تطييب الموضع» 
والاستبراء: طلب البراءة من الحدث؛ لأن الاستفعال فى لغة العرب غالبا: لطلب 
الفعل؛ كالاستسقاء لطلب السقى» والاستفهام لطلب الفهم. 

إذا تقررت7) معانى هذه الألفاظ» ففى الجواهر: الاستنجاء يكون عما يخرج من 
المخرجين» معتادا سوى الريح؛ فإن المقصود إزالة عين النجاسة» وهى زائلة فى 
الريح؛ ولقوله - عليه السلام -: َيس يا مَنِ اسْتَنْبجَى مِنَ الرؤيح»2)9» ويجوز 





)١(‏ كلمتان مطموستان فى أ. 

(۲) فى ش: فلملازمتهما. 

(9) فى ش: تقرر. 

(4) أخرجه ابن عدى فى «الكامل» (5/ 00)؛ والسهمى فى "تاريخ جرجان» ص (۲۷۲)ء من = 


كتاب الطهارة جا ل 





الاستجمار فيما عدا المنى» وكذلك المذى على المشهور»ء ولما فى أبى داود عنه - 
عليه السلام -: «إذّا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلى الْمَائٍْ كَليْلْمَبِ مَعَهُ َة حجار يَسْتَِيبُ 
بهِنْ؛ نها تُجَزئا عَنْه1"© قال الشيخ أبو بكر وغيره: ويجزئ أيضا فى النادر 
كالحصى والدم والدود. 
وأما المنى والمذى فلا يستنجى منهما؛ لما فيهما من التخيط الذى يوجب 
نشرهما بالحجر ونحوه» ولأن الحديث إنما جاء فيما يذهب فيه إلى الغائطء وهذان 
لا يذهب فيهما إلى الغائط . 
قال صاحب الطراز: جوز القاضى الاستجمار من الدم والقيح وشبههء ويحتمل 
المنع؛ لأن الأصل فى النجاسة الغسل» وترك ذلك فى البول والغائط للضرورة» 
ولا ضرورة ههن" . 
وأما الحصى والدود يخرجان جافين» فعند الباجى هو طاهر كالريح لاا يستنجى 
منه» ولأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة عين النجاسة» وليس ههنا عين» وإن وجد فيه 
أدنى بلة عفى عنهاء كأثر الاستجمار» وإن كانت البلة كثيرة استجمر منها؛ لأنها من 
جنس ما يستجمر منه» وهی بخلاف الدم. 
فرعان له أيضا: 
الأول: المرأة لا يجزيها المسح بالحجر من البول؛ لتعدية مخرجه إلى جهة 
المقعدة» وكذلك الخصى. 
والثانى : يجب على الثيب أن تغسل من فرجها ما تغسل البكر؛ لأن مخرج البول 
قبل مخرج البكارة والثيوبة» وإنما تختلفان فى الغسل من الحيض . فتغسل الثيب كل 
شىء ظهر من فرجها حالة جلوسهاء والبكر ما دون العُذْرة» ويحتمل أن يقال: إن 
البول يجرى عليه وإليه فيغسل» والأول أظهر؛ لأن الشرع جعله من حكم الباطن» 
بدليل أنه لا يستحب غسله فى الجتابة كالفم» والأنف. 
حديث جابر» وإسناده ضعيف؛ بضعف شرقى بن قطامی» فقد قال ابن عدى: فى بعض 
ما رواه متاكير. 
)١(‏ أخرجه أحمد (1*"/5): وأبو داود (50)»: والنسائی (55)» والدارقطنى /١(‏ 58 08)) 
من حديث عائشة» وقال الحافظ فى «التلخيص» /١۱(‏ ۱۹۲): وصححه - أى الدارقطتى - 


فى العلل . 


(؟) فى ش: معنا. 


a!‏ ج ١‏ كتاب الطهارة 


وفى الجواهر: ويجب غسل الذكر كله من المذىء» خلاف 0 و(ش)؛ لما فى 
الموطأ: أن المقداد سأله عليه السلام عن الرجل يدنو من أهلهء فيخرج منه المذىء 
فقال - عليه السلام -: إا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذُلِكَ فَلْينْضَح َرْجَهُء ولوصا وُضُوءَءُ 
لاء والفرج ظاهر فى جملة الذكرء وقال الشيخ أبو بكر ابن المنتاب: يغسل 
موضع الأذى خاصة؛ قياسا على البول. فعلى القول الأول: تجب النية فى الغسل؛ 
لأنه عبادة لتعدية الغسل محل الأذى» وقيل: لا تجب؛ لأنه من باب إزالة النجاسة» 
وتعدية محله معلل بقطع أصل المذى» والمذى: بالذال المعجمة الساكنة وتخفيف 
الياء» والذال المتحركة وتشديد الياء. 

الطرف الثالث - فيما يستنجى به: 

وفى الجواهر: هو الماء والأحجارء وجمعهما أفضل؛ لإزالة العين والأثرء ولأن 
أهل قباء كانوا يجمعون بين الماء والأحجارء فمدحهم الله - تعالى - بقوله: #إنَّ 
لَه يحب لوين ديب سبيت [البقرة: ۲۲۲] والاقتصار على الماء أفضل من 
الاقتصار على الأحجار» والاقتصار على الأحجار مجزئ؛ لقوله - عليه السلام - 
فى الحديث السابق: «تجرئ عله . 

وقال بعض أهل العلم: يكره الماء؛ لأنه مطعوم. 

وقال ابن حبيب: لا يجزئ مع القدرة على الماء» وخصص الأحاديث بالسفر 
وعدم الماء؛ ويقوم مقام الأحجار كل جامد طاهر منق ليس بمطعوم» ولا ذى حرمة 
ولا شرف» سواء أكان من نوع الأرض كالكبريت ونحوهء أو من غير نوعهاء 
كالخزف والحشيش ونحوهماء خلافا لأصبغ؛ لقوله - عليه السلام - فى البخارى: 
«اثينى پگاائة أخجَارِء وَلَا ای بِعَظم وَلَا رَوَثْه(2: واستثناء هذين يدل على أنه 
أراد الأحجار وما فى معناهاء ولأصبغ: إن طهارة الحدث والخبث اشتركا فى 
التطهير بالماء والجماد؛ فكما لا يعدل بغير الماء من المائع» فلا يعدل بغير جنس 





)١(‏ أخرجه مالك فى «الموطأ» )٤١ /١(‏ رقم »)٥۳(‏ وأبو داود )٠١0‏ والنسائى (۱/ ۹۷)» من 
حديث المقداد بن الأسود. 
وأخرجه مسلم (۱/ »)۲٤۷‏ عن ابن عباس بنحوه. 
(۲) أخرجه البخارى (67١)ء‏ من حديث ابن مسعودء وأخرجه - أيضًا - أحمد (١/۱۸٤)ء‏ 
والنسائى (۱/ ۳۹)» وابن ماجه .)۳۱٤(‏ 


کتاب الطهارة ج ۱ ° 





الأرض من الجمادء والفرق بين التيمم والاستنجاء: أن مقصود الاستنجاء إزالة 
العين؛ فكل ما أزالها حصل المقصود» والتيمم تعبد؛ فلا يتعدى محل النص. 

واشترطنا الطهارة؛ لأنها طهارة» والطهارة لا تحصل بالنجاسةء ولقوله - عليه 
السلام -: فيما تقدم: «لا تأْتِيَئّى ِعَظم وَلَا رَو( . 

واشترطنا ألا يكون مطعوما؛ صونا له عن القذرء وقد نهى عن الروث؛ لأنه طعام 
للجان؛ نأولى طعامنا. 

واشترطنا ألا يكون ذا حرمة؛ حذرا من أوراق العلم» وحيطان المساجد» ونحو 
ذلك. 

واشترطنا عدم الشرف؛ احترازا من الجواهر النفيسة. 

واشترطنا المنقى ؛ احترازا من الزجاج والبلور ونحوهما؛ لنشره النجاسة من غير 
إزالة . 

فرع: قال: فإن استنجى بعظم أو روث أو طعام ونحو ذلك أجزأه» خلافا (ش)؛ 
لحصول المقصودء وهو إزالة العين» وفى الإعادة فى الوقت خلاف؛ لمراعاة 
الخلاف. 

فرع مرتب عليه: قال صاحب الطراز: لو علقت به رطوبة الميتة» أو تعلقت 
الروثة على المحل تعين الغسل. 

فروع: 

الأول: قال: ظاهر قول مالك - رحمه الله - جواز الاستجمار بالحمم؛ لأنه لم 
يذكره - عليه السلام - فى استثنائه» ومنعه مرة؛ لما فى البخارى: «قدم وقد الجن 
عليه - صلوات الله عليه - فقالوا يا رسول الله انه أمتك أن يستجمروا بعظم أو 
روث أو حممة؛ فإن الله - تعالى - جعل لنا فيها رزقا؛ فنهى - عليه السلام - عن 
ذلك . 

الثانى: لو استجمر بأصابعه أو ذنب دابة» أو شىء متصل بحيوان» وأنقى - 
أجزاء خلافا (ش). فإن الأمر بالأحجار إن كان تعبدا فينبغى أن يمنع الصوف 


)١(‏ انظر الحديث السابق. 
(۲) أخرجه البخارى (2)7850 من حديث أبى هريرة. 


۰6 ج ۱ كتاب الطهارة 


والخرق» وإن كان المقصود الإزالة فينبغى أن يصح بالجميع» وما الفرق بين قلع 
صوف من ذنب دابة» فيستنجى بهء أو يستنجى به متصلا؛ فلا هو أعطى التعميم 
حکمه» ولا هو أعطى التخصيص حكمه. 

الثالث: إذا انفتح مخرج للحدث وصار معتادا استجمر منه» ولا يلحق بالجسد» 
وما قارب المخرج مما لا انفكاك عنه غالبا. 

قال ابن القاسم : حكمه حكم المخرج؛ لأن الصحابة - رضى الله عنهم - كانوا 
يستنجون مع اختلاف حالاتهم» ولا يستعملون الماءء والغالب وقوع مثل ذلك 
متهم . 

و [خالف] ابن عبد الحكم؛ لأن الأصل فى النجاسة الخسل . 

الطرف الرابع - فى كيفية الاستنجاء: 

يكره الاستنجاء باليمين» إلا لضرورة؛ لما فى البخارى عنه - عليه السلام - أنه 
قال: «لا يُمْسِكْ أَحَدُكْ ذَكَرَهُ ييَمِينِه» وَهْرَ بُو وَلا مخ مِنّ لاء يتمينه» 
ولا يتمس فی الإا . 

فيبدأ بغسل يده اليسرى قبل الملاقاة؛ لأنه أبعد عن علوق النجاسة بيده» ثم 
يغسل محل البول أولا؛ لثلا تتنجس يده بالبول. 

قال صاحب الطراز: إلا أن تكون عادته إدرار البول عند غسل محل الغائط ؛ فلا 
فائدة حيتئذ بتعجيله» ثم ينتقل إلى محل الغائطء ويرسل الماء ويوالى الصب على 
يدهء غاسلا بها المحل» ويسترخى قليلا؛ ليتمكن من الإنقاءء ويجيد العرك حتى 
تزول اللزوجة» ولا يضره بقاء الرائحة بيده. 

وأما الأحجار: فيستنجى بثلاثة أحجار لكل مخرج؛ لما فى البخارى: «مَنِ 
اسْتَجمَر وء ويبدأ بمخرج البول كما تقدم» وإن أنقى بدونها أجزأه خلافا 
(ش) لأن الواحد وترء فيخرج به عن العهدة. 
)١(‏ أخرجه البخارى (151» 154)) ومسلم (۲۹۷)ء وأحمد /٤(‏ ۳۸۳)ء وأبو داود (۳۱)ء 

والترمذى (6١).؛‏ والنسائى /١(‏ 76)» وابن ماجه (۳۱۰)ء من حديث أبى قتادة. 
وقال الترمذى: حسن 

(۲) لم يخرجه البخارى بهذا اللفظء إنما أخرجه أحمد (۲/ 207/١‏ وأبو داود (07"6: واين ماجه 


«(TY)‏ والطحاوى 1م وابن حبان 2)١51١١(‏ من حديث أبى هريرة» وفى إستاده 
مجهولان. 


كتاب الطهارة + ۱ 1۰0 


وقال أبو الفرج والشيخ إسحاق: يلزمه طلبها؛ لما فى مسلم: «لا يس 
أَحَدُكُمْ بدُونٍ ثَلَائةٍ َة أخجَاره» راک رس ر يا 

والحجر الذى له ثلاثة شعب يجزئ» وقال ابن شعبان: لابد من ثلاثة أحجار. 
وتتعين الزيادة على الثلاثة إن لم يحصل الإنقاء. 

قال صاحب الطراز: فى صفة الاستجمار ثلاثة مذاهب: 

أحدها: أن يمسح بكل حجر من الثلاث جملة المخرج» وهو قول أكثر العلماء. 

وثانيها: يمسح بالأول الجهة اليمنى» ثم يديره حتى يتناهى إلى مؤخر اليسرى» 
ويبدأ بالحجر الثانى من مقدم الیسری» حتى ينتهى إلى مؤخر اليمنى» ثم يديره حتى 
ينتهى إلى مقدمهاء ويدير الثالث على جميعها؛ لما روى فى ذلك مالك: أنه - 
السلام - قال : (ِيقْيلٌ بِحَجَرِء ويُذيرُ بحَجَرِء وَيُحَلَنْ پالٹ٤»‏ وهذا خلاف ما عهد 
فى الزمن القديم» وفيه الأعراب الجلف» ولم يلزموا بتحديد مع عمومه وعموم 
البلوى . 

فروع أربعة: 

الاستبراء واجب؛ لما فى البخارى (أنهُ - عَلَيْهِ السّلَامُ - مر بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانٍ 
كه ألم هع زت نئي يان فى يرِما؛ قال - - عليه السلا -: إن 
هَذَيْنٍ عبان وّمَا يُعَذْبَانٍ فی كبير» ثم قال : بَلَى» کان أَحَدّهُمَا لا يسر مِنْ بَرْلِه 
وَكَانَّ ألآحَرٌ يَمْشِى بِالنمِيمَةٍ بين ين الاس 6 وراه أبو داود: ١لا‏ یس , 

قال الهروى فى الغرييين: «الرواية : او يَسْتَئْيْرُة من الاستتثار» وهو الجذب 
والنتر»» ومعنى ذلك أنه يشرع فى الوضوء قبل خروج جميع البول» فيخرج البول 
بعده» فيصلى بغير وضوء؛ فيلحقه العذاب. 

لکن ليس عليه أن يقوم ويقعد ویتنحنح» لکن يفعل ما يراه كافيا فى حاله؛ 
)١(‏ قال الحافظ فى «التلخيص» (۱/ ۱۹۷): بيض له الحازمى والمنذرى فى تخريج أحاديث 

المهذب: وقال ابن الصلاح فى الكلام على الوسيط: لا يعرف» ولا يثبت فى كتاب 

حديث . وقال النووى فى الخلاصة: لا يعرف . وقال فى شرح المهذب: هو حديث متكر» 

لا أصل له. 





(۳) أخرجه أبو داود برقم (۲۰). 
)£( فى ط: والنثر. 


7 ج١‏ كتاب الطهارة 





ويستيرئ ذلك بالنفض والسلت الخفيف» وروى ابن المنذر مسندا أنه“ - عليه 
السلام- قال: «إذًا بَالَ أَحَدُكُمْ فير ذَكَرَهُ لاء وَيَجْعَلْهُ بَيْنَ أَضْبْعَيْنِ : السْبَابة 
والإنهام» كَيُمرَهَا مِنْ أَضْلِه إلى كَمَرَهو0©. 

الثانى: لو ترك الاستنجاء والاستجمار وصلى بالنجاسة أعاد الصلاة أبداء إذا كان 
عامدا قادراء أو يعيد فى الوقت على قاعدة إزالة النجاسة» ولمالك - رحمه الله - 
فى العتبية: لا إعادة عليه؛ لما فى البخارى: «مَن اسْتَجْمَرَ كلوز ورواية 
أبى داود: امَنْ قَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَء وَمَنْ لا قلا حَرَج00 والوتر يتناول المرة الواحدة» 
فإذا نفاها لم يبق شیء» ولأنه محل تعم به البلوى؟ فيعفى عنه كدم البراغيث. 

قال اللخمى: يتخرج على الخلاف فى إزالة النجاسة. 

قال ابن الجلاب فى هذه الصورة: أستحب له أن يعيد وضوءه وصلاته فى 
الوقت. 

قال صاحب الطراز: كأن ابن الجلاب راعى فى ذلك استخراج النجاسة من 
غضون الشرج» فيكون محدثا؛ فلذلك أمر بإعادة الوضوء. 

الثالث: إذا عرق فى الثوب بعد الاستجمار. 

قال صاحب الطرازء وابن رشد: يعفى عنه؛ لعموم البلوى»ء وقد عفى عن ذيل 
المرأة تصيبه النجاسة مع إمكان شيله؛ فهذا أولى» ولأن الصحابة - رضوان الله 
عليهم - كانوا يستجمرون ويعرقون. 

وقال ابن القصار: ينجس؛ لتعدى النجاسة محل العفو. 

الرابع : قال صاحب الطراز: لو لم يذكر الاستجمار حتى فرغ من تيممه قبل 
الصلاة استجمر وأعاد التيممء فإن صلى قبل إعادة التيمم فلا يجزئه؛ لأن التيمم 
لابد أن يتصل بالصلاةء وقد فرقه بإزالة النجوء ويحتمل أن يجزئه» كمن تيمم ثم 
وطئ نغله على روث؛ فإنه يمسحه ويصلى. 

الكلام على المقاصد» وفيه ستة أبواب: 

الأول: فى موجبات الوضوء» وهى ثلاثة وعشرون موجباء وهى على قسمين: 
)١(‏ تقدم تخريجه من حديث أبى قتادة. 
(۲) تقدم تخريجه. 
(9) تقدم تخريجه. 


کتاب الطهارة + ۱ ¥ 





أسباب» ومظنات لتلك الأسباب . 

القسم الأول: السبب» والسبب فى اللغة: الحبلء ومنه قوله - تعالى -: 
یدد يبب لک سملو [الحج: ]٠١‏ أى فليمدد بحبل إلى سقف بيته؛ فإن 
السقف يسمى: سماء - أيضا - لعلوه. ثم يستعمل فى العلل؛ لكون العلة موصلة 
للمعلول» كما يوصل الحبل إلى الماء فى البئرء وفى العلم - أيضا - لكونه موصلا 
للهداية» ومنه قوله - تعالى -: وای من کل شیو س [الكهف: ]۸٤‏ أى علما 
يهتدى به. 

السبب الأول: الفضلة الخارجة من الدبرء وتسمى غائطاء ونجواء وبرازاء 
وخلاء» فالغائط أصله المكان المطمئن من الأرض» و «النجو؛ جمع «نجوة وهى 
المكان المرتفع › والبراز - بفتح الباء - ما بعد عن العمارة من المواضع» ومنه: برز 
الفارس لقرنه» و: برزت الثمرة من أكمامهاء والخلاء: الموضع الخالى من الناس. 

ولما كانت الفضلة توضع فى الأول ويستتر بها بالثانى» ويذهب بسببها للثالث 
والرابع ؛ استتارا عن أعين الناس - سميت بجميع ذلك؛ للملازمة» ومن تسميتها 
بالرابع قوله - عليه السلام - [انقُوا اللَاعِتينِء قَالُوا: يا رَسُولَ اللهء وَمَا اللَاعِئَانِ؟ 
ال وَسُول الله يك ]7 الذي لى فى طرق الئاس وَظِلَالِهن»0. 

الثانى: البول. 

الثالث: الريح الخارج من الدبرء خلافا (ح)" فى اعتباره الخارج من الذكر 
وفرج المرأة» وإن كان نادرا. 

الرابع : الودىء بالذال المعجمة والمهملة وسكونهاء وتخفيف الياء وكسرها 
وتشديد الياء» ويقال ودى وأودى» وهو: الماء الأبيض الخارج عقيب البول بغير 
لذة» والأصل فى هذه الأربعة قوله - تعالى -: أو جنك عد نكم ين التايط» 
[النساء: ]٤١‏ ومعناه: أو جاء أحدكم من المكان المطمئن» فجعل - تعالى - 
الإتيان منه كناية عما يخرج فيه؛ عدولا عن الفحش من القول» والخارج غالبا فى 
ذلك المكان هو هذه الأربعة؛ فوجب أن تكون أسبابا. 





)١(‏ ما بين المعقوفين سقط فى أء ش. 
زفق تقدم تخريجه. 
(۳) فى ط: ش۔ 


1۸ ج ۱ كتاب الطهارة 


. الخامس: المذى» بالذال المعجمة وسكونها وتخفيف الياء» وكسر الذال 
وتشديد الياء» ويقال: مذى وأمذى» وهو الماء الأصفر الخارج مع اللذة القليلةء 
والأصل فيه ما فى الموطأ وغيره: أن على بن أبى طالب أمر المقداد أن يسأل رسول الله 
يكل عن الرجل إذا دنا من أهله» فخرج المذى منه: ماذا عليه؟ قال على - 
رضى الله عنه -: فإن عندى ابنة رسول الله َء وإنى أستحى أن أسأله. 

قال المقداد: فسألت رسول الله يل عن ذلك» فقال: «إِذّا وَجَدَ أَحَدّكُمْ ذَلِكَ 
ينضح كَرْجَةُ ولوصا وُضُوءَهُ صلا والمراد بالنضح ههنا الغسل؛ فيجب 
غسل الذكر قبل الوضوءء وهل يفتقر إلى النية؛ لأنه عبادة» لوجوب غسل ما لم 
تمسسه نجاسة» أو لا يفتقر إلى النية؛ لكون الغسل معللا بقطع أصل المذى؟ 
قولان. 

السادس: الماء الأبيض يخرج من الحامل» ويعرف بالهادى» يجتمع فى وعاء له 
يخرج عند وضع الحمل» أو موجب السقط. 

قال ابن القاسم فى العتبية: يجب منه الوضوء. قال الأبهرى فى شرح المختصر: 
لأنه بمنزلة البول. قال صاحب البيان: الأحسن عدم الوجوب؛ لكونه ليس معتادا. 

السابع : الصفرة والكدرة من الحيض. 

قال المازرى: هما حيض إن تباعد ما بينهما وبين الطهرء وما عقيبه» ومضى من 
الزمان ما يكون طهرا - أوجب الوضوء دون الغسل عند عبد الملك» ووجهه قول أم 
عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر [شيئا]2. قال ابن يونس: وتسمى 
هذه: «الترية» قال صاحب الخصال: وكذلك إذا خرجا عقيب النفاس . 

الثامن: الحقن الشديدء ويقال: «الحاقن» لمدافع البول» «والحاقب» لمدافع 

الغائطء وكذلك يقال للفضلتين: الحقبة والحقئة. 

قال فى الكتاب: إن صلى وهو يدافع الحدث يعيد بعد الوقت. 
قال ابن بشير: قال الأشياخ : إن منعه ذلك من إتمام الفروض أعاد بعد الوقت» 
أو من إتمام السنن أعاد فى الوقت» وينبغى أن يختلف فيه كما اختلف فى متعمد 





)١(‏ تقدم تخريجه من حديث المقداد. 
(؟) أخرجه البخارى (2075 وأبو داود (/2)7*1 والحاكم :)١1/4 /١(‏ من حديث أم عطية» 
وما بين المعقوفين سقط فى ط. 


كتاب الطهارة ١‏ ۹ 


تارك السنن: هل يعيد بعد الوقت أم لا؟ وإن منعه من الفضائل لا يعيد فى الوقت 
ولا بعده؛ فمتى كان بحيث يبطل الصلاة أوجب الوضوءء ومتى كان يوجب إعادة 
الصلاة فى الوقت استحب منه الوضوء. 

التاسع : قال صاحب الخصال: فى الكتاب: القرقرة الشديدة توجب الوضوءء 
وينبغى أن يتخرج ذلك على تفصيل ابن بشير. 

فهذه الموجبات إن خرجت عن العادة واستغرقت الزمان» فلا يشرع الوضوء 
منها؛ لأن مقصوده أن يوقع الصلاة بطهارة ليس بعدها حدث» وقد تعذر ذلك» وإن 
لم تستغرق الزمان» ففيها ثلاث حالات : 

الأولى: أن يستنكح ويكثر تكراره؛ فيسقط إيجابه عند مالك - رحمه الله - كما 
قال فى الكتاب» خلافا (ش) و (ح)؛ لما فى السنن «أن رجلا قال للنبى - عليه 
السلام - إن بى الناسور يسيل منى» فقال - عليه السلام -: (إذًا تَوَضَأتٌ قَسَالَ مِنْ 
َرْقِكَ إلى قَدَيِكَ قلا وُضُوءٌ عَلَيِكَه2'0: وقياسا على دم الحيض؛ فإنه يوجب 
الغسل» فإن خرج عن العادة لم يوجبه» وهو دم الاستحاضة. وروى عن مالك - 
رحمه الله - إيجابه» وإن تكرر؛ نظرا لجنسهء وإذا سقط الإيجاب بقى الندب؛ 
مراعاة للجنس والخلاف. 

فرعان مرتبان: 

الأول: قال صاحب الطراز: إذا استحب له الوضوء استحب له غسل فرجه؛ 
قياسا عليه» وكذلك المستحاضة. وقال سحنون: لا يستحب؛ لأن النجاسة أخف 
من الحدثء بدليل أن صاحب الجرح لا يستحب له غسل اليسير من دمه» ويستحب 
الوضوء من يسير السلس. 

الثاتى: قال أبو العباس الإبيانى: يبدل الخرقة أو يغسلها عند الصلاة. وقال 
سحنون: ليس عليه ذلك» [وغسل الفرج آهزن]"؛ فإن زيد بن ثابت - رضى الله 
عنه - كان به سلس البول حين كبرء وما كان يزيد عن الوضوء. 





)١(‏ أخرجه الدارقطنى »)١04/١(‏ والبيهقى (۱/ 20107 والعقيلى فى «الضعقاء» (؟/ »)۳١‏ من 
حديث اين عباس » وقال الهيثمى فى (المجمع؟ (١/؟560):‏ رواه الطبرائى فى الكبير» وفيه 
عبد الملك بن مهران» قال العقيلى : صاحب مناكير . 

زفق فى ش: ولا غسل الفرج . 


1۰ + ۱ كتاب الطهارة 


الحالة الثانية: أن يكون زمان وجوده أقل» وفى الجواهر: فيجب منه الوضوء؛ 
عملا بالأصل السالم عن الضرورة» وعند العراقيين لا يجب؛ لأن الله - تعالى - 
إنما خاطب عباده بالمعتاد؛ إذ هو غالب التخاطب» وهذا ليس بمعتاد» ويؤكد هذا 
حمل الألفاظ فى التكاليف والوصايا والأوقاف والمعاملات على الغالب بالإجماع . 

الحالة الثالثة: أن يستوى الحالانء وفى الجواهر: فيجب الوضوء؛ لعدم 
المشقة» وقيل: لا يجب؛ لخروجه عن العادة. 

أربعة فروع: 

الأول: إذا كثر المذى للعزبة» ففى الكتاب: عليه الوضوء؛ لخروجه على وجه 
الصحة» وقال بعض العراقيين: لا وضوء عليه؛ لخروجه عن العادة. 

قال صاحب الطراز: والمدار عند ابن حبيب فى هذا على وجود اللذةء فإن 
وجدت وجب الوضوءء وإلا فلا. وهذا يشهد له المنى؛ فإنه إذا كان لطول العزبة 
بغير لذة لا يوجب غسلا. 

قال: وقال ابن الجلاب» والتونسى : إن كان يقدر على النكاح أو التسرى وجب. 
ولم يفصلاء والأشبه التفصيل: ويلزم ابن الجلاب أن يراعى فى سلس البول القدرة 
على التداوى. 

الثانى: فى الجواهر: إذا لم يجب الوضوء بالسلس هل يسقط حكمه باعتبار 
غيره» حتى يؤم به؟ قولان منشؤهما: أن الشرع أسقط اعتباره؛ فتجوز الإمامة به» 
والقياس على إمامة المتيمم - وهو محدث - للمتوضئ» وينظر إلى اختصاص 
السبب المسقط لاعتباره بصاحبه» وهو الضرورة؛ فلا يثبت الحكم فى غير محل 
العلة بدونها. 

الثالث : قال: إذا خرج المعتاد الموجب على العادة من غير المخرج»› 
فللمتأخرين فى نقض الوضوء به قولان؛ نظرا لجنسه» أو لكون محله غير معتادء 
والله - تعالى - إنما خاطب عباده بالمعتاد. 

الرابع : قال فى المدونة: قال يحبى بن سعيد: إذا كان الناسور7"© يطلع فى كل 
حين» ويرده بيده» فليس عليه إلا غسل يده» فإن كثر ذلك سقط غسل اليد. 





للق فى ش: الباسور. 


كتاب الطهارة + ۱ 11 





ويروى: بالنون» وهو عریی» وبالباء: وهو عجمىء حكاه الزبيدى» وبالباء: 
وجع المقعدة» وتورمها من داخل»ء وخروج الثآليل» ويالنون: انتفاخ عروقها 
وجريان الدم ومادتهاء وقيل: بالباء: للمقعدة» وبالنون: للأنف. الأعلى للأعلى» 
والأسفل للأسفل» فإن النون ينقط أعلاهاء والباء أسفلها. 

قال صاحب الطراز: فعند (ش) - رحمه الله - يجب الوضوء لمسه دبره ههناء 
وعند حمديس من أصحابنا: يفرق بين أن يتكرر فلا ينقض» أو لا فينقض» وإذا 
قلنا: يلزء2"7 التقض فتنجس اليد؛ لأن بلة الفرج نجسة» وعند من يقول بطهارتها - 
إلحاقا لها بالعرق؛ لخروجها من مسام الجلد [تكون اليد طاهرة]7. 

العاشر: فى التلقين: الردة: خلافا (ش)؛ لقوله - تعالى -: لين مريت ليحطنّ 
ت [الزمر: 16] ونحوهء بعد الرجوع إلى الإسلام؛ لبطلان الوضوء السابق» 
فيصير محدثا. 

قال المازرى: لا يبطل" الوضوء. 

ومستند هذا القول» وهو قول (ش) - رحمه الله -: قوله تعالى: وس یردد 
مدي عن وييدء کیت ور كاز توليك عبطت أعَعَئهُد في الي وار اذيك 
أصِحنبٌ الَا هم فا نزوت [البقرة: 117 11. 

تحقيق : القاعدة الأصولية: أن المطلق يحمل على المقيد؛ فتحمل الآية الأولى 
على الثانية؛ فلا يحصل الحبوط بمجرد الردة» حتى يتصل بها الموت. 

والجواب لمالك - رحمه الله -: أن الآية رتب فيها أمران» وهما حبوط العمل 
والخلود فى النار» على أمرين: وهما الردة والوفاة عليها؛ فجاز أن يكون الأول 
للأرلء والثانى للثانى؛ فلم يتعين صرف الآية الأولى للثانية؛ لعدم التعارض» 
ولا يكونان من باب المطلق والمقيدء كما لو قيل: فمن جاهد منكم فيمت فله 
الغنيمة والشهادة؛ فإن هذا القول حقء وليس الموت شرطا فى الغنيمة إجماعا. 

الحادى عشر: فى الجواهر: الشك فى الحدث بعد الطهارة فى حق غير 
الموسوس يوجب الوضوء» خلافا (ش) و (ح) وهى رواية ابن القاسم فى الكتاب. 





)0 فى ط: يعدم . 
زفق سقط فى أ ش. 
(۳) فى ش: تبطل . 


1۲ جا كتاب الطهارة 


وروی عنه فى غيره الاستحباب)ء فأجرى القاضيان أبو الفرج وأبو الحسن» 
والأبهرى رواية ابن القاسم على ظاهرهاء وحملها أبو يعقوب الرازى على الندب» 
وكذلك إذا شك فى الطهارة والحدث جميعا أو تيقنهما جميعا وشك فى المتقدم» أو 
تيقن الحدث وشك فى الطهارة أو بعضها وعلم تأخرهاء أو شك فيه أو علم تقدمها 
وشك فى طرو الحدث. 

وأما الموسوس: فأطلق ابن شاس - رحمه الله - القول باعتبار أول خواطره؛ 
لأنه حينئذ فى حيز العقلاء. 

وقال عبد الحق والتونسى واللخمى: إذا تيقن الحدث وشك فى الطهارة توضأء 
وإن كان موسوساء وعكسه يعفى عن الموسوس» والفرق: استصحاب الأصل 
السابق . 





وقال اللخمى: إذا تيقن الطهارة وشك فى الحدث وهو غير موسوس ففيه خمسة 
أقوال: الوجوبء والندب» والتفرقة بين أن يكون فى الصلاة أم لاء والثلاثة 
لمالك- رحمه الله - وعند ابن حبيب: الشك فى الريح ملغى» وفى البول والغائط 
معتبرء وفرق - أيضا - بين الشك فى الزمن الماضى وبين الشك فى الحال فى 
الربح» فقال فى الماضى: يجب» وفى الحاضر: لا يجب إذا كان مجتمع الحس . 

قال صاحب الطراز: وهذه التفرقة ظاهر المذهب؛ لما فى الترمذى وأبى داود: 
ما گا أَحَدُكُمْ فى الْمَسْجِدٍ فَوَجَدَ ریخا بين يِه فلا يَخْرْجٍ حى يَسْمَعَ صَوْئًا أو 
يَحِدّ ریسا قال الترمذى: حديث صحيح. 

فروع متناقضة: قال مالك - رحمه الله - فيمن شك فى الطهارة: عليه الوضوء. 
فاعتبر الشك؛ وقال فيمن شك: هل طلق آم لا - لا شىء عليه. فألغى الشك» 
وفيمن شك: هل صلى ثلاثا أو أربعا - يبنى على ثلاث» ويسجد بعد السلام . 
فاعتبر الشك» وقال فيمن شك: هل سها أم لاء لا شىء عليه. وألغى الشك» وقال 
فيمن شك هل رأى هلال رمضان -: لا يصوم. فألغاهء ونظائر ذلك كثيرة فى 
المذهب والشريعة؛ فعلى الفقيه أن يعلم السر فى ذلك. 
)١(‏ فى ط: الاستصحاب. 


زف أخرجه الترمذى »)۷١(‏ وأبو داود (۱۷۷)» وابن ماجه ))0١15(‏ من حديث أبى هريرة» 
وقال الترمذى : حسن صحيح . 


كتاب الطهارة جا ۳ 


قاعدة: الأصل ألا يعتبر فى الشرع إلا العلم؛ لقوله تعالى: ولا مف ما لس لَك 
يب عِلَم [الإسراء: ]۳١‏ لعدم الخطأ فيه قطعاء لكن تعذر العلم فى أكثر الصور 
فجوز الشرع اتباع الظنون؛ لندرة خطئهاء وغلبة إصابتها. 

وبقى('2 الشك على مقتضى الأصل؛ فكل مشكوك فيه ليس بمعتبر. 

ويجب اعتبار الأصل السابق على الشك» فإن شككنا فى السبب لم نرتب 
المسبب» أو فى الشرط لم نرتب المشروطء أو فى المانع لم ننف الحكمء فهذه 
القاعدة مجمع عليهاء لا تنتقض . 

وإنما وقع الخلاف بين العلماء فى وجه استعمالها: 

ف (ش) - رضى الله عنه - يقول: الطهارة متيقنة والمشكوك فيه ملغى؛ 

ومالك - رحمه الله - يقول: شغل الذمة بالصلاة متيقن يحتاج إلى سبب مبرئ؛ 
والشك فى الشرط يوجب الشك فى المشروط؛ فيقع الشك فى الصلاة الواقعة 
بالطهارة المشكوك فيهاء وهى السبب المبرئ» والمشكوك فيه ملغى؛ فيستصحب 
شغل الذمة. 

وكذلك: إذا شك فى عدد صلواته» فقد شك فى السبب المبرئ؛ فيستصحب 
شغل الذمة» حتى يأتى المكلف بسبب ميرئ» وكذلك العصمة متيقنة» والشك فى 
السبب الواقع ؛ فيستصحبهاء وكذلك يجب على الفقيه تخريج فروع هذه القاعدة. 

تتميم : قد يكون الشك نفسه سبباء كما يجب السجود بعد السلام على الشك» 
فالسبب ههنا معلوم» وهو الشك؛ فإن الشاك يقطع بأنه شاكء والذى انعقد الإجماع 
على إلغائه هو المشكوك فيه» لا الشك؛ فلا يلتبس عليك ذلك. 

فرع : قال صاحب الطراز: إذا صلى شاكا فى الطهارة» ثم تذكرها(" - قال 
مالك: صلاته تامة؛ لأن الشرط: الطهارة» وهى حاصلة فى نفس الأمر» سواء 
علمت أم لا. وقال أشهب وسحئون: هى باطلة؛ لأنه غير عامل على قصد الصحة. 

الثانى عشر: المنى يخرج بعد الغسل . 





)0 فى ش: ونفى . 
(۲) فى ش: یتتف. 
(۳) فى ش: ذكرها. 


14 ج۱ كتاب الطهارة 


قال مالك - رحمه الله -: ليس فيه إلا الوضوء. وقال صاحب الطراز: أوجب 
سحنون مرة به الغسل» ومرة الوضوء. 

وقال فى الجواهر: فى وجوبه - يعنى الوضوء - قولان: الوجوب للبغداديين 
واستحسنه أبن الجلاب» وهر ملحق ب الاستحاضة الذى ورد الحديث فيه» بجامع 
إيجاب حيضها للغسل؛ فكما أوجب أحدهما الوضوء حالة قصوره عن الغسل» 
يوجب الآخر. 

الثالث عشر: دم الاستحاضة يستحب منه الوضوء عند مالك - رحمه الله - خلافا 
(ش) و (ح)ء وقال ابن أبى زيد فى الرسالة: يجب منه الوضوءء وفى الموطأ: أن 
امرأة كانت تهراق الدماء فى عهد رسول الله يلل فاستفتت لها أم سلمة رسول الله 
كل فقال عليه السلام: «إتنظز إلى عَدَدٍ اللیالی وَالْأَيَام ابی كانت تَحِيضُهُنْ مِنّ 
٠ 90‏ كَبْلَ أن يُصِيبَهَا الى أَصَابَهَاء تدرك الصَّلَاةً قَدْرَ ذلك يِن الضَّهْرِء كَإِدًا 

خَلْقَتْ ذلك كَلْتَمْتَسِلَء ولتستنفر پوب ثم ليم “» قال أبو داود: زاد عروة: : ثم 

موصأ ِكل صَلَاةٍ حَبّى يَجِىء ذَلِكَ ا 

قال صاحب الطراز: ويدل على عدم وجوبه اتفاق الجميع على أنه إذا خرج فى 
الصلاة أكملتها وأجزأت عنها. 

قال: والفرق بينه وبين المنى الخارج بعد الغسل على أحد القولين: لزوم 
الخروج» بخلاف المنى» وإنما بابه سلس البول؛ لاشتراكهما فى المرضء» ولو 
خرجت فضلة" المنى فى الصلاة أبطلتها اتفاقاء بخلاف سلسه ودم الاستحاضة. 

الرابع عشر: رفض النية: كما إذا عزم على النوم» فلم ينم . قال صاحب الطراز: 
ظاهر الكتاب يقتضى عدم الوجوب؛ لقوله فيمن وطئ زوجته بين فخذيها: لا غسل 
عليهماء إلا أن ينزلاء وفى مختصر ابن شعبان: أنه يتوضاً. 

وجه الأول: أن المقصود من النية تخصيص العمل لله - تعالى - وقد حصل 
ذلك» والثانى مبنى على أن النية كجزء الطهارة» وذهاب الجزء يقتضى ذهاب 





۰۱۱۹/۱( ۲۷۸)ء والنسائى‎ »۲۷٤( وأبو داود‎ 2)١١8( أخرجه مالك (۲/۱٦)ء حديث‎ )١( 
.)؟١9//١( والحميدى (۳۰۲)ء وأحمد (5/ ۲۹۳)ء والدارقطنى‎ ),۲ 
زفق فی ش: وجدت بلة.‎ 


كتاب الطهارة جا 10 


الحقيقة المركبة» ولأن العزم على منافى الطهارة ينافى النية الفعلية ؛ فأولى أن ينافى 
الحكمية . 

الخامس عشر: رؤية الماء بعد التيممء وقبل الصلاة يوجب استعماله» وبطلان 
الإباحة السابقة؛ لأن الإقدام على الصلاة بالتيمم مشروط بدوام عدم الماء إلى 
الشروع فيهاء على ما يأتى تقريره فى باب التيمم» إن شاء الله تعالى. 

القسم الثانى - مظنات الأسباب : 

والمظنة فى اللغة واصطلاح العلماء: التى يوجد عندها الظنء من باب «مقتل» 
و«مضرب»» الذى هو القتل والضرب» فجعله مكان الظن مجازاء وهى() ثمانية: 

المظنة الأولى: مس الذكر بباطن الكف عند مالك» وبباطن الأصابع - أيضا - 
عند ابن القاسم» كما حكاه فى الكتاب» يوجب الوضوء خلافا (ح)؛ لما فى الموطأ 
عنه - عليه السلام - أنه قال: ذا مَل أَحَدُكُمْ ذَكْرَهُ فَليتَوَضأء9©. 

وقال أشهب: باطن الأصابع لا يوجب وضوءا. 

ووجه تخصيص باطن الكف والأصابع؛ لأن العادة أن اللمس يكون بهماء ولأن 
فيهما من اللطف والحرارة المحركين للمذى ما ليس فى غيرهماء ولأن الأصابع 
أصل اليدء بدليل تكميل العقل فيهما. 

ووجه قول أشهب: أن الأصابع أقل حرارة ولطفا من باطن الكف؛ فلا تلحق به. 

ولا تشترط اللذة عند المغاربة» وبعض البغداديين» وتشترط عند العراقيين؛ قياسا 
على لمس النساءء ولحديث طلقء قال: قدمنا على رسول الله يل فجاء رجل كأنه 
بدوى» فقال: هيا رَسُولَ الله» ما ری فى مسل الرْجُل ذْكَرَه بعد ما وَأ كَقَالَ: هَل 

00 


هُوَ إلا بَضْعَةٌ يئكه رواه أبو داود 
فقال العراقيون: يجمع بين الأحاديث بوجود اللذة وعدمهاء وعند جمع المغاربة 
بتعيين الكف والأصابع للوجوب» وقالوا: طلق من المرجئة؛ فيسقط حديثه فلا 


)0 فى ش: وهو. 
(۲) أخرجه مالك )47/١(‏ رقم (58)» وأبو داود (۱۸۱)ء والترمذى (۰۸۳ ۰)۸٤‏ والنسائی 
٠٠١١/١‏ وابن ماجه (۷۹٤)ء‏ وأحمد 2))5١5/5(‏ وغيرهم من حديث بسرة. 
وقال الترمذى: قال محمد - يعنى البخارى -: أصح شىء فى هذا الباب حديث بسرة. 
(۳) أخرجه أحمد /٤(‏ 037 ۲۳)ء وأبو داود (141ء "1417)» والترمذى (٥۸)ء‏ والنسائى /١(‏ 
١١‏ ) وابن ماجه »)٤۸۳(‏ وابن الجارود (۲۰ء ۲۱)»› وغيرهم من حدیث طلق. 


١ + 1٦‏ كتاب الطهارة 


حاجة إلى الجمع . 


وقال مالك فى العتبية: لا يجب من مسه وضوءء كما قاله (ح). 

[وأورد الحنفية] على حديث بسرة عشرة أسئلة: 

أحدها: أن راويه عنها مروان بن الحكم» وهو كان يحدث فى زمانه مناكير؛ 
ولذلك لم يقبله عروة" [منهء وقال: لا آعرفه] . 

وثانيها: أنه أرسل رجلا من الشرط؛ لينقل له ما أنكره عليه عروة)ء والرجل 





مجهول . 
وثالثها: أن ربيعة شيخ مالك - رحمه الله - قال: لو شهدت بسرة فى بقلة 
ما قبلتها. 


ورابعها: رواية ابن وهب عن مالك - رحمه الله -: أن الوضوء من مس الذكر 
سنة؛ فكيف يصح عنده هذا الحديث ثم يستجيز هذا القول؟! 

وخامسها: قول ابن معين: لم يصح فى مس الذكر حديث. 

سادسها: أن الرجل أولى بنقله من بسرة. 

وسابعها: أنه مما تعم به البلوى؛ فينبغى أن ينقل مستفيضاء ولما لم يكن كذلك 
دل على ضعقه. 

وثامنها: إنكار أكابر الصحابة - رضى الله عنهم - لحكمه: كعلى وابن مسعود؛ 
فيقول على: ما أيالى مسسته أو مسست طرف أنفى. ويقول ابن مسعود: إن كان 
شىء منك نجس فاقطعه. 

وتاسعها: سلمنا صحته؛ لكن نحمله على غسل اليد؛ لأنهم كانوا يستجمرون ثم 
يعرقون» ثم يؤمر من مس موضع الحدث بالوضوء الذى هو النظافة. 

وعاشرها: أنه معارض بحديث طلق» والقياس على سائر الأعضاء. 

والجواب عن الأول: أن مروان كان عدلا؛ ولذلك كانت الصحابة تأتم بيه 
وتغشى طعامهء وما فعل شيئا إلا عن اجتهادء وإنكار عروة لعدم اطلاعه. 


(۲) فى ط: يقبل طلحة. 
(۳) فى أء ش: منهء وقال له: لا أعرفه. 
)٤(‏ فى ط: طلحة. 


کتاب الطهارة ج ١‏ 1¥ 


وعن الثانى : أن الرجل معلوم عند عروة» وإلا لما حسنت إقامة الحجة عليه به؛ 
وقد روى أن عروة سمعه بعد ذلك منها. 

وعن الثالث: أن عدم استقلال المرأة فى الشهادة لا يدل على عدم قبول روايتهاء 
وإلا لما قبلت رواية عائشة» رضى الله عنها. 

وعن الرابع: أنه لم يطعن فى الصحة»ء وإنما تردد فى دلالة اللفظ: هل هى 
للوجوب أو الندب؟ 

وعن الخامس: أنه إذا لم يصح عنده» فقد صح عند غيره. 

وعن السادس والسابع: أن الخبر رواه نحو خمسة عشر من الرجال والنساء. 

وعن الثامن: أن الحديث لم يثبت عندهم» وثبت عند غيرهم» ولا يجب فى 
الصحابى أن يطلع على سائر الأحاديث. 

وعن التاسع : أن لفظ الشارع إذا وردء حمل على عرفه حتى يرد خلافه. 

وعن العاشر: أن حديث طلق لا يصح» والقياس قبالة النص فاسد. 

قال صاحب الاستذكار: الذى تقرر عند المغاربة : أن من مس ذكره أمر بالوضوء 
ما لم يصلء فإن صلى أمر بالإعادة فى الوقت» وكذلك قاله ابن القاسم وابن نافع 
وأشهب. 

وقال سحنون والعتبى: لا يعيد مطلقاء [قال اللخمى: الإعادة مطلقا]('2 رواية 
المدنيين عن مالك. 

وقال ابن حبيب: العامد يعيد مطلقاء والناسى فى الوقت. 

وقال سحنون - أيضا -: يعيد فى اليومين والثلاث. 

واختلفوا فى مسه ناسيا أو على ثوب خفیف» أو بذراعه» أو بظاهر كفه» أو قصد 
إلى مسه بشىء من أعضائه سوى يده. 

. وتحصيل المذهب عند أكثر المغارية : أن مسه بباطن الكف والأصابع دون حائل 
ينقض الوضوءء وغير ذلك لا ينقضه. 

فى الجواهر: قال القاضى أبو الحسن: العمل من الروايات على وجوب الوضوء 
[منه م فوق ثوب» أو من تحته» وروى عن مالك - رحمه الله - الوجوب من 





)١(‏ بدل ما بين المعقوفين فى أ» ش: وهو. 
(؟) فى أء ش: متعين. 


11۸ ج ١‏ كتاب الطهارة 
فوق الغلالة الخفيفة . 

فروع ثمانية 

الأول: من الطراز: إذا مسه بين أصبعيه؛ أو بحرف كف أو بأصبع زائدة - 
انتقض على ظاهر قول ابن القاسم» وفى الأصبع الزائدة خلاف» والقياس على سائر 

الأحداث يقتضى أن القصد لا يشترط» وكذلك عموم الحديث. 

الثانى : فى الجواهر: لو مس ذكره بعد قطعه لم ينتقض وضوءه؛ لأنه صار ليس 
بذكر له والحديث إنما ورد فى ذكره» ولذهاب اللذة منه› ولأن المرأة لو استدخلته 
الثالث: قال: لا ينتقضص وضوء الختان بذكر المختون ولا بذكر الغير» خلافا 

(ش)؛ لأنه ليس ذكرا له. 

الرابع : قال: لا وضوء على المرأة من مس فرجهاء قاله فى الكتاب؛ لأن فرجها 

ليس بذكر فيتتاوله الحديث» وروى عنه أن عليها الوضوء؛ لحديث أبى هريرة - 

رضى الله عنه -: 2 أَنْضَى بيده إلى فُرچه راء وعن عائشة - رضى الله 

عتها - أنها قالت: قال عليه السلام: وَل لِلذِينَ يَمَسُونَ روجهم م ُصَلُون وَل 

يَتَوَضْئُونَ2 فقلت بأبى أنت وأمى يا رسول الله هذا للرجال فما بال النساء؟ فقال - 

عليه السلام -: (إِذًا مَسّتْ إِخْدَاكُنَ فَرْجَهَا فَلتتَوَضَأ»9 . 

وروى عنه : التفرقة بين أن تلطف وبين ألا تلطف؛ فيجب الوضوء من الأول لوجود 
اللذة» وسأل ابن أبى أويس مالكا عن الإلطاف» فقال: أن تدخل يدها بين شفريها. 
واختلف المتأخرون فی : رقا هذه الروايات على ظاهرهاء أو جعل (4) 
التفصيل تفسيرا للإطلاقين» أو جعل“ المذهب على قولين: النقض مطلقاء 

(۱) أخرجه الدارقطتی (۱/ .)۱٤١‏ 

(۲) أخرجه الدارقطنى /١(‏ ١٤1۱ء‏ ۸١٠)ء‏ وفى إسناده عبد الرحمن بن عبد الله العمرى وهو 
ضعيف. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو: أخرجه أحمد (۲/ ۲۲۳)ء والبيهقى /١(‏ 
c(۲‏ ونقل الترمذى فى «العلل» عن البخارى تصحیحه . وينظر «التشخيص» 1۷/۷( 

(۳) فی أء ش: هل. 

)5( فى أ ش: وجعله. 

. فى أء و : وأن يجعل‎ (o) 

)5ن فی اء * ش: البعض . 





كتاب الطهارة ج۱ 114 





الخامس : قال: لا ينتقض الوضوء بمس الدبرء وانفرد حمديس بإيجاب مس 
حلقة الدبر الوضوء؛ تخريجا على إيجاب مس المرأة لفرجهاء وعلى القول الآخر 
لايوجيه . 

السادس: قال: مس الختثى المشكل فرجه» قال الإمام أبو عبد الله يتخرج على 
القولين فيمن أيقن الطهارة وشك فى الحدث على مذهب المغاربة» وعلى مذهب 
البغداديين فى مراعاة اللذة» ففى أى فرج اعتاد وجودها أوجب الوضوء. 

السابع : لا يتتقض وضوء من مس ذكر غيره» وقال الأيلى البصرى من أصحابنا: 

الثامن: قال عبد الحق فى تهذيبه: قال أشهب: من صلى خلف من لا يرى 
[الوضوء من الملامسة أعاد أبدّاء ومن صلى خلف من لا يرى] الوضوء من مس 
الذكر لم يعد؛ لأن الوضوء من الملامسة ثابت بالقرآن المتواتر» ومِنْ مَس الذكر 
بأخبار الآحاد» وقال سحنون: يعيدان جميعا فى الوقت. 

المظنة الثانية : الملامسة: قال فى الكتاب : مس أحد الزوجين صاحبه للذة من فوق 
ثوب أو من تحتهء أو قبلة فى غير الفم - يوجب الوضوء خلافا (ح) فى اشتراطه التجرد؛ 
والتعانق» والتقاء الفرجين مع الانتشار» ولمنع محمد بن الحسن إيجاب الملامسة 
مطلقاء وخلافا (ش) فى عدم اشتراط اللذة [مع نقضه أصله بذوات المحارم . 

لنا : قوله تعالى : اأوْ مَك اس [النساء: 47]» وفى اشتراط اللذة]" ما فى 
مسلم عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت: كُنْت اام بَيْنَ يَدَى رَسُولٍ الل ل 
وَرِجْلَاى فى يله ذا سَجَدَ حْمَرَنى ُقَبَضْتُ رِجلئ» وَالَْيُوتُ يَوْمَئِذٍ ليس فيهًا 
مَصَايبيخ0 . 

وفى الموطأ عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت: كُنْت تائم إلى جنب النبى بلا 





)١(‏ سقط فى ش. 

(۲) ما بين المعقوفين سقط فى أء ش. 

(۳) آخرجه مالك )١١7/١(‏ رقم (۲)» والبخارى (۳۸۲)» ومسلم (۳۷/۱) رقم (۲۷۲/ 
.(o1۲‏ 

.)۳١( رقم‎ )۲۱٤/۱( أخرجه مالك‎ )٤( 


۲۰ ج ۱ كتاب الطهارة 


تمسك الحنفية بأن هذا حكم تعم به البلوى»ء ولم ينقل عنه - عليه السلام - أنه 
قال: من لمس زوجته انتقض وضوءه. بل نقل عنه - عليه السلام - أنه كان يقبل 
بعض زوجاته ولا يتوضأء نقله أبو داود والترمذى عن عائشة رضى الله عنها'» وقد 
قال ابن عباس: الإفضاءء والتغشى» والرفث» والملامسة» فى كتاب الله - تعالى - 
كنايات عن الوطءء ولأن السبب فى الحقيقة إنما هو المذى» ويمكن الوقوف عليه؛ 
فلا حاجة إلى [اعتبار مظنة له . 

والجواب عن الأول: أن تمسكهم بعموم البلوى هناء وفى مسألة الوضوء من 
مس الذكر؛ بناء على أن كل ما تعم به البلوى يجب اشتهاره» وإلا فهو غير 
مقبول؛ لأن ما تعم به البلوى يكثر السؤال فيه» فيكثر الجواب عنه؛ فيشتهر» وهم 
نقضوا هذه القاعدة بإيجاب الوضوء من الحجامة والدم السائل من الجسد وغيرهماء 
وقد كان - عليه السلام - يتلو طول عمره: أو لسم أله [النساء: “47] وهو 
مقطوع به متواتر. 

وعن الثانى: أن الحديث غير صحيحء طعن فيه الترمذى وأبو داودء وقال 
الدارقطنى: هذه اللفظة لا تحفظ؛ وإنما المحفوظ: كان يقبل وهو صائم. 

وعن الثالث: أن قوله مدفوع بقول عائشة وعبد الله بن عمر وابن مسعود - رضى 
الله عنهم -: [إِنَّ الُبْلَةَ لا تُوجبُ الوْضْوء]9). 

وعن الرابع : أن مظنة الشىء تعطى حكم ذلك الشىء» وإن أمكن الوقوف عليه 
كالتقاء الختانين مظنة الإنزال: أعطى حكمهء والنوم مظنة الحدث: وأعطى حكمهء 
مع إمكان الوقوف عليهء وعلى رأيهم : المباشرة مع التجرد وما معه مظنة أيضا. 

ولا فرق عندنا بين أن يكون الملموس عضواء أو شعرا [من زوجة]ء أو 
أجنبية» أو محرماء وبين قليل المباشرة وكثيرهاء وبين اليد والفم وسائر الأعضاء 
إذا وجدت اللذة فى جميع ذلك. 





,)ه١؟( والترمذى ۰)۸ وابن ماجه‎ :)١1/9( وأبو داود‎ »)51١/1( أخرجه أحمد‎ )١( 
. )۱۳۷ /۱( والدارقطنى‎ )4٠70 وأبو يعلى‎ 

زفق فى أ ش: اعتباره بمظنة له. 

(۳) فى ش: مبنى. 

)٤(‏ فى ط: أن القبلة توجب الوضوء. 

(۵) سقط فی أ ش. 


كتاب الطهارة ج ۱ ۲۲۱ 





فروع ثمانية : 

الأول: فى الجواهر: القبلة فى الفم لا يشترط فيها اللذة لأنها لا تنفك عنها 
غالباء وأقيمت المظنة مقامهاء وإن لم يعلم وجودهاء كالمشقة فى السفر لا تعتبرها 
مع وجود مظتتهاء وهى المسافة المحدودة لهاء وروى عنه اعتبارها. 

قال الياجى: وعليه أكثر الأصحاب. والأول ظاهر الكتاب. 

الثانى: إذا وجد اللامس اللذة ولم يقصدهاء أو قصدها ولم يجدها - فعليه 
الوضوء على المنصوص: أما الأول؛ فلوجود اللذة وهى السبب» وأما الثانى: قال 
صاحب الطراز: قال ابن القاسم: [لأن القلب التذّ لأجل قصده لذلك]2©9: وهذا 
لا يستقيم ؛ لأن السبب هو اللذة لا إرادة اللذة؛ ألا ترى أنه لا وضوء عليه» إذا قصد 
مسها من فوق حائل كثيف؟! 

قال اللخمى: هذا يتخرج على رفض”' الطهارة. 

واستقرأ بعض المتأخرين عدم النقض هنا فى مسألة الرفض» وتعقب بالفرق 
بمقارنة الفعل. 

الثالث: قال صاحب الطراز: إذا كان اللمس من وراء حائل خفيف يصل بشرتها 
إلى بشرته وجب الوضوءء خلافا (ش)؛ لوجود اللذة» وإن كان كثيفا. 

قال مالك - رحمه الله - فى العتبية والمجموعة: لا وضوء عليه. وقاله ابن 
القاسم وسحنون وابن حبيب. 

فيحمل قوله فى الكتاب على هذا؛ دفعا للتناقض. 

قال اللخمى: أما إذا ضمهاء استوى الخفيف والكثيف. 

الرابع: فى الجواهر: الملموس إذا وجد اللذة توضأء خلافا (ش) فى أحد 
قوليه؛ لأن الله - تعالى - إنما خاطب اللامس بقوله: #أوٌ لس اة4 
[النساء:47]؛ لاشتراكهما فى اللذة فيشتركان فى موجبها كالتقاء الختانين» وإن لم 
يجد الملموس لذة فلا وضوء عليهء إلا أن يقصد؛ فيكون لامسا فى الحكم. 


)١(‏ فى أء ش: لأن السيب القصد إليهء لأجل اللذة. 


زفق فى أ ش: نقص . 
[فرف فى ش: من. 


۲۲ جا كتاب الطهارة 


الخامس: قال: لو نظر فالتذ بمداومة النظرء ولم يكثر' ذلك منهء فلا وضوء 
عليه؛ لعدم السبب الذى هو الملامسةء وقال ابن بكير: يؤثر. 

السادس: الإنعاظ : قال صاحب الطراز: قال مالك - رحمه الله -: لا شىء 
عليه؛ لأن العادة فيه غير منضبطة» فيهمل» بخلاف اللمس فإن غالبه المذى. 

قال اللخمى: قيل: عليه الوضوء؛ لأن غالبه المذى» وأرى أن يحمل على 
عادته» فإن اختلفت عادته توضأ أيضاء وإن أنعظ فى الصلاة» وعادته عدم المذى 
مضى عليها. وإلا قطعء إلا أن يكون ذلك الإنعاظ ليس بالبين. فإن كان شأنه 
المذى بعد زوال الإنعاظء وأمن ذلك فى الصلاة - أتمهاء فإن تبين أن ذلك كان 
قبل» قضى الصلاة» وإن أشكل عليه جرى على الخلاف. 

السابع: قال صاحب الطراز: يجب الوضوء من مس ظفر الزوج والسن والشعر 
إذا التذء خلافا (ش)ء ولم يره مالك فى العتبية فى الشعر. 

والعجب من (ش) - رحمه الله -: أنه نقض الوضوء يمس أذن الميتة» ولم 
ينقضه بمس أظفار أنامل الحية» مع قوله: إن شعر الميتة نجس» وإن لم يكن حيا؛ 
لأن كل متصل بالحية فهو على حكمهاء فما باله هنا لا يكون على حكمهاء لا سيما 
وهو لا يراعى اللذة؟! وقد اتفقنا على أنه إذا قال : إن مسست امرأتى فهى طالق» أو 
عبدى فهو حرء فمس ظفرهما - طلقت وعتق العبد. 

قاعدة أصولية يتخرج عليها فروع هذا الباب وغيره. 

وهى: أن الشرع إذا نصب سببا لحكم لأجل حكمة اشتمل عليها ذلك السبب» 
هل يجوز التعليل بتلك الحكمة؛ لأنها سبب جعل السبب سبباء والأصل متقدم على 
الفرع؟ أو لا يجوز ذلك وهو الصحيح عند العلماء؛ لأن حكمة جعل السرقة سبب 
القطع صون الأموال» وحكمة جعل الإحصان مع الزنا سبب الرجم صون الأنساب» 
وحكمة جعل المسافة المعينة فى السفر سيب القصر المشقة؟ ونظائر ذلك كثيرة 
جداء مع انعقاد الإجماع على منع ترتيب أحكام هذه الأسباب بدونهاء وإن وجدت 
الجكم؛ فكذلك هنا جعل الله - تعالى - اللمس سبيا للوضوء لاشتماله على اللذةء 





)١(‏ فى ط: ينتشر. 
(۲) فى ش: عليه . 


كتاب الطهارة +۱ ۲۳ 


فهل يجوز اتباع اللذة على الإطلاق كما فى التذكر والإنعاظ؟ أو لا يراعى ذلك على 
الإطلاق» حتى لا يوجب الوضوء من وراء حائل وإن رق؟ أو يتوسط بين الرتبتين» 
وهو ظاهر المذهب؟ 

تمهيد: يظهر منه مذهب مالك - رحمه الله - على الشافعية والحنفية : 

أما الحنفية: فلأن الله - تعالى - عطف الملامسة على المجىء من الغائط. 
والذى يفعل فى الغائط لا يوجب غسلا؛ فتحمل على ما لا يوجب غسلا تسوية بين 
المعطوف والمعطوف عليه» ولأن الله - تعالى - قال: «وإن كم جنب كَاطهَررا4 
[المائدة: ”]» فلو كان المراد.بالملامسة الجماع لزم التكرارء ويؤكد ذلك ما قاله 
صاحب الصحاح: إن اللمس اللمس باليدء يقال: لمسه يلمسه» بضم الميم فى 
المضارع وبكسرها. 

4 الشافعية": فلأن أئمة اللغة قالوا: اللمس الطلب» ومن ذلك قوله - عليه 

م -: «الْتَيسء وَلَوْ حَآنْمَا مِنْ حَدِيدة(؟ وقوله - تعالى - حكاية عن الجان: 

5 1 العم هَوْمَدْئتَهَا ملعت حَرسًا سيدا وَسْببًا» [الجن: 8] أى طلبنا. 

ولما كانت النساء تلمس طلبا للذةء قال الله - تعالى -: #أو لسم اة 
[النساء: »]٤١‏ والأصل فى الاستعمال الحقيقة؛ فيكون هذا نصا على إبطال مذهب 
الشافعية والحنفية» وعلى اشتراط اللذة والطلب. 

المظنة الثالثة: النوم: ویس حدثا ف نفسه» وتلل صاحب الطراز عن بن قاسم 
قولا: إنه حدث . وإذا فرعنا على المذهب فهو يوجب الوضوء؛ لكونه مظنة الريح؛ 
لقوله - عليه السلام -: «الْعَيَانِ وِكَاءٌ السّوء فِإِذًا َامَتِ الْيَانِ الفتحَ رگ۵ 
على أن أبا عمر قال فى التمهيد: هذا حديث ضعيف لا يحتج به» إلا أن معناه معلوم 
بالعادة» وجرت عادة الفقهاء بذكره» فذكرته. 

والوكاء: الخيط الذى يربط به الشىء» والسه: أصله العجزء ويقولون: رجل 
)١(‏ فى ش: المس. 
(؟) فى ش: وأما على الشافعية. 
(۳) أخرجه البخارى »)۵٠١٠١(‏ من حديث سهل بن سعد الساعدى. 
)٤(‏ أخرجه أحمد (۱۱۱/۱)ء وأبو داود (۲۰۳)» وابن ماجه »)٤۷۷(‏ والبيهقى (۱۱۸/۱)ء» من 

حديث على بن أبى طالب. 

وفى إسناده بقية بن الوليد» وهو مدلس. 


١ ٤‏ كتاب الطهارة 


أسته» وامرأة ستهاءء إذا كان الرجل أو المرأة كبيرة العجز» ثم يستعمل مجازا فى 
حلقة الدبر» وهو المراد ههناء وأصل اللفظة: ستهء مثل: قلمء فحذفت التاء التى 
هى عين الكلمة؛ فبقى: سه» ويروى بحذف لام الكلمة» التى هى الهاء؛ وإثبات 
العين التى هى التاء. 

فشبه - عليه السلام - الإنسان بزق مفتوح لا يمئع خروج الريح منه إلا الحواس» 
وذهابها بمنزلة ذهاب الخيط الذى يشد به الزق. 

وقد اختلف الأصحاب فى النوم الذى هو مظنة: 

فضبطه اللخمى وغيره بالزمان وكيفية النوم» فقال: طويل ثقيل ناقض بلا خلاف 
فى المذهب» وقصير خفيف غير ناقض على المعروف منه» وخفيف طويل يستحب 
منه الوضوءء وثقيل قصير فيه قولان: 

وضبطه أبو محمد عبد الحميد» بهيئة() النائم» فإذا كان يتهيأ منه الخروج مع 
الطول نقض» كالراقد» وعكسه كالقائم والمحتبى لا ينقض. وإن كان الطول فقط 
كالحالتين مستنداء وعكسه كالراكع ففيهما قولان» وهذا الضبط أشبه بروايات 
الكتاب» ومقصود الجميع مظنة الخروج» فإن كان بحيث لو خرج لم يشعر به 
انتقض» وعكسه لا ينتقض» وإن استوى الأمران فهو كالشاك فى انتقاض وضوئه. 

وهذا الكلام على النوم من حيث الجملة» فلنتكلم عليه من حيث التفصيل 
فنقول: 

للنائم إحدى عشرة حالة: 

الأولى : [الساجد] . 

قال فى المدونة: يجب منه الوضوء إذا استثقل» خلافا (ح)؛ لقوله تعالى: 
«ينآيبا الح ءَامَنوَا إا قتشم إل الصلوة اغيلو وجوم الآية [المائدة: 1]. 

قال زيد بن أسلم: معناه قمتم من المضاجع» فجعل النوم سبباء واختار هذا 
التفسير مالك - رحمه الله - وجماعة من أصحابنا؛ لأن الله - تعالى - لم يذكر النوم 
فى نواقض الوضوء؛ فوجب حمل هذا عليه. 





)١(‏ فى ش: بهيئات. 
(۲) فى ش: فإن. 
(۳) سقط فى أء وفى ش: حالة السجود. 


كتاب الطهارة ج ١‏ نارفا 





وقال غيره: إذا أردتم القيام للصلاة محدثين على أى حالة كنتم؛ لما فى 
أبى داود: لما قيل له - عليه السلام -: صليت وقد نمت؟ فقال عليه السلام: «تنام 
عينى» ولا ينام قلبى؛ 270 فلو كان نوم القلب لا يؤثر فى الوضوء لم يكن لهذا الكلام 
معنى . 

الثانية: الراكع إذا استثقل نوما وجب عليه الوضوءء خلافا (ح)؛ لما سبق. 

الثالثة : : المضطجه9 . 

قال صاحب الطراز: راعى مالك فى المجموعة الاستثقال فى الاضطجاع» ولم 
يره القاضى فى التلقين ههنا ولا فى السجود. 

الرابعة» والخامسة: الراكب» والجالس. 

قال فى الكتاب: إذا استثقل وطال أوجب الوضوء» وإلا فلا. 

قال: وبين العشائين طويل» خلافا (ش) و (ح). 

قال صاحب الطراز: قال ابن حبيب: لا وضوء على الراكب والراكع والجالس إن 
كان غير مستند» ومراعاة الشافعية انضمام المخرج من الجالس فى عدم الإيجاب ليس 
بشىء؛ لأنه إذا ضعفت القوة الماسكة» وانصب الريح إلى المخرج لم يمنعه الانضمام؛ 
فإن الريح ألطف من الماءء والماء لا ينضبط بسبب الضم؛ فالريح أولى بذلك. 

السادسة: المحتبى. 

قال فى الكتاب: لا وضوء عليه؛ لأنه لا يثبت لو استثقل بخلاف الجالس. 

قال صاحب الطراز: فرق مالك - رحمه الله - فى العتبية بين من نام قاعدا وطال 
فى انتظار الصلاة» وبين من لا ينتظرهاء وقيل له: ربما رأى الرؤيا؟ قال: ذلك 
أحلام ؛ لأن منتظر الصلاة لا يمكن نفسه من كمال النوم» بخلاف غيره» وهو 
ضرورة تحصل للناس فى انتظار الصلاة» والحلم قد يكون حديث النفس» ولأنه إنما 
يحصل مع خفة التوم؛ ولذلك تكثر الرؤيا" آخر اليل . بعد أخذ النهمة من النوم . 





(۱) أخرجه البخاری (1149ء ۰۲۰۱۳ 5054): ومسلم (۷۳۸)» وأبو داود (17"51) من 
حديث عائشة . 

(؟) فى ش: الاضطجاع. 

(۳) فى ش: تكثر وقوع الرؤيا. 

)٤(‏ فى ش: آخر. 


1۲٦‏ جا كتاب الطهارة 


فرع: قال صاحب الطراز: إذا سقط المحتبى» قال ابن الصباغ من أصحاب 
(ش): إذا زالت أليتاه'“ أو إحداهماء قبل انتباهه انتقضت طهارته» وإن انتبه 
لزوالهما لم تنتقض» قال: وهذا حسن. 

قال صاحب التنبيهات : المحتبى: هو الجالس قائم الركبتين» جامعا يديه على 
ركبتيه بالتشبيك والمسك. 

السابعة: المستند قال القاضى فى الإشراف: هو عند مالك - رحمه الله - 
كالجالس؛ لأن الصحابة - رضى الله عنهم - كانوا ينتظرون الصلاة ولا يعرون عن 
النوم والاستتاد. 

قال ابن حبيب: هو كالمضطجع؛ لأنه باستناده خرج عن هيئة الجلوس» معتمد 
الأعضاء منحلهاء قال صاحب الطراز: وهذا أحسن. 

الثامنة : القائم 

التاسعة: الماشى . 

العاشرة: المستند القائم قال صاحب القبس: من استثقل نوما فى هذه الحالات 
فعليه الوضوءء وإلا فلا. 

الحادية عشرة: إذا استثفر وارتبط» ثم نام. 

قال الطرطوشى: الذى يأتى على المذهب: أن لا وضوء عليه. 

فائدة: الفرق بين السنةء والغفوة» والنوم: أن الأبخرة متصاعدة على الدوام 
من" الجسد إلى الدماغ» فمتى صادفت منه فتورا أو إعياء استولت عليه» وهو 
معدن الحس والحركة؛ فيحصل فيه فتورء وهو السنة» فإن عم الاستيلاء حاسة 
البصر فهو غفوة» وإن عم جميع الجسد فهو نوم مستثقل. 

والأولان لا وضوء فيهما؛ لما فى مسلم: كان أصحاب النبى ككل ينامون ثم 
يصلون ولا يتوضئون220, ومنه - أيضا -: أعتم النبى - عليه السلام - ذات ليلة 





)0 فى ش: ألياه. 


(۲) فى ط: فى. 
(۳) أخرجه مسلم (2)797 وأبو داود (۲۰۰)» والترمذى (۷۸)ء وأحمد (۳/ /ا/ا١),‏ وغيرهم 


وقال الترمذى: حسن صحيح . 


كتاب الطهارة +۱ ۷ 


بالعشاء حتى رقد الناس» واستيقظواء ورقدوا واستيقظواء فقام عمر - رضى الله 
عنه- وقال: الصلاة'ء والأحاديث الصحيحة فى هذا كثيرة. 

وقال (ح) - رحمه الله -: من نام على هيئة من هيئات الصلاة اختياراء مثل )١‏ 
الراكع والقائم والساجد والجالس» فلا وضوء عليه» وإنما الوضوء على المضطجع 
والمائل والمستند» محتجا بما يروى فى الترمذى وأبى داود عنه - عليه السلام -: 
أنه نام وهو ساجد حتى غط ونفخ» ثم قام يصلى. قال ابن عباس : فقلت: يا رسول 
اللهء إنك قد نمتء فقال: (إِنَّ الوضُوءَ لا يجب إلا عَلَى مَنْ تام مُضْطْجِعًا؛ كَل ذا 
اضطْجَحَ اسْتَّدْحَتْ مَقَاصِلَّة: وضعفه أبو داود وأنكره0 . 

المظنة الرابعة: الخنق من الجن. 

قال فى الكتاب: يوجب الوضوء دون الغسل» سواء كان قائما أو قاعدا؛ لشدة 
استيلائه على الحواس» فلا يفرق بين حالاته . 

وقال ابن حبيب: يوجب الغسل» إن دام يوما أو أياما. 

قال (ش) - رحمه الله -: قيل: ما جن إنسان إلا أترل. 

المظنة الخامسة: الإغماء يوجب الوضوء؛ لما سلف» قاله فى الكتاب. 

المظنة السادسة: ذهاب العقل بالجنون لا بالجن» قال فى الكتاب: عليه 
الوضوء. 

المظنة السابعة: السكر قال فى الكتاب: يوجب الوضوء؛ فإن النصوص الموجبة 
للوضوء من النوم توجبه بطريق الأولى؛ لأن هؤلاء لو ردوا لإحساسهم لم يرجعواء 
بخلاف النائم . ْ 

المظنة الثامئة: الهم المذهب للعقل بغلبته قال صاحب الطراز: قال مالك فى 
المجموعة: عليه الوضوءء قيل له: هو قاعد؟ قال: أحب أن يتوضا. قال: يحتمل 
الاستحباب أن يكون خاصا بالقاعد بخلاف المضطجع؛ لتمكنه من الأرض» 





)١(‏ آخرجه البخارى )٥۷١(‏ من حديث اين عمر. 

(۲) فى ش: من. 

إفرف أخرجه أبو داود )°۲( والترمذى )¥۷( والدارقطنی )۱۹/۱ - 0 
وفى إسناده أبو خالدء يزيد بن عبد الرحمن الدالاني» وهو ضعيف. 


وينظر: التلخيص (١1/١511؟).‏ 


١ 114‏ كتاب الطهارة 





ويحتمل أن يكون عاما فيهماء فهذه ثلاثة وعشرون موجبا للوضوء عندنا. 

تذييل: وقع بينى وبين بعض فضلاء الشافعية خلاف: هل هذه الأمور نواقض 
للطهارة» أو موجبات للوضوء؟ والتزمت أنها موجبات . 

ويتبنى على الخلاف: من لم يحدث قطء ثم أراد الصلاة؛ فإنه مأمور بالوضوء 
إجماعاء ويبقى الخلاف فى مدرك هذا الوجوب: 

فإن قلنا: إن هذه الأمور موجبة» فسيب هذا الأمر ما تقدم منه من الإحداث. 

وإن قلنا: إنها ليست موجبة بل ناقضة للطهارة» فلا عبرة بما تقدم من إحداثه؛ 
لأنها لم ترد على طهارة فتنقضهاء ويجب الوضوء؛ لكونه شرطا فى الصلاة كستر 
العورة واستقبال القبلة. 

وأكثر عبارات أصحابنا: أنها موجبة للوضوءء ومنهم من يقول: إنها ناقضة 
للطهارة» وجمع القاضى فى التلقين بينهماء فقال: باب ما يوجب الوضوء وينقضه 
بعد صحتهء والخلاف يرجع إلى مدرك الحكم لا الحكم. 

فصل: فى موجبات مختلف فيهاء وهى نحو عشرة: 

الأول: مس الدبر: 

ويسمى: الشرجء بفتح الشين وفتح الراء؛ تشبيها له بشرج السفرة التى يؤكل 
عليهاء وهو مجتمعهاء وكذلك تسمى المجرة: شرج السماءء على أنها بابها 
ومجتمعها. 

ومسه لا يوجب الوضوءء خلافا (ش) وحمديس من أصحابنا. 

الثانى : الأنثيان لا يوجب مسهما وضوءاء خلافا لعروة بن الزبير؛ لاندراجهما فى 
معنى الفرج عنده. 

الثالث: الأرفاغ: واحدها: رفغ - بضم الراء وسكون الفاء والغين المعجمة - 
وهو طى أصل العجز مما يلى الجوف» ويقال: بفتح الراء» وقيل: هو العصب 
الذى بين الشرج والذكر. 

قال القاضى فى التنبيهات: ومسها ليس بشىء؛ فلا يوجب وضوءًاء خلافا لعمر- 
رضى الله عنه - لقوله - عليه السلام -: «مَنْ مس دَكَرَه لوصا خصه دون سائر 


)١(‏ فى ش: على. 
)0 تقدم تخریجه . 


كتاب الطهارة جا ۲۹ 





الجسد؛ فدل ذلك على عدم اعتبار غيره من الجسد» فإن عارضوا المفهوم بالقياس 
عليه » فرقنا باه سبب المذى» بخلاف غيره. 

الرابع : مس ذكر الصبى وفرج الصبية لا يوجب وضوءّاء خلافا (ش)؛ لأنهما 
ليسا مظنة اللذة. 

الخامس : فرج البهيمة لا يوجب وضوءا» خلافا لليث؛ لأنه ليس مظنة اللذة. 

السادس : الدم يخرج من الدبر أو الحصا أو الدود لا يوجب وضوءًاء خلافا (ش) 
و (ح)؛ لأن الله - تعالى - يقول: اؤ جك َد نکم يِن الال [النساء: ]٤١‏ 
وخطاب الشارع محمول على الغالب المعتادء وهذه ليست معتادة. 

قال صاحب الطراز: قال ابن نافع: ذلك إذا لم يخالطه أذى. 

قال التونسى: ولو خالطه الأذى لكان فيه نظر؛ لأنه غير معتاد. 

وحصى الإحليل إن خرج [عقيبه بول]9© توضاء وإلا فلاء وقال ابن عبد 
الحكم : من خرج من دبره دم صافٍ أو دود» فعليه الوضوء. 

السابع : أكل ما مسته النار أو شربه لا يوجب وضوءاء خلافا لأحمد فى لحوم 
الإبل» ولعائشة وابن عمر وجماعة معهما - رضى الله عنهم أجمعين - لما فى 
الموطأ: أنه - عليه السلام - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضا" . وأما الأحاديث 
الواردة فى الوضوء فمحمولة على الوضوء اللغوى؛ جمعا بين الأحاديث. 

الثامن: القهقهة لا تورجب الوضوء خلافا (ح)؛ لأنها لا توجبه خارج الصلاةء فلا 
توجبه داخلها؛ قياسا على العطاس والسعال» أو نقول: لو أوجبته داخل الصلاة 
لأوجبته خارج الصلاة؛ قياسا على الريح» وأما ما يروى عنه - عليه السلام - أنه 
كان يصلى بأصحابه؛ فدخل رجل فى بصره صر فتردى فى حفيرة كانت فى 
المسجد؛ فضحك طوائف منهم» فلما قضى - عليه السلام - أمر كل من كان منهم 
ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة" . 
(۱) فى ش: فإنه. ` 
(۲) فى أء ش: عقيب البول. 
(۳) أخرجه مالك (۱/ 5؟) رقم (19).؛ والبخارى (۲۰۷)» ومسلم (۱/ ۲۷۳) رقم (41/ 07014 

من حديث ابن عباس. 


(۵) أخرجه أبو داود فى «المراسيل» (۸) عن أبى العالية مرسلاء وينظر: سنن الدارقطنى /١(‏ 


۴۰ + كتاب الطهارة 





فقال عبد الحق: لا يصح من أحاديث هذا الباب شىء؛ ولو سلمنا صحته فهى 
قضية عين» يحتمل أن بعضهم خرج منه ريح؛ فأراد عليه السلام ستره بذلك. 

التاسع : القىءء والقلس» والحجامة» والفصادة» والخارج من الجسد من غير 
السبيلين - لا توجب وضوءًا خلافا (ح)؛ لأن ما يروى عنه - عليه السلام -: 


(الْرُضُوءُ ِن گل َم سَابل»» ومن قوله: هذا رَعَفَ أَحَدُكُمْ فى صَلَاتِهِ صرف 


ولي“ تة الم ثم يوذ وَضُوعك وَلَْسين صلات ٠‏ ومن قوله - عليه 
السلام-: «إذًا اء أَحَدَكٌمْ فى ضَلَاتِهِ أو فلس َلْنْصَرِفْء وَليَتَوَضأء وَلَْبْن عَلَى 
ما مَضَى مِنْ صَّلَدتِدِو2: ونحو ذلك من الأحاديث - لا يغبت منها شىء. 
الأسباب لغير المتنجس» والقياس فى التعبد متعذر؛ لعدم العلة الجامعة. 

العاشر: ذبح البهائم» ومس الصلب» والأوتانء والكلمة القبيحة» والنظر 
للشهرة. وقلع الضرس» وإنشاد الشعرء والتقطير فى المخرجين» أو إدخال شىء 
فيهماء أو أذى مسلمء أو حمل ميت» أو وطء نجاسة رطبة - لا توجب وضوءًا 
خلافا لقوم ؛ عملا بالأصل» حكاه ابن حزم فی مراتب الإجماع . 

تنقيح: أمر الله تعالى بالوضوء مما يحصل فى الغائط» بقوله: #أوْ جك ألم 
نكم ين الْمَكّبط» [النساء: 47] قال (ح) - رحمه الله -: السبب فى ذلك هو 
الخارج النجس الموجب لاستخباث جملة الجسد؛ كما أن الإنسان لو كان به برص 
أو جذام ببعض أعضاته كرهت جملته عرفا فكذلك يستخبث شرعاء فيلحق به كل 
خارج نجس كالحجامة ونحوها. 

وقال (ش) - رحمة الله عليه -: المعتبر: المخرج؛ لأنه هو المفهوم المطرد» 


.)04 - ٤۷ /١( و «نصب الراية»‎ ١7١-١58 = 

و4 فى ش : يرويه من قوله. 

(۲) أخرجه الدارقطنى /١(‏ ۷١٠)ء‏ وضعفه عبد الحق فى الأحكام الرسطى .)١٤١۳/١(‏ 

(۳) أحخرجه الدارقطنی (۱/ )١6!/ - ١61‏ عن ابن عباس وفى إسناده سليمان بن أرقم وهو 
متروك. 

)٤(‏ أخرجه الدارقطتى /١(‏ 2)168 وهو ضعيف أيضًا. 

(5) فى أء ش: والأوتار. 


كتاب الطهارة جا ۳۱ 


عند قوله: أو سسا امد مدأ ين يط4 أى: ما خرج من هذين المخرجين 
أوجب الوضوءء كان طاهرا أو نجساء معتادا أو نادرا. 

وقال مالك - رحمة الله عليه -: المعتبر: الخارج والمخرج المعتادان اللذان 
يفهمان من الآية» وهما تعبدان لا يجوز التصرف فيهماء بل يقتصر على مورد 
النص» وهذا هو الصواب» والله أعلم. 

وليس هذا من باب: أخذ محل الحكم قيدا فى العلة الذى هو منكر؛ بل هذا من 
باب الاقتصار على محل الحكم؛ لتعذر التصرف فيه» والتقل منه إلى غيره. 

تفريع: فى الجواهر: كل سبب من الأسباب المعتبرة يمنع من الصلاةء 
والطواف» وسجود التلاوة» وسجود السهوء ومس المصحف» أو جلده» أو 
حواشيه» أو بقضيب؛ لأن ذلك بمنزلة اللمس عرفا للاتصال» وكذلك حمله فى 
خريطة» أو بعلاقة» أو صندوق» مقصود له. 

ولا بأس بحمله فى وعاء مقصود لغيره» أو مس كتب التفسير أو الفقه المتضمنة 
له؛ لأنها المقصود دونه» وكذلك: الدرهم عليه ذكر الله - تعالى - وقد منعه 
بعضهم ؛ تعظيما لذكر الله تعالى. 

وأما معلم الصبيان فلا يكلف الطهارة لمس الألواح - قاله ابن القاسم - لأجل 
الضرورة ولم يره ابن حبيب. واستحب - أيضا - للصبيان مس الأجزاء أو اللوح 
على وضوء» [وكره لهم مس جملة المصحف على غير وضوء]. 

ولمالك فى العتبية: يعلق من القرآن على الحائض"ء والجنب والصبى فى العنق 
إذا احترز عليهء أو جعل فى شىء يكنهء ولا يعلق بغير ما يكنه. 

وكذلك يكتب للحمى» قال صاحب الطراز: لأنه خرج عن هيئة المصحف. 
وصار ككتب التفسير يحملها المحدث. 

والأصل فى هذه الجملة: الكتاب والسنة: 

أما الكتاب : فقوله - تعالى -: إت لاد كم . في كتنب کنو . لا سء إلا 
الْمُطَبَيُوِنَ» [الواقعة: /الا-94/] وجه التمسك به: أنه - تعالى - نهى عن ملامسة 


)١(‏ سقط فى أء ش. 
(۲) فى ش: الحائط. 


۲ جا كتاب الطهارة 





القرآن ومسه لغير الطاهرين؛ إجلالاء والمحدث ليس بطاهر؛ فوجب أن يمنع من 
مسهء وتقريره: أنها صيغة حصر تقتضى حصر الجواز فى المتطهرين وعموم سلبه 
فى غيرهم» والأصل عدم التخصيص؛ فيحصل المطلوب. 

فإن قيل: لا نسلم أن هذه الصيغة نهى» وإلا لكانت مجزومة الأجزاء» ومؤكدة 
بنون التأكيد. 

سلمناء لكن لا نسلم أن المراد بالمطهرين أهل الأرضء بل أهل السماء؛ كما 
قال - تعالى - فى «عبس»: أي سر . يام ير [عبس: ]۱١ - ۱١‏ سلمنا: أن 
المراد أهل الأرض» لكن المطهرون عام فى المطهرء مطلق فى التطهيرء فلم 
لا تكفى الطهارة الكبرى» ولا تندرج الصغرى لخفتها؟ 

والجواب عن الأول من وجهين: 

الأول: أن الصيغة لو كانت خبرا للزم الخلف فيه؛ لأنا نجد كثيرا من غير 
الطاهرين يمسهء والخلف فى خبر الله - تعالى - محال؛ فيتعين أن تكون نهياء وقد 
حكى النحاة فى الفعل المشدد الآخر: أن من العرب من يحكيه حالة النهى على الرفع . 

الثانى: سلمنا أنه خبر لفظاء و [نقول إنه] نهى معنى؛ كما قال - تعالى - 
ولتت نی وى عون لين © [البقرة: 77]ء علقت يريت 
أشن تة روو [البقرة: ۲۲۸] والمراد: الأمرء كذلك ههنا يكون المراد النهى. 

وعن الثانى من وجهين: 

أحدهما: لو كان المراد أهل السماء» لكان يقتضى أن فى السماء من ليس 
بمتطهر» وليس كذلك» بخلاف ما إذا حملناه على أهل الأرض . 

وثانيهما: أن الألف واللام للعموم؛ فيشمل أهل الأرض والسماءء والأصل عدم 
التخصيص؛ فيحصل المطلوب. 

وعن الثالث: أنه يجب أن يحمل المتطهر على أعلى مراتبه؛ تعظيما لكتاب الله 
تعالى . 

وأما السنة: فما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - كتب كتابا إلى عمرو بن حزم باليمن : 
«ألا يمل لمران إلا طَاهِرٌ('2: وهذا الحديث يؤكد التمسك بالآية؛ لأنه على صيغتها . 


)١(‏ أخرجه مالك (۱۹۹/۱) رقم (۱)» وهو مرسل. 


كتاب الطهارة جا ونيف 


تحقيق: قد توهم بعض الفقهاء أن هذه النصوص لا تتناول الصبيان كسائر 
التكاليف؛ فكما لا يكون تركهم لتلك التكاليف رخصة فكذلك ههناء ولیس كما 
ظن؛ فإن النهى عن ملامسة القرآن لغير المتطهر كالنهى عن ملامسته لغير الطاهرء 
من جهة أن كل واحد منهما لا يشعر بأن المنهى عن ملامسته موصوف بالتكليف» أو 
غير موصوف؛ فيكون الجواز فى الصبيان رخصة. 


١ ٤‏ الوضوء 
الباب الثانى 


فى الوضوء 

والوضوء - بفتح الواو -: الماء. وبضمها(©: الفعلء وحكى عن الخليل الفتح 
فيهماء والأول لا وكذلك الغسل والعْسَّلء والطهور والطهور. واشتقاقه من 
«الوضاءة)» وهى النظافة والحسن. ويقال: وجه وضىء» أى: سالم مما يشينهء 
ولما كان الوضوء يزيل الحدث الذى هو مانع للصلاة» سمى وضوءًاء وفيه ثلاثة 
فصول: 

الفصل الأول: فى فرائضه» وهى سبعة: 

الأول: الماء المطلق» وقد تقدم تحريره. 

الثانى : النية» وفيها تسعة أبحاث: 

البحث الأول فى حقيقتها: وهى قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله؛ فهى من باب 
العزوم والإرادات» لا من باب العلوم والاعتقادات» والفرق بينها وبين الإرادة 
المطلقة: أن الإرادة قد تتعلق بفعل الغير بخلافهاء كما نريد مغفرة الله - جل جلاله- 
وتسمى شهوة» ولا تسمى نية» والفرق بينها وبين العزم: أن العزم تصميم على إيقاع 
الفعل» والنية تمييز له؛ فهى أخفض مئه مرتبة("» وسابقة عليه. 

البحث الثانى - فى محلها: وهو القلب؛ لأنه محل العقل» والعلم» والإرادةء 
والميل» والنفرة» والاعتقاد. 

وروى عن بعد الملك فى كتاب الجنايات: أن العقل فى الدماغ لا فى القلب؛ 
فيلزم على مذهبه: أن الئية فى الدماغ لا فى القلب؛ لأن هذه الأعراض كلها أعراض 
التفس والعقل» فحيث وجدت النفس وجد الجميع قائما بهاء فالعقل سجيتهاء 
والعلوم والإرادات صفاتها. 

ويدل على قول مالك - رحمة الله عليه - قوله تعالى: «أفار ييا في الأرْضٍ 
تكرت هم وب يقلو يب > [الحج: 0.147 اما كدب الْفْوادُ ما رأ5» [النجم: ١١]ء‏ 
ربک ڪب فى شرم الإيكنَّ» [المجادلة: ۲۲]ء إن فى کلک رڪٽ لمن 


0( فى ش: الماء وضمها. 
2( فى ش : رتبة. 


الوضوء ج ۱ o‏ 


گا لم ذب 1ق : ۳۷]ء عَم أله لى فُلُويو» [البقرة: ۷] ولم يصف الله شيئا من 
هذه الأمور بالدماغء فدل على أن محلها القلب؛ ولذلك قال المازرى: أكثر 
المتشرعين وأقل آهل الفلسفة على أن النية فى القلب» وأقل المتشرعين وأكثر 
الفلاسفة على أنها فى الدماغ . 

البحث الثالث فى دليل وجوبها: وهو قوله - تعالى -: ون أا إل لبدو لله 
لصي له ال [البينة : 76] أى : يخلصونه له دون غيره» وهذا يدل على أن ما ليس 
كذلك ليس مأمورا به؛ فوجب ألا يبرئ الذمة من المأمور به. 

وقول - عليه السلام ر ما لكل افر ما 


I مه‎ 2 





هِجِرَثُهُ إِلَى ديا نتا أو امْرَأةٍ اء فَهِجْرَنهُ إلى ما هَاجَرَ 00 

ومعنى هذا الحديث: أن الأعمال معتبرة بالنيات؛ فإن خبر المبتدأ محذوف» 
وهذا أحسن ما قرر به فوجب الحمل عليه؛ فيكون ما لا نية فيه ليس بمعتبر» وهو 
المطلوب. : 

وهذا الحديث: يتناول سائر الأعمال؛ لعموم الألف واللام. 

وأما آخر الحديث فمشكل : لأجل أن الشرط يجب أن يكون غير المشروط» وهنا 
اتحد الشرط والمشروط؛ لأنه إعادة اللفظ بعينه. 

وتحقيقه أن يقول: من كانت هجرته مضافة إلى الله ورسوله فى القصدء فهجرته 
موكولة إلى الله ورسوله فى الثواب» ومن كانت هجرته مضافة إلى دنيا يصيبها أو 
امرأة يتزوجهاء فهجرته موكولة إليهاء ومن وكل عمله إلى ما لا يصلح للجزاء عليه 
فقد خاب سعيهء نسأل الله العافية من كل مويقة! 

وإنما قدر: موكولة؛ لأن خبر المبتدأ إذا كان مجرورا لابد من تقدير عامل فيه 
وهذا أحسن ما قدر؛ فباين الشرط المشروط. 

إذا تقرر ذلك فهى واجبة فى الوضوءء ونقل المازرى عدم وجوبها عن مالك - 
رحمه الله - وخرج على ذلك الغسل. 





)١(‏ أخرجه البخارى »)١(‏ ومسلم :)١6١6/(‏ حديث »)۱۹۰۷/۱٥۵(‏ من حديث عمر بن 
الخطاب. 


۳٦‏ ج 1١‏ الوضوء 


الببحث الرابع فى حكمة إيجابها : وهی تمييز العبادات عن العادات؛ ليتميز ما لله 
عما ليس لهء أو تمبيز مراتب العبادات فى أُنمّسِها؛ لتتميز مكافأة العبد على فعلهء 
ويظهر قدر تعظيمه لربه. 

فمثال الأول: الغسل يكون تبردا وعبادة» ودفع الأموال يكون صدقة شرعية 
ومواصلة عرفية» والإمساك عن المفطرات يكون عبادة وحاجة» وحضور المساجد 
يكون مقصودا للصلاة وتَقَدُجا يجرى مجرى اللذات. 

ومثال القسم الثانى: الصلاة تنقسم إلى فرض ومندوب والفرض ينقسم إلى 
الصلوات الخمس قضاء أو أداء» والمندوب ينقسم إلى راتب كالعيدين والوتر» وغير 
راتب كالتوافل. 

وكذلك القول فى قربات المال» والصوم» والنسك؛ فشرعت النية لتمييز هذه 
الرتب» ولأجل هذه الحكمة تضاف صلاة الكسوف والاستسقاء والعيدين إلى 
أسبابها لتمييز رتبتهاء وكذلك تتعين إضافة الفرائض إلى أسبابها لتتميز؛ لأن تلك 
الأسباب قُرَبٌ فى نفسهاء بخلاف أسباب الكفارات لا تضاف إليها؛ لأنها مستوية. 

وسوی 0 - رحمه الله - بين الصلوات والكفارات» فى عدم الإضافة إلى 
الأسباب. 

والفرق بينهما: ما ذكرناهء لا سيما ومعظم أسباب الكفارات جنايات لا قربات» 
واستحضارها حالة التقرب ليس بحسن» وأما الصلوات فكلها مختلفة حتى الظهر 
والعصر: بقصر القراءة فى العصرء وطولها فى الظهر. 

وهذه الحكمة قد اعتبرت فى ست قواعد فى الشريعة؛ فنذكرها ليتضح للفقيه سر 
الشريعة فى ذلك» وهى: القريات» والألفاظ» والمقاصد» والنقودء والحقوق» 
والتصرفات: 

القاعدة الأولى القربات: فالتى لا لبس فيها لا تحتاج إلى نية كالإيمان بالله 
تعالى » وتعظيمه وإجلاله؛ والخوف من نقمهء والرجاء لنعمه» والتوكل على كرمهء 
والحياء من جلالهء والمحبة لجمالهء والمهابة من سلطانه . 

وكذلك التسبيح» والتهليل» وقراءة القرآن» وسائر الأذكار؛ فإنها متميزة لجنابه - 
سبحانه وتعالى - وكذلك النية منصرفة إلى الله - تعالى - بصورتها؛ فلا جرم لم 
تفتقر إلى نية أخرىء ولا حاجة إلى التعليل بأنها لو افتقرت إلى نية للزم التسلسل؛ 


الوضوء ج ۱ ¥ 


ولذلك يثاب الإنسان على نية مفردة» ولا يثاب على الفعل مفردا؛ لانصرافها 
بصورتها إلى الله - تعالى - والفعل متردد بين ما لله وما لغيره» وأما كون الإنسان 
يثاب على نية حسنة واحدة» وعلى الفعل عشرّاء إذا نوى - فإن الأفعال مقاصد» 
والنيات وسائل» والوسائل أخفض رتبة من المقاصد. 

القاعدة الثانية: الألفاظ إذا كانت نصوصا فى شىء» غير مترددة» لم تحتج إلى 
نية؟ لانصرافها بصراحتها لمدلولاتهاء فإن كانت كئاية أو مشتركة مترددة افتفرت إلى 
الئية . 

القاعدة الثالثة: المقاصد من الأعيان فى العقود إن كانت متعيئة استغنت عما 
يعينهاء کمن استأجر بساطاء أو قدوماء أو ثوباء أو عمامة» لم يحتج إلى تعيين 
المئقعة فى العقد؛ لانصراف هذه الأشياء بصورها إلى مقاصدهاء عادة. 

وإن كانت العين مترددة» كالدابة: للحمل والركوب» والأرض: للزرع والغرس 
والبناء - افتقرت إلى التعيين. 

القاعدة الرابعة : النقود إذا كان بعضها غالبا لم يحتج إلى تعييته فى العقدء وإن لم 
يكن احتاج إلى التعيين. 

القاعدة الخامسة: الحقوق إذا تعينت لمستحقها كالدين المنقول» فإنه معين لربه؛ 
فلا يحتاج إلى نية» مثل حقوق الله تعالى إذا تعينت له» كالإيمان؛ وما ذكر معه. 

وإن تردد الحق بين دينين: أحدهما بِرَمْنْ؛ والآخر بغير رهن» فإن الدفع يفتقر 
فى تعيين المدفوع لأحدهما إلى النية. 

القاعدة السادسة: التصرفات إذا كانت دائرة بين جهات شتى لا تنصرف لجهة 
إلا بنية: كمن أوصى على أيتام متعددةء فاشترى سلعة لا تتعين لأحدهم إلا بالنية» 
ومتى كان التصرف متحدا انصرف لجهته بغير نية؛ فإن مباشرة العقد كافية فى 
حصول ملكه فى السلعة» ومن ملك التصرف لنفسه ولغيره بالوكالة لا ينصرف 
التصرف للغير إلا بالنية ؛ لأن تصرف الإنسان لنفسه أغلب» فانصرف التصرف إليهء 
والنية فى هذه الأمور مقصودها: التمييز» ومقصودها فى العبادات: التمييز والتقرب 
معا. 

سؤال: هذا التقدير يشكل بالتيمم؛ فإنه متميز بصورته لله - تبارك وتعالى - فلم 
افتقر إلى النية؟ 


۳۸ ج ۱ الوضوء 


جوابه: أن التيمم خارج عن نمط العبادات؛ فإنها كلها تعظيم وإجلال» وليس فى 
مس التراب ومسحه على الوجه صورة تعظيم» بل هو شبه العبث واللعب؛ فاحتاج 
إلى النية ليخرجه من حيز اللعب إلى حيز التقرب . 

تنبيه : إذا ظهرت حكمة اشتراط النية فليعلم أن ملاحظتها سيب اختلاف العلماء 
فى اشتراطها فى صيام رمضان والوضوء: فزفر يقول فى الأول و(ح) يقول فى 
الثانى : هما متعينان بصورهماء وليس لهما رتب؛ فلا حاجة إلى النية. 

ومالك و(ش) - رضى الله عنهما - يقولان: الإمساك فى رمضان قد يكون لعدم 
المفطرات» والوضوء قد يكون للتعليم؛ فيحتاجان إلى ما يميز كونهما عبادة عن 
غيرهما. 

البحث الخامس - فيما يفتقر إلى النية الشرعية: 

الأعمال كلها إما مطلوب» أو مباح» والمباح لا يتقرب به إلى الله - تعالى - فلا 
معنى للنية فيه» والمطلوب نواه وأوامر: 

فالتواهى كلها يخرّجٌ الإنسان عن عهدتها وإن لم يشعر بهاء فضلا عن القصد 
إليهاء مثاله: زيد المجهول لناء حرم الله علينا دمه وماله وعرضهء وقد خرجنا عن 
عهدة ذلك النهى» وإن لم نشعر به» وكذلك سائر المجهولات. 

نعم: إن شعرنا بالمحرم ونوينا تركه لله - تبارك وتعالى - حصل لنا مع الخروج 
عن العهدة الثواب لأجل النية؛ فهى شرط فى الثواب لا فى الخروج عن العهدة. 

والأوامر على قسمين: 

الأول منها ما يكون صورة فعله كافية فى تحصيل مصلحته» كأداء الديون والودائع 
والغصوب» ونفقات الزوجات والأقارب؛ فإن المصلحة المقصودة من هذه الأمور 
انتفاع أربابهاء وذلك لا يتوقف على قصد الفاعل لها؛ فيخرج الإنسان عن عهدتها 
وإن لم ينوها. 

والقسم الثانى من الأوامر: ما تكون صورة فعله ليست كافية فى تحصيل مصلحته 
المقصودة منه» كالصلوات والطهارات والصيام والنسك؛ فإن المقصود منها تعظيمه 
- تعالى - بفعلها والخضوع له فى إتيانهاء وذلك إنما يحصل إذا قصدت من أجله - 
سبحانه وتعالى - فإن التعظيم بالفعل بدون [قصد](') المعظم محال» كمن صنع 
(۱) سقط فى ش. 


الوضوء جا ۳4 





ضيافة لإنسان انتفع بها غيره» فإنا نجزم بأن المعظم الذى قصد إكرامه هو الأول دون 
الثانى» فهذا القسم هو الذى أمر فيه الشرع بالنيات وعلى هذه القاعدة يتخرج خلاف 
العلماء فى إيجاب النية فى إزالة النجاسة. 

فمن اعتقد أن الله - تعالى - أوجب على عباده مجانية الحدث والخبث حالة 
المثول بين يديه تعظيما له› فيكون من باب المأمورات التى لا تكفى صورتها فى 
تحصيل مصلحتها؛ فتجب فيها النية» ومن اعتقد أن الله تعالى حرم على عباده”" 
ملابسة الخبث» فيكون عنده من باب المنهيات؛ فلا يفتقر إلى النية ؛ وهو الصحيح. 

البحث السادس - فى شروط النيةء» وهى ثلاثة: 

الأول: 3ن يتعلق بمكتسب الناوى» فإنها مخصصةء وتخصيص [غير 
المفعول المخصص]" محال . 

وأشكل هذا الشرط بنية الإمام؛ فإن صلاته حالة الإمامة مساوية لصلاته حالة 
الانفرادء فهذه النية لابد لها من مكتسبء [ولا مكتسب]7"؛ فيشكل. 

وأجاب بعض العلماء عن هذا السؤال: بأن النية يشترط فيها أن تتعلق 
بمكتسب استقلالاء ويجوز أن تتعلق بتوابع ذلك المكتسب» وإن لم تكن مكتسبة؛ 
كما تتعلق بالوجوب فى الصبح» والندب فى صلاة الضحاء وتحو ذلك» وليس 
الوجوب والندب مكتسبا للعبد؛ فإن الأحكام الشرعية واجبة الوجود» قديمة» صفة 
الله - تعالى سبحانه - فحسن القصد إليها تبعا لقصد المكتسب» وكذلك الإمامة وإن 
لم تكن فعلا زائدا على الصلاة مكتسباء فإن القصد إليها يكون تبعا لقصد 
المكتسب . 

الشرط الثانى : أن يكون المنوى معلوما أو مظنونا؛ فإن المشكوك تكون فيه النية 
مترددة فلا تنعقد» ولذلك لا يصح وضوء الكافر ولا غسله قبل انعقاد الإسلام؛ 
لأنهما عنده غير معلومين ولا مظنونين. 


)١(‏ سقط فى ش. 

(۲) فى ش: وتخصيص المفعول بغير المخصص. 
مم سقط فى أء ش. 

)٤(‏ فى ط: على. 


Yé‏ ج ۱ الوضوء 

فروع : 

الأول: لو شك فى طهارتهء وقلنا: لا يجب عليه الوضوءء أو كان شكه غير 
مستند إلى سبب» فتوضأ فى الحالتين احتياطا ثم تيقن الحدث - ففى وجوب الإعادة 
قولان» أما لو قلنا بوجوب الوضوء عليه فإنه معلوم؛ فلا تردد. 

والثانى: لو توضأ مجددًا ثم تيقن الحدث» ففى كتاب سحنون: لا يجزئه» وعند 
أشهب يجزئه . 

والثالث: لو أغفل لمعة من الغسلة الأولى» وغسل الثانية بنية الفضيلة - ففى 
الإجزاء قولان. 

وخرج أصحابنا هذه المسألة ونحوها على أن القصد إلى الفضائل إنما يكون بعد 
اعتقاد حصول الفرائض» فقد اندرجت نية الفرض فى نية الفضيلة» وهذا لا يستقيم؛ 
لأنا قد بينا أن النية من القصود والإراداتء لا من باب العلوم والاعتقاداتء 
والحاصل : أن الناسى لفرضه الفاعل للنفل» إنما هو على اعتقاد حصول الفرض» 
والاعتقاد ليس بنية كما تقدم. 

نظائر ثمانية") وقع فيها إجزاء غير الواجب: 

أربعة فى الطهارة وهى: من جدد ثم ذكر الحدث» ومن غسل الثانية بنية 
الفضيلة» وقد بقيت لمعة من الأولىء ومن اغتسل للجمعة ناسيا للجنابة» ومن توضاً 
احتياطا ثم تيقن الحدث. 

وثلاثة فى الصلاة» وهى: من سلم من اثنتين ثم صلى ركعتين عقيب ذلك بنية 
النافلة» أو ظن أنه سلم وفعل ذلك ولم يكن سلم» أو أعاد فى جماعة ثم تبين له أنه 
كان محدثا فى صلاته الأولى. 

والثامنة فى الحج» وهى من نسى طواف الإفاضة» وقد طاف طواف الوداع» 
وبعد عن مكة. 

والمشهور فى هذه المسائل يختلف. 

ولا يشكل على هذا الشرط: من نسى صلاة من خمس» فإنه يصلى خمسا مع 
شكه فى وجوب كل واحدة منهن؛ لأن الشرع جعل شكه سببا لإيجاب الجميع» 


)١(‏ فى ش: إن. 
(؟) فى ش: ثمانية نظائر. 


الوضوء ج ۱ ۲٤١‏ 


فالجميع معلوم الوجوب. 

ولا يشكل -أيضا- من شك أصلى ثلاثا أو أربعا؟ فإنه ينوى [صلاة ركعة 
رابعة]؛ ليتم صلاته مع شكه فى وجوبها؛ لأنا نمنع الشك فيها بناء على أنا نقطع 
بشغل ذمته بالصلاة حتى يغلب على الظن عند الحتفى» أو يقطع - عند المالكى 
و(ش) - بإيقاع الأربع» وما حصل ذلك فالقطع الأول مستصحب. 

الشرط الثالث: أن تكون النية مقارنة للمنوى لأن أول العبادة لو عرى عن النية 
لكان أولها مترددا بين القربة وغيرهاء وآخر الصلاة مبنى على أولهاء وتبع له؛ 
بدليل: أن أولها إن نوى نفلا أو واجبا أو قضاء أو أداء كان آخرها كذلك؛ فلا 
تص- 0 . 

واستثنى من ذلك الصوم؛ للمشقة» والزكاة فى الوكالة على إخراجها؛ عونا على 
الإخلاص» ودفعا لحاجة الفقير من باذلها؛ فتتقدم النية عند الوكالة» ولا تتآخر 
لوإخراج المنوى. 

فرع: قال صاحب الطراز: جوز ابن القاسم تقدم النية عندما يأخذ فى أسباب 
الطهارةء بذهابه إلى الحمام أو النهرء بخلاف الصلاةء وخالفه سحنون فى الحمام 
ووافقه فى النهرء وفرق بأن النهر لا يؤتى غالبا إلا لذلك؛ فتميزت العبادة فيه 
بخلاف الحمام؛ فإنه يؤتى لذلك» ولإزالة الدرن» والرفاهية غالبة فيه؛ فلم تتميز 
العبادة» وافتقرت إلى النيةء و قيل: لا تجزئ النية المتقدمة فى الموضعين حتى 
تتصل بفعل الواجب» وقيل: إذا نوى عند أول الوضوء - وهو أول السئن - أجزأه؛ 
لأن الثواب على السنن والتقرب بها إنما يحصل عند النية» وقيل: إن عزبت نيته قبل 
المضمضة والاستنشاق وبعد اليدين لا يجزئه» وإن اتصلت بهما وعزبت قبل الوجه 
أجزأه؛ لأن المضمضة من الوجه» وبها غسل ظاهر الفم» وهى الشفة من الوجه. 

البحث السابع : النية على قسمين : فعلية موجودة» وحكمية معدومة» وكذلك 
الإخلاص والإيمان. 

فيجب على المكلف أن يعزم على طاعة الله ما دام حيا مستطيعا قبل حضورها 
)١(‏ فى ش: بمن. 
(۲) فى أء ش: صلاة ثلاثة من أربعة. 
(۴) فى ش: يصح. 


فق ج ۱ الوضوء 
وحضور أسبابها؛ فإذا حضرت وجب عليه النية والإخلاص الفعليان فى أولهاء 
ويكفى الحكميان فى بقيتها؛ للمشقة فى استمرارها بالفعل» وكذلك قال صاحب 
الطراز: لو وزن زكاته وعزلها للمساكين» ثم دفعها بعد ذلك بغير نية - اكتفى 
بالحكمية وأجزأت. ولم يشترط الإيمان الفعلى فى ابتدائها؛ لصعوبة الجمعء 
وأفردت النية دونه؛ لأنها مستلزمة له من غير عكس. 

فروع ثلاثة: 

الأول: تكفى الحكمية بشرط عدم المنافى. 

قال ابن القاسم فى المدونة: إذا توضأ وبقيت رجلاه» فخاض بهما نهراء ومسح 
بيديه رجليه فى الماء» ولم ينو بذلك [غسل رجليه - لا يجزئه غسل رجليه. 

قال صاحب الطراز: يريد إذا قصد بذلك غير“ الوضوءء بل إزالة القشب لم 
يجزئه . وقال صاحب النكت: معناه أنه [ظن]0) كمال وضوئه فرفض نيتهء أما لو 
بقى على نيته والنهر قريب أجزأه. 

قال صاحب الطراز: النية الحكمية تتناول الفعل ما لم تتناوله النية الفعلية 
بخصوصه: فإن النية الخاصة به أقوى؛ كما لو قام لركعة وقصد أنها خامسة» وهى 
رابعة فى نفس الأمر فسدت الصلاةء أو صام يوما فى الصوم المتتابع ينوى به النذرء 
بطل التتابع . 

ويتخرج على هذه المسألة: الخلاف الذى فى صلاة من قام إلى اثنتين وصلى بقية 
صلاته بنية النافلة» ثم ذكر: 

فعند أبن القاسم : لا يجزثه . 

وعند ابن المواز: يجزئه» سلم أو لم يسلم؛ لأن النية الحكمية متحققة» فلا 
تبطل إلا برفض . 

الثانى : إذا رفض النية الحكمية بعد كمال الطهارة» روى عن مالك - رحمه الله - 
أنها لا تفسد؛ لحصول المقصود منهاء وهو التمييز حالة الفعل» وروى عنه فسادها؛ 
لأنها جزء من الطهارة» وذهاب جزء الطهارة يفسدها. 





)١(‏ بدل ما بين المعقوفين سقط فى أ» ش. 
(۲) فى أء ش: ما قصد. 


Er 1١ج الوضوء‎ 





قال صاحب النكت : إذا رفض النية فى الطهارة أو الحج لا يضرء بخلاف الصلاة 
والصوم . 

والفرق: أن المراد بالنية التمييز» وهما متميزان بمكانهماء وهو الأعضاء فى 
الوضوء والأماكن المخصوصة فى الحج؛ فكان استغناؤهما عن النية أكثرء ولم يؤثر 
الرفض فيهما بخلاف الصوم والصلاة. 

الثالث: قال المازرى - رحمه الله -: تكفى النية الحكمية فى العمل المتصل» 
فلو نسى عضوا وطال ذلكء افتقر إلى تجديد النية؛ فإن الاكتفاء بالحكمية على 
خلاف الأصلء فيقتصر فيها على العمل المتصل» وكذلك: من خلع خفيه وشرع 
فى غسل رجليه . 

البحث الثامن - فى أقسام المنوى وأحواله: 

المنوى من العبادات ضربان: 

أحدهما: مقصود فى نفسه كالصلاة. 

والثانى: مقصود لغيره» وهو قسمان: 

أحدهما: مع كونه مقصودا لغيره فهو - أيضا - مقصود لنفسه» كالوضوء. 

والثانى: مقصود لغيره فقط كالتيمم. ويدل على ذلك: أن الشرع أمر بتجديد 
` الوضوء دون التيمم» والمقصود بالنية [إنما هو تمييز] المقصود لنفسه؛ لأنه 
المهم . 

فلا جرم إذا نوى التيمم دون استباحة الصلاة» فقولان للعلماء: 

أحدهما: لا يجزئ؛ لكونه مما ليس بمقصود فى نفسه. 

والثانى : يجزئه؛ لكونه عبادة. 

والذى هو مقصود لنفسه ولغيرهء يتخير المكلف بين قصده له - لكونه مقصودا 
فى نفسه - وبين قصده للمقصود منه دونه. 

فالأول: كقصده الوضوءء والثانى : كقصده استباحة الصلاة» فإن نوى الصلاة أو 
شيئا لا يقدم عليه إلا بارتفاع الحدث - الذى هو الاستباحة - صح؛ لاستلزام هذه 
الأمور رفع الحدث. 





)١(‏ فى ش: أنها تميز. 


فروع سبعة : 

الأول: فى الجواهر: إذا نوى ما يستحب له الوضوء كتلاوة القرآن وحدهء 
فالمشهور أن حدثه لا يرتفع؛ لأن الحدث عبارة عن المنع الشرعى» وصحة هذا 
الفعل لا تتوقف على رفع المنع فلا تستلزمه فيكون حدثه باقياء وقيل: يرتفع ؛ نظرا 
إلى أصل الأمر بالوضوء لهذه الأمور. 

الثانى: إذا نوى رفع بعض الأحداث ناسيا لغيرها أجزأه؛ لأن المقصود رفع 
المنع؛ وقد حصل. ومعنى هذا الكلام على التحقيق: أنه نوى رفع [منع] سبب 
بعض الأحداث؛ لأن الأسباب لا يمكن رفعها؛ لاستحالة رفع الواقع. 

الثالث: قال: إذا نوى استباحة صلاة بعينهاء وأخرج غيرها من نيته» فقيل: 
يستبيح ما نواه وما لم ينوه؟ لأن حدثه قد ارتفع باعتبار ما نواه» وذلك يقتضى 
استباحة سائر الصلوات» وليس للمكلف أن يقتطع مسببات الأسباب الشرعية عنهاء 
فلو قال: أتزوج ولا يحل لى الوطء» أو أشترى السلعة ولا يحصل لى الملك - لم 
يعتبر ذلك؛ فكذلك ههنا. 

وقيل: تبطل طهارته؛ للتضاد؛ ولا تستبيح شيئا. 

وقيل: تختص الإباحة بالمنوى؛ لقوله - عليه السلام -: «الْأَعْمالُ بِالئيّاتٍ 
وما لکل امْري مَا تی۲ . 

الرابع : قال المازرى: إذا نوى رفع بعض الأحداث مخرجا لغيره من نيته» ففيه 
الثلاثة الأقوال التى فى تخصيص الصلاة بالإباحة. 

الخامس: قال المازرى: لو نوى رفع الحدث والتبرة أجزأه؛ لأن ما نواه معه 
حاصل وإن لم ينوه فلا تضاد. وقيل: لا يجزئه؛ لأن المقصود من النية أن يكون 
الباعث على العبادة طاعة الله - تعالى - فقطء وههنا الباعث الأمران. 

السادس: قال ابن بشير: لو نوى رفع الحدث وقال: لا أستبيح» أو نوى 
الاستباحة وقال: لا يرتفع الحدث» أو نوى امتثال أمر الله - تبارك وتعالى - وقال: 
لا أستييح ولا يرتفع الحدث - لم يصح وضوءه للتضاد. 


(۱) سقط فى ط. 
() تقدم. 


الوضوء ج ۱ 1 





السابع: إذا فرق النية على الأعضاءء فنوى الوجه وحدهء ثم كذلك اليدين إلى 
آخر الطهارة - فقولان» منشؤهما عند الأصحاب: أن الحدث هل يرتفع عن كل 
عضو وحدء أو لابد فى ارتفاعه من غسل الجميع؟ 

ويخرج على ذلك مسألة الکتاب» وهى: إذا مس ذكره فى غسل جنابته بعد غسل 
أعضاء وضوئه» وأعاد وضوءه - فإنه يفتقر إلى نية عند الشيخ أبى محمد؛ لأن حدث 
الجنابة قد ارتفع عن المغسول قبل ذلك عن أعضائه. 

وغير الجنب يجب عليه نية الوضوءء ولا يعيد النية عند الشيخ أبى الحسن؛ لأن 
الحدث لم يرتفع عن الأعضاء السابقة فهو جنب» والجنب لا يجب عليه أن ینوی 
الوضوء. 

وقال المازرى: قال بعض المتأخرين : يتخرج على رأى أبى الحسن: إذا مس 
ذكره بعد غسله بفور ذلك - ألا ينوى الوضوء؛ لأن النية الحكمية كما تستصحب فى 
آخر العبادة تستصحب بفورهاء وقال غيره: لا يجرى الخلاف ههنا. 

ويتخرج عليه - أيضا -: من غسل إحدى رجليه» وأدخلها فى الخف» ثم غسل 
الأخرى» وأدخلها فى الخف: هل يمسح عليهما؟ قولان. 

الببحث التاسع: فى معنى قول الفقهاء: المتطهر ينوى رفع الحدث. 

اعلم أن الحدث له معنيان فى اصطلاح الفقهاء: 

أحدهما: الأسباب الموجبةء يقال: أحدث» إذا خرج منه ما يوجب الوضوء. 

وثانيهما: المنع المرتب على هذه الأسباب؛ فإن من صدر منه سبب من هذه 
الأسباب فقد منعه الله - تبارك وتعالى - [من] الإقدام على العبادة حتى يتوضأء 
وليس يعلم للحدث معنى ثالث بالاستقراء . 

والقصد إلى رفع الحدث الذى هو السبب محال؛ لاستحالة رفع الواقع؛ فيتعين 
أن يكون المنوى هو رفع المنع» وإذا ارتفع المنع بدت" الإباحة؛ فيظهر بهذا البيان 
بطلان القول: بأن الحدث يرتفع عن كل عضو على حياله؛ لأن المنع باق بالإجماع 
حتى تكمل الطهارة» وبطلان القول بأن التيمم لا يرفع الحدث؛ فإن الإباحة حاصلة 
به فيكون الحدث مرتفعا ضرورة» وإلا لاجتمع المنع مع الإباحة» وهما ضدان. 
)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) فى ش: تثبت. 





2" ج ١‏ الوضوء 

شؤال: إذا كان الحدث منعا شرعياء والمنع حكم الله - تعالى - وحكمه قديم 
واجب الوجود» فكيف يتصور رفع واجب الوجود؟ 

جوابه: هذا السؤال عام فى سائر الأحكام المحكوم بتجددها عند الأسباب» 
والجواب فى الجميع: أن الحكم مرتفع ومتجدد باعتبار تعلقه لا باعتبار ذاتهء 
کان وجودیا» على ما تقرر فى علم الكلام. 

الفرض الثالث - استيعاب غسل جميع الوجه: 

وحده طولا: من منابت الشعر المعتاد إلى منتهى الذقن للأمردء واللحية 
للملتحى» ونريد بقولنا: المعتاد: خروج الترعتين والصلع عن الغسل» ودخول 
الغمم فيه. 

والنزعتان هما: الخاليتان من الشعر على جنبى الجبين» والذاهبتان على جنبى 

ومن العذار إلى العذار عرضا. 

قال صاحب الطراز: واللحى الأسفل من الوجه عند سحئون» وليس منه عند 
التونسى. ومقتضى قول القاضى فى التلقين: خروج البياض الذى بين الأذن 
والعذار» وأطراف اللحى الأسفل للأذنين عن الوجه. 

وفى البياض الذى بين العذار والأذن ثلاثة أقوال: 

يجب غسله فى الأمرد والملتحى» لمالك و(ش) و(ح) - رضى الله عنهم - لأنه 
يواجه مارن الأنف؛ لأنه لو لم يكن من الوجه لأفرد بماء غير ماء الوجه كسائر 
المسنونات. 

ولا يجب فيهماء لمالك - أيضا - وللقاضى عبد الوهاب؛ لأن المواجهة لا تقع 
عليه غالباء ولأن المرأة لا يلزمها فدية إذا غطته فى الإحرام. 

والوجوب فى الأمرد فقطء للأبهرى؛ لأن العذار يمنع المواجهة. 

وإذا قلنا بعدم الوجوب» غسل سنة فى حق الأمرد والملتحى عند القاضى» 
ويحتمل عدم الغسل فى الملتحى؛ لأنه خرج عن وصف المواجهة كالذى تحت 
الشعر الكثيف. 

وإذا قلنا بالغسل: فلا يجدد ماء؛ لأنه لا يمكن الاقتصار عليه لاتصالهء فلو 





الوضوء ج ۱ 3 





جددنا له الماء لزم التكرار فى الوجهء بخلاف سائر المسنونات . 

فرعان: 

الأول: قال صاحب النوادر: قال بعض أصحابنا: يغسل ما تحت مارنه - 
والمارن: طرف الأنف - وما غار من أجفانه» وأسارير جبهته» بخلاف الجراح التى 
برئت غائرة» أو كان خلقاء وبخلاف ما تحت الذقن. 

الثانى : فى الجواهر: يجب إيصال الماء إلى منابت الشعر الخفيف» الذى تظهر 
البشرة منه بالتخليل» كالحاجبين والأهداب والشارب والعذار ونحوهاء ولا يجب 
فى الكثيفء وقيل: يجب؛ لأن الخطاب متناول له بالأصالة» ولغيره بالرخصةء 
والأصل عدمها. 

ويجب غسل ما طال من اللحيةء وقيل: لا يجب . 

ومنشأ الخلاف: هل ينظر إلى مباديها فيجب» أو محاذيها فلا يجب» كما قيل 
فيما زاد من شعر الرأس. 

قال المازري: على الأول أكثر الأصحاب» والثانى للأبهرى . 

وقال مالك فى المدونة: تحرك اللحية من غير تخليل . 

قال صاحب الطراز: قال محمد بن عبد الحكم: يخللهاء وهو يحتمل الإيجاب 
والندب» وجه الوجوب: قوله تعالى: لتَغْسِنُوا ووك [المائدة: 5] والأمر 
للوجوب» ومن السنة: أنه - عليه السلام - كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء فأدخله 
تحت حنكهء ثم خلل لحيتهء وقال: بهذا أْمَرَنَى رَبى20, خرجه أبو داود 
والترمذىء» قال البخارى: هذا أصح ما فى الباب» ويالقياس على غسل الجنابة. 

وقال مالك: ذلك محمول على وضوء الجنابة؛ لأنه مطلق فلا يعم. 

وأما الآية: فجوابها: أن الوجه من المواجهةء واللحية من المواجهة الآن؛ فلا 
جرم وجب غسلها. 

وقد ثبت عنه - عليه السلام - أنه توضأ مرة فغسل وجهه بغرفة؛ وكان - عليه 
السلام - كث اللحية» ومعلوم أن الغرفة لا تعم الوجه وتخليل اللحية والبشرة 





زطق أخرجه أبو داود »)١56(‏ وأبو عبيد فى كتاب الطهور» والبيهقى »)٤٥/۱(‏ من حديث 
أنس. وأخرج نحوه الترمذى »)۳١(‏ وابن ماجه (2)570 وغيرهما عن عثمان بن عفان. 
(۲) فى ش: كثيف. 


۲٤۸‏ +۱ الوضوء 


التى تحتها. 

قال صاحب الطراز: وكما وجب غسل الباطن إذا ظهر: كموضع القطع من 
الشفة» وأثر الجراح الظاهرة - يجب أن يسقط غسل ما ظهر إذا بطن. 

فروع أربعة من الطراز: 

الأول: إذا سقط الوجوب استوى فى ذلك كثيف اللحية وخفيفها على 
المذهب . وقول القاضى: يجب إيصال الماء للخفيفء لا يناقضه؛ لأنه إذا أمر يده 
عليها وحركها وصل الماء إلى المحال المكشوفةء فإن لم يصل الماء لقلته هنا يقول 
القاضى: لا يجزثهء خلافا (ح). 

الثانى: روى ابن القاسم: ليس عليه تخليل لحيته فى الجنابة» كما فى الوضوءء 
وروى أشهب: أن عليه تخليلها؛ قياسا على شعر الرأس. 

الثالث: إذا قلنا: لا يجب فى الجنابة» فهو سنةء ولا يختلف المذهب أنه 
مشروع» وإنما الخلاف فى الوجوب» والفرق بين الجنابة والوضوء: أن الوجه من 
المواجهة؛ فانتقل الحكم لظاهر اللحية» والجنابة ليست كذلك. 

الرابع : إذا قلنا: لا يجب التخليل فى الوضوءء فلابد من إمرار اليد عليها بالماءء 
وتحريك يده عليها؛ لأن الشعر يدفع بعضه عن بعض» فإن حرك حصل الاستيعاب 
فى غسل الظاهر» خلافا (ح) فى اقتصاره على المسح. 

الفرض الرابع: غسل اليدين مع المرفقين» وقيل: لا يجب غسل المرفقين. 

حجة الأول: أن أبا هريرة - رضى الله عنه - توضأ وأدار الماء عليهماء وقال عند 
كمال وضوئه: هكذا توضأ رسول الله که . 

واختلف العلماء فى قوله - تعالى -: إل الْمَرَاِفِقَ» [المائدة: 1] فقيل : «إلى» 
بمعنى : مع ؛ كقوله - تبارك وتعالى - حكاية عن عيسى ابن مريم - عليه السلام -: 
من آنمکارۍ إل أن [آل عمران: ]٥۲‏ أى: مع الله وكذلك : «ولا تَأكوا أنوكع إل 
ES‏ [الساء: ؟] 





. فى ط: على‎ )١( 

(۲) أخرجه الدارقطنی )87/١(‏ رقم »)١6(‏ والبيهقى »)٥٦/۱(‏ من حدیث جابر. وضعفه 
الدارقطنى» وأما صفة وضوء أبى هريرة فقد وردت بلفظ آخر من طريقين أخرجها البخارى 
)040(« ومسلم (غ/ 6١‏ ؟). 


الوضوء ج ۱ ۹ 





وقيل: هى للغاية» واختلف فى الغاية: هل تدخل مع المغيى أو لا تدخل؟ أو 
يفرق بين ما هو من الجنس فيدخل» أو من غيره فلا يدخل؟ أو يفرق بين الغاية 
المنفصلة بالحس» كقوله - تعالى -: لر أي ِم إلى أل [البقرة: ۱۸۷] فإن 
الليل منفصل عن النهار بالحس فلا تدخل» وبين ما لا يكون منفصلا بالحس 
كالمرافق فيدخل؟ أربعة أقوال. هذا خلافهم فى الغاية من حيث الجملة. 

ثم اختلفوا فى الغاية التى فى الآية: 

فمنهم من جعلها غاية للمغسول؛ لأنه المذكور فى الآية» السابق للفهم. 

ومنهم من يقول: اليد اسم للعضوء والمغيى لابد أن تتقرر حقيقته قبل الغاية» ثم 
ينبسط إلى الغاية» وههنا لا تكمل حقيقة المغيى الذى هو غسل اليد إلا بعد الغاية؛ 
[فيستحيل أن يكون غاية له]('» فيتعين" أن يكون غاية للمتروك» ويكون العامل 
فيها فعلا مضمرا؛ حتى يبقى معنى الآية: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم» واتركوا من 
آباطكم إلى المرافق» والغاية لا تدخل فى المغيى على الخلاف؛ فتبقى الغاية - وهى 
المرافق - مع المغسول. 

وعلى هذا المأخذ يتخرج الخلاف هناك فى الكعبين. 

تنبيهان : 

أحدهما: أن القول بأن «إلى» غاية للمغسول» يقتضى أن لفظ «اليد» استعمل 
مجازا فى بعضها كآية السرقة» والقول بأنها غاية المتروك يقتضى أن «اليد» استعملت 
حقيقة فى كلهاء لكن يقتضى الإضمارء وإذا تعارض المجاز والإضمار اختلف 
الأصوليون فى أن المجاز أرجح أو يستويان؟ 

الثانى: «المرفق» يقال بفتح الميم وكسر الفاءء ويكسر الميم وفتح الفاء. 


فروع ثمانية: 
الأول: من قطع من الساعد أو من المرفقين» لا يجب عليه شىء؛ لأن القطع 
يأتى عليها. 


قال ابن القاسم فى الكتاب: والتيمم مثله. 
قال صاحب الطراز: يريد فى استيعاب المرفقين لا فى الوجوب؛ لاختصاص 


)١(‏ سقط فى أء ش. 
(۲) فى ش: فيجب. 


Y0‏ ج ۱ الوضوء 


التيمم عندنا بالكوعين . 

الثانى : فى الطراز: لو وقع القطع بعد الوضوءء وقد بقى شىء من المرفقين لم 
يجب عليه» خلافا لمحمد بن جرير الطبرى؛ لأن موجب الأمر قد حصل قبل 
القطع . 
الثالث: لو بقيت جلدة متعلقة بالذراع أو المرفق» قال صاحب الطراز يجب 
غسلها؛ لأن أصلها فى محل الفرض وإن جاوزت إلى العضد لم تجب؛ اعتبارا 
بأصلهاء وموضع استمداد حياتها. وإن انقطعت من العضد وتعلقت بالمرفق أو 
الذراع وجب غسلها. 

قال: وفيه نظر؛ لأن ما لا يجب فى أصل خلقته لا يكون واجبا؛ ولهذا المعنى 
يمكن الفرق بين هذا الفرع وبين السلعة إذا ظهرت فى الذراع. 

الرابع : إذا وجد الأقطع من يوضته لزمه ذلك وإن کان بأجر؛ كما يلزمه شراء 
الماء» فإن لم يجد وقدر على مس الماء من غير تدلك» وجب عليه ذلك وسقط عنه 
المعجوز عنه. 

ويحتمل أن يقال: لا يجزئه؛ لأن حقيقة الغسل : الإمساس مع الدلك» فإذا فات 
أحدهما فلا غسل» ويجب عليه مسح وجهه بالأرضن» والأول أظهر؛ لأن التيمم 
لا يجوز لمن يقدر على مس الماء» واعتبارا بما لا تصل اليد إليه من الظهر. 

الخامس: من طالت أظفاره عن أصابعه - كأهل السجن وغيرهم - قال: وجب 
عليهم غسل الخارج عن الأصابع» فإن تركوه خرج على الخلاف فيما طال من شعر 
الرأس واللحيةء أو يفرق بينهما: فإن الشعر زيادة على العضوء والظفر منه؛ لأن 
أصله حى بمنزلة العضوء وإنما فارقته الحياة لما طال؛ فأشبه الأصبع الشلاء. 

السادس: من له أصبع زائدة فى كفهء قال: يجب غسلها؛ لأنها من اليد فيتناولها 
الخطاب» وكذلك إذا كانت له كف زائدة فى ذراعه وجب غسلها تبعا لمحل الفرض . 

قال: وكذلك لو كانت يد زائدة فى محل الفرض» فإن كان أصلها فى العضد أو 
المنكب ولها مرفق وجب غسلها لمرفقها؛ لتناول الخطاب لهاء وإن لم يكن لها 
مرفق لم تدخل فى الخطاب» سواء بلغت أصابعها للمرفق أم لا. 

السابع : قال: فى تخليل الأصابع ثلاثة أقوال: 

وجوبه فى اليدين» واستحبابه فى الرجلين» لمالك فى العتبية وابن حبيب. 





الوضوء ج۱ 11 





وعدم الوجوب فيهما لابن شعبان» وهو ظاهر المذهب. 

وروی عنه ابن وهب: الرجوع إلى تخليلها [فيهما]9 . 

ومنشأ الخلاف أمران: هل خلل الأصابع من الباطن فيسقطء كداخل الفم 
والأنف والعين» أو من الظاهر فيجب؟ وهل محاكتها وتدافعها حالة الغسل تقوم 
مقام الغسل أم لا؟ 

فرع مرتب: قال بعض العلماء: يبدأ بتخليل الرجلين بخنصر اليمنى؛ لأنه يمنى 
أصابعهاء ويختم بإبهامها؛ لأنه يسرى أصابعهاء ويبتدئ بإبهام اليسرى؟ لأنه يمنى 
أصابعهاء ويختم بخنصرها. 

الثامن : قال: فى الخاتم ثلاثة أقوال: 

قال مالك فى الواضحة: يحركه إن كان ضيقاء وإلا فلا. 

وقال ابن شعبان: يحركه مطلقا. 

ولمالك فى الموازية: لا يحركه مطلقا؛ لأنه يطول لبسهء فجاز المسح عليه قياسا 
على الخف. 

قال: وإذا جوزنا المسح عليهء وكان ضيقا فنزعه بعد وضوئهء ولم يغسل 
موضعه- لم يجزهء إلا أن يتيقن إصابة الماء لما تحته. 

وقد علم الاختلاف فيمن توضأ وعلى يده خيط من عجين. 

فإن كان الخاتم ذهبا لم يعف عن غسل ما تحته فى حق الرجال؛ لتحريمه 
عليهم» والحرمة تنافى الرخصة. 

قال سحنون: لبسه فى الصلاة يوجب الإعادة فى الوقت. 

الفرض الخامس - مسح جميع الرأس: 

فى الكتاب: يمسح الرجل والمرأة على الرأس كلهء ودلاليهماء ولا يحل 
المعقوص» خلافا (ش) فى اقتصاره على أقل ما يسمى مسحاء ولأبى (ح) فى 
اقتصاره على الناصية . 

وحده: من منبت الشعر المعتاد إلى القفاء وقال ابن شعبان: إلى منتهى منبت 
الشعرء محتجا بما فى أبى داود أنه - عليه السلام -: مسح رأسه حتى أخرج يديه 


)١(‏ سقط فى ط. 


من تحت أذنيهلا؟» وهو ضعيف لا حجة فيه. 

والأحاديث الثابتة: أنه - عليه السلام - بلغ إلى القفا. 

ومن الأذنين إلى الأذنين» وجوز ابن مسلمة ترك الثلث» والقاضى أبو الفرج ترك 
الثلثين» وأوجب أشهب الناصيةء وعنه - أيضا - بعض غير محدود. 

حجة المشهور: الكتاب والسنة والقياس: 

أما الكتاب فقوله - تعالى -: #وَأمْسَحُوأ بوك4 [المائدة: ]١‏ وجه التمسك 
به من وجوه: 

أحدها: أن هذه الصيغة تؤكد بما يقتضى العموم» فوجب القول بالعموم؛ 
لقولهم: امسح برأسك كلهء والتأكيد تقوية لما كان ثابتا فى الأصل . 

وثانيها: أنها صيغة يدخلها الاستثناءء فيقال: امسح برأسك إلا نصفهء [أو:] إلا 
ثلثه» والاستناء عبارة عما لولاه لاندرج المستثنى تحت الحكم» وما من جزء إلا 
يصح اسكئناؤه من هذه الصيغة؛ فوجب اندراج جملة الأجزاء تحت وجوب المسح 
وهو المطلوب. 

وثالثها: أن الله - تعالى - أفرده بذكره» ولو كان المراد أقل جزء من الرأس 
لاكتفى بذكر الوجه؛ لأنه لابد معه من ملامسة جزء من الرأس . 

وأما السئة: فما روى عنه - عليه السلام - أنه مسح بناصيته وعمامته"ء ولو كان 
الاقتصار على مسح بعض الرأس جائزا لما جمع بينهما؛ لحصول المقصود 
بالناصية . 

وأما القياس فنقول: عضو شرع المسح فيه بالماء؛ فوجب أن يعمه حكمه قياسا 
على الوجه فى التيمم» أو نقول: لو لم يجب الكل لوجب البعض» ولو وجب 
البعض لوجب البعض الآخر؛ قياسا عليه» وهذا قياس يتعذر معه الفارق؛ لعدم تعين 
المقيس عليه . 


)١(‏ أخرجه أبو داود (2»)171 من طريق طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده. 
وقال: قال مسور: فحدثت به يحبىء فأنكره. 
وقال أبو داود: وسمعث أحمد بن حنبل يقول: إن ابن عبينة» زعموا أنه كان ينكرهء ويقول: 
إيش هذا؟! طلحة عن أبيه عن جده! 
)۲( أخرجه مسلم (۱/ ۲۳۰) رقم 54147750 وأبو داود (60١)»؛‏ والترمذى 2)١١١(‏ والنسائى 
))7/7/١(‏ وأحمد /٤(‏ ١٠)ء‏ من حديث المغيرة بن شعبة. 





الوضوء ج ۱ Yor‏ 


وأما قول الشافعية : إن الفعل فى الآية متعد؛ فيستغنى عن الباء فتكون للتبعيض ؛ 
صونا لكلام الله - تعالى - عن اللغو. 

قلنا: الجواب عنه من وجوه: 

أحدها: لا نسلم أنه مستغن عن الباء» وتقريره أن فعل المسح يتعدى إلى 
مفعولين» أحدهما بنفسه» والثانى بالباء إجماعاء كقولنا: مسحت يدى بالمنديل» 
فالمنديل المزيل عن اليدء وإذا قلنا: مسحت المنديل بيدى» فاليد المزيلةء 
والمنديل المزال عنه» والرطوبة فى الوضوء إنما هى فى اليدء فتزال عنها بالرأس؛ 
فيكون معنى الآية: فامسحوا أيديكم برءوسكم» فالمفعول الأول هو المحذوف» 
وهو المزال عنهء والرأس : المفعول الثانى المزال به؛ فالباء على بابها للتعدية. 

الثانى : سلمنا أنها ليست للتعدية» فلم لا يجوز أن تكون للمصاحبة؛ كقوله - 
تعالى -: تبت يالدّمن» [المؤمنون: ]7١‏ بضم التاء؟ يدل على أنه عدى بالهمزة؛ 
فتتعين الباء للمصاحبة؛ لأنه لا يجتمع على الفعل معديان. وكقولنا: جاء زيد بماثة 
دينار» والباء فى هذا القول للمصاحبة دون التعدية؛ لأنها لو كانت للتعدية لحسن أن 
تقوم الهمزة مقامهاء فيقال: أجاء زيد مائة دينار» وليس كذلك . 

الثالث : سلمنا أنه ليست للمصاحبة» فلم لا يجوز أن تكون زائدة للتأكيد؛ فإن 
كل حرف يزاد فى كلام العرب فهو للتأكيد قائ" مقام إعادة الجملة مرة أخرى» 
والتأكيد أرجح مما ذكرتموه من التبعيض؛؟ فإنه مجمع عليه والتبعيض منكر عند أئمة 
العربية» حتى إن ابن جنى شنع عليه وقال: لا يعرف العرب الباء للتبعيض» فضلا 
عن كونه مجازا مرجوحاء وحمل كتاب الله - تبارك وتعالى - على المجمع عليه 
أولى من المختلف فيه فضلا عن المنكر؟ 

وأما قولهم: تعميم الوجه فى التيمم إنما ثبت بالسنة» وكان مقتضى الباء فيه 
التبعيض - فنقول: على ما ذكرتموه تكون السئة معارضة للكتاب» وعلى ما ذكرناه 
لا تكون معارضة» بل مبينة مؤكدة» وعدم التعارض أولى. 

وأما وجه القول بالثلثين ؛ فلأنه عضو مختلف فيه» والثلث فى حيز القلة» بدليل 
إباحته للمريض والمرأة المتزوجة مع الحجر عليهما. 


زفق فى ش: وأقيم . 


Yo‏ ج ١‏ الوضوء 





ووجه الربع: مسحه - عليه السلام - بالناصية والعمامة» والناصية نحو الربع. 
ووجه الاقتصار على أقل ما يسمى مسحا: أن الباء للتبعيض» وليس البعض أولى من 
البعض فيقتصر على أقل ما يسمى مسحاء وقد عرفت ما على هذا الوجه. 

فروع أحد عشر: 

الأول: حكى فى تعاليق المذهب أن رجلا جاء لسحنون فقال: توضأت للصبح» 
وصليت به الصبح والظهر والعصر والمغرب» ثم أحدثت وتوضأت» فصليت 
العشاء» ثم تذكرت أنى نسيت مسح رأسى من أحد الوضوءين» لا أدرى أيهما هو؟ 
فقال سحنون: امسح برأسك وأعد الصلوات الخمس» فذهب فأعاد الصلوات 
الخمس ونسى مسح رأسه؛ فجاء إليه فقال: أعدت الصلوات ونسيت مسح رأسى» 
فقال له: امسح برأسك وأعد العشاء وحدها. ففرق سحنون بين الجوابين» مع أن 
السائل نسى فى الحالتين. 

ووجه الفقه فى المسألة: أنه أمره أولا بإعادة الصلوات كلها؛ لتطرق الشك 
للجميع؛ والذمة معمرة بالصلوات حتى يتحقق المبرئ» فلما أعادها يوضوء العشاء» 
صارت الصلوات الأربع كل واحدة منها قد صليت بوضوءين: الوضوء الأول 
والثانى» وأما العشاء فصليت بوضوئها أولا وأعيدت بوضوئها أيضاء فلم يوجد فيها 
إلا وضوء واحد؛ فجاز أن يكون هو الذى نسى منه مسح الرأس» فلم تتحقق براءة 
الذمة منها؛ فتجب إعادتهاء وأحد الوضوءين فى الصلوات الأول صحيح جزما بأنه 
ما نسى المسح إلا من أحدهما. 

وإذا وقعت بوضوءين: صحيح وفاسدء صحت بالوضوء الصحيح فلا تعادء 
ولا فرق فى هذه المسألة بين أن تكون الصلوات الأول كل واحدة بوضوءء أو كلها 
بوضوءء وهذا فرع لا يكاد تختلف العلماء فيه. 

الثانى: من نسى مسح رأسه وذكره فى الصلاة» وفى لحيته بلل. 

قال مالك - رحمة الله عليه - فى الكتاب: لا يجزته مسحه بذلك البلل» ويعيد 
الصلاة بعد مسح رأسه. : 

قال صاحب الطراز: يحتمل قوله الوجوب والندب. 

وقال عبد الملك: يجزئه إن لم يجد ماء قريباء وكان فى البلل فضل بين . 

قال المازرى: المسألة تتخرج على القولين فى الماء المستعمل. 


الوضوء ج۱ 6 


وحجة عبد الملك: ما روى عنه - عليه السلام - أنه لم يستأنف لرأسه ماء. 

الثالث: فى الجلاب: لا يستحب فيه التكرار» وهى إحدى خمس مسائل 
لا يستحب فيها التكرار: هذهء والوجه» واليدان فى التيمم» والجبائر» والخفان؛ 
لأن حكمة المسح التخفيف؛ إذ لولا ذلك لشرعه الله - عز وجل - غسلاء فلو كرر 
لخرج بتكراره عن التخفيف؛ فتبطل حكمته. 

الرابع : فى الجواهر: يجزئ الغسل عن المسح فيه عند ابن شعبان؛ لأن الغسل 
إنما سقط لطفا بالمكلف» فإذا عدل إليه أجزأه؛ كالصوم فى السفر. 

وقال غيره: لا يصح؛ لأن الله - تعالى - أوجب عليه المسحء وحقيقته مباينة 
للغسل» ولم يأت به وكرهه آخرون؛ لتعارض المآخذ. 

الخامس : ما انسدل من الشعر من محل الفرضص. 

قال المازرى: فيه قولان كالمنسدل من اللحية؛ نظرا إلى ميادئه فيجب» أو 
محاذيه فلا يجب . 

قال ابن يونس: روى ابن وهب: أن عائشة وجويرية زوجتى النبى - عليه 
السلام- وصفية زوج ابن عمر كن إذا توضأن أدخلن أيديهن تحت الوقاية» فيمسحن 
جميع رءوسهن. 

وقال مالك: تمسح المرأة على ما استرخى من دلاليهاء وإن كان شعرها معقوصا 
مسحت على ضفرهاء وكذلك الطويل الشعر من الرجال إذا ضفره. وقال فى 
العتبية: يمر بيديه على قفاه» ثم يعيدهما من تحت شعره إلى مقدم رأسه. 

قال ابن حبيب: إذا كان فى شعرها خيط أو شعر لم يجز مسحها حتى تنزعه إذا 
لم يصل الماء إلى شعرها بشىء؛ للعنه - عليه السلام - الواصلة والمستوصلة(©. 

السادس: قال فى الكتاب: إذا توضأ وحلق رأسه» ليس عليه إعادة مسحه. 
وكذلك قال فيمن قلم أظفاره. 

قال ابن القاسم: وبلغنى عن عبد العزيز بن أبى سلمة أنه قال: هذا من لحن 
الفقه . 


»)5154( وأبو داود‎ .))5١172/119( أخرجه البخاری (09157)» ومسلم (1517///1) رقم‎ )١( 
من_جلييث ابن‎ 2)١941/( واين ماجه‎ )۲۱٤ - 71١/0 والنسائى‎ 2)١7/55( والترمذى‎ 
عمر.‎ 


۲0٦‏ ج ١‏ الوضوء 

قال صاحب الطراز: لا يعرف فى هذه المسألة مخالف إلا ابن جرير الطبرى؛ 
لأن الفرض قد سقط أولاء فزوال الشعر لا يوجبه؛ كما إذا غسل وجهه أو تيمم ثم 
قطع أنفهء ولأن الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يحلقون بمنى» ثم ينزلون 
لطواف الإفاضة» ولم ينقل عن أحد منهم إعادة مسح رأسه» ولأنه لا يعاد الغسل 
للجنابة» وهى أولى؛ لأن منابت الشعر لم تغسل قبل الحلق» وهى من البشرة 
المأمور بغسلها. وأما كلام عبد العزيز: «هذا من لحن الفقه»» فكلام محتمل ٠‏ ِ 

قال ابن دريد: اللحن الفطنة؛ ومنه قوله - عليه السلام -: «وَلْعَلٌ بَعْضَكُمْ أَنْ 
َون أَلْحَنَ جيه مِنْ بَْض206: أى أفطن لها. 

وأصل اللحن: أن تريد الشىء فتورى عنه. واستشهد بقول الفرزدق: 

وحديث ألذه وهو مما يشتهى الناعتون يوزن وزنا 

منطق صائب وتلحن أحيا 2 نا وأحلى الحديث ما كان لسن 

قال ابن يونس: ذكر أهل اللغة أن اللحن - بإسكان الحاء - الخطأء وبفتحها: 
الصواب» فمن رواها بالإسكان فمعناه: أن القول بنقض الوضوء -خطأء وبالتحريك 
معناه: أن القول بعدم النقض صواب. 

وقال القاضى عبد الوهاب : معناه أنه عاب قول مالك . ووافقه القاضى عياض فى 
التنبيهات» وقال: لا يلتفت إلى قول من يقول: إنه أراد تخطئة غيرنا. 

وقال عبد الحق فى التكت: يحتمل كلامه التصويب والتخطئة؛ فإن اللحن من 
أسماء الأضداد. 

والفرق بين الخفين ومسح الرأس: أن الشعر أصل والخف فرعء فإذا زال رجع 
إلى الأصل» وفرق صاحب الطراز: بأن ماسح الرأس مقصوده الرأس لا الشعرء فإن 
كان الرأس من التراوس فقد صادف الواجب» وإن كان الرأس العضو فهو المقصود 
بالمسح» والشعر تبع بخلاف الخف؛ فإنه المقصود. 

وكذلك القول فى الأظفار: هى تبع أيضا. قال: وقد فرع أصحابنا على القول بأن 
المراد باللحن: الخطأ -: إذا قطعت بضعة منه بعد الوضوء أنه يغسل موضع القطع؛ 





زفق أخرجه اليخارى رقم (1A۰)‏ من حديث أم سلمة. 
(۲) البيتان لمالك بن أسماء بن خارجة الفزارى فى اللسان (لحن)» ولأسماء الفزارى فى التاج 
(لحن). 


Yo ۱١ج الوضوء‎ 





أو يمسح إن تعذر الغسل» وهو تخريج فاسد؛ فإنه لا يعرف لأحد؛ فإنا نعلم أن 
الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يجرحون» ويصلون بجراحهم من غير إعادة؛ 
وفى البخارى فى غزوة ذات الرقاع: أن رجلا رمى بسهم وهو يصلى» ونزفه الدم» 
فركع وسجدء ومضى فى صلاتہ(. 

السابع : قال فى الكتاب: الأذنان من الرأس» ويستأئف لهما الماء» فإن نسى 
حتى صلى فلا إعادة عليه» ويمسحهما للمستقبلء وكذلك إن نسى داخلهما. 

قال صاحب الطراز: اختلف فى معنى قوله: هما من الرأس» قيل: فى وجوب 
المسح» وقيل: فى المسح دون الوجوب» واعتذر بهذا عن عدم الإعادة» والقولان 
للأصحاب . 

وقال الشعبى والحسن بن صالح: يغسل باطنهما مع الوجه» ويمسح ظاهرهما مع 
الرأس. وقال الزهرى: يغسلان مع الوجه. 

حجة الأول: أن ابن عباس والمقداد والربيع رضى الله عنهم: ذكروا وضوءه عليه 
السلام» وكلهم مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهماء أخرجه أبو داود والترمذى0©. 
وفيهما عنه - عليه السلام -: قال: «الأذنان من الرأس»". إلا أنه يرويه شهر بن 
حوشب» وقد تكلم فيه. 

حجة الثانى: قال المازرى إن الأمة مجمعة على أن مسحهما لا يجزئه عن 
الرأس» مع أن أكثر العلماء على أن بعض الرأس يجزئ] “'مسحه . 

حجة الثالث: قوله عليه السلام فى سجوده: اسجد وجهى للذى خلقه وصوره»› 
وشق سمعه وبصره»» فأضافهما للوجه» وهذا الحديث لا حجة فيه؛ لأن الوجه 





)١(‏ علقه البخارى /١(‏ ٠۳۷)ء‏ كتاب الوضوء: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين. 
ووصله أبو داود (۱۹۸) من حديث جابر. 
(؟) أخرجه البخارى )١80(‏ والترمذى (2)75 وأبو داود (۱۳۷)ء والنسائى (۰)۷۳/۱ وابن 
ماجه :)4٠7(‏ من حديث ابن عباس . 
(۳) أخرجه أحمد /٥(‏ 20754 2)7518 وأبو داود (2)1*54 وابن ماجه (545)» والترمذى (۳۷)»› 
من حديث أبى أمامة . 
وقال الترمذى: ليس إستاده بذاك القائم . 
)٤(‏ أخرجه الترمذى (١۸٥)ء‏ وأبو داود »)١515(‏ والنسائى (۲/ ۲۲۲)ء وأحمد ))7١/5(‏ 
والحاكم (۱/ ۲۲۰)» من حديث عائشة. 


يراد به هنا الجملة؛ لأنه اللائق بالنسبة إلى الخضوع إلى الله تعالى» وهذا المجاز 
جائز كما قال تبارك وتعالى: وس َيه رَيْكَ 4 [الرحمن: ۲۷] أى ذاته وصفاته . 

وهو معارض بقوله عليه السلام: «فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه 
حتى تخرج من أشفار عينيه» فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج 
من أذنيه» فأضافهما إلى الرأسء كما أضاف العيئين إلى الوجه. 

وأما تجديد الماء فقد احتج به بعض الأصحاب على أن مسحهما سنةء وإلا 
لمسحا مع الرأس بمائه» كالصدغ وغيره من أجزاء الرأس» وهذا قول (ش) إنهما 
سئةء ويجدد الماء لهما. 

وقال (ح) - رحمة الله عليه - لا يجددء محتجا بأن كل من وصف وضوء رسول 
الله هة لم ينقل التجديدء بل الذى فى الصحيحين لم يذكر الأذن أصلا؛ لاعتقاد 
أنهما من الرأس. 

حجتنا: أنهما مباينان للرأس حقيقة وحكما: أما الحقيقة فبالمشاهدة؛ فإنهما 
غضاريف منفردة عن الرأس بحاجز خال من الشعرء وأما حكمهما: فلا خلاف أن 
مسحهما بعد مسح الرأس» والمحرم لا يؤمر بحلق شعرهماء وجنايتهما منفردة 
بأرشهاء وإذا تحقق التباين وجب تجديد الماء لهما. 

وفى الموطأ: كان ابن عمر - رضى الله عنهما - يجدد لهما الماء"» وهو شديد 
الاتباع جداء ولم ينكره أحد من الصحابة» رضى الله عنهم . 

فروع مرتبة: 

الأول: قال صاحب الطراز: إذا قلنا مسحهما سئة» فلا يمسحهما بماء الرأس. 

قال مالك: فإن فعل أعادء وقال محمد بن مسلمة: إن شاء جدد وإن شاء لم 
يجددء ويمسح بماء الرأس . وإن قلنا إن مسحهما واجب» فتركهما سهوا وصلى - 
فلا يختلف فى صحة صلاته» والذى صرف المتأخرين عن الإعادة إجماع المتقدمين 
على الصحة. 

واختلف فى التعليل فقيل: هو استحسان» وليس بقياس . وقال الأبهرى: السبب 
(۱) أخرجه مسلم (١/19؟)‏ حديث (87/ »)۲٤٤‏ وأحمد ۲ والترمذى (۲)» وغيرهم 


من حديث أبى هريرة. 
(۲) أخرجه مالك )۳٤/۱(‏ رقم (۳۷). 





الوضوء ج ۱ 10۹ 


اجتماع خلافين فى كونهما من الرأس» ووجوب مسحهما. 

فإن تركهما عمدا اختلف القائلون بالوجوب» فتعليل الأبهرى: يقتضى صحة 
الصلاةء وقال بعض أصحابنا: يعيد الوضوء» وحمل عيسى بن دينار قول مالك على 
السهو استحسانا. 

الثانى : فى كيقية مسحهما: 

قال صاحب الطراز: يقبض أصابع يده إلا السبابتين» يبلهما ويمسح بهما أذنيه من 
داخل وخارج؛ لأن ابن عمر كان يفعل ذلك» رواه مالك فى الموطأ('2. والأمكن: 
أن يبل إيهاميه وسبابتيه» فيمسح بإبهاميه ظهورهماء وبسبابتيه بطونهما. 

قال مالك فى المختصر: ويدخل أصبعيه [فى صماخيه؛ لأنه - عليه السلام - 
كان يدخل أصبعيه فی جحری أذنيه» خرجه أبو داود والترمذى . 

قال ابن حبيب: وليس عليه أن يتتبع غضونهما؛ اعتبارا بغضون الوجه فى التيمم 
والخفين . 

الثالث: قال صاحب الطراز: إذا قلنا: إن مسحهما سنة - وهو الصحيح - 
فيفارق الغسل الوضوء على ظاهر الكتاب؛ فإنه قال فى تاركهما فى الوضوء: 
لا إعادة عليه» وتارك داخلهما فى الغسل لا إعادة عليه؛ فيكون ظاهرهما وباطئهما 
مستويين فى الوضوءء وداخلهما فى الجنابة مسنون فقط. 

وعلى القول الآخر يكون ظاهرهما فى الوضوء واجباء وداخلهما سنة؛ فيستوى 
المسنون منهما فى الطهارتين. 

الثامن: قال فى الكتاب: لا يمسح على الحناء. 

قال صاحب الطراز: إن كان للضرورة جاز من حر وشبهه» أو يكون فى باطن 
الشعر لتغييره» وقتل دوابه» فالأول لا يمنع كالقرطاس على الصدغء وكما مسح - 
عليه السلام - على ناصيته وعمامته» وإن كانت لغير ضرورة» وهى مسألة الكتاب» 
مئع المسح خلافا لابن حنيل وجماعة معه؛ فإن الماسح عليه ليس ماسحا. 





(۲) سقط فى أ» ش. 
(۳) أخرجه أبو داود (۱۳۱)ء والترمذى (۳۳)» من حديث الربيع بنت معوذ. 
وقال الترمذى: هذا حديث حسن. ٠‏ 


5 + ۱ الوضوء 





فرعان مرتبان : 

الأول: قال صاحب الطراز: إن كانت الحناء ليس على ظاهر الشعر منها شىء لا 
يمنع ؛ لأن مسح الباطن لا يجب» وقد أجاز الشرع التلبيد فى الحج» وفى أبى داود أنه - 
عليه السلام - لبد رأسه؛ لثلا يدخله الغبار والشعث» والتلبيد يكون بالصمغ وغيره. 

الثانى : قال: إذا خرج الحناء من بعض تعاريج الشعر» يخرج على الخلاف فى 
قدر الواجب من الرأس. 

التاسع: قال فى الكتاب: لا تمسح المرأة على خمارها ولا غيره. 

قال صاحب الطراز: يريد إذا أمكنها المسح على رأسهاء وهو قول (ش) و(ح). 

وقال ابن حتبل: يجوز المسح على الخمار والعمامة كالخفين» واشترط اللبس 
على طهارة؛ لما فى مسلم: أنه - عليه السلام - مسح على الخفين والعمامة» وفى 
أبى داود: مسح على عمامته ومفرقه. 

ومستندنا: قوله 1- تعالى -: #وَأمْسَحوا روسكم [المائدة: 1] قال سيبويه: 
الباء للتأكيد» معناه: برءوسكم أنفسها . وقوله]() - عليه السلام - [بعد 
الوضوء]9©: ١لا‏ يقبل الله الصلاة إلا به206» وكان قد مسح رأسه فيهء ولأنه لو 
مسح على غيره لكان ذلك الغير شرطاء وهو خلاف الإجماع. 

ولنا - أيضا -: القياس على الوجه واليدين. 

العاشر: قال فى الكتاب: تمسح المرأة على شعرها المعقوص» والضفائر من 
غير نقض. 

قال صاحب الطراز: فلو رفعت الضفائر من أجناب الرأس وعقصت الشعر فى 
وسط الرأس» فالظاهر عدم الإجزاء؛ لأنه حائل كالعمامة. 

الحادى عشر: مسح الرقبة والعلق لا يستحب» خلافا (ش)؛ لعدم ذكره فى 
وضوئه› عليه السلام. 


)١(‏ ها بين المعقوفين سقط فى أ» ش. 

(۲) سقط فى ش. 

(۳) آخرجه ابن ماجه )٤۱۹(‏ من حدیث ابن عمر» وفيه زيد العمى» وهو ضعيف» وابنه 
عبد الرحيم متروك. 


YT! ۱ + الوضوء‎ 


إيضاح قوله تعالى : #وَأمْسَحوأ وميك [المائدة: 1]: إن راعينا الاشتقاق من 
«التراوس» وهو كل ما علاء فيتناول اللفظ: الشعر؛ لعلوه» والبشرة عند عدمه؛ 
لعلوها من غير توسع» ولا رخصة. 

وإن قلنا: إن الرأس: [هى] العضو؛ فيكون ثم مضاف محذوف» تقديره 
امسحوا شعر رءوسكمء فعلى هذا يكون المسح على البشرة لم يتناوله النص؛ 
فيكون المسح عليها عند عدم الشعر بالإجماع لا بالنص» وعلى كل تقدير: يكون 
الشعر أصلا فى الرأس» فرعا فى اللحية» والأصل الوجه. 

الفرض السادس: غسل الرجلين مع الكعبين» وقيل: إليهما دونهماء وهما 
الناتئان فى الساقين؛ لقوله - عليه السلام -: وَل للأغمًاب مِنَّ الار» فلو كان 
معقد الشراك لما عوقب على ترك العقب» وفى قوله تعالى: إل الَكمَبنٍ) إشارة 
إليهما؛ لأن اليد لها مرفق واحد» ولو كان المراد: الناتئ فى ظهر القدم لكان للرجل 
كعب واحد؛ فكان يقول: إلى الكعاب» كما قال: «إلى المرافق»؛ لتقابل الجمع 
بالجمع» فلما عدل عن ذلك إلى التثنية دل ذلك على أن مراده الكعبان اللذان فى 
طرف الساق؛ فيصير معنى الآية: اغسلوا كل رجل إلى كعبيها. 

وروى ابن القاسم وغيره عن مالك - - رحمة الله عليهما -: أنهما اللذان عند 
معقد الشراك؛ فيكون غاية الغسل» والأول مذهب الكتاب» والثانى فى غيره. 

والكعبان يدخلان فى الغسل على المذهب؛ لما تقدم فى المرفقين. 

فرعان: 

الأول: تخليل أصايع الرجلين مستحب على المذهب» وقيل: واجب» وقيل: 
مكروه» والفرق بين أصابع اليدين والرجلين شدة الالتصاق وصغر الحجم. 
الموجبان للتحاك والتدلك. 

الثانى: أقطع الرجلين يغسل الكعبين» بخلاف أقطع اليدين؛ لتقاربهما فى 
الرجلين بعد القطع . 


(۱) سقط فى ط. 
(؟) أخرجه الببخارى »)۱٦۳(‏ ومسلم ))1١5/1١(‏ رقم (۱/۲۷٤۲)ء‏ من حديث عبد الله بن 
عمرو. 


تمهيد: قوله - تعالى -: لاوَأرْبلَكُمْ4 قرئ بالرفع والنصب والخفض : 

أما الرفع فتقديره: مبتدأ خبره محذوف» تقديره: اغسلوها. 

والنصب عطف على اليدين. 

والخفض اختلف الئاس فيه: 

فحمله ابن جرير الطبرى وداود على التخيير بين الغسل والمسح؛ جمعا بين 
القراءتين. 

وحمله الشيعة على تعين المسح» وتأولوا قراءة النصب بأن الرجل معطوف على 
الرأس» قبل دخول حرف الجر عليه» كقول الشاعر: 

معاوى إننا بشر فأسجح ٠‏ فلسنا بالجبال ولا الحديدا(!) 

والفرق بينهما: أن «ليس» تتعدى بنفسها لنصب خبرهاء بخلاف المسح لا يتعدى 
لمفعولين بنفسه» وقد بينا أن أحد مفعوليه المنصوب مضمر؛ فيكون الرأس المفعول 
الثانى فيتعين له حرف الجر. 

وقال المازرى وابن العربى وجماعة من أصحابنا: الخفض محمول على حالة 
لبس الخفين» والنصب على حالة عدمهماء ومنهم من قال: الأصل النصبء وإنما 
الخفض على الجوارء كقول العرب: هذا جحر9) صب خرب» وورد عليهم 


أمران: 
أحدهما: أن المثال لا لبس فيهء بخلاف الآية؛ فإن المسح فى الرجلين ممكن» 
وليس يمكن أن يوصف الضب بالخراب. 


وثانيهما: أن العطف فى الآية: يأبى ذلك؛ لاقتضائه التشريك؛ بخلاف المثال. 
تذيبل : قال بعض العلماء: ينبغى فى غسل اليدين والرجلين» أن يختم المتطهر 
أبدا بالمرافق والكعبين؛ مراعاة لظاهر الغاية الواردة فى القرآن» وإن فعل غير ذلك 





)١(‏ البيت لعقبة» أو لعقيبة الأسدى فى الإنصاف /١(‏ ۳۳۲)ء وخزانة الأدب (۲/ »)۲٠١‏ وسر 
صناعة الإعراب 2)117"1/١(‏ وسمط اللآلى ص :»)١45 - ۱٤۸(‏ وشرح أبيات سيبويه 
( ۳۰۰( وشرح شواهد المغنى (7/ ٠لام)ء‏ والكتاب (۱/ 1۷)» واللسان (غمز). ولعمر بن 
أبى ربيعة فى الأزمنة والأمكنة (۲/ ۰)۳۷ وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر /٤(‏ ۳١۳)ء‏ وأمالى 
ابن الحاجب ))١5١(‏ ورصف المبائى (۱۲۲)» والشعر والشعراء »)٠١١ /١(‏ والكتاب 
79 ؛) ومغنى اللييب (۲/ /اا4)» والمقتضب (۲۳۸/۲). 

زفق فى ط: حجر. 


الوضوء + ۱ 0 


أجزأء لكن الأدب أولى. 

الفرض السابع - الموالاة: 

وهى حقيقة فى المجاورة فى الأعيان» وهنا المجاورة فى الأفعال» ومنه الأولياء» 
والولاء» والتوالى. 

وفى الجواهر: فى حكمها خمسة أقوال: الوجوب مع الذكر» والوجوب مطلقاء 
وعدمه مطلقاء والفرق بين الممسوح فلا يجب» وبين المغسول فيجب, والفرق بين 
الممسوح البدلى كالجبيرة والخفين فيجب» والممسوح الأصلى فلا يجب. وهذه 
الأقوال تدور على مدارك: 

أحدها: آية الوضوءء والاستدلال بها للوجوب من ثلاثة أوجه: 

أحدها: قوله - تعالى -: إا كَمَنّم؛ فإنه شرط لغوى» والشروط اللغوية 
أسباب» والأصل: ترتيب جملة المسبب على السبب من غير تأخير. 

الثانى: قوله - تعالى -: ##فَأَغْسُِواً» الفاء للتعقيب؛ فيجب تعقيب المجموع 
للشرطء وهو المطلوب. 

الثالث : قوله - تعالى -: لفَأَغْسِنُواً© صيغة أمرء والأمر للفورء على الخلاف 
فيه بين الأصوليين؟ فيتخرج الخلاف فى الفرع على الخلاف فى الأصل . 

المستند الثانى : أنه - عليه السلام - توضأ مرة فى فور واحد» وقال: «هَذًَا وُضُوءٌ 
ّا يَْبُ الله الصَّلَاءٌ إلا بء فنفى القبول عند انتفائه؛ فدل ذلك على وجوبه» ثم 
ههنا نظر: وهو أنه - عليه السلام - هل أشار إليه من حيث هوء مرة مرة» وهو 
الصحيح؟ أو أشار إليه بما وقع فيه من القيود فتجب الموالاة؟ ويرد هذا الاحتمال: 
أنه لو كانت الإشارة لقيوده لاندرج فى ذلك الماء المخصوصء والفاعل» والمكان» 
والزمان» وغيره» وهو خلاف الإجماع. ولك أن تقول: الإشارة إلى المجموع؛ فإن 
خرج شىء بالإجماع بقى الحديث متناولا لصورة النزاع» وأما إسقاط الوجوب مع 
النسيان فلضعف مدرك الوجوب المتأكد بالنسيان» وأما الفرق بين الممسوح وغيره 
فلخفة الممسوح فى نظر الشرعء وأما الممسوح البدل فنظرا لأصله. 








(۱) فى ش: مدارات. 
0( تقدم لخريجةه . 





فروع ستة : 

الأول : التفريق اليسير لا يضر. 

قال القاضى : لا يختلف المذهب فى ذلك؛ لقوة الخلاف فى المسألة» ولأنه - 
عليه السلام - فى حديث المغيرة بن شعبة شرع فى وضوء وعليه جبة شامية ضيقة 
الكم» فترك - عليه السلام - وضوءهء وأخرج يده من كمه من تحت ذيله حتى 
غسلها')» وهذا تفريق يسير. ولما فى مسلم: قال ابن عمر: رجعنا معه - عليه 
السلام - من مكة إلى المدينة» حتى إذا كنا بماء فى الطريق» فعمد قوم عند العصر 
فتوضئوا وهم عجالء فانتهى إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء؛ فقال - عليه 
السلام -: «رَيْنَ لِلأعْقَابٍ مِنَ الثّارِء أَسْيُِوا الوْصوء»" فإن هذا التفريق يسير؛ 
لقوله: تلوح أعقابهمء وما يرى ذلك إلا إذا كان البلل موجودا. 

الثانى : قال فى الكتاب: إذا عجز الماء فى الوضوءء فقام لأخذه إن كان قريبا 
بنى» وإن تباعد وجف وضوءه ابتدأ؛ لأن القريب فى حكم المتصلء ولأنه - عليه 
السلام - فى الحديث أمر تاركى الأعقاب بالإسباغ لا بالإعادة. وأما إذا كان عالما 
بأنه لا يكفيه» فإنه يخرج على الخلاف فيمن فرق بغير سبب . 

والتقييد بالجفوف لأكثر الفقهاء: مالك» و(ش)ء وابن حنبل» وجماعة؛ فكان 
قيام البلل عندهم دليل بقاء أثر الوضوءء فيتصل الأخير بأثر الغسل السابق» وقيل: 
المعتبر الطول فى العادة» حكاه القابسى؛ لاختلاف الجفاف باختلاف الأبدان 
والأزمان. 

الثالث: فى الطراز: إذا قلنا: إنها واجبة مع الذكرء هل يشترط مع الذكر التمكن 
آم لا؟ وينبنى عليه إذا نسى عضوا وذكره فى موضع لا ماء فيه ولم يجده حتى طال: 
هل يبتدئ أو يبنى؟ وكذلك إذا نسى النجاسة ثم ذكرها فى الصلاة: هل تبطل عند 
الذكرء أو ينزعها ويتمادى فى ذلك؟ خلاف حكاه صاحب الطراز. 

قال: إن أخر الشىء اليسير بنى» وإن طال ولم يتوان فى الطلب: 

قال أبو العباس الإبيانى: هو كالحائض» تبادر للطهر لا تراعى وقت ابتدائها. 


)١(‏ تقدم تخريجه. 
زفق تقدم تخريجه. 


o ۱ + الوضوء‎ 





وقال صاحب النكت: حكمه حكم من عجز ماؤه فى ابتداء الطهارة» حكاه عن 
جماعة [من] الشيوخ. 

الرابع : قال: إذا نسى لمعة لا يعفى عنهاء وحكى الباجى عن محمد بن دينار 
فيمن لصق بذراعيه قدر الخيط من العجين أو غيره لا يصل الماء إلى ما تحته: يصلى 
بذلك ولا شىء عليه؛ لأنه يعد فى العرف غاسلاء ولما رواه الدارقطنى: أنه - عليه 
السلام - صلى الصبح وقد اغتسل لجنابة» فكان بكفيه مثل الدرهم لم يصبه الماء؛ 
فقيل: يا رسول الله: هذا موضع لم يصبه الماء؛ فسلت من شعره الماء ومسح ولم 
يعد الصلاة"ء إلا أن الدارقطنى ضعفهء وقياسا على ذلك القدر من الرأس» ومن 
بين الأصابع والخاتم . 

وقال: ابن القاسم يعيد الصلاة» فإن كان مما لا يمكن الاحتراز منه» لم ينقل 
حكم الفرض إليه. 

قال مالك فى الموازية - فيمن توضأ وعلى يديه مداد فرآه بعد الصلاة لم يغيره 
الماء إذا أمر الماء عليه -: أجزأه ذلك إذا كان كاتبا؛ فإنه رأى الكاتب معذوراء 
بخلاف غيره. 

الخامس : الموالاة فرض فى الوضوء والغسل» خلافا لأحمد بن حنبل» وفرق: بأن 
الموالاة إنما تكون بين شيئين» والوضوء أعضاء متعددة» والغسل واحد» وهو البدن. 

السادس: إذا نسى شيا من فروض طهارته» إن كان فى القرب فعله وما بعده؛ 
وإن طال فعله وحدهء وقال ابن حبيب: إن كان مغسولا وطال ابتدأء وإن کان 
ممسوحا مسحه فقط» ورواه مطرف عن مالك. 

أما إن كان المنسى مسنونا وذكره بالقرب: 

قال مالك فى المختصر: يعيد ما بعدهاء بخلاف نسيان المفروض» وقال فى 
الواضحة خلاف ذلك. 

الفصل الثانى - فى مسنوتاته : 

والسئة فى اللغة: الطريقة» لكن عرف الشرع خصصه ببعض طرائقه. 
)١(‏ سقط فى ش. 
(؟) أخرجه الدارقطنى )1١١ /١(‏ رقم (4)» عن رجل من أصحاب النى 4. 

وبرقم )٠١(‏ عن العلاء بن زياد العدوىء مرسلين» وقال: وهو الصواب. 





5 ج ١‏ الوضوء 


قال صاحب الطراز: والفرق بين السنةء والفضيلةء والفريضة: أن الأول: يؤمر 
بفعله إذا تركه من غير إعادة الصلاة» والثانى: لا يؤمر بفعلها إذا تركهاء 
ولا بالإعادة» والثالث: تعاد؛ لتركه الصلاة. 

والفرض: مأخوذ من الفرضة الحسية» وهى المحددة» والفروض الشرعية 
كذلك؛ فسميت فروضا. 

والفضيلة : مأخوذة من الفضلء وهو الزائد؛ لأنها زائدة على الواجب. 

ومسنونات الوضوء سبعة: 

السئة الأولى: فى الجلاب: غسل اليدين قبل إدخالهما [فى]7) الإناء لكل مريد 
الوضوء» محدثا أو مجددا أو يداه طاهرتان» خلافا لابن حنبل فى إيجابه لذلك من 
نوم الليل دون غيره؛ لما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - قال: (إذّا اسيقظ أَحَدُكُمْ 
من نومه فَليعْسِل يده قبل أن يُدْجِلَهَا فى وَضُوِهِ؛ فَإنّ أَحَدَكُمْ لا يَذرى أَيْنَ بَانَتْ يده 
ن والبيات إنما يكون بالليل مع نوم أو غيرهء وألحقنا به نوم النهارء 
والمستيقظ؛ بجامع الاحتياط للماءء وقوله: قبل أن يدخلها فى إنائه» ألحقنا به 
الوضوء من الإبريق؛ لأن المتوقع من وضع اليد فى الماءء متوقع من وضع الماء فى 
اليدء لا سيما والموضوع فى اليد أقل؛ فيكون أقرب للفساد. 

وفى الجواهر: قيل غسلهما تعبد» وينبنى عليه القول بغسل اليدين مفترقتين؛ لأن 
شأن أعضاء الوضوء التعبدية: لا يغسل عضو حتى يفرغ من الآخرء ولا يجمعان؛ 
لأنه أبلغ فى النظافة. 

قال صاحب المتتقى: روى أشهب عن مالك أنه يستحب أن يفرغ على 
اليمنى7"؛ فيغسلها ثم يدخلها فى إنائه» ثم يصب على اليسرى. 

وقال ابن القاسم: يفرغ على يديه فيغسلهماء كما جاء فى الحديث» وإذا كانت 
يداه نظيفتين غسلهما عند مالك؛ احتياطا للعبادة» وهى رواية ابن القاسم واختياره ؛ 
لحصول المقصود. 





(۱) سقط فى ش. 
زفق تقدم تخريجه. 
(9) فى ش: اليمين. 


الوضوء ج ۱ لف 

السنة الثانية - المضمضة: 

فى الجواهر: المضمضة: معجمة» وهى تطهير باطن الفم فى الغسل والوضوءء 
وأصلها تحريك الماء فى الإناءء وكذلك تحريك الماء فى الفم. 

والاستنشاق: جذب الماء بالخياشيم ٠‏ 

قال الأصمعى: تقول: استنشقت الشىء: إذا شممته. 

والاستتثار: استفعال من (النثرة»» وهى الأنفء ومن «النثر» وهو [ضد] الجذب. 

وأما ظاهر الشفتين» فغسلهما واجب» وأوجبهما 29 وابن حنبل فى الجنابة؛ 
لقوله - عليه السلام -: «حَلُلُوا الشّعرٌَ وتوا الْبَقَرَ قن تحت كَل شَعَرَةٍ جتابةه) . 

وفى الأنف شعرء وفى الفم بشر. 

وقال ابن أبى ليلى: هما واجبتان فى الوضوء والغسل؛ لأنه - عليه السلام - 
واظب عليهما فى وضوئه وغسلهء وهو المبين عن الله» تعالى. 

ومنهم من أوجب الاستنشاق وحده؛ لأنه - عليه السلام - أمر به» والأمر 
للوجوب» وإنما فعل المضمضة» وفعله على الندب. 

السنة الثالثة - الاستنشاق: 

وهو غسل داخل الأنف» فأما ما يبدو منه فهو من الوجه» فيجذب الماء بريح 
الأنف» وأنكر مالك - رحمه الله - فى المجموعة الاستنشاق من غير وضع إبهامه 
وسبابته على أنفه» وقال: هكذا يفعل الحمار. 

والأصل فى ذلك ما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - قال: «إذًا تَوَضَأ أَحَدكُمْ 
َلْيَجِعَنَ : فی آنه 2011 1 ئم غر ومن استَجمَرَ EY‏ 00 ولا تجب هى 
ولا المضمضة فى الطهارتين؛ ٠‏ لاا من باطن الجسد كداخل الأذنين» وموضع 





(۱) أخرجه أبو داود »)۲٤۸(‏ والترمذى »)1١5(‏ واين ماجه (591)؛ والبيهقى (۱/ 170): من 
حديث أبى هريرة. 
وفى إستاده: الحارث بن وجيه. 
وقال الترمذى: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه» وهو شيخ ليس بذاك. 
(۲) فى ش: يده فى. 
(۳) سقط فى ش۔ 
)€( فی ش: : ليستنثر. 
(4) أخرجه البخارى (۲٦۱)ء‏ ومسلم ۱۷ ) رقم (۲۰/ ۲۳۷)» ومالك (۱۹/۱)» من ۔ 


1A‏ ج ۱ الوضوء 


الثيوبة من المرأة» وداخل العينين» وهذه المواضع لا يجب غسلها ولا مسحها؛ 
فكذلك هاتان لا يتناولهما لا من يغتسل للجنابة ولا للوضوءء وتحمل السنة الواردة 
فيهما على الندب؛ قياسا على نظائرهما فى عدم الوجوب» ولقوله - عليه السلام - 
للأعرابى المسىء لصلاته ذا قُمْتَ إلى الصَّلَاةٍ َرَمَأ كما أَمَوَكُ اش خرجه 
النسائى» وليس فى الآية ذكرهما. 

وفى أبى داود ١لا‏ تَيِمْ صَلَاةٌ أَحَدِكُمْ حَتّى يَتَوَضَأْ كُمَا أَمَرَهُ الله تَعَالَى:2 . 

قال صاحب الطراز: وأما استدلال الحنفية بأن الفم فى حكم الظاهر بدليل 
وجوب تطهيره من النجاسة» وإذا وصل القىء إليه أفطر - فمدفوع بعدم وجوب 
تطهير داخل الأذنين» وداخل العينين إذا اكتحل بمراة خنزير ونحوه» وبالقىء إذا 
استدعاه» دصل إلى خياشيمه» ولم ينزل إلى أنفه حتى غربت الشمسء أو وصل 
إلى فمه فلم يمتلئ؛ فإنه لا ينقض الوضوء عندهم إلا بالامتلاء حتى يسيل بنفسه» 
ولو كان غير طاهر لنقض يسيره وكثيره أصله الدم فى غير الفم عندهم. 

وببلع الريق - أيضا - فإنه لا يفطرء وهو لو بلعه من الظاهر أفطرء وعندهم لو 
جرح فى خده فنفذت إلى فمه كانت جائفة» والجائفة لا تكون فى ظاهر الجسد. 

وأما قوله - عليه السلام -: «فَإِن تحت كَل شَعَرَةٍ جَتَابَةه7" فالمراد به: الشعور 
الكثيرة» والمبالغة فى الغسل» بدليل شعر داخل الأذنين والعينين. 

فروع أربعة: 

الأول: قال: يستحب المبالغة فيهما؟ ما لم يكن صائما. 

الثانى: قال: حكى ابن سابق فى كيفية المضمضة والاستنشاق قولين: 





= حديث أبى هريرة. 

)0غ( أخرجه النسائى (۲/ ۰۲ 4۳( والترمذى )°۲( وأبر داود (۰۸1۰› «(ATI‏ وابن ماجه 
(450), 

زفق أخرجه أبو داود (۸0۸). 

(۳) تقدم تخريجه من حديث أبى هريرة. 

)٤(‏ فى ش: فيها. 

(6) فى ش: الباجى. 


الوضوء جا 4۹ 





أحدهما: يتمضمض ثلاثا [بثلاث غرفات](2» ويستنشق ثلاثا كذلك» وهو قول 
مالك» رحمه الله تعالى . 

والثانى : لأصحابه: غرفة واحدة لهما. 

وجه الأول: ما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - كان يفصل بينهاء والقياس 
على سائر الأعضاء. 

ووجه الثانى: أنه - عليه السلام - تمضمض» واستنشق من غرفة واحدة» وقال 
المازرى: يجمع بينهما بثلاث غرفات» فجعلهما كعضو واحد. 

الثالث: قال صاحب الطراز: لو تركهما عامدا حتى صلىء» فالمشهور أنه 
لا يعيد. وقال ابن القاسم فى العتبية : يعيد فى الوقت. ولغير ابن القاسم فى العتبية : 
يعيد بعد الوقت» إما لكونهما عنده واجبتين» وإما لأن ترك السئن لعب وعبث. 

وقال صاحب الجواهر: إن تركهما ناسيا حتى صلى لم يعد الصلاة» ويؤمر بإعادة 
ما ترك مطلقا على المذهب. 

وقال القاضى: لا يعيدهما بعد الصلاة؛ لأن السئن لا تعاد بعد الوقت. قال 
صاحب الطراز: إن أراد بعدم الإعادة إذا لم يرد صلاة» فهو المذهب؛ كما قال 
مالك فى الموطأ: يفعلهما لما يستقبل إن أراد الصلاة» وإن كان مراده: عدم فعلهما 
مطلقاء فلا يستقيم؛ لأن تركهما نقص فى الطهارة» كترك الاستنجاء؛ فتكمل 
الطهارة للصلاة المستقبلة . 

الرابع : قال صاحب الطراز: يفعلهما باليمين» وهو متفق عليه؛ ويستئثر باليسارء 
وهو مروى عنهء عليه السلام. وفى النسائى: أن عليا - رضى الله عنه - تمضمض 
فاستنشق» وفعل بيده اليسرى ذلك ثلاثاء ثم قال : هذا طهور النبى عليه السلاء0 . 

تنبيه : قدمت المضمضة والاستنشاق على الواجبات وهما من المسنونات؛ 
لوجهين : 

أحدهما : ليطلع بهما على حال الماء فى ريحه وطعمه» فإن كان ليس بطهور استعمل 
غيره» وتركه لمنافعه؛ لثلا يفسده» فيضيع الماء» ويكثر التعب لغير مصلحة. 





للق زيادة من ش . 
(۲) أخرجه النسائى »)57//١(‏ وأبو داود .)١11(‏ 


Va‏ ج ۱ الوضوء 


الثانى : أنهما أكثر أقذارا وأوضارا من غيرهما؛ فكانت العناية بتقديمهما أولى. 

السنة الرابعة: فى الجواهر: مسح الأذنين بماء جديد لهماء ظاهرهما وباطنهماء 
خلافا (ش) فى غسل ظاهرهما وياطنهما. 

قال صاحب الطراز: فأما ما قرب من الصماخين مما لا يمكن غسله» ولا صب 
الماء عليه؛ لما فيه من المضرة - فليس بمشروع» ولعل هذا القول تفسير لقول ابن 
الجلاب: ويدخل أصبعيه فى صماخيه. 

فرع : ظاهر الأذنين: مما يلى الرأس. 

قال ابن شاس : وهو الأظهرء وقيل: مما يلى الوجهء ويقال: إن الأذن فى ابتداء 
خلقها تكون مغلقة كزر الوردء فإذا كمل خلقها انفتحت على الرأسء» فالظاهر 
للحس الآن كان باطنا أولاء والباطن كان ظاهرا؛ فيبقى النظر: هل يعتبر حال 
الانتهاء؛ لأنه الواقع حال ورود الخطاب» أو يعتبر الابتداء؛ عملا بالاستصحاب؟ 

السنة الخامسة: قال: رد اليدين من مؤخر الرأس إلى مقدمه» وأن يبدأ به. وفى 
الموطأ: عن عمر بن يحيى المازرى» أنه قال لعبد الله بن زيد بن عاصم - وكان من 
أصحاب رسول الله ية : هل تستطيع أن ترينى كيف كان - عليه الصلاة والسلام - 
يتوضأ؟ قال عبد الله: نعم» فدعا بوضوئهء فأفرغ على یده» فغسل يديه مرتين 
مرتين» [ثم مضمض» واستشر ثلانّاء ثم غسل وجهه ثلاناء ثم غسل يديه مرتين 
مرتين إلى المرفقين]0©, ثم مسح رأسه بيديه» [فأقبل بهما وأدبر» بدأ بمقدم 
رأسه](" ثم ذهب بهما إلى قفاه» ثم ردهما حتى رجعا إلى المكان الذى بدأ منه» ثم 
غسل رجليه9). 

واختلف العلماء فى قوله فى بعض الروايات: «فأقبل بهما وأدبر». 

فقيل: الواو لا تقتضى الترتيب؛ إذ الواقع أنه أدبر بهما وأقبل. 

وقيل: أقبل بهما على قفاه وأدبر بهما عن قفاه؛ فإن الإقبال والإدبار من الأمور 
النسبية. 





)١(‏ سقط فی أ ش. 

(۲) سقط فی أ ش. 

( أخ رجه مالك )١8/1١(‏ رقم () والبخارى (1۸6ء 4185 ومسلم )۱۰/۷( رقم 
.(o ۸)‏ 


الوضوء ج ۱ ۷١‏ 


وقيل: بدأ من وسط الرأس وأقبل يبديه على وجهه» ثم أدير بهما على قفاه؛ ثم 
ردهما إلى موضع ابتدائه. ويمنع هذا قوله فى الحديث: «من مقدم رأسه»» وأن 
أعضاء الوضوء كلها تبتدأ من أطرفهاء لا من أوساطها. 

وأما قول ابن الجلاب: يبدأ من مقدم رأسه إلى قفاه [مارا بأصابعه]' على وسط 
رأسه رافعا راحتيه عن فودیه» ثم يقبل بهما لاصقا راحتيه بفوديه» مفرقا أصابع يديه- 
فهذه الصفة لم تعلم لغيره» قصد بهاء على زعمه» عدم التكرارء وخالف السنة؛ إذ 
التكرار لا يلزم من ترك ما قاله؛ لأن التكرار إنما يكون بتجديد الماء» بدليل أن دلك 
اليد مرارا بماء واحد لا يعد إلا مرة واحدة؛ فكذلك ههنا. 

السنة السادسة: فى الجواهر: الترتيب» وهذا قول مالك فى العتبيةء وقال الشيخ 
أبو إسحاق بوجويه» وقال این حبيب باستحبابه. 





وجه الأول: أن الله - تبارك وتعالى - عدل عن حروف الترتيب وهى: الفاء وئ 
إلى الواو التى لا تقتضى إلا مطلق الجمع» وذلك يدل على عدم وجوبهء وقول 
على- رضى الله عنه -: [ما] أبالى إذا أتممت وضوئى بأى أعضائى بدأت. وقال ابن 
عباس - رضى الله عنهما - لا بأس بالبداية بالرجلين قبل اليدين. خرج الأثرين 
الدارقطنى2"0. مع صحبة على لرسول الله ككل طول عمره» فلولا اطلاعه على عدم 
الوجوب لما قال ذلك» وكذلك ابن عباس» رضى الله عنهما. والقياس على العضو 
الواحد» بجامع أن الآية إذا دلت على حصول الطهارة فى العضو الواحد فى الجملةء 
فعدم وجوب الترتيب فى الأعضاء أولى؛ لأن النص ورد فى الأعضاء بصيغة «إلى» 
الدالة على البداية والنهاية» ومع ذلك فلم يجب ذلك؛ فأولى ألا يجب ما ليس فيه 
دليل. 
وأما استدلال الأصحاب بقول ابن مسعود: ما نبالى بدأنا بأيماننا أو بأيسارناء فلا 
حجة فيه على (ش)؛ لأنه لا يقول بوجوبه بين اليمين واليسار. 

حجة الوجوب: أن الله - تعالى - فرق بين المتناسبات فى الغسل: وهى 
الرجلان» وما قبل الرأس بالرأس» والأصل ضم الشىء إلى مناسيه» وما خولف 
الأصل إلا لغرض الترتيب؛ لأن الأصل عدم غيره. 
)١(‏ فى ط: واضِعًا أصابعه. 
(؟) أخرجه الدارقطنى (۸۹/۱). 


۷۲ + ا الوضوء 

وقوله - عليه الصلاة والسلام -: «هَذًّا وُضُوءٌ لا يفْب الله الصَلاة إا بيه“ وكان 
مرتباء وإلا كان التنكيس واجباء وهو خلاف الإجماع. 

والقياس على الصلاة» بجامع أن كل واحد منهما مشتمل على قربات مختلفة» 
فالجواب عن الأول: أن الرجلين - أيضا - ممسوحتان» بدليل قراءة الخفض› 
ونحن نقول به حالة لبس الخفين؛ فإن الماسح على خفيه يصدق عليه أنه ماسح 
رجليه؛ كما يصدق على المسح بالذراع إن كان من فوق الثوب؛ فلا يحصل التفريق 
بين المتناسبات» بل الجمع بينها. 

وعن الثانى: أن الإشارة فى الحديث إلى غسل المرة» لا إلى الجميع» وإلا يلزم 
التخصيص بالزمان والمكان» وهو خلاف الأصل»ء أو تجب هذه القيود» وهو 
خلاف الإجماع. 

وعن الثالث: بالفرق من وجوه: 

أحدها: أن الصلاة مقصد» والطهارة وسيلة» والمقاصد أعلى رتبة من الوسائل؛ 
فلا يلزم الإلحاق. 

وثانيها: أن المصلى يناجى ربهء فيشبه بقارع باب على ربه لمناجاته؛ فكان 
الواجب أن يقف بين يديه» ولا يستفتح أمره بالجلوس» ويثنى بالركوع؛ لأنه أقرب 
إلى حالة القيام» ثم إذا تقرب إلى ربه بالثناء على جلاله» والتذلل بركوعه لعظيم 
علائه - حسن منه حينئل هيئة الجلوس. 

وأما الوضوء: فالمقصود منه طرف واحدء وهو رفع الحدث» وذلك حاصل 
باستعمال الماء فى الأعضاء. 

وثالئها: أن الصلاة لو لم تكن مرتبة لبطلت الإمامة؛ لأنه لا يبقى للإمام عند 
المأموم ضابط يستدل به على أى ركن شرع فيه الإمام؛ فتبطل مصالح الإمامة» 
بخلاف الوضوء. 

فإن فرعنا على الوجوب فأخل بهء ابتدأ عند ابن زياد» وقيل: لا يعيد؛ لأنا إن 
قلنا بوجوبه فليس شرطا فى الصحة. 

وإن فرعنا على أنه سنةء فتركه عمدا: فهو كالنسيان» وقيل: يعيد» على الخلاف 


0( تقدم. 


الوضوء ١‏ روف 


فى تعمد ترك السنن: هل يبطل أم لا؟ وأما على القول بأنه فضيلة واستحباب فلا 
إعادة ‏ 





وحيث قلنا يبدأء فإن كان بحضرة الماء ابتدأ لليسارة» وإن بعد وجف وضوءه» 
فقولان: بالبناء» والابتداء. 

تفريع: قال صاحب الطراز: إذا بدأ بيديه» ثم بوجهه» ثم برأسه» ثم برجليه - 
أعاد وضوءه إن كان عامدا أو جاهلاء وإن كان ناسيا: قال مالك: أخر ما قدم من 
غسل ذراعيه» ولا يعيد ما بعده؛ كما لو ترك غسلهما حتى طال أعادهما فقط. 

وقال ابن حبيب: يؤخر ما قدم» ثم يغسل ما يليه طال أو لم يطل؛ لتحصيل 
حقيقة الترتيب؛ فإنه إذا لم يعد غسل رجليه» وقع غسل ذراعيه آخرا. فلو بدأ 
پوجهه» ثم رأسه» ثم ذراعيه» ثم رجليه: أعاد عند ابن القاسم رأسه فقط؛ فيرتفع 
الخلل» حيث قدمه على محله» وعند غيره يمسح رأسه» ثم يغسل رجليه؛ لأنه إذا 
لم يعد مسح رأسه فكأنه أسقطه؛ فوقع غسل يديه بعد وجهه. 

ولو غسل رجليه قبل ذراعيه - والمسألة بحاله - فعند ابن القاسم: يعيد مسح 
رأسه؛ لأنه ما وقع بعد يديه»ء ويعيد غسل رجليه لهذه العلة» ويتفق ابن القاسم وغيره 
ههنا. وإذا قلنا: يعيد مسح رأسه وغسل رجليه: فبدأ برجلیه» فيحتمل عند ابن 
القاسم الإجزاء؛ لأن مسح الرأس يعتد به فى رفع الحدث» ووقع غسل رجليه بعد 
مسح رأسه؛ فلا خلل فيه. فإذا أعاد غسل رجليه فقط؛ وقع بعد ذراعيه وبعد 
الرأس» أعنى فى الطهارة الأولى؛ فيحصل الترتيب بمجموعهماء وأعاد رأسه ليقع 
بعد اليدين. 

وعند غيره: إذا مسح رأسه أعاد رجليه؛ ليكون آخر فعله. فإن غسل وجهه» ثم 
رجليه» ثم رأسهء ثم ذراعيه - فالاتفاق على أنه يعيد رأسهء ثم رجليه؛ لأنه قدمهما 
ورأسه على يديه» فيؤخر ما قدم» فيمسح رأسه؛ ليقع ذلك بعد يديه» ثم يغسل رجليه. 

فلو أنه - والمسألة بحالها - بدأ برجليه» ثم برأسه: فيحتمل عند ابن القاسم أن 
يجزئه؛ لأن مسحه رأسه الأول قد وقع بعد الرجلين أولاء وإنما مسح رأسه الآن؛ 
ليقع بعد ذراعيه. وعند غيره: يعيد رجليه بعد رأسه؛ ليكون آخر فعله. فلو بدأ 
بوجههء ثم رجليه» ثم ذراعيه» ثم رأسه: أعاد رجليه فقط اتفاقا؛ لأن يديه غسلت 
بعد وجهه» ومسح رأسه بعد يديه» فيغسل رجليه بعد رأسه» وقد ذهب الخلل. 


V€‏ + ۱ الوضوء 

والأصل فى هذا الباب عند ابن حبيب وعند عبد الملك: أن المقدم على الوجه 
يلغى» والمقدم على اليدين بعد الوجه يلغى» والمؤخر بعد اليدين من قبل الرأس 
يلغى» والمؤخر بعد الرأس قبل الرجلين يلغى. 

وعند أبن القاسم : المقدم فى حكم الملغى» على ما قدمه عليه» وما وقع بعد 
المقدم مما ينبغى أن يتأخر عنه فهو مرتب عليه؛ فيكون المقدم ملغى فى حق ما تقدم 
عليه» ثابتا فى حق ما ترتب علیه» فالذى بدأ بذراعيه ثم وجهه ثم رأسه ثم رجليه 
عند عبد الملك: لما بدأ بذراعيه قبل وجهه كان غسل ذراعيه ملغى» ويعيد وجهه؛ 
لأنه لو استفتى حيتئذ عالماء لقال له: اغسل وجهك» ويكون غسل وجهه أولا غير 
معتل به؛ ثم كان شأنه بعد وجهه أن يغسل يديه فمسحه رأسه بعد وجهه ملغى؛ 
لوقوعه قبل موقعه. ولو استفتى حيئئذ لقيل له: اغسل ذراعيك» وإذا ألغى مسح 
رأسه: كان الصواب أن يغسل ذراعيه» فغسل رجليه - والحالة هذه - ملغى؛ 
لوقوعه فى غير موضعه؛ فلم يبق إلا الوجه؛ فيعيد من ذلك إلى آخر وضوئه. 

وعند أبن القاسم : لما قدم يديه على الوجهء كان ذلك ملغى فى حق الوجهء فيقع 
مسح رأسه بعد اليدين والوجهء وذلك موضعه» فرتب الرأس على سيق اليدين له 
والرجلين على الرأس» ويبقى الخلل بين اليدين والوجه فقطء فإذا أعاد غسل يديه 
انجبر الخلل . 

وإذا بدأ بذراعيه ثم رأسه ثم وجهه ثم رجليهء فعند ابن القاسم: وقع اليدان 
مقدمتين على الوجهء وكذلك الرأس» و[وقعت] الرجلان مؤخرتين عن الجميع وهو 
الصواب؛ فيعيد يديه ورأسه فقطء وعند الغير: يعيد يديه» ورأسهء ورجليه. 

فإن بدأ بالرأس» ثم الوجهء ثم اليدين» ثم الرجلين - فعند ابن القاسم: يعيد 
رأسه؛ ليتأخر عن يديه» ولا يعيد رجليه؛ ليوقعه بعد رأسه. 

وعند الغير: يمسح رأسهء ثم وجهه: فإن بدأ برأسه» ثم رجليه» ثم وجهه» ثم 
يديه - أعاد رأسه ثم رجليه أتفاقا . 

ولو بدأ برجليهء ثم وجههء ثم يديهء ثم رأسه - أعاد رجليه وفاقا. 

ولو بدأ برجليه؛ [ثم یدیه]'» ثم وجهه» ثم رأسه - فعند ابن القاسم: يعيد يديه 





)١(‏ سقط فى ش. 


Yo + الوضوء‎ 





ورجليه فقط؛ لأن رجليه مقدمتان على [ما] حقهما أن تتأخرا عنه» وكذلك يداه 
تقدمتا على الوجهء وحكمهما التأخير» ومسح الرأس لم يقع مقدما على ما يتقدمه. 

وعند الغير: يعيد يديه ثم رأسه؛ اشع بعد یلین ثم رجليه. 

ولو بدأ برجليه» ثم رأسه. ثم وجهه» ثم يد : لأعاد رأسه ورجليه وفاقا. 

ولو قلت ههنا: ببديه ثم بالوجه أعاد يديه 7 آخر وضوئه وفاقًا. 

فروع خمسة: 

الأول: فى الجواهر: يستحب الابتداء بار من اليدين» والرجلين؛ لقوله - 
عليه السلام -: (إذًا توَضَأُ أَحَدُكُمْ كَلْيبِدَأْ ميان" ' رواه ابن وهب» وأدخله سحنون 
فى الكتابء ولأنه متفق عليه. 

الثانى: قال المازرى: إذا أمر المتوضئ أربعة رجال أن يطهروا أعضاءه معاء فقال 
بعض من أوجب الترتيب: هو بمنزلة المنكس؛ لأنه لم يقدم ما وجب تقديمه. 

الثالث: فى الطراز: القول بالوجوب مختص بالواجب دون المسئون» وكذلك 
قال (ش) - رحمه الله تعالى - لأن ما لا يجب أصله كيف يجب وصفه؟! 

الرابع : لو ترك الترتيب حتى صلى قال صاحب الطراز: قال بعض المتأخرين 
يعيد؛ مراعاة للخلاف فى وجويه. 

قال: وليس كذلك» والفرق بين إعادة الوضوء - لأجله - وإعادة الصلاة: أن 
إعادة الوضوء مرغب فيه؛ بدليل الأمر بالتجديدء بخلاف الصلاة؛ لقوله - عليه 
السلام -: «لا تُصَلُوا فی يَوْم مَرْتين0 . 

الخامس : ؛ إذا نكس ترا رر فيدا بالج [قيل]0) - قال صاحب الطراز: 
إن كان ساهيا لم يعد وجههء قاله مالك»› رحمه الله تعالى. وإن كان جاهلا أو 
عامداء فظاهر الموطأ: أنه لا شىء عليه. وقال ابن حبيب: يبتدئ الوضوء. وسوی 
بين المفروض والمسنون. 


)١(‏ أخرجه أحمد (61/7). وأبو دارد )٤۱٤(‏ وابن ماجه (7 ١‏ 5).: وابن -خزيمة (۱۷۸)ء عن 
أبى هريرة . 
زشفق أسثر جه أحمد (۱۹/۲ء ١4)ء‏ وأبو داود (01/4): والنسائی (۲/ )١١4‏ من حديث عبد الله 


أبن عمر. 
(۳) سقط فى ش. 


۷٦‏ ج١1‏ الوضوء 


سؤال: ندب الشرع لتقديم اليمنى من اليدين» والرجلين» والجنبين فى الغسل» 
والوضوء» ولم يندب لتقديم اليمنى من الأذنين» أو الفودين» أو الخدين» أو 
الصدغين» ونحو ذلك» فما الفرق؟ 

جوابه: أن أولئك الأعضاء المقدمة اشتملت على منافع تقتضى شرفها؛ فقدمها 
الشرع لذلك. 

بيانه: اليد اليمنى فيها من الحرارة الغريزية» والقوة» ووفور الخلق والصلاحية 
للأعمال ما ليس فى اليسار؛ وذلك أن الخاتم يضيق فى اليمنى ويتسع فى اليسارء 
وكذلك القول فى الرجلين» ومن اعتبر ذلك وجده مقتضى الخلقة الأولى» ما لم 
تعارضه عادة فاسدة عن الخلق الأصلى . 

وأما الأذنان ونحوهماء فمستويتان فى المنافع وصفات الشرف؛ فلم يقدم الشرع 
يمين شىء من ذلك على يساره» وقدم الجنب الأيمن؛ لاشتماله على الأعضاء 
الشريفة المذكورة. 

تذييل: يبدأ بالأعالى فى الطهارة؛ لشرفها [و] لما اشتمل عليه الوجه من الحواس 
والنطق. ويثنى باليدين؛ لكثرة دخولهما فى الطاعة وغيرها. ويقدم الرأس على 
الرجلين لشرفه؛ لما اشتمل عليه من القوى المدركةء والحكمة. وقدم الفم على 
الأنف؛ لشرفه بالذوق» والنطق. وقدم الفرجين؛ محافظة على الطهارة من النقض. 

السنة السابعة: غسل البياض الذى بين الصدغين» والأذنين. 

قال المازرى: انتقد هذه السنة على القاضى أصحابناء وقالوا: إن كان من الوجه 
فهو واجب» وإلا فهو كالقفا ساقط على الإطلاق. 

قال: ولعله ظفر بحديث يوجب كونه سنة» أو يكون سنة؛ مراعاة للخلاف» [أو] 
سنة على سبيل التوسع . 

الفصل الثالث: فى فضائله» وهى سبعة 

الفضيلة الأولى - التسمية: 

قال صاحب الطراز: استحسنها مالك - رحمه الله - مرة» وأنكرها مرة» وقال: 
أهو يذبح؟! ما علمت أحدا يفعل ذلك. ونقل ابن شاس عنه التخيير» وعن ابن زياد 
الكراهة . 

وأفعال العبد على ثلاثة أقسام : منها ما شرعت فيه التسمية» ومنها ما لم تشرع 





الوضوء ج ۱ VV‏ 


فيه» ومنها ما تكره فيه. 

الأول: كالغسل» والوضوءء والتيمم على الخلاف» وذبح النسك» وقراءة القرآن 
ومنه مباحات ليست بعبادات: كالأكل» والشرب» والجماع . 

والثانى : كالصلوات» والأذان» والحج» والعمرة» والأذكار» والدعاء. 

والثالث: المحرمات؛ إذ الغرض من التسمية: حصول البركة فى الفعل المشتمل 
عليهاء والحرام لايراد كثرته» وكذلك المكروه. 

وهذه الأقسام تتحصل من تفاريع أبواب الفقه فى المذهب» فما ضابط ما شرع فيه 
التسمية من القربات والمباحات» مما لم يشرع فيه؟ 

قلت: وقع البحث فى هذا الفصل مع جماعة من الفضلاء» وعسر الفرق» وإن 
كان بعضهم قد قال: إنها لم تشرع مع الأذكار وما ذكر معها؛ لأنها بركة فى نفسها. 

وورد عليه: أن القرآن من أعظم البركات» مع أنها شرعت فيه. 

والأصل فى شرعيتها فى الوضوء: قوله - عليه الصلاة والسلام -: ١لَا‏ صَلَاةٌ 
لِمَنْ لا وُضُوءَ لَهُّ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكْرٍ اسْمْ الله عَلَيْه('© خرجه أبو داود 
والترمذى» إلا أنه لا أصل له» وقال ابن حنبل بوجوبهاء مع أن الترمذى قال عنه: 
لا أعرف فى هذا الباب حديثا جيد الإسناد . 

الفضيلة الثانية فى الجواهر: السواك؛ لما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - قال 
ولا أن شی عَلَى أَمْتى لأْمَرتُهُمْ بالسّوّكِ عند کل لاء وفى أبى داود: کان 
يُوضَعٌ له قل وضو وَسِوَاكة9. 

والكلام فى وقته› وآلته » وكيفيته . 

أما وقته: فقال صاحب الطراز: يستاك قبل الوضوء» ويتمضمض بعده؛ ليخرج 
الماء بما ينثره السواك. 

ولا يختص السواك بهذه الحالة؛ بل فى الحالات التى يتغير فيها الفم: كالقيام من 





(۱) أخرجه أبو داود :)١١١(‏ وابن ماجه (۳۹۹)ء والبيهقى /١(‏ 44) من حديث أبى هريرة. 

(۲) سقط فى ش. 

(۳) آخرجه البخارى (۸۸۷)ء ومسلم (۱/ ۲۲۰)ء رقم »)٠۲ /٤۲(‏ ومالك فى الموطأ(١/55)‏ 
)١١4(‏ من حديث أبى هريرة. 

)٤(‏ أحخرجه أبو داود (05) من حديث عائشة. 


النوم» أو بتغير الفم لمرض» أو وجع. أو صمت كير أو مأكول متغير. 

وأما الآلة: فهى عيدان الأشجار؛ لأنه سنة النبى كد وسنة السلف» أو بأصبعه 
إن لم يجد» ويفعل ذلك مع الماء فى المضمضة؛ لأنه يخفف القلح»› والقلح: 
صفرة الأسنان» فإن استاك بأصبع» فجعلها سواكا للسن أولى من جعل السن سواكا 
للأصبع . ويتجنب من السواك ما فيه أذى للفم كالقصب؛ فإنه يجرح اللثة ويفسدهاء 
وكالريحان ونحوه مما يقول الأطباء: فيه فسادء وقد نص على ذلك جماعة من 
العلماء . 

وأما كيفيته: فيروى عنه - عليه الصلاة والسلام -: «اسْتَاكُوا عَرْضًاء وَادْمِنُوا 
غِبّا أى: يوما بعد يوم - وَاكْتَحِلُوا ورا“ فالسواك عرضا أسلم للثة من التقطع» 
والأدهان إن كثرت تفسد الشعر وتنثره. 

والسواك وإن كان معقول المعنى» فعندى أنه ما عرى من شائبة تعبد؛ من جهة أن 
الإنسان لو استعمل الغسولات الجلاءة - عوضا من العيدان - لم يأت بالسنة. 

الفضيلة الثالثة: فى التلقين: تكرار المغسول» وقوله فى الكتاب: لم يوقت 
مالك- رحمه الله - فى التكرار إلا ما أسبغ . قال صاحب الطراز وغيره: يريد به نفى 
الوجوب لا نفى الفضيلةء وكذلك قال: وقد اختلفت الآثار فى التوقيت: 

قال صاحب التنبيهات: التوقيت: التقدير من الوقت» [وهو المقدار من 
الزمان]27: فمعناه: لم يقدر عددا. 

قال: ومن الناس من قال: معناه: لم يوجب؛ من قوله - تعالى -: كنبا 
وفوا [النساء: ]٠١‏ أى: فرضا لازما. وليس بصواب» وروی عنه - عليه 
السلام -: أنه توضأ مرة مرة» وقال: «هَذًَا وُضُوءٌ لا يبن الله الصَّلاءٌ إلا و40 
فأثبت القبول عند ثبوته؛ فدل ذلك على عدم وجوب غیره» ويروى عنه - عليه 
السلام -: امَرَتيْنِ مَرْتيْنِء وَثَلانَا ئا“ أخرجه البخارى ومسلم. 
)00 أخرجه أبو داود فى المراسيل (0)» بلفظ: «إذا شربتم فاشربوا مصًا؛ وإذا استكتم فاستاكوا 

عرضاء. وفيه محمد بن خالد القرشى» قال ابن القطان : لا يعرف. 

وينظر: «التلخيص» (۱۰۸/۱ - .)٠١۹‏ 

(۲) فى أء ش: وأن التقدير آخر الزمان. 
(۳) تقدم تخريجه. 
)£( تقدم تخريجه. 


الوضوء + ۱ ۷۹ 


قال اللخمى : فالأولى واجبةء والثانية سنة» والثالئة فضيلة» والرابعة مخترعة إذا 
أتى بها عقيب الثالثة أو بعد ذلك» وقبل الصلاة بذلك الوضوءء فإن صلى به كان 
تجديد الوضوء فضيلة؛ لقوله - عليه السلام -: «الْوُضُوء عَلَى الْوُصُوءِ بور عَلَى 
وء وقوله فى الرابعة: «قَمَنْ زَادَ أو اسْتَرَادَ مذ َعَدّى وَطَلْم»0©: والتجديد 
زيادة» فيجمع بينهما بهذه الطريقة» ودليل تحريم الرابعة: قوله - عليه السلام - لما 
توضا ثلاثا: «هَذًا وُصُوتِى وَوُضصُوءُ الأثبياء مِنْ قَبْلِىء وَوُضُوء أبى إِبْرَاهِيمَء فَمَْ راد 
و اسْتَرَاد فَقَدْ تَعَدّىَ وَظَلَم0©. 

قال صاحب المقدمات: قال الأصيلى: ليس هذا بثابت. 

والوضوء من خصائص هذه الأمة. 

قال ابن رشد: إن صح الحديث» فيكون معنى ما روى في الغرة والتحجيل» 
ويكون الاختصاص بالغرة لا بالوضوء» وأما قوله - عليه السلام -: «فمن زاد أو 
استزاد»» فيحتمل معنيين: 

أحدهما: التأكيد» ويكون المراد بهما واحدا. 

والثانى: أن يكون «استزاد» من باب الاستفعال» وهو طلب الفعل» والإنسان له 
حالتان: تارة يتوضأ بنفسهء فيقال: إنه زاد الرابعة» وتارة يستعين بغيره فى سكب 
الماء وغيرهء فيطلب من ذلك الغير زيادة الرابعة» فيقال له: استزاد. 

وجوز مالك - رحمه الله - فى المدونة الاقتصار على الواحدة» وقال - أيضا -: 
لا أحبها إلا من عالم» يعنى: لأن من شرط الاقتصار عليها الإسباغ» وذلك 
لا يضبطه إلا العلماء. 

وإذا لم يسبغ وأسبغ فى الثانية: كان بعض الثانية فرضاء وهو ما حصل به الإسباغ 
فى بقية الأولى» وبقيتها فضيلة» وهو ما عدا ذلك» وإلى أن يأتى برابعة» تختص بها 
المواضع المتروكة أولاء ولا تعم؛ لثلا يقع فى النهى. 


)١(‏ لا أصل له. 
قال السخاوى فى المقاصد (551): ذكره الغزالى فى الإحياء فقال مخرجه: لم أقف عليه 
وسبقه لذلك المنذرىء وأما شيخنا فقال: إنه حديث ضعيف رواه رزين فى مسنده. 
0( تقدم . 
(۳) تقدم تخريجه من حديث اين عمر. 


۸۰ + ۱ الوضوء 

فرع: فى الجواهر: إذا شك فى أصل الغسل ابتدأه؛ لأنه فى عهدة الواجب حتى 
يفعله» وإن شك: هل هى ثالثة» أو رابعة؟ قال المازرى: تنازع الأشياخ فى فعلها: 
هل تكره مخافة أن تكون محرمة؟ أو لا تكره؛ لأن الأصل بقاء المأمور به من 
الطهارة متوجها على الإنسان؛» والبناء على اليقين فى الطهارة» وركعات الصلاة من 
العدد؛ فيصلى الركعة وإن شك هل هى رابعة واجبةء أو خامسة محرمة؟ ويلحق 
بهذا صوم التاسع من ذى الحجة إذا شك فيه؛ فإنه دائر بين المندوب والمحرم. 

قاعدة: إذا تعارض المحرم وغيره من الأحكام الأربعة قدم المحرم؛ لوجهين: 

أحدهما: أن المحرم لا يكون إلا لمفسدةء وعناية الشرع والعقلاء بدرء المفاسد 
أشد من عنايتهم بتحصيل المصالح» ولأن تقديم المحرم يفضى إلى موافقة الأصل 
وهو التركء فمن لاحظ هذه القاعدة قال بالترك. ومن قال: يغسل» يقول: المحرم 
رابعة بعد ثالثة متيقنة» ولم يتيقن ثالثة فلا يحرم» وكذلك القول فى الصوم» وما أظن 
فى الصلاة خلافا والله أعلم. 

الفضيلة الرابعة: الاقتصاد والرفق بالماء مع الإسباغء والإسباغ: التعميم» ومنه 
قوله تعالى: وسيم طك يمم ظلهرةٌ وياطِتة» [لقمان: ]٠١‏ أى: عممها. 

وأنكر مالك فى المدونة قول من قال: حد الوضوء أن يقطر أو يسيل. 

قال ابن يونس أى أنكر التحديد. قال مالك: «رأيت عباسا» - قال صاحب 
التنبيهات: عباس» بباء واحدة من تحتهاء وسين مهملة» ومن الشيوخ من يقول: 
عياشا بالياء والشين» وهو -خطأ - يتوضأ بئلث مد هشام ويفضل له منه» ويصلى 
بالناس» وأعجبنى ذلك. 

وفى البخارى: كان - عليه السلام - يغتسل بالصاع» ويتوضا بالمد9"©. 

قال بعض العلماء: إذا كان المغتسل معتدل الخلق كاعتدال خلق رسول الله يكل 
فلا يزيد فى الماء على المد فى الوضوء» والصاع فى الغسل» وإن كان [ضكيلة]7) 
فليستعمل من الماء ما يكون نسبته إلى جسده كنسبة المد والصاع إلى جسده - عليه 
الصلاة والسلام - فإن تفاحش الخلق فلا ينقص عن مقدار أن يكون نسبته إلى جسده 


00( أخرجه البخارى 2)5١1١(‏ ومسلم »)۲٥۸/۱(‏ رقم Y0)‏ 01(« من حديث أنس بن مالك . 
(؟) مطموسة فى أء وفى ش: على خلاف ذلك. 


A۱ ۱+ الوضوء‎ 


كنسبة المد والصاع إلى جسده بي . 

الفضيلة الخامسة: قال ابن يونس : أن يجتنب الخلاء؛ لنهيه - عليه السلام - عن 
ذلك» مخافة الوسواس. 

الفضيلة السادسة: قال ابن يونس: يجعل الإناء عن اليمين؛ لفعله - عليه 
السلام- لذلك» ولأنه أمكن. واعلم أن هذه المكنة إنما تتصور فى الأقداح» 
وما تدخل الأيدى إليهء أما الأباريق فالتمكن إنما يحصل بجعله على اليسار؛ 
ليسكب الماء بيساره فى يمينه. 

الفضيلة السابعة: قال ابن أبى زيد فى الرسالة: يستحب أن يقول بأثر الوضوء: 
اللهم اجعلنى من التوابين» واجعلنى من المتطهرين» وقال - عليه الصلاة والسلام-: 
«مَنْ تَوَضّأ فَأَحْسَنَ الْوصُوءَ تم رَقَعَ طَرْكَهُ إِلَى السّمَاءِ كَقَالَ: أَشْهَدُ أن لا إل إلا الله 
وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أن مُحَمّدَا عَبَدُهُ وَرَسُولَُ حت لَه أَبوَابُ الْجَْةِ يَدْخْلُ مِنْ 
أَيْهَا شَا(© . 

خاتمة: قال فى الكتاب: لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوءء خلافا 
لأصحاب (ش)» محتجين بما فى مسلم : أن عائشة - رضى الله عنها - لما وصفت 
غسله - عليه السلام - قالت: «ثم أتيته بالمنديل» فرده» وقال: إنه يذهب بنور 
الوجه»7©. 

حجتنا: ما روى عنه - عليه السلام - أنه كان إذا وضأ مسح وجهه بطرف 
ثوبه(©. وفى الترمذى: «أنه - عليه السلام - كانت له خرقه ينشف فيها بعد 
الوضوء»)» وضعفه الترمذى وقال: لا يصح فى هذا الباب شىء. 

ولأن المسح يؤدى إلى النظافة؛ فإن الماء إذا بقى فى شعره قطر من اللحية على 


فق أخرجه مسلم 1/1 والترمدى )266 واين ماجه ))417١(‏ وأبو داود ))١59(‏ من 
حديث عمر. 
(۲) أخرجه مسلم )١04/١(‏ رقم (۳۱۷/۳۷)ء وليس فيه: إنه يذهب بنور الوجه. 
(۳) أخرجه الترمذى (٤٥)ء‏ والطبرانى فى «الأوسط» (٤۱۹٤)ء‏ والبيهقى (١/175؟1)؛‏ من 
حديث معاذ» وقال الترمذى: حديث غريب» وإسلاده ضعيف . 
)٤(‏ أخرجه الترمذى (“اه)» والحاكم »)١1554/١(‏ والبيهقى /١(‏ 2))1486 من حديث عائشة. 
وقال الترمذى: حديث عائشة ليس بالقائم . 


YAY‏ ج ١‏ الوضوء 


الثوب فعلق به الغبار؛ فينطمس لونهء وكذلك يعلق ماء رجليه بذيول ثوبه» وحديث 
مسلم لا ينافى ما قلنا؛ لأنا نقول بإباحة تركهء والحديث يدل على ذلك والقياس 
معنا؛ لما ذكرناه» ويؤكده: أن غسالة الماء نجسة عند جماعة من العلماء؛ فيجب 
إزالتها على هذا التقدير. 

فرع: وإذا أبيح التنشيف فهل يباح قبل الفراغ؟ قال صاحب الطراز: على رأى ابن 
الجلاب: لا يجوز؛ لقوله : ولا يجوز تفريق الطهارة من غير عذر» وعلى المشهور 
يجوز؛ ليسارته. وفى المجموعة: قلت لمالك: أيفعل ذلك قبل غسل رجليه؟ قال: 


الغسل ج ۱ ۸ 
الباب الثالث 


فى الغسل وفيه فصلان 

الفصل الأول - فى أسبابه: 

وهى سبعة عشر: التقاء الختانين» وإنزال الماء الدافق من الرجل والمرأة» 
والشك فى أحدهما ما لم يستنكح ذلك» وتجديد الإسلام بعد البلوغ» والولادةٌ - 
وإن كان الولد جافا - وانقطاع دم الحيض» وانقطاع دم النفاس» والموت فى غير 
الشهداء» فهذه أسباب الوجوب. 

وتليها أسباب الندب» وهى: شهود الجمعة» وشهود صلاة عيد الأضحى» 
وشهود صلاة عيد الفطر» وإحرام الحج» ودخول مكةء والرواح لعرفة للوقوف» 
ومباشرة غسل الميت» وانقطاع دم الاستحاضةء وانقطاع دم المرأة التى شأنها ألا 
تحيض ؛ فإنها لا تترك الصلاة بسببه» وتغتسل لانقطاعه. 

والمقصود بالكلام ههنا: الخمسة الأوّل» فغيرها نتكلم عليه فى مواضعه - إن 
شاء الله تعالى - وهذه الخمسة هى أسباب الجنابة: 

والجنابة: مشتقة من التجنب» وهو البعد» ومنه الرجل الأجنبى منك؛ أى: 
البعيد عن قرابتك وصحبتك» ومنه: المجانبة للقبائح» ولما كان المتصف بهذه 
الأسباب بعيدا من العبادات» سمى : جنباء وقيل: مشتقة من الجنب؛ لأن الغالب 
فى حصول هذه الأسباب مباشرة النساء» فيحصل اجتماع الجنب مع الجنب حسا 
لذلك. 

السبب الأول: فى الجواهر: التقاء الخنانين يوجب الغسل» أو مقدار الحشفة من 
مقطوعها؛ لما فى مسلم عنه - عليه السلام - أنه قال: (إِذَّا جس بَيْنّ شْعَيهًا شُعيهَا الأزيّع 
وَجَهَدَهَا قَقَدْ وَجَبَ الْغْسْلُ(2» وفى مسلم: أن رجلا سأله - عليه السلا - عن 
ذلك» وعائشة - رضى الله عنها - جالسة» فقال - عليه السلام -: إلى لأفْعَلُ 
ذلك تم اتیل . 


(۱) أخرجه البخارى (۲۹۱)» ومسلم 1/1 - «(YVY‏ رقم »)۳٤۸(‏ وأبو داود (15؟)2 
وابن ماجه 2)51١(‏ وغيرهم من حديث عائشة. 
(۲) أخرجه مسلم (۲۷۲/۱) رقم (0"09/84. 


1 جا الغسل 

فهذه الأحاديث» قال العلماء: هى ناسخة لما تقدمهاء من قوله - عليه السلام - 
فى مسلم للأنصارى الذى مر عليه» فخرج إليه ورأسه يقطر بالماءء فقال: «لعَل 
أَعْجَلتَاك»؟ قال: نعم يا رسول الله فقال - عليه السلام -: لذا أجلت و مُحِطْتٌ 
قلا عُسْلَ2'00. ومن قوله - عليه السلام - فى مسلم: (إِنّمَا لماه من اماب" أى: 
إنما يجب استعمال الماء فى الطهر من إنزال الماء الدافق. 





وقال بعض العلماء: كانت هذه رخصة فى أول الإسلام» ثم نسخت» وقال 
صاحب الاستذكار: قال ابن عباس فى قوله - عليه السلام -: (إِنّْمّا المَاءُ يِن 
الْمَاءِه-: محمول على النوم؛ فإن الوطء فيه من غير إنزال لا يوجب شيئا إجماعاء 
وهذا أولى من النسخ؛ فإنه وإن كان عاما فى الماءين» فهو مطلق فى الحالين: 
النوم» واليقظة. فحمله على النوم تقبيد للمطلق» والتقييد أولى من النسخ؛ لما تقرر 
فى علم الأصول» ومما يدل على أن التقاء الختانين يوجب الغسل: أنها طهارة 
حدث ؛ فتتعلق بنوع من اللمس كالوضوء» ولأن التقاء الختانين سيبا قوى 
لخروج المنى؛ فيتعلق به حكمه؛ كاللمس7©» لما كان سببا قويا للمذى» 
فيتعلق به حكمه. 

قاعدة أصولية : اللفظ إذا خرج مخرج الغالب لا يكون له مفهوم» كقوله - 
تعالى-: طبلا فوا ندم حَنيَدَ إنكق» [الإسراء: ]۳١‏ [فإن الغالب] أنهم إنما 
يقدمون على ذلك؛ لخوف غزو أو فضيحة؛ فلا يدل مفهومه على جواز قتل الأولاد 
إذا أمن ذلك. 

إذا تقرر ذلك فنقول: لما كان الغالب على الناس الختان» لم يدل مفهوم اللفظ 
على انتقاء الحكم إذا لم يوجد الختانان . فلا جرم قال صاحب الطراز: يجب الغسل 
بالإيلاج فى الحية والميتة» والبهيمة» خلافا (ح) فى قوله: فرج الميتة غير مقصود؛ 
فأشبه الكوة. 


)١(‏ أخرجه مسلم 719/١(‏ - ۲۷۰) رقم (۸۳/ 1"40) عن أبى سعيد الخدرى. 
(۳) فى ش: كالمس. 
)٤(‏ سقط فى ش. 


الغسل +۱ ۸0 


[لنا عموم الحديث» والنقض عليه] بالعجوز الفانية» والمجذومة؛ والبرصاء. 

ويجب بالإيلاج فى فرج الختثى المشكل» خلافا لأصحاب (ش)؛ لعموم الخبرء 
وقياسا على دبره. 

وقال ابن شاس: خرجه [الإمام أبو عبد الله]('"على نقض الطهارة بالشك. 

قال صاحب الطراز: يجب باستدخال المرأة ذكر البهيمة» كما يجب على الرجل 
بفرج البهيمة» ولا فرق بين القبل والدبرء والنوم واليقظة» فى حق الرجل والمرأة؛ 
لعموم الخبر. 

فرعان: 

الأول: فى الجواهر: إذا عدم البلوغ فى الواطئ أو الموطوء أو فيهماء أما الأول: 
قال فى الكتاب: لا غسل عليهء إلا أن ينزل. يريد: لنقصان لذته وفتور شهوته» 
وبالقياس على أصبع رجل لو غيبه؟ فيها. 

وقال أصبغ فى الواضحة: يغتسل؛ لعموم الحديث. 

وأما الثانى: وهو عدم البلوغ فى الموطوءة» وهى ممن تؤمر بالصلاة - قال ابن 
شاس: قال فى مختصر الوقاد: لا غسل عليها؛ لأنها إنما أمرت بالوضوء لتكرره» 
بخلاف الغسل» كما أمرت بالصلاة دون الصوم. وقال أشهب: عليها الغسل. 

وأما الثالث: وهو عدم البلوغ فيهما. 

قال أبو الطاهر: يقتضى المذهب أن لا غسل عليهماء وقد يؤمران به على وجه 
الندب . 

الثانى: إذا جامع دون الفرجء فأنزل ووصل ماؤه إلى فرجها: فإن أنزلت وجب 
الغسل» وإن لم تنزل ولم تلتذ لم يجب» وإن التذت ولم يظهر منها إنزال فقولان: 

الوجوب؛ لأن التذاذها قد يحصل به الإنزال» وهو الغالب» وهو مقتضى قول 
مالك - رحمة الله عليه - فى الكتاب؛ لقوله: لا يجب عليها إلا أن تكون قد 
التذت . 

وعدم الوجوب» رواية لابن القاسم عن مالك . 








. فى أ» ش: وأما عموم الحديث فالنقض عليه‎ )١( 
سقط فى أء ش.‎ )۲( 
, فى ش: أو عيئه‎ )۳( 


14٦‏ جا الغسل 


قال صاحب الطراز: إذا قلنا: تبطل الطهارة برفض النية» وجب عليها الغسل» 
ويؤيد قول مالك قوله - عليه السلام - فى الصحيح: إا جَلَسَ بَيْنَ شه شُعبهًا لاريم 
وَمَسّ الخِتَانٌ - وجب اله( فالشرط : التقاء الختانين. 

تمهيد: يوجب التقاء الختانين نحو ستين حكماء وهى: تحريم الصلاةء 
والطوافب» وسجود القرآن» وسجود السهو» ومس المصحف» وحملهء وقراءة 
القرآن» والإقامة فى المسجد» ويفسد الصوم» ويوجب فسق متعمده» والكفارة 
لذلك» والتعزير عليه» وفساد الاعتكاف» والتعزير عليه» وفسق متعمده: لاسيما إذا 
تكرر أو وقع فى المسجدء وفساد الحج» والعمرة» وفسق متعمده» والتعزير عليه 
والهدى - وأما المضى فى الفاسد» فمسبب عن الإحرام - وتحليل المبتوتة» وتقرير 
[المهر]" المسمى فى الصحيح» والمثل فى الفاسدء ووطء الشبهة» والتفويض› 
والعدة والاستبراء فى المملوكة قبل الملك» وبعده» والمستكرهة» والجلد والتعزير 
فى الزنى» والرجمء والتفسيق» وتحريم المظاهرة فى الحلال والحرام» ولحوق 
الولد فى الحلال» والإماء المشتركات» ووطء الشبهات» وجعل الأمة فراشاء وإزالة 
ولاية الإجبار عن الكبيرة» وتحصين الزوجين» والفيئة فى الإيلاء» والعود فى الظهار 
على الخلاف» وتحريم آم الزوجة» وجداتهاء وبنت الزوجة وبناتهاء وبنات أبنائهاء 
وفسق المتعمد لارتكاب الممنوع من ذلك» وتحريم الجمع بين الأختين فى الإماءء 
وتفسيق فاعله وتحريم وطء الزوج فى استبراء وطء الشبهة» وتعزيره لمن فعل. وكل 
موضع(" حرم على الرجل المباشرة حرم على المرأة التمكين» إذا علمت بالتحريم 
أو ظنته ظنا معتبرا. 

ثئبيه : فرج المرأة يشبه عقد الخمسة ة والثلائين › وهو جمع الإبهام والسبابة : فهذه 

لثلائونء وإلصاق الوسطى بالكف وهو الخمسة» فإذا جمع بينهما فهو خمسة 
وا فإذا كان بطن الكف إلى فوق: فالثلاثون مجرى البول» والخمسة مجرى 
الحيض» والنفاس» والوطءء والولدء فإن قلبت اليد كان الأمر بالعكس» وموضع 
ختان المرأة هو فى الخمسة العلياء فيكون التقاء الختانين عبارة عن مقابلتهما؛ كما 





.)۳٤۹/۸۸( أخرجه مسلم (۲۷۱/۱ - ۲۷۲) رقم‎ )١( 
سقط فى ش.‎ )۲( 
فى ش: ما.‎ )9( 


الغسل ج١1 YAY‏ 
تقول العرب : التقى الفارسانء إذا تقايلاء وجبلان متلاقيان: إذا كانا متقابلين. ولو 
التقيا على التحقيق» بأن يقع ختانه على ختانها: لم يكن شىء من الحشفة ولا غيرها 
فى مجرى الوطء؛ فلا يجب غسل» كما قاله فى الكتاب؛ بل إنما تتحقق ملاقاة 
ختان الرجل بختان المرأة بمغيب الحشفة فى الفرج. فهذا هو التقاء الختاتين. 

السبب الثانى : فى الجواهر: إنزال الماء الدافق مقرونا بلذة يوجب الغسل» وجد 
من الرجل أو المرأة. 

وهو من الرجل فى اعتدال الحال: أبيض ثخين دفاق» يخرج مع الشهوة 
الكبرى» رائحته كرائحة الطلع أو العجين» يعقبه فتور. 

ومنى المرأة: رقيق أصفرء والفرق بينه وبين المذى: خروجه مع اللذة الكبرى» 
بخلاف المذى . قال صاحب الطراز: ولا يشترط فى إنزال المرأة خروج مائها؛ لأن 
عادته أن يندفع إلى داخل الرحمء ليخلق منه الولدء وربما دفعه الرحم إلى خارج؛ 
وليس عليها انتظار خروجه؛ لكمال الجنابة باندفاعه إلى الرحم» فإن خرج قبل 
الصلاة وبعد الغسل: غسلت فرجها وتوضأت» وإن صلت قبل خروجه: صحت 
صلاتها وتغسل فرجهاء وتتوضأ لما يستقبل» ويدل على ذلك قوله - عليه الصلاة 
والسلام -: (ِإِنّمَا المَاهُ مِنَّ الْمَاء'ء تقديره: إنما يجب الغسل بالماء الطهور من 
إنزال الماء الدافق. وفى الموطأ: أن أم سليم قالت له - عليه السلام -: المرأة ترى 
فى المنام ما يرى الرجل أتغتسل؟ فقال لها - عليه الصلاة والسلام -: انْعَمْ 
َلْتَغْتَسِلْ) فقالت عائشة - رضى الله عنها -: وهل ترى ذلك المرأة؟ فقال لها - عليه 
الصلاة والسلام -: ربث يَمِيئكء وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ لَب" ء وهذا الحديث يدل 
على أن المرأة تنزل المنى» وعلى ذلك دل التشريح فى الطب» وأن للمرأة أنثيين 
ملتصقتين فى أصل مجرى الوطء يتدفق منهما المنى. ومجرى الوطء للمرأة بمنزلة 
الذكرء أنثيا كل واحد منهما فى أصلهء والطول كالطول» وقد يقع الاختلاف بين 
الطولين. 

وقوله - عليه الصلاة والسلام -: اتَرِبَتْ يَمِيئُكِ : 


دق تقدم . 
فق أخرجه مالك (١/17ه)‏ رقم (88)» والبخارى نار (YAY‏ ومسلم (۲٥۱/۱)‏ رقم 
4 , 


۴ چا الل 

قال صاحب المنتقى : المراد نفى الغتى . 

وقال ابن نافع : معناه: ضعف عقلك» أتجهلين هذا؟ 

وقال الأصمعى : معناه: التحضيض على التعلم» نحو قولهم: ثكلتك أمك. 

وقيل: أصابت يدك التراب» ولم يدع عليها بالفقر. 

وقيل: «ثربت» بالثاء المثلثة: من «الثرب» الذى هو: إصابة الشحم: أى 
استغنت» وهى لغة فيه» بإبدال المثناة من المثلثة . 

والأظهر: أنها للإنكارء وإن كان أصلها: افتقرت حتى تلتصق يدك بالتراب» 
تقول العرب: ترب: إذا افتقرء وأترب إذا استغنى . 

وقوله - عليه السلام -: «يِن أَيْنَ يَكُونُ الشّبَّهُه قال صاحب القبس: قال - عليه 


السلام - فى الصحيحين: (إِذّا سبق مَاء الرّجُل مَاء الْمَرْأة أذْكرَِ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرأء 
07 / 


سے 


مَاءَ الول آ 

وروى: إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أو علا أشبه الولد أخواله» وإذا سبق ماء 
الرجل ماء المرأة أو علا أشبه أعمامه؛ لأجل الغلبة» وإذا سبق ماء المرأة وعلاء كان 
الولد أنثى؛ لأجل السبق» وأشبه أخواله؛ لأجل الغلبة والكثرة» وإن سبق ماء الرجل 
وغلب ماء المرأة بعده وكان أكثر كان الولد ذكرا يشبه أخواله» وإن سبق ماء المرأة 
وماء الرجل أكثر كان الولد أنثى يشبه أعمامه. 

تفريع : فى الجواهر: فلو خرج بغير لذة - لمرض أو غيره - فلا يجب الغسل؛ 
قياسا على دم الاستحاضة. 

قال صاحب القبس: والظاهر عندى: إيجابه؛ لقوله - عليه السلام -: «إنما الماء 
من الماء»» ولإجماع الأمة: أن من استيقظ ووجد المنى ولم ير احتلاماء أن عليه 
الخسل؛ فقد قال صاحب المنتقى : قال مجاهد : إذا لم يذكر شيئا لاشىء عليه . وفى أبى 
داود» والترمذى: أنه - عليه السلام - سئل عن الرجل يجد البلل» ولا يذكر احتلاماء 
قال : «عَلَيهِ اْعْسْلٌ»» وفى الرجل يرى الاحتلام ولا يجد بللا: «لَا عُسْلَ َي . 





(۱) أخرجه البخارى (۳۹۳۸)ء من حديث انس عن عبد الله بن سلام» ومسلم /۳٤(‏ 716) من 
حديث ثوبان. 

0( أخرجه أبو داود (195؟)2 والترمذى (۱۱۳)» وابن ماجه (1۱۲)» وأحمد 9/0( 
وغيرهم من حديث عائشة. 


الغسل ج ١‏ 1 


وإذا فرعنا على الأول : فهل يستحب منه الوضوء» أو يجب؟ يخرج ذلك على 
الخارج النادر» هل يوجب أم لا؟ ولو اقترنت به لذة غير معتادة: كمن به حكة» أو 
اغتسل بماء حار» فوجد لذة؛ فأنزل - [ففيه]0© خلاف» فأوجبه سحنون. 

ولو وجدت اللذة المعتادة متقدمة على الإنزال: كمن يجامع» أو يلت بغير 
جماع» ثم ينزل بعد ذلك - فثلاثة أقوال: 

الوجوب لمالك وابن القاسم قال صاحب الطراز: أكتفى باللذة المتقدمة. قال 
صاحب القبس: إن اغتسل أعاد الغسل؛ لأن الإيلاج والماء سببان2©9 فيجب 

الغسل؛ كمن بال بعد وضوئه من اللمس. 
٠‏ وعدم الوجوب؛ لعدم المقارنة لابن القاسم - أيضا - فى المجموعة. 

والتفرقة لمحمد فى كتابه بين أن يكون جامع فاغتسل له فلا يجب؛ لأنه مما أدى 
حكمهء وبين عدم الاغتسال فيغتسل. 

قال صاحب الطراز: قال مالك فى المجموعة فى الملاعب: يعيد الصلاة بعد 
الغسل؛ لأن سبب الحدث يقوم مقامه كاللمس» والنوم» وأنهما أقيما مقام الودى» 
والريح» والتقاء الختانين مقام المنى» ولا يجب الغسل والإعادة قبل الخروج؛ لعدم 
تحقق السبب» وبعد خروجه بعده جنبا من حين الملاعبة» ومن صلى جنبا وجبت 
عليه الإعادة . 1 

وقال مالك فى المجامع: يعيد الصلاة بعد الوضوء ولا يغتسل؟ لأن السبب قد 
ترتب عليه غسلهء والوضوء مأمور به؛ قياسا على الاستحاضة؛ بجامع الخروج عن 
العادة. وأما إعادة الصلاة من الأول فلا ينافى ما هنا؛ لأنه إذا كان جنبا من حين 
الجماع فقد اغتسل» فتصح صلاته» بخلاف الملاعب» ويمكن أن يقال: إقامة 
السبب مقام المسبب بخلاف الأصل» وإذا وجد المسبب أضيف الحكم إليه وسقط 
سببه» كالمس إذا اتصل به الإمذاء بطل حكمه» وكان الحكم للمذى حتى يجب 
غسل الذكر. 

لكن يقال ههنا: إذا ألغيتم الأول تكون الصلاة وقعت قبل نقض الطهارة» فلا إعادة. 
)١(‏ فى ش: الأدل. 
(۲) سقط فى ش. 
(۳) فى ش: سيان. 


۹ ج ۱ الغسل 


فنجيب : بأن الإيلاج إذا اتصل به الإنزال كانت الجنابة قائمة لم ينفصل حكمهاء 
ولم يكمل السبب أولا ولا آخرا؛ بل المجموع هو السبب؛ لأن هذا الإنزال عن تلك 
المجامعة؛ فأشبه استدامة المجامعة؛ فكأن حكم المجامعة مستمر [حتى ينزل]'. 

ونظير هذه المسألة: الحيض» لا يرتفع حكمه حتى يكمل جميعه. 

قال صاحب الطراز: وهذا يقتضى(" أنه يعيد الغسل والصلاةء [وهو قول بعض 
أصحابنا. وقال آخرون: يعيد الغسل دون الصلاة]"؛ ملاحظة لاستقلال الأقوال 
بالسببية » وإن عرى عن اللذة. ومتى قلنا بعدم إعادة الغسل فالإعادة استحباب . 

فرع مرتب: قلنا فيمن أولج ثم اغتسل: إنه يغتسل - أيضا - إذا أنزل» فلو أنه 
أنزل أولا فاغتسل» ثم خرج منه بقية ماء : فمقتضى الأصل المتقدم أنه يغتسل؛ لأن 
حدثه الآن كما كان » فأشبه من اغتسل بعد إيلاجه وقبل إنزاله» وعلى القول الآخر 
لا يجب. 

ولا فرق بين خروجه قبل البول أو بعدهء خلافا (ش) فى إيجابه الغسل فى 
الحالين. 

وقال (ح): يجب قبل البول؛ لأنه بقية الماء المعتبر» ولا يجب بعده؛ لخروجه 
بغير دفق ولا شهوة. 

وإذا قلنا بعدم الغسل» فقيل: يجب الوضوء» وهو مذهب ابن حنبل؛ قياسا على 
المذىء ولأنه إذا لم يوجب الغسل فلا أقل من [أن يوجب] الوضوء. 

وقال القاضى عبد الوهاب» وابن الجلاب: هو مستحب؛ قياسا على 
الاستحاضة. 

قال صاحب الطراز: وارتكاب هذا صعب؛ لأنه لا يعرف لمن تقدم» وإنما 
اختلف المتقدمون فى إيجابه الغسل أو الوضوء؛ فالخروج عن قول الجميع محذور. 

وكذلك من جامع ولم ينزل» واغتسل» ثم أنزل - قال مالك فى المجموعة: عليه 
الغسل . 


)١(‏ سقط فى ش. 

(۲) فى 1 ش : ينبغى. 

(۳) سقط فى أء ش. 

)٤(‏ فى ش: قال. وفى ط: كما. والصواب ما أثبتناه. 





الغسل ج۱ ۹۱ 





فروع ستة: 

الأول: قال فى الكتاب: قال سحنون: قلت لابن القاسم: أرأيت المسافر يكون 
على وضوء أو غير وضوء ويطأ أهله أو جاريته» ولیس معه ماء؟ قال: قال مالك: 
لا يفعل ذلك. قال ابن القاسم: هما سواء. [قال صاحب الطراز: فى قوله: هما 
سواء])» اختلف قيل: المتوضئ والمحدث» وقيل: الزوجة والمملوكة؛ لأن أهل 
العراق يفرقون بينهما لحق الزوجة فى الوطء. والأول بيّن؛ لأن للزوجة أن تمنع ويسقط 
حقها لأجل العبادة . 

وقال (ش): له ذلك إن كان معهما ماء يغسلان به النجاسة عن فرجهما. 

حجتنا: أن الله - تعالى - أوجب الصلاة بالطهارة الكاملة مع القدرة» وهما 
قادران فلا يتسببان فى إبطالهاء ويرجعان إلى التيم؛ قياسا على من معه ماء فيهرقه 
ويتيمم . ولهذا قال مالك - رحمه الله تعالى -: ليس للزوجين المتوضثين أن يقبل 
أحدهما الآخر إذا لم يكن معهما ماء يتوضئان به. 

وقال التونسى فى مسألة الكتاب: لو طال عدم الماء فى سفره جاز له الوطء؛ 
قياسا على الجريح . والفرق بينهما: أن الجرح يطول برؤه غالباء بخلاف عدم الماء. 

الثانى : إذا منعناه من الوطءء قال صاحب الطراز: منعناه من البول إذا لم يكن 
معه ماءء وحقنته خفيفة. قال ابن القاسم: فإن كانت الحقنة مثقلة» لا يمنع» 
ولا يختلف فى الأول: أنه إن فعل تيمم وصلى. 

ووقع الخلاف فى المحدث يريق الماء ويتيمم» ويجزئه عندناء خلافا لبعض 
الشافعية : 

حجتنا : آية التيمم . 

الثالث : قال فى الكتاب: للمجروح» أو المشجوج(" أن يطأء بخلاف المسافر؛ 
لطول أمره. قال عبد الحق عن بعض الشيوخ: المراد: اللذان يتيممان؛ لأن من به 
شجة واحدة لا تمنعه الغسل» وهو كالمسافر لا يطأ أهله إن عدم الماء. 

قال صاحب الطراز: هذا عدول عن المقصود بمسألة الكتاب؛ وإنما المقصود: 





)١(‏ سقط فى ش. 
زفق فى ش: المحوج. 


4۲ جا الغسل 
من كان قادرا على الصلاة بلا جنابة» لا ينبغى له أن يتسبب فى إبطال ذلك. وورد 
على هذه القاعدة صاحب الشجة؛ فإنه يمسح عليها بدلا من الغسل» فكان ينبغى ألا 
ينهى عن الوطء. 

قال مالك: ذلك يطول. 

الرابع : قال فى الكتاب : لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاه» ليلا كان أو 
نهاراء خلافا لأهل العراق» وابن حبيب من أصحابنا. 

حجتنا: ما فى الموطأ والصحيحين: أن عمر - رضى الله عنه - ذكر لرسول الله 
ل أنه تصيبه الجنابة من الليلء فقال له - عليه الصلاة والسلام -: «تَوَضَأ ثم اغْسِل 
كرك ون٠‏ وفى الصحيحين عن عائشة - رضى له عنها - أنه ” عليه الصلاة 
والسلام -: كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضاأ وضوءه للصلاة . 

وأما ما رواه أبو داود والترمذى. عن عائشة - رضى الله عنها -: أنه - عليه 
السلام - كان يام وَهُوَ جنب وَلَا يَمَسُ ماء» قال أبو داود: قال سويد: هذا 
الحديث خطأء وجماعة من أهل العلم طعنوا فيه. 

واختلف فى علة هذا الوضوء : 

فقيل: لينام على إحدى الطهارتين. 

وقیل : لينشط فيغتسل . 

وقيل: إن الأرواح ترفع إلى العرش لتسجد إلا من كان على غير طهارة. وهذا 
يبطل بالحائض . 

وقبل: إن النفوس إذا استشعرت أنها متقربة مالت إلى جناب الله تعالى؛ فيكون 
أقرب للمواهب الربانية» فإن من أساء استوحش» ومن أحسن استبشر. 

والمشهور: أنه مندوب. 

قال صاحب الاستذكار: لم يقل بوجوبه إلا أهل الظاهر. 

قال صاحب الطراز: قال أبن حبيب : إن اقتصر الجنب على فعل أبن عمر 








.)10/8:03( رقم‎ )۲٤۹/۱( أخرجه البخارى (710): ومسلم‎ )١( 

0( أخرجه البخارى (YAY‏ ومسلم .)۰0٥(‏ 

(۳) أخرجه الترمذى »)١١4(‏ وأبو داود (4؟5؟)) وابن ماجه (۵۸۱» 2087 20)047 وضعفه 
الترمذى . 


الغسل ج۱ ۹۳ 





فحسن ؟ ففى الموطأ: إذا أراد أن ينام» أو يطعم - وهو جنب - غسل وجهه ويديه 
إلى المرفقين» ومسح رأسه(2» وكان يترك غسل رجليه لسقوط غسلهما مع الخف. 

قال مالك فى الكتاب: والجنب بخلاف الحائض» والفرق بينهما: أن الحيض 
مستمر يبطل كل وضوء يفعل للنوم» وإن عللنا بالنشاط للغسل ظهر الفرق - أيضا - 
لتعذره فى حقهاء مع أنه فى الجواهر قال: يتخرج أمرها بالوضوء» على علة الأمر 
به» وحكى قولا بوجوب وضوء الجنب. 

فروع مرتبة: 

الأول: إذا عدم الماء. 

قال صاحب الطراز: قال مالك فى الواضحة: لا يتيمم» وقال ابن حبيب: يتيمم. 

الثانى: إذا توضأء ثم خرج منه بقية المنى» أو أحدث - قال مالك فى 
المجموعة : لا يعيد الوضوء. 

قال اللخمى: على تعليلنا بالمبيت على إحدى الطهارتين: يعيد. 

حجة مالك - رحمه الله تعالى -: أن فى الحديث أمره بغسل ذكره بعد الوضوء؛ 
فدل ذلك على أنه لا تنقضه نواقض الطهارة الصغرى. 

قال صاحب الطراز: ولأن الوضوء ههنا طهارة عن الجنابة باعتبار النوم؛ فلا 
ينقضه إلا الجنابة الطارئة بعده. ْ 

الثالث: قال فى الكتاب: لا بأس أن يعاود أهله» ويأكل قبل الوضوء» خلافا 
لبعض الشافعية فى الأمرين ؛ لما فى الصحيحين أنه - عليه السلام - كان يدور على 
نسائه فى الساعة الواحدة من الليل أو النهار» وهن إحدى عشرة - وفى رواية وهن 
تسع نسوة - قيل لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثير . 
والظاهر عدم الوضوء فى هذه الحالة» ولأن الجماع ينقض الغسل» والوضوء بدل 
من الغسل؛ فلا يشرع الوضوء لتاقضه» وإنما تشرع الطهارة لما يجتمع معه وتكمل 
مصلحته . 

وأما ما رواه مسلم من قوله - عليه السلام -: ذا أنّى أَحَدُكُْ أَمْلَهُ ثم راد أن 





.)۷۸( رقم‎ )٤۸/۱( أخرجه مالك‎ )١( 
رقم (۳۰۹)ء من حدیث أنس.‎ )۲٤۹/۱( أخرجه البخارى (۸٦۲)ء ومسلم‎ )۲( 


ل ج ١‏ الغسل 


يعو لوصا مُا - فيدل على الشرعية. 

قال صاحب الطراز: ونحن لا نكره الوضوءء وأما الأكل؛ فلما فى أبى داود أنه- 
عليه السلام -: كان إذا أراد أن يأكل غسل يديه ثم يأكل» أو يشرب" » وهو 
المعروف عن فقهاء الأمصار. 

الرابع : قال صاحب الطراز: لو وجد فى لحافه منيا يابسا لم يدر وقته. 

قال مالك فى الموطأ: يعيد مِنْ أحدث نومة نام فيها؛ محتجا بأن عمر - رضى 
الله عنه - صلى بالناس الصبحء ثم خرج إلى أرضه بالحرة» فرأى فى ثوبه احتلاما؛ 
فاغتسل» وغسل ما رأى فى ثوبه» وأعاد الصلاة بعد طلوع الشمس» ولم يعد ما كان 
قبل ذلك. والأثر فى الموط9©. 

قال مالك فى الواضحة: إلا أن يكون يلبسه ولا ينزعه؛ فيعيد من أول يوم نام 
فيه . قال الباجى : أكثر أصحابنا يجعلون هذا تفسيرا لما فى الموطأء وهو عندى غير 
بين؛ بل هو اختلاف قول. 

قال صاحب الطراز: يريد أنه مخالف لقوله فيمن شك فى الحدث. 

قال: وعذر المذهب» أنه متى شك فى طهارته» أو ظن نقضها: بطلت صلاته. 

وهل يستوى فى طريان الشك قبل الصلاة أو بعدها؟ قولان» ومتى غلب على 
ظنه الطهارة لا إعادة؛ ووجب العمل بذلك الظن» فلو توضأ ووجد بللا عقيبه: 
فغالب الظن أن ذلك البلل من الماء المستعمل» فهذه القاعدة توجب الفرق بين 
الثوبين؛ فإن الذى لا يفارقه الشك فى الطهارة متحقق فى جملة لياليه» والذى يفارقه 
ما يدرى ما طرأ عليه ؛ فيكون ظن الطهارة سالما فى معارضة الشك» والطهارتان فى 
هذه القاعدة سواء. 

أما لو كان المنى رطباء أعاد من أحدث نومة نامها فيه» قولًا واحدًّا©). 

فرع مرتب: قال: إذا قلنا: يعيد من أحدث نومةء وكان غيره ينام فيه قبله قال 
سحنون: لا شىء على الأول؛ لعدم الأمارة فى حقه. 





.)۳۰۸( رقم‎ )۲٤۹/۱( أخرجه مسلم‎ )١( 
.)۲۲۳( (؟) أخرجه أبو داود‎ 

(۳) أخرجه مالك )٤۹/۱(‏ رقم (80). 
(4) فى أء» ش: وفيه قولان. 


الغسل جا 4٥‏ 





الخامس : إذا رأت امرأة فى ثوبها دم حيض لا تدرى أنه منها أو من شىء أصابها . 

قال صاحب الطراز: قال ابن القاسم: إن لم يفارقها ليلا ولا نهارا أو كان يلى 
جسدهاء اغتسلت وأعادت جميع صلاة صلتها فيه. يريد: أنها تسقط أيام الطهرء 
وتعيد الصيام الواجب من يوم أن صامت فيه؛ ما لم يجاوز أيام حيضتها. وإن كانت 
تلبسه المرة بعد المرة: أعادت من أحدث لبسة» كواجد الجنابة . 

قال ابن حبيب: تعيد صوم يوم واحد؛ لأنه دم حيض انقطع مكانه. 

قال التونسى: إن كانت نقطة أعادت يوماء وإن كانت تُقَطًا أعادت بعددها أياما. 
فيحمل كلام ابن القاسم على أنه دم كثير متفرق. 

السبب الثالث: فى الجواهر: الشك فى تحقق التقاء الختانين والإنزال؛ فإن وجد 
بللا ولا يدرى أهو مذى أو منى» وأيقن أنه ليس بعرق - قال مالك: لا أدرى 
ما هذا. قال ابن نافع: يغتسل. وقال ابن زياد: لا يلزمه إلا الوضوء مع غسل 
الذكر. وقال ابن سابق: هذا ينبنى على أصل مالك فى تيقن الطهارة والشك فى 
الحدث . 

السبب الرابع: تجدد الإسلام» قال مالك فى الكتاب: عليه الغسل. 

قال صاحب الطراز: وروى ابن وهب: يكفيه الوضوء . وفرق ابن القاسم بين من 
أجنب فيغتسل» وبين من لم يجنب» لم يجب عليه إلا الوضوء. 

قال ابن شاس: والمشهور: اختصاص الوجوب بالجنابة» وروى عن مالك أنه 
مستبحب» فأما الوجوب على من أجنب ومن لم يجنب فمشكل» وأما التفرقة فقال 
صاحب الطراز: هو مأمور بالوضوء إجماعاء وإذا لم يسقط الإسلام الحدث 
الأصغر؛ فأولى ألا يسقط الأكبر» ولأن الحائض إذا أسلمت بعد طهرها لا تتوضا 
حتى تغتسل» ولأن الصلاة التى هو مستقبلها' من شرطها الطهارة من الحدثين؛ 
فيجب عليها تحصيل الشرطء لا أنه مؤاخذ بأمر تقدم الإسلام» فيسقط؛ لقوله - 
عليه السلام -: «الإِسْلَامُ يجب ما بء بل هذا الأمر أوجبه الإسلام؛ لأن 
الصلاة والطهارة من آثار الإسلام فلا يسقطهما الإسلام» وأما الاستحباب على 


)١(‏ فى أء ش: هی مستقبلتها. 
زفق أخرجه أحمد 2))5٠١6/54(‏ من حديث عمرو بن العاص. 


ااا چا الل 
الإطلاق فكما قال مالك - رحمه الله -: لم يبلغنى أن النبى يل - أمر من أسلم 
بالغسل 20 وأكثر من أسلم محتلم. 

والفرق بين الجنابة والحدث الأصغر: أن الجنابة صدرت فى وقت لم يخاطب 
فيها بأحكام الفروع» وإذا سقط الخطاب بالحكم سقط الخطاب بأسبابه وشروطه 
وموانعه؛ لأن الخطاب بها لأجله وأما الحدث الأصغر الصادر فى الكفر فيلزم بهذا 
التقرير سقوطه - أيضا - لكن يجب الوضوء للصلاة لا للحدث السابق؛ بل لأن 
الطهارة شرط فى الصلاة؛ لقوله - تعالى -: إا قُمَتّمَ إل الصّلزة مغْيِلُوا. . . » 
الآية [المائدة: 5]؛ فدلت على إيجاب الوضوء دون الغسل. 

فإن قلت: فقد قال - تعالى -: عى تَتْتسلُواً» [النساء: ]٤١‏ فهذا يدل على أن 
الغسل شرط. 

قلت: يحمل ذلك على جنابة الإسلام؛ جمعا بين الآية» وعدم أمره - عليه 
السلام - لمن أسلم بالاغتسال. 

ويستحب له الغسل؛ لأنه مستقبل أعظم القرب فينبغى أن يتطهر لهاء كما يتطهر 
للوحرام» ودخول مكة» وشهود الجمعة» وههنا أولى. 

وأما ما رواه أبو داود: أنه - عليه السلام -: أمر قيس بن عاصم أن يغتسل بماء 
وسدرء ورواه الترمذى - فيمكن أن يحمل على الوجوب؛ لظاهر الأمر» ويمكن 
أن يقال: المراد به: النظافة لا العبادة؛ بدليل أمره بالسدرء والسدر إنما يقصد 
للنظافة» ولعله رآه مشوها بالدرن. 

فروع ستة: 

الأول: قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا اغتسل قبل إسلامه وهو عازم عليه 
أجزأه؛ لما فى مسلم أنه - عليه السلام -: بعث خيلا قبل نجد» فجاءت برجل من 
بنى حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال» سيد أهل اليمامة» فربطوه بسارية من سوارى 





(۱) ثبت أنه ل أمر بذلك: أخرجه أبو داود (750)» والترمدی (5060)» والنسائى (۱۰۹/۱) 
عن قيس بن عاصم. 
وقال الترملى: هذا حديث حسن. 
(۲) ينظر الحديث السابق. 


الغسل ج ۱ 4۷ 
المسجد» وساق الحديث» إلى أن قال - عليه السلام -: «أَظَلِقُوُ إِلَى تَمَابِ؛ فانطلق 
إلى جبل قريب» فاغتسل» ثم دخل المسجدء فاسلم. ولأن الكفر يحصل 
بالاعتقاد إجماعا. 

واختلفوا: هل يحصل الإيمان بمجرد الاعتقاد؛ لأنه ضدهء فإذا ارتفع أحد 
الضدين تعين الآخرء ولأنه - عليه السلام - قبل إسلام الجارية ولم يصدر منها إلا 
إشارتها إلى السماء؟ أو لا يحصل الإيمان إلا بالإقرار؟ وعليه الأكثرون من 
الأصوليين» بشرط إمكان التلفظء وآى القرآن تشهد لهم؛ فإن الله - تعالى - 
[حيث]0 ذكر الإيمان فى کتابه» ذكره مقرونا بالباء» كقوله: «وومن لم ین بأل 
وَرَسُوفِ » [الفتح : ۱۳] «وآمن» يتعدى بنفسه. 

قال أرباب علم البيان: إنما دخلت هذه الباء؛ لأن الفعل مضمن معنى «أقرا» 
والإقرار يتعدى بالباء؛ فيكون المعنى: ومن لم يصدق بقلبه» ويقر بلسانه. وكذلك 
سائر الآيات» كما قال الفرزدق: 

كيف ترانى قالبا مجنى 2 قد قتل اله زيادا عنى©) 

أى: صرفه بالقتل» فضمن «قتل» معنى «صرف»؛ فعداه ب «عن» كما يتعدى 
«صرف»» وهو من أسرار كلام العرب وجوامع كلمهاء لتعبيرها عن الجملتين بجملة 
واحدة؛ فإنه أراد أن يقول: صرفه فقتلهء فقال: قتله عنى. 

فعلى القول الأول تظهر صحة الغسل»ء وعلى الثانى: يشكل؛ لأن الإيمان إذا لم 
يقبل فأولى الغسل» ويمكن أن يقال: إن التلفظ اللاحق لما صحح التصديق السابق» 
صحح الغسل السابق أيضا؛ فيكون الإيمان القلبى“ والغسل موقوفين على التلفظ» 
فإذا تلفظ صحا جميعاء ويصح الغسل بطريق الأولى؛ لأن الأدنى يتبع الأعلى. 

الثانى: لو كان الكافر يعتقد دينا يقتضى الغسل من الجنابة» فاغتسل - قال 
صاحب الطراز: الظاهر: عدم الإجزاء. وهو مختلف» وقد خرجه بعض الشافعية 
(۱) أخرجه مسلم (1785/9 - ۱۳۸۷) رقم (9ه/ )١754‏ من حديث أبى هريرة. 
(۲) أخرجه مسلم (۱/ ۳۸۱ - ۳۸۲) رقم (۳۳/ /ا1ه) من حديث معاوية بن الحكم السلمى. 
(۳) سقط فى أء وفى ش: لما. 
)٤(‏ الرجز فى اللسان (ظهر)ء (قتل)ء (جنن)ء والخصائص (؟/ 207٠١‏ والتاج (ظهر - قتل - 


جئن)ء وبلا نسبة فى شرح شواهد المغتى (؟/557). 
)0( فى أ ش: القبلى. 


154 ج ١‏ الغسل 
على غسل الذمية قبل الإسلام ؛ فإنها لا تحتاج إلى إعادته بعده باعتيار إباحة الوطء 


به . 

الثالث: قال صاحب الطراز: ينوى بغسله الجنابة» فإن نوى الإسلام أجزأه عند 
ابن القاسم؛ لأنه نوى بذلك الطهر على وجه اللزوم» كما أن الوضوء إذا نوى به 
الصلاة ارتفع الحدث على وجه اللزوم. 

الرابع : قال ابن القاسم: إذا لم يجد الماء يتيمم» فإن أدرك الماء اغتسل وينوى 
بتيممه الجنابة عند فعل الصلاةء [وينبغى أن يكون تيممه عند فعل الصلاة](1) 
وأحكامه أحكام المتيمم. 

قال أبو الطاهر: ويحتمل أن يقال: إن تعذر الغسل فلا يتيمم. 

الخامس : قال ابن شاس: قال الشيخ أبو الحسن: غسل الكافر إذا أسلم تعبدء 
وعلى المشهور: معلل بالجنابة» ويتخرج على القولين غسل من لم يجنب. 

السادس: قال صاحب الطراز: يؤمر من أسلم أن يغتسل » ويحلق رأسهء إن كان 
قزعاء ونحوه. واستحب (ش) حلقه على الإطلاق؛ لما فى أبى داود عن عثيم [بن 
كثير] بن كليب عن أببه عن جده أنه قال: لما أسلمت» قال لى - عليه السلام -: 
«ألي عَنْكَ شَعْرَ الكَفْر»" ومعناه: الذى هو زى الكفرء وإلا فقد كان الناس يدخلون 
فى دين الله أفواجا بغير حلق. 

السبب الخامس - إلقاء الولد جافا: 

قال القاضى فى التلقين: يوجب الغسل» ورواه أشهب وغيره عن مالك. 

وقال اللخمى: لا غسل عليها. 

ومعنى الأول: أنه يجب الغسل عليها بخروج مائهاء والولد مشتمل على مائها؛ 
لأنه منه خلق» فيجب عليها بخروجه. 

ووجه الثانى: أن ماءها قد استحال عن هيئته التى منها" الغسل؛ فأشبه حالة 
السلس» بل هذا أشد بعدا. 





)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) أخرجه أبو داود (0705)» والبيهقى (۱/ ۱۷۲)» وسئده فيه جهالة. 
(۳) فى ش: بها. 


الغسل ج١1‏ 44 
الفصل الثانى: فى كيفية الغسل 


وصفة سائر الأغسال واحدة» وهو مشتمل على فروض» وسئن» وفضائل: 

ففروضة خمسة: 

الأول: الماء الطهورء وقد تقدم تحريره» لكن كره مالك - رحمه الله - فى 
الكتاب الاغتسال فى الماء الدائم» والقصرية» والبثر القليلة الماء» إذا وجد من ذلك 
بداء وفى مسلم: قال - عليه السلام -: دلا يَعْثَيِل أَحَدُكُمْ فى الْمَاءِ الدائم وَهُوَ 
جثُب200»: وهو يفسده: إما بنجاسته على رأى الحنفية» وإما لأن النفوس تعافه 
للطعام والشراب بعد ذلك» وإن كان طهورا. 

وفى الكتاب: قال ابن القاسم: سألت مالكا عن البثر القليلة الماء يأتيها الجنب 
ولیس معه ما يغرف به» وفى يده قذر؟ قال: يحتال حتى يغسل يده. 

قال صاحب الطراز: وجه الحيلة: أن يرفع الماء بفيه ويغسل يديه به أعلى البثر 
مرارا إن أمكن الصعود» أو يسكب على يده من فمه ويغسلها عند حائط البئر إن تعذر 
الصعود؛ حتى لا يبقى فى يده ما يظهر له أثر فى إفساد الماء. 

الفرض الثانى : النئية» وقد تقدمت مباحثها فى الوضوءء فلنكتف بما هناك. 

ونذكر ما يختص بهذا الباب» وهو [قوله فى الكتاب:]29 إذا اغتسل للجمعة أو 
للتبرد ولم ينو الجنابة» لا يجزثه؛ لقوله - عليه السلام -: «الأعْمَالُ بالات وَلِكُلُ 
امرئ ما تی . 

قال صاحب الطراز: روى أشهب وابن نافع وابن كتانة عن مالك - رحمه الله 
تعالى -: الإجزاءء وأفتوا به؛ قياسا على من توضأ لنافلة فإنه يجزئ للفريضة. 

ولأن غسل الجمعة إنما شرع لصلاة الجمعة؛ إذ لا يؤمر به من لا يصليهاء 
فالغسل لها يتضمن رفع ما يمنع منهاء كالوضوء للنافلة. 

والفرق للمشهور أن النافلة تتضمن رفع الحدث؛ لتحريم فعلها بالحدث» فإذا 
نواها فقد نوى لازمها على وجه الالتزام» بخلاف غسل الجمعة؛ فليس من شرطه 
رفع الحدث . ويمكن أن يقال: إنه لا يصح إلا بعد رفع الحدث؛ فيتضمن القياس 
)١(‏ تقدم تخريجه. 
(؟) سقط فى أء» ش. 
(۳) تقدم تخريجه. 


aa‏ ج ١‏ الغسل 
السابق» بل يؤكد ذلك» ونقول: كل سببين بينهما تلازم شرعى» فإن القصد إلى 
أحدهما قصد للآخر: كالصلاة مع رفع الحدث» والعبادة مع أجزائها. 

فإن اغتسل لجنابة ناسيا لجمعته : 

قال صاحب الطراز: قال ابن حبيب: لا يختلف أصحاب مالك فى عدم 
الإجزاءء خلافا (ش ح). 

وقال ابن عبد الحكم وأشهب» وابن أبي سلمة: يجزئه. قال: وهذا لا يقتضى 
العكس؛ لأن ابن عبد الحكم قال: لا تجزئ الجمعة عن الجنابة» وقال ابن 
الماجشون: تجزئ الجمعة عن الجناية» ولا تجزئ الجنابة عن الجمعة. 

أما ابن عبد الحكم: فرأى أن غسل الجمعة لا يتضمن رفع الحدث» والجنابة 
تتضمن النظافة؛ فيحصل المقصودان»ء وأما عبد الملك: فرأى أن غسل الجمعة 
لا يصح من الجنب» وإنما شرع فى حق الطاهر؛ فالقصد إليها قصد للازمها كما تقدم . 

فرق: يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء من غير أن ينويه» ولا يجزئه عن غسل 
الجمعة حتى ينويه» مع أنه سنة وأخفض رتبة» وإذا أجزأ عن الأعلى؛ فأولى أن 
يجزئ عن الأدنى . 

والفرق من وجهين: 

أحدهما: أن الوضوء بعض أجزاء الجنابة» والأقل تابع للأكثر» وغسل الجمعة 
فى كل أعضاء الجنابة. 

وثانيهما: أن الوضوء واجب [فهو] من الجنس؛ فضم الشىء إلى جنسه أقرب من 
ضمه إلى غير جنسه. 

ولو اغتسل لجمعته وجنابته ونواهما معاء فالإجزاء فى الكتاب؛ لأن المقصود من 
الجنابة: رفع الحدث» ومن غسل الجمعة النظافة» ولا منافاة بين المقصودين. 

وقال الشيخ أبو القاسم بنفى الإجزاء؛ لأنه مأمور بغسل جملة جسده للجتابة» 
فلم يفعل ذلك؛ بل جعل الجمعة مشتركة؛ فلا يكون آنيا بما أمر به فى واحد منهما؛ 
فلا يجزئه عن واحد منهما. 

قال ابن الجلاب: ويحتمل أن يجزئه عن جمعته دون جتابته؛ لضعف الغسل 
بالتشريك» وهو أضعف الغسلين. وتوهم - رحمه الله - أنها مخرجة على من مشى 
فى حجة واحدة لنذره وفرضهء فإن فيها اختلافاء وقال مالك: أحقهما بالقضاء 





أوجبهما عند الله تعالى. 

وليس كما توهمه؛ بل المسألة مذكورة فى المدونة كما ترى. 

وقال فى الكتاب: إذا حاضت أخرت غسلها حتى تطهر. 

قال ابن يونس: ينبغى إذا طهرت من الحيض ولم تغتسل أن يكون حكمها حكم 
الجنب فى القراءة» والوضوء قبل النوم؛ لتمكنها من الغسل حينئذ. 

قال ابن حبيب: يجزئها غسل واحد لهما. 

وقال ابن القاسم فى المجموعة: إن نسيت الجنابة أجزأها؛ لأن الحيض أشدهما 
منعا. 

وقال سحنون: إن نسيت الحيض لم يجزئها؛ لاختصاص الحيض بالمنع من 
الوطءء ولأنه الناسخ لحكم الجنابة» والحكم للناسخ؛ لبطلان المنسوخ. 

وقال ابن عبد الحكم: يجزئها؛ قياسا على أسباب الأحداث فى الطهارة 
الصغرى. 

قال ابن يونس: وهذا هو الصواب» وهو موافق لقول ابن القاسم فى المدونةء 
فى الشجة إذا كانت فى موضع الوضوء: إن غسلها بنيه الوضوء يجزئ عن الجنابة . 

وقال اللخمى : تجزئ نية الوضوء عن الغسل» ويبنى على المغسول» ونية الغسل 

عن الوضوء؛ لأن كليهما فرض طهارة. 

الفرض الثالث: تعميم الجسد بالغسل؛ لقوله - تعالى - -: #وإن کم جنا 
ابروأ [المائدة: 5] وقوله - تعالى - -: طعي نتيا [النساء: ]٤١‏ واللفظ 
ظاهر فى الاستغراق. 

الفرض الرابع : التدليك» قال فى الكتاب فى الجنب والمتوضئ يأتى النهر 
ينغم فيه ناويا الطهر: لا يجزئه إلا أن يتدلك» خلافا (ح)0©. 

قال فى الرسالة: وما شك فيه عاوده بالماء والدلك» ويتابع عمق سرته» وتحت 
حلقه» وحاجبيه» وباطن ركبتيه» ورفغيه.. 

قال ابن عبد الحكم وأبو الفرج: إذا والى الصب بالماءء أو أطال المكث تحت 


)١(‏ فى ش: فيغمس نفسه. 
(؟) سقط فى أء ش. 


۲ جا الغسل 


الماء حتى علم وصوله للبشرة أجزأه. فرأى أن الدلك لا يجب لنفسهء وإنما يجب 
للويصال. 

ومنشأ الخلاف: هل حقيقه الغسل - لغة - الإيصال مع الدلك؛ فيجب؟ وهو 
الصحيح ؛ ولذلك تفرق العرب بين الغسل» والغمس - لأجل التدليك - فتقول: 
غمست اللقمة فى المرق» ولا تقول: غسلتها. أو نقول: حقيقته : الإيصال فقط؛ 
لقول العرب: غسلت السماء الأرض: إذا أمطرتها؟ واعتبر أصحابنا التدليك فى 
الوضوءء والغسل» ومسح الرأس» والتيممء والخفين؛ لأنها طهارات فتسوى فى 
ذلك. 

وقال بعض الشافعية: لو ألقت الريح التراب على وجهه ويديه» أو تلقى المطر 
برأسه - أجرأه. 

حجتنا: أن المحدث ممنوع من العبادات وفاقاء والأصل بقاؤه على ذلك فى 
صورة النزاع» وأما ما فى مسلم» من قوله - عليه السلام - لأم سلمة: نما يَكْفِيكِ 
أن تَحْئِى الْمَاءَ عَلَى رَأْسِكِ تلات حَئَيّات» ثم تِيضى الْمَاءَ عَلَيْكِ كتَطهُرِينَء2"9 وفى 
أبى داود والترمذى عنه - عليه الصلاة والسلام -: «الصَّعِيدُ الطيّبَ وضُوء الْمُسْلِم 
وَلَوْلَمْ يَجِدٍ الْمَاهَ عَشْرَ سِنِينِ»( - فهى مطلقة فى كيفية الاستعمال؛ فتحمل على 
ما ذكرناه جمعا بين الأدلة» ولأنه مجمع عليه؛ فيكون أرجح مما ذكره الخصم. 

فرع : إن عجز عن تدليك بعض جسده. 

قال صاحب الطراز: قال سحنون: يعد له خرقة» وقال ابن القصار: يسقط كما 
يسقط فرض القراءة عن الأخرس» ولأنه لم ينقل عن أحد من السلف اتخاذ خرقة 
ونحوها؛ فلو كان واجبا لشاع من فعلهم. وفرق - أيضا - بين القليل والكثير. 

الفرض الخامس: الفور. 

قال ابن يونس: ودليله ما تقدم فى الوضوء. 

وأما سننه: قال القاضى : ثلاث: المضمضة. والاستنشاق» وتخليل اللحية على 





0( أخرجه مسلم (۱/ 704 — (e‏ رقم (۳۳۰)» وأبو داود )2)181١(‏ والترمذى 2)٠١6(‏ وابن 
ماجه »)1٨۳(‏ والنسائی لاع — «(fA‏ وغيرهم من حديث أم سلمة. 

(۲) أخرجه أحمد(5/ ۱٠١‏ ۱۸۰)» وأبو داود (۳۳۲)» والترمذی (٤۱۲)ء‏ والنسائى (۱/ ۱۷۱)» 
وغيرهم من حديث أبى ذر. 


e + الغسل‎ 





إحدى الروايتين» والرواية الأخرى: الوجوب» وزاد ابن يونس رابعة: [وهى مسح] 
داخل الأذنين . 

وأما فضائله : ففى التلقين: خمسه: البداءة بغسل اليدين» ثم بإزالة الأذى» ثم 
الوضوءء ثم تخليل أصول شعره» ثم يغرف عليه ثلاثا؛ لما فى الموطأ: أنه - عليه 
السلام - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه» ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاةء 
ثم يدخل أصابعه فى الماءء يخلل بها أصول شعره» ثم يصب الماء على رأسه ثلاث 
غرفات بیده» ثم يفيض الماء على جلده کله( . 

فغسل اليدين ههنا: إن كان من نجاسة فهو واجبء وإن كان من نوم فهو 
مستحب» وأما الوضوء فقدم؛ لكون أعضاء الوضوء أشرف [أعضاء] الجسد» 
ومحل العيادة . 

قال صاحب الطراز: اتفق أئمة الفقه على أنه غير واجب» سواء طرأت الجنابة 
على الحدث أو الطهارةء إلا (ش) فى أحد قوليه» إن كان محدثا قبل الجنابة. 

واحتج عليه القاضى بدخوله معه إذا اجتمعا أو سبقت الجنابة؛ فكذلك ههناء 
ولأن الكبرى تدخل فى الكبرى؛ فالصغرى أولى. 

فإن اغتسل من غير وضوء. 

قال صاحب الاستذكار: أجمع أهل العلم على أن الوضوء بعد الغسل لا وجه 
له» وإنما يستحب قبله. 

قال صاحب الطراز: ظاهر المذهب أنه يؤمر بالوضوء بعد الغسل. 

قال : فإن لم يكن معه ماء يسبغ الوضوء والغسل» غسل أعضاء وضوته أولا بنية 
الجنابة» ثم غسل ما بقى من جسده وحده» وقد فعله - عليه الصلاة والسلام - 
خرجه البخارى 29 . 
تمهيد: يقع التداخل فى الشريعة فى ستة مواضع: 
الأول: الطهارات» كالوضوء إذا تعددت أسبابه» أو تكرر السيب الواحدء 


)١(‏ أخرجه مالك »)٤٤/۱(‏ والبخارى »)۲٤۸(‏ ومسلم )151/١(‏ رقم (2)"0/815 من 
حديث عائشة. 
(۲) أخرجه البخارى (557؟). 


نا ١‏ الغسل 
والغسل إذا اختلفت أسبابه» أو تكرر السبب الواحد. والوضوء مع الجنابة؛ وفى 
تداخل طهارة الحدث والخبث خلاف. 

الثانى : العبادات كسجود السهو إذا تعددت أسبابهء وتحية المسجد مع الفرض» 
والعمرة مع الحج. 

الثالث: الكفارات» كما لو أفطر فى رمضان فى اليوم الواحد مرارا بخلاف 
اليومين أو الأكثر» خلافا (ح) فى إيجابه كفارة واحدة فى جملة رمضان» واختلف 
قوله فى الرمضانين. 

الرابع : الحدود إذا تماثلت» وهى أولى بالتداخل من غيرها؛ لكونها أسبابا 
مهلكة» وحصول الزجر بواحد منها؛ ألا ترى أن الإيلاج سبب الحد؟! والغالب 
تكرر الإيلاجات» فلولا تداخل الحدود هلك الزانى» وإنما يجب تكررها إذا تخللت 
بين أسبابها؛ لأن الأول منها موجب لسببه السابق» فلو اكتفينا به لأهملنا الجنابة؛ 
فيكثر الفساد» ولأنا علمنا أن الأول لم يف بزجره؛ فحسن الثانى . 

الخامس: العدد يقع التداخل فيهاء على تفصيل نذكره فى موضعه» إن شاء الله 
تعالى . 

السادس: الأموال: كدية الأطراف مع النفس إذا سرت الجراحة» والصدقات فى 
وطء الشبهات» ويدخل المتقدم فى المتأخرء والمتأخر فى المتقدم» والطرفان فى 
الوسط» والقليل فى الكثير» والكثير فى القليل. 

فالأول نحو: الأطراف مع النفس إذا سرت الجراحة» والجنابة مع الحيض» 
والوضوء مع الغسل» والصداق المتقدم مع المتأخرء إن اتحدت الشبهة» مع أن 
الظاهر من المذهب اعتبار الحالة الأولى كيف كانت؛ لأن الوجوب حصل عندها فلا 
ينتقل عنهاء والانتقال مذهب (ش). 

والثانى نحو: الحيض فى الجنابة المتقدمة عليه» والحدود المتأخرة مع المتقدم 
عليها من جنسها عدداء والكفارات. 

والثالث نحو: الموطوءة بالشبهة» وكانت حالها الوسطى أعظم صداقا. 

والرابع : كالأصبع مع النفس إذا سرت الجراحة» والصداق المتقدم والمتأخر إذا 
كان أقل» والعمرة مع الحج» والوضوء مع الغسل. 

والخامس: كالأطراف إذا اجتمعت مع النفسء والحدود مع الحد الأول» 


الغسل جا 0 
والكفارات» والاغتسالات» والوضوءات إذا تعددت أسبابها أو اختلفت . 

فرع: جوز فى الكتاب أن يؤخر غسل رجليه من وضوئه حتى يفرغ الغسل 
فيغسلهما فى مكان طاهر؛ لما فى البخارى عن ميمونة - رضى الله عنها -: أدنيت 
له - عليه السلام - غسله من الجنابة» فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاء ثم أدخل يده فى 
الإناءء ثم أفرغ بهما على فرجه» وغسله بشماله» ثم أفضى بيده إلى الأرض فدلكها 
دلكا شديداء ثم توضأ وضوءه للصلاة» ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات ملء كفيه؛ 
ثم غسل سائر جسدهء ثم تنحى عن مقامه ذلك» [فغسل رجليه](2» ثم أثيته 
بالمنديل فرده9© , 

ولأن البداءة لما كانت بأعضاء الوضوء لشرفهاء كان الختم بها شرفا وفضلا. 

قال صاحب الطراز: وعنه فى المبسوط : ليس العمل على تأخير غسل الرجلين» 
فعلى هذا: إذا أخرهما أعاد الوضوءء وراعى فى هله الرواية الموالاة» وراعى فى 
الأولى تبعية الوضوء للغسل» وأن الجميع عبادة واحدة؛ فلا تفريق. 

وإذا قلنا: يؤخر غسلهماء فظاهر الرواية أنه يمسح على رأسه» وقال الباجى: 
لا يمسح؛ بل إذا غسل ذراعيه» غرف على رأسه. 

وفى البخارى: أنه - عليه السلام - غسل فرجه» ثم تمضمض» واستنشق وغسل 
وجهه ويديه» ثم صب [الماء] على رأسه وجسده. 27 وعلى كل تقدير» فبأى نية 
يغسلهما؟ قال صاحب الرسالة: ينوى بذلك الوضوء» والغسل. قال صاحب 
الطراز: وعند ابن القاسم لا يحتاج إلى أن ينوى الوضوء. 

واتفق الجميع على أنه لا يجزئه أن ینوی به تمام الوضوء دون غسله؛ لأن 
المستحب لا يجزئ عن الواجب. 

وأما قوله فى الحديث: ١يُذْخْلُ‏ أَصَابعَةُ فى الْمَاءِ كَيُخَلْلُ بهًا أْصُولٌَ شَّعرِو) فقال 
صاحب المنتقى : فيه مصالح: 

إحداها: تسهيل إيصال الماء إلى البشرة» وأصول الشعر» وهو مذكور فى 
المختصر» والواضحة. 
(۱) سقط فى ش. 
(؟) تقدم. 
(۳) تقدم. 








۳۹ ج ١‏ الغسل 

وثانيتها: مباشرة الشعر باليد على حسب الإمكان» وقد أشار إليه مالك - رحمه الله 
تعالى - فى المجموعة. 

وثالشتها: تأئيس الجسد بالماء؛ لثلا يقشعر فيمرض. 

قال الباجى: وقال ابن القاسم عن مالك: ليس عليه تخليل لحيته؛ لأن الفرض 
قد انتقل إلى الشعرء فيسقط إيصال الماء إلى البشرة. ورواية أشهب: أن ذلك عليه؛ 
لقول عائشة - رضى الله عنها - فى الحديث انم يُدْخْلُ أَصَابعَهُ فى الْمَاءِ كَيُخَلْلُ ّا 
أْصُولٌَ شغرو»ء ولأن الأصل البشرةء والفرق بين الجنابة» والوضوء على رواية 
أشهب : أن الطهارة الصغرى أقرب للتخفيف؛ لجواز البدل فيها - عن الغسل - 
بالمسح على الخفين لغير ضرورة» بخلاف الغسل. 

فروع ثمانية: 

الأول: قال فى الكتاب: الحائض والجنب لا تنقض شعرها فى غسلها ولكن 
تضغثه؛ خلافا لابن حنبل فى الحائض» واللخمى فيهما؛ لحديث أم سلمة أنها 
سألته- عليه السلام - فى حل ضفر شعر رأسها فى الجنابةء فقال: نما يَكْفِيكِ أَنْ 

تخي عَلَى رَأْسِكِ لات حَتَيَاتِ» تم تُقِيضى عَلَيْكِ الما تطهْرين7. 

الثانى : إذا كان على ذكر الجنب نجاسة» فغسله بنية الجنابة [وإزالة النجاسة]9©)- 
قال صاحب الطراز: الأظهر الإجزاء» وقيل: لا يجزئ حتى يغسله بنية الجنابة 

الثالث: فى الجلاب: الجنب طاهر الجسد والعرق؛ لما فى مسلم: أنه - عليه 
السلام - لقيه أبو هريرة فى طريق من طرق المدينة وهو جنب؛ فانسل فذهب» 
فاغتسل » تفقده - عليه السلا - فلما جاء قال: لين كنت يا ابا هُرَيْرَة؟ كَالَ يا 
رَسُولٌ الله یی وأا جد“ جب كُكَرِهْتٌُ أن أُجَالِسّك > حى أَغْتَسِلَ كَقَالَ: سَبْحَانٌ اللّدا 
إن الْمُؤينَ لا يلجس . 








(1) فى ش: ما يؤنس. 

)٤(‏ سقط فى أ» ش. 

)٥(‏ أخرجه البخارى (86؟)» ومسلم (۱/ ۲۸۲) حديث (۳۷۱)ء وأبو داود (771)» والترمذى 
(AYY‏ وغيرهم من حديث أبى هريرة. 





الرابع : قال فى الكتاب: لا يجوز عبوره ولبثه فى المسجد؛ خلافا لداود والمزنی 
فيهماء و(ش) فى العبور؛ لما فى أبى داود أنه - عليه السلام - قال: «وَجُهُوا هَذِهِ 
ايوت عَن الْمَسْجِدٍ فَإِنّى لا أجل الْمَسْجِدَ لِجْنْبِ ولا خايض)(27. 

حجة (ش): قوله - تعالى -: «ولا جنبا إلا عايرى سبيل» [التساء: ۳ ] فاسناء 
[عابرى] السبيل يدل على أن المستثنى منه بقاعٌ؛ فيكون تقدير الآية: لا تقربوا 
مواضع الصلاة . 

جوابه: أن الأصل عدم الإضمار؛ بل المراد الصلاة نفسهاء نهينا عن قربانها 
سكارى» وجنباء إلا فى السفر؛ فإنا نقربها جنبا بالتيمم» وخص السفر بالذكر؛ 
لعدم الماء [فيه]9') غالباء وهذا تفسير على بن أبى طالب» والأول لزيد بن أسلمء 
رضى الله عنهما. 

حجة الثالث: قوله - عليه السلام -: إل المؤْمنَ ا يَنْجْسُ)7؟ ونحن نقول 
بموجيه ) ولا تنافى بين عدم تنجسه ومتعه من المسجد؛ كالقراءة . 

إذا تقرر هذا: فلا فرق بين مسجد بيت الإنسان وغيره» قاله مالك فى الواضحة. 

قال صاحب الطراز: ولا فرق بين المؤجر والمستأجرء وإن كان يرجع بعد 
انقضاء الإجارة حانوتا. 

الخامس : قال صاحب الطراز - وهو مرتب -: إذا احتاج لينام فى المسجد لعدم 
غيره» فإنه يتيمم» وكذلك كل ما يمنع منه الجنب يباح له بالتيمم إذا عدم الماء. وإذا 
احتلم فى المسجد» قال: يخرج من غير تيمم» وفى النوادر عن بعض الأصحاب: 
ينبغى أن يتيمم . 

ححتنا : أنه - عليه الصلاة والسلام -: ذكر أنه جنب » فخرج من غير تيمم» 
ولأن اشتغاله بالتيمم ليث مع الجنابة. 

السادس: قال مالك: لا يدخل الكافر المسجدء خلافا (ش ح)»2 زاد فى 
الجواهر: وإن أذن له المسلم. ومنعه (ش) فى المسجد الحرام» ويشترط بعض 
الأصحاب فى غير المسجد الحرام إذن المسلم فى دخوله. 
)١(‏ أخرجه أبو داود (۲۳۲) من حديث عائشة. 


(۲) سقط فى أء» ش. 
6 تقدم . 





۳۸ جا الغسل 


حجتنا: قوله - تعالى -: خفي يوت أن أ أن ترق [النور:٠۳]ء‏ و © إِتّمًا 
المشررت جس قلا يقرا ألْسَْجِدٌ الْصرَام4 [التوبة: ۲۸] وبالقياس على الجنب 
بطريق الأولى» 21 ريطه - عليه السلام - ثمامة بن أثال فى المسجدء فذلك كان 
فى صدر الإسلام؛ وهو متسوخ يما ذكرناه. 

السابع: قال فى الكتاب: إذا صلى اسيا للجنابة؛ ثم ذكرها بعد خروجه إلى 
السوق - يرجع» ولا يتمادى لغرضه» ويغتسل ويصلى. 

قال صاحب الطراز: وهو محمول على ضيق وقت الصلاة» أو على قضائها؛ فإن 
القضاء واجب عند الذكر؛ لقوله - تعالى - قر لكر بركرى4 [طه: .]١4‏ 

الثامن: فى الطراز: يفارق الجنب الحائض فى جواز قراءة القرآن ظاهراء ومس 
المصحف للقراءة على المشهور فى الحائض؛ لحاجة التعليم» وخوف النسيان. 

قال صاحب الطراز: يقرأ الآية ونحوها على وجه التعوذء ولا يعد قارئاء ولا له 
ثواب القراءة. 

تنبيه: حمل القرآن على قسمين: 

أحدهما: [ما] لا يذكر إلا قرآناء كقوله - تعالى -: « كدت فم لري الْمرَإن» 
[الشعراء : ٠١‏ فيحرم على الجنب قراءته ؛؟ لأنه صريح فى القرآن» ولا تعوذ فيه. 

وثانيهما: هو تعوذ: كالمعوذتين؟ فتجوز قراءتهما لضرورة دفع مفسدة المتعوذ 
منه. 

والأصل فى المنع: حديث الترمذى: قال - عليه الصلاة والسلام -: الا تقرأ 
الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن؛“ والمتعوذ لا يعد قارئاء وكذلك المبسمل 
والحامد» فبقى ما عدا هذه الصور على المنع. 





K# ¥# # 





)44/1( أخرجه الترمذى (۱۳۱)ء وابن ماجه (۹٥0)ء والدارقطتی (۱/ ۱۱۷)ء والبيهقى‎ )١( 
من حديث أبن عمر.‎ 
وهو حلیٹ ضعيف,.‎ 


المسح : الذى هو بدل من الغسل ج ١‏ ۳۹ 


الباب الرابيع 
فى المسح: الذى هو بدل من الغسل 

وفيه فصلان: 

الفصل الأول: فى المسح على الجبائر: 

قال فى الكتاب: يمسح عليهاء فإن ترك ذلك أعاد الصلاة أبداء خلافا (ح) فى 
قوله بعدم الإعادة؛ لأن المسح لا يجب عنده؛ لاقتضاء القرآن الغسل» والزيادة على 
النص نسخ عنده» ونسخ القرآن بخبر الواحد ممتنع إجماعاء وقال بمسح الخفين؛ 
لوصول أحاديثه إلى التواتر عنده» فأمكن النسخ. 

احتج أصحايبنا بما رواه الدارقطنى عن على - رضى الله عنه - قال: اتكسرت 
إحدى زندى» فأمرنى - عليه السلام - أن أمسح على الجبائر 9" . قال عبد الحق: 
وهو غير صحيح. 

قال صاحب الطراز: والأحاديث فى هذا الباب واهية؛ فنعدل إلى القياس على 
الخفين بجامع الضرورة» ويطريق الأولى؛ لمزيد الشدة. ويؤكد هذا القياس: 
ما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - بعث سرية» فأصابهم البردء فلما قدموا على 
رسول الله كل أمرهم أن يمسحوا على العصائب» والتساخين". قال أبو عبيد: 
العصائب: العمائم» والتساخين: الخفاف» وإذا جاز المسح لضرورة البرد؛ فأولى 
الجراح . 

قال صاحب الطراز: ولا فرق فى المذهب بين ترك الجبيرة أو بعضها. 

وقال بعض الشافعية: يجزئ أقل ما يقع عليه الاسم» على أصلهم فى مسح 
الرأس . 

حجتنا : أن العضو كان يجب استيعابه» والأصل بقاء ما كان على ما كان» ولأن 
الأصل فى ذمته بيقين» والأصل عدم براءته بما ذكره الخصم من الطهارة. 





.)؟71//١( أخرجه الدارقطنى‎ )١( 
وفى إستاده عمرو بن خالد الواسطى» وهو متروك.‎ 
فى ش: وتوكيد.‎ )۲( 
من حديث ثويان.‎ )١159/1( ۲۷۷)ء والحاكم‎ /٥( وأحمد‎ »)١57( أخرجه أبو داود‎ )۳( 


1 ج ١‏ المسح: الذى هو بدل من الغسل 


الغسل؛ لجواز الاقتصار على أعلى الخفين» والكوعين فى التيمم . 

جوابه: الفرق بين الجبيرة» والخفين: أنها لا يجوز المسح عليها مع القدرة على 
الغسلء بخلاف الخفين» وبينها وبين التيمم: أنه عبادة مستقلة» بدل عن أصل 
الغسل والوضوءء لا بدل عن أجزائهماء [فالوضوء والغسل لم يهجرا؛ بل هما]() 
مطلوبان؛ فوجبت العناية بمراعاة أجزائهماء والتيمم فقد أعراض الطهارتين؛ فلا 
يراعى فيه أجزاؤهما. 

الأول: قال فى الكتاب : إذا كان الجنب ينكب الماء عن جرحه» أو شجته» غسل 
ذلك الموضع إذا صح» فإن لم يغسل حتى صلى صلوات كثيرة - وهو فى موضع 
لا يصيبه الوضوء - أعاد صلاته من حين قدر على مسه بالماءء كاللمعة. 

قال صاحب الطراز: يريد فى غسل جسده» لا أنه لا يمسحهاء فإذا صح غسل 
الموضع الذى كان يمسح عليه» كالخف إذا نزعه» إلا أن يبرأ الجرح» وهو على 
وضوئه الأول» كما إذا نزع خفه وهو على وضوئه الأول. 

فإن كانت الشجة فى رأسهء ومسحها للوضوء: لا يجزئه المسح عن الجنابة» 
وهذا الفرع يدل على أن الجنابة تجزئ بنية الوضوء؛ لأنهما فرضانء» فأجزأ أحدهما 
عن الآخر؛ كالحيض مع الجنابة. 

قال ابن يونس: فإن اغتسل لجنابته أعاد إلى حين الغسل. 

قال: قال ابن حبيب: يعيد الموضع إذا تركه ناسيا فقطء والمتأول والعامد يعيدان 
الغسل . 

سؤال: تنوب نية الوضوء عن نية الجنابة» ولا تنوب نية التيمم للوضوء عن نية 
التيمم للغسل» إذا نسيه - وإن كان بدلا من الوضوء فرضا كالجنابة - ونقل صاحب 
الطراز فى ذلك خلافا. 

جوابه: أن التيمم عن الوضوء بدل الوضوء» وهو بعض الغسل» والتيمم عن 
الجنابة بدل عن غسل جميع الجسد» وبدل البعض ل يقوم مقام الكل» والوضوء 





)١(‏ فى أ» ش: بخلاف الجبيرةء فلم يهجر بدلها منهاء فهما. 


والغسل أصلان فى لمعة الجبيرة متساويان فيهاء بإجزاء أحدهما عن الآخر. 

الثانى: قال فى الكتاب: يمسح على الدواء» والمرارة على الظفر» والقرطاس 
على الصدغ؛ للضرورة. قال صاحب الطراز: ولا يشترط فى ذلك أن يكون الغسل 
متلفا؛ بل لمجرد الضرورة» أو خوف زيادة المرضء أو تأخير البرء» خلافا (ش) 
فى اشتراطه التلف. 

الثالث: لو سقطت الجبيرة قبل البرء» أو حلها للتداوى - قال صاحب الطراز: 
إن قدر أن يمسح نفس الجرح وجب» وإلا رد الجبيرة فى حينه ومسح عليهاء فإن 
احتاجت المداواة إلى طول: فهل يعيدها؟ أو يبنى على قصده» وهو ظاهر المذهب؟ 
ويتخرج فيها الخلاف الذى فى ناسى بعض طهارته ثم ذكرهء بحيث لا ماء» وطال 
عليه طلبه للماء» أو هريق ماؤه من غير تفريطء وطال ذلك. 

قال: فإن كانت الجبيرة فى ذراعه فمسح عليهاء لم يعد ما بعدها؛ لأن الترتيب 
قد وقع فى وضوئه أولاء واتصف بالكمال» بخلاف من نسى بعض طهارته» ولا فرق 
بين سقوط الجبيرة والعصابة العليا التى عليها المسح» كالخف الأعلى إذا نزعه. 

الرابع : إذا كثرت الخرق. 

قال عبد الحق عن بعض شيوخه: إن أمكن المسح على السفلى لا يمسح على 
العليا. قال صاحب الطراز: يجزئ» ويتخرج ذلك على لبس خف على خف؛ لأنه 
إذا انتقل الفرض للجبيرة لا يجب محل مخصوص؛ بل الإمرار باليد. 

فرع مرتب: من الطراز: إذا قلنا: لا يمسح إلا على أقل ما يمكن» لا يمسح على 
الكثيف المستغنى عنه» وهذا الكلام فى الارتفاع» وأما العرض فلا يجوز أن يؤخذ 
من الموضع السالم إلا ما كان من ضرورة شده» وكذلك العصابة: إن أمكن حلها 
من غير ضررء حلها ومسح على الجرح» إن تعذرت مباشرته بالمسح. 

الخامس : قال فى الطراز: لا يعيد ما صلى بالمسح على الجبيرة» خلافا (ش)؛ 
قياسا على ما صلى بالتيمم والخفين وصلاة المريض والخائفء ولأن القضاء بأمر 
جديد» والأصل عدمه. 

وهذا الخلاف مينى على أن الطهارة: هل هى شرط فى المسح على الجبيرة أم 
لا؟ فعند (ش): ھی شرط؛ محتجا بحديث أبى داود قال: خرجنا فى سفرء فأصاب 
رجلا منا شجة فى رأسهء فاحتلمء فسأل أصحابه: هل تجدون لى رخصة فى 


1۲ ج ۱ المسح: الذى هو بدل من الغسل 


التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة فى التيمم» وأنت تقدر على الماء؛ فاغتسل 
فمات» فلما قدمنا على رسول الله يل: أخبر بذلك؛ فقال: هلهم اللَّهُ! ألا سَأنُوا 
إل يَْلَمُواء ٠»‏ قَِنمَا شِمَاء الَِْ السُوَالُ» إِنّمَا گا يكْفِيهِ أذ يمم وَيَسد عَلَى جُرْحِه 
حِرْقَةٌء فم يَمْسَحٌ عَلَيِهَاء وَيَعْسِلَ سَائِرَ جَسَدوه0). 

وجوابه: أن التيمم لو كان طهارة لم يحتج إلى الغسل؛ لأنا لا نعنى بالطهارة إلا 
ما أزال المانع الشرعى» ولأن الجمع بين طهارتين خلاف قواعد الشرع فى 
الأحداث؛ فيتعين حمل الحديث على حالتين حتى يكون معناه: إنما كان يكفيه أن 
يتيمم إن عجز عن استعمال الماءء ويشد على جرحه خرقة» ثم يمسح عليهاء 
ويغسل سائر جسده إن أمكنه استعمال الماءء ومثل هذا الإضمار مجمع على 
جوازه» وما ذكرتموه9؟ على خلاف القواعد» غير مجمع عليه. 

وحمل كلام الشارع على موافقة قواعده وطرد عوائده وما أجمع عليه» أولى مما 
ذكرتموه. 

ولأن الإجماع منعقد على جواز الصلاة بالمسح على الجبيرة» وإن ابتدأ لبسها 
على غير وضوء» وإنما الخلاف فى الإعادة» وإذا ثبت الجواز بدون الطهارة لا تكون 
شرطا فيه. 

وأما القياس على الخفين : فمتدفع بفارق الضرورة؛ فإن الجرح يأتى بغير علم . 

السادس : فى الجواهر: إذا كان الموضع لا يمكن وضع شىء عليه» ولا ملاقاته 
بالماء. فإن كان فى موضع التيمم ولا يمكن مسه بالتراب» وجب تركه؛ فلا غسل 
ولا مسح لأنه المقدورء وإن لم يكن فى أعضاء التيمم» فثلاثة أقوال: التيمم؛ ليأتى 

رة تامةء والغسل؛ ترجيحا للأصلء والجمع بينهما؛ احتياطا. 

فائدتان : 

الأولى: إيقاع الطهارة فى غير محل الحدث عبثء» لكنه جاز على الجبائر 
والخفاف؛ لمسيس الحاجة لهذه الأمور؛ للا" يعتاد المكلف ترك المسح 





›)۲۷۳( وأحمد (۱/ ۳۳۰)» وابن خزيمة‎ »)٥۷۲( أخرجه أبو داود (۳۳۷)» وابن ماجه‎ )١( 
والحاكم (۱۷۸/۱) من حديث ابن عباس.‎ »)۱۳۱١( وابن حبان‎ 

زفق فى ش : وما ذكر نحوه. 

0) فى ش: کی لا. 


المسح: الذى هو بدل من الغسل + ۱ ۳1۳ 
والغسل» فيثقلا عليه عند إمكانهما. 

الثانية: يفرق27 الفصل من الجسد: إن كان فى الرأس قيل له: شجة. أو فى 
الجلدء قيل له: خدش. أو فيه وفى اللحم» قيل له: جرح. والقريب العهد الذى لم 
يفتح» يقال له: خراج. فإن فتح» قيل له: قرح. أو فى العظم» قيل له: کسر" أو 
فى العصب عرضاء قيل له: بتر؛ وطولا قيل له: شق. وإن كان عدده كثيرا سمی: 
شدخا. أو فى الأوردة والشرايين» قيل له: انفجار. 

وهذه الفائدة محتاج إليها فى قول الجلاب والتهذيب: من كانت له شجاج أو 
جراح أو قروح» فيعلم الفرق بينها فى اللغة. 

الفصل الثانى : فى المسح على الخفين : 

والكلام فى حكمهء وشروطهء وكيفيته: 

أما حكمه : فثلاثة أقوال: 

قال فى الكتاب: يمسح المسافر والمقيم» ثم قال: لا يمسح المقيم. وهذا اللفظ 
يقتضى أنه رجع عن الأول» وقال فى المجموعة: إنى لأقول اليوم مقالة ما قلتها 
قط : قد أقام - عليه الصلاة والسلام - بالمدينة عشر سنين» وأبو بكرء وعمر» 
وعثمان» وعلى» فى خلافتهم» وذلك خمس وثلاثون سنة› فلم يرهم أحد 
يمسحون» وإنما كانت الأحاديث بالقول» وكتاب الله أحق أن يتبع ويعمل به. 

وقال فى النوادر: لا أمسح فى سفر ولا حضر. قال ابن وهب فيها: آخر ما فارقته 
عليه: المسح فى السفر والحضر. قال صاحب الاستذكار والمازرى: يتبغى أن 
يحمل قوله بالمنع على الإطلاق» على الكراهة فى خاصة نفسه؛ كالفطر فى السفر: 
جائزء والأفضل تركهء وقد يترك العالم ما يفتى بجوازه؛ فقد قال الحسن البصرى: 
حدثنى سبعون من أصحاب النبى بل أنه مسح على الخفين227 وأخبار المسح قد 
وردت فى الصحاح» إلا أن يقال: نزلت المائدة بعدها - كما يزعم جماعة - لكن 
فى مسلم وأبى داود: عن جرير قال: رأيته - عليه السلام - بال» ثم توضأء ومسح 


للق فى ش: يعرف. 
(؟) فى ش: قيل الكسر. 
(۳) آخرجه اين المنذر .)٤١١ /١(‏ 


1٤‏ ج ۱ المسح: الذى هو بدل من الغسل 





على خفيه قال إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد 
المائدة. 

قال الترمذى: قبل موته - عليه السلام - بيسير. 

ويدل على جوازه فى الحضر: قوله - تعالى -: اكم [المائدة:1] 
بالخفض إذا حملناه على المسح على الخفين» وما ورد فى الحديث أنه «أَنَى سْبَاطَةَ 
قؤم» كبَالَ قَائِمَا وَمَسَحْ عَلَى حُقَيِّه(©. والسباطة: المزيلة» وهى من خواص 
الحضر» وفى مسلم أنه وقت للحاضر يوما وليلة» وللمسافر ثلاثة يام" والتوقيت 
فرع الجواز» ووجه التفرقة بين المسافر والمقيم: أن المشقة إنما تعظم فى نزع 
الخف فى السفر؛ لفوات الرفاق» وقطع المسافات مع تكرر الصلوات» ولا يرد عليه 
سفر البحر؛ لأن التعليل لجنس السفر» ولأن الغالب السفر فى البر؛ فكان سفر 
البحر تبعًا له» ولأن الطهارة مشابهة للصلاة؛ لكونها شرطهاء ولإبطال الحدث 
لهماء ورخصة القصر فى الصلاة تختص بالسفر؛ فكذلك الطهارة؛ فتكون رخصة 
فى عبادة تختص بالسفرء أصله الصوم. 

فروع ثلاثة: 

الأول: قال صاحب الطراز: إذا قلنا: لا يمسح إلا المسافر» فيشترط فى السفر 
الإباحة؛ قياسا على القصر والفطرء ولأن الرخص لا تستباح بالمعاصى. 

وإذا قلنا: يمسح الحاضر والمسافرء فهل يمسح العاصى بسفره؟ قولان» 
والصحيح: المسح؛ لأن عدم الاختصاص يصير طرديا فى الرخصة. 

الثانى: قال فى الكتاب: ليس للمسح توقفيت» خلافا “2 و(ش). 

قال صاحب الطراز: روى أشهب عنه: يمسح المسافر ثلاثة أيام» وهذا القول 
إنما ينسب إليه فى كتاب السر الذى بعثه إلى الرشيد» والأصحاب ينكرونه» فقال فيه 


ء)۱١٤( أخرجه البخارى (۳۸۷)ء ومسلم (۱/ ۲۲۷ - ۲۲۸) رقم (۷۲/ 71/7)» وأبو داود‎ )١( 
أخرجه مسلم (۲۲۸/۱) رقم (۲۷۳/۷۳). وهو عند البخارى (٤۲۲)ء دون ذكر المسح‎ )۲( 
على الخفين.‎ 
. من حديث على بن أبى طالب‎ )۲۷۹/۸٥( وأخرجه مسلم‎ 
وغيرهم من حديث‎ )٩۸ ۸۳ /۱( والنسائى‎ .)٤۷۸( وأخرجه الترمذى (2)95 وابن ماجه‎ (۳ 
. صفقوان بن عسال» وفى الباب عن جماعة من الصحابة عند مسلم وغيره‎ 


على زعم الناقل -: يمسح المقيم يوما وليلة» والمسافر ثلاثة أيام . 

وفى مسلم: رخص لنا - عليه السلام - إذا كنا مسافرين ألا نتزع خفافنا ثلاثة أيام 
ولياليهن من غائط وبول» إلا من جنابة). 

ولأن الأصل الغسل بالقرآن؛ فلا يترك إلا لدليل معلوم راجح عليه. 

ووجه المذهب: ما رواه سحنون فى الكتاب» عن عامر الجهنى» قال: قدمت 
على عمر من فتح الشام وعلى حُفًاىَء فنظر إليهماء فقال: كم لك منذ لم تنزعهما؟ 
فقلت: لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة» ثمان» فقال: أصبت. وروی - أيضا - 
عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أنه قال: لو لبست الخفين» ورجلاى 
طاهرتان» وأنا على وضوء - لم أبال ألا أنزعهما حتى أبلغ العراق» وأقضى سفرى. 

ولأن التوقيت ينافى أصول الطهارات؛ فإنها دائرة مع أسبابها لا مع أزمانهاء وإذا 
تقابلت الأخبار بقى معنا النظر. 

قال ابن يونس : قال ابن مهدى وابن معين: حدیثان لا صل لهما ولا يصحان: 
حديث التوقيت» وحديث التسليمتين فى الصلاة. 

قال صاحب الطراز: وروى عن على - رضى الله عنه - إنكار المسح أصلاء وأن 
المائدة متأخرة عن المسح. وفى أبى داود عن أبى بن عمارة أنه قال: يا رسول الله 
أمسح على الخفين؟ قال: «نعم» قال: يوما؟ قال: «ويومين»» قال: وثلاثا؟ قال : 
«نعم» وما شئعت6(" قال أبو داود: فى سنده اختلاف. 

الثالث: إذا فرعنا على رواية أشهب» ومسح المقيم» ثم سافر قبل تمام مدته: 
هل يبنى على ذلك مدة المسافرء أم لا؟ قال صاحب الطراز: ويتتخرج على المسافر 
إذا صلى ركعتين» ثم نوى الإقامة؛ هل يبنى عليها صلاة المقيمء أم لا؟ وقال 
(ش): ينزع بعد يوم وليلة» وقال (ح): يقيم مدة المسافر. 

وأما شروطه: فعشرة: 

وهى: أن يكون جلداء طاهراء مخروزاء ساترًا لمحل الفرض» ويمكن متابعة 





)١(‏ تقدم. 
(؟) آخرجه أبو داود »)١154(‏ وابن ماجه (/601)» رالدارقطتی (۱۹۸/۱)ء من حديث أبى بن 
عمارة؛ وسنده ضعيف» وينظر: التلخيص (157/1). 
وزاد فى آ: نعم » وما شئتت. 


۴۱۹ ج ۱ السح: الذى هو بدل من الغسل 


المشى فيه لذوى المروءة» لبس على طهارة بالماء كاملةء وأن يكون لابسه حلالا 
غير مرفه. 

فالأول: احتراز من الخرق ونحوها؛ فإنها ليست خفا للعرب» ولا تعم الحاجة 
إليهاء ولا وردت بها الرخصة. 

الثانى : احتراز من جلد الميتة؛ فإن الصلاة بالنجس لا تجوز»ء ولأنه ليس المعتاد 
الذى وردت فيه السنة» و [لا] تدعو إليه الضرورة. 

الثالث: احتراز من المربوط؟ لما تقدم. 

الرابع : فى الجواهر: احتراز مما دون الكعبين؛ فإنه إن اقتصر عليه فقد قصر 
البدل على المبدل» والأصل: المساواة بينهما. وإن غسل ما بقى جمع بين البدل 
والمبدل» وذلك لا يجوز؛ لأن البدل هو المشروع سادًا مسد المبدل. 

قال صاحب الطراز: وروى الوليد بن مسلم عن مالك - رحمه الله - فى 
المحرم: يمسح على الخفين إذا قطعهما دون الكعبين» ويمر الماء على ما بدا. قال 
الباجى: والذى قال هذا إنما هو الأوزاعى» وهو كثير الرواية» فلعله وهم» ولعل 
ذلك يخرج على قول مالك» فى أن غسل الكعبين غير واجب. 

فرع: قال صاحب الطراز: إذا قطع الخف إلى فوق الكعيين» ثم خرج عن 
موضع الغسل -: فإن كان ذلك لا يرى منه القدم جاز المسحء وهو متفق عليه بين 
المذاهب» حتى قال (ش): إن كان فيه شرج يفتح ويغلق: إن أغلق جاز المسح» 
وإن فتح غلقه بطل المسح. 

الخامس: احتراز من الواسع جداء أو المقطوع قطعا فاحشا. 

قال فى الكتاب : إن كان قليلا: مسح» وإلا فلاء وتحديد الكثير بالعرف» خلافا 
(ح) فى تحديده بثلاثة أصابع ؛ فإن المعلوم من عادة الناس أنهم لا يعزفون عن القطع 
اليسير؛ لا سيما الصحابة - رضى الله عنهم - مع غزوهم وكثرة أسفارهم ؛ فكان الجواز 
فى القليل معلوماء وأما من حده بغير العرف» فرواية المتقدمين: ظهور القدم أو جلها. 

وحدّه البغداديون بإمكان المشى فيه» فراعى الأولون ظهور المبدلء والآخرون 
فقد الحاجة إلى اللبس. 

فإن شك فى مجاوزة القطع للقدر المعفو عنهء قال ابن حبيب: لا يمسح؛ لأن 
الأصل الغسل . 


المسح: الذى هو بدل من الغسل +۱ 1۷ 


السادس : احتراز من المحدث؛ لما فى الموطأ: أن عبد الله بن عمر : سأل أباه - 
رضى الله عنهما - عن المسح على الخفين» فقال: إذا أدخلت رجليك فى الخف 
: وهما طاهرتان فامسح عليهما(2. وروى المغيرة بن شعبة قال: ثم أهويت لأنزع 
خفيه - يعنى رسول الله ل - قال: «دَعْهُمَا؛ ئى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَئيْنَة9©, 
ومفهومه: أنه لولا الطهارة لما جاز المسح. 

قال صاحب الاستذكار: أجمع الفقهاء على ذلك من حيث الجملة» وإن اختلفوا 
فى تفسير الطهارة. وقال صاحب الطراز: قال (ح) - رضى الله عنه -: لا تشترط 
الطهارة حالة اللبس» بل لو لبسهما محدثا وأدخل الماء فيهماء حتى عم رجليه - 
صحء فالشرط عنده: ورود الحدث» وهو لابسهما على طهارةء قال: إن اللبس 
عادة لا عبادة» والطهارة إنما تشترط فى العيادات» وإنما يظهر حكم الطهارة فى 
اللبس عند طرو الحدث» والرجل مكنونة فى الخف؛ فلا يصادفها الحدث. وهذا 
تهويل ليس عليه تعويل؛ فإن الحدث ليس جسما يحجب بالخفاف» وإنما هو حكم 
شرعى متعلق بما دل النص على تعلقه بهء ثم ما قال - رضى الله عنه - يشكل 


بأمرين: 1 
أحدهما: ظاهر قوله - عليه السلام -: «أَدْخَلَيُهُمَا وَهُمَا طْاهرَتَانِ»» فعلل الطهارة 
بالمقارنة . 


الثانى : إذا كان اكتنان الرجل فى الخف يمنع من وصول الحدث فينبغى إذا نزع 
الخف أو الجبيرة ألا يجب غسل الأعضاء المستورة بهما؛ لعدم تعلق الحدث بها. 

السابع : احتراز من التيمم» قاله فى الكتاب» وقال أصبغ: يمسح إذا لبسهما قبل 
الصلاة» فلو صلى بالتيمم» ثم لبسهما: لا يمسح؛ لانتقاض تيممه بتمام صلاته» 
والخلاف مبنى على رفع الحدث: فأصبغ يراهء ومالك لا يراه. 

تحقيق: قد تقدم أن الحدث له معنيان: 

الأسباب الموجبة: كالريح ونحوه؛ ولذلك يقال: أحدث» إذا وجد منه سبب 
منها. 


.)41( رقم‎ )”5/١( أخرجه مالك‎ )١( 
.)۲۷٤/۷۹( أخرجه البخارى (2145 ۲۰۳)ء ومسلم (١/10؟) رقم‎ )۲( 


۳1۸ ج۱ المسح: الذى هو بدل من الغسل 


والثانى : المنع الشرعى من الإقدام على الصلاة حتى يتطهر» وهو الذى تريده 
الفقهاء بقولهم: ينوى فى وضوئه رفع الحدث. 

إذا تقرر هذاء فالتيمم يبيح إجماعاء ومع الإباحة لا منع؛ فيكون الحدث قد 
ارتفع ضرورة؛ فلا معنى لقولنا: إنه لا يرفع الحدث. 

وأما الاحتجاج بوجوب الغسل من الجنابة عند وجود الماءء فلا يستقيم؛ لأنه 
يقتضى بقاء المنع مع الإباحة فإن اجتماع الضدين محال عقلاء والشرع لا يرد 
بخلاف العقل» فإن كان الحدث مفسرا بغير ذلك» فينبغى أن يبرز حتى نتكلم عليه 
بالرد أو القبول» فإنا لا نجد غير هذين المعنيين. 

الثامن: احتراز من غسل إحدى الرجلين» وإدخالها فى الخف» قبل غسل الرجل 
الأخرى» فإنه لا يمسح حتى يخلع» ثم يلبسهماء بعد كمال الطهارة» خلافا 
[ (ح)]» ومطرفب من أصحابنا. 

قال صاحب الطراز عن مالك - رضى الله عنه - فيمن ليس معه من الماء إلا 
ما يتوضأ به» فغسل رجليه» ثم لبس خفيه» ثم أتم وضوءه - قال: أحب إلى أن 
يغسل رجليه بعد وضوئهء فإن لم يفعل فلا شىء عليه. 

فالأصحاب يخرجون هذا الفرع بطريقين: 

إحداهما أن الحدث هل يرتفع عن كل عضو بانفراده أم لا يرتفع إلا بعد كمال 
الطهارة؟ فإن قلنا بالارتفاع فمذهب مطرف» وإلا فمذهب مالك» وهى مفرعة على 
ما تقدم؛ فإن الحدث هو المنع الشرعى من الصلاة حتى يتطهر المحدث» وهو 
ممنوع قبل الكمال بالإجماع؛ فكيف يليق أن يقال: الحدث يرتفع عن كل عضو 
بانفراده؟ ! 

وما يظهر بعد هذه المقالة على التحقيق : أنه لو كان معه من الماء ما يكفيه لبعض 
طهارته وهو محدثء فإنه يتيمم » ولا يجب عليه استعمال ذلك الماء على الأصحء ولو 
كانت الطهارة تحصل فى بعض الأعضاء لوجب استعماله فى بعض الأعضاء» كمن معه 
ما لا يكفيه لإزالة النجاسة إلا عن بعض أعضائه؛ فإنه يزيل منها بحسب الإمكان. 


)١(‏ بياض فى أ» وفى ش: لأبى محمد. 


المسح : الذى هو بدل من الغسل ج ۱ 114 


والطريق الأخرى: أن المستديم للشىء» هل يكون كالمبتدئ له: كمن حلف 
لا يدخل الدار وهو داخلهاء أو لا يليس الثوب وهو لابسه؟ أم لا يكون كذلك؛ 
وهو أصل مختلف فيه؟ 

فرعان: 

الأول: قال صاحب الطراز: الشرط: حصول الطهارة غسلاء أو وضوءا. وقال 
بعض المتأخرين: لا يمسح على طهارة الغسل . 

الثانى : قال : لو توضأ ولبس خفيه» ثم ذكر لمعة فى وجهه أو يديه» فغسل ذلك 
وصلىء ثم أحدث - لا يمسح على خفيه» إلا أن يكون نزعهما بعد غسل اللمعةء 
قبل أن يحدث. وعلى قول مطرف: يمسح. 

التاسع : احتراز من المحرم؛ فإنه لا يجوز له لبس الخفين» فإن لبسهما لم يجز له 
المسح عليهما. 

قال الباجى: وعندى يجوز للمرأة المحرمة أن تمسح على الخفين؛ لأنها ليست 

ممنوعة من لبسهما. 
سؤال: المحرم والغاصب للخف كلاهما عاص باللبس» والغاصب إذا مسح 
صحت صلاتهء بخلاف المحرم» فما الفرق؟ 

جوابه: أن الغاصب يؤذن له فى الصلاة بالمسح على الخفين فى الجملةء وإنما 
أدركه التحريم من جهة الغصب؛ فأشبه المتوضئ بالماء المغصوب» والذابح 
بالسكين المغصوبة؛ فيأثمان» وتصح أفعالهماء وأما المحرم فلم يشرع له المسح 
ألبتة . 

العاشر: احتراز من المترفه. 

قال فى الكتاب: إذا. اختضبت المرأة بالحناء وهى على غير وضوء» فلبست 
الخف: فتمسح عليه إذا أحدثت» أو الرجل يريد أن ينام وهو على وضوء» فيلبسه 
ليمسح إذا استيقظ -: لا يعجبنى. وقاله ابن القاسم فى المدونة» فى الذى يريد 
البول. 

قال صاحب الطراز: قال مالك فى الواضحة: يعيد أيدا. 

وقال ابن دينار وأصبغ : يكره ذلك» والصلاة تامة؛ لأن الخف لا يشترط فى لبسه 
نية القربة» فلا يضره فيه الرفاهية. 


357 ج١1‏ المسح: الذى هو بدل من الغسل 

أحجة مالك - رحمة الله عليه -: أن الخف إنما شرع لبسه للوضوءء لا لمتعة 
اللبس؟ فلا تترك عزيمة غسل الرجلين لغير ضرورة. 

وأما كيفية المسح: فقال فى الكتاب: يمسح ظهور الخفين وبطونهماء ولا يتتبع 
غضونهما - وهى كسورهما - وينتهى إلى الكعبين مارا على العقبين من أسفل» ومن 
فوق. وقال (ح): لا يمسح أسفلهما. وروى الترمذى عن على - رضى الله عئه - 
أنه قال: لو كان الدين بالرأى لكان أسفل الخف أولى من أعلاهء ولكنى رأيت 
رسول الله يخ يمسح ظهر خفيه(©. وروى - أيضا -: أنه - عليه الصلاة والسلام - 
كان يمسح أعلى الخف وأسفله. وضعفه.9) 

قال صاحب الطراز : وخالف ابن شعبان فى غضون الخفين» والجبهة فى التيمم . 

حجة المذهب: أن الغضون فى حكم الباطن» والباطن ليس محلا للطهارة؛ لأن 
المسح مبنى على التخفيف. 

الأول: قال سحنون فى العتبية: يمسح على المهاميز. قال الباجى: قال ابن 
مسلمة وجماعة أصحابه: لا يجب الإيعاب. 

والواجب عند (ش) - رضى الله عنه -: أقل ما ينطلق عليه الاسم» وعند (ح): 
ثلاثة أصابع» وعند ابن حنبل: مسح أكثره. 

حجتنا: أن كل موضع صح فيه الفعل وجب؛ إذ لو انتفى الوجوب لما صحء 
أصله: الساق» وإذا كان الوجوب متقررا فى آخر العضوء وجب إيعابه» كسائر 
أعضاء الوضوء. 

الثانى : صفة المسح فى الكتاب: وضع اليد اليمنى على أطراف أصابع الرجل من 
ظهرهاء واليسرى تحت أصابعها مارا بهما إلى موضع الوضوء؛ قياسا على الوضوء؛ 
لأنه بدله. 

قال صاحب الطراز: وقيل عكسه. وعند ابن عبد الحكم : اليمنى على حالتهاء 
)١(‏ لم يخرجه الترمذى» بل أخرجه أبو داود )١١١(‏ وقال الحافظ فى التلخيص :)٠١١ /١(‏ 

إستاده 


(۲) أخرجه أحمد (220») وأبو داود 2)١56(‏ والترمذى (ا9)» وابن ماجه ))08٠0(‏ من 
حديث المغيرة بن شعبة. وقال الترمذى: هذا حديث معلول. 


س ا ا 


واليسرى يبدأ بها من العقب إلى الأصابع؛ ليسلم من آثار العقب» وهو قول (ش). 

قال صاحب الطراز: قال بعض الأصحاب: ظاهر الكتاب يقتضى جعل اليمنى 
على أعلى اليسرى؛ لقوله: ويفعل فى اليسرى كذلك. وهو وهم؛ فإن الإشارة إلى 
البداية فقط؛ لقول مالك فى الواضحة: يجعل اليمنى تحت اليسرى» واليسرى من 
فوقها؛ لأنه أمكن فى مسحها. 

الثالث : قال فى الكتاب: لا يجزئ مسح الباطن عن الظاهرء ولا العكس. لكن 
الاقتصار على الظاهر يوجب الإعادة فى الوقت. وقال سحنون: لا يعيد مطلقا. قال 
صاحب الطراز: وقوله: لا يجزئ» يحتمل فى الفعل وفى الحكم» وهو قول ابن 
نافع» ويعيد عنده أبداء وهو أقعد بأصل مالك؛ لأن الخف بدل فيثبت له حكم 
مبدلهء ولأنه لو انخرق باطنه خرقا فاحشا لا يمسح عليه. 

والمذهب مبنى على أن الحكم انتقل إلى الخف من حيث هو خف؛ كالتيمم: 
لا يراعى فيه مواضع الوضوء» ولا الغسل. 

فلو اقتصر على الأسفل» قال: لا يجزئه على المشهور. وقال أشهب: يجزئه. 

فرع مرئب(3): قال: إذا قلنا: يعيد فى الوقت. 

قال ابن أبى زيد: يعيد الوضوء؛ لعدم الموالاة» ويتخرج فيه قول بإعادة أسفله 
وحده. 

الرابع: قال فى الكتاب: يزيل الطين من أسفل الخف؛ ليصادفه المسح» فلو 
مسح الطين» أو غسله؛ ليمسح الخف» ثم نسى: لم يجزهء ويعيد الصلاة؛ لعدم نية 
الطهارة» قاله صاحب الطراز. فلو غسل بنية الوضوء» قال ابن حبيب: يجزئه» 
ويستحب له الإعادة؛ ليأتى بالمشروع غير تابع. 

الخامس: قال فى الكتاب: إذا لبس خفين على خفين مسح الأعلى» وروى 
ابن وهب المنع. 

حجة الأول: أن الأحاديث وردت من غير استفصال» ولأن الضرورة كما تدعو 
[إلى] الخف الواحد تدعو [إلى] الخفين. 
(۱) زاد فى أء ش: الرابع. 


زشفق فى 5 ش: الخامس. 
)۳( فی أ ش: السادس . 


قال اللخمى: والخلاف إنما هو فى لبسهما عقيب غسلء أما لو لبس الأول 
عقيب غسل» والثانى بعد مسح: فإنه يجوز قولا واحدا. 

قال صاحب الطراز: ينبغى العكس. 

وحجة المنع : أن الخف الأعلى إن كان بدلا من الأسفل» لزم أن يكون للبدل 
بدل» وهو غير معهودء أو من الرجل؛ فيلزم ألا يعيد المسح على الأسفل إذا نزع 
الأعلى . 
السادس: قال فى الكتاب: إذا مسح على خفيه» ثم لبس أخرى بعد المسح: 
مسح على الأخرى؛ لقيام مسح الخف مقام غسل الرجل فى رفع الحدث. 

وقال بعض الشافعية: لا يمسح؛ لأن المسح لا يرفع الحدث؛ لوجوب الغسل 
عند النزع؛ فلا يقوم مقام الغسل كالتيمم» وفرق بين هذه المسألة ولبسهما [بعد 
الخسل]"؛ لأن الغسل يرفع الحدث. 

السابع" : قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا مسح الأعلى ثم نزعه» مسح الأسفل 
وأجزاف خلافا (ح)» فإن أخر ذلك أعاد الوضوء؛ كالذى يفرق وضوءه. ورأى 
(ح): أن الخفين شىء واحد بدل من الرجل» فإذا لم تظهر: بقى حكم المسح»› 
وفرق بين الخفين والجرموقين» وقال: يمسح الخف إذا نزع الجرموق الأعلى؛ 
لاختلاف الجنس» ويؤيد قوله: من مسح رأسه ثم حلق شعره» لا يعيد مسحا. 

حجتنا: القياس على من نزع الخف عن الرجل» وعلى الجبائر. 

قال صاحب الطراز: وأما إذا نزع خفه بعد المسح فثلاثة أقوال: الغسل لمالك» 
والوضوء له - أيضا - ولا يتوضأ ولا يغسل» للحسن. 

حجة المشهور: انتقال حكم المسح للرجل» والرجل لا تمسح؛ فتغسل» 
وقوله- عليه السلام - (إذا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فى الْحْفٌ رَهُمَا طَاهِرَتَانِ كامْسَخ عَلَيْهِمَا 
ما شعت وَمَا بَدَا لَك ما لَمْ تَخْلَمْهُمَا أذ تُصِبْكَ جتابةه فاشترط عدم النزع . 

والقياس على تزع العصائب. 





)غ0 فى أء ش: السابع . 
(۲) سقط فى أء ش. 
[فرفق فى أ ش: الثامن . 


المسح : الذى هو بدل من الغسل ج ۱ ۲۳ 
کس اک کج کا ا 


حجة الوضوء: أن المسح رفع الحدثء» فإذا نزع تجدد الحدث» وهو 
لا يتبعض؛ لأنا لا نجد شيئا ينقض الوضوء فى عضو دون غيره» فيعم؛ فيجب 
الوضوء. ويرد عليه: أن النزع ليس بحدث؛ بل الحدث هو ما سلف. وقد عمل 
بموجبهء إلا غسل الرجل أبدل بالمسح» فإذا ذهب المسح أكملت الطهارة بالخسل . 

حجة الثالث: القياس على حلق الرأس. 

فإذا قلنا: يمسح على الأسفل» فنزع فردا من الأعليين - قال صاحب الطراز: 
قال ابن القاسم: يمسح تلك الرجل على الأسفل. وقال سحنون وابن حبيب: ينزع 
الأخرى ويمسح الأسفلين. 

حجة ابن القاسم: أن الملبوس باق على حكم البدلية» والقياس على ما إذا لبس 
ابتداء على إحدى رجليه خفين» وعلى رجل خفاء والفرق بين هذه وبين خلع أحد 
الخفين المنفردين: أن الخف باق على البدلية» وهناك بالخلع بطلت البدلية؟ يسبب 
الغسل فى إحدى الرجلين؟ إذ لا يجمع بينهما. 

حجة سحنون: أن الطهارة لا تتبعض فى الانتقاض» والخفاف كالشىء الواحد؛ 
فيبطل فيهما كما لو كانا على الرجلين. 

وإذا قلنا: يمسح ما تحت المنزوع» فمسح» ثم لبس المنزوع - قال ابن القاسم 
فى العتبية: يمسح [عليه]» ولا يشترط أن يزيد على الرجل الأخرى خفا آخر؛ 
فإن البدلية قد حصلت بستر الرجلين بجنس الخف. 

الثامن29: فى الجلاب: إذا كان على كل رجل خف» فنزع إحدى الرجلين - 
نزع الأخرى» وغسل؛ لثلا يجمع بين البدل والمبدل. وقال القاضى فى الإشراف 
عن أصبغ: يمسح اللابسة ويغسل المنزوعة. 

الاسم" : لو تعسر نزع الخف الباقى. 

قال عبد الحق عن بعض الشيوخ: إنه يغسل المتزوعة» ويمسح الأخرى على 
ذلك الخف ؛ حفظا لمالية الخف» وقياسا على الجبيرة. ونقل عن بعض البغداديين: 
منع الإجزاء؛ لتعذر المشى على هذه الهيئة. 





)١(‏ سقط فى ش. 
(؟) فى أء ش: التاسع. 
(۳) فى أء ش: العاشر. 


٤‏ جا المسح: الذى هو بدل من الغسل 

قال ابن شاس : ويتتقل إلى التيمم . واستحسنه صاحب الطراز» وقيل: يمزق 
الخف؛ ترجيحا لجانب العبادة على المالية. 

العاش (3©: قال فى الكتاب: كان مالك يقول: يمسح على الجرموقين أسفلهما 
جلد يبلغ موضع الوضوء مخروزء ثم رجع عن ذلك. 

قال صاحب الطراز: والجرموقان على ظاهر الكتاب: الجوربان المجلدان. قال 
ابن حبيب: هما الخفان الغليظان لا ساق لهما. وهذا الذى قاله ابن حبيب هو 
المعروف» ونقل ابن بشير: هما خف على خف؛ فيكون فيهما ثلاثة أقوال. 

حجة الجواز: ما رواه الترمذى: أنه - عليه السلام - توضأ ومسح على 
الجرموقين والنعلين"ء وروى ذلك عن عمرء وابن عباس» وجماعة من السلف. 

ووجه الثانى: أن القرآن اقتضى الغسل؛ فلا يخرج عنه إلا بمتواتر مثلهء وهذه 
الأحاديث لم يخرجها أحد ممن اشترط الصحة» وقد ضعفها أبو داودء بخلاف 
أحاديث الخفين؛ فإنها متواترة» ولأنهما بمنزلة اللفائف» واللفائف لا يمسح عليها. 

وأما ما يروى عن السلف» فمحمول على المجلدين» ويتخرج هذا الخلاف - 
أيضا - فى القاعدة الأصولية وهى: أن الرخص إذا وقعت على خلاف الأصل: هل 
يلحق بها ما فى معناها؛ للعلة الجامعة بينهماء أو يغلب الدليل الثانى للمترخص؟ 
قولان. 

الحادى عشر : قال فى الكتاب: إذا تزحزحت رجلاه إلى ساق الخف 
نزعهماء وغسل رجليه» وإن خرج العقبان إلى الساق قليلاء والقدم على حالهاء 
فردهما: مسح؛ لأن الأول يعد خلعا لهماء بخلاف الثانى. 

قال صاحب الطراز: [إن كان بقصده إخراج عقبه]29» خرج على رفض 
الطهارة» وإن كان بغير قصده: فلا شىء عليه. 

[الثانى عشر: فى الجواهر: يكره التكرار والغسل فيهماء ويجزئ إن فعل. وقد 





)١(‏ فى أ» ش: الحادى عشر. 

(۲) أخرجه أحمد (7517/4): وأبو داود (۹٥۱)ء‏ والترمذی (۹۹)ء والنسائى »)87/١(‏ وابن 
ماجه »)۵٥0٩(‏ من حديث المغيرة بن شعبة. وقال الترمذى : حسن صحيح . 

(۳) فى أ؛ ش: الثانى عشر. 

(4) فى أء ش: إن كان يقصد إسخراج عقبه. 


المسح: الذى هو بدل من الغسل ج۱ رفن 


تقدم خلاف ابن حبيب فى الغسل. وسبب الكراهة فى التكرار أن الغسل مبنى على 
التخفيف» والتكرار ينافيه؛ ولأن العمل فى السئة على خلافه. وأما الغسل فلأن 
المسح أول مرائب الغسل فيقع المأمور به تبعًا. والأصل أن يكون مقصوًا]7) . 


)١(‏ ما بين المعقوفين سقط فى أ» ش. 


هين ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 
الباب الخامس 


فى بدل الوضوء والغسل: وهو التيمم . 

وهو من خصائص هذه الأمة؛ لطفا من الله - تعالى - بهاء وإحسانا إليهاء 
وليجمع لها فى عبادتها بين التراب - الذى هو مبدأ إيجادها - والماء الذى هو سبب 
استمرار حياتها؛ إشعارا بأن هذه العبادة سبب الحياة الأبدية والسعادة السرمدية» 
جعلنا الله - تعالى - من أهلها من غير محنة. 

وهو فى اللغة: من «الأم» - بفتح الهمزة - وهو القصد؛ يقال: أمه وأممه 
وتأممه: إذا قصدهء وأمه - أيضا -: شجه فى وسط رأسه. 

ومن الأول: قوله - تعالى -: #ولا مَيَمّمُوا اليك ينه تُنفِقُو4 [البقرة: 1117] 
أى : لا تقصدوهء ثم نقل فى الشرع للفعل المخصوص. 

وأوجبه لتحصيل مصالح أوقات الصلوات قبل فواتهاء ولولا ذلك لأمر عادم الماء 
بتأخير الصلاة حتى يجد الماءء وهذا يدل على أن اهتمام الشرع بمصالح الأوقات 
أعظم من اهتمامه بمصالح الطهارة. 

فإن قلت: فأى مصلحة فى إيقاع الصلاة فى وقتها دون ما قبله و [ما] بعده» مع 
جزم العقل باستواء أفراد الأزمان؟ 

قلت: اعتمد العلماء - رضوان الله عليهم - فى ذلك على حرف واحدء وهو: 
أنا استقرأنا عادة الله - تعالى - فى شرعه فوجدناه جالبا للمصالح» ودارا للمفاسد» 
وكذلك قال ابن عباس - رضى الله عنهما -: إذا سمعت نداء الله - تعالى - فارفع 
رأسك» 'فتجده: إما يدعوك لخير» أو يصرفك عن شر. 

فمن ذلك: إيجاب الزكوات والنفقات لسد الخلات» وأروش الجنايات جبرا 
للمتلفات» وتحريم القتل» والزنى»: والمسكرء والسرقةء والقذف؛ صونا للنفوس 
والأنساب» والعقول» والأموال» وإعراضا عن المفسدات» وغير ذلك من المصالح 
الدنيويات» والأخرويات. 

ونحن نعلم بالضرورة: أن الملك إذا كان من عادته إكرام العلماءء وإهانة 
الجهلاء» ثم رأيناه خصص شخصا بالإكرام» ونحن لا نعرف حاله - فإنه يغلب على 
ظننا أنه عالم» على جريان العادة» وكذلك ما تسميه الفقهاء بالتعبد: معناه: أنا 


بدل الوضوء والغسل ج ۱ ۷ 


لا نطلع على حکمته» وإن كنا نعتقد أن له حكمة» وليس معناه: أنه لا حكمة له. 

ولأجل هذه القاعدة: أمر مالك - رحمه الله - بإعادة الصلاة فى الوقت» لترك 
السئن؛ لأن الإعادة حينئذ تحصل مصلحة الوقت والسنة» ومجموعهما مهم؛ 
بخلاف خارج الوقت؛ لذهاب مصلحة الوقت» ولا يلزم من الاهتمام بمجموع 
مصلحتين الاهتمام بإحداهما. 

ثم يبحث الفقهاء فى هذا الباب: فى أسبابه» والذى يؤمر بالتيمم: من هو؟ 
والذى يتيمم به» وصفة التيمم» والمتيمم له» ووقت التيمم» والأحكام التابعة 
للتيمم» فهذه فصول سبعة . 

الفصل الأول: فى أسبابه: 

وهى ستة : 

الأول: عدم الوجدان للماء» وإنما يتحقق عند بذل الجهد فى الطلب» فى حق 
من يمكنه استعماله» ويدل على وجوب الطلب إلى حين الصلاة: أن الوضوء واجب 
إجماعاء فيجب طلب الماء؛ لأن ما لا يتم الواجب المطلق إلا به - وهو مقدور 
للمكلف - فهو واجب؛ فيكون طلب الماء واجبا حتى يتبين العجز؛ فيتيمم حيتئذ» 
ولأن المفهوم من قوله - تعالى -: کم ذو م44 [النساء: "41] أى بعد الطلب. 

قال صاحب الطراز: الطلب الواجب: على قدر الوسع والحالة الموجودة» فقد 
روى ابن القاسم فى العتبية : لا بأس بسؤال المسافر أصحابه الماء فى موضع يكثر 
فيه» أما موضع يعدم [فيه] فلا. وروى أشهب: إنما يطلبه ممن يليه؛ ويرجوه» 
فليس عليه أن يطلب [من] أربعين رجلا. وقال عبد الملك وأصبغ وابن عبد الحكم: 
يطلب فى الرفقة العظيمة ممن حوله» فإن لم يفعل فقد أساءء ولا يعيد» وإن كانت 
الرفقة يسيرة» ولم يطلبه أعاد فى الوقت» إلا أن يكون الرجل والرجلان وشبههماء 
وهم متقاربون؛ فليعد أبدا لكثرة الرجاء. 

وقالوا: المرأة التى لا تخرج» تؤخر الصلاة إلى آخر الوقت» ثم تخرج فتطلب. 

إذا تقرر هذا ففى الجواهر أربع حالات: 

إحداها: تحقق العدم حوله؟ فيتيمم من غير طلب. 

الثانية: أن يتوهمه حولهء فليفحص فحصا لا مشقة فيه» وهذا يختلف بحسب 
القوى والضعيف» والرجل والمرأة. 





۸ جا بدل الوضوء والغسل 

الثالثة : : أن يعتقد قربه؛ فيلزمه السعى له» وحد القرب: عدم المشقة» وفوات 
الزفقة» وروى فى كتاب محمد بن المواز: من شق عليه نصف الميل» فقال 
سحنون: لا يعدل للميلين» وإن كان آمنا؛ لأن البعد يؤدى إلى خروج وقت 
الصلاة . 

وقال فى الكتاب: إذا غابت الشمس وقد خرج من قرية يريد قرية أخرى» وهو 
غير مسافر: إن طمع فى الماء قبل مغيب الشفق مضى إليه» وإلا تيمم. قال صاحب 
الطراز: هذا يقتضى أن وقت المغرب الاختيارى إلى مغيب الشفق» وهو مذهبه فى 
الموطأ؛ فإن التيمم لا يؤخر عن وقت الاختيار» ولو جاز ذلك لجاز بعد الشفق» 
فعلى القول بعدم امتداده: لا يؤخر تيممه إلى الشفق. 

قال التونسى: ويتخرج فيها قول آخر بالتأخير إلى ما بعد الشفق؛ لقوله: «فى 
الحضر؛» بخلاف إن رفع الماء من البثرء أو ذهب إلى النهرء أنه لا يتيمم. 

وكذلك خرجه ابن حبيب - أيضا - قال: وهو عندى لا يصح؛ لغلبة الماء فى 
الحضرء بخلاف الصحراء ما بين القريتين. 

حجة المذهب: قوله - تعالى -: للم دوا م وهو يغلب على ظنه 
وجدانه» وروى مالك عن نافع قال: أقبلت أنا وعبد الله بن عمر من الجرف» حتى 
إذا كنا بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين» ثم صلى. والمربد من 
المدينة على ميلين. 

قال القاضى فى التنبيهات : الجرف: بضم الجيم والراء. والمربد: بكسر الميم 
والباء بواحدة من تحتهاء ولأن التيمم إنما يشرع لتحصيل مصلحة الوقت. 

قال سحنون: لا يعدل الخارج من القرية إلى ميل» وكذلك المسافر. يريد: الذى 
لا يخرج عن مقصده» وهو لا يخالف قول مالك؛ فإن قول مالك محمول على الذى 
يكون ذلك قصده. 

الرابعة: أن يكون الماء حاضراء لكن ليس له آلة توصل إليه» فإنه يتيمم؛ لأنه 
فاقد. 


ولو وجده لكن إن اشتغل بالنزع خرج الوقت» قال فى الكتاب: يعالجه عند 








(۱) أخرجه مالك )05/1١(‏ رقم (10). 


بدل الوضوء والغسل ج١1‏ ۳۹ 





المغاربة وإن خرج الوقت» ويتيمم عند العراقيبن. ولو كان بين يديه لكن لو استعمله 
خرج الوقت» قال ابن شاس: يستعمله عند المغاربة؛ لأنه واجد» ويتيمم عند 
القاضى أبى محمد» وحكاه الأبهرى رواية. 

قال ابن يونس: ولا فرق عندى بين تشاغله باستعماله» أو باستخراجه من البئر؛ 
فإن المقصود الصلاة فى الوقت. 

قال: وكذلك قال ابن القصارء والقاضى عبد الوهاب» وفرق ابن القصار - 
أيضا- فقال فى الجمعة: يتوضأ ولو خاف فواتها؛ لأن الظهر هى الأصلء ووقتها 
باق . وسوى بينهما بعض الأصحاب» بجامع الفريضةء وقال بعضهم: يتيمم ويعيد 
الصلاة؛ احتياطا. 

قال عبد الحق فى النكت: والفرق بين النزع من البئرء والاستعمال: أن 
المستعمل واجدء والنازح فاقدء وإنما هو يتسبب ليجد. 

[فرعان: 

الأول] لو كان مع ثلاثة نفر قدر كفاية أحدهم ماء» وأحدهم جنب» والآخر 
محدث» والثالث ميت - قال صاحب الطراز: قال ابن القاسم: الحى أولىء وييمم 
الميت» إلا أن يكون الماء للميت؛ لأن الحى يصلى بطهارته على الميت» وغيرها 
من الصلوات» والميت يصلى عليه بها فقطء ولأن حالة طهارة الحى تعود على 
الميت» وحال طهارة الميت لا تعود على الحى . فإن كان الماء للميت» واحتاج إليه 
الحى ليشريه أخذه» ويقوم بثمنه للوارث» وليس له دفع مثله إذا رجع إلى بلدهء وإن 
كان الماء بينهما فالحى أولى بهء وقال القاضى: الميت أولى به. 

فعلى البحث الأول: إذا كان مع رجل ما يغتسل به» ووجد جنباء وميتا: يكون 
الحى أولى بهبته من الميت» خلافا (ش) فى قوله: إن المقصود من طهارة الميت 
النظافة» ولا تحصل إلا بالماء» وطهارة الحى المقصود منها الإباحة» والتيمم كاف 
فى ذلك» ولأنه آخر عهده من الدنيا بالطهارة» والحى يتطهر بعد ذلك. 

وجواب الأول : أن المقصود بطهارة الميت الصلاة عليهء والنظافة تبع ؛ ولهذا إذا لم 
يوجد الماء لا يصلى عليه حتى بيمم» وكذلك الشهيد لما لم يصل عليه لم يغسل. 


)١(‏ فى أء ش: فرع. 


رين ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 

وعن الثانى: أن هذه الصلاة آخر عهده من الصلوات؛ فينبغى أن تكمل . 

والجنب أولى من المحدث؛ لعموم منع الجنابةء ولأن الجنب مستعمل جملة 
الماء» والمحدث يترك بعضه بلا انتفاع . 

وعلى هذاء لو اجتمع جنب وحائض: هل تكون الحائض أولى؛ لكونها تستفيد 
بالغسل أكثر من الجنب؟ أو يستويان؟ وهو الظاهر؛ لأن الغسل واحد بخلاف 
الوضوءء فإنه بعض الغسل للجنابة. 

الثانى: قال فى الكتاب: إذا كان معه ما يكفيه للوضوء» [وهو جنب] تيمم 
ولا يتوضأ فى أول تيممه ولا ثانيه» ويغسل بذلك الماء النجاسة» خلافا (ش) فى 
أمره بالوضوء حتى يصير فاقدا للماء. لنا: أنه يدل» والبدل هو الذى شأنه أن يحل 
محل المبدل» ولا يجمع بينهما. والفرق بين صورة النزاع والمسح على الخف» فى 
كونه يجمع بين مسحه وغسل غيره: أنه بدل عن غسل الرجلين لا عن المغسول» 
وبينها وبين النجاسة : أن الماء يطهر من الخبث كل موضع غسل به ولو قل» بخلاف 
المحدث» لا تحصل طهارته إلا بجملة الغسل . 

والفرق بين الغسل للجنابة والتيمم للجنابة - فى كون الوضوء شرع مع الغسل 
دون التيمم - أمران: 

أحدهما: أن الوضوء من جنس الغسل؛ شرع بين يديه أهبة له» كالمضمضة» 
والاستنشاق قبل الوضوءء والإقامة بين يدى الصلاة» والصدقة بين يدى النجوى»› 
وهو ليس من جنس التيمم؛ فلا يشرع تهيؤا له. 

وثانيهما: أن أعضاء الوضوء أشرف الجسد؛ لكونها موضع التقرب إلى الله؛ 
فكانت البداءة به أولى» والتيمم شرع فى عضوين منهاء فالوضوء يأتى عليهما وعلى 
غيرهما؛ [فلا معنى للبداءة بالوضوء]9 . 

السبب الثانى : فى الجواهر: الخوف من فوات النفس [أو عضو](" أو منفعة» أو 
زيادة مرضء أو تأخر برء» أو حدوث مرض يخاف معه ما ذكرناه. 

وروى بعض البغداديين: لا يتيمم لتوقع المرضء أو لزيادته» أو تأخر البرء. 





زفق سقط فى أ ش. 


(۲( فى أء ش: فلا معتى للبداءة بها بالوضوء . 
(۳) سقط فى أ ش. 


يدل الوضوء والغسل + ۱ ۳۳۱ 


وما مجرد الألم فلا یبیج" التيمم؛ لقوله - تعالى -: ین کم تتق:» 
[النساء :157 وما رواه أبو داود عن عمرو بن العاص قال: احتلمت فى ليلة باردة فى 
غزوة ذات السلاسل»ء فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك؛ فتيممت ثم صليت بأصحابى 
الصبح . فذكر ذلك للنبى ڳل فقال: ايا عَمْرُوء صَلَيْتَ بِأَصْحَابكَ وَأَنْتَ جُنْبٌ؟) 
فأخبرته الذى منعنى من الاغتسال» وقلت: سمعت الله - تعالى - يقول: ولا 
تتلا نشخ إن آله كن بم كيا [النساء: 14] فضحك کله ولم يقل 
شيئا»2. ولأن الفطر أبيح للمريض مع عدم الأذى؛ فههنا أولى. وخالفنا (ش) - 
رحمه الله - فى تأخير البرء» وحجتنا عليه : أنه ضرر عليه؛ فيكون منفيا قياسا على توقع 
المرض» ولقوله - تعالى -: وما جَمَلَ ملك في اين ين حرج » [الحج :۷۸]. 

قاعدة: المشاق قسمان: 

أحدهما - لا تنفك عنه العبادة: كالوضوء والغسل فى البرد» والصوم فى النهار 
الأطول» والمخاطرة بالنفوس فى الجهاد» ونحو ذلك لا وجب تخفيفا فى العبادة؛ 
لأنها قررت معه. 

والقسم الثانى - تنفك العبادة عنهء وهو ثلاثة أنواع: 

نوع فى المرتبة العليا: كالخوف على النفوس» والأعضاءء والمنافع» فهذا 
يوجب التخفيف؛ لأن حفظ هذه الأمور هو سبب مصالح الدنيا والآخرة» فلو 
حصلنا هذه العبادة لثوابها لذهب أمثالها. 

ونوع فى المرتبة الدنيا: كأذى وجع فى أصبع» فتحصيل هله العبادة أولى من درء 
هذه المشقة؛ لشرف العبادة وخسة هذه المشقة. 

النوع الثالث: مشقة بين هذين النوعين» فما قرب من العليا أوجب التخفيف» 
وما قرب من الدنيا لم يوجب» وما توسط يختلف فيه؛ لتجاذب الطرفين له» فعلى 
هذه القاعدة تتخرج الفتاوى فى مشاق العبادات. 

تتميم : قال بعض العلماء: تختلف المشاق باختلاف رتب العبادات» فما) كان 








)0 فى ط: أو. 

زفق فى أ ش: و یح . 

(۳) أخرجه أبو داود ۰۳۳٤(‏ ٣۳۳)ء‏ والحاكم (۱۷۷/۱). 
)٤(‏ فى ش: فإن. 


FY‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


فى نظر الشرع أهم: اشترط فى إسقاطه أشد المشاق» أو أعمها؛ فإن العموم بكثرته 
يقوم مقام العظم» كما سقط التطهر من الخبث فى الصلاة التى هى أفضل العبادات؛ 
بسبب التكرار: كدم البراغيث» وثوب المرضعء وكما سقط الوضوء فيها بالتيمم؛ 
لكثرة عدم الماءء أو الحاجة إليه؛ أو العجز عن استعماله. وما لم تعظم رتبته فى 
نظر الشرع تؤثر فيه المشاق الخفيفة. 

وجميع بحث هذه القاعدة يطرد فى أبواب الفقه؛ فكما وجدت المشاق فى 
الوضوء على ثلاثة أقسام : متفق على اعتياره» ومتفق على عدم اعتباره» ومختلف 
فيه - كذلك نجد فى الصوم» والحج» والأمر بالمعروف» والنهى عن المنكرء 
وتوقان الجائع للطعام عند حضور الصلاةء والتأذى بالرياح الباردة فى الليلة الظلماءء 
والمشى فى الوحلء وغضب الحكامء وجوعهم المانع من استيفاء النظرء وغير 
ذلك» وكذلك الغرر والجهالة فى البيع ثلاثة أقسام . 

سؤال: ما ضابط المشقة المؤثرة فى التخفيف من غيرها؟ فإنا إذا سألنا الفقهاء 
يقولون: ذلك يرجع إلى العرف» فيحيلون على غيرهم» ويقولون: لا نحد ذلك» 
فلم يبق بعد الفقهاء إلا العوام» والعوام لا يصح تقليدهم فى الدين؟ 

جوابه: هذا السؤال له وقع عند المحققين» وإن كان سهلا فى بادئ الرأى» 
ونحن نقول: 

ما لم يرد الشرع بتحديده يتعين تقريبه بقواعد الشرع؛ لأن التقريب خير من 
التعطيل لما اعتبره الشرع . فنقول: على الفقيه أن يفحص عن أدنى مشاق تلك العبادة 
المعينة فيحققه بنص»ء أو إجماع» أو استدلال» ثم ما ورد عليه بعد ذلك من 
المشاق» مثل تلك المشقة أو أعلى: جعله مسقطاء وإن كان أدنى: لم يجعله. 
مثاله : التأذى بالقمل فى الحج: مببح للحلق» بحديث كعب بن عجرة» فأى مرض 
آذى مثلهء أو أعلى منه: أباح» وإلا فلاء والسفر مبيح للفطر بالنص؟ فيعتبر به غيره 
من المشاق. 

سؤال آخر: ما لا ضابط له ولا تحديد وقع فى الشرع على قسمين: 

قسم اقتصر فيه على أقل ما تصدق عليه تلك الحقيقة: كمن باع عبدا واشترط أنه 
كاتب» يكفى فى هذا الشرط مسمى الكتابة ولا يحتاج إلى المهارة فيها فى الوفاء 
بالشرطء وكذلك شروط السلم فى سائر الأوصاف وأنواع الحرف يقتصر على 





بدل الوضوء والغسل جا r‏ 
مسماها دون مرتبة معينة منها. 

والقسم الآخر: ما وقع مسقطا للعبادات» لم يكتف الشرع فى إسقاطها بمسمى 
تلك المشاق؛ بل لكل عبادة مرتبة معينة من مشاقها المؤثرة فى إسقاطهاء فما الفرق 
بين العبادات والمعاملات؟ 

جوابه: العبادات مشتملة على مصالح المعاد» ومواهب ذى الجلال» وسعادة 
الأبد السرمدية؛ فلا يليق تفويتها بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها؛ ولذلك كان 
ترك الرخص فى كثير من العبادات أولى» ولأن تعاطى العبادة مع المشقة أبلغ فى 
إظهار الطاعة» و[أبلغ فى التقرب]؛ ولذلك قال - عليه السلام - «أفضل العبادة 
أحمزها»29 أى: أشقهاء وقال: «أجرك على قدر نصبك06©. 

وأما المعاملات: فتحصل مصالحها التى بذلت الأعواض فيها بمسمى حقائق 
الشروط» بل التزام غير ذلك يؤدى إلى كثرة الخصام» ونشر الفسادء وإظهار العناد. 

فروع ثلاثة : 

الأول: قال صاحب الطراز: إذا تيمم المريض من الجنابة» ثم أحدث حدث 
الوضوء وهو قادر عليه - لم يتوضأ؛ لأن الجنابة تسقط حكم الحدث الأصغرء 
ويتيمم لكل صلاة للجنابة. 

الثانى: قال: إذا قدر المريض على الوضوء والصلاة قائماء فحضرت الصلاة 
وهو فى عرقه» فخاف إن فعل ذلك انقطع عرقه ودام عليه المرض - قال مطرف» 
وعبد الملك» وأصبغ: يتيمم ويصلى إيماء للقبلة. وإن خرج الوقت قبل زوال 
عرقه: لم يعد وهذا موافق للمذهب؛ لأنه تأخير البرء. 

الثالث : قال : إذا عظمت بطنه حتى لا يتمكن من تناول الماء» أو أدركه الميد فى 
البحر حتى لا يملك نفسه - يتيمم؛ لأنه وسعه. 

السبب الثالث : الجراح المانعة من استعمال الماء. 

قال فى الكتاب: قيل لابن القاسم: إذا عمته الجراح؟ قال: يتيمم» قيل فأكثره 








)١(‏ سقط فى أ ش. 

(؟) قال المزى: هو من غرائب الأحاديث» ولم يرو فى شىء من الكتب الستة. 
وينظر المقاصد الحسنة ص (54). 

() أخرجه البخارى (۱۷۸۷). 


a:‏ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 


جريح قال: يغسل الصحيح» ويمسح الجريح» قيل له: لم يبق إلا يد أو رجل 
صحيحة؟ قال: لا أحفظ عن مالك فيها شيئاء وأرى أن يتيمم . 

وقال ابن الجلاب: من كانت به جراح فى أكثر جسده - وهو جنب - أو فى أكثر 
أعضاء وضوئه وهو محدث: يتيمم . 

قال صاحب الطراز: إن كان مراده أن الأكثر يتفرق فى الجسد ومنع مس السالم» 
فهو موافق لقول ابن القاسمء وإلا فهو مخالف لمذهب الكتاب» وموافق ل (ح)؛ 
فإن أصحاب الرأى يقولون: إن كان أقله مجروحا جمع بين الماء والتيمم؛ أو سالما 
كفاه التيمم. 

وعند (ش) - رضى الله عنه - لا يكفى فيما صح إلا الغسل وإن قل» وإذا مسح 
وغسل: يتيمم - أيضا - بناء على أصله فيمن وجد بعض كفايته من الماءء فإنه 
يستعمله؛ لما فى أبى داود عن جابر - رضى الله عنه - قال: خرجنا فى سفرء 
فأصاب رجلا منا حجر فشجه فى رآسه» فقال لأصحابه: هل تجدون لى رخصة فى 
التيمم؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة» وأنت تقدر على الماء؛ فاغتسل فمات» فأخبر 
بذلك رسول الله ڳل فقال: اقَتَلُوه كَتَلَهُمْ الله ألا سَأَنُوا إذا لَمْ يَعلَمُوا؛ إِنّمَا شِفَاه 
ِى السَؤَالُ: إِنّمَا گا يفيه أن يتِيمُمَء أذ يَعْصِبَ عَلَى جُزجه رة م يَمْسَحٌ عَلَيْهَا 
وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَّدِوغ2'0» يريد: أن إحدى هاتين الحالتين تجزيه على حسب حال 
المجروح» ولا معنى للتيمم مع الغسل؛ لأن البدل والمبدل [منه] لا يجتمعان. 

فرع : قال عبد الحق فى النكت عن بعض الأصحاب: إذا لم يبق منه إلا يد أو 
رجل» فغسل الصحيح ومسح الجراح: لم يجزه؛ لأنه لم يأت بالغسل ولا ببدله 
الذى هو التيممء ولو تحمل المشقة وغسل الجميع: أجزأه؛ لأن التيمم حقه» فإذا 
أسقطه سقط: كمن صلى قائما مع مبيح الجلوس. 

السبب الرابع - غلاء الماء: إن كان لا يجد الماء إلا بثمن» وهو قليل الدراهم 
يتيمم» أو كثيرها: اشتراه ما لم يكثر الثمن» فيتيمم. أما الشراء؛ فقياسا على الرفع 
من البئر والطلب فى الفلوات بجامع المشقة» وأما إذا كثر الثمن فلا يشتريه؛ لما فيه 
من المضرة» وليس فى الكثير حد. 





لق تقدم تخريجه . 


بدل الوضوء والغسل جا ro‏ 





قال فى المختصر: ليس عليه أن يشتريه بأضعاف ثمنه إلا بثمنه أو شبهه. وقال 
فى المجموعة: ليس عليه شراء القربة بعشرة دراهم. 

قال ابن الجلاب: يحتمل أن يحد بالثلث. واعتبر أصحاب (ش) مطلق الزيادة. 

فرع : [قال]20 فى الجواهر: لو وهب له الماء لزمه قبوله عند القرويين؛ لعدم 
المنة فى مثل هذاء ولا يلزمه عند القاضى أبى بكرء وقيل: إنما يلزمه قبول ثمن 
الماء» وقال ابن شاس: يلزمه الماء قولا واحداء بخلاف الثمن. 

السبب الخامس: خوف العطش على نفسه»ء قاله فى الكتاب وفى التفريع: وإن 
خافه على غيره» وكذلك قاله (ش) (ح). 

قال صاحب الكتاب: يكفى ضرر العطش من غير تلف كالجبيرة؛ ولا فرق بين 
خوف العطش الآن أو فى المستقبل. 

السبب السادس: فى الجواهر: الخوف على التفس أو المال من السارق أو 
السبع» وقيل: الخوف على المال لا يبيح. 

الفصل الثانى: فيمن أبيح له التيمم 

قال فى الكتاب: يتيمم الجنب» والمحدث الحدث الأصغر. وحكى ابن المنذر 
عن النخعى منع الجنب» وهو قول ابن عمرء وأبن مسعود. 

لنا: عموم قوله - تعالى -: فم ثوا مه. . .€ الآية [النساء: “2147 من غير 
تفصيل» وفى البخارى أنه - عليه السلام - رأى رجلا معتزلا لم يصل» فقال له: «يا 
دن ما مَك أَنْ تُصَلْى مَعَ اموم كقَالَ: أَصَابئنِى جَتبَةٌ وَلَا مَاء كقَالَ: عَليْكَ بالصّعِيدٍ 
َإِنْهُ يفيك ولأن التيمم إنما شرع لاستدراك مصلحة الوقت» وهذا قدر مشترك 
فيه بين الصورتين. 

وقال فيه - أيضا -: يتيمم الحاضر إذا فقد الماء وخشى فوات الوقت قبل 
الوصول إليه. قال ابن القاسم: وكذلك المسجون. 

وقال صاحب الطراز: فى المسألتين ثلاثة أقوال. 

أحدها: ما مر. 

والثانى : الإعادة بعد الوقت إذا وجد الماءء لمالك - أيضا - و(ش). 





)١(‏ سقط فى ش. 
(؟) أخرجه البخارى (۸٤۳)۔‏ 


فون جا بدل الوضوء والغسل 
والثالث: أن الحاضر يطلب الماء وإن طلعت الشمس إلا أن يكون له عذر [وهو] 
لمالك - أيضا - فى الموازية» وهو قول (ح): إنه لا يتيمم حاضر إلا مريض أو 


محبوس . 
قال ابن شاس: قال ابن حبيب: الذى رجع إليه مالك أن يعيد أبدا. 


وجه المشهور: عموم آية التيممء وفى الصحيحين : «أنْهُ - عَلَيْهِ السّلَامُ - ليه 





رَجُل فُسَلُمَ عَلَيهِ كلم يرد عَلَيْهِ حَبّى أَقبّنَ عَلَى الْجِدَارٍ مسح بوَجْهِه يديه ثم رَد 
عَلَيْهِ السَلّام(©, زاد أبو داود: قال - عَلَيْهِ السَلَامُ -: نه لَمْ يَمْتَعْنِى أن أَرُدّ عَلَيِكَ 


فإذا شرع التيمم فى الحضر لتحصيل مصلحة رد السلام فالصلاة أولى» وفى أبى 
داود قال أبو ذر: انتقلت بأهلى إلى الربذة؛ فكنت أجنب وأعدم الماء الخمسة 
الأيام» والستة» فأعلمت بذلك رسول الله وَل فقال: «الصّعِيدُ الطيْتْ وَضُوءٌ الْمُسْلِم 
وَلَوْ لَمْ يَجِدٍ الْمَاهَ عَشْرَ حبجج0(" قال ابن يونس: وأبو ذر9 انتقل للإقامة. ‏ ˆ 

حجة المنع: أن آية التيمم وردت فى المسافر والمريض» وليس هذا منهماء 
والقياس عليهما مدفوع بفارق غلبة عدم الماء فى السفرء وعجز المريض عن 
استعماله» ولأن الوضوء عبادة شطرت فى التيمم؛ فوجب أن يكون السفر شرطا 
فيها؛ قياسا على تشطير الصلاة بالقصر. 

فرعان مرتبان: 

الأول: قال صاحب الطراز: إذا قلنا: يتيمم» فآخر الوقت. 

الثانى: إذا منعنا التيمم فى الحضرء فهل يشترط فى السفر مسافة القصر. حكى 
الباجى عن ابن حبيب : أن كل من قال بقصره على السفر رأى ذلك» وقال القاضى : 
يجوز فى أقل ما يصدق عليه سفر. 

الفصل الثالث: فى التيمم به 

فى الجواهر: هو التراب» والحصباءء والسباخ» والجص والنورة غير 





. أخرجه البخارى (۷) ومسلم (٤۳۱۹/۱۱)ء من حديث أبى الجهم‎ )١( 

(۲) أخرجه أبو داود (۳۲۰) من حديث ابن عمر» وهو حديث آخر غير حديث أبى الجهم 
السابق. 

4 فى أ ش: وأبو داود. 


بدل الوضوء والغسل ج ۱ بإ 


مطبوخين» وجميع أجزاء الأرض إذا لم تغيرها الصنعة بطبخ أو نحوه» سواء وجد 
التراب أو لم يوجدء خلافا (ش) وابن شعبان منا: فى قصر التيمم على التراب» 
وخصص ابن حبيب الإجزاء بعدم التراب» ويجوز بالملح عند مالك وابن القاسم» 
ولا يجوز عند أشهب» وقال اللخمى: فى الملح ثلاثة أقوال: 

المنع لمالك؛ لأنه طعام . 

والجواز لابن القصار؛ لأنه أجزاء من الأرض احترقت. 

والتفرقة بين المعدنى فيجوز؛ لأنه أجزاء الأرض احترقت بحر الشمس» وبين 
المصنوع؛ لمخالطته لغيره بالصنعة. 

وقال ابن يونس: قال مالك - رحمه الله تعالى -: لا يتيمم على الرخام: 
كالزمرد» والياقوت» ولا الشب والزاجء والزرنيخ» والكحلء والكبريت؛ لأنها 
عقاقير. 

قال سليمان فى السليمانية: إن أدركه الوقت فى أرضهاء ولا يمكنه الخروج حتى 
يخرج الوقت: أجزأه. 

قال: وقال مالك: يتيمم على المغرة؛ لأنه تراب» منه الأحمر والأصفر 
والأسودء يريد: إذا كان غير مطبوخ. 

قال صاحب الطراز: المتولد فى الأرض: منه ما يشاكلها كالزرنيخ والكحل 
والمغرةء فيجوز به التيمم. 

وقال أبو بكر الوقاد: لا يتيمم» وأما المنطرقة: كالفضة ونحوها فلا يتيمم به قولا 
واحدا. والنخيل» والحلفاء» والحشيش» ونحوه» إذا لم يقدر على قلعه. 

قال الأبهرى وابن القصار: يتيمم به» فيضرب بيده الأرض عليهاء وأجازه الوقاد 
فى الخشب إذا علا وجه الأرض كما فى الغابات؛ لأنه ضرورة» ولأنه لو حلف 
لا ييرك على الأرض» فبرك على هذه المواضع - حنث» ولو برك على جلع 
وشبهه: لم يحنث. 

فتلخص: أن المتيمم به ثلاثة أقسام : 

جائز اتفاقاء وهو التراب الطاهر. 

وغير جائز اتفاقاء وهو المعادن» والتراب النجس. 

ومختلف فيه وهو ما عدا ذلك. 


۳۳۸ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 


حجتنا على (ش) - رضى الله عنه -: قول الله - تعالى -: یسوا صعيدا طِيبا» 
[النساء ]٤١:‏ قال ثعلب وجماعة من أثمة اللغة كأبى عبيدة والأصمعى : الصعيد: وجه 
الأرض» من الصعود وهو العلوء ومنه سميت القناة: صعدة؛ لعلوهاء فكل ما صعد 
على وجه الأرض فهو صعيد يجوز التيمم به إلا ما خصه الدليل . 

فان قبل : قوله - تعالى - -: 63 مسوا يجي ودی [النساء :237] وصيغة 
امنه) تقتضى التبعيض» والتبعيض إنما يتصور فى التراب لا فى الحجرء وكذلك 
لفظ المسح لا يتصور إلا مع التراب إذ لا يصدق: مسحت يدى بالمنديل» إلا وفى 
اليد شىء يزال. 

قلنا: السؤالان جليلان» والجواب عن الأول من وجوه: 

الأول أن «من» كما تكون للتبعيض تكون لابتداء الغاية؛ كقولنا: بعت من ههنا 
إلى ههناء وابتداء الفعل فى التيمم هو ا لمسح من 

الثانى: أنها تكون لبيان الجنس؛ كقوله - تعالى -: «كلعتينبوا اليضرت م 
لاون [الحج : ]"٠‏ فيكون المراد: امسحوا من هذا الجئس الطهور الطاهرء فإنه 
المراد عندنا بالطيب؛ احترازا من النجس. 

الثالث: أن الحجر لو سحق: لم يصح التيمم به مع إمكان التبعيض؛ فيكون 
ظاهر اللفظ عندكم متروكا فيسقط الاستدلال. 

وعن الثانى: أن نقول: الغالب على الحجر وسائر أنؤاع الأرض إذا مرت عليها 
اليدان أن يتعلق بهما ما يغبرهما؛ فصح المسح لذلك» وأما الحجر الذى دلك 
مراراء أو غسل وهو بين الغسل فنادر» والخطاب مبنى على الغالب» وأما الطيب 
فليس المنبت» خلافا له حيث استدل بقوله - تعالى -: «واليد الطب ضرح باثي 
إن ري [الأعراف : 58] لأن الطيب فى اللغة هو الملا ئم للطباع» المت 
[وهذا هو] اللائق بالسياق؛ يدل على ذلك قوله - تعالى -: يبت لِلطَيبينَ 
تيون اليا »4 [النور: ”؟] وليس المراد: المنبتات» بل البعيدات من الدناءات 
الشرعية» وقوله - عليه السلام - (مَنْ تَصَدَّقٌ بكسب طَيّبٍ وَلَا يبل لله إلا طييا»(1) 
المراد: الحلال؛ لأنه المناسب للسياق فى الإنفاق» وقوله: ولاڈ ليث » إنما 


.)١41١( أخرجه البخارى‎ )١( 





بدل الوضوء والغسل ج ۱ ۳۳4 


حمل على المنبت؛ لأن السياق فى الزراعة» والسياق فيما نحن فيه فى الطهارات؛ 
فوجب أن يكون المراد بالطيب: الطاهر؛ لأن المناسب للسياق: التطهرء وفى 
الصحيحين عنه - عليه السلام - أنه قال: غیت حنسا لم بهن أذ تب : 
تُصِرْتٌ بالرُعْبٍ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَأْحِلْثْ لى الْكتائمُ وَلَمْ ثحل لأحَدٍ قبلى» وَبُعلْتُ 
لاخر لازي وَجُعِلَتْ لى الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطُّورَاء اما رَجُلٍ من أُمْتى أدركنْ 

صّلَاةٌ صَلَى . . .»20 الحديث» وأما قوله - عليه السلام - فى بعض طرقه وبا 
4 فلا حجة فيه للشافعى؛ لأن الأرض مشتملة على التراب وغيره» والقاعدة 
الأصولية : أن تخصيص بعض أنواع العام بالذكر لا يقتضى تخصيصه؛ نعم يدل على 
شرفه» ونحن نقول به. 

تنبيه : قال صاحب الطراز: قوله فى الكتاب: سثل عن الحصا والجبل يكون عليه 
وهو لا يجد ترابا: أيتيمم عليه؟ قال: نعم ليس المراد أن عدم التراب شرط؛ بل 
وقع ذلك اتفاقا فى السؤال. 

فروع أربعة : 

الأول" : قال صاحب الكتاب: إذا وجد الطين وعد التراب وضع يديه 
علیه» ويجففه9) ما استطاع» ويتيمم به» خلافا (ش) فى قوله: الطين لا يسمى 
صعيدا. وهو ممنوع؛ لأن الطين تراب وماء» والماء أفضل من التراب» والأفضل 
لا يوجب قصورا فى المفضول. 

الثانى : قال فى الكتاب: إذا تيمم على موضع نجس» أعاد فى الوقت. 

قال: وكان مالك يقول: من توضاأً بماء غير طاهر أعاد فى الوقت» وكذلك هذا 
عندى» وقال القاضى فى الإشراف عن ابن عبد الحكم والأبهرى: لا يجزيه؛ وهو 
مذهب (ش)» و(ح)» ونقض (ح) أصله فى أن الشمس تطهر. 

قال صاحب الطراز: قال أبو الفرج: أظن أن ابن القاسم رأى أن النجاسة لما لم 
تظهر عليه كان كالماء المشكوك فيه فلا ينجسه إلا ما غيره كالماء. 








)١(‏ تقدم تخريجه. 
(۲) سقط فى ش. 

فزق فى أ ش: ووجد. 
)4( فى ش : ويخفقةه . 


١ + 70‏ بدل الوضوء والغسل 
امس م سج سج مستي mm‏ 


قال: ويمكن أن يقال: إن التيمم لا يجب إيصال التراب فيه إلى البشرة؛ إذ لو 
تيمم على الحجر الصلد: أجزأه» وإنما الواجب قصد الأرض» وضربها باليد 
والمرتفع من التراب النجس إلى الأعضاء لم يحصل به خلل فى طهارة الحدث» 
وإنما هو حامل لنجاسة لم يتعمدها؛ فيعيد فى الوقت على قاعدة إزالة النجاسة» 
أو لأن الغبار ينتقل مع الرياح الجارية على هذا المكان» والتيمم [إنما يقع على أعلى 
المنتقل الطاه ]0ء ولما كان مذهبه فى الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ولم 
تغيره أنه نجس» احتاج الأصحاب ههنا إلى الفرق بينه وبين التراب الذى لم يتغير. 

فقال أبو الفرج: الماء ينقل المحدث إلى كمال الطهارةء فاشترط فيه ما لم يشترط 
فى التراب الذى لا ينقل إلى كمال الطهارة. 

وقال غيره: الماء يتوصل إلى [معرفة] نجاسته بالحواس» بخلاف التراب؛ فإن 
المطلوب فيه الاجتهادء فإذا أخطأ: فلا شىء عليه؛ لأن المنتقل إليه من التراب 
لا يقطع بطهارته» وإنما يمكن فيه ذلك؛ فنقض الظن بالعلم متجه» وأما نقض الظن 
بالظن فلاء كالمجتهد فى الكعبة إذا أخطأ فى اجتهاده حيث يؤمر بالاجتهاد» ولو 
أمكنه العلم بالكعبة أعاد أبدا. 

قال ابن حبيب وأصبغ : هذا إذا لم يعلم نجاسته» فإن علم أعاد أبداء ووجه عدم 
الإجزاء قوله - تعالى -: 8قَتَيْمَمُوا صَّعِيدًا عيبا [النساء: 47] والطيب ههنا الطاهر 
على ما تقدم» وهذا ليس بطاهرء ولأن الطهارة لا تحصل بالنجاسة. 

قال صاحب الطراز: ولو تغير بالنجاسة لم يجزه وفاقا. 

فرع مرتب : إذا منعنا التيمم من التراب المذكورء فهل نكرهه بالتراب الذى تيمم 
به مرة لأجل طهارة الحدث كما فى الماء؟ فلابن القاسم فى النوادر لا بأس به» وهو 
مذهب (ش). والفرق بينه وبين الماء المستعمل أن المستعمل من التراب هو ما علق 
باليدين» أما ما بقى فهو كالماء الباقى فى الإناء فإنه طاهر إجماعًا©2 وإنما الخلاف 
فى الساقط الذى بقى من الأعضاء. 





)١(‏ فى ش: إعادة. 
(؟) فى أ: الطارد. 


(۳) فى ش: إنما يقع على الطاهر لا على المنتقل. 
(4) فى ش: فكأنه طاهر. 


بدل الوضوء والغسل +۱ ۳4 


الثالث: فى الجلاب: لا يتيمم على لبدء ولا حصير وإن كان فيهما غبار» خلافا 
5 

لنا: أنها ليست بصعيد؛ فلا يجزئ. 

الرابع : فى الجو اهر: من لم يجد ماء ولا ما يتيمم به كالمصلوب» والخائف من 
النزول عن الدابة» والمريض لا يجد من يناوله ذلك - فأربعة أقوال: 

يصلى ويقضى إذا وجد ماء أو تراباء لابن القاسم فى العتبية» وعبد الملكء 
ومطرف» وابن عبد الحكم» و(ش). 

ولا صلاة ولا قضاء: لمالك» و ابن نافع. 

ويقضى ولا يصلى فى الحال» لأصبغ » و(ح). 

ويصلى» ولا يقضى لأشهب. 

فوجه الصلاة فى الحال: ما فى الصحيحين: أنه - عليه السلام - أرسل أناسا فى 
طلب قلادة عائشة - رضى الله عنها - فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء ولم يكن 
إذ ذاك تيمم فشكوا ذلك لرسول الله يلد فنزلت آية التيمم» ولم ينكر عليه ()؛ 
فکان شرعا عاما حتى يرد رافعه. 

ووجه القول بعدم الصلاة فى الحال: قوله عليه [الصلاة] والسلام «لا يبل الله 

صَلَاةٌ بير طَهُورِه20: وما لا يقبل لا يشرع فعله» ولأن عمر بن الخطاب - رضى 
م ا ولم يعلم أن الجنب يتيمم؛ فلم يصل» وهو فى الصحيحي . 

وو جه القول بعدم الإعادة: أنه فعل ما أمر به؛ فلا إعادة إلا بأمر جديد» والأصل 
عدم ذلك؛ قياسا على المريض والمسافر يصليان كما أمراء ولا يعيدان» ولأنه - 
عليه السلام - لم يأمر من ذهب للقلادة بإعادة. 

وقال ابن بشير: منشأ الخلاف: هل الطهارة شرط فى الوجوب» أو فى الأداء؟ 
فمن رأى أنها شرط فى الوجوب لم يوجب الصلاة فى الحال» وهذا مشكل منه - 
رحمه الله - تعالى - فإن الأمة مجمعة على أن الوجوب ليس مشروطا بالطهارة» وإلا 
لكان لكل مكلف أن يقول: أنا لا تجب على الصلاة حتى أتطهرء وأنا لا أتطهر فلا 





)١(‏ آخرجه البخارى (775)» ومسلم (۰۱۰۸» )711/1:١4‏ من حديث عائشة. 
(؟) أخرجه مسلم (۱/٤۲۰)ء‏ حديث (1174/1) من حديث أبن عمر. 
(۳) أخرجه البخاری (۳۳۸)ء ومسلم (0548/111. 


4۲ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 
يجب على شىء؛ لأن وجوب الطهارة تبع لوجوب الصلاة» فإذا سقط أحدهما سقط 
الآخر؛ لأن القاعدة: أن كل ما هو شرط فى الوجوب - كالحول مع الزكاةء 
والإقامة مع الجمعة» والصوم - لا يتحقق الوجوب حالة عدمهء ولا يجب على 
المكلف تحصيله» فإن كان مراده أمرا آخر فلعله يكون مستقيما. 

الفصل الرابع: فى صفة التيمم 

فأول ذلك: النية [وهى] واجبة فيه» خلافا للأوزاعى» وقد تقدمت مباحثها فى 
الوضوءء فلنكتف بما هناك. 

وينوى استباحة الصلاة» سواء كان جنباء أو محدثا الحدث الأصغرء فلو اجتمعا 
وكان ناسيا للجنابة فروايتان: 

إحداهما: عدم الإجزاء؛ لأن التيمم حينئذ يكون بدلا عن الوضوء» وهو بعض 
أعضاء الجنابة» والبدل عن البعض لا ينوب مناب البدل عن الكل» وهو التيمم عن 
الجتابة . 

والأخرى: يجزيه؛ لأن المقصود ارتفاع المنع من الصلاة وهو واحد» فلا يضر 
اختلاف أسبابه» وقد صرح فى الكتاب بنيابة الوضوء عن الجنابة فى الجبيرة إذا 
مسحها وهو جنب» ثم برئت وغسلها بنية الوضوء» ونص اللخمى على النيابة 

والفرق بين الوضوء والتيممء على الأول: أن التيمم بدل عن الوضوء الذى هو 
بعض الجنابة» والوضوء أصل فى نفسه» وإذا نوى استباحة الفرض استباح النفل؛ 
لأن الأدنى يتبع الأعلى فى نظر الشرع» ولأنه ورد فى الحديث: أن الفرائض يوم 
القيامة تكمل بالنوافل . فكانت كالأجزاء لهاء ولا يصلى ركعتى الفجر بتيمم الصبح؛ 
لأن الفرض لا يكون تبعا للنفل» وقيل: يصلى؛ لحصول الاستباحة» رواه محمد بن 
يحبى» ولو نوی فرضين صح» ولا يصلى أكثر من فرض واحد على المشهورء ثم 
يستعمل الصعيد. 

قال فى الكتاب: يضرب الأرض بيديه جميعا ضربة واحدةء فإن تعلق بهما شىء 
نفضه نفضا خفيفاء ومسح بهما وجههء ثم يضرب [ضربة] أخرى لليدين ويضع 
اليسرى على اليمنى فيمرها من فوق الكف إلى المرفق» ومن باطن المرفق إلى 
الكوع» ويفعل باليسرى كذلك. قال ابن شاس: وأجاز الشيخ أبو الحسن» وعبد 


بدل الوضوء والغسل ج١1 Er‏ 


الحق: مسح كف اليمنى قبل الشروع فى اليسرى. 

وروی ابن حبيب تركها حتى يصل إلى كوع الأخرى ويمسح الكوعين» واختاره. 
والقولان مؤولان من الكتاب. 

قال صاحب الطراز: والثانى ظاهر الكتاب» ووجهه(©): أن كفه اليمنى كما 
تمسح ذراعه؛ فكذلك ذراعه يمسح کفهء والتكرار فى التيمم غير مطلوب؛ فلا يؤمر 
بمسح کفه"ء ولأنه يذهب بما فى كفه اليمين من التراب. 

ووجه الأول: أن الأصل ألا يشرع فى عضو إلا بعد كمال ما قبله وما نقله 
صاحب الرسالة: إذا وصل الكوع مسح بباطن إبهام اليسرى ظاهر إبهامه اليمنى» 
وكذلك فى اليسرى - قال صاحب الطراز: قال ابن عبد الحكم: ليس فى ذلك حد 
كالوضوءء وهذه الصفة وإن لم ترد فليست تحكما؛ بل لما علم الفقهاء أن الإيعاب 
مطلوب» والصعيد ليس يعم بسيلانه كالماء - اختاروا هذه الصفة؛ لإفضائها 
لمقصود الشارع» وفعل الوسائل لتحصيل المقاصد من قواعد الشرع وعادته. 

قال مالك فى العتبية: يجزيه ضربة [واحدة] إذا اقتصر عليها. 

قال ابن القاسم : لا يعيد فى وقت ولا غيره. وعند ابن حبيب: يعيد فى الوقت» 
وقال ابن نافع و(ش) و(ح): يعيد مطلقا . 

لنا: ما فى مسلمء والبخارى: أن عمار بن ياسر قال لعمر بن الخطاب - رضى 
الله عنهما -: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت فى سرية فأجتبناء فلم نجد الماءء 
فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت فى التراب كما تتمرغ الدابة وصليت» فأتينا 
رسول الله َة فقال (إِنمَا كاد يكُفِيكٌ ضَرْبة وجه وَ[َضَرْيَةً]1) لِلْكَميْن» فقال له: اتق 
الله يا عمارء فقال عمار: إن شئت - يا أمير المؤمنين - لم أحدث به» فقال: بل 
نوليك من ذلك ما توليت. ويروى :نما كان يَكْفِيكَ أن تَضْرِب بِيدَيِكَ الأزضء ثُمْ 
تنفْعَ» م تمسح وما َجْهَكَ وميك ويروى: [أن تقول]9) هكذا. وضرب 





)0 فى أ ش: ووجه الأول. 
(۲) زاد فى ط: بكفه. 

(فرف فى أ ش: الثانى. 

)٤(‏ سقط فى ش. 

)0( تقدم تحريجه . 

() فى ش: تفعل. 


8 ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 





بيديه إلى الأرض» ونفض يديهء فمسح وجهه وكفيه). 

وقد بينا أنه لا يجب نقل شىء من الأرض؛ فلا معنى للإعادة» وإنما ضرب أولا 
ليخرج من العهدة» ولأن [ترك] تكرار [الضرب فى] التيمم كترك تكرار الوضوء 
لا تعاد لأجله الصلاة فى الوقت» ولا فى غيره. 

وقال - أيضا - فى الكتاب: إن تيمم إلى الكوعين أعاد التيمم والصلاة فى 
الوقت» فإن خرج الوقت أعاد التيمم فقط. 

قال صاحب الطراز: يعيد عند ابن نافع أبداء وكذلك عند (ح) و(ش)؛ لإطلاق 
اليد فى التيممء وتقيبدها فى الوضوء» والمطلق يحمل على المقيدء والقياس على 
الوجه . 

حجة المذهب: أن اليد أطلقت فى السرقة» فحملت على الكوع؛ فكذلك ههناء 
ولأن اليد لو لم تصدق على الكوعين لما قيل فى الوضوء: إلى المرافق)؛ لأن 
المغيى يجب أن تكمل حقيقته قبل الغاية» ولولا ذلك لكانت إلا للاستثناء مكان 
«إلى»؛ لإخراج العضدين» ويمنع ههنا حمل المطلق على المقيد؛ لاختلاف 
الحكم؛ لأن أحدهما وضوءء والآخر تيمم. 

قاعدة أصولية: المطلق مع المقيد على أربعة أقسام: 

تارة يختلف الحكم والسبب» كالوضوء والسرقة؛ فلا حمل إجماعا. 

وتارة يتحدان: كما لو ذكر الرقبة فى الظهار مرتين مطلقة ومقيدة بالإيمان؛ فإنه 
يحمل المطلق على المقيد. 

و تارة يختلف السبب ويتحد الحكم : كالرقبة فى القتل مقيدة بالإيمان» ومطلقة 
فى الظهار» وفى الحمل مذهبان. 

وتارة يختلف الحكم ويتحد السبب: كالوضوء والتيمم» فالسبب واحد وهو 
الحدث» والحكم مختلف وهو الوضوء والتيممء وفى الحمل مذهبان. 

فعلى هذه القاعدة تتخرج فروع كثيرة. 

ويظهر أن إلحاق التيمم بالوضوء أولى من إلحاقه بالسرقة» لكن يؤكد المذهب 
من جهة الأحاديث الصحيحة» كحديث عمار وغيره؛ فإنه مسح وجهه وكفيه» وقد 
روى من طرق ولم يذكر المرفقين» ورواية المرفقين منكرة عند أهل الحديث. 

قال أبو داود: قال شعبة: كان سلمة يقول: الوجه والذراعين» فقال له منصور 


بدل الوضوء والغسل ج ا۱ f0‏ 





ذات يوم: انظر ما تقول؛ فإنه لا يذكر الذراعين غيرك. ولو صحت لحملناها على 
الفضيلة ؛ جمعا بين الحديثين 

وأما الخصم فيعطل أحدهماء ولأن اليد تغسل جملتها للجنابة» فإذا أبدل التيمم 
من الغسل: تيمم على بعضهاء وترك العضدان؛ فكذلك إذا أبدل من الوضوء : ترك 
بعض ما يغسل للوضوء» وعكسه الوجه» كما كان يوعب للجنابة أوعب بدلا من 
الوضوءء ولأن التيمم شرع فيما لم يستر عادة؛ فأسقط من محال الطهارة ما ستر 
عادة؛ ولذلك لم يشرع فى الرأس لستره بالعمامة» ولا فى الرجلين لسترهما بالنعل؛ 
وشرع فى الوجه؛ لكونه باديا؛ فكذلك يقتصر على الكوعين لكونهما الباديين. 

هذا الكلام فى الإجزاءء والأفضل: البلوغ إلى المرفقين؛ لأنه فعل الصحابةء 
رضى الله عنهم . وقال ابن شهاب: يتيمم إلى الآباط من أسفل» والمناكب من فوق؛ 
لأن اليد اسم للجملة. 

وأما قول مالك: إن خرج الوقت أعاد التيمم فقطء فهو مشكل؛ لأن التيمم لابد 
من إعادته ولو كان سابغا. 

قال صاحب الطراز: هو محمول على أنه تنفل بعد فرضه؛ واستمر تنفله حتى 
خرج الوقت ثم ذكر؛ فإنه يعيد التيمم ولا يتنفل بذلك التيمم الناقص . 

وكذلك إذا علم قبل انقضاء الوقت: فلا يتنفل بذلك التيمم حتى يعيد التيمم. 

فائدة(": الكوع آخر الساعد وأول الكف. والمرفق -. بكسر الميم وفتح الفاءء 
وبفتح الميم وكسر الفاء -: أول الساعد. والإبهام: بكسر الهمزة مثل «الإكرام»؛ 
وهو الإصبع العظمى من اليدء والبهام - بغير همز -: جمع بهم والبهم: جمع 
بهيمة» وهو واحد أولاد الضأن ذكرا كان أم أنثى» وهى للضأن مثل السخل للمعز. 

فروع أربعة: 

.الأول: قال صاحب الطراز: يعم وجهة ولحيته بالمسح كما فى الوضوء؛ فما 
لا يجزئ فى الوضوء لا يجزئ فى التيمم. وجوز ابن مسلمة ترك اليسير» و(ح) ترك 
الربع؛ لأن المسح مبنى على التخفيف . 





)١(‏ فى ش: لما. 
)۲( فى أ ش : قاعدة. 


a‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 

لنا: قوله - تعالى -: اکامسخوا پیجویگی ودی [الساء:١٤]‏ كما فى 
الوضوء. 

الثانى : قال: يختلف فى مسح الوجه بجميع اليد. 

فجوز ابن القاسم مسح الرأس فى الوضوء بأصبع إن أوعب ويلزم مثله فى 
التيمم . 
وقالت الحنفية: لا يجزئ أقل من ثلاثة أصابع؛ لأن الأمر بالمسح يقتضى آلة 
للمسح» والآلة المعتادة هى الكف» وهو صادق على أكثره. وهذا باطل؛ لأن الآية 
اقتضت المسح بأى طريق كان. 

الثالث: قال ابن شاس: يخلل أصابعه وينزع الخاتم؛ قياسا على الوضوء. 

وقال صاحب الطراز: تخليل الأصابع فى التيمم أولى من الوضوء؛ لبلوغ الماء 
ما لا يبلغه التراب» قاله أبن شعبان. 

قال ابن أبى زيد: وما رأيت ذلك لغيره. 

قال: قال ابن عبد الحكم: ينزع الخاتم. ومقتضى المذهب أنه لا ينزعه؛ لأنه 
أخف من الوضوء. 

وقد اختلف قول مالك فى تخليل الأصابع فى الوضوءء فإذا قلنا بالوجوب ثم» 
لم يبعد الوجوب ههنا. 

الرابع : قال ابن شاس: حكمه فى الموالاة والترتيب حكم الوضوء» وقاله فى 
الكتاب؛ لاشتراكهما فى أدلة الحكمين» ولأن العلماء لم يفرقوا بينهما إلا الأعمش؛ 
فإنه قال: يبدأ فى التيمم باليدين. وهو ضعيف. وكذلك التدليك. 

قال صاحب الطراز: وعلى القول بأنه لا يجب فى الوضوء لو سفت الريح التراب 
عليه لم يجزه - وإن قلنا إن المنغمس فى الماء يجزيه - لأن الوضوء لا بد فيه من 
إيعاب الأعضاء بالماءء فإذا أوعبها أجزأه على هذا القول» فأما التيمم فلا يجب فيه 
الإيعاب» بدليل التيمم على الحجر؛ فلا بد من الإيعاب بصورة المسح» فإذا لم 
يتدلك لم يحصل التيمم [ألبتة]9©. والفرق: مذهب (ش). 





)١(‏ فى ش: قال أبو زيد. 
(۲) سقط فى أء ش. 


بدل الوضوء والغسل EV ١‏ 


الفصل الخامس: فى المتيمم له 

قال فى التلقين: وهو كل قربة لزم التطهر لها: كالصلاة» ومس المصحف» 
وغسل الميت. 

تنبيه: ولم يقتصر على قوله: ما يلزم التطهر له؛ احترازا من الحائض؛ فإنه يلزمها 
الطهر للوطء ولا تتيمم. ولنعقد لذلك" فروعًا أحد عشر: 

الأول: قال ابن القاسم فى الكتاب: يتيمم المريض والمسافر؛ لخسوف 
الشمس» والقمرء ولم أحفظ عن مالك فيهما فقها. 

وقال عبد العزيز بن أبى سلمة فى النوادر: لا يتيمم لنافلة؛ لعدم الضرورة لها. 

لنا: قوله - تعالى -: #إذا قمتم إلى الصلاة4 [المائدة:7] وهو عام فى جنس 
الصلاة؛ ولهذا يشترط الوضوء للنافلة» ثم قال: طقلم دوا ماه يسوا صعِيدا» 
[النساء: 47] فشرع التيمم لكل صلاة يتوضأ لها. 

الثانى: قال فى الكتاب: إذا أحدث خلف الإمام فى صلاة العيدين لا يتيمم» 
خلافا (ح). 

قال صاحب الطراز: لأنه قادر على الوضوءء ويصلى وحده» فلا يتيمم لإدراك 
فضيلة الجماعة» وكذلك كل من أحدث مع الإمام ليس له أن يتيمم لذلك وإن فاتته 
الجماعة والجمعة. وقد سلم (ح) بذلك. ويوضح ذلك: أن الوضوء شرط واجب» 
والجماعة فضيلة» والواجب لا يترك لأجل الفضيلة. 

وقيل: يتيمم لخوف فوات الجمعة» وعلى هذا: يتيمم لفوت العيدين . قال: ولو 
خاف فوات ركعتى الفجر إن توضأ ويدرك الصبح» ويدركهما إن تيمم - قال: 
يتوضاً. 

الثالث: قال فى الكتاب: لا يصلى الجنازة بالتيمم إلا المسافر الذى لا يجد 
الماء. قال صاحب الطراز: لأن الغالب فى الحضر الماء. 

فإن كان ثم من يصلى عليها فلا حاجة إلى التيمم»-وإن لم يكن وأمكن التأخير 
حتى يوجد الماء: أخرت» وإلا صلوا بالتيمم. 

قال اللخمى : قال ابن وهب: إذا خرج للجنازة وهو طاهرء ثم أحدث ولم يجد 








)١(‏ فى ط: لنفصل ذلك. 


۳۸ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 





ماءء تيمم» وإن خرج على غير طهارة: لم يتيمم. 

وقال (ح): يتيمم» كقوله فى العيدين. ويجىء ذلك على قول بعض أصحابنا كما 
تقدم . 

الرابع : قال صاحب الطراز: من مسجده فى سوقه» أو دخل مسجدا فأراد تحيته» 
أو أراد القراءة وهو جنب - لا يتيمم لشىء من ذلك» وإن كان يتركه. 

الخامس: قال فى الكتاب: من لم يجد الماء فى سفره: يتيمم لمس المصحف 
ويقرأ حزبه. قال صاحب الطراز: وهذا قول أكثر أثمة المذهب. 

وقال عبد الملك: لا يتيمم إلا للمكتوبة؛ لأنه محدث أجيزت له الفريضة 
للضرورة؛ [ولذلك منع الصلاة أول الوقت] 27 لجواز التأخير. 

لنا: آية التيمم . 

قال: فيصلى النافلة [متصلة بها أو بالفرض الذى قبلها]29» وإذا نوى بتيممه 
النافلة فعل سائر النوافل» فإذا نوى مس المصحف: فعل القراءة وسجود التلاوة 
المتعلقة بمس المصحف . وهل له أن يتنفل به؟ وهو المروى عن مالك أو يقال: 
الوضوء لمس المصحف مختلف فيه» فيضعف عن الوضوء؟ وهو لبعض الشافعية. 

السادس: قال فى الكتاب: إذا قدم النافلة على الفريضة أعاد التيمم للفريضة؛ 
لبطلانه بالفراغ منها. قال صاحب الطراز: وروى عن مالك وابن القاسم الإعادة فى 
الوقت. 

حجة البطلان: أن المتيمم محدث؛ فلا يشرع له التيمم إلا لضرورة» ولا ضرورة 
إلا عند دخول الصلاة» ولهذه العلة لا يجمع بين فرضين. 

حجة عدم البطلان: أن التيمم بدل؛ فلا يبطل إلا بوجود المبدل أو الحدث» 
فيستمر حكمه إلى ذلك . 

السابع: قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا تيمم الجنب للنوم» لا يتنفل ولا يمس 
مصحفاء وروى عن مالك: له ذلك» كالخلاف فى الوضوءء قاله صاحب الطراز. 

ولو تيمم للفريضة فله فعلها وفعل النافلة بعدهاء وقراءة القرآن حتى يحدث. 





)1( فى أ ش: وكذلك مد صلاة أول الوقت. 
(؟) فى أء ش: متصلة 7 بالفرائض التى قبلها. 


بدل الوضوء والغسل جا 44 





وقال بعض الشافعية : الحدث الطارئ لا يمنع القراءة؛ لتقدم الاستباحة. وليس 
كما زعم؛ فإن الجنابة ثابتة» وإنما التيمم مبيح إلى حين الحدث» فمن ادعى بقاء 
الإباحة بعد ذلك فعليه الدليل . 

الثامن: قال فى الكتاب: لا يصلى به مكتوبتين . قال اللخمى: فيه أربعة أقوال: 

عدم الجمع مطلقا فى الأداء والقضاء؛ لما تقدم. 

والجمع مطلقا؛ قياسا على مبدله. 

والتفرقة بين الصلاتين إذا اجتمعتا فى الأداء كالظهر مع العصر آخر القامة الأولى 
وبين غيرهما فيجوز فى الأول دون الثانى» والتفرقة بين من يطلب الماء ومن 
لا يطلبه» كالمجدور والمحصوب' فيجوز فى الثانى دون الأول. قال صاحب 
الطراز: والمذهب المنع مطلقاء وقد روى ابن وهب مسندا عن ابن عباس - رضى 
الله عنه - أنه قال: لا يصلى بالتيمم إلا صلاة واحدة. قال الطرطوشى فى تعليقه: 
هذه المسألة تنبنى على ثلاثة أقوال: 

أن الصلاة لا يتيمم لها قبل وقتهاء وأن الطلب واجب وأن التيمم لا يرفع 
الحدث . 

فإن جمع» قال ابن القاسم فى العتبية: يعيد فى الوقت» ولو أعاد أبدا كان أحب 
إلى . وقال فى كتاب محمد: يعيد أبدا. وقال أصبغ: يعيد المشتركة [فى الوقت]) 
والمباينة أبدا. 

التاسع : قال صاحب الطراز: إذا قلنا: لا يجمع بين فرضين» فهل يجمع بين 
فرض وسنةء أو فرض معين وفرض على الكفاية؟ المذهب: الجواز إذا قدم 
الفرض» وقال سحنون: إذا تيمم للعشاء يستحب له ألا يصلى الوتر. وإذا قلنا: 
يصلى الجنازة بتيمم الفريضة فلا فرق بين كثرة الجنائز وقلتها. 

وقال بعض الشافعية: لا يصلى على جنائز بتيمم واحد فى صلاة واحدة؛ لأنه 
إسقاط لفرائض بتيمم واحد. وهو باطل؛ لأن الصلاة واحدة. 

العاشر: قال صاحب الطراز: إذا تيمم لصلاةء ثم ذكر غيرها: فإن كانت 


)000 فى ش: والمعضوب. 
(؟) سقط فى ش. 


انان ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


المذكورة فى الترتيب بعدها تيمم لها إذا فرغ من الأولىء وإن كانت قبلها لم يجر 


تيممه للأخرى. 
الحادى عشر : قال: لو نسى صلاة من خمس تيمم لكل واحدة منهن؛ لكلا يتيمم 
للفرض قبله. 


الفصل السادس: فى وقت التيمم 

قال ابن شاس: إنما شرع التيمم بعد دخول الوقت على المعروف» واختار 
القاضى أبو إسحاق قبله؛ بناء على أن التيمم يرفع الحدث. 

وإذا فرعنا على المشهور: فالراجى يتيمم آخر الوقت الاختيارى» والآيس أولهء 
والشاك وسطهء وروى: آخره على الإطلاق» وقيل: بل وسطهء إلا الراجى فإنه 
يؤخرهء وقيل: آخره» إلا الآيس فإنه يقدم. ونبسط ذلك - على العادة - فنقول: 

قال فى الكتاب: لا يتيمم مسافر أول الوقت إلا أن يكون آيساء فيتيمم ويصلى» 
ولا إعادة عليه» والمريض والخائف يتيممان فى وسط الوقت. 

قال صاحب الطراز: روى ابن وهب وابن نافع : لا يتيمم أحد إلا أن يخاف فوات 
الوقت. وهو مذهب ابن حنبل؛ لأن التيمم طهارة ضرورة» ولا ضرورة مع يقاء 
الوقت» وروى عنه ابن عبد الحكم: يتيمم المسافر أول الوقت مطلقاء ولم يفرق. 
قال: وهو القياس؛ لأن بدخول الوقت قد وجبت الصلاة» فيمكن المكلف من فعل 
ما وجب عليه» إلا أن المستحب أن يختلف باختلاف الأعذار» فإن سقط استعمال الماء 
لعذر - كالمجدور - يتيمم أول الوقت؛ لإدراك فضيلة الوقت وعدم الفائدة فى التأخير. 

وقال مالك فى الموازية: إن سقط استعمال الماء لعدمهء أو لعدم المناول» أو 
عدم الأمن الموصل إليه كالآيس من الماء حتى يخرج الوقت - يتيمم أول الوقت. 
وكذلك قال مطرف» وابن عبد الحكم» وابن الماجشون» و(ش)» و(ح)» وهو على 
خلاف أصله لتعلق الوجوب عنده بآخر الوقت» وأما الراجى فيتيمم آخر الوقت؛ 
توقعا لتحصيل مصلحة الطهارة بالماء؛ وقاله مالك فى المجموعة» و(ح)ء و(ش)؛ 
لأن فضيلة أول الوقت تترك لرخصة الجمعء والطهارة لا تترك لرخصته؛ [وإنما تترك 
للعجز وأما الذى لا يرتجى ولا ييأس - كالجاهل] بموضع الماء - يتيمم وسط 


)١(‏ فى أء ش: وإنما تترك؛ للعجز الذى لا يرتجى» والآيس كالجاهل. 
تجى» والايس كالجاهل 


بدل الوضوء والغسل جا ۳0۱ 
الوقت عند القاضى عبد الوهاب وابن الجلاب. 

فرع : لا إعادة على من أوقع الصلاة فى الوقت المعين له إلا أربعة؛ فإنهم يعيدون 
فى الوقت. 

الأول: الشاك؛ فإنه كالمقصر فى حدسهء ولو أنها نهايته لأوشك أن يظهر له. 
قال فى الكتاب : من أمر بالتيمم وسط الوقت» ففعل» ثم وجد الماء: فإنهم يعيدون 
إلا المسافر؛ فإنه لا يعيد إلا أن يعلم أنه يصل الماء فى الوقت؛ فتيمم أوله وصلى. 

قال ابن القاسم: يعيدها فى الوقت. قال صاحب الطراز: لأن هذه الإعادة 
مستحبة» والمسافر جوز له ترك نصف العزيمة» والمستحبة أولى» ويعيد غيره 
كالفاقد إذا وجد الماء. 

وأما قوله : إلا أن يعلم أنه يصل الماء» أمره بالإعادة فى هذه الصورة فى الوقت؛ 
لأن دخول الوقت وهو على غير ماء لا يمتع من تحصيل مصلحة أول الوقت» كما 
لا يمنع النافلة» فإذا فعل أجزأء ولأنه لو لم يجد الماء لصحت صلاته» ولو كان 
اعتقاد وجدان الماء يمنع من الصحة لكانت فاسدة تعاد أبداء» فالفائت عليه حينئذ إنما 
هو فضيلة الطهارة» فإن وجد الماء يعيد لتحصيلها. 

قال: وقال ابن حبيب: إن لم يعد فى الوقت أعاد أبدا؛ لأن اعتقاد الوجدان يمنع 
التيمم ؛ تنزيلا للاعتقاد منزلة الرؤية» إلا أنه إذا صلى ولم يجد ماء تبين فساد اعتقاده 
وصحة صلاته . 

وإذا قلنا: يعيد فى الوقت. 

قال صاحب الطراز: فهو القامة الأولى على ظاهر المذهب» وقيل: الغروب. 
ويعيد من صلى بالنجاسة إلى الاصفرار» والفرق بينهما: أن النجاسة منافية مقارئة» 
والصلاة ههنا بغير مناف. 

الثانى: الناسى للماء فى رحله فيه ثلاثة أقوال: 

قال فى الكتاب : إذا ذكر الناسى أعاد فى الوقت» فإن ذكر وهو فى الصلاة قطعها 
وأعادها بالوضوء . 

قال صاحب الطراز: وروى المدنيون الإعادة مطلقاء وهو قول مطرف› 
وعبد الملك» وابن عبد الحكم» ووافق (ح) المشهور» واختلف قول (ش)ء وفرق 
بعض أصحابه بين الناسى؛ فلا يجزيه لتفريطه» وبين الجاهل الذى جعل الماء فى 


oY‏ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 


ساقيته ولم يعلم به؛ فيجزيه لعدم تفریطه . 

قال ابن شاس: وروى ابن عبد الحكم عدم الإعادة مطلقا. 

ولو أدرج الماء فى رحله ولم يعلم: لم يقطع ولم يقض . ووافقه ابن يونس» وهو 
خلاف ظاهر الطرازء والذى فى الكتاب لا علم عنده» وهو أعم من القسمين. 

حجة المشهور: أن استعمال الماء سقط بالأعذارء» كاللصوصء والسباع» وتقليد 
إنسان فى عدم الماء» والنسيان عذر فيسقط» وإخبار نفسه كإخبار غيره له وهو ناس. 

حجة الوجوب: أن وجود الماء لا ينافيه النسيان» وإنما ينافيه العدم» والتيمم 
مشروط بعدم الوجود؛ للآية» ولم يتحقق الشرط. 

وقياسا على نسيان الرقبة فى ملكه فى الكفارة؛ فإنه لا يجزيه الصوم» وعلى 
الجبيرة إذا صحت ونسى أن ينزعهاء ويغسل ما تحتهاء وعلى الخف إذا نسى غسل 
ما تحته . 

والعلة فى الجميع نسيان الشرط . وقوله: إن ذكره فى الصلاة قطعها؛ لأنه معنى 
تعاد الصلاة لأجله فى الوقت فتقطع له؛ قياسا على من أقيمت عليه الصلاة فى 
المسجد بعد إحرامه منفردا. 

قال صاحب الطراز: ويتخرج فيها قول: أنه لا يقطع؛ كمن نسى ثوبه الطاهرء 
وصلى بنجس» ثم ذكره فى الصلاة. 

فرع مرتب: لو بأل رفقته الماء فنسوه» فلما تيمم وصلى: وجدوه - قال ابن 
القاسم فى العتبية: إن ظن أنهم إن علموا به منعوه لا يعيدء [وإلا أعاد] فى 
الوقت. ولو تيقن الماء فى راحلته» واختلطت فى القافلة» ولم يقدر عليها قال 
صاحب الطراز: الظاهر أنه ليس بمفرط» فتصح صلاته؛ لأن المسافر قد يشتغل بشد 
متاع أو إصلاح شأن» فيعرض له ذلك كثيراء ولأصحاب (ش) فيه قولان. 

الثالث: الخائف من اللصوص. 

الرابع : العادم من يناوله الماع لتقصيرهم ١‏ وهو قول مالك - رحمه الله - فى 
الكتاب . 


هذا حكم من أوقع الصلاة فى الوقت المأمور به» وفى الجواهر: وأما من أخر 





)١(‏ فى أء ش: ولا إعادة. 


بدل الوضوء والغسل جا or‏ 
ما أذن له فى تقديمه فلا إعادة» ومن قدم ما ذن له فى تأخيره فقيل: يعيد فى 
الوقت» وقيل: بعده» وسبب الخلاف: هل التأخير من باب الأولى أو الأوجب؟ 
وقيل بالفرق بين العالم فيعيد مطلقاء وبين الظان فيعيد فى الوقت. 

ومن قدم ما أمر بتوسطه فلا يعيد فى الوقت» وإن أمرناه بالإعادة فى الوقت 
فنسى» فالمشهور أنه لا يعيد بعد الوقت» وقال ابن حبيب: كل من أمرناه بإعادة فى 
الوقت فنسى أعاد بعد الوقت. 

الفصل السابع: فى الأحكام التابعة للتيمم. وفيه فروع عشرة: 

الفرع الأول: قال فى الكتاب: الآيس من الماء لا يعيدء خلافا لطاوس؛ لما فى 
أبى داود قال: خرج رجلان لسفر» فحضرت الصلاة» وليس معهما ماء» فتيمما 
وصلياء ثم وجدا الماء فى الوقت» فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة» ولم يعد 
الآخرء ثم أتيا النبى إا فذكرا ذلك له: فقال للذى لم يعد: «أصَبْتٌ الس وَأَجِرَأنْكَ 
صَلَاتُكَ»: وقال للآخر: لَك الأخرُ مَرتين». 

وقياسا على الجبيرة» والقصر للصلاة فى السفرء فإذا زالت أعذارهم لا يعيدون؛ 
فكذلك ههنا. 

الثانى : قال فى الكتاب : إذا طلع عليه رجل معه ماء وهو فى الصلاة» لا يقطع. 
وفرق بینه وبين من نسى الماء فى رحله. 

وقال (ح): يقطعء إلا أن يجده قبل السلام. 

قال صاحب الطراز: وقال بعض أصحابنا: يقطع . 

لنا: أنه مأذون له فى الدخول فى الصلاة بالتيمم» والأصل بقاء ذلك الإذن» 
ولقوله - تعالى -: ا یلوا عملي » [محمد:۳۳] والعمل كان معصوما قبل 
طريان الماءء والأصل بقاؤه. 

ججة الحنفية: أن الأصل إيقاع الصلاة بالوضوء مع القدرة» وقد قدر؛ فيجب» 
ولأن كل ما أبطل الطهارة خارج الصلاة أبطلها داخل الصلاة. 

جوابه : أن ذلك ينتقض بصلاة الجنازة والعيدين وسؤر الحمار؛ فإنهم لا يقولون 
بيطلانها . 


.)۳۳۸( أخرجه أبو داود‎ )١( 


of‏ +۱ بدل الوضوء والغسل 





نقوض ستة : 

يحتج الخصم بالقياس على الأمة تعتق فى الصلاة مكشوفة الرأس» والعريان يجد 
ثوبا فى الصلاة» والمسافر ينوى الإقامة فى أثنائهاء وناسى الماء فى رحلهء والوالى 
يقدم على وال آخر فى إتيان الجمعة» وذكر الصلاة فى صلاة. والفرق بين صورة 
النزاع» وبين الأولى والثانية: أنهما دخلا بغير بدلء وههنا ببدل» وهو التيمم» مع 
أن ابن يونس قال: إذا عتقت الأمة بعد ركعة وهى مكشوفة الرأس». قال 
أشهب: تتمادى ولا تعيد فى وقت ولا غيره» كالمتيمم. وقال ابن القاسم: إن 
لم تجد من يناولها خمارا ولا وصلت إليهء فلا تعيد» وإن قدرت أعادت فى 
الوقت. 

وبين الثالثة: أن الإبطال وجد من جهته وفعله؛ بكونه قصد الإقامة» والقصر 
رخصة فى السفر. 

وبين الرابعة: أنه منسوب للتفريط لنسيانه» وبين الخامسة: أن استنابة الثانى عن 
الأول كالوكيل» وأما التيمم فهو بدل عن الوضوءء والأصل بقاؤه على ذلك» ولو 
أبقينا الأول لتركنا الاحتياط للناس كافة فى جمعهم. . 

وبين السادسة: أن نسيان الصلاة كان من قبله؛ فهو مفرط» ولأن الشرع قد جعل 
الوقت للمنسية؛ لقوله - عليه السلام -: إن ذْلِكَ وَنْتٌ لَهَا. . ٠».‏ الحديث؛ 
فتكون الحاضرة حينئذ فى غير وقتهاء ومن صلى قبل الوقت أعادء أما المتيمم 
فصلاها فى وقتها بشروطها؛ فتجزئه. 

الثالث: قال صاحب الإشراف: إذا وجده قبل الشروع لا يبطل تيممه إذا خشى 
فوات الوقت» وإن لم يخش فالعلماء على بطلان تيممهء إلا أبا سلمة. 

لنا: أن لله - تعالى - اشترط عدم وجود الماء» وهو واجد. 

الرابع: قال فى الكتاب: إذا وجد الجنب الماء بعد التيمم والصلاة وخروج 
الوقت» اغتسل للمستقبل» وصلاته تامة. قال صاحب الطراز: إلا أن يكون على 
بدنه نجاسة؛ فيعيد ما صلى فى الوقت الذى »وجد فيه الماء. 

لنا: ما فى أبى داود والترمذى: أنه - عليه الصلاة والسلام - قال لأبى ذر: 


)غ0 تقدم. 


بدل الوضوء والغسل چ ۱ ينانا 
«الصّعِيدٌ طَهُورٌ الْمْسِلِم وَلَوْ لم يَجِدٍ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِنَ ًا وَجَدَ الْمَا فَليُمْسِسْهُ 
شرن » وحكى صاحب الاستذكار فيه الإجماع. 

وهذه المسألة هى التى اعتمد عليها الأصحاب وغيرهم» فى أن التيمم لا يرفع 
الحدث» وهو من الأمور المشكلة» وقد آن أن نكشف عنه» فنقول: كيف يستقيم 
قولنا: التيمم لا يرفع الحدث» مع أن الحدث له معنيان: 

أحدهما: الأسباب الموجبة» كالريح للوضوء» والوطء للغسل مثلا. 

والثانى : المنع الشرعى من الإقدام على العبادة حتى نتطهرء وهذا هو الذى قصده 
الفقهاء بقولهم: ينوى المتطهر رفع الحدث؛ فإن رفع الأسباب محال. 

فإن كان المراد بأن التيمم لا يرفع الحدث الأول» فكذلك الوضوءء وإن كان 
المراد: الثانىء فقد ارتفع بالضرورة؛ فإن الإباحة ثابتة إجماعاء ومع الإباحة 
لا منعء فهذا بیان ضرورى لا محيص عنه. 

وأما ما يتمسك به من قوله - عليه السلام - لعمرو بن العاص: «صليت 
بأصحابك وأنت جنب؟ وكان متيمماء ومن إيجاب الغسل على الجنب إذا وجد 
الماء» ومن عدم استباحة الصلوات - فتخيلات لا تحقيق لها. 

أما الأول فمحمول على الاستفهام؛ ليتبين ما عند عمرو بن العاص من الفقه» 
لا على الخير» والكلام محتمل للأمرين؛ فيتعين حمله على ما نقول» على وفق 
الدليل الضرورى الذى ذكرناه. 

وأما وجوب الغسل على الجنب» فإن الماء فيه من المناسبة للتقرب ما ليس فى 
التراب» فوجب استعماله عند وجوده؛ لمناسبته لمعنى التقرب» لا أن الحدث باق. 

وأما عدم التجمع بين صلوات» فذلك هو الأصل فيه وفى الوضوء؛ لأن الله - 
تعالى - يقول: تاا اليرت َامَنُوَاأ إا متم إلى السلوة الوا إلى قوله - 
تعالى -: يمرا [المائدة: 5]» والشروط اللغوية أسباب» والأصل ترتيب 
المسببات على الأسباب» وكذلك كان على - رضى الله عنه - يرى ألا يجمع بين 
فريضتين بوضوء واحد» ولم يقل أحد: إن الوضوء لا يرفع الحدث؛ فكذلك 
التيمم . 
)١(‏ تقدم. 
(۲) أخرجه أبو داود (77"4, هثا؟). 


o‏ ج ۱ بدل الوضوء والغسل 

وأما وجوب استعمال الماء إذا وجده قبل الصلاة؛ فلما تقدم من مناسبته للنظافة 
وأصالته» لا لبقاء الحدث. 

وقد [اشتد نكير]"2 صاحب القبس» وإنه لمعذور» قال: رفع التيمم للحدث هو 
الذى يفهم من قول مالك؛ فإن الموطأ كتابه الذى كان يعنى به ويقرأ عليه طول عمره 
حتى لقى الله» وهو القائل فيه: يؤم المتيمم المتوضئين؛ لأن المتيمم قد أطاع اللهء 
وليس الذى وجد الماء بأطهر منهء ولا أتم صلاة. وقال ابن نافع: رفع الحدث 
بالتيمم مُعْيّى بطريان الماء؛ كما أن رفعه بالوضوء مُعْيّى بطريان الحدث. 

وكذلك اشتد تعجب المازرى من هذه المسألة. وقال: لعل الخلاف فى اللفظ . 
واستدل على رفع اليم للحدث بقوله - تعالى -: للك ر لرك 
[المائدة: 2]7 وبقوله - عليه السلام -: يلك ل الاد مَسْجِدًا وَطَهُورًا9©. 

وحكى فيه روايتان عن مالك» وابن المسيب» وابن شهاب. 

وعن أبى سلمة: أنه يرفع الحدثين» ولا يجب عليه الوضوء إذا وجد الماء بعد 
التيمم وقبل الصلاة. 

قال: وفائدة رفع الحدث عند الأصحاب أربعة أحكام: وطء الحائض إذا طهرت 
به» ولبس الخفين به» وعدم وجوب الوضوء إذا وجد الماء بعده» وإمامة المتيمم 
المتوضئين من غير كراهة. زاد ابن شاس: التيمم قبل الوقت؛ فتكون خمسة. 

نظائر خمسة: التيممء والمسح على الخفين» والمسح على الجبيرة» والمسح 
على شعر الرأس» والغسل على الأظفارء وفى الجميع قولان للعلماء» والمذهب 
فى الثلاثة الأول: عدم الرفع . 

الخامس: قال فى الكتاب: يؤم المتيمم المتوضئين» وإمامة المتوضئ لهم أحب 
إلى؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث» على أصلناء فيكره؟ لأنها حالة ضرورة كصاحب 
السلس. والإجزاء؛ لحديث عمرو بن العاص: أنه صلى متيمما بالمتوضئين» وقد 
تقدم . 


والفرق بين هلذه» وبين الصلاة خلف من يومئ» والقارئ خلف الأمى : أن 





زفق فى أ ش: أكثر . 
زفق تقدم , 


بدل الوضوء والغسل ج١1 Yov‏ 
بدل لوصوم وکال ااا ا 


السجود والقراءة من نفس الصلاة؛ فالإخلال بهما إخلال فى نفس الصلاة» فالمأموم 
حيتئذ آت بصلاة لا سجود فيها ولا قراءة؛ لأن الصلاتين واحدة» وأما الطهارة فلا 
تبعية فيها ولا اختلاطء وإنما المقصود منها الاستباحة» وهى حاصلة. 

السادس: قال فى الكتاب: إذا نوى بتيممه الصلاةء جاهلا للجنابة» وصلى : 
لا يجزئه» ويعيد أبداء وهو قول (ح). قال صاحب الطراز: وروى عنه الإجزاءء 
وهو قول (ش)» ويعيد فى الوقت. 

ووجه الأخرى': قوله - عليه الصلاة والسلام -: نما الأَعْمَال بالئيّاتٍ) وَإِنْمَا 
ِكل افر ما ئى" وهو لم ينو الجنابة؛ فلا ترتفع» ولأن الذى نواه ليس بمانع 
للصلاة؛ لاندراج الحدث الأصغر فى الأكبر» فأشبه ما إذا نوى الأكل أو الشرب» 
ولو سلمنا عدم الاندراج» لكن التيمم للوضوء بدل عن الوضوءء والوضوء نفسه 
بعض أعضاء الجنابة؛ فلا يجزئ عنها؛ فيكون بدله كذلك بطريق الأولى. 

ووجه الإجزاء": أن صورة التيمم لهما واحدة» وموجبه لهما واحد» وهو عدم 
الماء؛ فيجزئ كالوضوء للريح عن الوضوء من المس. 

فلو تيمم للجنابة» ثم تبين عدمها: هل يجزئه عن الوضوء؟ قال ابن القاسم فى 
العتبية : يجزئه. ١‏ 

السابع : قال فى الكتاب: إذا تيممت الحائض وصلت بعد طهرهاء لا يطؤها 
زوجها حتى يكون معهما من الماء ما يغتسلان به جميعا. قال صاحب الطراز: يريد 
حتى يكون معهما من الماء ما يتطهران به من الحيض والجنابة. وفى كتاب ابن 
شعبان: له وطؤها بالتيمم. وهو قول (ش). 

لنا: أن التيمم ليس بطهارة؛ فيقتصر به على الصلاة. 

حجة الجواز: أنه طهارة للصلاة» فيكون طهارة لغيرها؛ عملا بارتفاع المنع فى 
الصورتين. 

الثامن : قال صاحب الطراز: إذا تيمم رجلان فى سفر أو نفر يسير» فقال رجل: 
وهبت هذا الماء لأحدكماء وهويكفى أحدهما - قال سحئون: من أسلمه لصاحبه 





)١(‏ فى ش: وجه الأول. 
(۳) فى ش: الأخرى. 


o۸‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


انتقض تيمم التارك لهء وكذلك إذا قال: هو لأحدكمء إلا فى العدد الكثير 
كالجيش: فلا ينتفض وضوء الباقين وإن قل» كأنه رأى أن قوله يوجب التشريك 
بينهم » ونصيب كل واحد لا يقع به الكفاية» بخلاف قوله: هو لأحدكما؛ فإنهما لو 
تقارعا عليه حصل لأحدهماء فمن أسلمه مع جواز أن يكون له بطل تيممه» فإذا كان 
أثنان: كان ظن أحدهما لحوزه أقرب من الثلاثة» وكلما كثر العدد ضعف الظن. 

ولو وجدوه فى الصحراء بعد تيممهم بمكان لا ينسبون فيه إلى تفريط : فإن بدر 
إليه أحدهم فتوضاً به» قال سحنون فى العتبية: لا يتتقض تيمم الباقين. فلو أعطوه 
لواحد منهم اختياراء قال سحنون فى العتبية: ينتقض تيممهم أجمعين. وقال فى 
المجموعة : لا ينتقض إلا تيمم المسلم إليه؛ لأنهم قبل حوزه لا يعدون مالكين لهء 
وإنما ملكه من حازء كالصيد. 

ولو سلم ملكهم» فالذى يصيب كل واحد منهم لا تقع به الكفاية» كما لو وهبه 

قال صاحب البيان: قال ابن القاسم: إذا وجد الرجلان فى السفر من الماء كفاية 
أحدهماء؛ فيتشاحان عليه - يتقاومانه ؛ لأن المقاومة شراء» وشراء الماء واجب» فإن 
ترك أحدهما المقاومة قبل بلوغه القدر الذى يجب عليه شراؤه به» وصلى: أعاد 
الصلاة أبداء فلو كانا معدمين: كان لهما التيمم جميعاء إلا أن يجيبا إلى القرعة؛ 
فمن صار له انتقض تيممهء وكان عليه قيمة نصيب صاحبه دينا. ولو كان أحدهما 
موسرا والآخر معسرا: كان للموسر الوضوء به» ويؤدى لشريكه قيمة نصيبه» إلا أن 
يحتاج إلى نصيبه منه؛ فيقسم . 

وقال ابن كنانة: لا تلزم المقاومة عند ابن القاسمء إلا أن يتشاحاء وأما إن 
تركاها وأسلم أحدهما الماء لصاحبه: لم ينتقض تيمم الدافع. قال: وذلك بعيد 
عندى . 

قاعدة: الموانع الشرعية على ثلاثة أقسام: 

الأول: يمنع ابتداء وانتهاء؛ كالرضاع: يمنع النكاح قبله وطارثا عليه. 

والثانى: يمنع ابتداء فقطء كالاستبراء: يمنع النكاح ابتداءء وإذا طرأ عليه 
لا ييطله. 

الثالث: مختلف فيه» كالإحرام: يمنع من وضع اليد على الصيد ابتداء» وإن طرأ 





بدل الوضوء والغسل ج۱ ۳0۹ 


على الصيد اختلف فيه. وكذلك الماء مع التيمم» وعلى الفقيه أن ينظر فى رد الفروع 
إلى أقرب الأصول إليهاء فيعتمد عليه. 

التاسع : قال صاحب الطراز: لو وجد المتيمم ماء فتوضأ به وصلى» أو لم 
يصل» ثم علم بنجاسته - قال سحنون: لا ينتقض تيممه. 

قال: ويريد بالنجاسة : غير المتيقن» قال: وفيه نظر لعدم اتصال تيممه بصلاته . 

العاشر: قال صاحب البيان: وقال ابن القاسم: إذا أصاب المتيمم بول» ولا ماء 
معه: مسحه بالتراب» وأعاد فى الوقت؛ لأنه يزيل العين. 


لفن ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


الباب السادس 
فى الحيض 


ولنقدم الكلام على لفظه» وحقيقته» وسببه» ثم الكلام على فقهه: 

أما لفظه› فحكى صاحب التنبيهات فيه احتمالين: 

الأول: أنه مأخوذ من قول العرب: حاضت السمرة: إذا خرج منها ماء أحمر؛ 
فشبه دم الحيض به. 

وثانيهما: أن الحيض والمحيض: مجتمع الدم؛ ومنه الحوض؛ لاجتماع الماء 
فيه» وهو مشكل؛ لأن «الحوض» من ذوات الواو و #الحيض» من ذوات الياءء فهما 
متباينان» ولذلك جعلهما صاحب الصحاح فى بابين. 

وتقول: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضاء فهى حائض» وحائضة. وقال 
بعض أئمة اللغة: إن أردت الحالة المستمرة والصفة المعتادة قلت: حائض» 
وطاهر» وطالق» وإن أردت الحالة الحاضرة» قلت: حائضة» وطاهرة» وطالقة. 

والحيضة: المرة الواحدة» ولو دفعةء بفتح الحاء. ولكن اصطلاح المذهب على 
أنها المدة التى تعتد بها من زمان الحيض فى العدد» والاستبراء. والحيضة - بكسر 
الحاء -: الاسمء والخرقة التى تستثفر بهاء وكذلك المحيضة. 

والحيض والطهر: يسمى كل واحد منهما: قُرءاء وقرءاء يضم القاف وفتحها. 
ومن العلماء من يفرق بينهما على المذهبين» قيل : الإطلاق على سبيل الاشتراك» 
وقيل: متواطئ موضوع للقدر المشترك» واختلف فى ذلك المشترك: 

فقيل : اجتماع الدم فى الجسد زمان الطهرء أو فى الرحم زمان الحيض؛ فإن 
أصل القرء الجمع» ومنه: قرأت الماء فى الحوض: إذا جمعته» ومنه: القراءة 
للكتب؛ فإنه جمع حرف إلى حرف» وكلمة إلى كلمة. 

وقيل: المشترك : الزمان؛ لقولهم: جاء فلان لقرئه» أى: لزمانه» ولما كان لكل 
واحد منهما زمان يخصه. قيل له: قرء. 
` وتقول العرب: استحيضت المرأة : إذا استمر دمها بعد أيامه؛ فهى مستحاضة. 


1١ 


بدل الوضوء والغسل ج ۱ ۳٦1‏ 
وتحيضت: أى قعدت أيام حيضهاء وفى الحديث: ١نَحَيْضى‏ فی عِلم الله سنا أ 
Ore‏ 1 

وأما حقيقته : فهو غسالة الجسدء وفضلات الأغذية التى لا تصلح للبقاء؛ ولذلك 
عظم نتنه» وقبح لونه» واشتد لذعهء وامتاز على دم الجسدء وكذلك على الذى منه 
دم الاستحاضة» وإليه الإشارة بقوله - عليه الصلاة والسلام -: لِك عِرْقْ وَلَيِسَ 
يةه" أى : عرق انشق» فخرج منه دم الجسد» وليس بغسالة. فيجتمع ذلك من 
الوقت [إلى الوقت]"ء ثم يندفع فى عروق الدم فيخرج من فوهاتها إلى تجويف 
الرحم» فيجتمع هناك؛ ثم يندفع فى عنق الرحم الذى هو محل الوطء» وجعل الله - 
سبحانه وتعالى - ذلك علما على براءة الأرحامء وحفظا للأنساب. 

وأما سببه: فقيل: لما أعانت حواء آدم على الأكل من الشجرة أرسل الله - 
تعالى- عليها هذا الدم؛ عقوبة لها يبعدها عن طاعة ربها حالة ملابسته لهاء وأقر 
ذلك فى بناتها. وقيل: أول من امتحن به بنو إسرائيل . 

وأما فقهه: فنمهد له بالنظر فى أحكام الحيض» والطهرء وأقسام الحيض» ودم 
الاستحاضة» ودم النفاس» فهذه أربعة فصول. 

الفصل الأول: فى أحكام الحيض والطهر 

وأقل الحيض غير محدود» بل الصفرة والكدرة حيض» سواء كانتا فى أوله أو فى 
آخرهء خلافا لمكحول؛ لما فى الموطأ عن عائشة رضى الله عنها: أن النساء كن 
يبعثن إليها بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة» فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة 
البيضاء. والدرجة - بكسر الدال وفتح الراء - جمع درجة» بضم الدال وسكون 
الراء: الخرقة. والكرسف: القطن» وهو أليق بالرحم؛ للينه وتجفيفه لما يجده: 
وصفائه . 

.والدفعة من الدم: حيضء» خلافا ل (ح) و(ش)» فى أنهما لا يعدان حيضا إلا 


)۳۸۱/۷ أخرجه أبو داود (۲۸۷)ء والترمذى (۱۲۸)ء وابن ماجه (1۲۲)ء وأحمد‎ )١( 
. وغيرهم من حديث حمنة بنت ,جحش‎ 

(؟) أخرجه البخارى 2)07"٠5(‏ ومسلم )757/١(‏ رقم (۳۳۳/۹۲) من حديث عائشة. 

(۳) سقط فى ش. 

)€( فی ش: الرحم . 


۳1۲ ج ۱ بدل الوضوء والغسل 
ما كان يعتد به فى العدة والاستبراء» فحدده (ح) وابن مسلمة بثلاثة أيام» و(ش) 
بيوم وليلة. 

وفى التفريع: أقل الحيض خمسة أيام فى العدد والاستبراء» لعبد الملك: قال 
المازرى: قال بعض أصحابنا: أقله ثلاثة أيام فى العدة والاستبراء. وفى الكتاب» 
فى كتاب الاستبراء: إذا رأت الدم يوما أو يومين» فتسأل عنه النساء: فإن قلن: يقع 
به الاستبراء» استبرأت به. 

قال صاحب الطراز: قال محمد بن خويز منداد: تفرقة مالك بين العدد والصلاة 
استحسان» والقياس: عدم التفرقة؛ فتكون الدفعة تحرم بها الصلاة» وتنقضى بها 
العدة. فتنقضى العدة [بعشرة ایام( وبعض يوم. , 

والمعروف من المذهب التفرقة؛ لقوله - عليه السلام -: «دَم الْحَيْضة أَسْوَدُ 
يغرفُء ذا رَأَْتِ ذَلِكِ انرک الصلَاتء وقوله - تعالى -: فل هو أكى قاروا 
يسه فى الْمَحِن» [البقرة: 1177 [واتفق الجميع على أن أول النفاس غير 
محدود؛ فكذلك الحيض]" وأما العدد فالمقصود منها البراءة» وذلك لا تكفى فيه 
الدفعة؛ لأن الشرع قد أكد ذلك» حتى لم يكتف بحيضة تامة» فضلا عن الدفعة. 

وأما أكثره: فخمسة عشر يوما على المنصوص» واستقرأ أبو الطاهر من القول 
بإضافة الاستظهار إلى الخمسة عشرء أن أكثره ثمانية عشر. 

وأكثر الطهر: لا حد له إجماعاء وأقله: فيه خمسة .أقوال: 

يرجع فيه إلى العادة» وهو مذهب الكتاب. 

وخمسة عشر يوما عند محمد بن مسلمة. 

وعشرة أيام عند ابن حبيب . 

وثمانية أيام لسحئون. 

وابن أبى زيد فى الرسالة قال: من ثمانية لعشرة. 

وخمسة لعبد الملك. 





() فى ش: بشهر. 
زفق أخرجه أبو داود (450؟2)9 والنسائى (/186). 
(7) سقط فى أ) ش. 


بدل الوضوء والغسل +۱ ۳ 





فى الجلاب: والمستند اختلاف العوائد عند قائل الخمسة عشرء ولقوله - عليه 
السلام -: تمك إِحْدَاكُنٌ شَطْرَ حُمْرِهَا لا تُصَلَى»(© والشطر: النصف؛ فيكون 
الطهر نصف شهرهء ولأن الله - تبارك وتعالى - جعل العدة ثلاثة أشهرء بدل 
الأقراء» ويستحيل أن يكون بدلا من أكثرها أو أقلها وأكثر الطهر وأقل الحيض؛ 
فتعين أكثر الحيض وأقل الطهر. 

وههنا مناسبات» وهى: أن العشرة نهاية المرتبة الأولى فى العددء وما فوقها 
فمضاف إليها؛ فكانت نهاية أقل أيام الطهر. 

وأما الثمائية: فلأن العشرة نهاية العدد» والكلام فى أقل الطهر؛ فيناسب أقل من 
النهاية» فينقص منها أقل الجمع» وهو اثنان. 

تنبيه: ويروى هذا الحديث: اتَنْكْتُ إِحْدَاكُن يضف عُمْرِهَا وَشَطْرٌ عَمْرِهَا 
لا تَصّلّى»» وعليه أسثلة: 1 1 

أحدها: أنه ليس فى الصحيح . 

وثانيها: أن أيام الصبا تدخل فيها؛ فيسقط به الاستدلال. 

وثالئها: أنه لو كانت تحيض عشرة وتطهر عشرة استقام؛ فلا دلالة فيه على 
الخمسة عشر. 

ورابعها: أن الحديث لا عموم فيهء والدعوى عامة؛ فلا يفيدها. 

فروع أربعة: 

الأول: الحيضء والنفاس. 

قال فى التلقين : يمنعان أحد عشر حكما: وجوب الصلاة» وصحة فعلهاء وفعل 
الصوم دون وجوبه» والجماع فى الفرج» وما دونهء والعدةء» والطلاق» 
[والطواف]) ومس المصحف» ودخول المسجدء والاعتكاف» وفى القراءة 
روايتان. 

أما الأول والثانى فبالإجماع. 

[فرع]20 قال صاحب الطراز: لو بقى من النهار ركعة» فابتدأت تصلى العصرء 





.)١54( لا أصل له بهذا اللفظ . وينظر: المقاصد الحسنة ص‎ )١( 
سقط فى ش.‎ )۲( 
سقط فى ش.‎ )۳( 


4 ج ۱ بدل الوضوء والغسل 
كلما فرغت الركعة غابت الشعس وحاضت - قال سحلون + تقضيها؛ لأنها لم تحض 


إلا بعد خروج وقتها كما لو لم تصلها. وقال أصبغ : لا تقضيها؛ لأن ما توقعه بعد 
الغررب لو كان زمن أداي لكانت من إذا حاضت فبه؛ ولم تصل العصر؛ يسئط 
عنها. وأما الحديث فمعناه: فقد أدرك وجوبها؛ [لأن, قد لا يصليها]2"0 فلا يكون 
أداى دخبر الشرع يجب أن يكون صادقا. 

وآما الثالك - وهر وجوب الصوم - قال المازرى: أنكره على القاضى جماعة 
من العلماء؛ لأن حقيقة الواجب ما يعاقب تاركه. والحائض لا تعاقب على ترله 
الصوم» والشىء لا يوجد بدون حقيقته وحده؛ فلا يكون الصوم واجبا وهو محرم. 
ووافق القاضى على ذلك أبو الطاهر» وجماعة 

شبهتهم أمران: 

أحدهما: أن الحائض تنوى القضاء إجماعاء والقضاء فرع وجوب الأداء. 

الثانى: لو كان الصوم لا يجب أدازه. لكان وجوبه منشأ فی زمن القضاءء ولو 
كان كذلك لما احتاجت إلى إضافته لرمضان السابق. 

وجواب الأول: أن القضاء فرع تحقق سبب وجوب الأداء, لا الأداء؛ والسبب 
متحقق فى حقهاء وهو رؤية الهلال. 

وجواب الثانى : أن الحاجة لإضائته لما سبق لتعين نسبته إليه؛ [فإن الوجوب 
ينبت]0) حالة الطهر مضافا لذلك السبب» دمقصود النية تمييز العبادات عن 
العادات, أو تمييز مراتب العبادات» دلا تمييز لهذا الصوم إلا يسببه؛ فوجبت إضائته 
إليه؛ كما تضاف الصلوات إلى أسبابها. 

وأما الوطء: فلقوله - تعالى -: روتک عن ميض فل هر ى اعارا زمار 
ف الممين» [البقرة: 997] فحرم. ونبه على سبب المنع وهو الأذى. وهل 
الظاهر يقتضى اعتزالهن على الإطلاق. وقد قال به بعض العلماء؛ لا سيما إذا قلنا 
فى «المحيض) إنه اسم زمان الحيض ؛ فإن هذا البناء يصلح للمصدر. والزمان» 
والمكان؛ وظاهر التعليل يقتضى اقتصار تحريم المباشرة للفرج فقط» لا سيما إن 


)0( فى ش: أو فضلها. 
0( في ش؛ فيثيت. 


بدل الوضوء والغسل + o ١‏ 
ل 


قلنا : إن «المحيض» اسم مكان الحيض» وهو قول أصبغ وابن حبيب» ولولا السنة 
لكان النظر معهما؛ لأن النصوص تتسع عللها.. 

والمذهب المشهور جمع بين الكتاب والسنة؛ ففى الموطأ والصحيحين عن 
عائشة - رضى الله عنها - قالت: «كَانَتْ إِسْدَانا ذا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا الى ين 
تئر بإزَادِ ثم اشرما » وفى أبى داود عن ميمونة زوج النبى - عليه السلام -: 
مان يلل اشر الْمَرأة مِنْ نِسَائِهِ وَهِى حَائْضٌ إا گا َلْهَا رار يل أنصَافٌ المَحِذَيْنٍ 
أو الاکبتین». 1 

فائدتان : 

الأولى : سبب سؤالهم له حتى نزل قوله - تعالى -: ئوگ عي المحيض 24 
فقيل: كانوا يعتزلون مواضع الحيض كاليهود» فسألوا عن ذلك فأخبرهم الله - 
تعالى- أن الحرام الجماع» بقوله - تعالى -: في أبعي ويدل على ذلك فى 
الآية أمران: 

أحدهما: قوله - تعالى -: لإا تَطهرَيَ َأوكرحَ4» والمراد بالإتيان الوطء؛ فدل 
ذلك على أن الممنوع منه هو الوطء» وأنه هو المغيى ب «حتى»؛ ليلتئم السياق. 

وثانيهما: أنا نحمل «المحيض» على اسم مكان الحيض . وقيل: سألوا؛ لأنهم 
يجتنبون الحُيّضٌ فى القبل» ويأتونهن فى الدبر؛ فأمرهم الله - تعالى - بالاعتزال فى 
الموضعين» وأباح بعد الطهر القبل فقطء بقوله: اين يث آم ا 
[البقرة: 7١‏ 7]. 

الثائية: ليس على واطئ الحائض كفارة؛ لأنها ليست من لوازم التحريم؛ بدليل 
الغصب والغيبة والنميمة وغير ذلك؛ [فلا بد حيتئذ من دليل يقررهاء ولم يوجد 
فيقرر ]0 . 

وقال (ش) وابن حنبل وجماعة: يكفر. وأوجب الحسن كفارة رمضان» وأحمد 
يخيره بين دینار ونصف ديثئار» وقتادة يوجب بإصابته فى الدم دينارين» وبعد انقطاعه 





.)۲۹۳/۱( أخرجه البخارى (۳۰۲)»› ومسلم‎ )١( 
.)۷( أخرجه أبو داود‎ (3) 
فى ش: فلابد حيتئل من دلائل تقررهاء ولم توجد؛ فلا تقرر.‎ )۳( 


۳٦‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


نصف دينارء وابن عباس: يوجب إن أصابها أول الدم دینارا» وفى آخره نصف 
دينار» ولعل هذه الأمور منهم على سبيل الاستحسان؛ لدفع السيئة بالحسنة. 

فرع: فى الجواهر: يحرم وطؤها بعد انقطاع الدمء وقبل الغسل» خلافا ل(ح)., 
فى إباحته ذلك إذا انقضى أكثر الحيض» وهو عشرة أيام عنده» أو وجد معنى ينافى 
حكم الحيض: مثل حضور آخر وقت الصلاة؛ لأن الوجوب عنده متعلق بآخر 
الوقت» أو يتيمم للصلاةء ووافقه ابن بكير - من أصحابنا - فى الإباحة. 

لنا: قوله - تعالى -: لحي يهن دا هره ك4 [البقرة: ۲۲۲] فاشترط 
انقطاع الدم والغسل» ويدل على أن المراد الغسل» قوله - تعالى -: لإ الله ِب 
وَين ديب السب [البقرة: ۲۲۲] مدحا وحثا على التطهيرء وذلك يدل على 
أنه مكتسب» وانقطاع الدم ليس بمكتسب. 

وأما قول (ح): إن علة المنع الدم؛ فيزول بزوال علته» فيشكل عليه بانقطاعه قبل 
العشرة الأيام . 

فلو" تيممت على مذهبناء ففى جواز وطتها بعد أيام الدم قولان مبنيان على أن 
التيمم هل يرفع الحدث أم لا؟ 

فرع: فى الكتاب: يجبر المسلم زوجته على غسل الحيض دون الجنابة؛ لأنه 
لا يطؤها حتى تغتسل . وعن مالك فى غير الكتاب: لا يجبرها؛ لأن الغسل الذى 
هو شرط هو الغسل الشرعى» وهو متعذر منها لأنها لا تنوى الوجوب. قيل هو 
ينوى عنهاء فقيل كيف ينوى الإنسان عن غيره. قيل كغسل الميت ينوى غير 
المغسول. 

أجيب بأن غسل الميت فعل الناوى فلذلك صحت نيته؛ فإن نية الإنسان إئما 
تخصص فعله دون فعل غسل غيره» وغسل الذمية ليس فعل الزوج؛ فنيته له كنيته 
لصلاة غيره. 

وأما غسل الميت ففعل الناوى» فظهر الفرق وعلم أن الممكن من الذمية ليس هو 
شرط الوطء» وشرط الوطء ليس ممكنًا منها حالة الكفر. وفى هذا المقام اضطريت 
آراء الأصحاب وتزلزلت عليهم القواعدء فرأوا أن أحد الإشكالين لازم: إما إباحة 





)١(‏ فى ش: الثانى: لو. 


بدل الوضوء والغسل +۱ ۳1۷ 
ليسم بس -اهيبيهتابشهش ابيب بيب ب ب ب ب ب ب ب ب ب بيب بي ب يبيب ا دد 


الوطء بدون شرطه أو اعتقاده ما ليس بشرط شرطا. وكشف الغطاء عن هذه المسألة 
أن تقول: 

قامدة: خطاب الشرع قسمان» خطاب وضع لا يفتقر إلى علم المكلف ولا قدرته 
ولا إرادته ولا نيته» وهو الخطاب بالأسباب والشروط والموانع» وخطاب تكليف 
يفتقر إلى ذلك» وقد تقدم بسطه فى مقدمة الكتاب. 

والغسل من الحيض فيه لله تعالى خطابان: خطاب وضع من جهة أنه شرط؛ 
وخطاب تكليف من جهة أنه عبادة . والخطاب الثانى هو المحتاج إلى النية؛ فعدم 
النية يقدح فيه دون الأول» فيبطل كون هذا الغسل عبادة ويبقى كونه شرطا ولا يلزم 
إباحة المسلمة إذا اغتسلت من غير نية لأنها مكلفة» بخلاف الذمية» وكان الأصل 
إباحتها. خولف الدليل ثمت فيبقى ههنا على مقتضى القاعدة. 

وأما مس المصحف فلقوله تعالى: طلا يمس إلا الْمطَهَرْرِقَ4 [الراقعة :۷۹] 
ولقوله - عليه السلام - لعمرو بن حزم: «لا يمس المصحف إلا طاهر)(©. 

وأما المسجد فلقوله عليه السلام: «لاإيحل المسجد لحائض ولا جنب" قال 
المازرى وأجازه ابن مسلمة وقال هما طاهران وإنما يخشى من دم الحيض . 

وأما جواز القراءة فلما يروى عن عائشة - رضى الله عنها - أنها كانت تقرأ القرآن 
وهى حائض» والظاهر اطلاعه - عليه السلام - وأما المئع فقياسًا على الجنب. 
والفرق للأول من وجهين أن الجنابة مكتسبة وزمانها لا يطول بخلاف الحيض . 

فروع: 

الأول: قال صاحب التكت: إذا وقع دم الحيض ولم تغتسل فهى كالجنب فى 
المنع من القراءة والوضوء للنوع لأنها ملكت أمرها. 

الثانى : قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا رأت الدم قبل أيام حيضتها قبل وقت العادة 
إن كان حيضها من الأمام ما يمنع الإصابة جعل حيضّاء وإلا كان حيضة واحدة. 

قال صاحب الطراز: وفى القدر المانع خمسة أقوال» أحدها ما فى الكتاب من 
الإحالة على العرف» والأربعة المتقدمة. 





.)١( أخرجه مالك فى «الموطأ» (۱۹۹/۱) رقم‎ )١( 
أخرجه أبو داود (۲۳۲)ء والبيهقى (۲/ 417 - “89 4)8 من حديث عائشة» وسنده ضعيف.‎ )۲( 


۳۹۸ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 

الثالث: إذا انقطعت الحيضة فحاضت يومًا وطهرت يومًا قال فى الكتاب تلغى 
أيام النقاء خلافًا ل (ح)» فإذا كمل من أيام الدم خمسة عشر يومًا اغتسلت وصلت. 

قال أيضًا فى الكتاب: تلفق من أيام الدم أيامها وتستطهر بثلاثِ. والأيام التى 
تلغى هى فيها طاهر تصلى ويأتيها زوجهاء ثم هى مستحاضة تتوضأ لكل صلاة 
وتغتسل كل يوم إذا انقطع الدم إذ لعله لا يرجع إليها ولا تكون حائضًا بعد ذلك إلا 
أن تتيقن دم الحيض. قال صاحب الطراز: وأما قوله تستطهر يرد إذا كانت دون 
الخمسة عشر» وفيها خمسة أقوال التى تأتى فى المعتادة إذا جاوز دمها عادتها. وأما 
قوله تكون مستحاضة فخالف فيه ابن مسلمة على تفصيل؛ فإن أقل الطهر عنده 
خمسة عشر يومّاء فإذا مضى من الأيام أكثر الحيض وأقل الطهر كان الآتى بعد ذلك 
حيضًا تامّاء وتلفق أيام الطهر كما يلفق الحيض. فإذا كان الحيض يومًا بيوم لفقت 
من أيام الدم خمسة عشر يوم ولا تكون مستحاضة. وإن كان الحيض يومًا والطهر 
يومين لم تلفق أيام الحيض» وإلا فقد بقى أقل من أقل الطهر فتكون مستحاضة. 

وضابطه: أن أيام الدم إن كانت أكثر من أيام الطهر فهى مستحاضة؛ لأن المرأة 
لا تحيض أكثر من زمن طهرهاء وإن كان زمن الطهر أكثر أو مساويًا فهى عنده 
حائض بعد ذلك فى أيام الدم وطاهر فى أيام الانقطاع. والمذهب أظهر؛ لأنه إذًا 
يعلم أن الدم الأول والأخير حيضة» فالأيام المتخللة ليست فاصلة بين حيضين فلا 
يكون طهرًا. 

حجة (ح) و(ش) فى أحد قوليه أن حد الطهر غير موجود ههنا؛ فيلزم انتفاء 
المحدود فلا يكون يوم النقاء طهرًا فيكون حيضًا إذ لا واسطة. 

جوابه من وجهين: أحدهما أن الطهر محدود بحسب العدد لا بحسب العبادة. 
وثانيهما أن (ح) قد يجوز وطئها فى يوم النقاء إذا اغتسلت أو تيممت» وذلك دليل 
الطهر. وأما قوله تختسل کل يوم فلما فى أبى داود عن ابن عباس -رضى الله عنه-: 
«إذا رأت المستحاضة الطهر ولو ساعة فلتغتسل)0(). 

فرعان مرتبان. 

الأول: قول ابن القاسم فى المجموعة والعتبية : إذا رأت الدم فى اليوم ولو ساعة 





)1( ذكره أبو داود فی ستنه بعد حديث )4۳( فى كتاب الطهارة . 


بدل الوضوء والغسل جا ۳4 





حسبته من أيام الدم وإن اغتسلت فى باقيه وصلت. 

الثانى: لو طلقها فى إبان النقاء» قال التونسى: يجبر على رجعتهاء وفى النكت 
عن جماعة من الشيوخ : لا يجبر؛ لأنه زمان يجوز الوطء فيه . والأول أظهر؛ لقوله- 
تعالى -: لوشن ودنرد [الطلاق ]١:‏ أى: لاستقبالهاء وهله لا تستقبل عدتها. 

الرابح : قال فى الكتاب: علامة الطهر: القصة البيضاءء إن كانت تراهاء وإلا 
فالجفوف. 

قال ابن القاسم: وهى: أن تدخل الخرقة جافة» فتخرج جافة كذلك. 

والقصة بفتح القاف والصاد المهملة: من القص بفتح القاف» وهو الجير» ومنه 
نهيه ية عن تقصيص القبورء وروى ابن القاسم عنه أنها تشبه البول» وروى أنها 
تشبه المنى» ولعل ذلك مختلف فى النساء. 

قال ابن يونس: وروى ابن القاسم أنها إن رأت الجفوف وعادتها القصة: فلا 
تصلى حتى تراهاء إلا أن يطول ذلك. 

قال: قال أبو محمد: الطول: خوف فوات الصلاةء واختلف هل هو 
الاختيارى» أو هو الضرورى؟ قال: قال بعض شيوخنا: لا تنتظر زوال القصة» بل 
تغتسل إذا رأتها؛ لأنها علامة الطهر. قال: قال اين حبيب: من عادتها الجفوف 
لا تطهر بالقصة» ومن عادتها القصة تطهر:بالجفوف؛ لأن الحيض دم» ثم صفرة» 
ثم ترية» ثم كدرة» ثم قصةء ثم جفاف. 

قال ابن شاس: قال القاضى أبو محمد: كل واحد منهما علامة مستقلة فى حق 
من اعتادتها؛ فيكون فيها ثلاثة أقوال» ويدل للمذهب على أن القصة أبلغ» أنها 
متصلة بداخل الرحمء والخرقة لا تصل إلى ذلك» وقول عائشة - رضى الله عنها -: 
لا تعجلى حتى ترى القصة البيضاء(©. 

قال ابن يونس : قال ابن القاسم: لا تطهر حتى ترى الجفاف» ثم تجرى بعد ذلك 
على ما تقرر من عادتها. 

قال صاحب الطراز: ويتخرج فيها قولان: 


)۳۲١( علقه الہبخاری فى صحيحه فى كتاب الحيض باب : إتيان الحيض وإدباره قيل حديث‎ )١( 
.)4۷( ورواه مالك موصولا (0۹/۱) كتاب الطهارة باب طهر الحيض‎ 


¥ +۱ بدل الوضوء والغسل 


أحدهما: أنها لا تغتسل حتى ترى القصة؛ لأنها أبلغ . 

والثانى : أنها تنتظر عادة أقاربها من أهلهاء فإن رأت عادتهن اتبعتهاء وإلا كانت 
على حكمين إذا رأت خلاف عادتهن» فإن اختلف أقاربها فأخواتها أقرب» فإن لم 
يكن نأمهاء وخالاتها أقرب من عماتها. 

فروع ثلاثة: 

الأول: قال عبد الملك: إذا اغتسلت من حيض أو نفاس» ثم رأت قطرة دم أو 
غسالته: لم تعد الغسل» وتتوضأء وهذه تسمى: الترية» بالتاء المثناة وكسر الراء 
وتشديد الياء التحتية؛ لقول أم عطية - رضى الله عنها -: ١كنا‏ لا نعد الصفرة 
والكدرة بعد الطهر شيئاة(2. وفى الكتاب: عن ابن شهاب: لا تصلى ما دامت ترى 
الترية شيئا من حيض أو حمل؛ لأنه دم من الرحم» وقياسا على ما إذا تمادى يوماء 
ويمكن حمل الحديث على أنها لا تعدهما طهرا. 

الثانى: قال صاحب الطراز: إن خرجت الخرقة بالدم» وحشت غيرهاء ثم 
أخرجتها آخر النهار جافة: كانت طاهرا من قبل هذا الحشوء بخلاف ما إذا رأت فى 
هذا الحشو الثانى القصة» فإنها تكون طاهرا من حين خروجها؛ لأنها من توابع الدم 
كالصديد» ثم عليها اعتبار حال خروجها: فإن تيقنته» وإلا عملت بالأحوط . 

الثالث: قال صاحب البيان: قال مالك: ليس على المرأة أن تقوم قبل الفجر 
لتنظر طهرهاء وليس ذلك من عمل الناس» ولم يكن فى ذلك الزمان مصابيح. 

قال: والقياس ذلك» لكن العمل أسقطهء فتعتيره عند إرادة النوم» فإن استيقظت 
بعد الفجر وهى طاهرء وحزرت تقدمه من الليل: عملت على ما قامت عليه 
ولا تقضى الصلاة حتى تتيقن الطهر» ويجب عليها - أيضا - أن تنظر عند أوقات 
الصلاة» فى أوائلها: وجوبا موسعاء وفى أواخرها: وجوبا مضيقاء بقدر ما يمكنها 
أن تغتسل وتصلى. وروى صاحب المنتقى عن عائشة - رضى الله عنها -: إنكار 
قيام النساء [بالمصابيح بالليل» فيتفقدن الطهرء وقالت: لم يكن الا يفعلن 
ذلك. وهى أكثر علما وديئا. 





(۱) أخرجه البخارى (95”), 
(۲) سقط فى 5 ش. 


بدل الوضوء والغسل جا ۳۷۱ 


الفصل الثانى: فى أقسام الحُيض 
مهد وهن ست: الأولى - المبتدأة: إن انقطع دمها لعادة لداتهاء أو دونها: طهرت» 
وإن زاد: فثلاث روايات: ففى الكتاب: تمكث خمسة عشر يوماء ورواية على بن 
زياد: تغتسل مكانهاء ورواية ابن وهب: تستظهر. 

وقال (ش) - رحمه الله -: إذا رأت الدم على غالب الحيض ستا أو سبعا: 

حجة الأول: قوله - عليه السلام -: رك الْمَرأهُ الصّلَاة ضف دَهْرِمَه0©, 
وهذا لا يفهم إلا إذا كانت تحيض من كل شهر نصفهء وقد تقدم ما يرد على هذا 
الحديث» ولأن الخمسة عشر قد تكون عادة» فهى زمان حيض» وقد أجمعنا على 
أن أول دمها حيض» والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه. 

ووجه الاستظهار: قال ابن يونس: روى المدنيون والقاضى إسماعيل قوله - عليه 
الصلاة والسلام - لفاطمة بنت أبى حبيش لما سألته: «اتُعُدِى امَك الى كنت ٠‏ 
تَفْحْدِينَ وَاسْمَظْهرِى بكلاثة آيام» 4 اهْتَسِلِى وَصّلى»"ء ولأنه خارج من الجسد 
أشكل أمرهء فتستظهر(" له ثلاثة أيامء أصله: لبن المصراة» ولأن الدم لما كان 
فضلة الغذاء وغسالة الجسد؛ فلذلك يختلف باختلاف أحوال البدن» من الدعة 
والغذاء والأحوال النفسانية؛ فكان الاستظهار فيه متعينا. 

ووجه عدم الاستظهار: أن إلحاقها بأقرانها أمر اجتهادى؛ فلا يزاد عليه؛ كدم 
الاستظهارء وهذا هو الفرق بينها وبين المعتادة. 

تمسك (ش) ہما فی أبى داود والترمذى» قالت حمئة بنت جحش: كنت 
أسْتحاض حيضة كثير:!4) شديدة» فأتيت النبى - عليه السلام - أستفتيه وأخبره» 
فوجدته فى بيت أختى زينب بنت جحش» فقلت: يا رسول الله إنى أستحاض حيضة 
كثيرة شديدة» فما ترى فيهاء قد منعتنى الصلاة والصوم؟ قال: 'أَنْعَتُ لَّكِ 
الْكَرْسُْفَ؛ نه يُذْحِبٌ الم قالت: هو أكثر من ذلك» قال: اتخذى ثوباء قالت: 


)١(‏ يقصد حديث: «تمکث إحداكن شطر دهرها لا تصلى»: وهو حديث لا أصل له؛ وقد تقدم. 
إفق تقدم حديث فاطمة بنت أبى حبیش . 

(۳) فى ش: فتنتظر. 

)٤(‏ فى ط: كبيرة. 


۷Y‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


هو أكثر من ذلك» إنما أثج ثجاء قال: «سَامُركِ بأَمْرَيْنٍ أَيّهُمَا ُعَلْتٍ أَجْرَأ عَنِ الآخَرِء 
إن ريت عَلَِهمَا أت غلم > إِنْمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتٍ الشَيْطانِء قُتَحَيِْضى سنه 
َم أز سب فى عم لله على ثم الحقيلى» حَْى إا رات لك ذ طهُزت اميت 
صلی ثَلانًا وَعِشْرِينَ ليل وَأيَامَهَاء وَصُويِى؛ فَإِنْ ذَلِكِ يُجَزِيكِء وَكَذَلِكِ فَافْعلى كُلّ 
شهرء حَينَ تجیض النْسَاءُ فى مِيقَاتٍ حَيِضِهِنٌ وَطَهْرِسِنّ؛ ِن ریت عَلَى أن ُؤَخْرِى 
هر وجل الْعَضْرٌ يلين وَتجْمَعَينَ بَيْنَ الصَلَاتَيْنِ - فَافْعَلى» وَتَعْتَسِلِينَ مع 
الجر وَنْصَلْينَفافعَلى» وَصُومِى إِنْ قَدَرْتٍِ عَلَى ذّلِكِء وَهَذَا حب الأمرَيْن إلّى200 . 
قال الترمذدى: حسن صحيح . 

قال صاحب الطراز: يقال إن حمنة كانت مبتدأة» وأراد بقوله: «ستا أو سبعا» 
اعتبارًا بلداتها: إن كن يحضن ستا فستاء أو سبعا فسبعا. 

قال: وقيل: كانت لها عادة فنسيتهاء هل هى ست أو سبع؟ فأمرها أن تجتهد فى 
عادتها؛ ولهذا قال: «فى علم اش أى : ما علمه من ذلك. وأما قوله: #من ركضات 
الشيطان» قال الخطابى: أصل الركض: الضرب بالرجل» ومعناه: أن الشيطان وجد 
بتلك سبيلا للتشكيك عليهاء وأمرها بتأخير الصلاة وجمعها. قال صاحب الطراز: 
هو الأصل فى جمع المستحاضة وصاحب السلس. 

فائدة : اللدات - بكسر اللام -: جمع لدة» وهى التى ولدت معها فى عام واحد» 
وكذلك الترب : الذى خرج مع الإنسان إلى التراب فى وقت واحد» وجمعه: أتراب. 
> الثانية - الصغيرة» بنت ست سنين ونحوها: فدمها ليس بحيض. 

قال صاحب الطراز: ويرجع بعد ذلك إلى ما يقوله النساء» فإن شككن أخذن 
بالأحوط . 

وقال إمام الحرمين فى النهاية : قال (ش): رأيت جدة باليمن بنت عشرين سنة. 
” الثالثة: - الآيسة: قال مالك - رحمه الله - فى العتبية: يسأل عنها النساءء فإن 
قلن: إن مثلها تحيضء كان حيضاء وإن قلن: مثلها لا تحيض» قال فى الموازية: 
تتوضأ وتصلى» ولا يكون حيضاء ولا تغتسل له» وإن أشكل الأمرء قال ابن 
حبيب: كان حيضا. 








)0 تقدم تخريجه) وهو حديث حمئة المشهور. 


بدل الوضوء والغسل +۱ r‏ 

قال ابن شاس: والآيسة: بنت السبعين والثمانين» وبنت الخمسين عند 
أبى إسحاق . 

حجته: قول عمر - رضى الله عنه -: بنت الخمسين عجوز فى الغابرين؛ 
وقول عائشة - رضى الله عنها -: إن امرأة تجاوز الخمسين فتحيض إلا أن 
تكون قرشية . 

الرابعة - المعتادة : فإن نقص دمها عن عادتها أو تساوى طهرت» وإن زاد فخمسة 
أقوال: 

قال ابن القاسم: الذى كان يقوله مالك طول عمره: إنها تقعد خمسة عشر يوما. 
ثم رجع عنه إلى الاقتصار على الاستظهار. 

قال صاحب الطراز: قال ابن حبيب: الذى رجع عنه مالك: الخمسة عشرء وبه 
يقول المدنيون» وابن مسلمةء وبالثانى قال المصريون. 


۶ الثالث: تقتصر على العادة» وهو لابن عبد الحكم و(ش) و(ح). 
< الرابع - لأبى الجهم -: الاحتياط فيما بعد الثلاث» فتصوم وتصلى» ولا توطأء 
ثم تعيد الغسل» وتعيد الصوم. 
الخامس - للمغيرة وأبى مصعب -: الاحتياط من حين مفارقة العادة» ولا تعيد 
الغسل إن تمادى بها الدم فوق خمسة عشر يوما؛ لأن الغيب كشف أنه دم 
استحاضة» والسابق يقول: لعله حصل دم حيض فى أثناء هذا الدم. 

سؤال: الصلاة من الحائض حرام» ومن الطاهر واجبة» والقاعدة: متى تعارض 
المحرم والواجب قدم الحرام؛ ترجيحا لدرء المفاسد على تحصيل المصالح» 
وتغليبا لجانب الأصل؛ فكان الاحتياط ههنا ترك العبادة. 

جوابه: أن تحريم الصلاة مشروط بالعلم بالحيض» وهو غير حاصل؛ فانتفى 
التحريم جزما. 

حجة الأول: الحديث المتقدم فى المبتدأة. 

حجة الثانى: حديث الاستظهار. 

حجة الفالث: أن الغالب البقاء على العوائد؛ فيكون الزائد استحاضةء وما فى 
الموطأ والصحيحين من قوله - عليه السلام - لفاطمة بنت أبى حبيش فى الحيضة 


4 ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 
يتمادى دمها: (إِذًا ذهب قَدْرْهَا فاغْسِلِى عَئْكِ الدّمَ وَصلّى» وروى البخارى: 
«دَعِى الصّلَاةَ قَدْرَ الأیام التى كُنْتِ تحِيضِينَ فيا ثم اعْتَسِلِى وَصَلَى00') وهو حجة 
الاستظهار؛ فإن الحيضة قد يزيد قدرها وقد ينقص . 

فروع ثلاثة: 

الأول: فى الكتاب: إذا كانت عادتها خمسة عشر يوما لا تستظهر بشىء. وقال 
فى كتاب محمد: تستظهر یوما أو يومين؛ وهو مشكل؛ فإن رسول الله یه ذكر شطر 
العمر فى سياق المبالغة فى الدم؛ فالظاهر أنه الغاية والنهاية. 

الثانى : لو تأخر الدم من غير علة» ثم خرج» فزاد على قدره - قال فى النوادر: 
لا تزيد فى الاستظهار على الثلاث. 

الثالث: تثبت العادة بمرة» قاله الغافقى. 

قال صاحب الطراز: وهو ظاهر قول ابن القاسم فى الواضحة؛ لقوله - تعالى -: 

دام ودوك واعتبر (ح) مرتين» ومنه: العيد. 

الخامسة - المتحيرة: ففى الكتاب: سثل ابن القاسم عمن حاضت فى شهر 
عشرة أيام» وفى آخر ستة أيام» وفى آخر ثمانية أيام» ثم استحيضت: كم تجعل 
عادتها؟ قال: لا أحفظ عنه فى ذلك شيئاء ولكنها تستظهر على أكثر أيامها. قال 
صاحب الطراز: قال ابن حبيب: تستظهر على أقل أيامها إن كانت هى الأخيرة؛ 
لأنها المستقرة. ويقول ابن القاسم: لعل عادتها الأولى عادت إليها؛ بسبب زوال 
سدة من المجارى. 

وقول مالك الأول: إنها تمكث خمسة عشر يوما؛ لأن العادة قد تنتقل. 

قال: ويتخرج فيها قول آخر: أنها لا تستظهر بشىء» على القول بنفى الاستظهار 
عموما. 
۶ السادسة: فى الجلاب: الحامل تحيض عندناء -خلافا للحنفية؛ محتجا بأن الله - 
تعالى - جعل الدم دليل براءة الرحم؟ فلو حاضت لبطل الدليل» وأما قوله - عليه 
الصلاة والسلام -: ادم الْحيْضٍ أَسْوّدُ يعرف» قدا گان ذَلِكِ كأمسكى عن 
)١(‏ تقدم. 
(۲) تقدم, 
0) فى ط: اللم. 








بدل الوضوء والغسل ج۱ Vo‏ 


الصلاة'“ فمحمول على الحائل. 

لنا: ما فى الموطأ عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت فى الحامل ترى الدم: 
إنها تترك الصلاة من غير نكير9”). فكان إجماعاء وإجماع أهل المدينة عليه» وكما 
جاز النفاس مع الحمل إذا تأخر أحد الولدين؛ فكذلك الحيض» ولقول عائشة - 
رضى الله عنها - لما راقها وجه رسول الله ة: لو رآك الشاعر ما قال شعره إلا 
فيك» وهو قوله: 

ومبرأ من كل غُبّر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل0) 

معناه: أن الحيض إذا جرى على الولد فى الرحم أكسبه بسواده غبرة فى جلده» 
فيكون أقتم عديم الوضاءة؛ فدل ذلك على أنه أمر متعارف عندهم» وأما دلالته على 
البراءة: فهى على سبيل الغالب» وحيض الحامل هو القليل والنادر؛ فلا يناقض 
دلالة الغالب. 

فروع ثلاثة : 

الأول: قال ابن القاسم فى الكتاب: لم يقل مالك فى الحامل: إنها تستظهرء 
قديما ولا حديثا. 

قال صاحب الطراز : إن استمر دمها على عادتها قبل الحمل» وزاد دمها فى بعض 
الشهور: تجرى فيها الخمسة الأقوال التى تقدمت فى الحائل» وإن لم تستمر على 
عادتها: فإما أن تنقطع, أو تنقص» أو تزيدء فإن انقطعت أو نقصت» ودام ذلك 
حيضاء ثم أتاها الدم» فزاد على عادتها الأولى - ففيها ثمانية أقوال: 

الخمسة السابقة. 

السادس: يجتهد لها فى ذلك . 

قال فى الكتاب: ليس أول الحمل كآخره» وليس لذلك حد إلا الاجتهاد. 

وقال ابن القاسم: إن رأت ذلك بعد ثلاثة أشهر ونحوها تركت الصلاة خمسة 
عشر يوما ونحوها. وفى التفريع: إلى عشرين يوما. وإن جاوزت ستة أشهر فإلى 
)١(‏ تقدم. 
(؟) أخرجه مالك )5١/١(‏ رقم .)٠٠١(‏ 


(۳) البيت لأبى كبير الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص (۷۳١۱)ء‏ واللسان (غبر)ء والتاج 
(غبر)» وبلا نسبة فى ديوان الأدب /١(‏ 778). 


۴۷٦‏ ج١1‏ بدل الوضوء والغسل 


العشرين» وقال فى التفريع : إلى الثلاثين. 

السابع: أنها تقعد أقصى عادة الحوامل» لمالك فى المجموعة. 

الثامن: أنها تضاعف أيامها التى كانت لها قبل الحمل وتغتسلء» قاله ابن وهب» 
وقال: قال مالك: تجلس فى أول الشهور عادتهاء والاستظهارء وفى الثانى: ضعف 
أيام حيضتها والاستظهارء وفى الثالث: تجلس مثلها ثلاث مرات» وفى الرابع: 
تربعهاء وهكذا حتى تبلغ ستين يوماء فلا تزيد؛ لأنه أقصى مدة النفاس» فهو أعظم 
دم يجتمع فى الرحم بسبب الحمل. وأنكر ابن الماجشون ذلك من قول مالك» 
وقال: هو خطأء وقال: النفاس لا يكون إلا بعد الوضع» والاستحاضة أولى بهاء 
ومذهبه: أن الحامل لا تزيد على خمسة عشر يوما. 

وأما إن رأته أولا بزيادة وقد كان قبل مستقيماء فهى فى أوله حائض للزيادةء 
مستاحضة فى قدر الزيادة على الخلاف الماضى؛ فكأنه يكون حيضا بتلك الزيادةء 
فهذه عادة انتقلت» تبنى عليها ما يفعل بالحامل . 

وجه الاجتهاد: أن الحمل يحبس الدم عن الخروج»› فإذا خرج كان زائداء وريما 
استمر لطول المكث. 

ووجه عدم الاستظهار هو: أنه دم ثبت بالاجتهاد؛ فلا يزاد عليه » كأيام الاستظهار. 

الثانى: لو رأت الحامل صفرة أو كدرة» قال يحيى بن سعيد فى الكتاب: 
لا تصلى حتى تنقطع عنها؛ لأن عائشة - رضى الله عنها - كانت تأمر النساء بذلك. 

الثالث: إذا رأت الحامل ماء أبيض عقيب سبب إسقاط أو نحوه» روى ابن 
القاسم» وأشهب عن مالك فى العتبية : عليها الوضوء دون الغسل» ولا يلحق بالدم؛ 
لخروجه عن صفته» والوضوء؛ لكونه خارجا معتادا من الفرج. 

الفصل الثالث: فى دم الاستحاضة 

وهو: ما زاد على الدم المعتبر حيضا. 

قال ابن شاس: إذا حكمنا بالاستحاضة: فالحائض: إما مبتدأة أو معتادة» 
وكلاهما إما مميزة أو غير مميزة» فهذه أقسام أربعة: 

الأول: المبتدأة المميزة: فحيضتها مدة تمييزها ما لم يزد على خمسة عشر يوما. 

وأما المبتدأة غير المميزة» فقد تقدم حكمها. 

وأما المعتادة المميزة: فحيضتها مدة التمييز؛ لحديث فاطمة بنت أبى حبيش» 


بدل الوضوء والغسل ج١1 ۳Y‏ 


ولأن العادة تختلف» والتمبيز لا يختلف» والنظر إلى اللون اجتهادء والعادة تقليدء 
والاجتهاد أولى . 

وأما المعتادة غير المميزة فثلاثة أقوال: 

الاقتصار على العادة للمغيرة وأبى مصعب» فإذا شكت أهو انتقال عادة أو 
استحاضة : اغتسلت» وصلت» وصامتء» ولا يصييها زوجها؛ احتياطاء فإن انقطع 
الدم لخمسة عشر يومًا: علمت انتقال العادة» فكانت المدة كلها حيضّاء وإن استمر 
الدم : علم أنها استحاضة» وثبت حيضها على ما تقدم من عادتهاء وتقضى الصوم 
فيما بين ذلك وبين الزيادة على الخمسة عشر يوما. 

الثانى : قال مطرف: تبلغ خمسة عشر يوما. 

الثالك: الاستظهار على العادة: والمشهور: أنها لا تتجاوز الخمسة عشر يوما. 
وقال فى كتاب محمد: تتجاوز باليومين. وقال ابن نافع: وأنكره سحنون. 

فروع تسعة: 

الأول: استحب للمستحاضة فى الكتاب أن تتوضأ لكل صلاة. 

قال صاحب الطراز: لا يختلف فى وجوب الصلاة عليهاء واختلف إذا كانت 
جاهلة فتركت الصلاة: فأنكر سحنون ما ذكر من سقوطها بالجهل» واستحب لها 
الوضوء» ولم يستحب لها الغسل» كما جاء فى حديث حمنة؛ لأن ترك الغسل متفق 
عليه» وإنما الخلاف فى الوضوء. 

قال الخطابى: اتفق العلماء على عدم وجوب الغسل إلا أن تشك. 

وذهب (ح)» و(ش)» وجماعة إلى وجوب الوضوء عليهاء ويدل على عدم 
الوجوب أن حديث وجوبه لم يخرجه أحد ممن اشترط الصحة. 

قال أبو داود: زاد عروة: ثم تَوَضْيِى لکل صلا حى يَجىء ذَلِكِ الْوَفْتٌ وقال: 
هذه. الزيادة موقوفة على عائشة - رضى الله عنها - وأنكرها صاحب الطراز» ويدل 
على عدم الوجوب اتفاق الجميع على أنه إذا خرج فى الصلاة: أتمتها وأجزأتهاء 
ووجه الاستحباب: أنه من جنس الأحداث كالسلس» والفرق بينه وبين فضلة 
المنى» أنها توجب الوضوء دون الغسل: عدم الحرج فيها؛ لندرتهاء بخلافه» وإنما 
وزائه سلس المنى» لا جرم يستحب منه الوضوءء ولو خرجت فضلة المنى فى 
الصلاة: أبطلتها وفاقاء بخلاف دم الاستحاضة. 


YA‏ چا بدل الوضوء والغسل 

الثانى : قال فى الكتاب: إذا انقطع دم الاستحاضة لا غسل عليهاء ثم رجع إلى 
الغسل . 

وجه الأول: أن الوضوء مستحب؛ فلا يستحب الغسل» كالسلس. 

ووجه الثانى: أمره - عليه السلام - لحمنة به حين أمرها بالجمع بين الصلاتين» 
وكان الأصل أن تغتسل وتنوضاً لكل صلاة. 

ترك العمل بالغسل فى الابتداء» وكان على وابن عياس - رضى الله عنهما - 
يأمران المستحاضة به فى كل صلاة إن قويت على ذلك . نقله أبو داود. 

قال ابن شاس: تغتسل من طهر إلى طهر إن كانت مميزة» وإلا فغسلها عند 
الحكم عليها بالاستحاضة يكفى. 

الثالث: المستحاضة توطأء خلافا لابن علية؛ لما فى أبى داود أن حمنة بنت 
جحش كانت مستحاضة يأتيها زوجهاء ولقوله - تعالى -: لاعَيٌّ يَلهُرْذ24 وهذه 
طاهر؛ ولأن مطلقها لا يجبر على الرجعة؛ فتوطأ قياسا على موضع الإجماع . 

الرابع : قال فى الكتاب: إذا رأت الدم خمسة عشر يوماء ثم الطهر خمسة» ثم 
الدم أياماء ثم الطهر سبعة: فهى مستحاضة. 

قال صاحب الطراز: قال بعض المتأخرين: أراد مستحاضة فى الدم الثانى» 
وقيل: فى السبعة» وفيه نظر؛ لأنه لا معنى لربط هذا الدم بالسبعة بعده» وأرى أنه 
يريد: بعد السبعة» واختلف فى هذا أيضا: 

فقال التونسى : راعى الطهر خمسةء والأيام أقلها يومان؛ فيكون الجميع سبعة مع 
سبعة الطهر: أربعة عشر يوماء فجاء الدم ولم يكمل الطهر. 

وقيل: الدم الآتى بعد السبعة على صفة الاستحاضة قبلها. 

قال التونسى : يمكن أن تكون أيام الدم ثلاثة» والدم الآتى بعد السبعة من جنس 
الاتى فى الثلاثة التى بعد الخمسة؛ فلذلك جعلها مستحاضة» وينبغى إذا كان على 
صفة الحيض أن يكون حيضاء والمستحاضة ترى دما تنكره. قال: والذى قاله 
صواب. 

الخامس : إذا تغير دم الاستحاضة إلى الغلظ والسواد: 

قال صاحب الطراز: إن لم يمض بعد الحيض زمان هو أقل الطهر على ما تقدم» 


بدل الوضوء والغسل ج۱ ۳۷۹ 


فالاستحاضة باقية» وإن مضى: فهو حيض . فإن تمادى على صفتهء أو تغير - قال 
مطرف: تجلس خمسة عشر يوما. وفرق عبد الملك بين هذهء وبين ابتداء 
الاستحاضة فقال فى تلك: تجلس خمسة عشر» وفى هذه: تستظهر بثلاث» ورواه 
ابن القاسم عن مالكء وقال: إن علق بها دم الاستحاضة بعد أيام حيضتها: لم 
تستظهرء يريد: بعد أن تغتسل . 

وقال ابن القاسم مرة: تستظهرء ومرة: لا تستظهر. 

قال اللخمى: إذا جاء المستحاضة دم الحيض» وزاد على العادة» وهو مثل 
الاستحاضة: فلا تحتاط له» وإن كان مثل دم الحيض: فهى حائض» وإن أشكل: 
فالأحسن أنها مستحاضة» وقيل : تستظهر بثلاثة أيام» وقيل : تجلس خمسة عشر يوما. 

السادس : لو تمادى دم الاستحاضة عشرة أيام؛ تفريعا على أن الطهر خمسة عشر 
يوماء ثم رأت الدم بعد الاستحاضة بخمسة أيام - قال التونسى: إن أشبه الحيض 
فهو حيض» وإن أشبه الاستحاضة فهو استحاضة قال صاحب الطراز: وهذا مشكل 
بأنها رأت ابتداء الدم بعد طهر تام؛ فلا تراعى صفته كما لو انقطعت الاستحاضة مدة 
أقل الطهرء ثم رأت الدم» نعمء لو جاء فى أيام العادة: دلت قرينتها على أنه 
حيض» أو قبل العادة على صفة الحيض: فقرينة الصفة تدل على الحيض. 

فإن كان قبل العادة على غير صفة الحيض: فاستحاضة؛ لانتفاء القرائن. وفيه 
على هذا نظر؛ لأن دم المرض قد انقطع» والحيض لا يتغير زمانه» والاحتياط 
أحسن ؛ فلا تدع الصلاة إلا بما لا يشكل أنه دم حيض» وهو معنى قول مالك. 

السابع : إذا كانت لا ترى الدم إلا عند وضوئهاء فإذا قامت ذهب عنها قال 
صاحب الطراز: روى ابن القاسم: لا تدع الصلاة إلا أن ترى دما تنكره» يعنى 
المستحاضةء أما غيرها فتغتسل منه ولا تدع الصلاة عند انقطاعه» فإذا جاوز ذلك 
أيامها: فهى مستحاضة لا تغتسل لهء وروى ابن القاسم فى هذه: أنها تشده» 
وتصلى من غير غسل» كالمستحاضة. 

قال صاحب البيان: لأنها مستنكحة بذلك من قبل الشيطان. قال: قال ابن 
أبى زيد: معنى قول مالك - رضى الله عنه - أنها تغتسل عند كل وضوء حتى تجاوز 
الأيام والاستظهار» ثم هى مستحاضة. 


۳۸۰ ج ١‏ بدل الوضوء والغسل 


قال : وقد قال مالك: ليس عليها غسل» وهو أولى بتفسير قوله من ابن أبى زیدء 
والمستند فى هذا الحكم: أن امرأة استفتت عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما - 
فقالت: كلما أقبلت أريد الطواف هرقت الدم» ثم إذا ذهبت ذهب» قال: إنما ذلك 
ركضة من الشيطان؛ فاغتسلى» ثم استثفرى بثوب وطوفى. 

وقال - أيضا - فى موضع آخر: ومراده بعدم الغسل: إذا أصابها ذلك فى زمن 
الاستحاضة» كما قاله ابن أبى زيد. 

الثامن: قال صاحب الطراز: يستحب للمستحاضة» والحائض» والنفساء إذا 
تطهرن» أن يطيبن فروجهن؛ لما فى البخارى أن امرأة سألته - عليه الصلاة 
والسلام- عن غسلها من الحيضء فأراها كيف تغتسل» قال: «خَلِى فِرْصَّةٌ مِنْ 
مِسْكِ فَتَطْهُرى بها قَالْتْ كيف طهر بِهَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ الله! تَطهُرى بهًا. مالف 
عَائِمَةُ: تأَحَذْتُّهَا إِلَى فَقُلْتُ لَهَا: یہی بها َر الد . 

التاسع: قال صاحب البيان: قال مالك: إذا تركت المستحاضة الصلاة بعد 
انقضاء الاستظهار جاهلة» لا إعادة عليها. 

قال ابن القاسم : الإعادة أحب إلى» قال: ولو طال ذلك - أيضا - عليها؛ لأنها 
متأولة» والقضاء إنما ورد فى الناسى والنائم لتفريطهما. وقيل: تعيد إن كان يسيراء 
وإن كان كثيرا لم تعده» قال: وقد سألت شيخنا ابن رزق» فقال: ذلك محمول على 
ما بينها وبين خمسة عشر يوما للخلاف» أما غير ذلك فلا بد من قضائه؛ لأن ذلك 
ليس بحجة» وكذلك قاله ابن حبيب. 

الفصل الرابع. : فى التفاس 

والكلام على لفظهء وحقيقته : 

أما لفظه: فالنفاس فى اللغة: ولادة المرأة» لا نفس الدم» ذكره صاحب العين 
والصحاح؛ ولذلك يقال: دم النفاس» والشىء لا يضاف لنفسه» وهو بكسر النون» 
والمرأة: نفساءء بضمها وفتح الفاء والمد» والجمع: نفاس» بكسرهاء وفتح الفاء. 

وليس فى الكلام ما وزنه «فُعَلاء» يجمع على (فِعَال؛ غير «لمَسّاء» و «عَشَرَاء» 
ويجمعان - أيضا - على : نُفّسَاوَات وعُشَرَاوَاتء بضم الأول وفتح الثانى. ويقال: 





)١(‏ أخرجه البخارى (٤۳۱)ء‏ ومسلم (١/١1؟)‏ رقم (177"1/79) من حديث عائشة. 


بدل الوضوء والغسل ١+‏ ۳۸۱ 


نفست المرأة» بفتح النون وكسر الفاء» ويضم النون وكسر الفاء» والولد منفوس» 
وفى الحديث: (مَا مِنْ فس مَنْقُوسَةٍ إلا وَقَدْ كب مَكَائّهَا مِنَ اة أ الثار»"©. 

ولا يتعين اشتقاقه من النفس بمعنى الدم؛ لأن «النفس» مشترا ك بين الروح والدم 
' والجسد والعين» يقال: أصيب فلان بنفس» أى: عين» والنافس: العائن» ونفس 
الشىء : ذاته» نحو: رأيت زيدا نفسه» والنفس: قدر دبغة مما يدبغ به الأديم من 
القرظ وغيره» ومعانى هذا اللفظ كثيرة. 

وأما حقيقته: فهى أن دم الحيض إذا اشتغل الرحم بالولد انقسم ثلاثة أقسام: 

أصفاه وأعدله يتولد منه لحم الجنين» فإن الأعضاء تتولد من المئيين» واللحم 
يتولد من دم الحيض . 

والقسم الذى يليه فى الاعتدال يتولد منه لبن الجنين» غذاؤه الذى يحل بعد 
الوضع فى الثدى. والثالث: الأردأ: يجتمع فيخرج بعد الولادة» فدم النفاس فى 
الحقيقة دم حيض [اجتمع]. 

وفى الفصل فروع خمسة: 

الأول: قال فى الكتاب: غايته: ستون يوماء ثم رجع إلى العرف» وكره 
التحديد. وقال (ش): ستون. و(ح): أربعون. ومقصود الفريقين أن يكون أربع 
حيض» فلما كان (ح) يقول: أكثر الحيض عشرة» قال: أكثر النفاس أربعون. ولما 
قال مالك و(ش): خمسة عشرء قالوا: أكثره ستون» وذلك كله بناء على عوائد 

وأما أقله فلا حد له كالحيض» خلافا (ح) فى أن أقله خمسة وعشرون يوماء 
وعند أبى يوسف: أحد عشر؛ ليزيد النفاس على الحيض عنده بيوم. وفائدة الخلاف 
ههنا وفى الحيض: قضاء ما مضى من الصلوات. ويرد على التحديد أنه موقوف 
على التصوص» ولا نصوص؛ فلا تحديد» وأن الرجوع فى هذا إلى ما يقوله النساء 

الثانى : قال فى الكتاب: إذا انقطع» ثم رأته بعد ثلاثة أيام ونحوها: كان نفاساء 
(۱) أخرجه البخارى (۱۳۹۲)ء ومسلم /٤(‏ ۲۰۳۹)» حديث (5/ »)۲۹٤۷‏ من حديث على بن 


أبى طالب. 
(۲) سقط فى ش. 


FAY‏ ج ۱ الصلاة 





وإن بعد: كان حيضاء وهذا مبنى على أقل الطهرء وقد تقدم» وقال (ح) - رحمه الله 
تعالى -: إذا كان قبل الأربعين فهو نفاس. و(ش) مثله مرة» ومثلنا أخرى» وقال ابن 
حبيب : مشكوك فيه يعمل فيه بالاحتياط. 

لنا: أن الطهر التام فصل بين دمين مانعين من العبادة» فلا يلحق أحدهما بالآخر؛ 
قياسا على الحيضتين. 

الثالث: قال فى الكتاب: إذا زاد على العادة كان استحاضة. 

قال صاحب الطراز: قال عبد الملك: تستظهر إلى السبعين؛ لأن الدم قد يزيد 
كالحيض. 

وجه المذهب: أنه اجتهاد؛ فلا يزاد فيه كزمان الاستظهار. 

الرابع : قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا ولدت ولداء وبقى آخر إلى شهرين» 
والدم متمادٍ - فدمها محمول على عادة النفاس» ولزوجها الرجعة. 

قال: وقيل: إن حكمها حكم الحامل حتى تضع الولد الثانى» وقد اختلف 
الشافعية والحنفية على هذين القولين. 

لنا: أن حقيقة دم النفاس موجودة» وأن المانع من خروج الدم إنما هو انغلاق فم 
الرحم لسبب الحمل» وقد انفتح بالولد الأول؛ فيكون الخارج دم نفاس» فلا يتوقف 
جعله نفاسا على الثانى. 

قال صاحب الطراز: والذى يرى أنه حيض يقول: تجلس مدة حيض الحامل 
فقط» وقال: لو جعلناه نفاسا وهو شهران» وتضع آخر -: 

فإن قلنا: تجلس شهرينء» لزم أن يكون النفاس أربعة أشهرء ولا قائل به. 

وإن قلنا: لا تجلس» مع أنه دم عقيب الولادة» فذلك خلاف الأصل؛ فالواجب 
حينئذ أن يكون حيضاء والنفاس بعد الولد الثانى. 

فرع: إذا قلنا: إنه نفاس» فوضعت الثانى بعد شهرين - قال التونسى: يكون 
الثانى نفاسا؛ فإنه كأى ولد فى وعائه بدمهء ولأن الرحم ينصب إليه عند حركة 
الوضع من الدم ما لا ينصب إليه قبل الوضع» فلو وضعت الثانى قبل تمام النفاس 
الأول: ألغت الماضى واستأنفت من الثانى. 

وقال (ح): النفاس من الأول» فإن أتمت أربعين: لم يكن الثانى نفاساء وتابعه 


TAY ۱+ الصلاة‎ 





الشافعية؛ محتجين بأن الحيضتين لا تنصلان؛ فكذلك النفاسان» وقياسا على ما إذا 
اتصلتا قبل الولادة. 

الخامس : لو وضعت الولد جافاء ففى الغسل قولان مبنيان على أنه مخلوق من 
مائهاء وماؤها لو خرج لوجب الغسل والوضوء؛ فكذلك هوء أو: أنه خرج عن 
ذلك الطور إلى طور الحصا ونحوه. 


At‏ ج۱ الصلاة 


كتاب الصلاة 





والصلاة فى اللغة: الدعاءء ومنه قوله - تعالى -: #وَصَلٍ عَم إل صَلْوِتَكَ سكن 
ب4 [التوبة:"1١٠]‏ أى دعواتك» وسميت هذه العبادة صلاة: 

قيل: مجاز لما اشتملت عليه من الدعاء» وقيل: هى مأخوذة من «الصلوين»» 
وهما عرقان فى الردف» وأصلهما: الصلاء وهو عرق فى الظهر يفترق عند عجب 
الذنب» ومنه قول ابن دريد فى صفة الفرس: 

قريب ما بين القطاة والمطا بعيد ما بين القذال والصلا 

ولذلك كتبت «الصلاة» بالواو فى المصحف. 

قال صاحب التنبيهات: قيل هما عظمان ينحنيان عند الركوعء ولما كانا 
يظهران من الراكع سمى مصليا؛ لذلك» وفعله: صلاة. 

ومنه المصلى: وهو الفرس الثانى فى حلبة السباق؛ لأن رأسه يكون عند صَلَوَى 
الأول. 

وقيل: لأنها تالية الإيمان فى الفضيلة» كالثانى فى حلبة السباق. 

وقيل: إن فاعلها متابع لرسول الله يق كما يتابع الفرس الثانى الأول. 

وقيل: هى مأخوذة من تصلية العود بالنار ليقوم» ولما كانت تنهى عن الفحشاء 
والمنكر كانت مقومة لفاعلها. 

وقيل: من الصلة؛ لأنها تصل بين العبد وربه. وعلى الأول أكثر الفقهاء. 

ثم اختلف العلماء: هل أطلق هذا الاسم عليها بطريق النقل؟ وهو مذهب 
المعتزلة وجماعة من الفقهاء» أو بطريق المجاز؟ وهو مذهب المازرى والإمام فخر 
الدين وجماعة. 

واختلفوا فى وجه المجازء فقيل : لما كان الدعاء» وهو قوله - تعالى - آمرًا لنا: 
«أهدنا لوط افير جزءا من الصلاة سميت: الصلاة؛ من باب تسمية الكل 
باسم الجزء. 


)١(‏ فى أ: ينجيان. 
(۲) فى ط: لأن. 


الصلاة ج ۱ Ao‏ 


وقيل: من مجاز التشبيه؛ لأن كل مصل خاضع متذلل لربه مشبه للداعى فى 
ذلك . 

وقال القاضى أبو بكر الباقلانى من أصحابنا: ليس فى اللفظ نقل ولا مجاز» وهو 
مذهبه فى سائر الألفاظ الشرعيةء بل لفظ «الصلاة» مستعمل فى حقيقته اللغوية» 
وهى الدعاء. 

فإذا قيل له: الدعاء ليس مجزثا وحده» ويصح بغير طهارة» ورسول الله اة 


يقول: ١لا‏ يَْيّنُ اللهُ صَلَاةٌ بير طَهُورِع(') يقول" : عدم الإجزاء؛ لدلالة الأدلة على 
ضم أمور أخرى للدعاءء لا من لفظ «الصلاة». 

وإذا فرعنا على الأول» فهل لما نقل الشرع هذا اللفظ جعله متواطنا للقدر 
المشترك بين سائر الصلوات» أو جعله مشتركا كلفظ «العين» فى اللغة» وهو اختيار 
الإمام فخر الدين» محتجا: بأنه يطلق على ما فيه الركوع والسجود» وعلى 
ما لا ركوع فيه ولا سجود كصلاة الجنازة» وعلى ما لا تكبير فيه ولا سلام 
كالطواف» وعلى ما لا حركة للجسم فيه كصلاة المريض المغلوب» وليس بين هذه 
الصور قدر مشترك فيكون اللفظ مشتركا. 

قاعدة: تصر فات() العباد على أقسام : 

أحدها: حق الله - تعالى - فقطء كالمعارف» والإيمان بما يجب 
ویستحیل( ويجوز علیه» سبحانه وتعالى. 

وثائيها: حق العباد فقطء بمعنى أنهم متمكنون من إسقاطه؛ وإلا فكل حق للعبد 
فيه حت لله تعالى» وهو أمره سبحانه بإيصاله لمستحقه» كأداء الديون» ورد 
المغخصوب والودائع. 

وثالئها: حق الله - [تعالى)) - وحق العبادء والغالب مصلحة العباد 








(۱) تقدم تخريجه من حديث ابن عمر. 
(۲) فى ط: نقول. 

(۳) فى ط: تقربات. 

)٤(‏ فى ط: لله. 

)0( فى ط: ولا يستحيل. 

)٦(‏ سقط فى ش. 


١ + ۳۸٦‏ الصلاة 





كالزكوات» والصدقات» والكفارات» والأموال المنذورات» والهداياء والضحاياء 
والوصاياء والأوقاف. 

ورابعها: حق لله - تعالى - ولرسوله يلد والعباد كالأذان: 

فحقه تعالى : فى التكبيرات» والشهادة بالتوحيد» وحق رسوله - عليه السلام -: 
الشهادة له بالرسالة. 

وحق العباد: الإرشاد للأوقات» فى حق النساء والمنفردين والدعاء للجماعات 
فى حق المقتدين. 

والصلاة مشتملة على : 

حق الله تعالى كالنية» والتكبير» والتسييح» والتشهدء والقيامء والقعودء 
والركوع» والسجودء وتوابعها من [التورك] والكف عن الكلام وكثير الأفعال. 

وعلى حقه - عليه السلام -: كالصلاة والتسليم عليه» والشهادة [له) بالرسالة . 

وعلى حق المكلف» وهو دعاؤه لنفسه بالهداية» والاستعانة على العبادة وغيرهاء 
والقنوت» ودعاؤه فى السجود والجلوس لنفسهء وقوله: السلام علينا. 

وعلى حق العباد: كالدعاء لهم بالهداية فى القنوت وطلب الإعانة» والسلام على 
عباد الله الصالحين» والسلام على الرسول - عليه السلام - والتسليم آخر الصلاة 
على الحاضرين؛ فلذلك كانت الصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان. 

تمهيد: قال صاحب المقدمات: كان المفروض من الصلاة قبل الخمس ركعتين 
فى الغداة» وركعتين 1فى العشى]"ء فلم يزل فرض الصلاة على ذلك ما كان - 
عليه السلام - بمكة - تسع سنين - وفرضت الخمس قبل الهجرة بسنة. 

وقال إمام الحرمين» وابن مسلمة من أصحابنا: فرض الصلوات الخمس ناسخ 
ما كان يجب على الئاس من قيام الليل. 

قال إمام الحرمين: وقيل: وجوبه لم ينسخ عنه - عليه السلام - فى خاصته. 

قال صاحب الاستذكار: لم تختلف الآثارء ولا العلماء فى أن الصلاة إنما 


)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) سقط فى ش. 
(۳) فى ط: عشيا. 


PAY ١ الأوقات ج‎ 





فرضت بمكة ليلة الإسراء» [ثم أتاه](') جبريل من الغد لصبيحة الإسراء» فصلى به 
الصلوات لأوقاتهاء فى يومين. 

لكنهم اختلفوا فى كيفية. فرضها: 

فروى عن عائشة رضى الله عنها أنها فرضت ركعتين ركعتين ثم أكملت صلاة 
الحضر أرب . 

قال الشافعى» والحسن البصرىء وبعض [رواة هذا](" الحديث: الزيادة كانت 
بالمدينة . 

وقال ابن عباس وعمر بن الخطاب: فرضت الصلاة أربعا أربعا إلا المغرب» 
ففرضت ثلاثاء والصبح ركعتين» ويعضده قوله - تعالى -: طقس عَليَْدٌ جاح أن 
شا مى التكزة» [النساء: 25٠١١‏ وقوله - عليه السلام -: إن الله وَضَعّ عَنٍ 
الْمُسَافِرٍ الصّوّمَ وَشَطْرَ الصَّلَاة»29: وقوله - عليه السلام -: (ِإِنْمَا هى صَدَقَةٌ َصَدّقٌ 
اللهُ يها عَليْكُمْ فاقوا صَدَكتَهُه(' يعنى: القصرء وهذا كله يدل على أن الأصل 
الإتمام . 

قال: وحديث عائشة - رضى الله عنها - أصح إسناداء والجواب عن النصوص: 
أنها2 بعد الإتمام بالمدينة. 

ويدل على وجوب الصلدة 0 : الكتاب» والسنة» والإجماع: 

أما الكتاب: فقوله تعالى: لطا كَل السات والصسكزة الوسَمن» 
[البقرة:۲۳۸]ء وقوله تعالى: ار اة الوك الشَّمِين4 [الإسراء:۷۸] وهى 
الظهر والعصر إل عَسَقِ آل4 وهى المغرب والعشاءء «وفُرًان الجر 





)١(‏ فى ط: أتى. 

(؟) أخرجه البخاری (۱۰۹۰)» ومسلم )٤۷۸/۱(‏ رقم (۲۳/ 180). 

(0) فى ش: أهل. 

(4) أخرجه أبو داود )۲٤۰۸(‏ والترمذى (۷۱۵) وابن ماجه ١15710‏ ۹( وأحمد »)۳٤۷ /٤(‏ 
وغيرهم من حديث أنس بن مالك الكعبى . 

(۵) أخرجه مسلم )٤۷۸/۱(‏ رقم (358/4)» وأبو داود (۱۱۹۹)ء والترملى (20":5 وابن 
ماجه )١١56(‏ من حديث عمر بن الخطاب. 

(5) فى ط: أن ذلك. 

(۷) فى أ: الصلوات. 


١ + AA‏ الأوقات 


[وهی ]0 الصبح› > قاله ابن عباس وعكرمة ومالك ب بن أنس فى جماعة. 

وأما السنة: فقوله - عليه الصلاة والسلام - فى الموطأ: «حَْمْسٌ صَلوَات كبن 
الله عَلَى الاد فى ايوم اليل فَمَنْ جاءَ بهن و01" يُضَيِم مِنْهُنٌ شَيْكًا اسْيَحْفَانًا 
بحَمونْ كان له عند اللو عَهْدٌ أن يُدْمِلَهُ اة وَمَنْ لَمْ أت بِهِنّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الل 
عَهْدّ إن شَاءَ عَذْبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ لةه وفى الترمذى عنه - [عليه السلام]9) - 
وَل ما يُحَاسَبُ په الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةٍ مِنْ عَمَلِهِ صَلَائَهُ إن صَلَحَث فَقَدْ أفلح 
انج ؛ وَإِنْ قُسَدَتْ قْقَدْ خاب وخر ن لقص ين فَرِيضَيهِ شىء ال الأب 

تارك وَتعَالَى : انظرُوا مَل ل لِعَنِى يِن تُطوْع فَيْكْمَلَ بها ما لقص يِن الْفَرِيضَةٍ. كمْ 
کون سر عَمَلِهِ عَلَى َلك . 

وفى الكتاب اثنان وعشرون يابا. 


)١(‏ سقط فى ط. 

(۲) فى ط: لم. 

(۳) أخرجه مالك (۱۲۳/۱) رقم »)١5(‏ وأبو داود »)١57(‏ والنسائى /١(‏ ۲۳۰)ء وابن ماجه 
(41). 

)٤(‏ فى ط: أنه - عليه السلام - قال. 

(0) فى ش: نقص. 

)3ن أخرجه الترمذى 45 والنسائى )1/؟Y(‏ من حديث أبى هريرة» وقال الترمذى: 
حديث حسن غريب من هذا الوجه. 


الأرقات ج۱ ۳۸۹ 


الباب الأول 
فى الأوقات 





وهى مأخوذة من التوقيت» وهو التحديد» وسمى الزمان: وقتا؛ لما حدد) 
بفعل معين» فكل وقت زمان» ولیس كل زمان وقتا. 

والزمان عند أهل السنة: اقتران حادث بحادث. 

قال المازرى: إن اقترن خفى بجلى سمى الجلى: زماناء نحو: جاء زيد طلوع 
الشمس» [فطلوع الشمس](" [زمان المجىء إذا كان الطلوع معلومًا والمجىء فيا 
ولو خفى طلوع الشمس]0) عند ضرير أو مسجون» وقلت له: تطلع الشمس عند 
مجىء زيد - فيكون المجىء زمان الطلوع. 

وقيل: هو حركات الفلك» [فإذا تحرك الفلك]9) بالشمس على أفقنا فهو 
النهارء أو تحته فهو الليل. 

وقد نصب الله - تعالى - الأزمان أسباباء كما نصب الأوصاف. 

وفيها سبعة فصول: 

الفصل الأول: فى أقسامها 

قال صاحب التلقين: وهى تنقسم إلى وقت أداء ووقت قضاء» وإلى ما لا يجوز 
تقديم الصلاة عليه ولا تأخيره» كوقت الصبح» وإلى موسع كوقت الظهر؛ ومضيق 
كوقت المغرب» وإلى ما يتعلق به الفوات كوقت الصبح» وإلى ما لا يتعلق به 
الفوات كوقت الظهر والمغرب» فإن الظهر يكون أداء إلى الغروب» والمغرب إلى 
الفجرء وبقى عليه وقت الكراهة. 

وفى الجواهر: هو أربعة: بعد الفجر حتى يصلى الصبح» وبعد الصلاة حتى 
ترتفع الشمس» وبعد صلاة العصر حتى الغروب» وبعد الجمعة حتى ينصرف 
الناس» ولا يلحق بها الزوال على ما فى الكتاب» ويلحق على رواية. 





(1) فى أ: سحلده . 
(۲) سقط فى أ. 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ سقط فى أوش. 
(۵) فى ش: أفقها. 


۹ + ۱ الأوقات 

والمستند ما فى مسلم: أنه - عليه السلام - قال: ١لا‏ تَحَرُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوِعَ 
الشَّمْسِ وَلَا عُوُويَهَا فَتصَلُوهَا عِنْدَ ذَلِكَ)20» ونهى عن الصلاة بعد العصر حتى 
'تغرب الشمس» وبعد الفجر حتى تطلع الشمس. 

وفى مسلم: «ثلاث ساعات كان النبى ب ينهانا أن نصلى فيهن» وأن نقبر فيهن 
موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع» وحين تقوم قائمة الظهيرة حتى تزول 
الشمس» وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» قال مالك فى الكتاب: 
وما أدركت أهل الفضل إلا وهم يتحرون(" ويصلون فى نصف النهار» وكرهى() 
الشافعى إلا يوم الجمعة. 

وهذه الآثار معارضة لقوله - عليه السلام - فى مسلم: «مَنْ ام عَنْ صَلَاةٍ أو 
نَسِيَهًا فليْصَلْهَا إا ذَكَرَهَا؛ إن ذلك [َوَفْتٌ [ه29]1: وهذا خاص بالمفروضات 
المنسيات» والأول عام فى سائر الصلوات» والخاص مقدم على العام؛ فلا جرم 
استثنيت الفوائت» وما كان مؤكدا كركعتى الفجر وقيام الليل؛ لتأكده بالعادة» والنهى 
نهى كراهة» فيصلى القيام بعد الفجر» وقبل الصلاة» وكذلك الجنائز»ء وسجود 
التلاوة بعد الصبح والعصرء وقبل الحمرة على ما فى الكتاب» والمنع فيهما فى 
الموطأء وتخصيص الجواز بما بعد الصبح عند ابن حبيب» أما إذا خشى على الميت 
التغير صلى عليه مطلقا؛ تقديما للواجب - الذى هو صون الميت عن الفساد - على 
المكروه الذى هو الوقت. 

قال صاحب التلقين: ووقت الأداء ينقسم إلى خمسة أضرب: 

وقت فضيلةء وهو أول الأوقات. 

ووقت توسعة» وهو آخرها. 

ووقت عذر» وهو أوقات الجمع للمسافر. 


)١(‏ أخرجه مسلم (۱/ ٥٦۷‏ - 238) رقم (۰۲۸۹ ۸۲۸/۲۹۰) من حديث أبن عمر. 
(۲) أخرجه مسلم 558/١(‏ - 214) رقم (۸۳۱/۲۹۳) من حديث عقبة بن عامر. 
0) فى ط: ييجرون. 
(5) فى أ: فكرهه. 
(0) أخرجه البخارى (091): ومسلم (715/ )۱۸٤‏ من حديث أنس. 

وما بين المعقوفين فى ط: وقتها. 
)0ن فی ط: عام . 


الأرقات جا ۳۹۱ 





ووقت مشابه لوقت الفضيلة. 
ووقت الضرورة وهو ما قبل الغروبء» وطلوع الفجر أو الشمس لأرباب 
الأعذار. 

قال: والفرق بين وقت التوسعة ووقت الرخصة: أن التأخير إلى التوسعة يجوز 
من غير عذرء والتأخير لوقت الرخصة لا يجوز إلا لعذر لولاه لم يكن إما حظرًا وإما 
ندبا ويعنى بذلك: أنه يجوز تأخير الظهر مثلا إلى آخر القامة الأولى من غير عذرء 
ولا يجوز بعد القامة إلا لعذر لولاه لكان آثما على المشهور وإن كان مؤدياء أو 
مضيعا لمندوب على غير المشهور فى متعمد تأخير الظهر إلى غروب الشمسء فهذا 
معنى قوله: إما حظرا وإما ندبا. 

الفصل الثانى: فى وقت صلاة الظهر 

وهى مشتقة من «الظهيرة» وهى شدة الحرء يقال: ظهرء وظهيرة؛ فكأنه وقت 
ظهور ميل الشمس» أو غاية ارتفاعها؛ لأن المرتفع ظاهرء أو لأن" وقتها أظهر 
الأوقات بسبب الظل» وتسمى «الهجيرة» من «الهاجرة»؛ وهى شدة الحر» وتسمى: 
الأولى؛ لأنها أول صلاة صلاها جبريل برسول الله بء ولذلك بدأ العلماء بها فى 


التصانيف . 
وأول وقتها : الزوال» وهو نزول الشمس عن وسط السماء» وعلامتها: زيادة 
الظل بعد نقصانه. 


تنبيه: قد يعلم من غير زيادة الظل» بأن تحرر خطا على وجه [الأرض]° 
مسامتا لخط الزوال فى السماءء بالطرق المعلومة عند أرباب المواقيت» وتضع فيه 
قائماء فعند©) الزوال يخرج ظل القائم من الخط من غير زيادة الظل» خصوصا فى 
الصيف» فهذا أول الوقت الاختيارى» إلى أن يصير ظل كل شىء مثله» بعد الظل 
الذى زالت عليه الشمس. 
٠‏ وقال أبو حنيفة: آخر الاختيارى: إذا صار ظل كل شىء مثليه. 





)١(‏ فى ش وأ: المغرب. 
(۲) فى ش: ولأن. 
(۳) سقط فى أ وش. 
)٤(‏ فى ط: وعند. 


۳4۲ ج ۱ الأوقاتث 


الفصل الثالث: فى وقت صلاة العصر 

وهى مأخوذة من «العشى» ؛ فإنه يسمى عصراء وقيل: من طرف النهارء 
والعرب تسمى كل طرف من النهار عصراء وفى الحديث: «حَافِظُوا عَلَى الْعَضْرَيْنِ : 
صَلَاةٍ قبل طُلُوع الشّمْسٍِء وَصَّلَاةٍ قبل عُرُويهَان('© يريد: الصبح والعصر. 

وأول وقتها: إذا صار ظل كل شىء مثله» إلى غروب الشمس. 

ووقت الفضيلة منه: ما دامت الشمس نقية» وهو قوله فى الكتاب: ما رأيت مالكا 
يحدد فى وقت العصر قامتين؛ بل يقول: [والشمس]0") بيضاء نقية. 

وروى ابن عبد الحكم: أن الفضيلة إلى القامتين بعد زيادة ظل الزوال» وهما 
متقاربان؛ فإن الشمس حينئذ تكون نقية . 

قال صاحب الطراز: ولأصحابنا أن أول وقتها قبل انتهاء القامة الأولى بقدر أربع 
ركعات العصر؛ لقوله - عليه السلام - فى حديث جبريل: «وَصَلَى بى الْعَضْرٌ جين 
صَارَ ظِلُ كل شىء يله واللفظ ظاهر فى الجملة» ووافقنا الشافعى. 

وقال أبو حنيفة : أول وقتها: آخر القامتين؛ لما فى الموطأ عن القاسم بن محمدء 
قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يصلون العصر؟ بعشى)ء وهذا يقتضى أن 
العصر بعد القامتين» وهو معارض لحديث جبريل. 

فإن صلى العصر قبل القامة الأولى لا يجزثه. 

وقال أشهب: أرجو إن صلى العصر قبل القامة والعشاء قبل الشفق أن يجزئه» 
وإن كان لغير عذر لأن المسافر قد يصليهما كذلك عند رحلته"ء ولأن القامة 
الأولى» لو لم تكن وقتا لها لما جاز تقديمها للعذر. 








)١(‏ أخرجه أبو داود (478)» وابن حبان »)۱۷٤۲(‏ والحاكم (۱۹۹/۱ - ۲۰۰) من حديث 
فضالة الليثى. 
(؟) سقط فى ش وأ. 
(۳) أخرجه أبو داود (۳۹۳)ء والترمذى )۱٤۹(‏ من حديث ابن عباس . 
وأخرجه النسائى /١(‏ *77؟) عن جابر. 
(4) فى ش وأ: الظهر. 
(0) أخرجه مالك )۹/١(‏ رقم .)١7(‏ 
() فى ش: الظهر. 
)¥( فی ط: رحيله . 


الأو قات ج ۱ ۳44 





فائدة: من علم وقت الظهر علم وقت العصر؛ فإنه يزيد على ظل الزوال ستة 
أقدام ونصفاء بقدمهء فإنه قامة كل أحد غالبا. ومن لم يعلم ظل الزوال فقد قال ابن 
أبى زيد: من علق يده وجعلها بين نحره على ترقوته وبين حنكه وخنصره مما يلى 
الترقوة» واستقبل الشمس قائما لا يرفع حاجبيه: فإن رأى قرص الشمس فقد دخل 
العصر» وإن كان قرصها على حاجبيه لم يدخل. 

ويعرف الظهر: بأن تضرب وتدا فى حائط تكون الشمس عليه عند الزوال» فإذا 
زالت الشمس انظر طرف ظل الوتد» واجعل فى يدك خيطا فيه حجر مدلى من أعلى 
الظل؛ فإذا جاء الخيط على طرف الظل فخط مع الخيط خطا طويلاء فإنه يكون خطا 
للزوال أبد الدهرء فمتى وصل ظل ذلك الوتد إليه فقد زالت الشمس» ففى الشتاء 
يصل إليه أسفل» وفى الصيف فوق. 

الفصل الرابع : فى وقت صلاة المغرب 

وهى مشتقة من الغروب» ولا تسمى: عشاء» لغة ولا شرعا؛ ففى الصحيح 
النهى عن تسميتها عشاء. 

قال فى الكتاب: غروب قرص الشمس دون الشعاع إلى حين الفراغ منهاء 
للمقيمين» ويمد المسافر الميل ونحوه. 

ورواية الموطأ: إلى الشفق» وهو اختيار الباجى» و(ح). ووقع فى المدونة: 
امتداد وقتها الاختيارى؟ لقوله فى باب التيمم» فى الذى يخرج من قريته يريد قرية 
أخرى وهو غير مسافر» وعلى غير وضوء: إن طمع فى إدراك الماء قبل الشفق أخر 
الصلاة . 

حجة المشهور: أن الأمة مجمعة على إقامتها فى سائر الأعصارء والأمصار عند 
غروب الشمس» ولو كان ممتدا لفعلت [فيها)"“ ما تفعله فى الظهر وغيرها من 
التقديم» والتأخير. 

وأمكن أن يقال: إن إجماعهم لوقوع الخلاف فى امتداد وقتها الاختيارى؛ 
احتياطا لأن يكون وقتها غير ممتدء وهذا بخلاف سائر الصلوات» وحديث جبريل: 





)١(‏ زاد فى ط: يصل إليه. 
(؟) سقط فى ش. 


۳۹٤‏ جا الأوقات 





فى كونه صلى به - عليه السلام - المغرب فى اليومين فى وقت واحد. 

حجة الثانى: ما فى مسلم: قال [عليه السلام]: وَفْتٌ الْمَغْرِبٍ إِلَى أَنْ تَغِيبَ 
حُمْرَةُ الشّمّيِغ('2» والقياس على سائر الصلوات. 

وإذا فرعنا على عدم امتداد وقتها فما حده؟ 

فعندنا: ما تقدم. 

وللشافعية قولان: [أولهما): أن يعتبر بعد الغروب الطهارة» ولبس الثياب» 
والأذان» والإقامة» وفعل ثلاث ركعات» فإن أحرم بها بعد ذلك فهى قضاء أو فى 
أثناء ذلك فقد أحرم فى الوقت. 

وثانيهما: أنه غير ممدود؟ء وهو قول الشافعى. 

قال صاحب الطراز: واتفقوا على جواز امتدادها إلى مغيب الشفق؛ لما فى 
الموطأ: أنه - عليه الصلاة والسلام - قرأ فى المغرب بالطورء وقرأ بالمرسلات» 
قال: وهذا مما يقوى امتداد وقتها؛ لأنه لا يجوز امتداد وقتها إلى ما بعد الشفق. 

قال: وإذا قلنا بالامتداد والاشتراك» فهل تختص العشاء قبل الشفق بمقدار 
فعلهاء أو تمتد بعد الشفق بمقدار؟ المغرب» وهل يجزئ تقديم العشاء من غير 
عذر» وهل يأثم بتأخير المغرب إلى بعد الشفق؟ اختلف فى جميع ذلك» كما فى 
الظهر والعصر. 

الفصل الخامس: فى وقت العشاء 

والعشاء - بكسر العين ممدودا - أول الظلام وعتمة الليل» وتلبده" وظلمته. 
وأعتم القوم: إذا ساروا حيتئذ» والعتمة - أيضا -: الإبطاء» وروى عن بعض 
السلف أنه كان يغضب ويصيح إذا سمع من يسميها: العتمة» ويقول: إنما هى 
العشاء؛ لما فى مسلم أنه - عليه السلام - قال: «لَا يَمْلِيتَكُمُ ألأَْرَابُ عَلَى اسم 
(۱) سقط فى ش. 
(۲) أخرجه مسلم (١/57؟4‏ - )٤۲۷‏ رقم (۰۱۷۱ 1۱۲/۱۷۲) من حديث عبد الله بن عمرو. 
(۳) سقط فى أء وفى ط: أحدهما. 
() فى ش: محدود. 
(6) فى ش: استدامتها. 


(5) فى ش: إلى قدر. 
(۷) فى ط: ثلثه. 


الأوقات ج۱ ۳40 





صَلَايكُمْء إا فى کاب الله - تَعَلَى - لاء وما غمْ جلاب الإبل» والسر 
فى ذلك: أن [عادة](') العظماء إذا سموا شيئا باسم» لا يليق العدول عنه؛ لما فيه 
من تنقيصهم والرغبة عن صنيعهم؛ والله - تعالى - أعظم العظماء قد سماها العشاء 
فى قوله - تعالى -: اء أَبَاهُمْ کا يبَكورت» [يوسف:١]»‏ وين بع صَلَزة 
اليك كلت وتو لك [النور :0108 وفى الموطأ عنه - عليه السلام -: الَو 
يَعْلَمُونٌ مَا فى الَْتَمَةٍ وَالْصّبْح لأنَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوَاو(2©2 وهذا يقتضى الجواز. 

وأول وقتها: مغيب الشفق» وهو الحمرة دون البياض؛ لقول العرب: هذا الثوب 
أشد حمرة من الشفق» ولو كان البياض لما صح ذلك 1الكلام]“. 

وفى الجواهر: لا تعتبر الصفرة أيضا. 

قال صاحب الطراز: وروى ابن القاسم عنه29 أن البياض الذى يشك فيه» 
كالحمرة . 

وقال (ح): مغيب البياض؛ لما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - كان يصليها 
لمغيب القمر لثلاث"ء وهذا ربع الليل. 

ويعضده قوله - تعالى -: قر ّلك بدك القِّين إك عسي ابل 
[الإسراء:۷۸]. 

والغسق: اجتماع الظلمة» ولأنها عبادة متعلقة بأحد النيرين؛ فيتعلق بالثانى 
منهماء أصله: صلاة الصبح مع الفجرين» ولأن الشفق من الشفقة» وهى رقة 
القلب؛ فكلما كان أرق كان أولى بالاسمء والبياض أرق من الحمرة» ولأنه سبب 
لصلاة ضرورية من الدين» ؤسبب الضرورى لا يثبت إلا بيقين. 

والجواب عن الأول: أنه معارض بحديث! جبريل . 





)١(‏ أخرجه مسلم (۱/ )٤٤٥‏ حديث (۲۲۹/ 114) من حديث أبن عمر. 
(؟) فى ط: العادة أن. 

(۳) أخرجه البخارى (516) ومسلم (۱۲۹/ )٤۳۷‏ من حديث أبى هريرة. 
)٤(‏ سقط فى ش. 

(۵) فى ش: الحمرة. 

(5) فى آ: عنه آیضا. 

(۷) أخرجه أبو داود (415) من حديث النعمان بن بشير. 

(۸) فى ش: لحديث. 





وعن الثانى: أنه بيان للغاية» ونحن نقول به. 

وعن الثالث: أنه عبادة متعلقة بأحد النيرين؛ فيتعلق بأقربهما إلى الشمس» 
أصله: الصبح. 

وعن الرابع : أنه معارض بما فى الموطأء أن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - 
قال: الشفق: الحمرة2©9» فإذا غاب فقد وجبت الصلاة. 

وعن الخامس: أنه باطل بإثباتهم آخر وقت العشاء إلى الفجرء بغير نص 
ولا إجماع؛ بل أكثر' العلماء على خلافهمء وكذلك امتداد" وقت المغرب إلى 
الشفق» ووقت الظهر إلى آخر القامتين» والجمهور على خلاف ذلك . 

وفى الكتاب: يمتد وقتها الاختيارى إلى ثلث الليل» وكذلك عند الشافعى. 

وعند ابن حبيب: إلى نصف الليل. 

وعند (ح): الليل كله. 

وعند الدخعى: ربع الليل . 

حجة الثلث: حديث جيريل. 

حجة النصف : رواية فيه» وما فى الموطأ: أن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه- 
كتب إلى أبى موسى الأشعرى: أن صل العشاء ما بين أن يغيب الشفق وبين ثلث 
الليل» وإن أخرت فإلى نصف الليل ولا تكن من الغافلين29 . 

الفصل السادس: فى وقت الصبح 

والصبح والصباح: أول النهارء وقيل: من الحمرة التى عند ظهوره» ومنه: 
صباحة الوجهء لحمرته» وتسمى: صلاة الفجر؛ لتفجر النور كالمياه. 

وأول وقتها: طلوع الفجر المستطير الصادق» وهو الثانى» ولا يعتبر الأول 
الكاذب» وهوالذى لا يمتد مع الأفق» بل يطلب وسط السماء. وكثير من الفقهاء 
لا يعرف حقيقتهء ويعتقد أنه عام الوجود فى سائر الأزمنة» وهو خاص ببعض الشتاء 
وسبب ذلك أنه المجرة» فمتى كان الفجر بالبلدة ونحوها طلعت المجرة قبل الفجرء 
)١(‏ أخرجه مالك .)١17/1(‏ 


(۲) فى ط: أثبتوا. 
(9) أخرجه مالك )7/١(‏ رقم (۸). 


الأوقات ج ۱ ۳۹% 





وهى بيضاءء فيعتقد أنها الفجرء فإذا باينت الأفق ظهر من تحتها الظلام» ثم يطلع 
الفجر بعد ذلك» أما غير الشتاء» فيطلع أول الليل» أو نصفهء لا يطلع آخره إلا 


الفجر الحقيقى . 
ثم يمتد وقتها الاختيارى إلى الإسفار» وهو فى الكتاب» وقيل: إلى طلوع 
الشمس. 


قال القاضى أبو بكر: وهو الصحيحء [ولا](2 يصح عن مالك غيره. 

وجه الأول: حديث جبريل. 

ووجه الثانى: ما فى مسلم أنه - عليه السلام - قال: (إذا صلم الْفَجِرَ فَإِنهُ وَقْتٌ 
إِلَى أن يَطْلْمَّ قَرْنُ الشّمْسِ الأَوّلُ؛ وفى رواية: «رَقْتٌ صَلَاةٍ الصبْح مِنْ طلُوع الْمَجْرٍ 
إلى وع الشنس»0©. 000606 

قال(" صاحب الطراز: والجمهور أنها من صلاة النهار؛ لتحريم الطعام على 
الصائمء وهو لا يحرم إلا نهارا. 

وقال الأعمش: هى من صلاة الليل؛ لقوله - تعالى -: فوا ءايه الل حملن 
َي امار مُبَرَة4 [الإسراء: ١١]ء‏ وآية النهار هى الشمس» ولقوله -عليه السلام-: 
١صَلَاةُ‏ اهار حَجْمّا؛) والصبح ليست عجماءء وقول أمية بن أبى الصلت: 

والشمس تطلع كل آخر ليلة ‏ حمراء تبصر لونها يتوقد 

وقال المازرى: قيل: هو وقت بداية() , 

والجواب عن الأول: القول بالموجب. 

وعن الحديث: قال الدارقطنى: هو ليس بحديث» وإنما هو قول الفقهاء. 

وعن الشعر: أن الخليل قال: النهار أوله من الفجرء ولعل المراد بالشمس 
ضياؤهاء على حذف مضاف. 





)١(‏ فى أ: لا. 
(۲) أخرجه مسلم 477/1١(‏ -4717) رقم (117/19/1): /۱۷٤(‏ 1۱۲) من حديث عبد الله بن 
عمرو بن العاص. 
(۳) فى أ: فقال. 
)٤(‏ باطل لا أصل له. 
وينظر كلام السخاوى فى «المقاصد الحسنة» (ص750١).‏ 
(0) فى ش: بذاته. 


١ + ۳۹۸‏ الأوقات 





ويؤكد تقرير هذه الأوقات حديث جبريل عند الترمذى وأبى داود: أنه - عليه 
السلام - قال: «أمْنى جِبْرِيلُ عِنْدَ البَيِتِ مر رین َصَلَى بى الظُهْرٌ حِينَ زَالَت 
ل َكَانَتْ قَذْرٌ الشّرَاكِء وَصَلَى پى الْعَضَْ حِينَ صَارَ ظِك کل شىء يل 

پى المرب حِينَ أنْطرٌ الصِّئم؛ ٠‏ وَصَلَى پى الْعِشَاء جِينَ عَابَ الشّفَّنُء وَصَلَى 

ىال جين حزم الَا َالشَرَابٌُ عَلَى الصَّائِمٍء لما گان الْعَدُء صلی بى الظهرٌ 
جين گان ل کل شّىء مء وَصَلَى بى الْعَضْرٌ ین گان ل کل شیء بء وَصَلَى 

بن الْمَْربَ جين أقْطْرٌ الضَّائِمُ» وى ى ايا إلى تلع ليه وك ب قر 
افر م المت قال : يا مُحَمْدُه هَذَا وَقْتُ لاء مِنْ بلك( وَالْوَقْتُ 

َلَيْنِ لوين" . وفى بعض طرقه: أنه - عليه السلام - كان يصلى ا 
جبريل» والناس يصلون بصلاة النبى بلا . 

فروع ستة: 

الأول: الاشتراك عندنا واقع فى الأوقات» خلافا (ش) و(ح) وابن حبيب من 
أصحاينا . 

لنا وجوه: 

أحدها: الروايات الدالة على جمعه - عليه السلام - بين الظهر والعصرء 
والمغرب والعشاء دون غيرهاء ولولا الاشتراك لروعيت الضرورة فى غيرهاء كما 
روعيت فيهاء [ولا يلزم نقض العلة إلا لموجب](". 

وثانيها: أن أرباب الضرورات يدركون الصلاتين قبل الغروب وقبل الفجرء مع 
انعقاد. الإجماع على أنه لا يجب عليهم ما خرج وقته فى غير محل التزاع؛ فيكون 
وقتها باقياء ولا معنى للاشتراك إلا ذلك. 

ثالثها: قوله - عليه السلام -: «أَنّى جِبْرِيلٌ مَرَتين. . .» الحديث» وذكر فيه أنه 
صلى به العصر فى اليوم الأول حين صار ظل كل شىء مثلهء وصلى به الظهر 


)١(‏ فى ش: الإسفار. 

(؟) أخرجه الترمدی (۹٤۱)ء‏ وأبو داود (۳۹۳)» وأحمد (۳۳۳/۱) من حدیث ابن عباس. 
(۳) فى ط: وإلا يلزم نقض العلة لا لموجب. 

)£( فى ش وأ: بی 

)02( فى ش وأ: ہی 


الأوقات +۱ ۳۹4 


احتجوا بحديث عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما - وفيه: «وقت الظهر ما لم 
يدخل وقت العصر»(©2: وبحديث جبريل» وأنهما يوجبان حصر الأوقات؛ وأما 
[وقت أرباب الضرورات فخاص] بهم . 

والجواب عن الأول والثانى: قوله - عليه السلام -: «مَنْ أذرَكَ رَه قبل عُرُوب 
المّمْسٍ كذ أذْرَكَ الْعَضْرَه9)؛ فلا بد من الجمع بين الأحاديث: فيحمل الأول على 
أفضل الأوقات» والثانى على ما فيه تفريط أو عذرء وعن الثالث: أن معنى 
اختصاص الوقت بأرباب الضرورات: أنهم غير مقصرين فيهء بخلاف غيرهم؛ لما 
ذكرناه من الإجماع على عدم لزوم ما خرج وقته. 

تفريع: إذا قلنا بالاشتراك» فالمشهور المنقول فى الجواهر: أنه خاص بأربع 
ركعات من أول القامة الثانية. 

وقال التونسى: الاشتراك فى آخر القامة الأولى بقدر أربع ركعات» ومنشأ 
القولين : قوله - عليه السلام -: «فُصَلَى بى الْعَضْرٌ جين صَارَ ظِلُ کل شىء مِْلةُه- : 
إن حملنا الصلاة على ابتدائها وهو مجازء كان الاشتراك واقعا فى القامة الثانية» أو 
على كمالهاء وهو الحقيقة» كان الاشتراك فى آخر القامة الأولى» ولا يتجه فى 
قوله- عليه الصلاة والسلام -: «قَصَلَى بى الظْهْرَ حِينَ زَالَتٍ الشّمْسُ؛ إلا الابتداءء 
والمجازء ويكون من إطلاق لفظ الكل على الجزء» وكذلك المغرب» والصبح؛ 
فيتأكد المشهور بهذه الصلوات. 

قال صاحب التلخيص: فيما©) بين القامتين ثلاثة أقوال: مشترك بين الصلاتين؛ 
ومقسوم بينهما بغير اشتراك» ومستقل بذاتها. 

قال: ولو صلى الظهر عند الزوال والعصر بأثره» لم تجب*) الإعادة على القول 





(۱( أخرجه مسلم 2/1 رقم 2119/90 وأبو داود (47") من حديث عبد الله بن عمرو بن 
العاص. 

(۲) فى ط: أوقات أرباب الضرورات فخاصة. 

(۳) أخرجه البخارى »٥٥٩0(‏ 014)) ومسلم )14/١(‏ رقم (508/151) من حديث 
أبى هريرة. 

)٤(‏ فى ط: فما. 

)٥(‏ فى ط: تجب عليه. 


١ + f‏ الأوقات 





بالاشتراك» وحكاه صاحب اللباب. 

وقال أشهب: الاشتراك عام فى الثانية» بدليل أرباب الضرورات. 

وقال صاحب التلقين وابن القصار وغيرهما: وتختص' الظهر بمقدارها عند 
الزوال» والعصر بمقدارها عند الغروب؛ لوجوب إيقاع الظهر [قبل العصر وفوات 
الظهر]" مع إيجاب العصر آخر النهار. 

وقال المازرى: وعند بعض الأصحاب عدم الاختصاص مطلقاء ويقول: تقدم 


الظهر لأجل الترتيب لا لعدم الاشتراك. 
الثانى : قال صاحب الطراز: تجب الصلاة عندناء» وعند الشافعى وجوبا موسعا 
من أول الوقفت. 


وعند زفر تجب بآخر الوقت» بقدر ما توقع فيه الصلاة. 
وقال أبو بكر الرازى من الحنفية: [يكتفى]" بتكبيرة الإحرام. 
وقال الكرخى منهم: تجب إما بالشروع» أو بالتأخير إلى آخر الوقت. 
واختلف القائلون بآخر الوقت فى الصلاة أول الوقت: [هل هى نافلة أول الوقت]0) 
أو موقوفة؟ فإن خرج الوقت وهو مكلف أثبتنا أنها واجبة وإلا كانت نفلا. 
وروى المزنى عن الشافعية: أن الوجوب متعلق بأول الوقت. 
وحكى عن بعضهم: أن من مات وسط الوقت أثم» وعندنا لا يأثم. ' 
قاعدة: [الواجب]ء والمخيرء والموسع» والكفاية29» كلها مشتركة فى أن ' 
الوجوب متعلق بأحد الأمور. 
ففى المخير: بأحد الخصال. 
والموسع: بأحد الأزمان الكائنة بين طرفى الوقت. وفى الكفاية: بأحد 
الطوائف» والفرق بينها: أن تعلق الإيجاب فى المخير بالواجب» وفى الموسع 
بالواجب فيه» وفى الكفاية: بالواجب عليه. 
)0( فى ش : واختص. 
(؟) سقط فى ش. 
(۳) سقط فى ش وأ. 
)٤(‏ سقط فى أء وفى ش: هل تقع فرضًا أو نفلا يقوم مقام الفرض. 
(0) سقط فى أوش. 
)١(‏ فى ش وأ: وعلى الكفاية. 


الأرقات ج1 ٤‏ 





إذا تقرر ذلك فمتعلق الإيجاب فى الموسع أحد الأزمنة الكائنة بين طرفى الوقت» 
ومتى تعلق الوجوب بقدر مشترك كفى فيه فرد من أفراده» ولا يتعين9© الإخلال 
به إلا بترك جميع أفراده؛ فلا جرم -خرج المكلف عن العهدة بأى زمان كان بترك 
جميعهاء فمن لاحظ هذه القاعدة» وهو الحق» قال: الوقت كله طرف للوجوب؛ 
لتحقق المشترك فى جملة أجزائه الذى هو متعلق الوجوب» ومن لاحظ أن الوقت 
سبب» والإجزاء حاصل بالفعل أول الوقت» مع أن الأصل ترتب المسببات على 
أسبابها - حكم بأن أوله وقت الوجوب. ومن لاحظ أن حقيقة الواجب: ما يلحق 
الإثم بتركهء وهذا إنما يتحقق آخر الوقت - قال: الوجوب مختص به. ومن 
أشكلت عليه الحجج قال بالوقف . والحق الأبلج معنا؛ لما" تقدم فى تقرير القاعدة . 

فرع: قال القاضى عبد الوهاب: الذى تقتضيه أصول [مذهب]9) مالك - رحمة 
الله عليه -: أنه لا يجوز تأخير الواجب المخير إلا ببدل» وهو العزم على دائ فى 
الوقت؛ لأن من توجه عليه الأمر ولم يفعل ولم يعزم على الفعل» فهو معرض عن 
الأمر بالضرورة» والمعرض عن الأمر عاص» والعاصى يستحق العقاب. 

واختار الباجى وغيره عدم وجوب هذا العزم؛ لأن الأمر دل على وجوب الفعل 
فقط» والأصل عدم وجوب غيرهء ولأن البدل يقوم مقام المبدل؛ فيلزم سقوط 
المأمور به» وهو خلاف الإجماع. 

الثالث: قال صاحب الطراز: لا تزال الصلاة أداء ما بقى الوقت الضرورى؛ لأن 
الأداء: إيقاع العبادة فى وقتها المحدود لهاء [وهذا الوقت مححدود لها]29» فإذا تعمد 
التأخير إلى آخر الضرورى لا يأثم عند ابن القصار؛ حملا لقوله - عليه السلام -: «مَنْ 
أَدرَكَ رَمْعَةَ مِنَ الْمَضر قَبْنَ أن تَمْدبَ الشَّمْسٌ فمّذ أذرَك الْعَضْرَع9" على إدراك الأداى 
والمؤدى ليس يآثم؛ لأنه فعل ما أمر به. 


(۱) . فی ش: بظرف. 
(۲) فی ش: یتیقن. 
(۳) فى ط: معثى ما. 
)٤(‏ سقط فى ش وأ. 
(0) فى ش: أدائها. 
(۷) تقدم تخرييجه من حديث أبى هريرة. 





t۲‏ ج١1‏ الأوقات 


ااال ا س 

وقال الفورى: لو قيل بالإثہ": لم يبعد؛ للتأخير عن الوقت المحدود فى 
حديث جبريل . 

[ال]: ولا خلاف أن من تعمد التأخير حتى بقى زمان ركعة فقط أنه عاص . 

ورجح صاحب الطراز الأولٌء محتجا: بأن العبادة تسقط فى هذه الحالة 
بالأعذار» ولولا أن الوقت باق؛ لم تسقطء وأنكر الإجماع» وظاهر كلام ابن 
القصار يأباه. 

قال صاحب المقدمات: اتفق أصحاب مالك على امتناع تأخير الصلاة عن الوقت 
المختار إلى ما بعده من وقت الضرورة» وأنه لا يجوز إلا لضرورة» وهو القامة فى 
الظهر؛ والقامتان فى العصرء أو ما لم تصفر الشمس» ومغيب الشفق فى المغرب» 
على القول بأن له وقتين» وانقضاء نصف الليل فى العشاء الأخيرة» والإسفار فى 
الصبح؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ِلك صَّلَاةٌ المُتَافقِينَ)9؟) الحديث» ولأنه 
لم يعهد فى السلف؛ فمن فعل ذلك فهو مضيع لصلاتهء وإن كان مؤدياء وأما 
[تركها حتی] يخرج الوقت فمن الكبائر؛ لقوله - تعالى -: خلت ِن بتي حل 
ماعو ألصّلرة اتبا اهوت وف يلقن غناك [مريم:1909]. 

الرابع : فى التأخير والتعجيل. 

قال فى الكتاب: أحب إلى أن يصلى الظهر فى الشتاء والصيف والفىء قدر 
ذراع» كما أمر به عمر بن الخطاب» رضى الله عنه. 

واستحب (ش) - رضى الله عنه - التعجيل أول الوقت» و(ح): التأخير إلى آخر 
الوقت للفذ والجماعة. 

لنا: أن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - كتب إلى عماله: إن أهم أموركم 
عندى الصلاة» فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه» ومن ضيعها فهو لما سواها 
أضيع . ثم كتب: أن صلوا الظهر إذا كان الفىء ذراعاء إلى أن يكون ظل أحدكم 


)0غ( فى ش: التووى. 

(۲) فى ش: يأثم. 

(۳) سقط فى ط. 

)٤(‏ أخرجه مسلم )٤۳٤/۱(‏ رقم (177/140) من حديث أنس بن مالك. 
(5) فى ش: حين. 


الأرقات +1 ° 





مدل( . 

حجه (ش) ما فى الموطأ: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبى موسى الأشعرى: 
أن صل الظهر إذا زاغت الشمسر. 

وفى أبى داود: كان - عليه السلام - يصلى الظهر إذا زالت الشمسر9 . و «كانة 
تشعر بالدوام» والعادة» وفيه أيضا: سثل - عليه السلام - عن أفضل الأعمال» 
فقال: «الصّلاةٌ لأَولٍ رَفْبه»0. 


حجة (ح) ما فى الموطأ: أن أبا هريرة - رضى الله عنه - سثل عن أول وقت 
الصلاة» فقال للسائل: صل الظهر إذا كان ظلك مثلك» والعصر إذا كان ظلك 
مثليك0*) . /! 

وجواب (ش): أن تابه لأبى موسى الأشعرى تحذير عن قبل الزوال» أو 
يخصه ذلك" فى نفسه؛ جمعا بين كتابيه. 

وعن الثانى : أنا نعلم أن الأذان بعد الزوال» واجتماع الناس» والنفل» وهذه سئة 
السلف. 

وجواب (ح) عما فى الموطأ عن أبى هريرة: أنه سئل عن وقت الصلاة - لعل 
ذلك كان فى زمن الشتاء» إذا كان ظل الزوال كذلك» أو لعله سئل عن آخر الوقت؛ 
فلا يكون بینه وبين قول عمر خلاف» بل قول عمر أرجح؛ لكونه إمام المسلمين» 
وأكثر فحصا عن دينهم» وأما قوله: «والفىء ذراع» فالفىء لا يقال إلا بعد الزوال؛ 
لأن الظل يفىء بالزيادة بعد النقصان» أى: يرجع» وأما الذراع» فقال التونسى: هو 
ربع القامة» فإنه الغالب من كل إنسان. 

قال صاحب الطراز: علة ذلك: اجتماع الناس»ء وأما الفذ فظاهر قوله أنه 


.)1( رقم‎ )1/1١( أخرجه مالك‎ )١( 

(؟) أخرجه مالك (۷/۱) رقم (۷). 

() أخرجه أبو داود .)۳۹۴٤(‏ 

)٤(‏ أخرجه البخاری )٥۲۷(‏ ومسلم (۱/ )1١ - ۸٩‏ رقم (۱۳۷/ 80) من حديث ابن مسعود. 
() أخرجه مالك (۸/۱) رقم .)٩(‏ 

(5) فى أ: کتابته. 

(۷) فى ط: يذلك. 


f‏ ج ۱ الأوقات 





لا يؤخرء وكذلك نص عليه ابن أبى زيد فى الرسالة» وهو قول ابن حبيب 
والعراقيين فيه» وفى الجماعة المتوفرة. 

وروى ابن القاسم أنه يؤخر قليلا؛ لأن مساجد الجماعات أصل فى الصلوات» 
وما عداهم تبع لهم. 

فرع مرتب: قال صاحب الطراز: ظاهر الكتاب أن الذراع لا يزاد عليه لشدة 
الحر؛ فذهابها" به. 

وقال أشهب و(ش): يؤخر ذراعين؛ لما فى أبى داود: (إِنَّ شِدَّةٌ الْحَرٌ مِنْ فيح 
جَهَثمَ؛ إا اشد الْحَدُ ابروا باللاو قال أبو ذر: حتى رأينال» الفىء فی( 
التلول. 

ومعنى الإبراد: الدخول فى وقت البرد؛ نحو: أتهمء وأنجد» إذا دخل تهامة 
ونجداء وأصبح وأمسى: إذا دخل فى الصباح والمساء. 

والتلول: جمع تل»» وهو الرابية. وفيح جهنم : انتشار حرهاء وأصله السعة» 
ومنه: مکان أفيح › وأرض فيحاء» أى: واسعة» ويحتمل أن يكون ذلك من جهنم 
حقيقة» كما روى: (إِنَّ الثّارَ اشْتَكَتُ إلى ربا أَنْ قُذ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا كَأَذِنَ لَهَا فى 
نَفْسَيْنِ : : نفس فى الشَاءِء وَنْفْس فِى الصيف اشد ما تا ذو من الحَرٌ فى الضيفٍ 
هر مِنْ نَفْسِهًا. اشد ما تجو َه مِنّ الْبَردٍ فى السَنَاءِ فهو ينها ء وقيل: أراد 
التشبيه. 

واختلف فى إبراد الفذ: 

فقال ابن حبيب: لا يبرد. 

واشترط (ش) فى الإبراد أربعة شروط : الاجتماع فى المسجد» وشدة الحرء والبلاد 
الحارة كالحجاز وبعض العراق» واختلف قوله فى إتيان الئاس المسجد من بعد. 
)١(‏ فى ش: ولذلك. 
(؟) فى ط: لذهابه. 
(۳) أخرجه أبو داود )٤١۱١(‏ من حديث أبى ذر. 
(6) فى أ: رأيت. 
(0) فى ش: فىء. 


() أخرجه البخارى )٥۳۷ »٥۳٦(‏ (۳۲۹۰)ء ومسلم (۱/ ٤۳۰‏ ۳۲۹۰۰) حديث (18703140/ 
CY‏ من حديث أبى هريرة. 


الأرقات ج ١‏ 16 


واختار الباجى إلحاق الفذ بالجماعة؛ بجامع الحر المشغل عن مقاصد الصلاة 
قال: كأحوال الناس النفسانية؛ نحو: إفراط الجوع» والعطش إذا حضرت الصلاة 
معهما. 

فرع : قال صا حب الطراز: قال مالك فى المبسوط : لا تؤخر العصر عن وقتهاء 
مثل الظهر. قال الباجى: وهو قول الجمهور من أصحابنا؛ لأنها تدرك الناس 
متأهبين» بخلاف الظهر؛ فإنها تأتى وقت قائلة ودعة» وسوى فى التلقين بيتهماء 
وهو قول أشهب فى النوادر؛ لتحصيل فضيلة الجماعة. 

وروى مالك ومسلم: «لَذِى فوئ صَلَاهُ الْضرء كَكَأنْما وير أهْلهُ وَمَالهه0©. 

قال البخارى: وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلاء وأخذت ماله. 

وقال الخطابى: وتر: نقص" وبقى وترا ولأن النفل بعدها ممنوع؛ فتؤخر حتى 
يتنفل الناس . 

وقال الشافعى وأبو حنيفة : تؤخر ما دامت الشمس ثقية» وأما المغرب فيتعجل 
أول وقتها للعمل» ولأن الأصل المبادرة إلى طاعة الله تعالى . 

وأما العشاء فقال صاحب الطراز: يستحب تأخيرها؛ لثلا تفوت الناس بسبب 
اشتغالهم بأعشيتهم» ولا تؤخر جداء وقد أنكر فى الكتاب تأخيرها إلى ثلث الليل 

وروى العراقيون تأخيرها لذلك؛ لما فى البخارى عن ابن عمر - رضى الله 
عنهما- قال: «مكثنا ذات ليلة ننتظر النبى كَل لصلاة العشاءء فخرج علينا حين ذهب 
ثلث الليل» أو بعد فلا أدرى: أشىء شغله فى أهلهء أو غير ذلك؟ فقال حين 
حرج : متم طون صلا ما بترا أل ين عيركُم» لذلا أن يقل على ى 
لَصَلَيْتُ بِهِمْ هَِهِ السّاعَةً. ثم أمر المؤذن» فأقام الصلاة»ء وهذا الحديث: كما 
يدل على جواز التأخير يدل على ترك التأخير؛ لانتفاء"» ذلك؛ فإن «لولا» تدل على 





(۲) أخرجه البخارى (2))001 ومسلم (۱/ )٤۳١‏ حديث (177/990) من حديث أبن عمر. 

(۳) فى أ: بعض. 

)£( أخرجه مسلم (۲۲۰/ 1۳۹)ء وأبو داود )٤۲۰(‏ بلفظ حديث الباب» وأخرجه البخارى (014) 
بلفظ آخر: أرأيتم ليلتكم هذه فإن رأس ماثة سنة منها لا ييقى ممن هو على ظهر الأرض أحدا. 

(0) فى ش: ولنقل. 


£ + ۱ الأوقات 


انتفاء الشىء لوجود غيره» ولقول ابن عمر: «فلا أدرى أشىء شغله» ؛ فإنه يدل على 
أن عادتهم خلاف ذلك. 

وفى الجواهر: قيل: تقديمها أفضل. 

وقال بعض المتأخرين بالتقديم إن اجتمع الناس» وينتظرون إن أبطثوا. 

واستحب ابن حبيب تأخيرها فى زمن الشتاء قليلا؛ لطول الليل» وفى ليالى 
رمضان؛ لأن فى ذلك توسعة على الناس فى الإفطار. 

وأما الصبح فتعجيلها أفضل» على ظاهر الكتاب» وعند (ش) خلافا (ح) محتجا 
بأن الواقع من التغليس كان لضرورة؛ فإنهم أرباب ضرورات فى أعمالهم 
وفلاحتهم» وأن الأصل التأخير؛ لما فى الترمذى: «أُسْفِرُوا الجر فَهُوَ أَغْظَمُ 
لاء وفى البخارى عن ابن مسعود أنه صلى حين طلع الفجر ثم قال: ما 
صلى النبى كل هذه الصلاةء هذا الوقتء إلا فى هذه الليلة» فى هذا المكان. 
يعنى: يوم الجمعة فى الح(©. 

لنا: ما فى مسلم: سثل - عليه السلام - أى الأعمال أفضل؟ فقال: «الصّلَاهٌ 
لول مء وما فى أبى داود: وَل الْوَقْتِ رِضْوَان الله اجر عَفْرُ اش » 
وما فى الموطأ: عن عائشة - رضى اله عنها -: "كان نساء مؤمنات يشهدن الفجر 
مع رسول الله يلد متلفعات بمروطهن» ثم ينقلين» ما يعرفن من الغلس»“ . 

والتلفع : التلفف» والمرط : الكساء الغليظ » و «كان» تشعر بالدوام» ولقوله عليه 
السلام: إن بلالا يُوَذْنُ بلْل؛ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حى يُوَدنَ ابن أمْ مَكْيُوم290. ولولا 





)١(‏ هو من حديث رافع بن خدیج» أخرجه أحمد (۳/ 2)5705 وأبو داود (٤۲٤)ء‏ والترمذى 
»))١164(‏ والنسائى (۱/ ۲۷۲)ء وابن ماجه (1۷۲). 

(؟) آخرجه البخارى )۱۹۷۵١(‏ وطرفاه فى ١545(‏ و۱۹۸۳). 

(؟) آخرجه البخارى (۲/ ۹) كتاب فضل الصلاة لوقتها (071)) ومسلم )4١ /١(‏ كتاب الإيمان: 
باب «بيان کون الإيمان بالله - تعالى - أفضل الأعمال» /١79(‏ ١۸)ء‏ وابن -خزيمة /١(‏ 
005 والحاكم 8/1 والدارقطنى ۷0/(. 

)٤(‏ أخرجه - عن ابن عمر - الترمذى (۱۷۲) والدارقطتی (۹/۱٤۲)ء‏ والحاكم (۱۸۹/۱)ء 
والبيهقى /١(‏ ه4). 

(0) أخرجه البخارى (۷٦۸)ء‏ ومسلم [545]. 

(5) أخرجه البخارى (517): (1۲۳) وغیره» ومسلم )1١917/5(‏ من حديث أبن عمر. 


الأرقات ج ۱ ¥ 





التغليس لما حسن تقديم الأذان. وفى أبى داود: أنه - عليه الصلاة والسلام - أسفر. 
مرة بالصبح» ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله. 

والجواب عن قوله - عليه الصلاة والسلام -: «َأَسْفِرُوا بِالفَجَرِ كله أَعظَمْ 
لأآخِرِ»: أنه محمول على تعدى وقت الظن إلى وقت اليقين» ودليله قوله: «أسفروا 
بالفجرا» ولم يقل: أسفروا بالصلاة» وعلى هذا يحمل حديث ابن مسعود» إذا ثبت 
أن التغليس أفضل. 

قال صاحب الطراز: فعلها مع الجماعة فى الإسفار أفضل من التغليس منفردا؛ 
لأن فضيلة الجماعة مقدمة على فضيلة الوقت» بدليل الجمع بين المغرب والعشاء 
ليلة المطر. 

تمهيد: الأصل: أن المبادرة إلى طاعة الله - تعالى - فى سائر الأحوال أفضل؛ 
لما فيه من إظهار الطواعية» والأمن من تفويت مصلحة العبادة؛ إلا أن يقوم معارض 
راجح كالحر؛ فإن الإبراد مقدم على مصلحة العبادة؛ لأن المشى فى الحر الشديد 
يذهب الخشوع الذى هو أفضل أوصاف الصلاة؛ ولهذا: أمرنا بالمشى إلى الجماعة 
بالسكينة والوقارء وإن فاتت المبادرة وصلاة الجماعة وبركة الاقتداء» وهذا عممه 
الشرع2 فى سائر الصلوات؛ ولذلك قال صاحب القبس: إذا تعارض الشغل 
والصلاة» فالأخيار من العلماء على تقديم الشغل؟ ليتفرغ للخشوع. 

وقال غيره: ينبغى أن تؤخر الصلاة بكل مشوش» ويؤخر الحاكم الحكم لأجلهء 
كإفراط الظمأء والجوع. والحقنة؛ لقوله و فى الصحيح: إا حَضّرٌ الْعَشَاهُ 
وَالصَّاة - زاد الدارقطى : وَأَحَدُكُمْ صَائِم - يبدأ الشاي“ . 

تتمة: قال فى الكتاب: لم أر مالكا يعجبه هذا الحديث الذى جاء: (إنَّ الوَّجُلَّ 
لى الصّلَاة [رَمَا اتن وَلَمَا )"يِن وَفَِْا أَعْظَمٌ مِنَ الدنيًا وَمَا فيها!)»؛ 





)١(‏ فى ش: عمه الشارع. 

(؟) أخرجه البخارى (1۷۲) وطرفه فى (01471)) ومسلم (001/14). 

(0) فى ش: ولما فاه. 1 

(4) أخرجه البخارى فى التاريخ الكبير عن يعلى بن مسلم» مرسلاء وعن يعلى بن مسلم عن 
طلق بن حبيب» مرسلًا. وكذا الهندى فى كنز العمال )3٠١1:(‏ وعزاه للطبرانى فى الكبير 
عن طلق بن حبيب. 


١ + ۸‏ الأوقات 


لأنه('2 كان يرى الناس يؤخرون الصلاة حتى يتمكن الوقت . 

قال صاحب الطراز: يريد: لم يكن يأخذ بعمومه» ولكن يراعى أول الوقت فى 
الجملة» ولأن راوى هذا الحديث من المرجئة؛ فلا يأخذ مالك بحديثه . 

الخامس - فى الصلاة الوسطى: 

فيها تسعة مذاهب: 

قال صاحب الطراز: هى الصبح عند مالك. و(ش)» والظهر عند زيد بن ثابت» 
والعصر عند (ح)2 والمغرب عند قبيصة بن ذؤيب. 

قال: وقيل: العشاءء وقيل: الصلوات الخمس» وقيل: مبهمة فى الخمس» كما 
أخفيت ليلة القدر وساعة الجمعة. 

[فال]: ولو قيل: إنها”" الجمعة لاتجهء ونقله المازرى عن غيره» ونقل 
عن بعض الأصحاب أنها العصر والصبح. 

و «الوسطى» مؤنثة «الأوسطا: إما من الفضيلة؛ كقوله تعالى: «رككيك 
لتك أنه وسلا» [البقرة: “41 ١]ء‏ ًل م4 [القلم :۲۸] أو من التوسط بين 
صلاتين» وهو مشترك فى سائر الصلوات» والصبح أحق بالمعنيين: 

أما الفضل ؛ فلقوله9) - تعالى -: وران الْفَجَرِ له َا الجر كرت شرا 
[الإسراء :۷۸]. 

وفى الصحيحين: «تَجْتَمِعْ ملَائِكَةُ الْيْلٍ وَمَلَائِكَة النهَارٍ فى صَّلَاةٍ الصببم» قال 


rR 


أبو هريرة: [اقرءوا]”) إن شتتم وران الْتَجِرٌ له فان الجر ت مقهوما» 








)١(‏ فى ش وأ: لكن. 

(۲) سقط فى ش وأ. 

(۳) فى أ: إنهما. 

(4) فى ش: لاحتمل. 

(0) فى ط: فلقوله. 

(5) فى أ: فكقوله. 

(۷) أسخرجه الببخارى (۲/ 77 كتاب مواقيت الصلاة: باب فضل صلاة العصر (١٠٠)ء‏ ومسلم 
)۳4/1( كتاب المساجد: باب فضل صلاة الصبح والعصر (١٠1۳۲/۲)ء‏ ومالك فى 
الموطأ )۱۷١ /١(‏ كتاب قصر الصلاة فى السفر: باب جامع الصلاة (۸۲). 

(۸) سقط فى أ. 


الأوقات ج ١‏ ۹ 





وقوله- عليه الصلاة والسلام -: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فى الصّبّح وَالْعََمَةِ!') لأنْوهُمَا ولو 
حًا دليل فضلهماء والصبح أفضلهما؛ لما فى مسلم عنه - عليه السلام -: 
«مَنْ صَلَى الْعَِاءَ فى جْمَاعَةٍ فَكأنْمَا ام ِف الْليْلِء وَمَنْ صَلَى الصُبْحَ فى جَمَاعَةٍ 
كما قَامَ الْليْلَ كله" ؛ فتكون الصبح أفضل الخمس؛ لأنها أكثر مشقة» وتأتى فى 
وقت شدة الرغبة [عن الصلاة إلى]9) النوم؛ فتكون أقرب للتضييع ؛ فيناسب الاهتمام 
بالحث على حفظهاء بتخصيصها بالذكر فى الكتاب العزيزء فتكون هى المرادة منه. 

وأما التوسط باعتبار الوقت؛ فلأنها منقطعة عما قبلها وعما بعدها عن المشاركة» 
بخلاف غيرها. 

[حجة الظهر: توسطها وقت الظهيرة]» وحجة العصر: ما فى الصحيح من 
قوله - عليه الصلاة والسلام - يوم الأحزاب: 'شَعْلُونًا عَنِ الصَّلاةٍ الْوسْطَىء صَلَاةٍ 
الْعَضْرِ ملا الله بُيُوَّهُمْ وَقُبُورَهُمْ اا1 أو أنها تأتى فى وقت البيع والشراء فتضيع 
[فيه؛ فأمر بالمحافظة] عليها كما قال فى الجمعة: «وذروا البيع». 

حجة المغرب: توسط عددها بين الثنائية والرباعية» وعدم امتداد وقتهاء 
وتحتيه9 الشرع لها وإتمامها فى السفر. 

حجة العشاء: اختصاصها بعدم تعلقها بشىء من النهار» بخلاف غيرهاء ولقوله- 





)١(‏ فى ط: العتمة والصبح. 

(؟) أخرجه البخاری (515)) ومسلم (479//119). 

(۳) أخرجه مسلم /١(‏ 04) كتاب المساجد: باب فضل صلاة العشاء والصبح فى جماعة 
(2))7555/96 وأبو عوانة .)٤/۲(‏ 

)٤(‏ بدل مابين المعقوفين فى ش وأ: فى. 

(0) سقط فى ش. 

(1) أخرجه البخارى (۸/ )١140‏ كتاب التفسير: تفسير سورة البقرة: باب حافظوا على الصلوات 
والصلاة الوسطى (2»)4077 وفى (۷/ »)٤۸٥‏ كتاب المغازى: باب غزوة الخندق» وهى 
الأحزاب :)41/١(‏ وفى )۱۹٤/١١(‏ كتاب الدعوات: باب الدعاء على المشركين 
١‏ ومسلم )٤١۷ /١(‏ كتاب المساجد: باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هى 
صلاة العصر (۲۰۵/ 1۲۷)ء وأبو داود )١١7/1(‏ كتاب الصلاة: باب وقت صلاة العصر 
برقم .)4١9(‏ 

(۷) فى ط: فيه فأمر المحافظة. 

(۸) فى ط: وتجسيم. 


1 ج١1‏ الأوقات 


عليه السلام -: «فضّلُْمْ بها على سير الأمَم» وَلَمْ تصَلَهَا مه تلن ولأن النوم 

حجة الخمس: أنها لا وسط لها؛ لكونها فردا» وما لا وسط له إذا أطلق عليه 
الوسط كان كناية عن جميعه. 

والجواب عن الأول: أنها أخف7) مشقة من سائر الصلوات؛ لإتيانها وقت فترة 
من الأعمال» والأجر على قدر النصب؛ فتنحط رتبتها. 

وعن الثانى : أن المتروك يوم الأحزاب ثلاثة: الظهرء والعصرء والمغرب» فلعل 
الإشارة للجميع» أو غيرها من الثلاث» أو هى لكن يكون تفضيلها على ما معها؛ 
فلا يتناول الصبح . 

وعن الثالث: أنا بينا أن الصبح أفضل بالنص الصريح؛ فلا يدفع بالاستدلال. 

وعن الرابع: ما تقدم فى الثالث. 

وعن الخامس: أن الكناية لا يعدل إليها إلا عند عدم التصريح» وقد وجد كما 
تقدم» ولأن الثالث يمكن أن يجعل وسطا للخمسة؛ [لتأخره](" عن اثنين» وتقدمه 
على اثنين . 

قاعدة: الأصل فى كثرة الثواب والعقاب» وقلتهما: أن يتبعا كثرة المصلحة فى 
الفعل وقلتهاء وكثرة المفسدة وقلتها: كتفضيل التصدق بالدينار على الدرهم» 
وإحياء الرجل الأفضل؛ أفضل من إحياء المفضول» وإثم الأذية فى الأعراض 
والنفوس أعظم من الأذية فى الأموال» وكذلك غالب أمور الشريعة» وقد يستوى 
الفعلان فى المصلحة والمفسدة من كل وجهء ويوجب9© الله - سبحانه وتعالى - 
أحدهما دون الآخرء كإيجاب الفاتحة فى الصلاة دون غيرها مع مساواتها 
لنفسها”؛ وكتكبيرة الإحرام مع غيرها من التكبيرات» وأبعد من هذا عن القاعدة 
تفضيل الأقل مصلحة على الأكثرء كتفضيل القصر على الإتمام مع اشتمال الإتمام 








,)571( آخرجه أبو داود فى سئنه‎ )١( 
فى ش: أخفض.‎ )۲( 

(۳) سقط فى أ. 

)€( فى أ: يو جب . 

(5) فى ش: مساواته لها 


الأوقات ج ١‏ ۱ 





على مزيد من الخضوع» والإجلال» [وأنواع التقرب])ء وكتفضيل الصبح على 
سائر الصلوات عندناء وتفضيل العصر على رأى من قصر القراءة فيهاء على ما 
وردت به السنة» وكتفضيل ركعة الوتر على ركعتى الفجر»ء والله - سبحانه وتعالى - 
هو الفاعل المختار» يفضل ما شاء ومن شاء(') على من شاء" - سبحانه وتعالى - 
إليه يرجع الأمر كله. 

السادس - فى إثبات الأوقات: 

قال صاحب الطراز: إذا حصل الغيم أآخر حتى يتيقن الوقت» ولا يكتفى بالظن» 
بخلاف القبلة» والفرق من وجهين: 

أحدهما: أن الوصول إلى اليقين ممكن فى الوقت» بخلاف القبلة. 

الثانى: أن القبلة يجوز تركها فى الخوف والنافلة» بخلاف الوقت. 

قال: ويجوز تقليد المأمون: كأئمة المساجد؛ لأنه لم يزل المسلمون يهرعون 
للصلاة عند الإقامة من غير اعتبار مقياس» وكذلك المؤذنون؛ لقوله - عليه الصلاة 
والسلام -: «المُوَدْنُونَ اا0 . 

وفى الجواهر: من اشتبه عليه الوقت» فليجتهد؛ ليغلب على ظنه» وإن خفى 
ضوء الشمس استدل بالأوراد والأعمال وسؤال" أربابهاء ويحتاط . 

قال: وروى مطرف عن مالك: أن سنة الصلاة فى الغيم تأخير الظهرء وتعجيل 
العصرء وتأخير المغرب؛ حتى لا يشك فى الليل» وتعجيل العشاء» ويتحرى ذهاب 
الحمرة» وتأخير الصبح؛ حتى لا يشك فى الفجر. 

الفصل السابع : فى أوقات الضرورات 

وهى الإغماء» والجنون» والصبا» والكفرء والحيض» والنفاس» وزاد صاحب 
التلقين : النسيان» وأفصل ذلك فأقول: 
() فى ش: والتقرب. 
(۲) فى [أ: على ما شاء. 
(۳) فى ش: يشاء. 
(4) أخرجه الشافعى فى الأم /١(‏ 417): ومن طريق البيهقى فى سننه )477/١1(‏ عن الحسن» 


مرسلا» وصححه الدارقطني فى العلل» ورواه - موصولًا - البيهقى فى سننه (1/ 475) عن أبى 
محذدورة وفى إسئاده يحيى الحمانى : مختلف فيه» قاله الحافظ فى التلخيص (۴۲۳/۱). 


(0) فى ش: بسؤال. 


۲ +۱ الأوقات 


قال فى الكتاب : المجنون» والمغمى عليه» والحائض» والكافرء إن كان 
ذلك بالنهار قضوا ذلك اليوم» أو بالليل قضوا صلاة تلك الليلة» أو ما يقضى فيه 
صلاة واحدة قضوا الأخيرة منهما. 

قال" صاحب الطراز: يريد: زالت أعذارهمء ويريد بالقضاء الفعل؛ نحو قوله- 
تعالى -: < فيي ألصَلَوة» [الجمعة: »]٠١‏ لا أنهم يقضون الصلاة التى خرج 
وقتها . 

[قال]9 : فإن زال العذر قبل خروج الوقت الاختيارى الأول» فلا خلاف أنهم 
يصلونهاء وإن خرج وقت الظهرء أو غاب الشفق» صلوهما عندناء وعند (ش). 
وعند (ح): الأخيرة فقط» إلا أن يدرك من الأولى تكبيرة. 

لنا: أن وقت الأولى مشارك لوقت الثانية فى الضرورة» ولولا ذلك لما أخرت 
المغرب ليلة عرفة إلى المزدلفة. 

وروى ابن المنذر عن عبد الرحمن بن عوف عن ابن عباس فى الحائض تطهر قبل 
الفجر: تصلى المغرب والعشاء. وقوله فى الكتاب: فصوا الأخيرة منهما. 

ول(اش) قولان فى القديه©): 

أحدهما: كقولنا. 

والآخر: يدركهما بوقت الطهارة وإيقاع ركعة. 

وفى الجديد قولان: 

أحدهما: يدرك الصلاتين بركعة. 

والثانى: بتكبيرة؛ نظرا للاشتراك فى آخر الوقت لهما. 

لنا ما فى الموطأ: قال - عليه الصلاة والسلام -: «مَن أَدْرَكَ رَكْعَةٌ مِنَّ الْعَضْرٍ قَبْلَ 
ن نَهْدْبٌ الشّمْسٌ؛ فَقَدْ أذْرَكٌ الْعَّصرَ» وهو يدل على نفى مشاركة الظهر لها فى 
هذا القدرء وأنها لا تدرك بأقل منه. 





)١(‏ فى ش: صاحب. 
(؟) فى ط: قاله. 
(۳) سقط فى آ. 
زفق فى ط: التقديم . 
(6) أخرجه البخارى (۲/ ۷) كتاب مواقيت الصلاة: باب من أدرك من الفجر ركعة (0۷۹)» ے 


الأرقات چ ۱ ۳ 





وأما احتجاجهم بقوله - عليه السلام - فى مسلم: (إذًا أذرَكٌ أَحَدُكُمْ سَجَدَةُ مِنْ 
صَلَاةٍ الْعَضْرٍ قَبْلَ غُرُوبٍ الشّْمْسٍ فليم الصأدةًهء فهو حجة لنا؛ لأن إدراك 
السجود فرع إدراك الركوع. 

وفى الجواهر: لا تلزم الصلاة بأقل من إدراك ركعة. 

وقال أشهب: تلزم بالركوع فقط. 

قال: والمشهور أن آخر الأوقات لأولى" الصلاتين. 

وسبب الخلاف : أن الاشتراك هل هو من أول وقت الأولى إلى آخر وقت الثانية» 
أو تختص الأولى بمقدارها من آخر وقتها©» [والأخيرة بمقدارها من آخر 
وقتها؟] ويظهر الخلاف فى أربع ركعات قبل الفجرء هل تدرك بها الصلاتان» أو 
العشاء فقططء وهو قول ابن الماجشون وابن مسلمة؟ وكذلك ثلاث ركعات 
للحائض المسافرة تدرك العشاء خاصة عند ابن القاسم» والصلاتين عند ابن عبد 
الحكم. 

واعلم أن فى هذا المقام إشكالين: 

أحدهما: أن مقتضى الخلاف فى آخر الأوقات» لأولى9؟ الصلاتين أو 
أخراهما؟9) يقتضى الخلاف فيمن سافر قبل الغروب بركعة : هل يقصر الظهر أم لا؟ 
ولا يكاد يوجد ذلك فى المذهب» وهو موجود مشهور فى العشاء» فهل الحكم 
واحدء أو مختلف» ويحتاج حينئذ إلى الفرق؟ 

وثانيهما: أنه يلزم - أيضا - أن الحائض إذا طهرت قبل الغروب بركعة» أنه يجب 


= (50/5)» باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب (067)» ومسلم /١(‏ 414) كتاب 
المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة (2)5:8/1757 ومالك 
(1/1) كتاب وقوت الصلاة: باب وقوت الصلاة (ه). 

)١(‏ أخرجه البخارى (۲/ 40) كتاب المساجد: باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب 
)0265 ومسلم (١4/1؟4).»‏ كتاب المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة (؟51١).‏ 

(۲) فى ش وأ: لأول. 

(۳) فى ش: وقتهما. 

)٤(‏ سقط فى ش. 

(0) فى أ وش: لأول. 

)١(‏ فى أ وش: لآخرهما. 


5:15 چ ۱ الأرقات 


عليها الظهرء ويسقط العصر؛ بناء على أن آخر الوقت للصلاة الأولىء ولم أره 
فى المذهب» على غاية ما رأيته. 

الأول: قال المازرى: قال بعض المتأخرين: إذا أخرت العصر إلى قبل الغروب 
بركعة» فحاضت» فإنها تقضيهاء فإن كان هذا بناء على أن هذه الركعة للظهر بناء 
على المشهور من أواخر الأرقات» فحاضت فى وقت الظهرء ولم تحض فى 
وقت العصرء فتقضيها - فقد استوى البابان فى الليل والنهار. وإن لم يكن كذلك» 
أو كانت التسوية خاصة بهذا التأخير المحكى عنه - فيكون الفرق لغيره: أن المسافر 
يقصر العصرء إذا سافر قبل الغروب بركعة» ولا يقصر العشاء على أحد القولين» إذا 
سافر قبل الفجر بركعة؛ لأن اهتمام الشرع بالمغرب فى الوقت أكثر من الظهر؛ 
لتضييقه" الوقت للمغرب على المشهور» وتوسيعه للظهر إجماعا؛ فلا يلزم من 
جعل آخر الوقت للمغرب - لمزيد اهتمام الشرع - جَعْلُهُ للظهر؛ فافترقا. 

الثانىء والثالث» والرابع› والخامس: قال صاحب البيان: اختلف قول ابن 
القاسم فى أربع مسائل : 

إذا نسيت الظهرء وصلت العصرء وحاضت لركعة من النهار: هل يسقط الظهر 
أم لا؟ 

وإذا نسى المسافر الظهر فى السفر وصلى العصرء وقدم قبل الغروب» فبيئما 
يتوضأ غربت الشمس» فهل يصليها حضرية أو سفرية؟ 

وإذا سافر بعد صلاة العصر ناسيا للظهر لركعةء فهل يصليها29 سفرية أو 
حضرية؟ 


ومن صلى الظهر بثوب نجس» والعصر بثوب طاهرء ثم علم بنجاسة الثوب قبل 





)١(‏ فى ط: أنه. 

(۲) فى ش: فى. 
(۳) فى أ : لتضيقه. 
)٤(‏ فى ط: المغرب. 
(0) فى ط: يصليهما. 
(5) فى ش: يصليهما. 


الأوقات ج١1‏ £0 


الغروب بأربع ركعات: فهل تسقط إعادة الظهر أم له؟ وخرج على قوليه فيها 
[على]7© اختصاص العصر بمقدارها قبل الغروب؛ فيكون آخر الوقت لهاء أو 
له یخم (؛ فيكون الوقت للظهر» فيلحقها أحكام القصرء والسفرء والإعادة» إلا 
أن هذا الخلاف إنما حكاه إذا فعل إحدى الصلاتينء أما إذا اجتمع الصلاتان فلم أر 
فيها20 خلافا. 

وبعض الأصحاب يقول: إذا أسقطنا صلاة أسقطنا ما بعدها؛ فلا يمكن إسقاط 
الظهر وإيجاب العصر فى حق من حاضت» وإذا أوجينا صلاة أوجبنا ما بعدها فى 
حق من طهرت» وهذا الكلام إنما يسلم مع الاستواء فى العذر وعدمه. 

وأما إذا قلنا إن آخر الوقت لأولى7) الصلاتين» فطهرت - اختصت الظهر بزوال 
العذر؛ فيجب» بخلاف العصرء وعكسه إذا طهرت. 

الأول: قال فى الكتاب فيمن أغمى عليه بعد الفجر حتى طلعت الشمس: 
لا يقضى الصبح» خلافا (ش) فتمهد أن الوقت الذى يقتضى طريان العذر فيه سقوط 
الصلاة عندنا وقت الأداء» وعند أبى حنيفة وقت الاختيار. 

وعند معظم الشافعية: إذا مضى من الوقت قدر فعل الصلاة» ثم طرأ العذر بعده 





قاعدة: المعينات لا تثبت فى الذممء وما فى الذمم لا يكون معينا؛ لأن() 
ما فى الذمم يخرج عن عهدته بأى فرد شاء من نوعه» والمعين لا يقبل البدل؛ 
فالجمع بينهما محال. 

وهذه القاعدة يظهر أثرها فى المعاملات» وههنا - أيضا -: لأن الأداء معين 
بوقته ؛ فلا يكون فى الذمة» والقضاء ليس له وقت معين يتعين0) حكمه بخروجه؛ 
فهر فى الذمة. 





)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) فى ش: يختص. 
(۳) فى ش: فيه. 
(4) فى ش: لأول. 
(0) فى ط: كان. 
() فى ش: يتغير. 


Ak‏ ج١1‏ الأوقات 





.والقاعدة: أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر العين كالزكاة مثلا: ما دامت 
معينة بوجود نصابهاء لا تكون فى الذمة. 

وإذا تلف التصاب بعذرء لا يضمن؛ فكذلك إذا تعذر الأداء لعذر لا يجب 
القضاءء ولا يعتبر فى القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت؛ كما لا يعتبر فى 
ضمان الزكاة تأخر [الجابى فى الزرع والثمرة بعد وقت الوجوب]"» وكما لو باع 
صاعا من صبرة» وتمكن من كيله» ثم تلفت الصبرة من غير البائع ؛ فإنه لا يخاطب 
بالتوفية؛ ولهذا أجمعنا فى حق المسافر يقدم» أو المقيم يسافرء على اعتبار آخر 
الوقت. 

الثانى : قال فى الكتاب: إذا أغمى عليه فى الصبح حتى طلعت الشمس لا إعادة 
عليه. فأسقط الإعادة؛ قياسا على الحائض» وكذلك الشافعى. 

وقال ابن الماجشون فى المجموعة: لا يقضى ما خرج [وقته]9©) إذا كان الإغماء 
متصلا بمرض قبله أو بعده. فأما الصحيح يغمى عليه فى الصلاة الواحدة فيقضيها. 

وقال أبو حنيفة : يقضى الخمس فما دونهن» دون ما زاد» محتجا بأن عمارا 
أغمى عليه يوما وليلة فقضاهاء وأن ابن عمر أغمى عليه الأيام فلم يقضهاء وأوجب 
ابن حنبل الإعادة مطلقا؛ قياسا على النائم والسكران. 

قال صاحب الطراز: اتفقت الأمة على أن من بلغ مطبقاء أنه لا يقضى شيئا. 

تمهيد: القضاء على الصحيح: إنما يجب بأمر جديد غير أمر الأداءء ولم يوجد 
نص فى صورة التزاع؛ لأنه إنما ورد فى النوم والنسيان» فقياسنا معضود7” بالبراءة 
الأصلية» وقياس الحنابلة مدفوع بفارق أن النوم والسكر مكتسبان» فلو أثرا فى 
السقوط لكان ذلك ذريعة للتعطيل. 

وأما تفرقة الحنفية: فهى خلاف الأصول؛ فإن الأصل أن ما يسقط يسقط مطلقا 
كالحيض» وما لا يسقط لا يسقط مطلقا كالنوم. 





)١(‏ فى ط: بعذر. 

(۲) فى ش: التمكين. 

)۳( فى ش: الجائحة عن الزرع أو الثمر بعد الحول. 
)٤(‏ سقط فى ش. 

(۵) زاد فى ش: معقود. 


الأوقات ج۱ 1Y‏ 





الثالث : قال فى الكتاب: وقت الظهر والعصر فى الإغماء [إلى] مغيب الشمس» 
والمغرب والعشاء الليل كله. 

قال صاحب الطراز: لا يختلف أصحابنا أن الأخيرة تتعين إذا ضاق الوقت 
عنهماء وتسقط الأولى» فإن زاحم العصر غير الظهر كصلاة منسية» فالوقت للمنسى 
عند اين القاسم» وتسقط الحاضرة» وعند أصبغ يصليهماء ولابن القاسم فيها تردد» 
والذى رجع إليه الأول؛ لأن الوقت استحقته المنسية» فلم يبق للحاضرة شىء. 

ووجه القول الآخر: أنها أدركت وقتها؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «مَنُ 
درك رَجْعَدً قبل عُرُوب الشّمْس كذ أَذرَكَ الْعَضْرَه("©2. 

وكذلك لو طهرت قبل الفجر بأربع ركعات» فلمالك فى المجموعة أنها 
تصليهماء [وعليه أكثر الأصحاب. 

وعند ابن الماجشون: تسقط المغرب؛ فكذلك الخلاف فى المسافرة تطهر قبل 
الفجر بغلاث]9 . 

الرابع : قال ابن أبى زيد فى النوادر: لم يختلف القول فى الحائض: إنه يشترط لها 
وقت للطهارة» غير ما تدرك به الصلاة» وفى المغمى [عليه] قولان» عند ابن القاسم: 

أحدهما: يشترطء كالحائض» بجامع العذر. 

والثانى: لا يشترط؛ لأن المانع من خطابه زوال العقل» وقد عقل. 

وفرق ابن القاسم فى العتبية بين الكافر والحائض* بأنه مخاطب بالفروع 
بخلافهاء ولأن المانع من قبله بخلافهاء وسوی بینهما سحنون فى كتاب ابنه» 
والقاضى فى تلقينه؛ لأن الإسلام يناسب عدم التغليظ . 

وفى الجواهر: لا يعتبر وقت الطهارة فى أرباب الأعذار على الإطلاق عند 
سحنون وأصبغ . 

وعند ابن القاسم : يعتبر فى الجميع › إلا الكافر. 

واستثنى ابن حبيب معه المغمى عليه» وأجرى بعض المتأخرين الخلاف فى 


الجميع . 


)١(‏ تقدم. 
(۲) سقط فى ش وأ. 





۸ +۱ الأوقات 


قال : ومنشأ الخلاف هل الطهارة شرط فى الوجوب أو فى الأداء؟ وفيه نظر؛ لأن 
شرط الوجوب لا يجب تحصيله على المكلف» كالإقامة فى الصوم والإتمام» وإنما 
تجب شروط الأداء؛ لأجل تقرر الوجوب المتوقف عليهاء والطهارة تجب 
إجماعا؛ فلا تكون شرطا فى الوجوبء على قول. 

وألزم اللخمى التيمم لمن يقول بعدم اشتراط( الطهارة [إذا عدم الماء» وهو 
متجهء وإذا قلنا باشتراط الطهارة] على المشهور إلا الكافر. 

وقال صاحب التلقين: يضاف للطهارة ستر العورة وغيره مما تتوقف الصلاة 
عليه . 

الخامس : لو طرأ عائق بعد وقت الطهارة كالحدث. 

قال ابن القاسم فى العتبية: تقضى الحائض» والمغمى عليه ما لزمهماء أما لو 
علما بعد الطهارة» وقبل الصلاة أن الماء الذى تطهرا به نجس» فإن المعتبر ما بعد 
الطهر الثانى. 

قال فى الموازية: وإن) لم يعلما حتى صلياء وغربت الشمس» لا شىء 
عليهما. وسوی بينهما سحنون فى كتاب ابنه. 

وقال ابن القاسم فى الموازية بالتسوية بين نجاسة الماء والحدث» ورأى طريان 
العذر كاستمراره» بجامع عدم التمكن. 

ورأى سحنون: أن بالطهر تعلق الخطاب. 

وأما تفرقة أبن القاسم: فلأن الحدث لا يمنع .وجوب الصلاةء ونجاسة الماء 
تنخل ی( حدث الحيض على حاله» وهو مانع من الوجوب» وهذا الفرق ينقدح فى 
الحائض خاصة» مع تعميم الحكم فيهما. 

السادس: إذا قدرت [على أكثر من أربع]29 ركعات» فأحرمت بالظهر» ثم تبين 
خطؤها -: فإن كانت صلت ركعة شفعتهاء إن كانت تدرك ركعة قبل الغروب وإلا 
)١(‏ فى ش: الواجب. 
(۲) فى ش: باشتراط . 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ فى ش: ولو. 


(5) فى ش: تتجعل . 
زفق فى ش : بأكثر من أربع . 


الأذانء والإقامة چ۱ 4 


قطعت» فإن لم يتبين لها ذلك إلا بعد الغروب . 

قال ابن القاسم فى العتبية: إن كان بعد ركعة شفعتها وسلمت» وإن كان بعد 
ثلاث كملتهاء وهی نافلة». ثم تصلى العصر. 

وقال أصبغ فى الموازية: لو قطعت فى الموضعين لكان واسعا. 

ولو عكست: فقدرت الوقت للعصر فقطء فصلتهاء ثم تبين خلافه - قال مالك 
فى الموازية: تصلى الظهر والعصرء كما وجبا. 

وقال ابن القاسم: لا تعيد العصر. 

وقال أشهب فى العتبية: تصلى الظهر فقطء إلا إن بقى" بعدها قدر ركعة 

وصح تقديرها للصلاتين لكن بدأت بالعصر ناسية» ففى الجواهر: تصلى الظهر؛ 
لإدراكها وقتهاء وتؤمر بإعادة العصر؛ لوقوعها فى الزمان المختص بالظهر» كمن 
أوقع العصر قبل الزوال. وقيل : لا تجب الإعادة؛ لأنها إنما تجب لأجل المنسية فى 
الوقت. 

السابع : فى الجواهر: حكم الصبى حكم الحائض فى جميع ما تقدم؛ فلو احتلم 
بعد ما صلى وجبت الإعادة عندناء وعند أبى حنيفة» خلافا للشافعى: متمسكا بأن 
الزوال سيب فى الشرع لصلاة واحدة إجماعاء إما نفل فى حق الصبى» أو فرض 
فى حق البالغ» وقد أوقع صلاة فلا تجب أخرىء وإلا للزم أن يكون الزوال سببا 
لصلاتين» والمقرر) خلافه. 

وفى الجواهر: قيل بنفى الإعادةء وكذلك الخلاف لو بلغ بعد الظهر وصلى0© 
الجمعة . 

لنا: أن المتقدم منه نفل» وآخر الوقت هو المعتبر كما تقدم» وهو مقتنض 
للوجوب» والنفل لا يجزئ عن الواجب. 





)١(‏ فى ش: -خطوها. 
(۲) فى ش: المغرب. 
(۳) فى ش: أن يبقى. 
)٤(‏ فى ط: لما نقل. 
)2 فى ط: والمقدر. 
(؟) فى ط: وقبل. 


7 ج ۱ الأذان» والإقامة 





الثامن: إذا ذهب عقله بدواء. 

قال صاحب الطراز: قال بعض الشافعية: إن لم يكن الغالب إزالته للعقل أسقط 
الفرض» وإن كان الغالب إزالته لم يسقط. 

قال: ويحتمل أن يقال: لا يسقط مطلقا؛ كما لو شرب مسكرا [لا يعلم أنه 
مسكر]ء ولأن الصلاة واجبة إجماعاء وحيث أجمعنا على السقوط» فيعذر من 
غير صنعهء وههنا ليس كذلك. 


)000( سقط فى ش وأ. 


الأذانء والإقامة ج ۱ ٤۲۱‏ 
الباب الثانى 
فى الأذان» والإقامة 
فأما الأذان فى اللغة: فهو الإعلام بأى شىء كان. 
قال ابن قتيبة: أصله من الأذن» كأنه أودع ما عمله أذن صاحبه» ثم اشتهر فى 
عرف الشرع بالإعلام بأوقات الصلاة» فاختص ببعض أنواعه» كما اختص لفظ 
«الدابةة» و «البشارة»» و «البستان»'ء و «القارورة»: و «الخابية» ببعض أنواعهاء 
أَدّنّ: إذا أعلم» بفتح الذال وتشديدهاء وأذن له فى الشىء: أباحه له» بكسر الذال 
مخففة» وهو - أيضا - بمعنى «علم؟؛ ومنه قوله - تعالى -: 55ا يعر د أله 
وسور [البقرة:77/4]. ويمعنى «استمع»» ومنه قوله - عليه الصلاة والسلام -: 
دوّمَا أَذْنَ الله شىء كَإذْنِه لين كى بِالْقُرْآنِ»(©. والمعذنة - بكسر الميم المنارة. 
والإقامة: من القيام؛ لأن الناس يقومون للصلاة بسببهاء ومعنى «قد قامت 
الصلاة»: أى استقام إيقاعهاء وآن" الدخول فيها. 
وفى الباب خمسة فصول. 
الفصل الأول: فى صفة الأذان 
وهو سبع عشرة جملة من الكلام» وقول الأصحاب : سبع عشرة كلمة» مجاز» 





عبروا بالكلمة عن الكلام» وإلا فهو ثمانية وستون كلمة» والخلاف فيه فى مواضع . 
أحدها - التكبير: فعندنا مثنى» وعند الشافعى وأبى حنيفة: أربع . 
والأحاديث الصحيحة مختلفة فى ذلك» وتترجح رواية مذهيبئا بعمل أهل 

المدينة؛ فإنها موضع إقامته - عليه الصلاة والسلام - حال استقرار أمره» [وكمال 

شرعه]9©): إلى حين انتقاله لرضوان ربه» والخلفاء بعده كذلك» يسمعه الخاص 
والعام بالليل والنهار» برواية الخلف عن السلف رواية متواترة مخرجة له عن حيز 





)١(‏ فى ط: النسيان. 

(؟) أخرجه البخارى (2018/1) فى التوحيد: باب قول النبى ج الماهر بالقرآن. . (0/044) 
ومسلم )046/1١(‏ فى صلاة المسافرين: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن (17؟/ 
4۲(. 

فرق فى ش: ولزم. 

)٤(‏ فى ش: ومال شرقه. 


EY‏ جا الأذان» والإقامة 


الظن والتخمين إلى حيز العلم واليقين. 

وأما الروايات الأخر فلا تفيد إلا الظن» وهو لا يعارض القطع؛ ولذلك رجع 
أبو يوسف عن مذهب أبى حنيفة» رضى الله عنهم أجمعين. 

وثانيها - ترجيع الشهادتين: خالف فيه أبو حنيفة محتجا بأن سبب الترجيع قد 
انتفى؛ فيتتفى» وذلك أن سببه إغاظة المشركين بالشهادتين» أو أمره أبا محذورة 
بالإعادة؛ للتعليم» أو أنه كان شديد البغض له عليه السلام» فلما أسلم» وأمد فى 
الأذان» ووصل [إلى]9" الشهادتين أخفى صوته؛ حياء من قومهء فدعاه - عليه 
الصلاة والسلام - وعرك أذنه. وآمره بالترجيع . 

وجوابه: أن الحكم قد ينتفى سببه ويبقى» كالرملان فى الحج؛ لإغاظة 
المشركين» وهو باق. لقول عمر - رضى الله عنه -: مالى أرى الرملانء ولا من 
راء. مع أنه مخالف فى المسألتين» ولكن قول عمر وغيره حجة عليه. 

لنا: ما تقدم من عمل أهل المدينةء وما فى أبى داود أنه - عليه السلام - قال 
لأبى محذورة فى تعليمه الأذان: «تَقُولَ: الله أَكْبرٌ [الله أكيم]20» برقع با صَوْتَكَء 
ثم تقُول: أَشْهّدُ أن لا إله إلا اللهء أَشْهَدُ أَنْ لا إل إلا الله. أَشْهَدُ أن مُحَمّدَا وَسُولُ 
اله أَشْهَدُ أن مُحَمَدَا رَسُولُ الل تَحْفِضُ بها صَرْئَكَء م تَرْكُمُ [َصَوْتَكَ]9) 
ِالشّهَادة . وكمل له الأذان» إلى قوله حى على الفلاح» ثم قال له: «فَإِنْ كث صَلاةٌ 
اصح قُلْتَ : الصّلَاةٌ خير مِنَ النّوْم» الصَّلَاةٌ حَيرٌ مِنَ الوم الله أكبَد اله بر1 لا إل 
إلا الل . ّْ 1 

فرع: قال فى الكتاب: يكون صوته فى ترجيع الشهادتين أرفع من الأول. 

قال صاحب الطراز: هذا يقتضى الإسماع بالأولء وهو الحق؛ لأنه أذان فلا بد 
فيه من الإعلام. 





)١(‏ فى ط: ومد. 

(۲) سقط فى ش. 

(9) سقط فى ش. 

)٤(‏ سقط فى ش. 

(5) سقط فى أ. 

(1) آخرجه أبو داود )17"6/١(‏ كتاب الصلاة: باب كيف الأذان »)60٠(‏ والتسائى (۲/ ۷) كتاب 
الأذان: باب الأذان فى السفرء وابن حبان كما فى موارد الظمآن للهيئمى (16) كتاب 
المواقيت: باب فيما جاء فى الأذان (889؟). 


الأذان» والإقامة +۱ EY‏ 





قال: والظاهر أنه لا يخفض التكبير على ما فى الكتاب» وهی رواية أشهب» 
وقد تأول بعض المتأخرين خفضه من الكتاب» وهو غلط. 

قال فى سماع أشهب: يرجع المؤذن الأول» بخلاف من بعده. 

وقال المازرى: اختلف فى أول الأذان. 

فقيل : يخفض فيه الصوت» مثل ما قبل الترجيع ؛ ويبتدئ الرفع من الترجيع . 

وقيل: يرفع أولاء ثم يخفض» ويرفع من الترجيع إلى آخره» واختاره؛ لما فيه 
من موافقة الأحاديث فى علو الصوت» وبما" فيه من الإعلام. 

وثالثها: «الصلاة خير من النوم»: 

عندنا مشروعةء خلافا (ش)» (ح) فى [أحد قوليهما9 . 

لنا: إجماع أهل المديئة» وحديث أبى محذورة المتقدم . 

قال صاحب الطراز اختلف فى حين مشروعيئه. 

فقيل: إن عمر - رضى الله عنه - أمر به» ففى الموطأ: قال مالك: بلغنى أن 
المؤذن جاء يؤذن عمر بالصلاة» فوجده نائماء فقال الصلاة خير من النوم» فقال له: 
اجعلها فى نداء الصبح . 

وقيل: آمر به رسول الله يكِ. لما تقدم من حديث أبى محذورة. 

ويحتمل أن يكون ذلك من عمر إنكارا [لما قاله المؤذن]2©9 فى غير [صلاة 
البح . 

فروع ثلاثة حشر : 

الأول: قال صاحب الطراز: وسع مالك - رحمه الله - فى مختصر ما ليس فى 
المختصر: فى ترك ذلك لمن كان متفردا. 

وقال الحسن بن صالح: يشرع فى العشاء. 


)1( فى ش: وهو. 

زفق فى ط: ومما. 

(۳) فى ش: آخر قولهما. 

)٤(‏ فى ط: فى. 

(0) فى ش: على المؤذنء لما قالها. 
)١(‏ فى ش: الأذان للصبح. 


125 ج۱ الأذان» والإقامة 


وقال التخعى: فى سائر الصلوات. 

واستحسن الأول بعض أصحابنا لمن كان وحده» أو لمن معه من ليس بنائم. 

قال: وهو فاسد؛ لأن الأذان متبع(') على مشروعيته» ألا تراه يحيعل» وإن كان 
وحده؟! ويحمل قول مالك على أنه لا يبطل الأذان. 

قال المازرئ: واختلف المذهب: هل يقال مرتين» قياسا على التكبير» أو مرة؛ 
لأنها مختصةء فيكون مرة» كقولنا: قد قامت الصلاة؟ 

الثانى : التثويب بين الأذان والإقامة. 

قال صاحب الطراز: هو عندنا غير مشروع» خلافا (ح) محتجا بأن بلالا كان إذا 
أذن أتى النبى بء ثم قال حى على الصلاة» حى على الفلاح» يرحمك الله. وأنكر 
ذلك أصحاب الشافعى» ورووا أن عمر - رضى الله عنه - لما قدم مكة» جاء أبو 
محذورة وقد أذن» فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين» حى على الصلاة» حى على 
الصلاة» حى على الفلاح» حى على الفلاح» فقال له عمر - رضى الله عنه -: 
ويحك» أمجنون أنت؟ ما كان فى دعائك الذى دعوت» ما نأتيك حتى تأتينا. ولو 
كان ذلك سنة لم ينكره. وكرهه مالك» وكره تنحنح المؤذن عند الفجر؛ ليعلم الناس 
فيركعواء وروى أنه حدث فى زمن معاوية أن المؤذن إذا أذن على الصومعة دار إلى 
الأمير» واختصه ب «بحى على الصلاة» حى على الفلاح؟» ثم يقول: [الصلاة](© 
الصلاة يرحمك الله. وأقر ذلك عمر بن عبد العزيزء وأجازه ابن الماجشون فى كتاب 
المبسوط» وذكر فى صفة التسليم: السلام عليك أيها الأمير» ورحمة الله وبركاته» 
حى على الصلاة حى على الصلاة» حى على الفلاح حى على الفلاح» الصلاة 
يرحمك الله. قال: وأما فى الجمعة فيقول: السلام عليك أيها الأمير» ورحمة الله 
وبركاته» قد حانت الصلاة [قد حانت الصلاة](©. وعادة أهل المديئة تأبى هذه 
المحدثات . 

فائدة: التثويب: من قولهم: ثاب إليه جسمه: إذا رجع بعد المرض» [والبيت 





الأذانء والإقامة ج ۱ 0 


مثابة للناس» أى: مرجع لهم]» ومنه: «وطوَلة جملا نت ما إاس) 
[البقرة: [٠٠١‏ أى: مرجعا لهم . 

قال الخطابى : أصله الإعلام» يقال ثوب : إذا لوح [بثوبه)"ء والفرق بين ثاب» 
وتاب - معجما [ومهملا] -: أن الأول للرجوع» والثانى للإقلاع» ومنه التوبة من 
الذنب» أى: الإقلاع عنه. 

الثالث : أنكر فى الكتاب التطريب فى الأذان. 

قال ابن القاسمء ما رأيت أحدا من مؤذنى المدينة يطرب» يعنى العمل على 
خلافه» والتطريب من الاضطراب الذى يصيب الإنسان من الخوف» أو الفرح» شبه 
تقطيع الصوت وترعيده بذلك؛ وكرههه لما فيه من التشبيه بالغناء الذى ينزه التقرب 
عنة . 

وفى الجواهر: قال ابن حبيب: وكذلك التحزين بغير تطريب ولا يبالغ فى المد 
بل يكون عدلا. 

قال صاحب الطراز: والسنة أن يكون محددا عاليا. 

الرابع : أنكر فى الكتاب دوران المؤذن» والتفاته عن يمينه وعن شماله. 

قال ابن القاسم فيه: وبلغنى عنه إجازته للإسماع» وأنكره للأذان إنكارا شديدا. 

وفى الجواهر: لا يحول صدره عن القبلة» ولم يحك خلافا. 

وفى الجلاب: لا بأس أن يؤذن إلى القبلة» وغيرها مبتدئاء وفى أثناء أذانه. 

وقال أبو حنيفة: إن أذن على المنارء فله أن يدور بجميع جسده عن القبلة. 

وقال الشافعى : لا يترك الاستقبال [بوجهه ولابقدميه]2©9: كان فى منار أو غيره؛ 
ويلوى عنقه فى «حى على الصلاة» و «حى على الفلاح». ليسمع النواحى. 

وقال ابن حنبل: يثبت بجميع جسده فى جميع أذانه» وإن كان على المنار لوی 
عنقه 


واستحب الشافعى الاستقبال فى الإقامة أيضا. 


)١(‏ سقط فى ش. 

(؟) سقط فى أ. 

(0) سقط فى ش وأ. 

)٤(‏ فى ش: بوجه ولا بد منه. 


ع ج ۱ الأذان» والإقامة 


وقال ابن القاسم فى الكتاب: رأيت المؤذنين بالمدينة وجوههم إلى القبلة' 
ورأيتهم يقيمون عرضا يخرجون مع الإمام وهم يقيمون يعنى أنهم ذرية [الصحابة]() 
ينقلون عن الآباء» والأجداد. 

وفى أبى داود: رایت( بلالا يؤذنء ويدور» ويتبع ههنا وههناء وأصبعاه فى 
أذنيه0©: وفيه عن عون بن أبى جحيفة عن أبيه قال: رأيت بلالا خرج إلى الأبطح 
فأذن» فلما بلغ «حى على الصلاة حى على الفلاح»؛ لوى عنقه يميناء وشمالاء ولم 
يستدر 449 قال الترمذى: حديث صحيح» وعليه عمل أهل العلم. 

الخامس : قال فى الكتاب: لا يؤذن قاعدا إلا من عذرء إذا كان مريضا يؤذن 
لنفسهء وأجاز فى الحاوى قاعدًا وراكيا. 

وجه الأول: الاتباع للسلف» والقياس على الإقامة والخطبة» ولأن الدعاء إلى 
الله - تعالى - يقتضى الاهتمام» والجلوس تقصير. 

وجه الثانى: أن المقصود الإعلام» وهو حاصل» ولأن الأذان من السئن التابعة 
للفرائض؛ فأشبه نوافل الصلاة. 

السادس: وسع فى الكتاب فى ترك وضع الأصبعين فى الأذنين. 

قال ابن القاسم: ورأيتهم بالمدينة لا يفعلونه» واستحسنه الشافعى؛ لما تقدم فى 
الحديث. 

[وقولنا أرجح؛ لأنه]20 لو كان مستحسنا لكان فى مسجده عليه السلام. 

قال ابن القاسم: والإقامة كالأذان. 

السابع : فى الجواهر: يجزم آخر كل كلمة29 من الأذان» ولا يصلها بما بعدهاء 


(۱) سقط فى ش. 

(۲) فى ش: أن. 

() يأتى تخريجه فى الترمذى بعده. 

ء)٥۲١( كتاب الصلاة: باب فى المؤذن يستدير فى أذانه‎ )١55 - ۱٤۳ /۱( أخرجه أبو داود‎ )٤( 
كتاب الصلاة: باب ما جاء فى إدخال الأصبع فى الأذن‎ )۴۷۷ - ۳۷۵ /١( وأخر. جه الترمذى‎ 
من طرق أخرى غير طريق أبى داود. وانظر: نصب‎ )۳۰۸/٤( عند الأذان (۱۹۷)ء وأحمد‎ 
.)٠٤١ /٠١( الراية للزيلعى‎ 

)6( فى ش: ورد بأنه . 

(5) فى ش: جملة. 


الأذانء والإقامة ج ۱ يفف 


ويدمج الإقامة؛ للعمل فى ذلك. 

الثامن: قال فى الكتاب: يؤذن على غير وضوءء بخلاف الإقامة» واختار فى 
المختصر الوضوء ؛ وهو اختيار صاحب المعونةء والشافعى؛ لقوله - عليه السلام - 

فى الترمذى لا يُوَذْنْ إلا مُتَوَضّئ(©. 

وجوابه: أن المراد به الإقامة؛ لأنها أذان؛ وإعلام بخروج الإمام إلى المحراب» 
ومنه قوله - عليه السلام - فى الصحيحين بين كل أَذَائيْن صَلاةٌ لِمَنْ شاب . 

فرع مرتب: إذا لم يكره الحدث» [فقد كرهه] ابن القاسم فى العتبية للجنب» 
وأجازه أبو الفرج فى الحاوى» وسحنون خارج المسجد: ومنشأ الخلاف: هل يكره 
ذكر الله - تعالى - لغير ضرورة للجنب أم لا؟ 

ففى الصحيحين أنه - عليه السلام - قال: نه لم يَمتَعْتِى أنْ ارد عَلَيْكَ السا م إل 

أنّى لَمْ أَكُنْ عَلَى طَهْره9) يعنى: لما فى السلام من ذكر الله. 

التاسع : قال فى الكتاب: يجوز أربعة مؤذنين لمسجد واحد. 

قال صاحب الطراز: قال ابن حبيب: رأيت بالمديئة ثلاثة عشر مؤذناء وكذلك 
بمكة يؤذنون معا فى أركان المسجد» كل واحد لا يقتدى بأذان صاحيهء فأما 
المسجد الكبير فيجوز أن يؤذن فى كل ناحية رجل يسمع من يليه؛ لأن كل جماعة 
يحتاجون للإعلام» وأما الصغير فتوالى الأذان فيه أبلغ من جمعه» بحسب الوقت. 

قال ابن حبيب: أما الصبح» والظهرء والعشاء فيؤذنون واحدا بعد واحد» إلى 
العشرة» وفى العصر إلى الخمسة» وفى المغرب واحد فقط. 

التونسى يريد: أو جماعة مجتمعين» فإن تشاحوا أقرع بينهم . 

قال صاحب القبس: بشرطين: التساوى فى الخصال» وألا يكون صاحب 





49 أخرجه عن أبى هريرة - مرفوعًا وموقوقًا - الترمذى )7٠١(‏ و )»)5١1(‏ والبيهقى فى سننه 
/١(‏ ۳۹۷) وصححا الرواية الموقوفة. 

(؟) أخرجه البخارى (۲/ )17١‏ كتاب الأذان: باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء (1۲۷)» ومسلم 
)٥۷۳ /11(‏ كتاب صلاة المسافرين وقصرها: باب بين كل أذانين صلاة »۳۰٤(‏ ۸۳۸). 

(۳) فى ط: فكرهه. 

)101/78( آخرجه آبو داود (۳۳۰) وابن جرير فى تهذيب الآثارعن ابن عمر؛ كما فى كنز العمال‎ )٤( 
ولم أجده فى الصحيحين بهذا اللفظ . انظر تحفة الأشراف للحافظ المزى (75/5؟).‎ 

(0) فى ط: الإمامة. 


E۸‏ ج١‏ الأذان» والإقامة 
الوقت؛ فإنه مقدم . 

وتصح القرعة فى المغرب وغيرها. 

والأصل فيها قوله - عليه السلام -: «لَوْ يَعْلَمُ الاس ما فى النْدَاءء ًالصف 
الأول ثم لَمْ يَجِدُوا إلا أن يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُواه20» قد اختصم قوم بالقادسية 
فأقرع بينهم سعد. 

وكره الحتفية تكراره فى مسجد محلة» بخلاف الشاغر(2» محتجين بأن التكرار 
يؤدى إلى تقليل الجماعة؛ باعتماد كل [واحد]9) منهم على أذان نفسه. 

وجوابه: أن من اعتاد الأذان حقق الوقت؛ فلا يختلفون غالبا. 

العاشر: قال صاحب الطراز: يفصل بين الأذان والإقامة» إلا المغرب عندناء 
وعند أبى حنيفة» خلافا لصاحبيه فى الفصل بيتهماء بجلسة كالخطبتين. 

وللشافعى فى الفصل بينهما بركعتين خفيفتين؟ لما فى الصحيحين عن أنس قال: 
«كنا بالمدينة إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السوارى يركعون ركعتين» حتى 
إن الرجل الغريب ليدخل المسجد؛ فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من 
يصليهما»0© . 

وجوابه: ما فى الصحيحين: أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يصلى المغرب إذا 
غربت الشمس وتوارت بالحجاب . وهذا يقتضى عدم الفصل» وعمل أهل 
المدينة يدل على آنه آخر العملين من رسول الله ل . 

الحادى عشر: قال فى الكتاب: لا يسلم فى أذانه» ولا يرد سلاما؛ لما فى ذلك 
من خروج الأذان عن نظامه» ولأنه عمل السلف. 





() فى ش: الوقف. 

(۲) تقدم. 

0) فى ش: المسافر. 

)٤(‏ سقط فى ش وأ. 

(0) أخرجه مسلم (۳۰۳/ ۸۳۷) ولم أجده فى صحيح البخارى. 

() أخرجه البخارى )٤۹/۲(‏ كتاب مواقيت الصلاة: باب وقت المغرب (051)؛ ومسلم /١(‏ 
)١‏ كتاب المساجد: باب بيان أن أول وقت المغرب عند غروب الشمس. حديث 
0/11 


الأذان» والإقامة جا ۹ 


فرع: قال صاحب الطراز: فإن عرض له مهمء كأعمى یخشی عليه من 
الوقوع فى حفرة - ففى الواضحة: يتكلم» ويبتدئ» وهو قول الشافعى» قياسا على 

الخطبة؛ فإن الكلام فيها ممنوع إلا لضرورة. 
5 وأما التسليم عليه فالمذهب منعه قال التونسى: وعلى القول بأنه يرد إشارة 
يجوز» كالمصلى. 

قال: والفرق: أن أبهة الصلاةء وعظمتها تمنع من الانحراف9© فى الكلام» 
بخلاف الأذان؛ ولذلك منعنا السلام فى الخطبة» وأبحناه فى الجمعة. 

قال: فظاهر كلامه أنه لا يرد إشارة» ونص عليه فى مختصر الوقار» واختلف فيه 
أصحابنا . 

وخرج بعضهم على الجواز جواز التسليم عليه. 

وإذا قلنا: لا يرد مطلقاء فإنه يرد بعد فراغه» كالمسبوق يرد على الإمام إذا أتم 
صلاته» وإن لم يكن حاضرا. 

قال: والفرق بين المؤذن» والمصلى فى الرد بالإشارة: أنها ليست سلاماء وإنما 
هى بدل» والبدل إنما شرع عند تعذر المبدل [منه)"ء والمصلى يتعذر عليه 
الكلام ؛ ؛ فشرعت لهء والمؤذن لو سلم لم يبطل أذانه وإن كان مكروها؛ فكان 
الأحسن التأخير حتى يفرغ » كما فعل - عليه السلام - [فی رد السلام]9) حين تيمم 
على الجدار؛ لكراهة ذكر اسم الله - تعالى - وهو جنب. 

قال ابن القاسم فى الكتاب: فإن تكلم بنى. 

قال صاحب الطراز: يريد إذا كان يسيراء وسوى فيه بين العمدء والسهو؛ لأن 
الإعلام يحصل بخلاف الكثير. 

الثانى عشر: قال فى الجواهر: إن نكس ابتدأ. 

وقال صاحب الطراز: إن نسى شيئا منه» فإن طال لم يبن» وإن قرب فلا شىء 
عليه فى القليل» ويعيد فى الكثير من موضع ما نسى» قاله ابن القاسم وأصبغ . 


)١(‏ فى ش: خشی. 
(۲) فى ش: الإهراق. 
(۳) سقط فى ش وأ. 
)٤(‏ سقط فى ش وأ. 


E‏ ج١1‏ الأذان» والإقامة 


وقال الشافعى : يعيد اليسير فى القرب. 

لتا: أن ترك الكلمة ونحوها قد لا يعلمها السامع» وإن علمها علم أنه غلط» 
فعودها لا يحصل إعلامًاء وربما لبس على السامع؛ فلا يشرع. 

فرعان مرتبان : 

الأول: قال فى الكتاب: إن أراد الأذانء فأخطأء فأقام - أعاد الأذان. 

وقال ابن الجلاب: إن أراد الأذان فأقام أو الإقامة فأذن - أعاد؛ حتى يكون على 
نية لفعله» ويستمر عليها. فيحتمل أن يريد نية التقرب؛ لأنه قربة من القربات» وقد 
صرح بذلك الأبهرى فى شرح مختصر ابن عبد الحكم» واحتج بأنه قربة؛ فتجب فيه 
النية؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «الأَعْمَالُ بالئيّاتِة» وكذلك صاحب تهذيب 
الطالب. ويحتمل أن يريد نية الفعل» وهى أعم من نية التقرب؛ لوجودها فى 
المحرمات والمباحات بدون التقرب. ولذلك27 يقول بعض الشراح: يعيد؛ حتى 
يكون على صواب من فعله. والأول هو الأظهر من قول الأصحاب. 

قال أبو الطاهر: وقيل: إن أراد الأذان» فأقام - لا يعيد؛ مراعاة للقول بأنها 
مثنی» وهذا مما يؤيد عدم اشتراط نية التقرب؛ فإنه قد صحح الإقامة مع أنه لم 
يقصد التقرب بها. 

الثانى : قال صاحب الطراز: فإن أغمى عليه أو جن فى بعضه» ثم أفاق - بنى 
فيما قرب» وقاله أشهب فى الإقامة. 

وقال الشافعى: يبنى فى الطول. وهو باطل. لأن الإعادة بعد الطول لبسء فلا 
تشرع . 

فلو أغمى عليه فى الإقامة» فأراد غيره إتمامها. 

قال أشهب: يبتدئهاء وإن بنى أجزأه. وسوى بين الإغماء» والجنون» والموت» 
وسوغ فيه الاستخلاف؛ قياسا على الخطبة والصلاة إذا سبق الإمام الحدث» ومنعه 
الشافعى فى الأذان» واختلف [قوله فى الإمام يسبقه الحدث» وفرق بعض أصحابه 
بأن المستخلف فى الصلاة يأتى بجميعها فى الجملة]» بخلاف الأذان» وهو 








)1( فى ش: وكذلك. 
(۲) بدل ما بين المعقوفين فى ش: وله فى الإقامة. 


الأذان» والإقامة ج۱ ۴۱ 





منقوض بالخطبة؛ فإن الخليفة يأتى بالبعض. 

الثالث عشر: ما فى الصحاح من قوله ل: (إِذًا سَمِعْتُمْ الْمُوَدّنَ كَقُولُوا مِكلَ ما 
2 * ع a‏ 1 0 ق م اس م جام - 
يَقَولَ الْمَوَدْنَ ثم صَلوا علئ» تة مَنْ صَلَى عَلَىَ صَلَاةٌ صلی الله عَلَيْهِ بها عَشْرَاء ثُمْ 
اسْأنُوا لى الْوَسِيلة؛ فَإِنْهَا مَل فى الْجَئةٍ لا ِى إلا لِعَبْدِ مِنْ عِبّادٍ الله وَأَرْجُو أَنْ 
اود أنَا هُوَ؛ كَمَنْ سَأَلَ لى الْوَسِيلَةَ حَلْتْ عَلَيْهِ صَفَاعَيىه0). 

قال المازرى: اختلف فى ثلاثة مواضع : 
| أحدها: إذا أذن مؤذنون هل يحكيهم؛ لقوله - عليه السلام -: «إذا سَمِعْتُمْ 
الْمَؤَدْن» بالألف» واللام» ولان( ذكر؛ فيؤمر بتكريره» أو يقتصر على المؤذن 
الأول؛ لأن الأمر لا يقتضى التكرار؟ 

وثانيها: إذا رجع المؤذن» هل يكتفى بالأول؛ لحصول المثلية التى فى قوله: 
مل م يمول » ولأن الترجيع إنما هو للوسماعء والسامع ليبس بمسمع ) وهو 
مذهب مالك؟ 

وقال الداودى: يكرر؛ نظرا لعموم الحديث. 

وثالثها: هل يكرر معه إلى آخر الأذان؟ قولان فى المدونة مبنيان على أن الأمر 
هل يقتضى التكرار أم لا؟ 

أو يقال: إن قوله: «مثل» صيغة تشبيه» ويكفى فيه وجه واحد لغة» أو يحمل 
على أعلى مراتب التشبيه0©, والأول هو الحقيقة» والثانى مجاز. 

قال فى الكتاب فى معنى الحديث: وذلك فيما يقع فى قلبى إلى آخر التشهد. 
يعنى : لأنه ثناء على الله - تعالى - وما عداه دعاء للصلاة» والسامع ليس بداع إليهاء 
ويؤيد ما وقع فى قلبه رحمه الله؛ وأنه الحق - ما فى مسلم [أنه - عليه السلام - 
قال]): همَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعْ | مون : أَشْهَدُ أن لا إل إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وان 
مُحَمّدًا عَبْدهُ وَرَسُولُةُ» رَضِيتٌ بالله رَيّاء وَبالإسْلام ديئاء وَبِمْحَمْدٍ رَسُولاء غَفِرَ له 
)١(‏ أخرجه مسلم ۰۲۸۸/۷ ۲۸۹) كتاب الصلاة: باب استحباب القول مثل المؤذن /١١(‏ 

.)659( كتاب الصلاة: باب ما يقول إذا سمع المؤذن‎ )١54 /۱( وأبو داود‎ )٤ 

(۲) فى ش: ولا. 
(۳) فى ش: الشبه. 
)٤(‏ فى ش: أنه قال عليه السلام. 


١ EY‏ الأذان» والإقامة 


د ولم يذكر زيادة على التمجيد"» والتوحيد والتشهد. 

تنبيه: قال فى المدونة: ولو فعل ذلك رجل لم أر به بأساء نقله صاحب 
التهذيب» وإن أتم الأذان معه فلا بأس» ووافقه على ذلك صاحب المتتقى وصاحب 
اللكت» وحكى عن سحنون ذلك. 

وقال صاحب الطراز وعبد الحق فى تهذيب الطالب: بل معناه: إن فعل 
الاقتصار» فلا بأس وهو اللائق؛ إذ لا يحسن أن يقال لمن وافق ظاهر اللفظ: لا 
بأس» وإنما يحسن ذلك إذا خالف الظاهر» واقتصر. 

وقال مالك فى مختصر ما ليس فى المختصر: يكمل الأذان معه» ويبدل 
الحيعلتين بالحوقلتين؛ لما فى مسلم أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (إِذًا قَالَ 
الْمُوَدْكُ الله كبر الله أكبرُه. وساق الحديث إلى آخر الأذان. وقال عند «حَى عَلَى 
الصّلاقة» وعند حب عَلَى الْقلاح: [لا حول" ولا قو إلا بالله. وَكمل الأذان». 

فائدة: الحول: معناه: المحاولة والتحيل. والقوة: معناها: القدرة. ' ومعنى 
الكلام: لا حيلة لنا ولا قدرة على شىء إلا بقدرة الله تعالى» ومشيئته. 

فإن كان فى الصلاة» قال فى الكتاب: يحكى فى النافلة دون الفريضة . 

وفى الجواهر: روى أبو مصعب: يحكى فيهماء وجوزه ابن وهب» واستحسنه 
أبن حبيب . 
ومنع سحنون والشافعى فيهماء فمن نظر إلى قوله فى أول الحديث: «فقولوا» من 
غير تخصيص» جوزء ومن نظر إلى أن الصلاة أفضل العبادات» فالعناية بها أولى» 
منع» ومن نظر إلى تأكد الفريضة منع فيها خاصة» وجوز فى النافلة» كما اختصت 
بسجود التلاوة» والصلاة داخل الكعبة» وعلى الراحلة إلى غير الكعبة9©). 

تفريع: قال صاحب الطراز: إذا قلنا: لا يحكيه فى الفريضة» حكاه بعد 
فراغهاء وقاله الشافعى. 





فق أخرجه عن سعد بن أبى وقاص أحمد ۸۱/1(« ومسلم كم وأبو داود (00(« 
والترمذى 2)5١١(‏ والنسائى (/). 

(۲) فى ش: التحميد. 

(۳) سقط فى أ. 

)٤(‏ فى ش: القبلة. 


الأذان» والإقامة +۱ EY‏ 


وإذا قلنا: يحكيه فى الفرض والنفل» أو فى النفل فقط - فلا يتجاوز التشهدين؛ 
فلو قال: «حى على الصلاة»» قال أبو محمد الأصيلى: لا تبطل صلاته؛ لأنه 
متأول. 

وحكى صاحب النكت عن بعض القرويين البطلان. لأنه متكل. 

قال صاحب الطراز: وهو مقتضى أصل المذهب؛ لأن الجهل مثل العمد فى 
الصلاة. 

فإن أبطأ المؤذنء فقد جوز فى الكتاب أن يقول قبله. 

ونقل صاحب المنتقى عنه: يقول بعده أحب إلى؛ نظرا إلى أن ظاهر الحديث 
يقتضيه ؛ فإن جواب الشرط لا يكون إلا بعده» والأول أفقه؛ لأن المقصود الذكرء 
وهو حاصل مطلقا. 

فرع: قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا انتهى المؤذن إلى آخر الأذان يحكيه إن 
شاءء وهذا الفرع أهمله أبو سعيد؛ فنقله: «إذا أتم الأذان فلا بأس». 

قال صاحب الطراز: وفيه فائدتان: 

إحداهما: أنه يكتفى بذكر أول الأذان عن آخره؛ لأن المقصود عين ذلك الذكرء 
وهو حاصل . 

وثانيتهما: أنه إذا سمع مؤذنا آخرء تأول بعضهم من هذا الفرع أنه لا تلزمه 
حكايته كآخر الأذان. 

وقال [بعضهم : تلزمه بخلاف آخر الأذان9 . 

قال: والذى يوضح هذا: أن الفذ يقيم لنفسه؛ والجماعة يقيم لها واحد» فلو كان 
تكرار الحكاية مطلوبا لاستحب لكل من فى المسجد أن يقيم الصلاة إذا أقامها 
المؤذن بعد أذانه . 

أغاليط المؤذنين فى مواضع من الأذان: 

أحدها: «الله أكبر» يمدون بعد الباءء فيصير: أكبار» و «الأكبار» جمع اكبر»؛ 
والكبر: الطبل؛ فيخرج الأذان إلى معنى الكفر. 





)١(‏ فى ش: تكلم. 
(؟) سقط فى أ. 


EY‏ ج۱ الأذانء والإقامة 


وثانيها: يمدون فى أول «أشهد» ؛ فيخرج إلى حيز الاستفهام» والمراد أن يكون 
خبرا إنشائياء وكذلك يصنعون فى أول الجلالة. 

وثالثها: الوقوف على «لا إله» وهو كفر وتعطيل» وقد شاهدت ذلك يفعله بعض 
مؤذنى الجامع الكبير بالإسكندرية» فكان يمد إلى أن يفرغ نفسه هنالك» ثم يبتدئ: 
دإلا الله , 

ورابعها: لا يدغمون تنوين «محمدًا» فى الراء بعدهاء وهو لحن خفى عند 
القراء . 

وخامسها: لا ينطقون بالهاء من «الصلاة» فيخرج الكلام [إلى الدعاء) إلى 
صلى النار. 

سادسها: لا ينطقون بالحاء من «الفلاح» ؛ فيخرج الكلام عن المقصود. 

فوائد: اختلف العلماء" فى «أكبر» هل معناه: «كبير» ؛ لاستحالة الشركة بين 
الله - تعالى - وغيره فى الكبرياءء وصيغة «أفعل» إنما تكون مع الشركة؟ أو معناه: 
أكبر من كل شىء؛ لأن الملوك وغيرهم فى العادة يوصفون بالكبرياء؛ فجيئت7) 
صيغة أفعل بناء على العادة؟ 

و «حى» معناه: الدعاء للشىء؛ تقول العرب: حى على الثريدء أى: أقبل» 
وكذلك «هلا؛ بمعناه» ويجمع بينهماء فيقال: حيهلاء بالتنوين وبغير تنوين» بسكون 
اللام وتحريكهاء مع الألف» وتستعمل ب «على»» كما فى الأذان» وب «إلى»ء 
وبالباءء منه الحديث: ذا ذُكِرَ الصّالِحُونَ كَحَيْهَلَا بعْمَر9), 

«والفلاح» فى اللغة: الخير الكثير» «تقول»: أفلح الرجل» إذا أصاب خيرا. 

(والإله»: المعبود» وليس المراد نفى المعبود كيف كان؛ لوجود المعبودين فى 
الوجود كالأصنام» والكواكب؛ فثم صفة مضمرة تقديرها: لا معبود مستحق للعبادة 
إلا الله ومن لم يضمر هذه الصفة لزمه أن يكون تشهده©) كذبا. 








)١(‏ سقط فى ش وأ. 

(۳) فى ش: فحسنت. 

»)۸۱ - ۸۰ /9( أخرجه الطبرانى بأسائيد عن ابن مسعود موقوقاء كما فى مجمع الزوائد‎ )٤( 
وقال ورجال أحدها رجال الصحيح.‎ 

)0( فى ش: خبر هذه. 


الأذانء والإقامة جا eo‏ 


الفصل الثانى: فى حكمه 

[قال اللخمى] : الأذان خمسة أقسام: 

سنةء وهو الأذان فى “المساجدء وعرفة» ومنى» والعدد الكثير فى السفرء 
والأئمة حيث كانوا. 

ومختلف فى وجوبه» وهو أذان الجمعة. 

قال اللخمى: والأحسن وجوبه؛ لتعلق الأحكام به كتحريه(" البيع» ووجوب 
السعى . 

ومستحب» وهو أذان الفذ المسافر. 

ومختلف فيه: هل هو مستحب أم لا؟ وهو أذان الفذ فى غير سفرء والجماعة 
التى لا تحتاج إلى إعلام غيرهاء والقولان لمالك. 

قال: والصواب عدم الاستحباب؛ لعدم حكمة الأذان. 

ومكروه: وهو الأذان للفوائت» والسئن» وأذان النساء. 

فرق: الفذ فى السفر فى موضع ليس فيه إظهار شعائر" الإسلام؛ فشرع له 
إظهارهاء وسرايا المسلمين تقصده؛ فيحتاج إليه للذب عن نفسه»ء بخلاف الحاضر؛ 
فإنه مندرج فى شعائر غيره وصيانته . 

وفى الجواهر عن جماعة من متأخرى الأندلسيين والقرويين: أن الأذان واجب 
لإقامة شعائر الإسلام» فإن فعله واحد منهم سقط عن جملتهم. 

قالوا وهو سنة مؤكدة في مساجد الجماعات» ومواضع الأئمة» وحيث يقصد 
الدعاء للصلاة . 

وعن اليغداديين: أنه سنة . 

واختار القاضى أبو الوليد وجوبه على الكفاية فى المساجد والجماعات الراتبة» 
وعلله يإظهار الشعائر» وضبط الأوقات. 

وقال المازرى: فى الأذان معنيان: 


(۱) سقط فى ش. 
(۳) فى ط: فيه شعائر. 
)٤(‏ فى ش: فيشرع. 


۳٦‏ جا الأذانء والإقامة 

أحدهما: إظهار الشعائرء والتعريف بأن الدار دار إسلام» وهو فرض كفايةء 
يقاتل أهل القرية على تركه حتى يفعلوه» إن عجز عن قهرهم على إقامته إلا بالقتال» 
وهو مذهب ابن" الطيب. 

وثانيها: الدعاء للصلاةء والإعلام بدخول وقتهاء وهو جل المقصود منه. 

فحكى البغداديون أنه سنة عند مالك» والشافعى» وأبى حنيفة» وفرض عند أهل 
الظاهر. 

ووقع لمالك فى الموطأ: أنه واجب» ومعناه: سنة مؤكدة. 

وتأول بعض المتأخرين قول من قال: إنه سنة» بأن معناه ليس شرطا فى الصلاة. 

ومنشأ ذلك : الخلاف فى قاعدتين: 

إحداهما: أنه عليه - الصلاة والسلام - أمر بالأذان بلالاء وأبا محذورةء 
وغيرهماء والخلاف بين الأصوليين فى حمل الأمر على الوجوب أو على الندب. 

وثانيتهما: أن الصلوات واجبة» وصحتها متوقفة على معرفة دخول وقتهاء 
والخلاف بين العلماء» فيما يتوقف عليه الواجب المطلق» وهو مقدور للمكلف: 
هل يكون واجبا آم لا؟ . 

سؤال: إذا رتب الله - تعالى - وجوب شىء على سبب أو شرط» لا يجب 
تحصيلهماء ولا يبحث عنهما إجماعاء كترتيب الرجم على الزنا والإحصانء 
والقطع على السرقة» ونحوهما؛ فإنه لا يجب تحصيلهماء ولا البحث عنهماء وإنما 
يجب تحصيل ما توقف عليه الواجب بعد تحقق سبب وجوبهء كتوقف الحج 
والجمعة على السعى لهماء بعد تحقق وجوبهما وأسبابهما؛ فلو" خولفت هذه 
القاعدة ههنا فإن الأوقات أسباب الوجوب» كالزنا والسرقة» والاستطاعة فى 
الحج. 

جوابه: أن أسباب الوجوب على قسمين: 

منها ما يجوز أن يعرى عنه المكلف فى جملة عمره؛ فلا يجب عليه البحث عنه 
كالسرقة ونحوها. 





الأذان» والإقامة جا يهف 





ومنها: ما يقطع بحصوله فى الجملة» من غير تعيين» فيقطع بترتيب الوجوب 
فى ذمته؛ لقطعه بسببه» وإذا قطع بالوجوب تعين الإيقاع"ء فيتعين البحث عن 
تعيين السبب؛ حتى لا يقع الفعل قبله فيكون فعله معصية غير مجز. 

قال صاحب القبس: روى أنه - عليه السلام - علمه الله - تعالى - الأذان ليلة 
الإسراء [فى السماء]9) بهيئته وصيغته» وكان بمكة مع بقية من الكفارء فكانت 
الصلاة اختلاسا إلى ما بعد الهجرة. 

وفى الموطأ: أنه -- عليه الصلاة والسلام - أراد أن يتخذ خشبتين» يضرب بهما؛ 
ليجتمع الناس للصلاة» فأرى عبد الله بن زيد خشبتين فى النوم» فقال إن هاتين لنحو 
مما يريده النبى يكل فقيل ألا تؤذنون للصلاة» فأتى رسول الله ل حين استيقظ»ء 
فذكر له ذلك» فأمر - عليه السلام - بالأذان". 

وفى هذا الحديث عند أبى داود أنه - عليه السلام - اهتم كيف يجمع الناس 
للصلاة؟ فقيل له تنصب راية عند حضور وقت الصلاة» فإذا رأوها آذن بعضهم 
بعضاء فلم يعجبه» فذكر له القنع2©9؛ يعنى : الشبور» فلم يعجبهء وقال: هو من أمر 
اليهود» وذكر له الناقوس: فقال هو من أمر النصارى» وروى أن عمر قال: ابعثوا 
رجلا ينادى بالصلاة» يعنى ٠‏ يقول: الصلاة الصلاةء ویروی ۰ اتخذوا نارا مثل 
المجوس. ويروى: نوروا بالليل» ودخنوا بالنهار. ويروى أن عمر - رضى الله 
عنه- رأى مثل عبد الله بن زيد» وتابعه من الصحابة - رضوان الله عليهم - فى الرؤيا 

فائدة: قال الخطابى: يروى القبع : بالباء المفتوحة وبالنون ساكنة . 

قال: وسمعت أبا عمر يقول: لقث - بالثاء المثلثة - والجميع أسماء للبوق. 

فبالنون: من إقناع الصوت أو الرأس» وهو رفعه» وبالباء من الستر» يقال: قبع 
رأسه فى جيبهء إذا أدخله فيه. 
(۱) فى ش: بترتب. 
2( فى ش: الإبقاء . 
(0) سقط فى ش وأ. 
)٤(‏ فى ش: فقال. 
(0) أخرجه مالك فى الموطأ (۱/ 1۷) )١(‏ عن يحبى بن سعيد معضلا. 
(5) فى ش: القبع. 


۸A‏ جا الأذان» والإقامة 


تمهيد: هذا الحديث يدل على أنه - عليه السلام - كان يجتهد فيما به يعرف 
الوقت» وليس هذا من باب الاجتهاد فى الأحكام» كما ظنه أبو الطاهر وغيره من 
الفقهاء» وجعلوه من المسألة الأصولية: هل له - عليه السلام - أن يجتهد فى 
الأحكام أم لا؟ لأن الحكم هو وجوب تعرف الوقت» وهذا لم يقع فيه اجتهاد» بل 
وقع فى الطرق المفضية إلى ذلك» والطرق ليست أحكاما؛ كما لو وجب علينا أن 
ننقذ غريقاء فاجتهدنا فى فعل ذلك» هل يكون بسفينة» أو بحبل» أو بخطافء أو 
سباحة إليه؟ فإن هذه ليست أحكاماء وإنما الحكم وجوب الإنقاذ؛ ولذلك يجتهد 
الناس فى تعرف الوقت بالخطوط والموضوعة على الحيطان» والرخامات» وسائر 
الآلات» ولا يعدون بذلك مجتهدين فى الأحكام الشرعية» فلما وقعت الرؤيا احتمل 
أن تكون وحيا من النبوة؛ كما أقام - عليه السلام -- يوحى إليه [فى أول)" نبوته 

ستة أشهر فى المنامء وكما أوحى لإبراهيم - عليه السلام - فى المنام بذبح ولده» 

وعلم ذلك - عليه السلام - بوحى سابق» أو بقرائن الأحوال - تفيد القطع» أو الظن 

الغالب بأنها وحى» فعدل عن الاجتهاد إلى الوحى» ويحتمل أن تكون الرؤيا منبهة 
على وجه المصلحة» وليست وحيا؛ فرجع إليها - عليه السلام - لرجحان ما دلت 
عليه من المصلحة» لا لكونها وحياء والمصلحة فى ذلك أرجح من كل ما تقدم 
قبلها؛ لتحصيل ذكر الله - تعالى - والشهادة بالرسالة» وإعلام الخلق» ومباينة شعائر 
الكفرء وإظهار اختصاص الأمة. 
وفى البخارى: «المُؤَدنُونَ أَطْوَلُ الئاس أَعْتَاكًا يَْمَ لام٤‏ [يروى بالكسرء 
والفتے]() : 
فالكسر معناه: سرعة المشى» ومنه أنه - عليه السلام - فى حجة الوداع : كان 

يسير العتق» فإذا وجد فرجة نص . 

)١(‏ فى ش: طاهر. 

0( فى ط: أو خطام . 

(۳) سقط فى ش. 

(5) أخرجه مسلم (۱/ ۲۹۰) كتاب الصلاة: باب فضل الأذان /۱٤(‏ ۳۸۷)ء وابن ماجه (۱/ )۲٤١‏ 
كتاب الأذان: باب فضل الأذان (١٠۷)ء‏ وابن أبى شيبة فى المصنف: باب فى فضل الأذان 
وثوابه (1141) ولم أجده فى صحيح البخارى انظر التحفة (455/48) .)١١٤١١(‏ 

)٥(‏ فى ش: روى يكسر الهمزة ويفتحها. 


الأذان» والإقامة +۱ ۳۹ 


والفتح» قيل: هو على ظاهره؛ فتطول أعناقهم حتى لا يصل العرق إلى أفواههم 
التى كانوا يؤذنون بها. وقيل: أطول رجاء؛ من قولهم: تطاولت إليه الأعناق» وطال 
عنقى إلى رجائك» وقيل : أطول أعناقا: أى: أصواتا وعبر بالعنق عن الصوت؛ لأنه 
محله . 

وفى أبى داود: «المُوَدُْ يعقر لَه مَدَى صَوْيه وَيَشْهَدُ لَهُ كل رَطب وَټاہس»() 
ومعناه: يغفر له بسبب إسماعه ونشره لذكر الله» فى مد صوته؛ لأن الحسنات يذهبن 
السيئات» وشهادة الجمادات له [يحتمل أن يخلق بها إدراكا وحياة عند الأذان؛ 
فتضبط ذلك» ويحتمل ذلك يوم القيامة»ء وفى الموطأً)" أنه - عليه الصلاة 
والسلام- قال: (إدًا ودی لِلصَّلاةٍ أَدبَرَ الّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطْ ؛ حى لا يَسْمَعَّ الدَاءء 
نا مض الأدانُ قبن تی إا وب لِلصَّلاةٍ أَذْبرَ > حى إا فى اليب َل 
حى يَحْطِرَ بين الْمَْءِ وََفْسِوء فَيَقُول: اذْكْرْ كَذَاء اکر كَذّاء لِمَا لَمْ يكن يَذْكُرُه؛ 
وَحَبّى يل" الرّجُلُ فلا يَدْرِى كَمْ صَلّى؟:2)29: والتثويب: الإقامة» وهو [من 
الرجوع]ء كما تقدم» وهو يصدق على تكرار اللفظ فى الأذان؛ لأنه رجوع إليه؛ 
وعلى الدعاء الذى بعد الأذان؛ لأنه رجوع للفظ الأذان» وعلى الإقامة لأنها رجوع 
إلى الأذان» وقد روى: (إذا أقيمت الصلاة»» ويروى: «يظل الرجل»» بالظاء 
القائمة» مس يصير» ومنه قوله - تعالى -: ظظلٌ وجه مُسْوَئاك [النحل:08] 
ليِظْلَلْنَ روک عل طهر [الشورى :۳۳] ويروى: «يضل»ء من الضلال» بالضاد 
الساقطة . 





(۱) أخرجه أبو داود )١47 /١(‏ كتاب الصلاة: باب رفع الصوت بالأذان (010)» والنسائى 
(117) كتاب الأذان: باب رفع الصوت بالأذان ٠‏ إل قول : كل رطب ويابس» وابن ماجه 
)15٠/١(‏ كتاب الأذان. باب فضل الأذان وثواب المؤذنين (٤1۲)ء‏ وأحمد 241١/5(‏ 
۰)٤1 ۹‏ وابن حبان - كما فى الموارد للهيئمى - (45) كتاب المواقيت: باب فضل 
الأذان (۲۹۲). 

(۲) سقط فى ش وأ. 

(۳) فى ش: يصلى. 

۲۹۱/۱( كتاب الأذان: باب فضل التأذين (514)»: ومسلم‎ )۸٥ - ۸٤ /۲( أخرجه البخاری‎ )٤( 
فى كتاب الصلاة:‎ )1۹/١( كتاب الصلاة: باب فضل الأذان (19/ ۳۸۹)» ومالك‎ )۲۹۲ - 
.)5( بياب ما جاء فى النداء للصلاة‎ 

(4) فى ش: من ثاب: أى الرجوع . 


1 +۱ الأذان» والإقامة 


فائدة: لا يتوهم من هذا: أن الأذان» أو الإقامة أفضل من الصلاة لهروب 
الشيطان فيهما دون الصلاة؛ لأن المفضول قد يختص بما ليس للفاضل كما قال - 
عليه الصلاة والسلام -: «أَقْضَاكُمْ على وركم أبن وَأفْرَضْكُمْ رند لمكم 
بِالْحَلَالِ وَالْحَرَام مُعَادُ بُ جبل2'0: مع فضل أبى بكر على الجمیع - رضى الله 
عنهم - أجمعين» وكذلك" تعرض الشيطان له - عليه السلام - فى صلاتهء فهم 
بربطهء ثم تركهء وكما جاء فى الحديث الصحيح: «وَإِذَا سَلَكَ عُمَرُ - رَضِىَ الله 
عَنْهُ- قبا سَلَّكَ السَّيْطانٌ جا غر فهروبه من عمر وإلمامه به عليه السلامء 
كهروبه من الأذان» وتسلطه فى الصلاة. 

وفى الموطأ: «سَاعَتَانٍ فح فِيهمًا َبْوَابُ السّمَاءء وَكّلٌّ داع ترد عَلَيْهِ دَهْوَتُهُ حَضْرَةٌ 
الندَاءٍ بالصَّلاةٍ ًالصف فى سَبيل الله29» ويروى فى تهذيب الطالب: «وَنْرُولَ 
ايب وَيَرَاء الثذن0©, 20 

فرع: اختلف العلماء أيهما أفضلء الأذان أم الإمامة؟ 

فقيل: الأذان» واختاره صاحب تهذيب الطالب؛ لاشتماله على حق الله - 
تعالى- فى التكبيرات» والشهادة بالتوحيد› وحقه - عليه السلام - فى الشهادة له 
بالرسالة» وحق العباد فى الإعلام بالوقت فى حق النساء والمنفردين» والدعاء 
للجماعة فى حق المقتدين» بخلاف الإمامة؛ فإن الإمام لم يتحدد له إلا الجهر 
بالذكر؛ للإعلام بالأذكار"2؛ ولذلك قال عمر - رضى: الله عنه -: «لولا اللخليفة) 
لكنت مؤذنا» أى: الخلافة. 

سؤال: لم لم يكن - عليه السلام - مؤذناء مع أن أفضل الخلق شأنه المواظبة 





)0( تقدم. 

فق فى ش: ولذلك. 

(۳) خر جه البخارى (/01/1) كتاب الفضائل: باب مناقب عمر (75417)؛ ومسلم (1877/4) 
فى الموضع السابق (۲۲ - 1785). 

)٤(‏ أخرجه مالك فى الموطأ )۷١ /١(‏ (۷) عن سهل بن سعد الساعدى موقونًا. 

)0( أخرجه عن ابن عمر الطبرانى فى الأوسط )7”61١(‏ بلفظ (تفتح أبواب السماء الخمس لقراءة 
القرآن» وللقاء الزحفين» ونزول القطرء ولدعوة المظلوم» وللأذان). 

(1) فى ش: بالأركان. 

(۷) فى ش: الخيلفى. 

(8) فى أ: ولأن. 


الأذان» والإقامة + ۱ ٤١‏ 


على أفضل الأعمال؟ بل كان إماماء ولم يؤذن إلا مرة واحدة فى سفره. 

جوابه من وجوه: 

أحدها: أن الأذان مشتمل على دعاء الناس إلى الصلاةء فلو أذن لكان فى 
التخلف عن إجابته شديد الحرج؛ فكان يشق على الناس. 

وثانيها: أنه إن قال: «أشهد أنى محمد رسول الله» غير نظم الأذان» وإن قال: 
«أشهد أن محمدا رسول الله» أوهم رسالة غيره. 

وثالئها: أن الأذان [يحتاج] إلى رصد ومراقبة للوقت» والاشتغال بأعباء 
الرسالة ومصالح الأمة يمنع من ذلك» بخلاف الإمامة. 

وقيل: الإمامة أفضل؛ لإفادتها فضل الجماعة» وهى خمس وعشرون درجة» 
ولم يثبت ذلك للأذان. 

الفصل الثالث: فى صفة المؤذن 

ففى7") الجواهر: يشترط أن يكون مسلماء عاقلاء مميزاء ذكراء بالغاء عدلاء 
عارفا بالمواقيت» صيتاء حسن الصوت؛ فلا يعتد بأذان كافر» أو مجئون» أو 
سكران» أو مختلط20» أو امرأة. 

وقال أشهب: لأ يؤذن الصبى ولا يقيم إلا مع النساء» أو فى موضع ليس فيه 
غيره. وجوز مالك فى الحاوى الأذان له» وللقاعدء والراكب» والجنب» ومنع 
الإقامة» ومنع فى الكتاب أذانه» وقال: لأن المؤذن إمام» وهو لا يكون إماماء وهو 
قول الشافعى» وإن جوز إمامة الصبى. 

حجة المنع: ما فى أبى داود: قال - عليه السلام - «الْمُؤَدنُونَ اء وقال: 
ؤكم ركم وَيُوَدْنُ لَكُمْ جِيَارُكٌه0 2 وهذا حجة لسائر الشروط» وأنه ليس له 
وازع شرعى» فيحيل" الوثوق بأمانته على الأوقات» ولأنها ولاية على وسيلة أعظم 


)١(‏ سقط فى أ. 

(۲) فى ش: فى. 

(۳) فى ط: مختبط. 

)٤(‏ تقدم. 

(۵) أخرجه أبو داود (۱/ )١111‏ كتاب الصلاة: باب من أحق بالإمامة »)٥۹۰(‏ وابن ماجه (۱/ 1٠‏ ؟) 
كتاب إقامة الصلاة: باب فضل الأذان .)۷۲١(‏ 

(5) فى ش: فيختل. 





10 ج١1‏ الأذانء والإقامة 


القربات» وهو ليس من أهل الولايات. 

حجة الجواز: ما رواه ابن المنذر بإسناده عن عبيد الله بن أبى بكرء قال: «كان 
عمومتى يأمرونتى بالأذان لهمء وأنا لم أحتلمء وأنس بن مالك شاهدء ولم 
ینکن ء ولأنه ذكر الله» وخبر عن أمر واقع؛ فيصحان منه كما تصح أخباره فى 
الاستئذان» والرسائل» وغير ذلك. 

قال صاحب الطراز: ولأنه من أهل التنفل بالصلاة؛ فيكون من أهل التنفل بالأذان 
بطريق الأولى؛ لأن الوسائل أخفض من المقاصد. 

حجة الفرق بين الأذان والإقامة : أنها آكد من الأذان؛ للزومها للفذء حتى قيل: 
إن تركها عمدا بطلت صلاته . 

حجة تفرقة مالك فى رواية أشهب عنه: أن الحاجة قد تدعو إليه فى هذه 
الحالة . 

فروع خمسة: 

الأول: قال صاحب الطراز: يستحب حسن الهيئة؛ فقد قال أشهب: من أذن 
وأقام فى ثياب شعر أو سراويل فليعد إن لم يصلواء وخالفه ابن القاسم. 

الثانى: لم يكره فى الكتاب أذان الأعمى» قال: وكان مؤذنه - عليه الصلاة 
والسلام - أعمى . يعنى ابن أم مكتوم. 

قال صاحب الطراز: ليس فيه خلاف إذا كان أميناء إلا أنه لا يرجع فى الوقت إلى 
ما يقع فى نفسهء بل يستخبر الثقة ويتثبت. 

وفضلهما( أشهب على العبد» إذا سددا الوقت والقبلة» وفضل العبد إذا كان 
رِضّى على الأعرابى» والأعرابى إذا كان رِضّى على ولد الزنا. 

الثالث: قال صاحب الطراز: ظاهر المذهب كراهية تأذين النساءء خلافا ل(ش)» 
(ح) غير أن الشافعى قال: لا يجزئ عن الرجال. 

حجتنا أن رفع صوتها مكروه مع الاستغناء عنه؛ لما فيه من الفتنه» ومن ترك 
الحياء . 


.)4١/7( أخرجه ابن المنذر فى الأوسط‎ )١( 
زفق فى ش : وفضله.‎ 


الأذان» والإقامة ج ۱ و 





الرابع : فى الجواهر: للإمام أن يستأجر على الأذان من بيت المال» واختلف فى 
إجازة غيره من آحاد الناس على الأذان والصلاة: 
فالمشهور المنع من الضلاة منفردة» والجواز فى الأذان منفرداء ومع الصلاة. 


وعند ابن عبد الحكم الجواز فيهما مطلقا. 
وعند ابن حبيب المنع فيهما مطلقاء وهو قول أبى حنيفة. وتردد [النقل عن](© 
الشافعى . 


قال صاحب الطراز: واتفق الجميع على جواز الرزقة: وقد أرزق عمر - رضى 
الله عنه - المؤذنين» وكذلك تجوز الرزقة للحاكم» وإن امتنعت الإجارة على 
الحكم . 
[حجة المشهور](" أنه فعل يجوز التبرع به عن الغير؛ فلا يكون كونه قربة مانعا 
من الإجارة فيه؛ قياسا على الحج عن الغيرء وبناء المساجد» وكتب المصاحف» 
والسعاية على الزكاة. 

ويمتنع فى الإمامة مفردة؛ لأن فعل الإمام فعل المنفردء [وفعل المنفرد]9» 
لا يجوز أخل الأجرة عليه. 

حجة من جوزها منفردة: ملاحظة التزامه للمكان المعين» وهو غير مأمور به 
عينا؛ فجاز أخذ الأجرة عليه. 

قال المازرى: قال بعض أشياخى: يرتفع الخلاف فى المنع إذا كان ثم فعل 
لا يلزم المصلى؛ كما يرتفع الخلاف فى الجواز إذا لم يزد على الواجب. 

حجة المئع: ما فى أبى داودء والترمذى» عن عثمان بن أبى العاص أنه قال : 
«من آخر ما عهد إلى النبى ككل: أن اتخذ مؤذناء لا يأخذ على أذانه أجران©) 
وصححه الترمذى» وإذا امتنع فى الأذان امتنع فى الإمامة بطريق الأولى؛ لكونها 
أدخل فى باب التقرب والتعلق بالذمة» وبالقياس على الجهاد. 

وجوابه عن الأول: أنه محمول على الورع» ونحن نقول به. 


)١(‏ سقط فى ش وأ. 

(۲) فى ش: حجته. 

(۳) سقط فى أ. 

.)٥۳۱( والترمذى (۲۰۹)ء وأبو داود‎ .)۷۱٤( أخرجه الحميدى (405): وابن ماجه‎ )٤( 


145 ج١1‏ الأذانء والإقامة 


وعن الثانى: أن الجهاد يتعين بالحضورء بخلاف الأذان والإمامة. 

فرع مرتب: فى الجواهر: إذا فرعنا على المشهور واستؤجر عليهاء ثم طرأ 
ما يمنع الإمامة - فهل يحط من الأجرة بسبب عجزه؟ قولان للمتأخرين مبئيان على 
الأتباع : هل لها حظ من الثمن أم لا؟ 

قال المازرى: احتج القائل بعدم الحط بما وقع فى المذهب: أن من اشترى عبدا 
له مال» أو شجرا مثمراء فاستحق المال من يد العبدء [أو أصيبت الثمر بجائحة 
لا يوجب ذلك حطيطة من الثمن]7©. 

واحتج الآخر: بأن حلية السيف تابعة له» وإذا استحقت؛ فلها حطها من الثمن» 
وكذلك سلعة من صفقة فيها سلع» وقال: إنما سقط اعتبار الأولين؛ لأن الثمرة 
مضمونة بالقبض؛ لما لم يكن على البائع سقى» وأن العبد مالك» وإنما وقعت 
المعاوضة على تقدير("2 يده على ماله» وهذا قد فعله البائع» ولم يبطل. 

قال: وقد قال بعض المتأخرين: الأحسن الحطيطة بقدر ما يعلم أن المشترى 
زاده لأجل المال؛ قياسا على ما إذا تعذر على المرأة شوارها؛ فإنه يسقط من 
الصداق قدر ما يعلم أن الزوج زاده لأجلهء مع أن الزوج لا يملك انتزاعه . 

قال المازرى: واعلم أن كون الأتباع مقصودة بالأعواض أمر مقطوع به» بل 
نقول: التبع قد يرتفع عنه التحريم الثابت له منفرداء كحلية السيف التابعة له؟ فإنه 
يحرم بيعها منفردة بجنسهاء ويجوز [تبعا]9" . 

قال صاحب النكت: يحط من الأجرة بقدر الإمامة. 

والفرق: أن الإمامة لو عقد عليها منفردة صح وكره» بخلاف الثمرة ومال العبد. 

الخامس: من البيان: قال سحنون: إذا كان المؤذنون إذا صعدوا المنار عاينوا 
ما فى الدورء وطلب أهلها منعهم من الصعود - منعواء وإن كان بعض الدور على 
البعد بينهم الفناء الواسع والسكة الواسعة؛ لأن هذا من الضرر المنهى عنه. 

قال صاحب البيان: وهذا على أصل مالك - رضى الله عنه -: فى أن الاطلاع 
من الضرر الواجب الإزالة» ومن يرى من أصحابه أن من أحدث اطلاعا على جاره 





)00 فى ط: وجائحة تصيب الثمرة - لا يوجبان حطيطة من الثمن. 
0( فى ش: تقريرء 
(۳) سقط فى أ. 


الأذان» والإقامة ج۱ 0 





لا يقضى عليهء ويقال للجار: استر على نفسك. يفرق بأن المؤذن ليس بمالك 
للمنار» بل طالب مندوب بفعل محرم» قال: وهذا حكم الدور البعيدةء إلا ألا يتبين 
فيها الذكور من الإناث» ولا الهيئات. 

الفصل الرابع: فيما يؤذن له 

وهو الصلوات المفروضة على الأعيان» المؤداة فى مساجد الجماعات» والأئمة 
حيث كانوا: «فالمفروضة» احتراز من النوافل؛ لعدم التوقيت فيهاء وأما صلاة 
العيدين فتوفر الدواعى عليها مُعْنِ عن الإعلام» ولا ينادى لها: الصلاة جامعة. 

و: «على الأعيان» احتراز من صلاة الجنازة» لعدم تعين وقتها حتى يعلم بهء بل 
سيبها وجود الميت لا الوقت» والأذان إنما هو إعلام بالأوقات. 

وقولنا: «المؤداة» احتراز من الفوائت» ففى الكتاب: من نسى صلوات كثيرة 
تجزئه الإقامة لكل صلاة بلا أذان. 

وعند أبى حنيفة: يؤذن لها. وتردد الشافعى. 

وقد اختلفت الرواية فى صلاته - عليه الصلاة والسلام - يوم الوادى» لما ناموا 
عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس: هل أذن لها أم لا؟ ففى الموطأ أمر بالإقامة 
فصلى بهم» ولم يذكر أذاناء وفى أبى داود ذكر الأذان» وهو منسوخ بقوله - عليه 
السلام - بعد صلاته بهم: «مَنْ تسى الصَلَاة كَليِصَلْها ذا َكَرَمَا؛ كَل الله - تَعَالَى - 
مول : ملق الَو إإحكريح74) [طه: ٤۱]ء‏ وهو يقتضى عدم الاشتغال بغيرهاء 
والأذان شغل عنها. 

وقولنا: «فى مساجد الجماعات» احتراز من الواحد إذا صلى وحده فى المسجد؛ 
فإنه يكتفى بالإقامة وروى عن الشافعى أنه يؤذن سرا. 

وقولنا: «والأئمة حيث كانوا» ففى الكتاب: إذا خرج إمام المصر فى الجنازة 
فتحضره الصلاةء يؤذن لها ويقام. 

قال صاحب الطراز: قيل: هو إمام الجامع للجمعة؛ لأنه الذى 'جعل له 
صلاة الجنازة؛ فيتوقى أمره ليجتمع له الناس» وكذلك كل إمام مشهور يؤذن له 
ليجتمعوا . 





65 +۱ الأذان» والإقامة 





فروع أربعة : 

الأول: قال فى الكتاب: لا ينادى لصلاة قبل وقتها إلا الصبح» ووافقه 
الشافعى» وخالفتا أبو حنيفة» وسوى بين سائر الصلوات. 

لنا: ما فى البخارى أنه كل قال : إن بلالا يُوَدْنُ لَيْل؛ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حى يُؤَذنُ 
بن أ موم إن لا بوذن حى يَطْلْعَ الجن( . 

قال ابن القاسم: ولم یکن بين أذانيهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذاء وفى بعض 
طرقه: «وكان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له: أصبحت أصبحت». 

وإجماع أهل المديئة على ذلك» ينقله الخلف عن السلف نقلا متواتراء ولما 
اطلع أبو يوسف على ذلك رجع عن مذهب أبى حنيفة . 

وهى تأتى فى وقت نوم وحاجة إلى الاغتسال؛ لكثرة الاجتماع بالنساء ليلاء وفى 
الناس البطىء والسريع» والفضيلة فى التغليس؛ فيحسن الأذان قبل الفجر. 

احتج أبو حنيفة بما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - قال لبلال: دلا ودن حى 
يَسْتَينَ لَكَ الْمَجْرُء ومد يَدَيْهِ عَرْضًاه20» ولأن الأذان قبل الوقت كذب؛ فيحرم. 

وجواب الأول: أن الحديث طعن فيه أبو داود» وغيره» ولو سلمنا صحته فيحمل 
الأذان على الإقامة؛ لما بينهما من المشابهة» ولأنها إعلام فى نفسهاء والإعلام هو 
الأذان؛ جمعا بينه وبين الأحاديث الصحيحة. 

وعن الثانى: أنه إعلام بوقت التأهب للصلاة» لا بوقت فعلها؛ فليس كذبا. 

فرع: إذا قلنا بتقديه7" أذانها على وقتها. 

قال صاحب الطراز: الأحسن أن يكون آخر الليل غير محدود» وإليه أشار مالك 
فى الموطأء محتجا بقوله - عليه السلام -: لا يَمْتعْكُمْ مِنْ سخو رک 9) دان 
بال والسحور آخرٌ الليل. 


()( تقدم . 

زفق تقدم . 

(۳) فى ش وأ: يتقدم. 

)€( فى ش: سجودکم . 

)٥(‏ أخرجه مسلم (۲/ ۷1۹ - )۷۷١‏ كتاب الصوم: باب بيان أن الدخول فى الصوم يحصل 
بطلوع الفجر )۱۰۹٤/٤۱(‏ و )۱۰۹٤/٤۲(‏ و )1١94/47(‏ و (٤٤/٤۹١۱)ء‏ والترمذى _ 


الأذانء والإقامة ج ۱ EV‏ 





وقال ابن وهب: سدس الليل الأخير. 

وقال ابن حبيب: من حين خروج وقت العشاء نصف الليل. 

ونقل المازرى : 'يؤذن لها بعد العشاء وإن صليت أول الليل؟ لقوله - عليه السلام -: 
دإِنَّ بلالا يُوَذْنُ بّيل؛ من غير تحديد» ولأنها عبادة متعلقة بالفجر؛ فجاز تقديم ما يتعلق 
بها كالنية مع الصوم . 

وجوابه: أن الأذان حيتئذ إعلام بالتأهب للنوم لا للصلاة؛ فهو على خلاف 
حكمة الأذان فلا يشرع. 

الثانى : أنكر فى الكتاب تقديم أذان الجمعة على الزوال» خلافا لابن حبيب؛ فإنه 
جوز أذانها قبل الزوال» وهو فاسد؛ لأنها إن كانت ظهرا فحكمها حكم الظهر» وإن 
كانت بدلا فالبدل يتبع المبدل منه. 

الثالث: فى الجواهر: إذا جمع الإمام بين الصلاتين» يؤذن لكل واحدة منهماء 
وهو فى الكتاب» والأول () فقط عند ابن الماجشون» ولا يؤذن مطلقاء حكاه 
صاحب الجلابء ويقيم لكل صلاة . 

قال المازرى: وهذه المقالات محكية فى جمعه(" عليه السلام. 

وفى المدونة: وأما غير الإمام: فتجزئهم إقامتان للمغرب والعشاء» وعن 
أبى حنيفة : تكفى إقامة الأولى. 

حجة المذهب: أن الأذان للصلاة فى حق الأمة من شعائرها؛ فلا يترك مع إمكانهء 
ولا يمنع منه توفر الجمء©) للثانية؛ كما لا يمنعه للأولىء وقياسا على الإقامة. 

حجة الثانى: ما فى مسلم عن جابر لما وصف [حجة النبى]29 - عليه السلام - 
على الاستقصاء» فقال فى الجمع بعرفة: «ثم أذن» ثم أقام فصلى الظهرء ثم أقام 


= (81/8) كتاب الصوم: باب ما جاء فى بیان الفجر (٦۷۰)ء‏ وأبو داود (۲/ ۳۰۳) كتاب 
الصوم وبيان وقت السحور .)۲۳٤١(‏ 

)١(‏ فى ش: وللأولى. 

(۲) فى ش: الخلاف. 

(۳) فى آ: جمعها. 

)٤(‏ فى ش: الجميع. 

(0) فى ش: فى الأولى. 

() فى ش: حجه. 


A‏ ج ١‏ الأذانء والإقامة 


فصلى العصرء ولم يصل بينهما شيئاءء وقال فيه : «حتى أتى المزدلفة فصلى بها 
المُغرب والعشاء بأذان واحدء وإقامتين» ولم يسبح بينهما شيا . 

حجة الثالث: ما فى مسلم أنه - عليه السلام -: جمع بمزدلفةء فلم يذكر أذانا 
وذكر الإقامة لكل صلاة» ولأن الأذان إعلام للغائب» والجمع إنما هو لمن حضر. 

حجة الرابع : ما فى الموطأ: «أنه - عليه السلام - صلى المغرب ثلاث ركعات 
بالمزدلفة » وصلى العشاء ركعتين بإقامة واحدة»)ء» وهو يحتمل © بإقامة واحدة لكل 
صلاة» ولأن الجمع يوجب تعلق إحدى الصلاتين بالأخرى؛ فكأن الإقامة الأولى 
وقعت لهما جميعا. 

الرابع : قال ابن القاسم فى العتبية فى قوم بنوا مسجداء فتنازعوا فیه» فاقتسموه 
بجدار -: ليس لهم قسمته. 

قال أشهب: فإن فعلوا لم يجزهم مؤذن واحد» وكذلك مسجدان متلاصقان» أو 
مسجد فوق مسجد؛ لأن الأذان من شعار؟ المساجد. 

الفصل الخامس: فى الإقامة 

فی الجلاب: هی عشر کلمات» يريد عشر جمل من الكلام» وإلا فهى اثنتان 
وثلاثون كلمة» وهذا مجاز مشهور من باب تسمية الكل باسم الجزء9)؛ كما أن 
العرب تسمى القصيدة: كلمة. 

وهی مرة مرة إلا التكبير» خلافا ل (ح) فى قوله: هی مرتان مرتان وكذلك قد 
قامت الصلاة؟» وخلافا ل (ش) فى قوله: هى مرة مرة إلا التكبير والإقامة. 

لنا: ما فى مسلم أنه - عليه السلام -: «أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر 
الإقامة» © والأحاديث قل وردت على [وفق]0) المذاهمب كلهال لكن أرجحها 
)0( فى ش: وقيل. 
(۳) فى ش: محتمل. 
)٤(‏ فى ط: شعائر. 
(©) فى ش: فىء 
)١(‏ فى أ: بالجزء. 
(۷) آخرجه البخارى (5057)» ومسلم (۳۷۸/۳) من حديث أنس بن مالك. 
(۸) سقط فى ش. 


الأذان» والإقامة ج ۱ 4 


ما وافق عمل أهل المديئة. 

وفى الجلاب: هى سنة آكد من الأذان. 

وفى الكتاب: ليس على النساء أذان ولا إقامة» وإن أقمن فحسن. 

وروى ابن وهب عن عبد الله بن عمرء وجماعة من السلف أن المرأة ليس عليها 
أذان ولا إقامة» واستحسان إقامتهن(') للشافعى وأبى حنيفة أيضاء إذا أقمن لأنفسهن 
لا للجماعات؛ [لأنهما) ذكر فأشبهت التسبيح. 

قال صاحب الطراز: وروى عن مالك - رضى الله عنه - عدم الاستحسان؛ لأن 
أزواجه - عليه السلام - لم ينقل عنهن ذلك. 

قال: والفرق بين المرأة والصبى فى كونه يقيم دونها: أن الصبى يؤمر بذلك بعد 
البلوغ فيمرن عليه قبل البلوغ» ولأن الصبى لا ينكر رفع صوته. 

فروع عشرة: 

الأول: قال فى الكتاب: لا بأس أن يقيم غير من أذن» خلافا ل (ش) فى 
الكراهة» محتجا بما فى أبى داود أن زياد بن الحارث قال: «أمرنى - عليه الصلاة 
والسلام - أن أؤذن فى صلاة الصبح» فأذنت» فأراد بلال أن يقيم»ء فقال - عليه 
السلام -: «إن نّ أَخَا صِدَاءِ اَذ وَمَنْ اَذ كَهْرَ يقي" وجوابه: أنه يدل على جواز 
أمر الإمام بذلك؛ لأنه تصرف بالإمامة منه - عليه السلام - لا بالفتوى؛ لأن زيادا 
كان حديث عهد بالإسلام فأراد - عليه السلام - تأليفه. 

ولنا: ما فى أبى داود من حديث عبد الله بن زيد المازنى حين رأى الأذان فى 
منامه» فأمره - عليه السلام - أن يلقيه على بلال» ففعل؛ فأذن بلال» فقال عبد الله : 
أنا رأيته وأنا كنت أريده» فقال - عليه السلام -: اَم أنت)9 )2 ولأنها عبادة 
مستقلة عن الأذان» بدليل توجهها على المنفرد دونه؛ فجاز أن يقعا من اثنين كالإقامة 
والإمامة. 





للق فى ش وأ: إقامتها . 

(۲) سقط فی آ. 

(۳) أخرجه عن زياد بن الحارث الصدائی: الترمذى (۱۹۹)ء وأحمد »)١159/4(‏ وأبو داود 
(6) وابن ماجه (۷۱۷)» والبيهقى .)089/1١١(‏ 

)4( آخرجه أحمد (#/؟):» وأبو داود (؟١اهة),‏ 


01 ج ۱ الأذان» والإقامة 





الثانى : قال فى الكتاب : لا يقيم راكبا. وفى الجلاب روايتان» وروی ابن وهب 
فى المدونة عن سالم بن عبد الله : أنه كان ينادى بالصلاة على البعيرء فإذا نزل أقام» 
وأن ابن عمر كان يفعله20؛ لأن السنة اتصال الإقامة بالصلاة» والنزول عن الدابة 

الثالث: إذا كان المستحب اتصالها بالصلاة» فهل يبعد المؤذن عن الإمام فى مثل 
الجامع الواسعء يخرج إلى بابه» أو يصعد على سطحه فيقيم؟ 

قال ابن القاسم : يفعل إن كان يسمع من حوله» وإلا فهو خطأ. 

وقال مالك - رضى الله عنه - فى المجموعة وأشهب: يقيم فى الصحن» وفى 
الموطأ أن عبد الله بن عمر سمع الإقامة» وهو بالبقيع؛ فأسرع المشى إلى المسجدء 

وفى مختصر ابن عبد الحكم : لابأس(" بالكلام الخفيف بعد الإقامة ما لم يحرم 
الإمام» فإذا أحرم فلا يتكلم أحدء ولا يقيم فى المسجد بعد إقامة المؤذن. 

الرابع : قال فى الكتاب: إن نسى الإقامة فلا شىء عليه وإن تعمد فليستغفر الله 

والأول أصح؛ فقد جوز الدخعى» والشعبى» وابن حتبل» وأصحاب الرأى للفذ 
ترك الإقامةء وبالقياس على الأذان. 

فرع مرتب: قال: فلو" ظن [أن] ذلك يؤثر نقصاء. فسجد بعد السلام» فلا 


شىء عليه . 
وقال فى مختصر الطليطلى: يعيد؛ لأنه أدخل فى الصلاة ما ليس منها كمن زاد 
جاهلا. 


الخامس : قال: لو تركها جاهلا حتى أحرم» قال مالك فى المجموعة: لا يقطع» 
قال: ولو أنه بعد إحرامه أقام وصلى فقد أساء» وليستغفر ا( . 





)١(‏ فى ش: يقوله. 
0( فى ش: لابس. 
6 فى ش: والذى , 
(6) فى ط: له بعد. 
(0) فى ط: وليستغفر الله تعالى. 


الأذانء والإقامة +۱ £0١‏ 





قال صاحب الطراز: يريد أنه أقام ثم أحرم بعد ذلك؛ فيكون قد خرج م () 
الإحرام الأول بنيته وبكلامه المنافى له» وهو: حى على الصلاة حى على الفلاح؛ 
قد قامت الصلاةء ولو أنه تمادى على إحرامه الأول أعاد الصلاة. 

سؤال: كيف يطلق لفظ الاستغفار المختص بالذنوب فى ترك السئن» وتركها 
ليس ذنبا يستغفر؟ 

جوابه: أن الله - سبحانه وتعالى - قد يحرم العبد”"2 من التقرب إليه بالنوافل 
والفرائض؛ عقوبة له على ذنبه» ويعينه على التقرب بسبب طاعته؛ لقوله - تعالى-: 
ین جَهَدُوا فا ليم سبلا [العتكبوت:11]» ولقوله - تالى ر دم من 
من القن وَصَدّقَ يالى . فسني لتر . وَأمًا من جل واستنق . ودب اماق . قستبييرة لتر 
[الليل : [٠٠٠‏ فإذا استغفر من ذنوبه غفرت له بفضل الله» وأمن حينئذ من الابتلاء 
بالمؤاخذة والحرمان. 

السادس : من خاف فوات الوقت ترك الإقامة» قاله أشهب فى المجموعة؛ تقديما 
للفرض على فضيلة الإقامة» ويشكل عليه ترك الإسراع الشديد وإن فاتته الجمعة؛ 

السابع : قال فى الكتاب: إذا دخل المسجد وقد صلى أهله لا تجزئه إقامتهم» 
وهذا يدل على تأكد الإقامة» وقال فى المبسوط: يقيم أحب إلى. 

وجه الأول: أنها أهبة للصلاة؛ ولذلك شرعت فى الفوائت. 

وجه الثانى : أنها دعاء للصلاة» وهذا إنما يتصور فى حق الفذ"ء» وهو مذهب 
أبى حنيفة» وكذلك قال فى الكتاب: من صلى فى بيته لا تكفيه إقامة أهل المصر. 

وللشافعى فى ذلك قولان؛ لأن المسجد قد أدى فيه حق الإقامة فلا تتعدد بتعدد 
الفذ؛ كما لا تتعدد بتعدد الجماعة الكائنين فى المسجد. 

حجة المذهب: أنه ليس معهم فى صلواتهم؛ فأشبه مسجدا آخرء ومسافرا مع 


مقيم . 





)0غ( فى ش: عن. 
(؟) فى أ: يقول لا يزال العبد. 
(۳) فى ش: الغير. 


{o۲‏ ج١1‏ شروط الصلاة 





الثامن: قال فى الكتاب: يننظر الإمام بعد الإقامة قليلا قدر ما تستوى() 
الصفوف» ثم يكبر» ولا يكون بين التكبير والقراءة شىء؛ وقد كان عمرء وعثمان - 
رضى الله عنهما - يوكلان رجلا؛ لتسوية الصفوفء فإذا أخبرهما بذلك كبرا وكذلك 
قال الشافعى. 

وقال أبو حنيفة: إذا قال المؤذن: «قد قامت الصلاة» كبر الإمام محتجا بما 
يروى: أن بلالا قال: يا رسول اللهء إنك لتسبقنى ب «آمين». وليصدق المؤذن فى 
قوله: قد قامت الصلاة. 

لنا: ما فى الصحيحين أنه - عليه السلام - قال: «إذًا أَقِيمَتٍ تِ الصّلاةٌ فلا تَقُومُوا 
حَبَّى تَوَوْنِى قَدْ حَرَجْثُ:20» وهذا دليل على تأخر خروجه» ولأن المنفرد لا يحرم 
حتى يفرغ؛ فكذلك الجماعة. 

وجوابهم: أن الحديث ليس فى الصحاح» ولا هو مشهورء ولعل السبق بتفاوت 
قراءتهما لا بتعجيل الإحرام» وأما التصديق: فإن معنى «قد قامت الصلاة»: تأهبوا 
لها؛ كما تقول: قد قامت الحرب» فالكل صادق»ء سواء أحرم الإمام أو تأخرء فإذا 
كانت إخبارا عن التأهب» فهو حاصل؛ فلا كذب فى التأخر. 

وأما تسوية الصفوف» ففی مسلم: ا ى 00 
الصلاة»ء ويقول: اسَّووا فى الصفُوف» وَل تَحْتَلِهُوا خلب وب و 
البخارى: «رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه:9؟)؛ وفى أبى داود ا ر 
الصلاة والسلام قال: «أَقِيمُوا الصُقُوفَء وَحَادُوا بَيْنَ الْمتاكِبء رَسُدُوا الْخَلْنَء 
7 بأئى إِحوَايك]27» وَلَا دروا رجات لِلشْيْطانٍء وَمَنْ وَصَلَ صَفًا وَل 


ےت 


وَمَنْ فطع صَفًا قَطْعَُ الله تَعَالَى:9 . 


(۱) فى ش: تسوى. 

(؟) أخرجه البخارى )١١94/7(‏ كتاب الأذان: باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة 
(1۳۷)ء ومسلم (۱/ )٤١۲‏ كتاب المساجد: باب متى يقوم الناس للصلاة ))5١5/195(‏ 
والترمذى (۲/ )٤۸۷‏ كتاب الصلاة: باب كراهية أن ينتظر الئاس الإمام وهم قيام عند افتتاح 
الصلاة (؟095). 

(۴) أخرجه مسلم (477/177) عن أبى مسعود البدرى. 

زفق أخرجه البخارى )¥0( عن أنس بن مالك . 

)٥(‏ فى ش: بإخوانكم. 

)5ن أخرجه أبو داود 0030 عن أبن عمر. 


شروط الصلاة جا for‏ 





التاسع : قال فى الكتاب: لا توقيت لقيام الناس إذا أقيمت الصلاة؛ فإن فيهم 
القوى والضعيف. 

وقال أبو حنيفة: إذا قال المؤذن: «حى على الفلاح» قام الإمام؛ فإن ذلك أمر 
بالمسارعة فيمتثل . 

وقال زفر: عند قوله: «قد قامت الصلاة». 

وقال مالك فى المجموعة : يقومون بقدر ما إذا استوت الصفوف فرغت الإقامة . 

العاشر: قال صاحب البيان: قال مالك: إذا أقيمت عليه صلاة وهو فى صلاة 
أخرى : إن طمع فى فراغها قبل ركوع الإمام الركعة الأولى أتمها ودخل مع الإمام؛ 
لوجوبها عليه قبل الحاضرة» وإن يئس قطعهاء ودخل معه» ثم يستأنف الصلاتين. 

قال ابن القاسم : وأحب إلى أن يتمها ركعتين إن كان قد ركع؛ لقوله - تعالى -: 
«يا طا عملي » [محمد:۳۳] إلا أن يخاف فوات الركوع مع الإمام؛ فيقطع من 
ركعة بسلام. 

قال: فإن كان يصلى تلك الصلاة بعينهاء ففى المدونة: إن لم يركع قطع. وإن 
أمكنه صلاة ركعتين قبل ركوع الإمام. 

قال صاحب البيان: وصلاته مع الإمام إنما هى نافلة؛ لا متناع صلاة العصر قبل 
صلاة الظهرء وقد قال فى المدونة: لا يصلى نافلةء ولم يصل الفريضة» وإنما 
جوزنا ههنا ذلك؛ لما فى الخروج من المسجد بعد الإقامة من تعرضه لسوء الظن» 
ولم يلتفت إلى هذا المعنى فى المدونة؛ وقال فى سماع سحنون: يضع يده على أنفه 
ويخرج . 

ل KF‏ ف 


26 ج ۱ شروط الصلاة 
الباب الثالث 


فى شروط الصلاة 

الشرط فى اللغة: العلامةء ومنه قوله - تعالى -: ققد جك أتراطهاً» 
[محمد:8١]‏ أى: علاماتهاء وقد تقدم فى المقدمة حقيقته اصطلاحا. وشروطها: 
[وهی]' عشرة. 

الأول - العلم بدخول الوقت: 

فإن الوقت سبب» والعلم بدخوله شرطء قاله صاحب التلقين» وهو كما قال. 

وقال ابن القصار فى التعليق: لا يجوز لعالم ولا عامى أن يقلد فى وقت الظهر؛ 
لأنه مشاهد بالحس» فالوصول إلى اليقين فيه ممكن؛ فلا يجوز التقليد. 

الثانى - طهارة الحدث: 

وقد تقدم حكمهاء وهى شرط فى الابتداء والدوام؛ فلو زالت عمدا أو سهوا أو 

الثالث: طهارة الخيث فى الجسد» والثوب» والمكان: 

وقد تقدم كثير من فروعها فى الطهارة» ونذكر ههنا نبذة منها: 

أما الجسد ففيه فروع أربعة» وفصل: 

الفرع الأول: فى الكتاب: إذا [سال شىء أو قطر [قليلا كان أو كثيرًا] فيغسله عنه 
ثم يبنى]("» وقال القاضى أبو بكر: إن كان يسيرا فتله ومضی ؛ قياسا على الرعاف» 
وإن كان كثيرا فقيل: يقطع» قال: وهو الأقيس» وقيل: يغسله ويتمادى؛ قياسا على 
الرعاف. 

الثانى: من انكسر عظمه» فجبر بعظم ميتة» قال صاحب الإشراف وأبو حنيفة: 
لا يجب عليه كسره. وقال الشافعى: يكسر وينزع إذا خاف المشقة دون التلف . 

وقال بعض أصحابه : يقلعه9) وإن أدى إلى التلف. 

حجتنا: أنه جرح؛ فيسقط كدم الجراح» ولأنه صار باطنا؛ فأشبه ما لو أكل ميتة . 








)۲( فی ش: ” الت أو أنكى قرحة قطع ولا ين . 
(9) فى ش: يفعله 


شروط الصلاة جا £00 





الثالث : قال صاحب الطراز: إذا سقطت السن» فهل يجوز له ردها على قولنا: 
إن الإنسان لا ينجس بالموت؟ قال: الظاهر أنه لا يجوز. وهو قول الشافعى؛ لأن 
ما أبين عن حى فهو ميتة. 

وأجازه أبو حنيفة» وهو مقتضى مذهب ابن وهب وابن المواز؛ لأنه لا ينجس 
جملته بالموت؛ فكذلك بعضه» بخلاف الأنعام؛ فإن جملتها تنجس بالموت 
فينجس جزؤها إذا اتفصل منها وهى حية. 

الرابع : فى الجواهر: لو جعل فى جرحه المرتك المعمول من عظام الميتة أو 
غيرها من النجاسات فلا يصلى به حتى يغسلهء وأجاز ابن الماجشون الصلاة به. 

فصل فى الرعاف: وفيه ثلاثة عشر فرعا 

الأول - فى اشتقاقه: وهو مأخوذ من الرعاف الذى هو السبق» تقول العرب: 
فرس راعف: إذا كان يتقدم الخيل» ورعف فلان الخيل: إذا سبقهاء ويقال: رعف 
يرعف» بفتح العين فى الماضى» وبضم المسبتقبل» وفتحهء والشاذ: الضم فيهماء 
ولما كان الدم يسبق إلى الأنف سمى: رعافا. 

الثانى : قال اللخمى: الدم فى الرعاف أربعة أقسام: 

يسير يذهبه الفتل» ففى الجواهر: يستوى فيه الظن والشك» [فإنه يفعله](. 

وكثير لا يذهبه الفتل» ولا يرجى انقطاعه لعادة تقدمت» فهذان لا يخرج لهما من 
الصلاةء يفتل الأول على رءوس الأنامل» ويكف الآخر ما استطاع. 

وكثير يذهبه الفتل لثخانته. 

ففيه قولان: 

فكان ابن الماجشون يمسحه حتى تختضب [أصابعه]ء فيغمسها فى حصباء 
المسجد ويردها. 

وقال مالك: لا أحب ذلك. 

فراعى مالك قدر النجاسة وتفاحشهاء وراعى عبد الملك المواضع دون القدر. 

وكثير يذهبه الغسل» فهذا يخرج لغسله؛ ويبنى على صلاته بعد الغسل إن شاء» 
والأحسن أن يتكلم ويخرج من الصلاة؛ فإنها رخصة على خلاف الأصول غير 





)١(‏ سقط فى أ وش. 


66 ج١1‏ شروط الصلاة 


لازمة» وإذا خرج فله شروط ستة: أن يمسك أنفهء وأن يغسل فى أقرب المواضع» 
وألا يمشى على نجاسة» وألا يتكلم عمدا ولا سهواء وألا يتلطخ كثير من جسده أو 
ثيابه» وألا يبعد المكان جدا. ولا يشترط استقبال القبلة» قاله اللخمى وصاحب 
الطرازء ووافقنا الشافعى. 

وقال أبو حنيفة: تبطل طهارته» ويتوضأ ويبني [بناء]' على أن الخارج النجس 
يبطل الوضوءء و[قد] تقدم الكلام عنه. 

لنا: ما يروى عن ابن عباس» وابن عمرء وابن المسيب» وجماعة من التابعين 
من غير نكير؛ فكان إجماعاء وهو مذكور فى الموطأء وأيضا: مثل هذا فى مخالفة 
الأصول لا يقدم السلف عليه إلا بتوقيف ظاهر. 

فإن [كان)" تكلم لما خرج» قال فى الكتاب: إذا تكلم الإمام حين خروجه 
بطلت صلاته. 

قال صاحب الطراز: تبطل عند ابن الماجشون عمدا أو سهواء إماما أو منفردا. 

وقال سحنون: إذا تكلم سهوا فى غسل الدم» والمستخلف لم يفرغ من صلاته - 

وفى كتاب ابن سحنون: إن تكلم الراعف قبل فراغ الإمام حمله الإمام عنه. 

قال ابن حبيب: إن تكلم فى ذهابه ناسيا بطلت صلاته» وإن تكلم فى رجوعه لم 
تبطل . 

وجه البطلان مطلقا: انسلاخه من هيئه المصلين بالرعاف والكلام» وقد جاء فى 
الحديث - وإن كان مطعونا عليه -: امَنْ أَصَابَهُ ىء أو رُعَافٌ نضرف ولوصا 
وَلْييْنِ ما لَمْ َكَل ورأى ابن حبيب: أن حالة الرجوع إقبال على الصلاة؛ فيكون 
الكلام منافيا لهاء بخلاف الذهاب» ويرد عليه: أن الإمام لو سهاء والمأموم راجع» 
فوجد الإمام قد سلم لم يلزمه سهوه» قاله صاحب الطراز. 

وقال ابن يونس: لو أبطل الإمام صلاته عمدا حال خروج المأموم» بطلت عليه 
)١(‏ سقط فى أ. 
(۲) سقط فى أ. 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ أخرجه ابن ماجه (771١)»؛‏ والدارقطنى /١(‏ 167) عن عائشة. 


خلافا لسحئون. 

ولو مشى على قشب يابس بطلت صلاته عند ابن سحئون خلافا لابن عبدوس» 
وقد جاء فى الحديث أنه - عليه السلام - قال: (إذّا جَاء أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدّ: فَإِنْ كان 
بلا مَليَدْلّكُ نَعْلَهُ» وَإِنْ كاد نهار لطر إِلَى أُسْفَِيَا»2'7 فدل ذلك على المسامحة فى 
الرطب إذا دلك فضلا عن القشبء وقد تقدم فى الطهارة معنى القشب7" [ويم 
يعرف]99) . 

وأما فى الجواهر فقد حكى فى الكلام سهوا و المشى على النجاسة» ثلاثة 
أقوال: تبطل مطلقاء لا تبطل مطلقاء التفرقة بين الرجوع فتبطل وبين الذهاب فلا 
تبطل» ولم يعين لا إماما ولا غيره» وكذلك أبو الطاهر. 

تفريع : فإن آثر الراعف ابتداء الصلاة من أولهاء فليأت بما ينافيها؛ لثلا يكون قد 
زاد فى الصلاة ما ليس منها. 

وقال ابن القاسم فى المجموعة: فإن ابتدأها ولم يقطعها فسدت» وإن آثر التمادى 
حيث قلنا له الخروج: فإن وقف الدم فتله على أنامله» فإن زاد. 

قال مالك فى الموازية: يفتله على أربعة أصابع إلى الأنملة» فإن وصل إلى 
الوسطى أعاد صلاته احتياطا . 

قال صاحب النكت: إذا زاد على الأنامل الأوّلء وابتلت الأصابع كلها أو جلها - 
لا يباح له البناء . 

قال صاحب الطراز: هذا التحديد عسيرء بل يقال: ما لا يزيد على رءوس 
الأنامل لا يجب أن ينصرف منه؛ لأنها حالة السلف» وهو يقدر على أن يفتله 
بإبهامه» فإن عسر فتله وجب الانصراف» فإن لم ينصرف فسدت الصلاة. قال: 
وهذا الفتل إنما شرع فى مسجد محصب غير مفروش؛ حتى ينزل المفتول فى 
الحصباء» أما المفروش فيخرج من أول ما يسيل أو يقطر أحسن؛ لأنه ينجس الموضع› 
وحيث قلنا: لا يخرج لكون الدم لا ينقطع بغسل ولا غيره» فأضر به الدم . 





)١(‏ آخرجه أبو داود )16٠(‏ عن أبى سعيد الخدرى. 
(۲) فى ط: العشب. 

(۳) فى ط: العشب. 

هق فى ط: ولم يعرف . 


{OA‏ ج ١‏ شروط الصلاة 





قال صاحب الطراز: قال مالك: يومى بالصلاةء [وكان ابن المسيب يأمر 
بذلك فى هذه الحالة)". اختلف فى تفسير الضرر الذى أشار إليه. 

فقال محمد بن مسلمة: معناه: فى جسمه»ء كالأرمد إذا سجد يتضرر وجهه أو 
رأسه؛ فكذلك هذاء ولأن المواد تنصب إلى الوجه والأنف حالة الركوع والسجودء 
فتكثر الدماء؛ فيضر به الاستفراغ. 

وقال غيره: بل معناه: تضرر بالتلويث9)؛ كما قلنا فى الطين الخضخاض: 
يصلى فيه إيماء ؛ ليسلم من التلويث!؟), والدم أقبح من الطين: 

قال والأول أقيس؛ فإن العجز عن إزالة النجاسة لا يسقط وجوب الركوع 
والسجود كما قلنا فى العجز عن السترة فى العراة. 

والفرق بين الدم» والطين: أن الطين يدخل فى العين والأنف فيشغل عن 
الصلاةء وإذا قلنا بالإيماء» فقال ابن حبيب: يومئ بالركوع والسجود» ويقوم 
ويقعد» وقال القاضى فى المعوئة: يومئ للسجودء ويأتى بالقيام والركوع» قال : 
وهو أطهرء وإذا صلى إيماء» وانقطع الدم بعد الصلاة» وقبل خروج الوقت قال: 
أعاد عند أشهب» قال: ويتخرج فيه قول أنه لا يعيد. 

الثالث: قال فى الكتاب: إذا رعف خلف الإمام» وذهب لغسل الدم - يصلى فى 
أقرب موضع0): قال ابن القاسم: وذلك إذا سلم الإمامء إلا فى الجمعة؛ فإنه 
يرجع إلى المسجد. 

قال صاحب الطراز: الرعاف على خلاف الأصل؛ فيقتصر منه29 على الضرورة» 
وقول ابن القاسم يقتضى الرجوع ولو أدرك الإمام فى التشهد؛ لأجل فضيلة الجماعة 
التى التزمها فى صلاته. وقال ابن شعبان: إن [رجا]9) ركعة [رجع]ء وإلا فلا؛ 


للق فى ط: يوصى ٠‏ 

(؟) ما بين المعقوفين جاء فى (ش) بعد كالأرمد إذا سجد. 
(0) فى ش: بالتلوث. 

)٤(‏ فى ش: التلوث. 

(0) فى ط: المواضع. 

(1) فى ش: قيه. 

(۷) سقط فى أ. 

(۸) سقط فى ش. 


شروط الصلاة ج۱ 0۹ 


لأن أقل من ذلك نافلة زائدة على الصلاة ولا ضرورة إليهاء [قال](©: فلو كانت 
صلاته فى المسجد الحرام» أو فى مسجد المدينة رجع إليه» ولو سلم الإمام لفضيلة 
البقعة عند مالك» وعلى قول ابن شعبان: لا يرجع. فإن قدر انصراف الإمام وأتم 
مكانه» وتبين خطؤه. 

قال ابن القاسم : تجزئه؛ لأنه عمل ما يجوز له من الاجتهاد؛ ولذلك يلزم إذا قدر 
بقاءه» فأخطأ. 

تنبيه: تعارض ههنا محذوران: 

أحدهما: أن مفارقة الإمام بعد التزام الصلاة معه لا تجوز. 

والثانى : الحركات إلى الأمام فعل زائد فى الصلاة لا يجوزء ولا بد للراعف من 
أحدهما بعد مفارقة الإمام؛ فيحتاج إلى الترجيح" فالمشهور مراعاة الأول ووجوب 
الرجوع ؛ لوجوه: 

أحدها: أن وجوب الاقتداء راجح بالاستصحاب؛ لثبوته قبل الرعاف بخلاف 
الآخر. 

وثانيها: أن الزيادة إنما تمنع وتفسد إذا كانت خالية من() القربة» وهذه وسيلة 
للقربة فى الاقتداء؛ فتكون قربة. 

وثالثها : أن هذه حالة ضرورة» فتؤثر فى عدم اعتبار الحركات» ولا تؤثر فى ترك 
الاقتداء» كما فى صلاة الخوف؛ فإن [الرجوع جوزته]9؟ الزيادة [فى صلاة 
الإمام)( بطول الانتظار؛ لأجل الاقتداء الذى لم يجب» فكيف إذا وجب؟! 

وأما الجمعة: فإنه يرجع إلى الجامع» ولو علم انصراف الناس على ما فى 
الكتاب؛ لأن الجامع من جملة شروطها فلا تصح دونه. 

قال صاحب الطراز: قال ابن شعبان: إذا انصرف الناس أتم الجمعة فى أدنى 
موضع يصلى فيه بصلاة الإمام؛ لأنه لو صلى ثم أحدث لصحت صلاته» ولأن 


)١(‏ سقط فى أ و ش. 
زفق فى ط: الخروج. 
0) فى ش: عن. 

(0) فى ش: للإمام. 


١ + aD‏ شروط الصلاة 


المسجد إنما يجب عند استكمال الشروط» وقد فاتت الجماعة والإمام؛ فلا يجب 
الجامع ؛ ولأنه لو أدرك أحد ثمة ركعة» وهو مسبوق لأتمها ثمة منفرداء وكذللك() 
الراعف . 

وابن القاسم يرى: أن الأصل استقلال كل شرط بنفسهء وأن صلاة المنفرد عن 
الجامع إنما تصح لأجل اتصاله بالصفوف؛ فهى ضرورة منفية ههنا. 

وإذا فرعنا على المشهور» فحال بينه وبينه سيل - يضيف إليها أخرى» ثم يصلى 
أربعاء وهو يجرى على أصل ابن القاسم فيمن نسى سجدة من أربع ركعات» 
لا يدرى: من أيتها هى؟ فيضيف إليها أخرى؛ مراعاة لقول ابن شعبان» ويعيد 
أربعا؛ لعدم شرط الجمعة» وهو المسجدء فإن أتم فى الجامع ثم ذكر أن عليه 
سجدتی سهو. 

قال مالك فى الكتاب: إن كانتا قبل السلام لا يسجدهماء إلا فى الجامع. 

قال محمد: وإن سجدهما فى غيره لم يجزياه؛ لأنهما من نفس الجمعة. 

الرابع : قال فى الكتاب: إذا رعف فى الجمعة بعد ركعة بسجدتبهاء ثم رجع» 
فوجد الإمام جالسا - جلس معه حتى يسلم» ثم قضى؛ لأنه مأموم يجب عليه 
الاتباع» والقضاء لا يكون إلا بعد سلام الإمام» وإذا لم يتم الأولى بسجدتيها ولم 
يرجع حتى فرغ الإمام ابتدأ ظهرا أربعا. 

قال صاحب الطراز وهذا متفق عليه بين أصحابنا بخلاف غير الجمعة؛ لأنه لو 
صلى بها" جمعة لصلاها فذّاء وهو لا يجوز؛ وإذا قلنا يبتدئ الظهر» فهل يستأنف 
الإحرام ثلاثة أقوال: يقطع عند مالك فى سائر الصلوات؛ لأنه لا يعتد بما بعد 
الإحرام فلا يدخله فى صلاته؛ ولا يقطع عند سحنون مطلقًا؛ لأن إحرامه قد انعقد 
على فضل الجماعة» وهو أعظم من مدرك التشهد الأخير مع الإمام؛ وسبق فى غيره 
لا سيما قد يكون قد حضر القراءة أو الركوع» وهذه قربات لا ينبغى أن تهمل» وقد 
نقل ابن حزم الإجماع فى أن المسبوق إذا لم يطمع فى إدراك جماعة أخرى ولم يبق 
إلا التشهدء فإنه مأمور بالدخول مع الجماعة فيه» وخيره أشهب لتعارض الأدلة» 


)١(‏ فى أ: فكذلك. 
(۲) فى أ: أيما. 


شروط الصلاة ج ۱ a‏ 


فإن فارقه بعد ركعة [فى الجمعة]'» فلما عاد نسى أم القرآن حتى ركع - قال ابن 
الماجشون يسجد قبل السلام وتجزئه؛ وقيل يبتدئ القراءة ويسجد بعد السلام» 
وكذلك الخلاف إذا ذكر بعد سجدة. فإن لم يذكر حتى فرغ من تلك الركعة» أجزأه 
عند ابن الماجشون سجدتا السهوء ويلغى تلك الركعة عند ابن عبد الحكم ويأتى 
بركعة وسجدة. 

[وعند ابن القاسم يسجد قبل السلام ويعيد ظهرًا أربعًا لوصول السهو نصف 
الصلاة](') فيسجد رجاء الإجزاء على قول من يرى ذلك ويعيد ظهرًا؛ لأن الجمعة 
لا تصح من الفذ. 

الخامس قال فى الكتاب: لا يبنى على أقل من ركعةء يُلغى ما هو أقل منهاء ولو 
سجدة كانت الأولى أو غيرهاء منفردًا كان أو مأمومًا. 

قال صاحب الطراز: فيها أربعة أقوال: يلغى أقل من الركعة مطلقّاء ولا يلغى 
شيئًا مطلقًا. إلا فى الجمعة؛ وقال أشهب الابتداء أحب إلى» وإن بنى أجزأه. 

وقال ابن الماجشون إن رأى أن الأقل من الركعة فى الأولى ألغاه» وإن كان فى 
الثانية بنى عليه. وجه المذهب: قوله عليه السلام «من أدرك ركعة من الصلاة فقد 
أدرك الصلاة»20 وقياسًا على أرباب الأعذار فى أواخر الأوقات» وعلى المشهور. 
وجه الثانى أن الرعاف لا يبطل الصلاةء ويبنى فى القليل والكثير» وامتنئع فى 
الجمعة؛ لفوات الجماعة والإمام اللذين هما شرط . 

وجه التخيير : تعارض الأدلة. وجه الفرق: القياس على الناعس مع الإمام» فإنه 
يبنى ويلحق الإمام فى الثانية؛ بخلاف الأولى فإنه يلغيها. والفرق المشهور بينه وبين 
الناعس أن منافاة الرعاف للصلاة أشد من النعاس» فإنه فيه مفارقة المكان والهيئة. 
وإذا قلنا يبنى على القليل والكثير فرعف وهو راكع أو ساجد رفع وخرج لغسل الدم؛ 
قال ابن حبيب يجزئه هذا الرفع ولا يعود إلى ركوعه ولا سجوده. 





)١(‏ سقط فى أ. 

(۲) سقط فى أ. 

(۳) أخرجه البخارى (؟/58) فى مواقيت الصلاة: باب من أدرك من الصلاة ركعة (٠5۸)؛‏ 
ومسلم )477/١(‏ فى المساجد ومواضع الصلاة: باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك 
تلك الصلاة .)٦١۷ /۱١١(‏ ۰ 


1١ + ai‏ شروط الصلاة 


قاعدة: الموالاة شرط فى الصلاة بالإجماع؛ فلا يجوز أن يفرق بين ركعاتها [ولا 
بين أجزاء ركعاتها](' . فمن لاحظ أن الرعاف مخل بها سوى بين الركعات 
وأجزائها؛ لأنه لا فرق. ومن لاحظ أن الركعة الواحدة كالعبادة المستقلة والصلاة 
المنفردة؛ لأن الشرع قد خصصها بأحكام: إدراك الأوقات» وفضيلة الجماعات 
والجهات» وتحصيل الأداء يإدراكها دون القضاءء فصارت أولى بالموالاة فى نفسها 
من جملة الصلاة؛ فلا يلزم من إهمال الموالاة فى جملة الصلاة إهمالها فى الركعة» 
وهو المشهور. 

السادس: قال فى الكتاب إذا فارق الإمام بعد التشهد وقبل السلام - فإن رجع 
ووجد الإمام انصرف» قعد وتشهد وسلم؛ وإن رعف بعد ما سلم الإمام» سلم 
وأجزأت عنه. قال صاحب الطراز معناه يرجع إلى طمع فى إدراك الإماء( 
والخلاف مع ابن شعبان على ما مر إن كان فى جمعة»ء أو فى الحرمين» وقال 
سحنون إذا رعف بعد سلام الإمام لا يسلم حتى يسل الدم إن كان كثيرًا؛ لأن 
السلام ركن. حجة المذهب أن وقوع السلام مع الرعاف» أخف من العمل الكثير 
فى الصلاة لإزالة الدم. قال فى الكتاب: ولو فارقه بعد سجدة من الأولى فوجده فى 
ركوع الثانية لا يضيف سجدة لتلك السجدة ويلغيها. قال اللخمى يتخرج على قول 
أشهب فيمن أدرك الثانية من الجمعة وذكر بعد سلام الإمام أنه نسى سجدة: إنه 
يسجد وتجزئه جمعته - أنه يأتى بالسجدة وتجزئه الأولى . قال صاحب الطراز وليس 
كذلك؛ لأن الراعف عقد الإمام عليه ركعة فليس له البناء» والناعس بخلاف الساهى 
عن سجدة حتى سلم الإمام؛ فإن السلام عند أشهب ليس فى [حكم] عقد ركعة. 
ووافقه المازرى على الإنكار. 

السابع : قال فى الكتاب إذا فارقه بعد ركعة من الظهر وعاد إليه فى الرابعة يتبعه 
فيها ولا يقضى ما فاته حتى يفرغ الإمام؛ لما فى ذلك من المخالفة» وقد قال - عليه 
)١(‏ سقط فى أ. 
(۲) فى أ: فسوى. 
(۳) فى أ: الإتمام. 


فق فى أ: بمسح . 
(0) سقط فى أ. 


شروط الصلاة ج ۱ يلق 





السلام -: «فلا تختلفوا عليه قال صاحب الطراز: قوله يقضى ما [فاته]"» فإنه 
يدل على أنه قضاء؛ وقال ابن حبيب يقرأ فى الأولى بأم القرآن ويقوم فى الثانية بأم 
القرآن وحدها ولا يجلس بينهما؛ لأن الأولى ثالثة إمامه» ويكون" بانيّا فى الفعل 
قاضيًا فى القول» فيجتمع القضاء والبناء ههنا فى ثلاث صورء إحداها: تفوته الأولى 
ويصلى الثائيةء وتفوته بقية الصلاةء فعند ابن القاسم يبدأ بالبناء فيأتى بركعة بأم 
القرآن ويجعلها ثانية» ثم يأتى بأخرى بأم القرآن ويجلس كما كان يفعل مع إمامه ثم 
ركعة القضاء بأم القرآن وسورة. وعند سحنون يبدأ بالقضاء يأتى بالأولى بالحمد 
وسورة ويجلس» ثم بالرابعة بأم القرآن ويقوم» ثم بركعة القضاءء ونظيره مقيم أدرك 
ركعة من صلاة المسافرء وهكذا يفعل عنده. وقال ابن المواز فى المسألتين تصير 
صلاته كلها جلوسًا والبناء أرجح؛ لأن حكم الأولى فى المسبوق أن تؤخر إلى 
بعد الفراغ . 

وثانيها تفوته الأولى ويصلى الوسطيين. ومن رعف فى الرابعة فصلى» قول ابن 
القاسم يبدأ بالرابعة وتكون ثالئة ويجلس عند ابن القاسم ويقوم على القول الآخرء 
وعلى قول سحنون يقضى الأولى بالحمد وسورة. 

وثالثها تفوته الأوليان ويصلى الثالة وتفوته الرابعة» فعلى قول ابن القاسم يأتى 
بركعة بالحمد وسورة - وهى ثانية له - فيجلس ويأتى بركعتين متواليتين ب «الحمد 
لله» وسورة وعند سحئون يأتى بالأوليين قبل الرابعة ويجلس بينهما كمن فاتته ركعة 
من المغرب. 

الثامن : إن فاتته الأولى وأدرك الثانية ورعف فى الثالثة وأدرك الرابعة» قال 
سحنون يأتى بالتى سبقه بها ثم بالتى رعف فيها. وعلى قول ابن القاسم يبتدئ بالتى 
رعف فيهاء وهل يجلس لهما؟ يأتى على حكم ما تقدم. 

التاسع : قال صاحب الطراز اختلف فى الراعف فى صلاة الجنازة والعيد قال ابن 





.)415/85( أخرجه البخارى (977): ومسلم‎ )١( 
(؟) سقط فى أ.‎ 

(۳) فى أ: أن يكون. 

)٤(‏ فى أ: المسألة. 

(0) فى أ: الثانية. 


a‏ ج ١‏ شروط الصلاة 


المواز يرجع بعد الغسل إلى موضع الصلاة؛ لأن ذلك المكان من سننهاء ولو أتم 
فى بيته أجزأه. وقال أشهب إن خاف فواتها لم ينصرف» وإن لم يكن كبر على 
الجنازة شيئًا ولا صلى ركعة من العيدين. 

العاشر: قال فى الكتاب إذا قاء عامدًا أو غير عامد استأنف الصلاة بخلاف 
الرعاف» قال صاحب الطراز القىء النجس الخارج عن صفة الطعام يبطل الصلاة 
على المشهور وإن لم يتعمده. والطاهر يتعلق بالمتعمد وغيرهء كما بين فى الأكل 
والشرب. قال ابن القاسم فى العتبية إن تقيأ بلغْمًا أو قلسًا فألقاه تمادى» وإن ابتلع 
القلس بعد ظهوره على لسانه فسدت صلاته . قال فى المجموعة وإن كان سهوا بنى 
وسجد بعد السلام. قال صاحب الطراز ولو طرأ عليه القىء النجس هل يغسله عنه 
ويبنى؟ فعند أشهب يبنى فيه وفى غيره من النجاسات» وعند ابن شهاب يبنى فى 
القىء والرعاف -خاصة وإن كانا عنده موجبين للوضوء والبناء؛ والفرق بين الرعاف 
والقىء عندنا: أن القىء فيه تفريط بسبب أن أسبابه تتقدم بحس الغثيان وغيره بخلاف 
الرعاف. 

الحادى عشر: إذا ظنّ أنه رعف فخرج ثم تبين عدم الرعاف» فعند مالك لا يبنى 
لأنه مفرط. وعند سحنون يبنى؛ لأنه فعل ما يجوز لهء قاله صاحب الطراز. 

الثانى عشر: قال لو افتتح الصلاة بالتيمم ثم صب المطر وهو فى الصلاة ثم 
رعف» غسل عنه الدم ولم يبطل صلاته» فإن أحب قطع صلاته بالرعاف فتكلم» 
ولو وجد من الماء قدر ما يغسل به الدم فقطء فهل تبطل صلاته لأن تيممه لم يبطل 
بصلاته بسبب اشتغاله بالغسل؟ أو لأنه يجب عليه اختبار الماء: هل يكفيه أم 
لا فتبطل صلاته بالطلب؟ أو لا تبطل وهو مذهب الشافعى. 

الثالث عشر: قال: اتفق أصحابنا أن المأموم يبنى فى الرعاف؛ لفضيلة الجماعة» 
وكذلك الإمام؛ لأنه واحد منهم وهو محتاج لفضيلة الجماعة. واختلفوا فى الفذ 
فأجاز مالك له البناء ومحمد بن مسلمة؛ لأنه معتى لا يمنع البناء فيستوى فيه 
المصلون كالسلام من اثنتين» ولأنه محتاج لتحصيل فضيلة أول الوقت. ومنعه ابن 
حبيب بناء على أن سبب الرخصة فضيلة الجماعة فقطء وأما الثوب ففى الجواهر إذا 
كان طرف عمامته على نجاسة» قال عبد الحق إن كان يتحرك بحركته فهو مصل 
بالنجاسة» وإلا فلا. وفى السليمانية يعيد فى الوقت وإن كانت العمامة طويلة نظرًا 


شروط الصلاة ج ١‏ 5:76 





للاتصال» ويجب صون الثياب وما يلاي( عن النجاسات؛ صونًا للعبادات عن 
دنىء الهيئات؛ وقال صاحب البيان: إذا قطر على الإمام نجاسة فى الصلاة ولم يكن 
عليه غير ذلك الثوب ولا معه غیره» تمادى على صلاته ويعيد فى الوقت» وإن وجد 
غيره خرج واستخلف» فإن كان فلا قطع وابتدأ بالثوب الطاهرء وإن كان عليه سواه 
فالقياس الاستخلاف للإمام والقطع للفذ. وقد روى عن مالك أن القطع أحب إليه؛ 
لأن عقبة بن أبى معيط طرح على النبى بي وهو يصلى سلا الجزور وغسلته فاطمة 
رضى الله عنهاء وتمادى على صلائه9) وروى أنه فرث ودم ولا حجة فيه؛ لأنه فى 
أول الإسلام وقبل0) تحريم ذبائح المشركين؛ والسلا وعاء الولد فهو كلحم الناقة 
المذكاة» وكذلك الفرث طاهر عندناء ولعل الدم الذى كان فيه يسير. 

قال صاحب الطراز إذا قلنا لا تجوز الصلاة بالعمامة المتصلة بالنجاسة» فمن 
صلى ومعه حبل طرفه مربوط بميتة» فإن كان الحبل تحت قدمیه فلا شىء عليه 
كالبساط» وإن كان مشدودًا به لم تجزه وهو قول (ش) ؛ ولو کان مربوطا فى أذن دن 
خمر والأذن طاهرة لم ينفعه ذلك؛ لأن الأذن متصلة بالنجاسة؛ فلو كان مربوطا 
بقارب فيه النجاسةء أو جرار خمرء أو القارب فى ماء نجس: فإن كان الرباط فى 
موضع نجس لم يجزهء وإن كان متصلا بموضع طاهر ففيه نظر؛ لأنه لو مشى على 
جنب النهر» لتحرك القارب بما فيه من النجاسة كدن الخمر أو الميتة. أو يقال: إنما 
مسك القارب والنجاسة جاورته؛ فهو كما لو ربطه فى“ دابة واقفة على شىء 
[نجس] وللشافعية ههنا قولان» فإن قلنا فى الدابة لا تجزيه وكان مشدودًا فى 
رأس دابة وعليها رحل نجس» فيظهر ههنا أن لا شىء عليه؛ لأن الدابة لها فعل؛ 
وهى التى تعد حاملة للنجاسة؛ بخلاف القارب فإنه بمنزلة العود المتنجسء» ولهذا 
تؤثر النجاسة التى تقوم فيهاء بخلاف النجاسة التى تقف عليها الدابة. 





)١(‏ فى أ: يلاقيها. 

(؟) أخرجه البخارى )۷٠۷ /١(‏ كتاب الصلاة: باب المرأة تطرح عن المصلى شيئًا من الأذى 
»)٥۲۰(‏ ومسلم )١1519 - ١51/6‏ كتاب الجهاد: باب ما لقى النبى يي من الأذى 
.)۱۷۹٤ - 3١0‏ 

(۳) فى أ: قيل. 

)٤(‏ سقط فى أ. 


0 + ۱ شروط الصلاة 


فرع : فى الكتاب : إن صلى ومعه لحم ميتة أو عظمهاء أعاد فى الوقت» وكذلك 
جلدها إذا دبغ» ولا يصلى على جلد حمار وإن ذكى» وتوقف فى الكيمختء قال 
ابن يونس يريد صلى بلحمها ناسيًا وبجلدها المدبوغ عامدًا أو ناسيًا وتوقف فى 
الكيمخت؛ لأنه لم يزل فى سيوف الصحابة وهم يصلون بها. 

فائدة: فى التنبيهات: الكيمخت بفتح الكاف بعدها ياء باثتتين من تحتها ساكنة 
[وفتح الميم](2 وسكون الخاء المعجمة وآخره تاء باثتتين فوقها - وهو جلد 
الفرس- وشبهه غير مذكى» فارسى استعمل . وأما المكان فليكن كل ما يماسه عند 
القيام والسجود والجلوس طاهرّاء وأما ما لا يلابسه فلا يضره؛ كما قال فى الكتاب: 
يجوز أن يصلى على طرف حصير بطرفه الآخر نجاسة. وقال أبو حنيفة إذا كان 
موضع قدميه طاهرًا صحت الصلاة. ولو كان موضع ركبتيه نجسّاء وفى الجبهة عنه 
روايتان بناء منه على أن الركبتين واليدين لا يجب السجود عليهماء وإنما يجب عند 
تطهير ما يجب السجود [عليه]". ويرد عليه الثوب النجس الزائد الذى لا يجب 
لبسه مع فساد الصلاة به. 

فائدة: قال صاحب التلقين: الجسد يجب تطهيره: وأما الثوب فلا يتوجه عليه 
فرض إلا فى ترك النجس منه أو وجوب الإزالة إن اختاره أو وجب لبسه. يريد أن 
الجسد إذا كان نجسّا توجه الخطاب بإزالة النجاسة عنه؛ لتعذر فعل الصلاة بدونه» 
وأما الثوب فلا يجب تطهيره لحصول7) مقصود الشرع بالترك» فإن اختاره المكلف 
لسترته أو وجب لبسه لعدم غيره» صار كالجسد تجب إزالة النجاسة عنهء وهذا بعينه 
يتجه فى المكان ولم يذكره. وفى الجواهر لو صلى على حصير ونحوه مما يتتقل 
وطرفه متصل بنجاسة» ففى تنزيله منزلة المتصل بجسده قولان للمتأخرين» قال 
واختار عبد الحق أنه لا يتنزل» وهذا خلاف ما فى الكتاب كما تقدم» والذى رأيته 
لعبد الحق خلاف هذاء وهو أنه لما ذكر مسألة الكتاب فى الحصير وبينهاء قال: وإن 
كان يتحرك موضع النجاسة» فالمختار عن جماعة من شيوخنا أنه لا يضرء ومنهم 
من راعى تحريك موضع النجاسة وليس بصحيح. وقولنا يتحرك بحركة المصلى 





)١(‏ سقط فى أ. 
(۲) سقط فى أ. 


شروط الصلاة + ۱ 1V‏ 





[مباين لقولنا: هو مما يتنقل» ولا يحسن تمثيله بالحصير؛ فإنه يتنقل ولا يتحرك 
بحركة المصلى] ويلحق بالمكان النجس ما تكره الصلاة فيه وهو أربعة عشر 
[موضعًا]ء أحدها: قال فى الكتاب لا بأس بالصلاة وأمامه جدار مرحاض. 

قال صاحب الطراز إن كان ظاهره طاهرًا لا رشح فيه» فلا يختلف فى صحة 
الصلاة» وإن كانت مكروهة ابتداء؛ لأن المصلى ينبغى أن يكون على أحسن 
الهيئات» مستقبلا أفضل الجهات؛ لأنه يناجى الله تعالى. وقد قال ابن القاسم فى 
العتبيةء إذا كان أمامه مجنون لا يتطهر أو صبى أو امرأة» فليتنح عنهمء وكذلك 
الكافر. فإن كان ظاهره يرشح فيختلف فيه» والمذهب أن صلاته صحيحة بغير 
إعادة. وقال ابن حبيب من تعمد الصلاة إلى نجاسة أمامه أعادء إلا أن تبعد جدًا 
ويواريها عنه بشىء. فقاس المصلى إليه على المصلى عليه ونحن نقيسها على 
ما على يمينه أو يساره أو خلفه. 

وثانيها - الثلج: 

قال فى الكتاب: لا بأس بالصلاة على الثلج. 

قال صاحب الطراز: يكره؛ لفرط برودته المانعة من التمكن من السجود» 
كالمكان الحار . 

وثالثها - المقيرة: 

قال فى الكتاب: لا بأس بالصلاة إلى القبر وفى المقبرة» وبلغنى أن أصحاب 
رسول الله ية كانوا يفعلون ذلك. 

قال صاحب الطراز: ومنع ابن حنبل من الصلاة إلى القبرء وفى المقبرة. 

والمقبرة: تنقسم إلى : مقبرة الكفار» ومقبرة المسلمين» وعلى التقديرين فإ( 
أن يتيقن نبشها أو عدمه» أو يشك فى ذلك» فهذه ستة أقسام. 

منع أحمد والشافعى جميع ذلك. 

واختلف قول أحمد فى صحة الصلاة: فمرة حمل النهى على التعبد لا على 
)١(‏ سقط فى أ. 
(؟) سقط فى أ. 
(۳) فى ط: الحرج. 
)٤(‏ فى ش: إما. 


A‏ ج ۱ شروط الصلاة 
النجاسة؛ فحكم بالصحة. 

وفرق ابن حبيب بين قبور المسلمين والمشركين: فمنع الصلاة فى قبور 
المشركين؛ لأنها حفرة من النارء وقال: يعيد فى العامرة أبداء فى العمدء والجهل؛ 
لبقاء نبشها النجس» ولا يعيد فى الدائرة؛ لذهاب نبشها. وأما فى قبور المسلمين 
فلم يمنع؛ كانت دائرة» أو عامرة. 

قال صاحب الطراز: ويحمل قوله فى الكتاب على أن المقبرة لم تنبش» أما 
المنبوشة التى يخرج منها صديد الأموات وما فى أمعائهم» فلم يتكلم عليه مالك. 

حجتنا: أن مسجده - عليه الصلاة والسلام - كان مقبرة للمشركين» فنبشها - 
عليه الصلاة والسلام - وجعل مسجده موضعهاء ولأنه - عليه السلام -: صلى على 
قبور الشهداء» وهذه المسألة مبنية على تعارض الأصل والغالب؛ فرجح مالك 
الأصل» ورجح غيره الغالب. 

حجة المخالف: ما فى الترمذى: «نهى - عليه السلام - أن يصلى فى سبعة 
مواضع: فى المزبلة» والمجزرة» والمقبرة» وقارعة الطريق» ومعاطن الإبل» وفى 
الحمام» وفوق ظهر بيت الله الحرام»27؛ وفى مسلم: قال - عليه الصلاة والسلام-: 
دلا نَجِلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُوا َيه . 

رابعها - الحمام: 

قال فى الکتاب : إذا كان موضعه طاهراء فلا بأس به. وكرهه الشافعى» والقاضى 
عبد الوهاب» ومنعه ابن حنبل مع سطحه. 

وجه المذهب: قوله - عليه السلام - فى مسلم: «وَجُعِلَتْ لى الأَرض مُسْجِدَّاء 
وربا طَهُورًا). 





)١(‏ أخرجه عن ابن عمر الترمذى »)۳٤٩(‏ و (/2)7541 وابن ماجه (0)/55 وعبد بن حميد 
»)۷1٥(‏ والبيهقى (۲۲۹/۲ -790), 

(۲) أخرجه مسلم (۲/ 118) كتاب الجنائز : باب النهى عن الجلوس إلى القبر» حديث (۹۷/ 4۷۲) 
وأخرجه أبو داود (۲۱۳/۳)» فى الجنائز: باب الجلوس على القبر »)۳۲٠۲(‏ وأخرجه 
النسائى (7/8/4): فى كتاب الجنائز : باب الوقوف للجنائزء وأخرجه ابن ماجه /١(‏ 5915) 
فى الجنائز: باب ما جاء فى الجلوس فى المقاير »)١659(‏ وأخرجه أحمد فى المسند 
//ام؟ - AA‏ - 91 1). 

(۳) فى ط: وترابها. 

= من حديث‎ )٥۲۲ /٤( أخرجه مسلم (۱/ ۳۷۱) كتاب المساجد (0177-05)» وأخرجه أيضًا‎ )٤( 


شروط الصلاة + ا £4 





حجة الكراهة: الحديث السابق» ولأنه موضع النجاسات وكشف العورات . 
خامسها - أعطان الإبل: 
أجاز فى الكتاب الصلاة فى مرابض الغنم والبقر» وقال: لا خير فى معاطن الإبل . 
قال المازرى: وروى عن مالك: لا يصلى فيها ولو لم يجد غيرهاء ولو بسط 
عليها ثوبا. 

وفى مسلم: أن رجلا سأله - عليه الصلاة والسلام - فقال: أصلى فى مرابض 
الغنم؟ فقال: انْعَمْ»ء فقال: أصلى فى مبارك الإبل؟ فقال: «لا۲ء وفى أبى 
داود: قال: (صَلُوا فى مَرَابض الْكَّم؛ كلها بَرَكدُ وَلَا تُصَلُوا فى مَبَارِكِ الإيل؟ كَنَا 
مِنَّ السَيّاطين» . ا 0 


ب رت 
ت 


واختلف فى الفرق بينهما على ستة مذاهب: 

قيل : تعبد. 

وقيل: لأن أهلها يستترون بها لقضاء الحاجة» وهو مذهب ابن القاسم وابن وهب 
وابن حثيل9©). 

وقيل: لنفارها؛ فتمنع من تمام السجود. 

وقيل: لكثرة ترابها ووسخهاء ومراح الغدم نظيف» أو لأنها تقصد السهول؛ 
فتجتمع النجاسة فيهاء والغنم تقصد الأرض الصلبة. 

وقيل : لسوء رائحتهاء والصلاة مأمور فيها بحسن الرائحة؛ ولذلك تبخر المساجد. 





د حذيفة بن اليمان وله شاهد من حديث أبى هريرة والترمذى (١١٠٠)ء‏ وأحمد فى المسند 

(517/7)» من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه به. 
وأخرجه البخارى )١51/17(‏ كتاب الاعتصام: باب قوله «بعثت بجوامع الكلم» (7117/1)؛ 
ومسلم (077/3) من طريق سعيد بن المسيب عنه به. 

)١(‏ فى ط: قال. 

(۲( هو جزء من حديث عن جابر بن سمرة»› أسخرجه مسلم 5/470 . 

(۳) أخرجه أبو داود )۱۸٤(‏ و(۹۳٤)‏ من حديث البراء بن عازب وله شاهد من حديث أبى هريرة 
أخرجه الترمذى (۲/ )18١ - 18٠‏ كتاب الصلاة: باب الصلاة فى مرابض الغنم» وأعطان 
الإبل c«(T€A)‏ وقال: حديث حسن صحيح › وابن ماجه 6/1 - ماما كتاب 
المساجد: باب الصلاة فى أعطان الإبل» ومراح الغتم (۷۸)ء وأحمد 245١ »٤٥۱/۲(‏ 
۹) والدارمى (/9") كتاب الصلاة: ياب الصلاة فى مرابضش الغتم. 

)٤(‏ فى ط: وأبن حبیبا. 


۷ ج١1‏ شروط الصلاة 


وقيل: لأنها خلقت من الشياطين» والصلاة يبعد بها عن مواضعهم . 
فرع: من صلى فيهاء قال أصبغ فى الموازية: يعيد فى الوقت . 
وقال ابن حبيب: يعيد أبدا فى العمد والجهل27 وهو مبنى على تعارض الأصل 
والغالب. 
فائدة: ربض البطن: ما يلى الأرض من البعير والشاة» وجمعه: أرياض» 
والمريض: موضع الربض» وجمعه: مرابض» والشاة فى المربض تسمى: ربيضا. 
والعطن : بفتح الطاء» والعطن بكسرها: واحد الأعطان» والمعاطن» وهى مبارك 
الإبل عند الماء لتشرب عللاء وهو الشرب الثانى بعد نهل» وهو الشرب الأولء 
وعطنت الإبل - بالفتح - تعطن - بضم الطاء وكسرها - عطونا: إذا رويت» ثم 
بركت؛ فهى إبل عاطنة وعواطن» وعطن الجلد تخليته9© فى فرث» وملح؛ حتى 





يتثر(© صوفهء وفلان واسع العطن: أى: رحب الذراع. 

سادسها - الكثائس : 

كره فى الكتاب الصلاة فيهاء لنجاستها بأقدامهم وما يدخلونه فيهاء ولما فيها من 
الصور. 


قال الحسن: لأنها بنيت على غير التقوى» وقيل: لأنها مأوى الشيطان» وقد 
خرج - عليه السلام - من الوادى الذى نام فيه؛ لأن به شيطاناء ولأن الملائكة 
لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة» ولا خير فى موضع لا تدخله الملائكة. 

قال صاحب الطراز: [إن] عللنا بالصور لم تأمر بالإعادة» وهو ظاهر 
المذهب» وإن عللنا بالنجاسة: قال سحنون: يعيد فى الوقت» وعند ابن حبيب: 
يعيد أبدا فى الجهل والعمد؛ لأنه أصله فى كل موضع لا ينفك عن النجاسات» 
كالمجزرة والمزيلة وقارعة الطريق. 

قال صاحب البيان: وأما الكنيسة الدارسة العافية من آثار أهلهاء فلا بأس بالصلاة 
فيها إذا اضطر إليهاء وإلا فهى مكروهة على ظاهر مذهب عمر بن الخطاب - رضى 


)١(‏ فى ط: فى الجهل والعمد. 
۳( فى ش: جعله . 

(۳) فی أ: ينشر. 

)٤(‏ سقط فى أ. 


شروط الصلاة جا ٤۷۱‏ 





الله عنه - لما روى مالك عنه: أنه كره دخول الكنائس والصلاة فيهاء ومع ذلك فلا 
تعاد فى الوقت ولا فى غيره. 

سابعها - قارعة الطريق: 

كره فى الكتاب الصلاة على قارعة الطريق؛ لأرواث الدواب. 

قال صاحب الطراز: والطريق القليلة الخاطر فى الصحارى تخالف ذلك» 
وكذلك لو كان فى الطريق مكان مرتفع لا تصل إليه الدواب. 

وقد قال مالك فى النوادر فى مساجد الأفنية تمشى عليها الكلاب والدجاج 
وغيرها: لا بأس بالصلاة فيها. 

وفى البخارى عن ابن عمر قال: كنت أبيت فى المسجد فى عهد رسول الله يل 
وكنت فتى شابا عزبا وكانت الكلاب تقبل وتدبر فى المسجدء ولم يكونوا يرشون 
شيئا من ذلك . 

وثامنها : فى الجواهر : المجزرة؛ لنجاستها واستقذارها. 

وتاسعها: فى الجواهر: المزبلة؛ لأنها موضع القمامات» ومشتملة على 
القاذورات . 

وعاشرها: فى الجواهر: بطن الوادى؛ لأن الأودية مأوى الشياطين. 

وحادى عشرها - القبلة يكون فيها التماثيل. 

قال صاحب الطراز: لا يختلف المذهب فى كراهيتها؛ اعتبارا بالأصنام» فإن 
كانت فى ستر على جدران الكعبة فأصل مالك: الكراهة. 

وقال أشهب: لا أكرهه؛ لما جاء إلا ما كان رمَا فى نَرْبِ» وكره فى الكتاب 
الصلاة بالخاتم فيه تمثال؛ لأنه من زى الأعاجم. 

وثانى عشرها: كره فى الكتاب الصلاة إلى حجر منفرد فى الطريق وغيرها - 
بخلاف الحجارة الكثيرة - لشبهه“ بالأصتام. 

وثالث عشرها: قال فى الكتاب: لا يستند المريض إلى الحائض ولا الجنب. 

قال صاحب التكت: قال ابن أبى زيد: وهو محمول على أن آثوابهما" نجسة؛ 
نظرا إلى الغالب. 


)١(‏ فى ش: لتشيهه. 
(۲) فى ش: أبدانهما. 


١ + ۲‏ شروط الصلاة 





أما إذا كانت طاهرة» فلا ينهى عن ذلك. 

قال" صاحب التنبيهات : قال فى غير الكتاب: يعيد فى الوقت. وأكثر شيوخنا 
على أنه باشر نجاسة فى أثوابهما فكان كالمصلى عليها. 

وقال بعضهم: بل هما معاونان7) بالاستناد إليهما [وهما لا يدخلان فى](© 
الصلاة» فلا يعينان فيهاء ويلزم على هذا أن يكون [المستند) متوضئاء ولا قائل 
به» ورأيت فى حاشية لبعض الكتب: كان الشيخ ابن الفخار يفرق بين الحائض 
والجنب» ويقول: الحائض لا تنفك عن النجاسة بخلاف الجنب. 

وقال صاحب الطراز: يحتمل أن يكون المنع لأجلهماء لا لأجله؛ لأنهما لما 
منعا من الصلاة وتوابعها منعا من ملابسة المصلين» ويحتمل أن يقال: ورد فى 
الحديث: ِد الْمَلَابِكَةَ لا تَقْرَبُ الْجّئْبَه: وهو دليل على رداءة حالهء والحائض 
ملابسة للأقذار؛ فنهى عن ملابستهاء كالمزبلة» وقارعة الطريق وإن فرش فيها 
الطاهر. 

رابع عشرها: قال المازرى: قال ابن حبيب: من صلى فى بيت نصرانى أو مسلم 
لا يتنزه عن النجاسة» أعاد أبدا. 

الشرط الرابع : ستر العورة: 

والعور: الخلل فى العين» [والعورة: الخلل فى الثغر]() وغيره» وما يتوقع منه 
ضررء وأعور المكان: إذا صار ذا عورة؛ ومنه قوله - تعالى -: إن بوتا عورة» 
[الأحزاب ]٠١:‏ أى: خالية0 يتوقع الفساد فيها؛ فلذلك سميت السوءتان عورة؛ 
لأن كشفهما يورث خللا فى حرمة مكشوفهماء والمرأة عورة؛ أن يتوقع من 


)0( فى ط: وقال. 

(۲) فى ش: معيئان. 

(۳) فى ط: فهما يدخل فى الصلاةء وهما لا تصح منهما. 
)٤(‏ بياض فى أء وفى ش: الساتر. 

(0) فى ش: قال. 

(0) فى ش: تزين. 

(۷) فى ش: والعور: الخلل فى العين. 

(۸) فى ش: خالة. 

(9) فى ش: لما. 


شروط الصلاة ج۱ VY‏ 





رؤيتها أو سماع كلامها خلل فى الدين» والعرض» وليس المراد بالعورة: 
المستقبح؛ فإن المرأة الجميلة7' تميل النفوس" إليهاء وبهذا يظهر أن المرأة مع 
المرأة كالرجل مع الرجل فى حكم السترء وسائر مسائل العورة تخرج على هذا 
المعنى . 

وفى الجواهر: وقع الاتفاق على وجوب ستر العورة عن أعين الناس» وفى 
وجوبه فى الخلوة قولان: 

قال المازرى: هو مستحب عن أعين الملائكة؛ لما فى الترمذى أنه - عليه 
الصلاة والسلام - قال: ياك وَالتّحَرىَ ؛ إن مَعَكُمْ مَنْ لا يُقَارِفُكُمْ إلا عند الْعَائْطِء 
وَحِينَ يُقْضِى أَحَدُّكُمْ إلى أَهلِه؛ دَاسْتَخْيُوهُمْ ورمرم . 

وأقل مراتبه الندب» وهل [هو] شرط فى الصلاة يجب فيهاء ولها؟ قال ابن 
بشير: المذهب على قول واحد فى الوجوب» وإنما الخلاف فى وجوب إعادة 
الصلاة» وهو مذهب الشافعى» وأبى حنيفة. 

وقال( صاحب القبس: المشهور أنه ليس من شروط الصلاة» وهذا محكى فى 
الجواهر عن ابن بكير و[قاله القاضى عبد الوهاب]0©. 

حجة الشرطية: قوله - تعالى -: ڈو زی عند كل مسر [الأعراف:١"]‏ 
قيل: اللباس فى الصلاة» والطواف» وفى أبى داود [قال - عليه السلام -]: دلا 
يَقبْلُ الله صَلَاةٌ حائْض إلا بخِمَارِه( ولأن المصلى يناجى ربه؛ فيشترط فى حقة 


(1) فى ش: جميلة. 
(۳) أخرجه الترمذى /٥(‏ ۱۱۲) كتاب الأدب: ما جاء فى الاستتار عند الجماع (۲۸۰۰)» وقال: 
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه» وفى إسناده ليث بن أبى سليم: قال أحمد: 


مضطرب الحديث» وقال الفضيل بن عياض: ليث أعلم آمل الكوفة بالمناسك» وقال 
الحافظ فى التقريب: صدوق» اختلط أخيرًاء ولم يتميز حديثه فترك (۱۳۸/۲)ء الخلاصة 
(۷1/۲). 

)٤(‏ سقط فی ش. 

(5) فى ط: قال. 

(5) فى ط: القاضى أبى بكر. 

0( سقط فى شش وأ. 

(A)‏ أخرجه أبو داود (1۰( عن أبى هريرة. 


۷٤‏ + ۱ شروط الصلاة 


أفضل الهيئات» ومكشوف العورة ليس كذلك. 

حجة عدم الشرطية : قوله - تعالى -: يناما اليرت منوا إا مش إل الصاوة 
أَعْسِنُوا. . . 4 الآية [المائدة: 5]» فلو وجب شىء آخر لذکره» وفى أبى داود: ١لا‏ قر 
الله صَلَاة أحَدِكُمْ حى يَتَوَضُأ كما مره لله تَعَالَى؛ فذكر الوضوء» ثم قال: «ويشتفبل 
بء ومفهومه: أن ذلك القدر كاف فى القبول؛ فلا يكون غيره واجبا . 

ثم النظر فى العورة: ما هى؟ وفى سائرها9؟». 

أما العورة فثلاثة أقسام . 

القسم الأول الرجال: فى الجواهر: أجمعت الأمة على أن السوءتين من الرجال 
عورة» وفى غيرهما ثلاثة أقوال: 

من السرة إلى الركبة» وهما غير داخلتين» وهو مذهب العراقيين والشافعى. 

وواققهم أبو حنيفة فى السرة» وخالف فى الركبة؛ لأنها مفصل» وعظم الفخذ 
فيها وهو عورة؛ فتكون عورةء أو هما داخلتان. 

أو السوءتان فقط» وروى أبو الفرج ما ظاهره: أن جميع بدن الرجل عورة فى 
الصلاة . 

وجه" المذهب: ما فى أبى داود أنه عليه السلام قال لعلى: غط فخذك ولا تنظر 
إلى فخل حى ولا میت . 

وجه الاقتصار على السوءتين ما فى مسلم والبخارى: أنه عليه السلام يوم خيبر 
انكشف الإزار عن فخذه» قال أنس حتى إنى لأنظر إلى بياض فخذه عليه السلام0© . 

قال صاحب الاستذكار حديث على - رضى الله عنه - ضعيف» والذى يقتضيه 
النظر أن العورة السوءتان» والفخذ والعانة حريم لها. 

القسم الثانى الإماء: وهن مثل الرجال» قال فى الكتاب: شأن الأمة أن تصلى 








)١(‏ فى ط: وقال لم يستقبل القبلة. 

(۲) زاد فى ش: النظر الأول فى بيانها. 

)۳( فى آ: ووجه. 

.)4018( أخرجه أبو دارد فى ستنه‎ )٤( 

(6) أخرجه البخارى (۴۷۱)» ومسلم .)٠٠۳/۲٤۹(‏ 


شروط الصلاة ج ۱ ¥0 


قال صاحب الطراز: اختلف فى قوله: «شأنها»» هل معناه لا تندب إلى ذلك» 
وهو الأظهر كالرجل» أو يجوز لها ذلك مع الندب للسترء وهو اختيار [صاحب]() 
الجلاب؟ وقد كان عمر - رضى الله عنه - يمنع الإماء من لبس الإزارء وقال لابنه: 
ألم أخبر أن جاريتك خرجت فى الإزار» وتشبهت بالحرائر؟! ولو لقيتها لأوجعتها 
ضربا. 

فائدة: معنى نهى عمر - رضى الله عنه - الإماء عن تشبههن بالحرائرء أن 
السفهاء جرت عادتهم بالتعرض للإماء دون الحرائر؛ فخشى - رضى الله عنه - أن 
يلتبس الأمر عليهم» فيتعرضوا للحرائر ذوات الجلالة؛ فتكون المفسدة أعظم» وهذا 
معنى قوله - تعالى -: كلك د أن يمرن كلا يدن [الأحزاب:09] أى [أن]9) 
يتميزن بعلامة عن غيرهن» وألحق فى الكتاب المكاتبة» والمدبرة» والمعتق 
بعضها بالأمة القن» وألحقت أم الولد بالحرة. 

وألحق صاحب الجلاب المكاتبة بأم الولد فى استحباب الستر. 

وألحق الشافعية الجميع بالأمة القن؛ نظرا للميراث» ونحن ننظر إلى عقود 
الحريةء مع أنه قال فى الكتاب: لا تصلى الأمة إلا وعلى جسدها ثوب. 

قال صاحب الطراز: والأمر فى ذلك متفق عليهء إنما الخلاف فى الوجوب» 
وسواء كانت من العلى أو الوخش: والمشهور عدم الوجوب. 

قال ابن حبيب: لو صلت الأمة مكشوفة الفخذ أعادت فى الوقت» وقوله - 
تعالى -: «وثل ؤت يَنشطن ين سرون قن مهن كلا بيرت رهن إلا 
ما لر ينها [النور:١"]‏ يقتضى العفو عن الوجه واليدين من الحرة؛ لأنه 
الذى يظهر عند الحركات للضرورة» وعما يظهر من الأمة عند التقليب للشراء» وهو 
ما عدا السرة والركبة. 

فرع: قال صاحب الطراز: لو أحرمت مكشوفة الساق أو نحوه» مما يجوز لها 


)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) سقط فى أو ش. 
(۳) فى ط: بعلاماتهن. 
)٤(‏ فى أ: المرأة. 
)2 فى ش: والكفين . 


۷٦‏ ج ١‏ شروط الصلاة 


كشفه» فعتقت - فقيل : تستر ذلك» وتتمادى إن كانت السترة قريبة» وهو المشهور 
عندناء فإن بعدت» فقيل: تتمادى» وقيل: تقطع. فإن قربت ولم تسترء فقال ابن 
القاسم: تعيد فى الوقتء وكذلك العريان خلافا (ح) مفرقا بينهما بأن هذه حالة 
ضرورة» بخلاف الأمة؛ فإنها كانت يباح لها ذلك. 

وقال سحنون: يقطعان. 

وقال أصبغ: هى كالمتيمم يجد الماء فى الصلاة لا إعادة عليها فى الوقت 


ولا بعله. 
وروی ابن القاسم : أحب إلى لو جعلتها نافلة» وشفعتها وسلمت؛ كمن سمع 
الإقامة. 


وقال مالك: أحب إلى أن تعيد. 

قال: وكذلك الخلاف فى الحرة يلقى الريح خمارهاء والرجل يسقط إزاره. 

قال ابن القاسم: إذا سقط ثوب الإمام» فظهر فرجه أو دبره - أخذه مكانهء 
وأجزأه إذا لم يبعد ذلك. 

قال سحنون: ويعيد كل من نظر إلى فرجه ممن خلفهء ولا شىء على من لم 
ينظر. وقال فى كتاب ابنه: صلاته وصلاتهم فاسدة وإن رده. 

قال صاحب البيان: بنى ابن القاسم على أصله: أن ستر العورة سنة» وعلى القول 
الآخر بفرضيتهاء يخرج ويستخلف» فإن تمادى فصلاة الجميع فاسدة» وهو قول 
سحنون» قال وأمر من نظر بالإعادة؛ لأنه مرتكب لمعصية بالنظرء قال: ويلزمه 
الإبطال بجميع وجوه العصيان» وهو خلاف ما ذهب إليه التونسى: من أنها لا تبطل 
بذلك» ولا بالسرقة ولا بالغصب لو وقع فى الصلاة. 

ولذلك قال المازرى: إن طرو اللباس على العريان» والعتق على الأمة» يتخرج 
على الخلاف فى ستر العورة: هل هى سنة وهى طريقة ابن القاسم» أو فريضة وهى 
طريقة سحنون؟ 

قال صاحب الطراز: فلو عتقت قبل الصلاةء ولم تعلم حتى صلت. 

قال أصبغ : تعيد فى الوقت» كما قال ابن القاسم. 

وللشافعية قولان: 

أحدهما: كقولنا. 


شروط الصلاة + ۱ EVV‏ 





والثانى : تعيد أبدا؛ لأنها مفرطة. 
القسم الثالث - الحرائر: 
فى الجواهر: أجسادهن كلها عورة إلا الوجه والكفين. 

قال فى الكتاب: إذا صلت بادية الشعرء أو ظهور(© القدمين» أعادت فى 
الوقت. 

وقال أشهب فى المجموعة: أو بعض الفخذ أو البطن. 

وقال ابن نافع فى العتبية : لا إعادة عليهاء ووافقنا الشافعى فى أن القدمين عورة» 
وخالفنا أبو حتيفة. 

لنا: ما فى الموطأ عن آم سلمة زوج النبى كله لما سئلت ماذا تصلى فيه المرأة 
من الثياب» فقالت: تصلى فى الخمار والدرع السابغ الذى يغيب ظهور قدميهاء 
وقد رفعه أبو داود إلى النبى» کل" . 

فروع خمسة: 

الأول: قال فى الكتاب: إذا صلت متتقبة» لا إعادة عليها. قال ابن القاسم: ذلك 
رأى» والتلثم كذلك. 

ونهى الشافعى عنه. 

وأوجب ابن حنبل تغطية وجههاء وكفيها. 

لنا: أن ذلك ليس بعورة فى الإحرام؛ فلا يكون عورة فى الصلاة» ويستحب 
كشفه؛ لمباشرة السجود» والتلثم يستر الأئف. 

[و]2 فى الموطأ عن سالم بن عبد الله: كان إذا رأى إنسانا يغطى فاء( فى 
الصلاة جبذ الثوب عنه» حتى يكشف فاه. 

قال صاحب الطراز: ولمالك - رحمه الله - فى كراهية تغطية اللحية قولان» 
وكرهه أبو حنيفة. 


)0 فی ش: : ظهر. 

(۲) فى ش: يغطى. 

)۳( ترجه مالك فى الموطأ (۱/ )۱٤١‏ (٣۳)ء‏ وأبو داود (1۳۹). 
)٤(‏ سقط فی أ. 

(0) فى ش: أئفه. 


۷۸ + ۱ شروط الصلاة 





الثانى: قال فى الكتاب : المراهقة بمنزلة الكبيرة؛ لأن كل من أمر بالصلاة أمر 
بشروطها وفضائلها؛ فلو صلت بغير قناع» قال أشهب فى المجموعة: تعيد فى 
الوقت» وكذلك الصبى يصلى عرياناء وقال: لو“ صليا بغير وضوء أعادا أبدا. 

وقال سحنون فى كتاب ابنه: لا يعيدان. 

الثالث: قال فى الكتاب: العاجزون عن الستر يصلون أفذاذا قياما متباعدين 
بعضهم عن بعض» وجماعة بإمام إن كانوا فى ظلام. 

ووافقنا الشافعى فى تفرقهم وقيامهمء وعدم إيمائهم بالسجود. 

وخيرهم أبو حنيفة بين القيام وبين الصلاة قعودا بإيماء. 

وقال ابن حنبل - رضى الله عنهم أجمعين -: يجب القعود. 

لنا: النصوص الدالة على وجوب الركوع والسجودء وأنها أركان متفق عليهاء 
والسترة شرط مختلف فيه» والأركان مقدمة على الشروط» والمجمع عليه مقدم على 
المختلف فيه. 

قاعدة: الوسائل أبدا أخفض رتبة من المقاصد إجماعاء فمهما تعارضا تعين 
تقديم المقاصد على الوسائل؛ ولذلك قدمنا الصلاة على التوجه إلى الكعبة لكونه 
شرطا ووسيلة» والصلاة مقصدء وكذلك قدمنا الركوع والسجود اللذين هما 
مقصدان على السترة التى هى وسيلة . 

فلو جمعوا نهاراء قال صاحب الطراز: فعند ابن حبيب والشافعى يكونون صفا 
واحداء وإمامهم فى وسطهمء قال: لأن الستر سقط عنهم بالعجزء والتباعد 
مستحب؛ لما فيه من غض البصرء قال: فإن كثروا صفوا صفا آخرء وغضوا 

فلو كانت امرأة لم تجد مكانا تستتر به عن الرجال» قال [مالك]29 فى العتبية : 
تصلى جالسة» وإن كانت فى خلوة صلت قائمة. 

قال صاحب الطراز: فلو كانوا فى مكان ضيق صلى الرجال» وصرف النساء 
)١(‏ فى أ: أو. 
(۲) فى ش: السئن. 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ فى أ: ولو. 


شروط الصلاة +۱ 4 





وجوههن عنهم» ثم صلى النساء وصرف الرجال وجوههم عنهن» وهو قول 
الشافعى» فإن لم يكونوا دينين فلا يكلف النساء القيام ولا الركوع ولا السجود؛ لما 
فى ذلك من الضرر العظيم» الذى لا تحتمله طياعهن . 

الرابع : قال صاحب الطراز : لو كان فى العراة صاحب ثوب» لم يجز له العرى» 
واستحب له بعد صلاته دفع“ إعارة الثوب لغيره؛ تعاونا على البر والتقوى» 
ولا يجب؛ إذ لا يجب عليه كشف عورته. 

قال بعض الشافعية: إذا كان معه فضل سترةء لا يلزمه دفعهء» بخلاف فضل 
الطعام للمضطر؛ لأنه لا مندوحة عنهء والسترة تسقط(" بالعجز. 

الخامس : قال: لو أعير له ثوب لزمه قبوله؛ للقدرة على السترء كالماء للمتيمم؛ 
لقلة المنة فى ذلك» فلو وهب لهء فالشافعى: لا يلزمه القبول» كهبة الرقبة فى 
الكفارة» ويلزمه برده" بعد الصلاة29» ويلزم ربه أخذه» قال: وهو الراجح. 

فلو أعاره لجماعة» والوقت ضيق» صلى من لم يصل إليه عرياناء ويعيد إذا 
وصل إليه فى الوقت الموسع. 

وقال الشافعى: يؤخر مادام وقت الأداء متسعاء فإن لم يعر المكتسى [أحدا 
السترة])ء وهو يصلح للإمامة» أمهم متقدما عليهم. 

النظر الثانى: فى الساتر 

فى الجواهر: يكون صفيقا كثيفاء فإن كان شفافا فهو كالعدم مع الانفرادء وإن 
كان يصف ولا يشف كره» وصحت الصلاة. 

قال صاحب الطراز: الخفيف الشفاف بمتزلة التلطخ بالطين» لا يعد سترةء 
بخلاف الكثيف الرقيق الذى يصف. 

قال: ويجب ستر العورة بكل ما يمكن من حطب أو حشيش أو غيره؛ فإن لم 
يجد إلا طينا فللشافعية فى التطلخ به قولان: فإن وجد الستر لبعض العورة ستر 





)000 فى ش: دونهم . 
(۲) فى ط: سقطت. 
)۳( فى ش: ويرده. 
)٤(‏ فى ط: صلاة. 
)٥(‏ فى ش: الستر أحدا. 


EA‏ + ۱ شروط الصلاة 


الفرجين» فإن وجده لأحدهما ستر أيهما شاء» واختلف فى أيهما أولى : 

قال الشافعى : القبل؛ لعدم الحائل بينه وبين النظرء والدبر تحول بينه وبين النظر 
الأليتان» ولأنه يستقبل به من يناجى . 

ولبعض أصحابه: الدبر أولى؛ لفحشه عند الركوع والسجود. 

قال: وهذا أبين» ويجعل مذاكيره بين فخذيه» ويمكنه سترها بظهر يديه» بخلاف 
الدبر. 

الأول: لو وجد جلد كلب أو ميتة أو خنزير» فظاهر المذهب الستر به فى غير 
الصلاة» وعلى قول عبد الملك فى عدم الانتفاع بالنجاسة: لا يلبسهء وإذا أبحنا له 
الختزير والجلد النجس» وجبت الصلاة به؛ لأنه مأذون فيه. 

وقال أبو حنيفة: هو مخير بين لبسه» وتركه» لتعارض حرمة العرى والصلاة 
بالنجاسة ؛ فتعين التخيير. 

وقال الشافعى فى القديم: يصلى عرياناء وقال - أيضا -: يصلى به. 

لنا: [أن]27 التطهير يسقطه عدم الماء وقد تحقق» والستر لا يسقطه إلا العجز 
ولم يوجد» ولأن فى العرى هتك حرمتين: حرمة الستر عن الأبصار» وحرمة الستر 
للصلاةء بخلاف النجاسة . 

الثانى : قال: إذا لم يجد إلا حريرا صلى به عند الكافة» خلافا لابن حنيل » ووقع 
مثله لابن القاسمء قال: ولعل الصحيح: أن لبسه مع القدرة لا يفسد الصلاة» وهو 
قول ابن وهب وابن الماجشونء ولم يستحبا" له الإعادة. 

وقال أشهب: إن كان عليه غيره لم يعدء وإلا أعاد فى الوقت. 

وقال ابن حبيب: يعيد أبدا إذا لم يكن عليه غيره» وإن كان لم يعد؛ لأن جنسه 
لا ينافى الصلاة» بدليل: ما لو كان محشوا فى كمهء ولبسه للنساءء وفى الحرب» 
وجوزه ابن حبيب فى الغزو”: إذا كان معه غيره» وفى الصحيحين أنه - عليه 
السلام - أهدى إليه فرُوج من حرير فلبسه» وصلى فيهء ثم انصرف فنزعه نزعا 





)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) فى أ: يستحب. 
(۳) فى ش: المرض. 


شديدا كالكاره له» وقال: «لا بى هَذًا مين ء ولم يعد الصلاة. 

وفى الجواهر: إذا لم يجد إلا حريرا صلى عرياناء عند ابن القاسم وأشهب. 

واستقرأ الإمام أبو عبد الله من تقديمه الحرير على النجس فى الكتاب» أنه يصلى 
بهء ولا يصلى عرياناء وهذا خلاف ما نقله صاحب الطراز. 

وكذلك رأيته للمازرى منقولا عن ابن القاسم وأشهب» وقال [فى](" التخريج 
الذى عزاه إليه أنه فى المدونة: قدمه على النجس» والنجس مقدم على العرى» 
والمقدم على المقدم على العرى مقدم على العرى» وقال: يلزم من قال بالإعادة 
مطلقا إذا صلى فى الحرير وحده مختارا؛ لأنه بمنزلة العريان اختيارا؛ لكون الممنوع 
شرعا كالمعدوم حسا - أنه إذا صلى فى الثوب المغصوب يعيد» فإن التزمه ألزمناه 
إعادة الصلاة فی الدار المغصوبة» والمعروف عند العلماء صحتهاء فلا يجد 
انفصالا" إلا أن يقول©): الحرير حق الله تعالى؛ فهو أشد من الغصب الذى هو 
حق للعباد» [ولقوله: الإسقاط من جهته](“. 

وفى الجواهر: لو اجتمع له حرير ونجس» ففى الكتاب: يصلى فى الحريرء 
ويعيد فى الوقت؛ لأن تحريمه ليس لأجل الصلاة فلا ينافيهاء بخلاف النجاسة. 

وعند أصبغ: يصلى فى النجسء» لعموم تحريم الحرير فى الصلاة وغيرها؛ 
فيكون أفحش من النجس الذى تحريمه خاص بالصلاة» فلو صلى بثوب حرير مع 
القدرة على طاهر غير حرير» فإن أفرده» فقيل: يعيد فى الوقت» وبعدهء وقيل: 
لا يعيد مطلقاء وقيل: فى الوقت. فإن كان عليه غيره فقيل: يعيد» وقيل: لا إعادة 
عليه» وكذلك الخلاف فيمن صلى متختما بالذهب. 

الثالث: قال فى الكتاب: يجوز أن يصلى محلول الإزار بغير سراويل» قال 


(۱) أخرجه الببخارى /١(‏ 484 - 80) كتاب الصلاة: باب من صلى فى فروج حرير ثم نزعه 
«(¥Vo)‏ و(١559/6)‏ كتاب اللباس: باب القباء وفروج حرير وهو القباء» ويقال: هو 
الذى له شق من خلفه »)0۸۰٩۱(‏ ومسلم إن شالق كتاب اللباس والزيئة: باب تحريم 
استعمال إناء الذهب والفضة (5؟/ (Vo‏ . 

(۲) سقط فى ش. ْ 

(۳) فى ش: نقضًا. 

)٤(‏ فى أ: تقول. 

(4) فى ش: لقبوله الإسقاط من حميم. 


AY‏ ج١1‏ شروط الصلاة 


صاحب الطراز: قال مطرف: رأيت مالكا فى المسجد مطلق الإزارء فلما حضرت 
الصلاة زره. 

وقال ابن الصباغ من الشافعية: إن كان ضيق الجيب لا ترى منه العورة جازت 
الصلاةء وإلا لم تجز إلا أن يزره» أو يشد وسطه بحبل؛ لما فى أبى داود: قال 
سلمة بن الأكوع: إنى رجل أصيد» أفأصلى فى القميص الواحد؟ قال: انُعَمْء وَزَرْهُ 
وَل ٤ة‏ . 

وفرق الحتفية بين الأمرد وبين الملتحى؛ لأن لحيته تستر الجيب والطوق. 

لنا: ما فى البخارى : كان رجال يصلون مع النبى بل عاقدى أزرهم على أعناقهم 
كهيئة الصبيان» فيقال للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوى الرجال جلوساء وكل 
ما يتوقع من الجيب يتوقع من الذيل7©. 

الرابع : قال ابن القاسم فى الكتاب: تجوز الصلاة بمئزر أو سراويل. 

وقال ابن حنبل : لا تجزئه حتى يكون على عاتقه منه شىء» [وكذلك السراويل؛ 
لما فى البخارى: لا يُصَلٌ أَحَدُكُمْ فى القؤب الْوَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى عانق مه 
شّىء:(]211. وهو محمول عندنا على الاستحباب. 

قال صاحب الطراز: والسراويل مكروه ابتداء» وهو قول الشافعى ومالك فى 
العتبية؛ لما فى أبى داود أنه - عليه السلام - نهى أن يصلى فى سراويل ليس عليه 
رداء» ولأنه يصف» ومن زى العجم. 

وقال أشهب: يعيد [من صلى]0 فى السروال والنقاب فى الوقت . 

قال: [وكذلك من أذن فى السراويل وحدهاء أعاد آذانها ما لم يصل» وكان كمن 





.)5797( أخرجه أبو داود‎ )١( 

(۲) أخرجه عن سهل بن سعد: البخارى (515) وأطرافه فى »۸۱٤(‏ 6١؟7١):‏ ومسلم 
(EYD‏ 

(۳) أخرجه البخارى /1١(‏ 1۵6۹ء 570) فى الصلاة: باب إذا صلى بالثوب الواحد فليجعل على 
عاتقيه (9ة"ا) 2075٠‏ ومسلم ( فى الصلاة: باب الصلاة فى الثوب الواحد وصفة 
لبسه (//2»)6177/71 والشافعى فى المسند: )57/١(‏ الباب الثالث: فى شروط الصلاة 
)140« 185). 

)٤(‏ سقط فى ش. 

(0) سقط فى آ» ش. 


شروط الصلاة ج ۱ AY‏ 


صلی بغير أذان](© . 

الخامس: قال صاحب الجلاب» من صلى فى ثوب واحد: فإن كان واسعا 
التحف به» وخالف بين طرفيه» وعقده على عنقه» وإن كان ضيقا اثتزر به من سرته 
إلى ركبتيه» [ولا إعادة عليه إذا صلى كذلك مع وجود غيره» ويعيد فى الوقت]. 

وفى البخارى: النهى عن اشتمال الصماءء وهى عند أهل اللغة [تجلل الرجل 
بإزاره لا يدفع منه جانبّاء كالصخرة الصماء التى فيهاء فإن دهمه أمره لا يمكنه 
الاحتراز منه. 

وعند الفقهاء: هى أن يدخل الرداء من تحت إبطه الأيسرء ويترك طرفه على 
يسارهء ويبدى منكبه الأيمن ويغطى الأيسرء وهو عند أهل اللغة]20 : الاضطباع ؛ 
لأنه يبدى ضبعه الأيمن» فكرهت؛ لأنه فى معنى المربوط» ولا يتمكن من الركوع 
والسجود والمندوب» أو لأنه لا يباشر الأرض بيديهء وإن باشر انكشفت عورته» 
فإن كان عليه مثزر فلا بأس. 

السادس: قال فى الكتاب: إذا صلى محتزماء أو جامعا شعره» أو جامعا كميه: 
إن كان ذلك لباسهء أو كان يعمل فأقيمت الصلاةء فدخل على هيئته - فلا بأس» 
وإلا فلا خير فیه» وفى البخارى: «أَمِرْتُ أن أَسْجُدَ عَلَى سَبْع وَلَا أكفِتَ الْشْعَرَ وَل 
الاب والكفت: الضمء ومنه قوله - تعالى -: تر كَل الأ كتا أيه 
انرا [المرسلات: ]۲٠‏ أى: تضم الفرقتين. 

قال صاحب الطراز: وسر الكراهة أن يضم ذلك خشية التراب» وقد قال - عليه 
السلام -: هعَفْرْ وَجْْهَكَ بالشرا ب( ؛ لأنه شأن التذلل والخضوع» قال: وعلى هذا 
لو كان مكشوف الرأس فأراد ستره ليقيه التراب» كره. 

قال صاحب الجلاب: الاختيار لمن صلى فى جماعة أن يلبس أكمل اللباس» 





(۱) سقط فى أ ش. 

(۲) سقط فى أء ش. 

(۳) بدل ما بين المعقوفين سقط فى ش. 

(4) أخرجه البخارى (۲/ ۲۹۷) كتاب الأذان: باب السجود على الأنف (۸۱۲)ء» ومسلم 
(1/ 54") كتاب الصلاة: باب أعضاء السجود والنهى عن كف الشعر (۲۳۰/ .)٤۹۰‏ 

)٥(‏ فى ط: فى التراب. 


At‏ ج۱ شروط الصلاة 





والإمام أولى [بذلك]» ویرتدی» ولا يعرى منکبیه» ولا بأس بالمثزر والعمامة؛ 
ويكره السروال والعمامة» فإن كان عليه سيف أو قوس» جعل عليه شيئا من اللباس» 
والأصل فى ذلك قوله - تعالى -: طخُدُوا ريتك عِندَ كل مسر [الأعراف:١71]‏ 
والعبد يناجى ربه؛ فيستحب له أن يتجمل له» ولما كان الإمام ينبغى أن يكون أفضل 
القوم ديئا؛ فيتبغى أن يكون أفضلهم زيا. 

وقوله: تكره السراويل والعمامة - الكراهة؛ لأجل السروالء وذكَرٌ العمامة حشو 
فى الكلام» وكره أن يصلى بثوب يسجد على بعضه؛ لأنه يصير بمنزلة الساجد على 
غير الأرض. 

الشرط الخامس - استقبال الكعبة: 

والنظر فى : المستقبل [إليه]» والمستقبل فيه» [والمستقبل نفسه]"» فهذه 
ثلاثة أطراف: 

الطرف الأول: المستقبل إليه هو الكعبة» قال الله - تعالى -: يث ما كم 
ولوا وركم رة [البقرة: ]١44‏ والشطر فى اللغة: النصفء وهو أيضا: الجهة 
وهو المراد ههنا؛ فيجب على الخلاتق أن يكونوا مستقبليها بوجوههم كالدائرة 
لمركزها. 

فأما داخلها: فقال فى الكتاب: لا تصلى فيه ولا فى الحجر فريضة» ولا ركعتا 
الطواف الواجبتان» ولا الوترء ولا ركعتا الفجرء وغير ذلك لا بأس بهء فإن صلى 
مكتوبة أعاد فى الوقت» كمن صلى إلى غير القبلة بالاجتهاد وأجاز الشافعى وأبو 
حنيفة المكتوبة» لقوله - تعالى -: هر يني لايد لبي والح الشجور » 
[الحج ١:‏ ؟]. 

وقال الشافعى فى الأم: ولا موضع أطهر منه» ووافقنا ابن حنبل» ومنع ابن جرير 
الجميع؛ لما فى مسلم: أنه - عليه السلام - لما دخل البيت كبر فى نواحيه كلهاء 


)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) سقط فى أ. 
(۳) سقط فى آ.. 
)٤(‏ فى ط: العالم. 


شروط الصلاة ج۱ A0‏ 





ولم يصل فيهء حتى إذا خرج ركع فى قَبَلٍ البيت ركعتين وقال: «هَلٍِ لَب . 

لنا: الآية المتقدمة» والمصلى داخله لم يستقبله بل بعضهء ولأنه لم يأت عن 
أحد من السلف أنه صلى فى البيت» وكيف تغفل الأمة عن الفضيلة التى ذكرها 
الشافعى مع اجتهاد سلفها وخلفها فى تحصيل الفضائل» ولأن الاستقبال مأمور به« 
وكل مأمور به لابد أن يكون ممكن الفعل والترك حالة التكليف» والمصلى داخل 
البيت .يستحيل ألا يكون مستقبلا لبعضه» فيسقط التكليف» وهو خلاف الإجماع. 

والجواب عن هذه الآية: أن موضع الطواف خارج البيت إجماعا؛ فيكون موضع 
الركوع والسجود كذلك. 

وأما جواز النافلة فلما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - دخل الكعبة هو وأسامة 
ابن زيد وعثمان بن طلحة الحجبى وبلال» فأغلقها - عليه السلام - ومكث فيها. 

قال ابن عمر: فسألت بلالا حين خرج: ماذا صنع عليه السلام؟ فقال: جعل 
عمودا على يساره» وعمودين عن يمينه» وثلاثة أعمدة وراءه» وكان البيت يومئذ 
على ستة أعمدة» ثم صلى» زاد أبو داود: صلى ركعتين" . [وهذا الحرف يدفع 
تأويل ابن جرير أن صّلاته]() ية كانت دعاء» ولأن التافلة يجوز ترك الاستقبال فيها 
مطلقا فى السفرء وترك القيام مع القدرة» والإيماء بالركوع والسجود عند بعض 
العلماء . 

قال صاحب الطراز: وفى إعادة المكتوبة ثلاثة أقوال: 

ففى الكتاب: يعيد فى الوقت» كالمصلى بالاجتهادء لوقوع الخلاف فى 
المسألة . 

وعند ابن حبيب وأصبغ : يعيد أبدا؛ ترجيحا لوجوب الاستقبال لجميع البيت. 

وعند اين عبد الحكم: لا يعيد مطلقا؛ نظرا لمدرك الشافعى» رضى الله عنهم 
أجمعين . : 


.)۱۳۳١ /796( أخرجه عن أسامة بن زيد: مسلم‎ )١( 

(؟) أخرجه مالك فى الموطأ (۳۹۸/۱) (۱۹۳)ء وأحمد (؟9/1: ۴۳ء ١٥)ء‏ والبخارى 
»)٤1۸(‏ ومسلم (799١1)ء‏ وآبو داود (۲۰۲۳) و ,)51١56 - ۲۰۲٤(‏ 

(۳) فى أ: وهذا الحرف يدفع ابن جرير أن صلاته» وفى ش: وهذا الحرف يرفع تجويز .أن 
صلاته . : 


EA‏ ج ۱ شروط الصلاة 

قال: فلو صلى فوق ظهر البيت فثلاثة أقوال: 

لمالك يعيد أبدا. 

وعند أشهب: يعيد فى الوقت. 

وعند ابن عبد الحكم: لا يعيد مطلقا. 

وقال أبو حنيفة: إن لم يبق بين يديه من السطح شىء لم يجزئهء وإلا أجزأه. 
وهو محكى عن أشهب. 

وقال الشافعى : لا يجزئه إلا أن يكون عليه ما يستره من البناء. وقال أصحابه: 
يكفيه من ذلك غرز خشبة» أو عصا. 

قال صاحب الجلاب: يكره أن تصلى المكتوبة فى الكعبة والحجرء وعلى 
ظهرهاء ومن فعل أعاد فى الوقت» ولا بأس بصلاة النافلة فى جميع ذلك. 

قال صاحب الطراز: ولو جوزنا الصلاة فى الكعبة وعلى ظهرهاء لم نجزها فى 
سرب تحتهاء أو مطمورة؛ لأن البيوت شأنها أن [ترتفع وليس شأنها أن تنزل]( . 

وكذلك قال فى المساجد: إن أسطحتها لها أحكام المساجد» بخلاف ما لو حفر 
تحتها بيتا يجوز أن يدخله الجنب والحائض؛ لأن" ذلك لا يفعل إلا بإذن الإمام . 

ومنشأ الخلاف: هل المقصود بالاستقبال: بعض هوائهاء أو بعض بنائهاء أو 
جملة بنائها وهوائها؟ 

الأول: مذهب أبى حنيفة» فسوى بين أجزاء البناء داخل البيت» وعلى ظهره؛ 
[لوجود بعض الهواء] . 

والثانى : مذهب الشافعى: فسوى بين جزء البناء داخل البيت» وعلى ظهره. 

والثالث: مذهبناء وهو مقتضى ظاهر النصوص؛ فإن جزء البناء لا يسمى بيتا 
ولا كعبةء وأبعد من ذلك جزء الهواء العارى عن البناء» فإن الكعبة فى اللغة: هى 
المرتفعة» ومنه المرأة الكاعب: إذا ارتفع ثديهاء و: كعب الرجل» والبيت هو: ذو 
السقف والحيطان» وهذا المعنى لا يتحقق إلا فى جملة البيت ببنيانهء22» وهوائه» 
)١(‏ فى آ» ش: تترك. 
(۲) فى ط: إلا أن. 
(۳) سقط فى ش. 
)٤(‏ فى ش: ببنائه. 





وهذا هو الفرق على المشهور بين داخله وظهره؛ فإن داخله ارتفاع من حيث 
الجملة» وظهره فراغ محض» والفرق بين الصلاة على ظهرها وعلى أبى قبيس: أن 
المصلى على أبى قبيس مستقبل بوجهه جملة البناء والهواء» بخلاف ظهرهاء ولأن 
السنة فرقت بينهماء فنهى رسول الله يي عن الصلاة على ظهرها. 

فروع ثلاثة : 

الأول: فى الجواهر: لو امتد صف طويل قريب البيت» فالخارج عن سمت 
البيت تبطل صلاته» ومثل هذا الصف فى الآفاق تصح صلاته» وكذلك الصلاة فى 
بلدين متقاربتين لسمت واحد» تصح إجماعاء وهو مبنى على قاعدتين: 

إحداهما: أن الله - تعالى - إنما أوجب الاستقبال العادى دون الحقيقى؛ فلو 
استقبل صف طويل حيوانا بعيدا فى برية» صدق فى العادة أن كل واحد منهم قبالته 
فى رأى العين» ولو قرب منهم بطل ذلك؛ فكذلك الكعبةء» طولها أربعة وعشرون 
ذراعاء [وعرضها عشرون ذراعًا]20؛ فالصف البعيد منها يعد" فى العادة مستقبلا 
لها بخلاف القريب. 

القاعدة الثانية: أن الخلائق يستقبلون الكعبة - شرفها الله تعالى - كاستقبال 
أجزاء محيط الدائرة لمركزهاء فإذا تخيلنا الكعبة مركزا فقد) خرج منه خطوط 
مجتمعة الأطراف فى المركزء وكلما بعدت اتسعت» مثل قصبتى شبكة الصيادين؛ 
فمن المعلوم حيتتذٍ أن كلما بعد خطان من هذه الخطوط وسع طرفاهما أكثر مما إذا 
قربا؛ فكذلك كان الصف الطويل فى البعد مستقبلاء وفى القرب ليس مستقبلا . 

الثانى: فى الجواهر: الواقف بمكة خارج المسجد يستقبل بناء الكعبة فإن لم 
يقدر استدل» فإن كان الاستدلال بمشقة» فلبعض المتأخرين فى جواز الاجتهاد 
تردد. 

الثالكث: الواقف بالمدينة يتنزل محرابه - عليه السلام - فى حقه منزلة الكعبة؛ فلا 





)١(‏ فى ش: قرب. 
(۲) سقط فى أ و ش. 
(۳) فی أ: بعید. 

)٤(‏ فى ش: قد. 
(6) فى ش: بمستقبل. 


EAA‏ ج ۱ شروط الصلاة 


يجوز له الاجتهاد بالتيامن أو التياسر؛ لأنه منصوب بالوحى» ومباشرة المعصومين 
رسول الله كلد وجبريل - عليه السلام - وإجماع الأمة؛ وهى معصومة أيضا؛ 
فيقطع بصحته وخطأ مخالفه؛ فلا معنی للاجتهاد. 

الطرف الثانى : الذى يستقبل فيه. 

وفى الجواهر: يجب الاستقبال إلا فى القتال؛ لقوله - تعالى -: واا أو 
ركا [البقرة:۲۳۹]ء ولا تصلى فريضة ولا صلاة جنازة على ظهر دابة أو 
محمل 227 فإن فعلت مثل فعلها فى الأرضء ففى جواز ذلك وكراهيته قولان؛ نظرا 
لصورة الأداء وإلى أن الأرض يتأتى فيها من التواضع والتذلل بمباشرة التراب 
والتمكن من الخشوع› ما ليس ة فى الرواحل»› وهلا هو مذهب الكتاب » فقال فى 
مريض لا يستطيع الجلوس : لا يصلى المكتوبة فى محمله » بل على الأرض» وهو 
قول الشافعى . 

وفى أبى داود عن عائشة - رضى الله عنها -: أنها سئلت: هل رخص - عليه 
السلام- للنساء أن يصلين على الدواب؟ قالت: «لم يرخص فى ذلك فى شدة 
ولا رخا . 

قال صاحب الطراز: فإن فعلء قال سحنون: يعيد أبدا. وقال ابن حبيب وابن ` 
عبد الحكم: إذا استوت حالتا الأرض» والمحمل فى الإيماءء فلا شىء عليه. 

فروع أربعة : 

الأول: قال اللخمى : إذا كان المريض لا يجد من يحوله إلى القبلة» ولا يرجوه- 
صلى أول الوقت» وإن كان راجيا صلى [آخر الوقت ]77 وإن شك [صلى فى 
وط ]۲0 . 

الثانى : قال فى الكتاب: من خاف السباع أو غيرهاء صلى على دابته إيماء حيثما 
توجهت بهء فإن أمن أعاد فى الوقت؛ لقوله - تعالى -: «فإن خفتم فرجالا أو 
ركبانا. . . الآية» وفى الترمذى: أنهم كانوا معه - عليه السلام - فى مسيرة()ء» 
)0 فى ط: راحلة . 
(۲) أخرجه أبو داود (۱۳۲۸). 
0 فى ش : آخره. 
)٤(‏ فى ط: فوسط الوقت. 
)0( فی أ: مسیر 


شروط الصلاة ج۱ ۸4 





فانتهوا إلى مضيق» فمطرواء والسماء من فوقهم» والبلة من تحتهم فأذن النبى 25 
على راحلتهء وأقام أو أقيم فتقدم النبى - عليه السلام - على راحلته» فصلى بهم 
يومئون إيماء» السجود أخفض من الركوع. 

قال صاحب الطراز: قوله: حيثما توجهت به راحلته» معناه: إذا لم يقدر أن 
يتوجه بها إلى القبلة. 

والفرق بين هذا والمسايفة» من وجهين: 

أحدهما: [أن]0) العذر ههنا قد يكون موهوماء والمسايفة محققة؛ ولذلك قال 
ابن الجلاب: إذا كان عذره مشكوكا(" غير محقق» أعاد. 

الثانى : فضيلة9©) الجهاد. وسوى الغير بينهما فى الإعادة فى الوقت. 

فلو خاف من السباع أو اللصوص وهو ماش» قال ابن حبيب والشافعى: يصلى 
إيماء كالمسايفة. 

ولو كان جالسا وخاف من عدوه» قال أشهب وغيره: يصلى جالسا» ويسجد» 
إلا أن يخاف» فيومئ. 

الثالث: قال صاحب الطراز: لو غشيه السيل فى واد لا مفر له إلا بهربهء 
وخاف فوات الوقت» ولم يمكنه الوقوف» صلى فى عَذْوِهء وقاله الشافعى» وكذلك 
خوف الحيات. 

وقال المزنى: الحيات عذر نادر» والنادر لا يسقط القضاء. 

وهذه [الفروع] كلها مبنية على قاعدة تقدم التنبيه عليهاء وهى: تعارض 
المقاصد والوسائل؛ فإنه يجب تقديم المقاصد؛ لكونها أهم فى نظر الشرع» 
والأركان مقاصدء والاستقبال شرط ووسيلة؛ فلا تترك المقاصد لأجل تعذره. 


)۱۷۳/٤( وأحمد‎ »)5١١( أخرجه عن عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده: الترمذى‎ )١( 
والدارقطنى (۱/ ۳۸۰)ء والبيهقى (؟//0.‎ 

(۲) سقط فى ش. 

(۳) فى ط: مشكلا. 

(4) فى ش: فضل, 

(0) فى ط: بطول. 

(5) سقط فى أورش. 

(۷) فى ش: الشارع. 


5 ج١1‏ شروط الصلاة 


الرابع : قال فى الكتاب: لا يصلى على دابته التطوع إلا فى السفر الذى تقصر فيه 
الصلاةء قال صاحب الطراز: إن كان مستقبلا [القبلة]('2 فى السفر القصيرء فيختلف 
فيه المذهب» على رأى من جوز الإيماء للمتنفل من غير ضرورة9©, وإن لم يكن 
مستقبلاء فقد جوزه الشافعى فى كل سفرء وأصحاب الرأى فى الفرسخين» 
والأوزاعى لكل من خرج من بلد فى حاجة» راكبا أو ماشيا. 

لنا: الأدلة الدالة على الركوع والسجود والاستقبال. 

وجوز فى الكتاب ركعتى الفجر والوتر على الراحلة» خلافا (ح) فى الوتر. 

لنا: ما فى الموطأ أنه - عليه السلام - كان يسبح على الراحلة ويرسلهاء غير أنه 
لا يصلى عليها المكتوبة. والتنفل على الدابة فى الجملة متفق عليه» وإنما الخلاف 
فى الماشى: فمنعه مالك وأبو حنيفة» وجوزه الشافعى. 

حجتنا: عمل السلف» وليس للمخالف مدرك إلا القياس على الراكب» والفرق: 
أن الراكب بمتزلة الجالس المتنفل» وحركة الماشى تنافى هيئة الصلاة. 

وظاهر قوله فى الكتاب: يصلى على دابته فى السفر حيثما توجهت به - عدم 
اعتبار القبلة وقت الإحرام. 

وقال الشافعى: إن كانت دابته غير مقطورة واقفة افتتحها إلى القبلة. 

وقال بعض أصحابه: إذا كانت واقفة لا يصلى إلا إلى القبلة. واتفقوا فى 
المقطورة: أنه يصلى حيثما توجهت بهء وإن كانت واقفة. 

واختلفوا فى المفردة التى لا تصعب إدارتها: فقال بعض الشافعية : يلزمه إدارتها 
ويخرم إلى القبلة» كالماشى عندهم» ومنع بعضهم لزوم ذلك. 

حجتهم : ما فى أبى داود أنه - عليه الصلاة والسلام -: كان إذا سافرء فإن أراد 
أن يتطوع استقبل بناقته القبلة» وکبر» ثم" صلی حيث وجه رکابه» وإذا أحرم إلى 
جهة سيره فلا ينحرف بوجهه إلى غيرها9». 








(۱) سقط فى ش. 

(۲) زاد فی ش: أجاز. 

۳( فى أو ش: و. 

)4( أخرجه عن أنس بن مالك : أبو داود (۱۲۲۵), 


شروط الصلاة جا ۹۱ 





قال مالك: إذا مال محمله'» فحول وجهه إلى دبر البعير - لم أحبه؛ ولْيْصَلٌ 
إلى سير البعير. 

ولو صلى فى المحمل.مشرقا أو مغرباء فلا ينحرف إلى القبلة وإن كان يسيراء 
ولْيُصَلٌ قبل وجهه. 

قال صاحب الطراز: فعلى هذا: إذا انحرف إلى جهة بعد الإحرام من غير عذر 
ولا سهوء فإن كانت القبلة» فلا شىء عليه؛ لأنها الأصل» وإن كانت غيرها بطلت 
صلاتهء وقاله الشافعى. 

وأما إذا ظن أن تلك طريقه أو غلبته دابته» فلا شىء عليه. 

وقال الشافعية : يسجد للسهوء فلو وصل منزلا وهو فى الصلاة نزل)» وأتم 
بالأرض راكعا وساجداء إلا على قول من يجوز الإيماء فى النافلة للصحيح؛ فإنه يتم 
صلاته على دابته إلى القبلة . 

وإن لم يكن منزل إقامة خفف قراءته» وأتم صلاته على الدابة؛ لأنه يسير. 

وله أن يعمل فى صلاته ما لا يستغنى عنه» من مسك العنان» والضرب بالسوط› 
وتحريك الرّجلء إلا أنه لا يتكلم ولا يلتفت» ولا يسجد على قربوس سرجه» 
ولكن يومئ» قاله9 فى الكتاب. 

قيام المصلى فى المحمل [أن يكون]9©) متربعاء وإذا ركع [ركع] متريعاء 
ووضع يديه على ركبتيه» فإذا رفع رأسه من الركوع رف €0 يديه عن ركبتيهء فإذا 
أهوى إلى السجدة ثنى رجليه» ويسجدء إلا ألا يقدر أن يثنى رجليه؛ فيومئ متربعاء 
وهو قول الشافعى. 

وقال فى العتبية: إذا أعيى فى تربعه فمد رجليه» أرجو أن يكون خفيقا. 

قال صاحب الطراز: لو صلی على دابته فى قبلته» قائما راكعا وساجدا - من غير 
نقص - أجزأه على المذهب. 
)١(‏ فى أ: پحمله. 
(۲) فى أ: ترك. 
(۳) فى ط: قال. 
)٤(‏ سقط فى أو ط. 
)٥(‏ سقط فى ش. 
)١(‏ فى أوش: يرفع . 





۹۲ ج ١‏ شروط الصلاة 


وعلى قول سحنون: لا يجزئه؛ لدخوله على الغرر. وللشافعى قولان. 

تمهيد: أقام الشرع جهة السفر بدلا من جهة الكعبة فى حق المتنفل؛ لأن 
تحصيل مقاصد الصلاة أولى من رعاية شرط من شروطهاء ولو منع الشرع التنفل فى 
السفر لغير القبلة لامتنع أكثر الناس من التنفل فى السفرء ولامتنع الأبرار من 
الأسفار؛ حرصا على التوافل. 

وكذلك: لا تترك مقاصد الصلاة من الأركان لتعذر ستر العورة؛ فإن القاعدة: 
تقديم المقاصد على الوسائل. 

الطرف الثالث - المستقبل: 

ففى الجواهر: أحواله ستة؛ لأنه إن كان فى أحد الحرمين» وجب عليه اليقين» 
وحرم الاجتهاد. 

وإن كان غائبا عالما بأدلة الكعبة» وجب عليه الاجتهادء وحرم التقليد. 

وإن لم يكن عالما وأمكنه التعلم» وجب عليه التعله('2» وحرم التقليد [وإن لم 
يمكنه» وقد سمع أقوال العلماء بالأدلة»ء وجب عليه أن يجتهد فى تلك الأقوال 
وحرم التقليد]ء فإن لم يستطعء جاز له التقليد؛ لقوله - تعالى -: فكوا أَهْلّ 
لم إن كْثْرَ لا ناود [النحل ]٤١:‏ [ويلحق به الأعمى» وحيث قلنا بالتقليد فيجب 
أن يكون المقلد مكلقًاء مسلمّاء عارقًا بأدلة القبلة» فإن عدم من يقلده]9» . 

ويلحق به: المجتهد إذا خفيت عليه الأدلة» فقال ابن عبد الحكم: يصلى إلى أى 
جهة شاءء ولو صلى أريع صلوات لأربع جهات لكان مذهباء وفى المجتهد المتحير 
قول ثالث: إنه يقلد. 

قال صاحب الطراز: فلو رجع للأعمى بصره فى الصلاةء فشك» تحرى وبنى» 
ولم يقطع؛ كما لو شك فى عدد الركعات. قال: فلو ترك الأعمى التقليد مع 
إمكانه» وصلى برأى نفسه أو الجاهل» قال بعض الشافعية: صلاته باطلة. قال: 





)١(‏ فى ط: التعليم. 

(۲) ما بين المعقوفين سقط فى أ و ش. 
لقف فى ط: فإن لم يكن يسمع. 

(5) ها بين المعقوفين سقط فى أو ش. 
(4) فى ش: ولا. 

() فى أ: فقال. 


شروط الصلاة جا 44 





وليس كذلك؛ لأنه وجد منه القصد إلى الجهة» وهذا مشكل من صاحب الطراز؛ 
فإن الجاهل ترك ما وجب عليه فأشبه ما لو ترك المجتهد الاجتهاد؛ فإن صلاته 
باطلة . 

ولو أخبر الأعمى رجل أن الذى قلده مخطئ» ففى الجواهر: فإن صدقه انحرف 
إلى الجهة التى أشار إليها وبنى؛ لأنه اجتهد له مجتهد. 

قال سحنون: هذا هو الحق إن كان المخبر أخبر باجتهادء فإن كان عن معاينة 
بطل ما مضى» ولم يبن. 

قال ابن القصار فى تعليقه: البلد الخراب الذى لا أحد فيه لا يقلد المجتهد 
محاريبه» فإن خفيت عليه الأدلة أو لم يكن من أهل الاجتهادء قلدها. 

والبلد العامر الذى تتكرر الصلوات فيه ويعلم أن إمام المسلمين نصب محرابهء 
أو اجتمع آهل البلد على نصبه - فإن العالم والعامى يقلدونه» قال: لأنه قد علم أنه 
لم يبن إلا بعد اجتهاد العلماء فى ذلك» قال: وأما المساجد التى لا تجرى على هذا 
المجرى فإن العالم بالأدلة يجتهد ولا يقلدء فإن خفيت عليه الأدلة قلد محاريبها. 
وأما العامى: فيصلى فى سائر المساجد. 

وقال صاحب المقدمات: من غاب عن الكعبة ففرضه الاجتهاد» فإن صلى بغير 
اجتهاد فصلاته باطلة وإن وقعت إلى الكعبة. ولم يفصل . 

وههنا قواعد خمسة تتعين الإحاطة بها: 

القاعدة الأولى: ليس الاجتهاد بذل الجهد كيف كان؛ بل يشترط فيه معرفة الأدلة 
المنصوية على الكعبة؛ فمن اجتهد فى غيرها فليس بمجهد؛ [كما أن المجتهد فى 
الأحكام الشرعية بغير أدلتها المنصوية عليها ليس بمجتهد](©. 

وأصول الأدلة إلى" الكعبة ستة: العروض» والأطوال مع الدائرة الهندسية أو 
غيرها من الأشكال الهندسية» على ما بسط فى علم المواقيت» والقطب. 
والكواكب» والشمس» والقمرء والرياح وهى أضعفها؛ كما أن أقواها: العروض» 
ثم الأطوال» ثم القطب. 





)١(‏ سقط فى أ و ش. 
(۲) فى ط: على. 


١ + ۹٤‏ شروط الصلاة 


ويدل على اعتبار هذه الأدلة قوله - تعالى -: #وعَلئماتٍ ولجم هم يدود 
[النحل:5١]‏ فى سياق الامتنان» وذلك يدل على المشروعية» وقوله - تعالى -: 
«لبتثوا پا فى طلست لر وار [الأنعام : ۹۷] والهداية إنما تكون للمقاصدء 
والصلاة من أهم المقاصد» وقوله - تعالى -: # الم ورا وقدرم ماز لتوا مدد 
ألشِيِينَ وَالْحِسَابُ» [يونس:0] وهذا كله تنبيه على وجوه تحصيل المصالح من 
الكواكب» ومن أهم المصالح: إقامة الصلاة على الوجه المشروع. 

ولأن القاعدة: أن كل ما أفضى إلى المطلوب فهو مطلوب» وهذه الأمور 
مفضية إلى إقامة الصلاة المطلوبة؛ فتكون مطلوبة. 

القاعدة الثانية: حيث قلنا بتقليد المحاريب» فيشترط فيها: ألا تكون مختلفة» 
ولا مطعونا عليها من أهل العلم» ومتى فقدت أحد الشرطين فلا يجوز تقليدها 
إجماعا؛ فإن الأصل فى التكاليف العلم؛ لقوله - تعالى -: #ولا تف ما لیس لَك بوه 
ل [الإسراء ]۳٠:‏ وقد أقام الشرع الظن مقامه؛ لتعذره فى كثير من الصورء وغلبة 
صدق الظنون وندرة كذبهاء والمصلحة الغالبة لا تترك للمفسدة النادرةء [وبقى 
الشك وهو](" ملغى بالإجماع . 

ومع الاختلاف أو الطعن من أهل العلم: لا علم ولا ظنء بل نقطع مع 
الاختلاف بالخطأء ونظنه مع الطعن» وهذا هو شأن محاريب القرى بالديار 
المصرية ؛ فإنها مختلفة جداء ومطعون عليها جداء وقد صنف الزين الدمياطى وغيره 
[من العلماء](© تصانيف فيهاء ونبه على كثرة فسادها واختلافها. 

وليس بالديار المصرية بلد نقلد محاريبها المشهورة» حيث قلنا بالتقليدء إلا مصر 
والقاهرة» والإسكندرية وبعض دمياط»› وبعض محاريب قوص» وأما المحلة ومنية 
ابن9) خصيب» والفيوم» فإن جوامعها فى غاية الفسادء فإنها مستقبلة بلاد 
السودان» وليس بينها وبين جهة الكعبة ملابسة. 

القاعدة الثالثة - فى معرفة الاستدلال بالأدلة المتقدمة: 





)0( فى أ: من. 

زفق فى ط: ونقى الشك . 
(۳) سقط فى أو ش. 
)٤(‏ فى ط: بنى. 


شروط الصلاة +۱ 40 


أما العروض والأطوال» فلا يليق ذكرها ههنا؛ لطول أمرهاء بل نحيلها على كتبها 
الموضوعة لها.. 

وأما القطب: فهو نقطة مقدرة ما بين الفرقدين؛ والجدىء وهو إلى الجدى 
أقرب» والجدى والفرقدان مع نجوم صغار بينهما صورتها صورة سفينةء أو سمكة» 
وهى تدور أبد الدهر'؟ ليلا ونهارا مع بنات نعش» فالجدى يلى النعش» والفرقدان 
يليان البناتء وهذا القطب هو وسط السماء» فمن جعله بين عينيه فقد صار الجنوب 
بين كتفيهء ومشرق الاعتدال على يمينه»؛ ومغرب الاعتدال على يساره» وتنقسم له 
دائرة الأفق أربعة أرباع» ويستعان على ذلك بمن هو عالم به فإذا عرفت القطب فهو 
يجعل بمصر وما قاربها خلف الكتف الأيسرء لا بين الكتفين» ولا قبالة صفحة الخد 
الأيسرء بحيث يكون مطلع العقرب ومشرق الشتاء بين العينين» وكلما صعدت فى 
الديار المصرية ملت إلى المشرق» وكلما انحدرت إلى الشمال ملت إلى الجنوب» 
فأنت أبدا بين المشرق والجنوب على الوجه [المحدود لك9]6©. 

ولا يحصل التغير فى أقل من مسيرة يومين شرقا أو غرباء شمالا أو جنوبا. 

وفى إفريقية من أرض المغرب يميلون إلى المشرق أكثر من مصرء وأهل المغرب 
الداخل يزيدون على ذلك» ويقربون الجدى من صفحة الخد الأيسر أكثرء [وفى 
الأندلس يبعدونه عن صفحة الخد ويقربون إلى الجنوب أكثر](2 من أهل مصرء 
وأهل اليمن يجعلونه بين أعينهمء وأهل العراق» والموصلء» ويلاد الروم» 
والصقالبة يجعلونه بين أكتافهم» وأهل الشام يميلون عن ذلك إلى جهة المشرق 
يسيراء وبلاد العجم يجعلونه على جنب الكتف الأيمن لا بين الكتفين ولا على 
صفحة الخدء وبلاد السند والهند29 يجعلونه على صفحة الخد» ويستقبلون وسط 
المغرب» وأوائل بلاد التكرور والنوبة والبجة يجعلونه على صفحة الخد الأيسرء 
ويستقبلون وسط المشرق» وأواخر بلاد التكرور والزيلع والحبشة» يقربونه من بين 
العينين من جهة الخد الأيسر. 
)١(‏ فى ط: أبدًا على الدهر. 
(۲) فى ش: المذكور. ذلك: 
() سقط فى آ و ش. 
)٤(‏ فى ط: الهند والسند. 


۹1 ج١1‏ شروط الصلاة 


سس سس سس سح سس م سس سس سس — 


وهذا بيان هذه الجهات من حيث الجملة؛ فإن ذكرها على التفصيل لا يسعه هذا 


المكان. 
وعلى المجتهد تحرير ذلك فى مواضعهء بالزيادة والنقصان» بحسب القرب 
والبعد 


وأما الاستدلال بالشمس: فطلوعها يعين المشرق والمغرب» وكذلك غرويهاء 
وزوالها يعين الشمال والجنوب؛ فإنها لا تزول أبدا إلا قبالة القطب؛ فمستقبلها 
حيتئذ بالديار المصرية والشامية يكون الجنوب أمامه» والشمال خلفه» والمشرق 
والمغزب عن يساره ويمينه» فإذا انقسمت لك الجهات الأربع فى بلدك“ وأنت 
تعلم الكعبة فى أى جهة من جهات بلدك - استقبلهاء كما نقول فى الديار المصرية : 
الكعبة منها ما بين المشرق والجنوب» وهى أقرب إلى المشرق. 

وأما الاستدلال بالقمر: فأنت تعلم أن القمر لا يزال قوسا إلا فى منتصف الشهرء 
[فهو فى]" أول الشهر يكون محدب القوس أبدا إلى جهة المغرب» ومُفَعْرُة إلى 
المشرق. وفى النصف الأخير من الشهر يكون على العكس: مُحَديُهُ إلى المشرق 
ومقعره إلى المغرب» فمتى نظرت إليه فى أى وقت شئت بالليل أو بالنهار”) 
خرجت لك الجهات الأربع؛ وفعلت فيه ما فعلته فى الشمس . وأما منتصف الشهر 
حيث لا تحديب ولا تقعير: فإن كنت فى أول الليل فاعلم أن الجهة القريبة مته هى 
المشرق» والبعيدة هى المغرب» فتخرج لك الجهات الأربع؛ فتتعين) لك جهة 
القبلة» وإن كنت فى آخر الليل: فالجهة القريبة منه هى المغرب» والبعيدة [هى]0*) 
المشرق» فتخرج لك الجهات الأربع؛ فاصنع حينئذ ما تصنعه مع الشمس . 

وأما الرياح: فاعلم أن العرب كانت تنصب بيوتها إلى جهة المشرق» والبيت إنما 
يمال إليه من جهة بابه. 

والميل: الصباء ومنه سميت الصابئة: صابئة؛ لأنها مالت إلى عبادة النجوم» 


() فى أو ش: بلد. 
(۲) فى ط: ففى. 
فرق فى أو ش: التهار. 
)٤(‏ فى ش: فتعين. 
)٥(‏ سقط فى ط. 


شروط الصلاة +۱ 4Y‏ 





فسميت الريح الآتية من [وسط](') المشرق: صبا. 

ولما كان باب البيت يتنزل منه منزلة الوجه من الإنسان» كان ظهر البيت دبره» 
فالريح الغربية تسمى : دبوراء ومنه قوله - عليه السلام -: هتْصِرْتٌ بِِلصَّبا وَأملِكَتُْ 
عَادٌ بالدّبُورِ»2©9 ويتعين حينئذ أن تكون جهة القطب شماله» [ومقابلها يميب]0؛ 
فسميت الريح من جهة القطب: شمالاء والبلاد التى فى تلك الجهة من الحجاز: 
شاماء وهى الجهات التى تسمى بالديار المصرية: بحرية؛ لكون البحر المالح فى 
تلك الجهة فى الديار المصرية» وعكسها تسمى: جنوبية؛ لكونها فى جنب البيت» 
والبلاد التى فى تلك الجهة من الحجاز تسمى: يمناء وتسمى بمصر: مُرِيسِيّة؛ 
لأجل بلد فى هذ الجهة تسمى: مريس)؛ وكل ربح بين ريحين من هذه 
تسمى: نكباء؛ لتنكبها عن كل واحدة منهما؛ فالرياح حيتئذ ثمانية: أربعة أصول 
وأربعة نواكب» فإذا علمت ريحا من هذه الرياح تعينت لك الجهات الأربع» وفعلت 
ما تقدم فى الشمس. 

فهذه أصول الأدلة» وفروعها كثيرة» من الأنهار: كالنيل: اعلم أنه يجرى من 
الجنوب إلى الشمال» فتخرج به الجهات الأربع» وكذلك غيره من الأنهارء 
والجبال» والبلادء وغير ذلك. 

فهذه الأدلة تتعين على الفقيه أن يعلمهاء أو بعضها؛ ليخرج من عهدة ذلك 
الواجب فى الكعبة. 

تنبيه : إذا قلنا: إن كل مجتهد مصيب فى الأحكام الشرعية» لا يمكن القول به 
ههنا؛ لأن [أدلة الأحكام]29 يعارض بعضها بعضاء وفيها العام» والمخصص» 
والمطلق» والمقيدء والناسخ والمسوخ. وقد يطلع أحد المجتهدين على العام دون 





(۰)۱ سقط فى ش. 

(؟) أخرجه البخارى (۲/ )٥۲۰‏ فى كتاب الاستسقاء: باب قول النبى يي نصرت بالصبا ))١١10(‏ 
وأخرجه مسلم (؟517//1) فى كتاب الاستسقاء: باب فى ريح الصبا (۱۷/ .)٠۹٠١‏ 

۳( فى ط: وضله يميئه. 

)٤(‏ فى ش: تلك. 

(0) فى أو ش: مريةء وفى ط: مريسية. والصواب: المثبت» كما فى اللسان (مرس). 

(5) فى أو ش: الأدلة. 


۱١ + ۹۸‏ شروط الصلاة 


المخصص» ويطلع الآخر على المخصص؛ فيختلفان. وكذلك القول فى سائر 
الأقسام . 

وأما أدلة القبلة: فلا تعارض بينها؛ فمن علم جملتها كمن علم واحدا منها فى 
الهداية» فلا يقع الخلاف فيها إلا بين جاهل وعالم» ولا يقع بين عالمين أبدا؛ لأنها 
أمور محسوسة» فالمصيب فيها واحد ليس إلا. 

القاعدة الرابعة: أن أرباب المذاهب ينقلون الخلاف فى الواجب فى الكعبة فى 
حق الغائب عنها: هل هو العين أو الجهة؟ وهو مشكل؛ فإن المعاين لا خلاف أن 
الواجب عليه العين» بلا خلاف ههناء والغائب عنها: 

إما واحدء وقد اتفقت الأمة على أنه يجب عليه أن يتبع جهة يغلب على ظنه أن 
عين الكعبة وراءهاء إما بالاجتهاد أو بالتقليدء ولم يقل أحد بأنه يجوز له العدول عن 
تلك الجهة» ولا أن الله - تعالى - كلفه برؤية العين مع الغيبة؛ فلا خلاف ههنا 
أيضا. 

وإما كثبر"ء فقد اتفقوا على وجوب الصلاة فى المدينتين المتقاربتين إلى جهة 
واحدة» ومن المعلوم أن الكعبة لا يكفى طولها لذلك» وأن بعضهم خارج عنها 
بالضرورة» والصف الطويل بمنزلة المديتتين» وقد انعقد الإجماع ههنا على الاكتفاء 
بالجهة التى يغلب على الظن أن الكعبة وراءهاء ولم يقل أحد: إن صلاة بعضهم 
باطلة» ولا سبيل إلى القول بذلك؛ إذ ليس البعض أولى من البعض» فيبقى محل 
الخلاف غير معلوم. 

والجواب: أن الأحكام على قسمين: مقاصد» ووسائل» فالمقاصد كالحج 
والسفر إليه وسيلة» وإعزاز الدين ونصر كلمة الله مقصد("» والجهاد وسيلة» ونحو 
ذلك من الواجبات والمحرمات» والمندويات والمكروهات» والمباحات: فتحريم 
الزنا مقصد؛ لاشتماله على مفسدة اختلاط الأنساب» وتحريم الخلوة والنظر 
وسيلة . 

وصلاة العيدين مقصد مندوب» والمشى" إليها وسيلة . 





)١(‏ فى ط: وأما الكثير. 
(۲) فى ش: مقاصد. 
)۳( فى ش: والسعى. 


شروط الصلاة جا 44 





ورطانة الأعاجم مكروهة» ومخالطتهم وسيلة إليه. 

وأكل الطيبات مقصد مباح والاكتساب له وسيلة مباحة. 

وحكم كل وسيلة نحكم مقصدها فى اقتضاء الفعل أو الترك» وإن كانت 
أخفض منه فى ذلك الباب. 

إذا تقرر هذا: فالاجتهاد قد يكون فى تعيين المقاصد: كتمييز الأخت من 
الأجنبية» وقد يقع فى الوسائل: كالاجتهاد فى أوصاف المياه ومقاديرها عند من 
يعتبر المقدارء والمقصد: هو الطهورية. 

والقاعدة: أنه مهما تبين عدم إفضاء الوسيلة إلى المقصد بطل اعتبارها؛ كما إذا 
تيقنا" أن الماء الذى اجتهدنا فى تعرف أوصافه ماء ورد منقطع؛ فإنه يجب إعادة 
الصلاة بطهارة أخرى. 

فعين الكعبة مع الجهات كطهورية الماء مع الأوصاف» فاختلف العلماء فى 
الواجب وجوب المقاصد فى الكعبة: هل هو العين» وتكون الجهات وسائل؛ فإذا 
تبيين خطؤها بطلت الصلاة» كالمياه؟ وهو مشهور مذهب الشافعى؛ وهو الأصل؛ 
فإن المقصود الذى دل عليه النص إنما هو البيت. 

أو الواجب وجوب المقاصد هو الجهة ولا عبرة بالعين ألبتة؟ لأن العين لما 
استحال تيقنها عادة أسقط الشرع اعتبارهاء وأقام مظنتها التى هى الجهة مقامهاء 
كإقامة السفر ثمانية وأربعين ميلا مقام المشقةء وإقامة صيغ العقود مقام الرضاء 
والرضا هو الأصلء لقوله -. عليه الصلاة والسلام -: «لا يل مَالَ امری ملم إلا 
عَنْ عيب تفس [مِنهُ©) لکن لما]"» تعذرت معرفته لخفائه أقيمت مظتته مقامه» 
وسقط اعتباره» حتى لو رضى بانتقال الملك ولم يصدر منه قول ولا فعل؛ لم ينتقل 
الملك؛ فكذلك عين الكعبة سقط اعتبارها لخفائها وأقيمت الجهة مقامها؛ فصارت 
هى الواجبة وجوب المقاصد. 





)١(‏ زاد فى ش: إليه. 

زفق فى ش: : وكذا حكم. 

(۳) فى ش: تبينا. 

)£( أخرجه عن عمرو بن يكين الضغْرق: أحمد فى المسند (9/ ۲۳٤)ء‏ (5/ "111): وعبد الله 
ابن أحمد فى زياداته .)١١1"/6(‏ 

(0) سقط فى أ. 


هوم ج ١‏ شروط الصلاة 


وهذا هو المشهور عندناء ومذهب أبى حنيفة . 

وبهذا التقرير: يظهر الفرق بين وسيلة الطهورية ووسيلة الكعبة؛ فإن الوصول إلى 
الطهورية ممكن ولو فى البحرء بخلاف عين الكعبة؛ فظهر أن الجهة واجبة إجماعا: 
إما وجوب المقاصد» [وإما]('؟ وجوب الوسائل» والعين واجبة وجوب المقاصدء 
على أحد القولين» وليست واجبة على القول الآخر مطلقاء [لا وجوب المقاصد 
ولا وجوب الوسائل]"ء ويظهر حيئذ إمكان الخلاف فى المسألة» ويتخرج 
وجوب الإعادة عليه فى حق من أخطأ. 

فإن قلنا: الجهة هى المقصد وقد حصلتء» فلا إعادة. 

وإن قلنا: إنها وسيلةء والوسيلة إذا لم فض" إلى المقصد سقط اعتبارها 
كالأوصاف مع المياه - فتجب الإعادة؛ لتحصيل المقصد الذى لم يحصل بعد. 

القاعدة الخامسة: [هى أن]9©) جهة الكعبة : تكون شرقا فى قطرء وغربا فى قطر 
آخر» وكل نقطة تفرض بين المشرق والمغرب فى جهة الشمال أو الجنوب؛ فهى 
جهة الكعبة لقوم» وهى ثلاثمائة وستون نقطةء وتحرير ذلك يحصل بالطرق المتقدمة 
من الاستدلال» ولا يجب اتباع الأسطزلاب» ولا الطرق الهندسية بل إن حصلت 
فهو حسن؛ لأنها تؤكد الحق ولا تبطله. 

وعلى هذه القاعدة: يتعين أن يكون قوله - عليه الصلاة والسلام -: «مَا بَيْنَّ 
الْمَْرِقٍ وَالْمَْرِبٍ يبةه رواه الترمذىء وذكره مالك عن عمر - رضى الله عنه - 
فى الموطأ خاصا ببعض الأقطار؛ فإن اتباع ظاهره يوجب كون الجنوب والشمال قبلة 


لق فى ط: أو. 

(۲) فى ط: لا مقصد ولا وسيلة. 

() فى ش: تۇد. 

)٤(‏ سقط فى ش. 

)٥(‏ فى ط: فهى. 

)١(‏ أخرجه الترمذى (؟/77١)‏ أبواب الصلاة: ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة 
(2)55 وابن ماجه (۱/ ۳۲۳) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها: باب القبلة ›»)٠١١١(‏ 
والحاكم فى المستدرك 207١6 27١6 /١(‏ وانظر: العلل لابن أبى حاتم )۱۸٤/١(‏ 
(4؟6)» ونصب الراية للزيلعى (۱/ ۰۳۰۳ ٤۳۰)ء‏ وئيل الأوطار (۱۷۹/۲)› وشرح الشيخ 
شاكر على الترمذى (7/ 11/7 .)۱۷١‏ 


شروط الصلاة ج ١‏ امه 





لكل أحدء وهو خلاف الإجماع» وأن27 المشرق والمغرب ليسا قبلة لأحدء وهو 
خلاف الإجماع بل هو محمول على المدينة والشام ونحوهما فى جهة الجنوب» 
وعلى اليمن ونحوه فى جهة الشمال؛ فإن أهل هذه الأقطار يوجد اين دم أن 
هاتين" الجهتين» وأما من عداهم فلا يراد بالحديث؛ ولذلك قال مالك - 

الله عليه - فى المجموعة: عن عمر - رفس الله عه -: ما بين المشرق والمغوب 
قبلة إذا توجه قِبَلّ البيت» وعليه الأمر عندنا. يعنى : بالمدينة» فاشت شترط فى استعمال 
الحديث مصادفة جهة الكعبةء ومثل هذا ا قوله - عليه السلام - 


دلا تَسْتَفْلُوا الِْبْلة بول أو غَائِطِء وَلَكِنْ شَرقُوا أ ارا محمول على ما حمل 
الحديث الأول عليه؛ فإن التشريق أو التغريب قد يكون إلى جهة الكعبة فينعكس 
الحكم . 

فروع ثمانية 


الأول: فى الكتاب: إذا علم فى الصلاة أنه إلى غير القبلة ابتدأ صلاته من أولها 
بإقامة» ووافقه الشافعى» وأبو حنيفة. 

قال صاحب الطراز: ويتخرج فيها قول بالاستدارة والتمادى على أحد القولين 
فيمن ذكر النجاسة فى صلاته؛ فإنه يطرحها ويتمادى» ومن صلى عريانا ثم وجد 
السترة. والفرق على المشهور : أن التوجه متفق على شرطيته» بخلاف طهارة الخبث 
والسترة؛ فيكون آكد. والفرق بين ظهور الخطأ بعد الصلاة» وظهوره فى أثنائها: أن 
ظهوره فى أثنائها كظهور الخطأ فى الدليل قبل بت الحكم؛ فإنه يجب الاستئناف 

إجماعاء ويعدها: كظهور الخطأ بعد بت الحكم وتنفيذه؛ فلا يؤثر. 
سؤال: قد استدار الصحابة - رضوان الله عليهم - فى أثناء الصلاة لما أخبروا 

بتحويل القبلة من بيت المقدس» ولم يبتدثوا. 
وجوابه: أن الماضى من صلاتهم لم يكن خطأء بل هو صحيح» والطارئ 

)١(‏ فى ط: ويأن. 

(۲) فى أو ش: هذين. 

(۳) أخرجه أبو داود /١(‏ ۳) كتاب الطهارة: باب كراهية استقبال القبلة (۸)ء وابن ماجه )١١4 /١(‏ 
كتاب الطهارة : ياب الاستنجاء بالحجارة ۱9(« والنسائى /١(‏ ۳۷) كتاب الطهارة : باب عن 
الاستطابة بالروث. 

)٤(‏ فى ط: بتحول. 


١ + o‏ شروط الصلاة 


نسخ» فبنوا الصحيح على الصحيح» بخلاف هذا المصلى. 

الثانى: قال فى الكتاب: إذا تبين الخطأ بعد الفراغ» [فى البيان: ناسيًا أو 
مجتهدًا](') يعيد فى الوقت. 

وفى الجواهر: لسحنون: يعيد مطلقاء [وكالأسير يجتهد فيصوم شعيان» وحكى 
التفصيل عن الشافعى . 

قال: وذكر عن ابن القابسى : يعيد الناسى أبدًا بخلاف المجتهد» قال: فلو صلى 
بغير القبلة متعمدًا أو جاهلا بوجوب الاستقبال فلا خلاف فى إعادته أبدًا]9©. 
ولمحمد بن مسلمة والمغيرة: إن شرق أو غرب أعاد فى الوقت» وإن استدبر القبلة» 
أعاد مطلقا. 

حجة المشهور: ما تقدم فى القاعدة الرابعة» وقوله - تعالى -: ايتا وأا تم 
رَد الَو [البقرة: ]١٠١‏ خص منه الجهة المعلومة الخطأ؛ فتكون حجة فيما عدا 
ذلك. 

وفى الترمذى: «كنا مع النبى َة فى سفر فى ليلة مظلمةء فلم ندر أين القبلةء 
فصلى كل واحد منا على حالهء فلما أصبحنا. ذكرنا ذلك للنبى كلد فتزل قوله - 
تعالى -: ایتا ووا هكم وَهُ ٍ4 . وقول عمر - رضى الله عنه -: إنها نزلت 
فى التتفل على الرواحل - لا ينافى ذلك؛ لاحتمال الجمع فى الإرادة. 

قال صاحب الطراز: أما من لا تلتبس عليه الكعبة» وإنما سها فتوجه إلى غيرها - 
عاد أبدا. 

الثالث.: قال صاحب الطراز: لو شك المجتهد بعد إحرامه» ولم تتعين له 
جهة- تسادى؛ لأنه دخل باجتهاد› ولم يتبين خطؤه. 

الرابع : قال: لو صلى باجتهادء وحضرته صلاة أخرى فى ذلك الموضع: فإن 
كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة اجتهد ثانياء وإلا فلا. 





)١(‏ ما بين المعقوفين سقط فى أو ش. 

۴( ما بين المعقوفين سقط فى أو ش. 

(۳) أخرجه عن عامر بن عبد الله بن ربيعة عن أبيه: الترمذى »)۳٤٥١(‏ وابن ماجه (١؟١١)‏ 
والدارقطنی (۱/ ۲۷۲)» والبیهقی (؟/11). 

)٤(‏ فى ش: فيعيد. 

(0) فى ش: تتيقن. 


شروط الصلاة ج۱ 0٠¥‏ 


وفى الجواهر: يعيد الاجتهاد مطلقا. 

الخامس: قال: إذا أداه الاجتهاد إلى جهة» فصلى إلى غيرهاء ثم تبين أنه صلى 
إلى الكعبة - فصلاته باطلة عندناء وعند الشافعى, وأبى حنيفة؛ لتركه الواجب» 
قال: كما لو صلى ظانا أنه محدث» ثم َبيّن أنه متطهر [فصلاته باطلة](©. 

السادس: قال فى الكتاب: إذا علم فى صلاته أنه انحرف عن القبلة» ولم يشرق 
ولم يغرب - استقام إلى القبلة وبنى» وهو قول الشافعى» وأبى حنيفة» وقال بعض 
الشافعية : تبطل؛ لأن الصلاة الواحدة لا تكون إلى جهتين 

قال صاحب الطراز: وهذا إذا لم يكن عند المسجد الحرام. 

قال: وأما لو اعتقد المأموم أن الإمام انحرف انحرافا بيناء فارقهء وأتم لنفسه 

ولو كانوا فى بيت مظلمء ثم تبین أنهم صلوا لجهات شتى: فإن كان الإمام لغير 
القبلة أعادوا كلهم تبعا للإمام؛ وإن كان غيره أعاد دون الإمام. 

السابع : قال صاحب الطراز: الكافة [على] أن من يحسن الاستدلال - 
ولا وجد دليلا - أنه يتحرى جهة تركن إليها نفسه» يصلى إليها صلاة واحدة. 

وقال محمد بن مسلمة: يصلى أربع صلوات إلى أربع جهات» وهو مذهبه فى 
الأوانى» يصلى بعددهاء [ويزيد صلاة]“› ا فى الثياب النجسة. 

ووجه قول الجماعة: قول الله - تعالى -: يتما تم روا كم ن ال وأن اليقين 
لا يحصل [بأربع جهات]؛ لاحتمال أن 2 الكعبة بين جهتين من الجهات التى 
صلى إليهاء بل لا يحصل اليقين حتى يصلى ثلاثمائة وستين صلاة» وهذا لم يقل به 
أحد؛ ففارقت هذه المسألة مسألة الأوانى. 

الثامن : قال: لو أخبر مجتهد مجتهداء وهو ثقة خبير عن قبلة» [عن جهة البلد](°) - 
رجع إليه؛ فإن قبلة البلد لابد فيها من اجتهادات؛ فهى أقرب للصواب97) من اجتهاد 





)١(‏ سقط فى ط. 

(۲) سقط فى أو ش. 

(۳) فى ط: وزائد إحدى صلوات. 
)٤(‏ فى ش: بالأربعة. 

(6) فى ش: عاينها ببلد. 

)١(‏ فى أ: للصلوات. 


6 ج١1‏ شروط الصلاة 





واحد. وإن أخبره عن اجتهاد نفسه(2؛ سأله عن وجه الاجتهادء فإن تبين لأحدهما 
صواب الآخر اتبعهء وإلا فلا؛ فإن فعل فصلاة المأموم منهما باطلة. 

فإن طلع الغيم» ونسى أحدهما وجه اجتهاده» سأل صاحبه: فإن تبين له صوابه 
اتبعه» وإن لم يتبين انتظر زوال الغيم» فإن خاف فوات الوقت قلد صاحبه كالأعمى . 

الشرط السادس - النية: 

وقد تقدمت مباحثها فى الطهارة» فتراجع هناك» ونذكر ههنا ما يختص بالمقام» 
فنقول: 

قال صاحب المقدمات: النية الكاملة هى المتعلقة بأربعة أشياء: تعيين الصلاةء 
والتقرب بهاء ووجوبهاء وأداؤها. واستشعار الإيمان يعتبر فى ذلك كلهء فهذه هى 
الئية الكاملة . 

فإن سها عن الإيمان» أو وجوب الصلاة» أو كونها أداءء أو التقرب بها إلى الله - 
لم تفسد إذا عينها؛ لاشتمال التعيين على ذلك. 

قال صاحب الطراز: والمعيد للصلاة فئ جماعة والصبى» لا يتعرضان لفرض 
ولا لنفل. 

وفى الجواهر: إذا كان مأموما فلابد من نية الاقتداء مع ذلك» فإن تركها بطلت 
صلاته» وأما الإمام فلا يجب عليه أن ينوى الإمامة إلا فى خمسة مواضعء قال ابن 
بشير فى كتاب النظائر له: الجمعة» والجمع» والجنائزء والخوف» والاستخلاف» 
يجمعها للحفظ : ثلاث جيمات» وخاءان. 

والسر فيها من جهة الفقه شىء واحدء وهو: أن الإمامة فيها شرطء ولما كانت 
صلاة المنفرد مساوية لصلاة الإمام» لم يحصل وصف الإمامة إلا بالنية؟ فيحصل 


الشرط حيتئل. 
وحكى الباجى عن الشافعى: أن الإمام يجب عليه أن ينوى مطلقا. وليس 
كذلك. 


وقال (ح): لا تقتدى المرأة بمن لم ينو أنه يؤمها إلا فى الجمعةء قال: لأن 
الإمام يجب عليه تأخيرها خلفه؛ فلا يتوجه عليه هذا الفرض إلا بنية؛ كما أنه 


)١(‏ فى أ و ش: منه. 


شروط الصلاة ج ۱ 0٠0‏ 





لا يتوجه على المأموم فرض الاتباع إلا بالنية» وما ذكره منقوض بالجمعةء وأما 
المأموم : فإنه تسقط عنه القراءة وسجود السهو فى السهو الذى يخصه؛ فلا بد من نية 
تؤثر فى ذلك. 

قال صاحب الطراز: واختلف هل يشترط أن ينوى الدخول بتكبيرة الإحرام؟ 
فمال إليه الباجى» وقال: هو معنى قول مالك: إذا كبر للركوع ناسيا للوحرام. 

قال: ومن جوز تقديم" النية لم يشترط ذلك» قال: وأما ما عدا الإحرام من 
الأركان فلا يحتاج إلى تعيين عند الإحرام» ولا عند الفعل. 

وقال بعض الشافعية: ينوى الأركان عند الإحرام» قال: وهو هوسء وقد كانت 
الأمة على خلاف هذا. 

ويلزمه أن ينوى حروف الفاتحة والتسليم؛ لأنها واجبة» قال: ومثل هذه الهفوة 
قول القاضى أبى بكر من أصحابنا: إنه يلزمه عند الإحرام أن يذكر حدوث العالم» 
وأدلته» وإثبات الأعراض» [واستحالة قدم الجواهر](2 وإبطال حوادث لا أول لهاء 
وأدلة العلم بالصانع» وإثبات الصفات» وما يجب لله - تعالى - وما يستحيل وما 
يجوزء وأدلة المعجزة» وتصحيح الرسالة» ثم الطرق التى بها وصل التكليف إليه. 

قال: وحكى المازرى: أردت أن أتبع كلام القاضى عند إحرامى» فرأيت فى 
منامى : كأنى أخوض فى بحر من ظلام» فقلت: هذه - والله - الظلمة التى قالها 
القاضى أبو بكر. 

وحكى صاحب القبس مذهب القاضى عن إمام الحرمين أيضاء وأنه كان يقول: 
تذكار هذه الأمور يكفى فيه الزمن اليسيرء بخلاف تعلمها. 

وفى الجواهر: هل يفتقر إلى نية عدد الركعات؟ فيه خلاف ينبنى عليه الخلاف فى 
ثلاثة مسائل : من افتتح بنية القصر فأتم» أو بالعكس» أو صلى9©) الجمعة فلم تتم له 
شروطها - هل عليه الظهر أم لا؟ أو دخل الإمام فى الجمعة يظنها الظهر أو 
بالعكس. ويجب مقارنتها لتكبيرة الإحرام. 





(۲) فى أو ش: تقدم. 
۳( فى ط: واستحالة عرو الجواهر عئها. 
)4( فى أو ش: صلاة. 


كعم + ١‏ شروط الصلاة 


وحكى اللخمى ثلاثة أقوال: قال مالك: تجزئ الجمعة عن الظهرء ولا يجزئ 
الظهر عن الجمعةء وقال فى السليمانية: تجزئ عنها. 

وقال أشهب: لا تجزئ الجمعة عن الظهر إنشاء. أو استصحابًا. ووافقنا 
الشافعى. 

وقال ابن حنبل» وأبو حنيفة فى إحدى الروايتين عنه: يجوز تقديمها بالشىء 
اليسير. ووافقهما صاحب المقدمات. 

وقال داود: يجب تقديمها. 

لنا: أن النية شرعت لتمييز العبادات عن العادات» أو لتمييز مراتب العبادات» كما 
تقدم فى كتاب الطهارة» والذى لا يقارن الشىء لا يميزه. 

وفى الجواهر: لا يفتقر إلى لفظ سوى التكبيرء خلافا (ش) فى استحبابه لذلك؛ 
لما فيه من التأكيد'ء والتنبيه على متعلقاتها. 

لنا: أن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك؛ فلا يشرع. 

ويستحب( استصحابها حكما بألا يحدث ما ينافيهاء كنية الخروج فى [الحال أو 
فى أثنائه]7 . 

قال صاحب التكت: رفض النية فى الوضوء والحج لا يضرء بخلاف الصلاة 
والصوم» والفرق: أن الوضوء تعين بالأعضاءء والحج بمواضعه المخصوصة» 
بخلاف الأخيرين؛ فإن احتياجهما إلى النية أقوى؟ فكان تأثير الرفض فيهما أبعدء 
والغفلة [عنهما فى] أثناء الصلاة لا تضرء ويحكى عن سحنون: أنه كان يعيد 
صلاته» معللا بأن نيته عزيت. 

وقال القاضى أبو بكر: إن عزيت لأمر مضى فى الصلاة أو عارضء ل0 
يضر» وإن كانت بأسباب متقدمة قد لزمت العبد - من الانهماك فى الدنياء والتعلق 
(۱) فى ط: التكليف. ١‏ 
(۲) فى ط: ويجب. 
(۳) فى ش: الخلال» أو فى ثانية . 
)٤(‏ فى ش: عنها. 


(۵) فى ش: حضر. 
(1) فى ش: فلن. 


شروط الصلاة ج ۱ 0۹¥ 


بفضولها - فيقوى ترك الاعتداد بها؛ لأنه واقع باختياره» وقال صاحب القبس: إن الله - 
تعالى - سمح للعباد فى استرسال الخواطر فى الصلاة بما ليس منهاء فإذا ذكر عاد إليهاء 
فإن استمر مختارا من قبل نفسه وأعرض عن صلاته؛ بطلت. 

قال: وقال الفقهاء: الذى يقع من الصلاة فى حال الخواطر مجز. 

وقال الزهاد: ليس بمجز. وقد ورد فى ذلك: أنه - عليه السلام - قال: (إِنَّ 
الْمَجُلَ لَيُصَلَى الصّلَاة َب لَه نِضَفُهًا: اء رُبُعْهًا. حَبَى ذَكَرَ عُشْرَهَاه(©. 

فرع: قال صاحب الطراز: النوافل على قسمين: مقيدة ومطلقة: 

فالمقيدة السئن الخمس: العيدان» والكسوف» والاستسقاءء والوترء وركعتا 
الفجرء فهذه مقيدة إما بأزمانها أو بأسبابها؛ فلابد فيها من نية التعيين» فمن افتتح 
الصلاة من حيث الجملة» ثم أراد ردها لهذه - لم يجزء وألحق الشافعية بهذه قيام 
رمضان» وليس كذلك؛ لأنه من قيام الليل. 

والمطلقة: ما عدا هذه؛ فيكفى فيها نية الصلاة» وإن كان فى الليل فهو قيام 
الليل» [أو فى قيام رمضان كان منه]ء أو فى أول النهار فهو الضحى» أو عند 
دخول مسجد فهو تحية المسجد» وكذلك سائر العبادات - من صوم أو حج أو 
عمرة - لا يفتقر إلى التعيين فى مطلقه؛ بل تكفى نة" أصل العبادة. 

الشرط السابع - ترك الكلام: 

قال صاحب المقدمات: اختلف المذهب فى كونه فرضاء أو سنة وهو مذهب 
الأبهرىء قال: وقال: إن القول بالإعادةء إذا تكلم عامدا إنما هو على القول 
بالإعادة ممن ترك السئن متعمداء قال: والأظهر أنه فرض. 

قال اللخمى: الكلام سبعة أقسام: 

فإن تكلم ساهيا أو عامدا للكلام» ساهيا عن الصلاة لم يفسدها. 

أو عامدا ذاكرا أنه فى صلاة» أو عالما بتحريم فيفسدها. 

أو جاهلا بجوازه» فقيل: تبطل؛ لأنه عامد» وقيل: تصح؛ لأنه متأول. 
(۱) أخرجه عن عمار بن ياسر: أحمد فى المسند /٤(‏ ۳۱۹)ء والنسائى فى الكيرى )۲٠١/۱(‏ 

(111) و (11۲). 
(۲) سقط فى ش۔ 
(۳) فى ش: فيه. 


6 ج ١‏ شروط الصلاة 


أو عامدا مأموما تكلم لإصلاح الصلاة لسهو دخل على الإمام. 

فقال مالك وابن القاسم : لا تفسد. 

وقال المغيرة: يفسدها. 

أو عامدا تكلم لإنقاذ مسلم من مهلكة أو نحوه» فذلك واجب عليه» ويستأنف 
الصلاة» إلا أن يضيق الوقت؛ فتكون كالمسايفة. 

فإن خاف على مال له أو لغيره» وكان كثيراء تكلم واستأنف الصلاة» وإن كان 
يسيرا لم يتكلم؛ فإن فعل بطلت. 

وفى الجواهر: كل ما يطلق عليه اسم كلام - من غير تحديد لحروفه ولا تعيين 
لها - مبطل للصلاة تعمده» أو أكره عليه؛ أو وجب لإنقاذ من مهلكة أو شبهه. 

وقال بعض الشافعية : لا يبطلها؛ لوجوبه عليه؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - 
لأبى سعيد : هما مَتَعَكَ أَنْ تُجِيبٌ إِذْ دَعَوْتَكَ؟ فَقَالَ: كُنتُ أَصَلىء قَالَ: ألم نجڏ 
فيما أوجى إلى : «أسْتَجيبوا زل ارول إا دعام ل لا مي 4 [الأنفال ٤:‏ ] قَالَ: 
بَلَى يا رَسُولٌ اللهء EE‏ 

قال صاحب الطراز: وهذا محتمل أنه يجيبه بعد قطع النافلة» أو يجيبه بالصلاة 
عليهء أو يجيبه بلفظ القرآن. 

قال فى الجواهر: ولا يبطلها سبق اللسانء» ولا كلام الناسى» ولا لوصلاح 
الصلاة. 

وقال المغيرة: تبطل. 

وتبطل بكلام الجاهل؛ إلحاقا له بالعامدء وقيل: لا تبطل؛ إلحاقا"' بالناسى 

قاعدة: يجب على كل مكلف أن يعلم أحكام الله - تعالى - فى كل فعل يقدم 
عليه» فإن لم يتعلم ذلك كان عاصياء وعِلْمُ الإنسان بحالته التى هو فيها فرض عين 
من العلمء فإذا أقدم على الصلاة ولم يعلم تحريم الكلام فيها فهو عاص مفرط؛ 
فلذلك كان المشهور إلحاق الجاهل بالعامد المقصرء دون الناسى المعذور؛ فيخرج 
فرع الجاهل فى الصلاة على هذه القاعدة. 





)١(‏ أخرجه البخارى )۳۸١/۸(‏ فى كتاب التفسير: باب ولقد آتيناك سبعًا من المثانى والقرآن 


.)٤۷٠۳( العظيم»‎ 


زفق زاد فى ش: له. 


شروط الصلاة ج ١‏ 64 


فروع تسعة : 

الأول - التنحنح : 

قال فى الجواهر: إن كان لضرورة فغير مبطل» وإن كان بغير ضرورة [فهو 
مبطل]27 فى أحد القولين» فإن قصد به الإفهام لغيره لم يبطل عند ابن القاسمء 
ويبطل عند ابن عبد الحكم. 

الثانى : قال فى الكتاب: النفخ مثل الكلام يبطل الصلاة عمذدهة وجهله, ويسجد 
بعل السلام للسهو» وكرهه فى المجموعة» ولم يره كالكلام. 

وللشافعى قولان. 

واشترط أبو حنيفة فى إبطاله للصلاة أن يسمع. 

ومنشأ الخلاف: هل يشبه بالنفس فلا يبطل» أو يقال: هو مركب من ألف وفاء ؛ 
فهو كلام» قال الله - تعالى -: للا تقل لمآ أن [الإسراء:۲۳] فجعله قولاء وهو 
اسم لوسخ الأظافرء و «تف»": اسم لوسخ البراجم. 

ثم الحروف ليست شرطاء فلو ضحك أو نهق كالحميرء أو نعق کالغربان 
ونحوه- قال صاحب الطراز: تبطل صلاته. 

الثالث: قال: والأنين كالكلام» إلا أن يضطر إليه عند مالك» والبكاء: إن كان 
من باب الخشوع فلا شىء عليه» وإلا فهو كالكلام» وفى حديث الموطأ: لما آمر - 
عليه السلام - أبا بكر أن يصلى بالناس» قالت له عائشة - رضى الله عنها -: «إن أبا 
بكر إذا قام [فى] مقامك لم يسمع الناس من البكاء وهو دليل عدم فساد 
الصلاة( . 

الرابع : فى الكتاب: إذا قرأ كتابا ملقى بين يديه عامداء ابتدأ صلاته فرضا كانت 
أو نفلاء وسجد لسهوه إن كان ناسيا. 

قال صاحب الطراز: إن كان قرآنا فلا شىء عليه» وهو قول الشافعى» خلافا 


)١(‏ فى ش: قميطل. 

زفق فی ط: والكاف. 

(۳) سقط فى ش. 

(4) أخرجه مالك فى الموطأ /١(‏ ۱۷۰ - ۱۷۱) (۸۳)ء والبخارى (5179). 
ك4 فى ط: إفساده للصلاة . 


0\4 ج ۱ شروط الصلاة 





ل (ح)» وإن كان ليس بقرآن وحرك به لسانه فكما قال فى الكتاب» وإن لم يحرك 
لسانه فإن قل فلا شىء عليه وإن تعمدء وإن طال مع الذكر أفسد؛ لأنه تلبس بفعل 
فى الصلاة ليس من جنسها؛ كما لو طالت فكرته فى شىء بين يديه . 

الخامس: قال فى الكتاب: إذا سلم ساهيا من ركعتين فتكلم يسيراء رجع وينى» 
وسجد لسهوه بعد السلام؛ لحديث ذى اليدين. وإن تباعد أعادء وقيل لابن 
القاسم: إن انصرف وأكل» وشرب ولم يطل ذلك» قال: يبتدئ. ولم أحفظه عن 
مالك . 

وفى مسلم: أنه - عليه الصلاة والسلام - صلى العصرء فسلم من ثلاث 
ركعات» ثم دخل منزله» فقام إليه رجل يقال له: الخرباق» وكان فى يديه طول» 
فقال: يا رسول الله ... فذكر له صنیعه؛ فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى 
الناس» فقال: «أصدق هذا؟؛ فقالوا: نعم؛ فصلى ركعةء ثم سلم» ثم سجد 
سجدتين ° . 

ونص الشافعى على مثل قول مالك» واختلف هو وأصحابه فى القرب فقال: 
مقدار ركعة» وقال بعضهم: مقدار الصلاة التى هو فيهاء وقيل: ما كان فى العرف 
طولا. 

قال صاحب الطراز: قال بعض أصحابنا: يبنى وإن طال» وهو قول من یری 
aî]‏ ما خرج من الصلاة» ولا يحتاج إلى إحرام عنده. 

قال: وقد نقل البراذعى هذه المسألة نقلا فاسدا بقوله: «فإن تباعد وخرج من 
المسجد»» فأوهم أن الجمع بينهما شرط . 

قال مالك: إذا خرج إلى باب المسجدء أو قرب مصلاهء ابتدأ. 

وقال أشهب: الخروج من المسجد حد فى القطع؛ فإن لم يكن فى المسجد 





)١(‏ فى ش: عيئيه. 

زفق أخرجه مالك فى الموطأ /١(‏ 15) كتاب المساجد: باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيّاء 
أخرجه البخارى (157/7), كتاب السهو: باب إذا سلم فى ركعتين (۱۲۲۷)ء و 
(104-407/1) كتاب المساجد: باب السهو فى الصلاة والسجود له (44/ #الاة) . 

فرق تقدم . 

)٤(‏ سقط فى أ. 


شروط الصلاة جا ۵۱۱ 





فمقدار مجاوزة الصفوف» بحيث لا يصلى بصلاتهم. 

فرع مرتب: .قال صاحب الطراز: فلو ذكر بالقرب» فتكلم بعد ذلك لم يبن؟ 
لأنه كلام بغير سهوء وقاله مالك. 

[قال]: وأما قول ابن القاسم: «إذا أكل أو شرب» [يروى بالواو وب «أو». 

وقد قال ابن حبيب يبنى إذا أكل أو شرب ما لم يطل]. 

ووجه قول ابن القاسم: أن الأكل والشرب أغلظ من الكلام» ولم يشرع جنسه 
فى الصلاة. 

السادس: فى الجواهر: لو قال: «ادخلوها بسلام» إن قصد التلاوة لم يضره» 
وإن لم يقصد إلا الإفهام» فقال ابن حبيب: لا يضر أيضا. 

وقال المازرى: يتخرج فيها" قول بالإبطال» من الخلاف فى بطلان صلاة من 
فتح بالقرآن على من ليس معه فى الصلاة. 

السابع - القهقهة: 

فى الجواهر: ييطل عمدها وسهوها وغلبتهاء وقيل: هى كالكلام لا يبطل 
سهوهاء قاله أصبغ . 

وقال فى الكتاب: إن كان وحده قطع» وإن كان مع إمام مضى وأعاد. 

قال صاحب الطراز: وهو محمول على الخروج بسلام؛ رفعا للخلاف» 
ويستأنف الإحرام بيقين» وهو سبب التمادى مع الإمام؛ ولذلك قال ابن القاسم: إذا 
قهقه الإمام مغلوبا استخلف» وأتم معهم . قال أبو الطاهر: لأن غلبة القهقهة كسبق 
الكلام . 

وقيل: يبطل ما مضى؛ لمنافاة القهقهة الصلاة أكثر من الكلام» بسبب ذهاب 
الخشوع معهاء أو لأنها لم يشرع جنسها فى الصلاةء بخلافه» وهذا هو الفرق 
على رأى ابن القاسم ومالك. 

ولا تبطل بالتبسم؛ لخفته فى رواية ابن القاسمء [ولا سجود عليه. 
)١(‏ سقط فى أ و ش. 
(۲) ما بين المعقوفين سقط فى أء وفى ش: لا يبنى ولو لم يطل» بل يبتدئ. 
(۳) فى ش: فيه. 
)٤(‏ فى أء ش: أو أنها. 


o1۲‏ ج ١‏ شروط الصلاة 


قال ابن رشد: وهو الصواب؛ قياسًا على المرتقب» وعلى العابث بيده» وعلى 
مسوى الحصباء بنعله» وشبه ذلك مما فى فعله ترك الخشوع ناسيًا كان أو عامدّاء 
ولا سجود عليه باتفاق]9©. 

وفى رواية ابن عبد الحكم : يسجد بعد السلام ؛ لكونه زيادة فى الصلاة. 

وفى الجلاب: قبل السلام؛ لنقصان الخشوع. وهو ضعيف. 

الثامن: فى الكتاب : كره للمأموم أن يتعوذ إذا قرأ الإمام آية وعيدء قال: فإن فعل 
فسرا قال صاحب الطراز: لأنه مأمور بالإنصات» قال: وهذا متفق عليه» وإنما 
الخلاف فى المنفرد» فعند الشافعى: يتعوذ عند الوعيدء ويسأل الله عند الوعد. 
وكرهه مالك وأبو حنيفة فى الفرض والنفل» ومراده فى الكتاب: الفريضة. 

التاسع: فى الكتاب: لا يقل: «الحمد لله» إن عطس إلا فى نفسهء وتركه 
أحسن؛ لأنه ليس من أركان الصلاة المعتادة فيها؛ فأشبه الكلام. 

قال صاحب الطراز: قال ابن حبيب: تكره العطسة العالية فى الصلاةء وليخفضها 
ما قدرء ويجعل يذه على وجهه. 

وجوز فى الكتاب الدعاء على الظالم؛ لما فى أبى داود: قال أبو هريرة: كان 
رسول الله و فى قنوته يدعو للمؤمنين» ويلعن الكافرين' . 

قال صاحب النوادر: قال ابن شعبان: إن قال: يا فلان» فعل الله بك - فسدت 
صلاتهء بخلاف «فعل الله بفلان»» أو: «اللهم افعل بفلان»» قال: ولم آره لغيره من 


أصحابا . 
قال صاحب البيان: إذا مر به إنسان» فأخبره بما يسره؛ فقال: الحمد لله عامداء 
أو بما یسو فاسترجع . 


قال ابن القاسم: لا يعجبنى» ولا تبطل الصلاة. قال: وهو كما قال؛ لأنه شغل 
نفسه [فى غیر]؟ أمر صلاته من أمور دنیاه» بخلاف فعل أبى بكر الصديق - رضى 
الله عنه - حين رفع يديه فى الصلاة وحمد الله تعالى» لما أمره - عليه السلام - 





لق ما بين المعقوفين سقط فى ش 
(؟) أخرجه أبو داود .)١540(‏ 
™( فى ط: يضره . 

(4) فى ط: بغير. 


شروط الصلاة ج۱ 1ه 





بالمكث فى موضعه. 

وفى الصحيحين: قال ابن مسعود كنا نسلم على النبى َل وهو فى الصلاة فيرد 
عليناء فلما رجعنا من عند النجاشى سلمنا عليه فلم يرد عليناء وقال: (إِنَّ فى الصّلَاةٍ 
َشُعْكّده20» زاد أبو داود: «تأَخََيَى ما قُدمَ وَمَا حَدَتَء قُلَمَا قَضَى الصَّلَاءٌ َالَ: إِنَّ 
الله يُحْدِثُ مِنْ أَمْرهِ ما يسا وله قذ أخدَت أن لا تتكَلْمُوا فى الصلاي . 

الشرط الثامن - ترك الأفعال الكثيرة: 

ففى الجواهر: يبطلها كل ما يعد به عند الناظر معرضا عن الصلاة؛ لفساد 
نظامهاء ومنه9) اتصالهاء ولا يبطلها ما ليس كذلك من تحريك الأصابع لحاجة 
أو حكةء وهو مكروه إذا لم يكن لمصلحة الصلاة كسد الفرج» أو بضرورة كقتل ما 
يحاذره» وإنقاذ نفس إذا كان على القرب» فإن تباعد تغير النظام؛ فيبطلهاء وإن كان 
واجبا. 

فروع تسعة: 

الأول: قال فى الكتاب: يرد السلام برأسهء أو بيده فى الفرض والنفل» ووافقه 
الشافعى» وقال أبو حنيفة: لا يرد مطلقاء ولا الإشارة. 

وقال أبو هريرة وجابر وجماعة من السلف: يرد مطلقاء بالإشارة. وباللفظ 
المعتاد فى رد السلام» ويروى عن أبى هريرة: أنه كان يرفع صوته لرد السلام. 

لنا: ما فى الترمذى» عن صهيب: مررت بالنبى - عليه السلام - فسلمت عليه 
وهو يصلى» فرد على إشارة بأصبعه" . 

وللفقهاء على أبى هريرة وأصحابه حديث ابن مسعود فى باب الكلام» وقد 
تقدم . 

الثانى : قال ابن القاسم فى الكتاب: إذا عطس» فشمته رجل» فلا يرد عليه إشارة 





)١(‏ أخرجه البخارى (/ )۷١‏ كتاب العمل فى الصلاة: باب ما ينهى من الكلام فى الصلاة 
(114): ومسلم (۱/ ۳۸۲) كتاب المساجد: باب تحريم الكلام فى الصلاة (018/14). 

(۲( أخرجه الشافعى 0046/1 وأبو داود )١4/١(‏ كتاب الصلاة: باب رد السلام (44)ء 
والنسائی (۳/ ۱۹) كتاب السهو: باب الكلام فى الصلاة. 

)۳( فى ش: وعدم . 

)٤(‏ فى ط: للتسبيح. 

)6( آخرجه أحمد (۲۰/ ۳۳۲)ء والترمذى «(FTW)‏ وأبو داود 2)١76(‏ والنسائى 5/ة). 


كن ج١1‏ شروط الصلاة 


فى فرض ولا فى نفل؛ لما فى مسلم عن معاوية بن الحكم: قال: صليت مع النبى 
يك فعطس رجل من القومء فقلت: يرحمك الله فرمانى القوم بأبصارهم» فقلت: 
وائكل أماهء ما شأنكم تنظرون إلىء فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم, 
فعرفت أنهم یصمتوننی» فسكت» فلما سلم لئسي 0(۲ ل - بأبى وأمى 5 
ما ضربنى ولا نهرنى ولا سبنى» ثم قال: (إِنَّ هَل الصّلَاءً لا یج فِيهًا شَىءٌ مِنْ 
كلام الئاس هَذَّاء وَإِنْمَا هُوَ اليح وَالتُكِيرُ وَقِرَاءةُ الْقُرْآنْه20: فما رأيت معلما - 
قط - أرفق مئه عليه السلام . 
وجه الدليل: أنه - عليه السلام - لم يقره على الكلام» ولم يأمره بالإعادة©». 
والفرق بين رد السلام وجواب التشميت: أن جواب التشميت دعاء» وهو ما لا 
يتأتى بالإشارة» ورد السلام تحية» وهو يحسن فى العادة بالإشارة بالرأس وغيره. 
الثالث: قال ابن القاسم فى الكتاب: مقتضى قول مالك إنه يرد بالإشارة» أن 
للناس أن يسلموا عليه. 
قال صاحب الطراز: [وفى هذا الاستقراء] نظر؛ فقد روى ابن وهب عن مالك 
ذلك» وكذلك أبو حنيفة » وللشافعية قولان قال: والأول هو المشهور. 
وبه قال ابن حنبل. 
وحجته: عموم التسليم29»؛ وحديث ابن عمر: أنه كان - عليه السلام - كان يرد 
بالإشارة» ولم ینکر على من يسلم عليه . 
واستحب الشافعى التصفيق للتساء ؛ لما فى الصحيحين : قال - عليه السلام -: 
سبح الرّجَالُء وَلْيُصَفّق لاء والعمل على خلافه» والمعنى أيضا؛ فإن 
)١(‏ سقط فى أ. 
إشف فى ط: يصلح . 
(۳) أخرجه أبو داود (۱/ 44 ؟) كتاب الصلاة: باب تشميت العاطس فى الصلاة (2)470 و 
۸/ ۸۱( كتاب المساجد: باب تحريم الكلام فى الصلاة YY)‏ لولم والنسائى )04/7( 
كتاب السهو. 
زفق فى ط: بالإشارة. 
)2 فى ش: وفى هله الإشارة . 
(1) فى ش: عموم آية التسليم. 
(۸) أخرجه البخارى /١(‏ ۷۷) كتاب العمل فى الصلاة: باب التصفيق للنساء »)١707(‏ ومسلم = 


شروط الصلاة ج ۱ 010 


التسبيح يناسب الصلاة» بخلاف التصفيق . 

فرع مرتب: قال صاحب الطراز: لفظ التسبيح: «سبحان الله . 

قال ابن حبيب: فإن قال : سبحانهء فقد أخطأء ولا يصل إلى الإعادة» وإن قال: 
لا حول ولا قوة إلا بالله» أو كبر أو هلل - فلا حرج. 

الرابع : قال ابن القاسم فى الكتاب: رأيت مالكا إذا أصابه التثاؤب يضع يده على 
فيه» وينفث فى غير الصلاة» ولا أدرى ما يفعله فى الصلاة؛ لما فى أبى داود: أنه - 
عليه السلام - قال: (إِنَّ الله يحب ب الْعْطاسٌ وَيَكْرَهُ التعاوْبَ؛ وَإِنْ تَنَاعبَ أَحَدُكُمْ 

رده مَا اسْتَطاعَ ٠‏ وَلَا يَقَلَ: هَا هَا؛ فَإِنْمَا لِك مِنَ الشَّيْطانِ يَصحَك ي ؛ وفى 

رو واي : «َلْيْمْسِكَ عَلَى فيهء فَإِنَّ السَيِطانَ يَذخل:0©. 

قال صاحب الطراز: وأما النفث» فليس من أحكام التثاؤب» بل ريما اجتمع 
الريق فى فم الإنسان فينفثه» ولو بلعه جازء ويتبغى أن.ينفثه إذا كان صائما. 

وقال مالك فى الواضحة: يسد فاه بيده فى الصلاة؛ حتى ينقطع تثاؤبهء قال: فإن 
قرأ حال تثاؤبه: فإن كان يفهم ما يقول فمكروه ويجزئه» وإن لم يفهم فليعد ما قرأء 
فإن لم يعد: فإن كان فى الفاتحة لم يجزهء وإلا أجزأه. 

الخامس : قال فى الكتاب : إذا انفلتت دابته» وطلبها على القرب بنى» وإلا طلبها 
وابتدأً . 

قال عبد الحق: إن كان الوقت ضيقاء قال ابن القاس" : يتمادى فى طلب دابته 
وهو فى الصلاة؛ كالمسايفة. 

وقال صاحب الطراز: هذا متجهء إلا أن يكون 1لا يؤمن عنده أمر الدابة؛ فيشتغل 
عن صلاته ]9 , 

وفى البخارى عن الأزرق بن قيس قال: كنا فى الأهواز نقاتل الحرورية» فبينما أنا 
على حرف نهر إذ جاء رجل فصلى» فإذا لجام دابته فى يده» فجعلت الدابة تنازعه 
= (۳۱۸/۱) كتاب الصلاة: باب تسبيح الرجال وتصفيق المرأة .)٤١١ /۱٠١(‏ 
(۱) أخرجه البخارى (5775)؛ والترمذى (1/55؟7)» (۷٤۲۷)ء‏ وأبو داود (/0507): وأحمد 

(۲/ ). 
(؟) أخرجه أبو داود (68:75). 


)٤(‏ بدل ما بين المعقوفين فى ط: لا يؤيس أمر الدابة فيشتغل بصلاته. 





Ab‏ ج ١‏ شروط الصلاة 


وجعل يتبعها - قال شعبة: هو أبو برزة(2 الأسلمى - فجعل الرجل من الخوارج 
يقول: اللهم افعل بهذا الشيخ» فلما انصرف الشيخ قال: إنى سمعت قولكمء» وإنى 
غزوت مع النبى و ست غزوات - أو سبع عزوات» أو ثمان غزوات - وشهدت 
مسیره» وإنى إن كنت أرجع مع دابتى أحب إلى من أن أدعها ترجع إلى مألفها . 
ولم ينكر عليه أحد من الصحابة» رضى الله عنهم أجمعين. 

وفى أبى داود عن عائشة - رضى الله عنها -: أنه كان - عليه السلام - يصلى 
والباب عليه مغلق» فجئت فاستفتحت» فمشى حتى فتح لى» ثم رجع" »۰ وذكر فى 
الحديث: أن الباب فى قبلة البيت. 

السادس: قال صاحب الطراز: لو خاف على صبى بقرب النار. 

قال مالك: ينجيه» فإن انحرف عن القبلة ابتدأء وإن لم ينحرف بنى» قال: وإن 
خاف فوات الوقت إن قطع لم يقطع. 

السابع : قال: من قرب منه صبى فى الصلاة فلينحه عنه إن كان فى مكتوية» ولا 
بأس به فى التافلة؛ لما فى الموطأ عن عبادة بن الصامت قال: رأيته - عليه الصلاة 
والسلام - يصلى» وأمامة بنت بنت رسول الله يد على عنقهء فإذا سجد وضعهاء 
وإذا قام حملها9». زاد مسلم: يؤم الناس. وتأوله مالك فى النوافل» وروى عنه 
حمله على الضرورة» ولم يفرق بين فرض ونفلء خلاف ما فى الكتاب» وقد زاد أبو 
داود: بينا نحن عنده - عليه السلام - فى الظهر أو العصرء وقد دعاه بلال للصلاةء 
فقام فى مصلاه» وقمنا خلفه» وهی فى مكانهاء فكبرء حتى إذا أراد أن يركع 
أخذهاء ثم وضعهاء ثم ركع» وسجدء حتى إذا فرغ من سجوده أخذها وردها فى 
مكانهاء فما زال يصنع بها كذلك فى كل ركعة» حتى فرغ من صلاته. 





() فی ط: أبو هريرة. 

(۲) آخرجه البخارى (۱۲۱۱)ء (1۱۲۷)ء وأحمد ٤٤١ /٤(‏ - ۳١٤)ء‏ وابن خزيمة (455). 

(۳) أخرجه الترمذى (۲/ )٤۹۷‏ أبواب الصلاة (501)» وأبو داود (۱/ )۲٤۲‏ كتاب الصلاة: باب 
العمل فى الصلاة (4۲۲)ء والنسائى )١١/7(‏ كتاب السهو: باب المشى أمام القبلة خطا 
يسيرة» وقال فيه : #يصلى تطوعًا»» وأحمد فى المسند .)7١/5(‏ 

(4( أخرجه مالك /١(‏ )) والبخارى »)٥۱٩(‏ وطرفه فی »)٥۹۹٩(‏ ومسلم )٥٤۳ /٤۱(‏ 
عن أبى قتادة السلمى. 


شروط الصلاة جا o۱۷‏ 


وقال ابن القاسم فى العتبيةء فى حمل المرأة ولدها فى الفرض تركع به 
وتسجد: لا ينبغى» فإن لم يشغلها عن الصلاة لم تعد. 

والذى قاله إنما يتصور إذا كان مشدودا على ظهرها لا يسقط إذا ركعت» أو 
سجدت» وإلا فتضعه فى الركوع والسجودء وتأخذه [عند القيام] عند ابن 
القاسم» ويكون ذلك العمل من حيز القليل الذى لا يبطل' الصلاة. 

الثامن: قال فى الكتاب: إذا ابتلع طعاما بين أسئانه لم يقطع ذلك صلاتهء 
وكذلك إذا التفت فى الصلاة. 

قال صاحب الطراز: نقله البراذعى: ١لا‏ يلتفت»ء ولم يقل مالك ذلك؛ وإنما 
قال: إذا التفت. 

والالتفات على ضربين: 

لحاجةء وهو مباح؛ لحديث أبى بكر - رضى الله عنه -: حيث التفت فى الصلاة 
فرأى رسول الله وَل فتأخر3" . 

وفى أبى داود: ثوب بصلاة الصبح» فجعل - عليه السلام - يصلى وهو يلتفت 
إلى الشعب» وكان أرسل فارسا إليه من الليل يحرس0. 

ولغير حاجة مكروه» لما فى البخارى عن عائشة - رضى الله عنها - قالت: سألنا 
النبى ب عن الالتفات فى الصلاة» فقال: «هُوَ اختلاس يَخْتَلِسّهُ الشّيْطَانُ مِنْ صَلَاةٍ 
ال( , 

وقال مالك فى المختصر: لا بأس أن يتصفح بجسده0©. 





(۱) سقط فى ط. 

(۲) فى ط: يعطل. 

(۳) ألخرجه مالك فى الموطأ )١14 - ١7/١(‏ كتاب قصر الصلاة فى السفر: باب الالتفات 
والتصفيق عند الحاجة فى الصلاة» والبخارى )١191/7(‏ كتاب الأذان: باب من دخل ليؤم 
الناس (584)» وأطرافه فى (1۲°۱› 5١7ل‏ 148اللء TY «14° cI‏ 
» ومسلم 715/١(‏ - ۳۱۷) كتاب الصلاة: باب تقديم الجماعة من يصلى بهم 
(61/۲(. 

(4) أخرجه أبو داود (4157) من حديث سهل أبن الحنظلية. 

(4) أخرجه البخارى (۲/ 7”5؟) كتاب الأذان: باب الالتفات فى الصلاة »)۷١١(‏ وطرفه فى 
(۹۱). 

)5ن فى ش: بەخدە . 


4ه +۱ شروط الصلاة 





وقال ابن القاسم فى الكتاب: إن التفت بجميع جسده لم أسأل مالكا عنه» وذلك 
كله سواء» يعنى: لأن رجليه مع نصفه الأسفل يكون مستقبلا؛ فهو مستقبل 
عنده"» وهو قول الشافعى 

قال صاحب الطراز: إذا حول رجليه عن جهة الكعبة بطل التوجه(". 

التاسع : أعاب2)©9 فى الكتاب تفريق القدمين» أو يكون فى فيه درهمء أو فى كمه 
خبز» أو شىء يحشو كمهء أو يفرقع أصابعه» [وغيره؛ لأنه من فعل الفتيان» وكرهه 
ابن القاسم فى المسجد؛ لأنه من العبث الذى تنزه عنه المساجد] ولم يكره أن 
و0 رجليهء ولا أن يمسح التراب من جبهته أو كفيه. 

وأجاز مالك الصلاة فى الغزو والجهادء والثغور» ومواضع الرباط بالسيف». 
وبالقوس» وقال: ليس كالسيف. 

وكرهه ابن القاسمء واستحب أن يجعل على عاتقه عمامته. 

وأجاز ابن حبيب الصلاة بهما جميعًاء ولم ير بأسًا بترك العمامة» ورأى أن 
السيف والقوس عدل الرداء» وأما فى الحضر فيكره ذلك. 

قال ابن حبيب: إلا أن يأمر به السلطان لأمر ينوب؛ فلا بأس» وليطرح على 
السيف ما يستره]. 

قال صاحب الطراز: تفريق القدمين قلة وقارء والتصاقهما زيادة تنطع؛ فيكره» 
وقد قال مالك فى المختصر: ذلك واسع. وكره ما فى الفم؛ لأنه يمنع القراءة» وهو 
يختلف باختلاف الناس: فمنهم من يمنعه الدرهم مخارج الحروف» ومنهم من 
لا يمنعه ذلك» فمن خشى ذلك تجنبه» وحشو الكم يمنع هيئة السجود من مرفقيه . 

وكره مالك فى المجموعة أن يكون فى كمه صحيفة فيها شعر» فإن كان ثميئا 
يخشى عليه حمله ولو كان حيوانا نجس الروث كالغراب لم يضره؛ لأنه طاهر وباطن 
)١(‏ فى ط: الأول. 
(؟) فى ط: عادة. 
(0) فى ط: توجهه. 
)٤(‏ فى ش: كره- 
)٥(‏ ما بين المعقوفين سقط فى أو ش. 
(5) فى ط: يحرك. 
(۷) ما بين المعقوفين سقط فى أ و ش. 


شروط الصلاة +۱ 614 


الحيوان لا عبرة بهء وكذلك الحيوان المذكى إذا غسل ظاهره من الدم» ولا يضر 
ما فى باطنه من الدمء خلافا للشافعية فى اعتبارهم إياه بدن الخمر وقارورة ملأت 
نجاسة» والفرق: طهارته» بخلافهما. 

وأما فرقعة الأصابع: فلما ورد أن مولى ابن عباس قال: صليت خلف ابن 
عباس» ففرقعت أصابعى؛ فلما صلى قال لى: لا أم لك» تفرقع أصابعك» وأنت 


فى الصلاة؟! 
وقد ورد النهى عن التشبيك» وهو أخف منهء وكرهه مالك فى الصلاة دون 
المسجد. 


وفى أبى داود: سثل نافع عن الرجل يصلى مشبكا يديه» قال: قال ابن عمر: 
تلك صلاة المغضوب عليه . وفيه عنه - عليه السلام -: (إذًا تَوَضَا أَحَدُكُمْ 
َأْحْسَنَ وُضُوءَهُ ثم حَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدٍ - قلا يُشَبْفْ يدَيْهه إل فى صَلدتِه0©, 
وقال به الشافعى . 

وكذلك ينهى عن جعل اليد فى الخاصرة؛ لنهيه - عليه السلام - فى مسلم: أن 
يصلى الرجل مختصرا9 . 

وأما مسح التراب: إن كان من باب الترفه فمسحه مكروه» وله أن يوط( 
موضع سجودهء وروى عنه الكراهة. 

ولم يكره تحويل الخاتم فى الأصابع؛ لضبط عدد الركعات» وكرهه أبو حنيفة 
والشافعى؛ لأنه عمل فى الصلاة ليس منهاء ولاحظ مالك عونه على الصلاة. 

وكره الترويح من الحر فى المكتوبة» وخففه فى النافلة» وكره المراويح فى 
المسجد. 

وكره قتل العقرب والحية» والطير يرميه» وروى عنه [عدم كراهة]( قتل 


(۱) أخرجه أبو داود (۹۹۳). 

(۲) أخرجه أبو داود (0557). 

(۳) أخرجه البخارى (۳/ ۸۸) كتاب العمل فى الصلاة: باب الخصر فى الصلاة ))157١(‏ 
ومسلم (۱/ ۳۸۷) كتاب المساجد: باب كراهة الاختصار فى الصلاة (55/ 2))586 
والترمذى (۱/ ۲۲۲) أبواب الصلاة: باب ما جاء فى النهى عن الاختصار (07817. 

)٤(‏ فى ش: يوطئ. 

)2( فى ش : جواز. 


١ + o۰‏ شروط الصلاة 





العقرب» وفى أبى داود: أمرنا - عليه السلام - بقتل الأسودين فى الصلاة: الحيةء 
والعقرب. 

الشرط التاسع - قال فى التلقين: ترتيب الأداء : 

فيجب أن يكون الإحرام قبل القراءة» والركوع قبل السجودء والسجود قبل 
السلام» [قال]": وترتيب الصلاة لا أعلم فيه خلافاء بخلاف ترتيب الطهارة. 

الشرط العاشر - الموالاة: 

فيجب إيقاع أجزاء الصلاة وأركانهاء يلى بعضها بعضاء من غير تفريق» واستثتى 
من ذلك - لأجل الضرورة - الرعاف» وصلاة الخوف فى حق الإمام؛ فإنه يتتظر 
الطائفة؛ والمسبوق يتتظر الإمام فيما [لایعتد]" به من صلاته حتى يسلم» ثم يقوم 
يصلى لنفسهء والساهى عن بعض صلاته» يبنى ما لم يطل. 

وقال ربيعة: يبنى - وإن طال - ما لم يحدث. فجعل الموالاة واجبة مع الذكرء 
ساقطة مع النسيان» كالوضوء. 

ومن اللاحق بالشروط وليس منها: 

السترة: فإنها يجب تقديمها قبل الصلاة فى بعض الصورء ولا يلزم من عدمها 
بطلان الصلاة؛ وهى من محاسن الصلاة» وفائدتها قبض الخواطر عن الانتشارء 
وكف البصر عن الاسترسال؛ حتى يكون العبد مجتمعا لمناجاة ربه؛ ولهذا السر 
شرثعت الصلاة إلى جهة واحدة مع الصمت» وترك الأفعال العاديةء ومنع من الجرى 
إليها وإن فاتت الجماعة وفضيلة الاقتداء» ومن إقامتها مع الحر©) المبرح» أو غيره 
من المشوشات» إن أمكن استدراك ذلك قبل خروج الوقت؛ تحصيلا لأدب القلب 
مع الرب» أعاننا الله على ذلك فى سائر الأحوال بمنه وكرمه. 





)٠١ /( كتاب الصلاة: باب العمل فى الصلاة (471)) والنسائى‎ )۲٤۲ /۱( أخرجه أبو داود‎ )١( 
كتاب السهو: باب قتل الحية والعقرب» والترمذى (۲/ ۲۳۳) أبواب الصلاة: باب ما جاء‎ 
كتاب إقامة الصلاة: باب‎ )۳۹٤ /۱( فى قتل الحية والعقرب فى الصلاة (۳۹۰)» وابن ماجه‎ 
ما جاء فى قتل الحية والعقرب (40؟١): وأحمد فى المسند (؟/ ۰۲۳۳ 144) والدارمى‎ 
.) 4/1 

(۲) سقط فى ط. 

(۳) فى ش: يعتد. 

(4) فى ط: الجوع. 


شروط الصلاة + ۱ o۱‏ 





ثم المار يأئم إن كانت له مندوحة؛ لما فى الموطأ: أنه - عليه السلام - قال: الَو 
يَعلَمُ المَارُ بين يَدَي الْمُصَلَى مَادًا عَلَيِْ لَكَانَ أنْ يتف أَرْبَعِينَ حيرا لَه مِنْ أن يمر تين 
دی . 

قال أبو النضر: لا أدرى: أقال: أربعين يوماء أو شهراء أو سنة؟ 

ويشاركه المصلى فى الإثم إن تعرض للمرور؛ لقوله - عليه السلام - فى 
الموطأ: (إِذًا اد أَحَدُكُمْ يُصَلَى قلا يَدَعْ أَحَدًا يَمُوُ بين يدي وَلْيَدْرَأه ما اسْمَطاعَ إن 

قال صاحب الطراز: إلا أن يضطر [إلى ذلك]"؛ فقد كانت عائشة - رضى الله 
عنها - تبسط رجليها بين يديه - عليه السلام - وهو يصلى 9 . 

وإن لم يكن للمرء مندوحة عن المرور أثم المصلى وحده؛ [ونحوه إن تعرض 
للمرور بعذر إذا لم يقصرء والحالات أربع: فاثنان لا يأثمان» يأثم المار وحده» 
يأثم المصلى وحد . 

واختلف فى قوله - عليه السلام -: «فليقاتله»: 

فقيل : يعنى إذا فرغ من الصلاة يغلظ عليه القول. 

وقيل: يدعو عليه» ومنه قوله - تعالى -: «قَكَئْلْهُمْ أل أ يوْتَكْرنَ» 
[التوبة : *”7] أى: لعنهم الله . 


)١(‏ أخرجه البخارى )٥۸٤ /١(‏ كتاب الصلاة: باب إثم المارّ بين يدى المصلى (١01)؛‏ ومسلم 
(1/ 8+" - 54) كتاب الصلاة: باب منع المار بين يدى المصلى (171/ /501): ومالك 
فى الموطأ )١00 - ١64 /١(‏ كتاب قصر الصلاة فى السفر: باب التشديد فى أن يمر أحد 
بين يدى المصلى (75). ١‏ 

(؟) أخرجه البخارى (1/١41ه‏ - 087) كتاب الصلاة: باب يرد المصلى من مر بين يديه 
»)٥۰۹(‏ ومسلم )757*/1١(‏ كتاب الصلاة: ياب منع المار بين يدى المصلى (69؟1/ 2)0٠6‏ 
ومالك فى الموطأ )٠١١ /١(‏ فى قصر الصلاة فى السفر: باب التشديد فى أن يمر أحد بين 

' يدى المصلى (77). 

(۳) فى أو: ش: لذلك. 

)0784 - ۳۸۳ - ۳۸۲( فى الصلاة: باب الصلاة على الفراش‎ )287/١( أخرجه البخارى‎ )٤( 
فى الصلاة: باب الاعتراض بين يدى المصلى (۲۷۲/ 2»)017 ومالك فى‎ )1"79//١( ومسلم‎ 
.)۲( فى صلاة الليل: باب ما جاء فى صلاة الليل‎ )١١١ /١( الموطأ‎ 

)0( فی ط: للمار. 

(1) ما بين المعقوفين سقط فى ش. 





o۲‏ ج ۱ شروط الصلاة 





وقيل: يدفعه دفعا شديدا أشد من الدرأء ولا ينتهى إلى ما يفسد الصلاةء وهو 
المشهور. 

وقال أشهب فى المجموعة: إن قرب منه يدرؤه ولا ينازعه» فإن مشى له ونازعه 
لم تبطل صلاته. 

وروی أبن القاسم فى المجموعة: إذا تجاوزه لا يرده من حيث جاء؛ لأنه [مرور 
ثان]. قال صاحب الطراز: يدرؤه حالة القيام. 

وقال ابن القاسم : لا يدرؤه فی السجود؛ لمنافاة السجود لذلك. 

وإن مر به ما لا تؤثر فيه الإشارة - كالهر مثلا - دفعه برجلهء [أو يلصق 
بالسترة]؛ لما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - لم يزل يدرأ بهيمة أرادت أن تمر 
بين يديه حتى لصق بطنه بالجدار . 

قال أبو الطاهر: لو دفعه فمات كانت ديته على العاقلة عند أهل المذهب» قال: 
وأجرى عبد الحق هذا على الخلاف فيمن عض إنسانا فأخرج المعضوض يده فكسر 
سن العاض» والخلاف جار فى كل من أَذْنَ له إِذْنٌ خاص فأدى إلى التلف: هل 
يسقط الإذن عنه أثر الجناية أم لا؟ 

فائدة: قال سيبوبه: الشيطان فى اللغة: كل متمرد عاتٍ من الجن»› أو الإنس» 
أو الدواب» وليس هذا الاسم خاصا بالجن. ولما كان المار فعل ما لا يليق» وخرق 
حرمة الصلاة وأبهتها - كان ذلك نوعا من التمرد؛ فسماه - عليه السلام -: شيطاناء 
ولا حاجة إلى [قول من يتكلف]' المجاز فى الحديث. 

قال صاحب القبس: فإن صلى إلى غير سترة» فقد غلط بعض الناس فقال: 
لا يمر أحد بين يديه بمقدار رمية السهم . 

وقيل: رمية الحجر. 

وقيل: رمية الرمح . 

وقيل : بمقدار المطاعنة . 





(0 فى ط: مروران. 

(۲) فى ط: يلصقه إلى السترة. 

( أخرجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أبو داود (۷۰۸). 
(4) فى ش: القول بتكلف. 


شروط الصلاة +۱ oY‏ 


وقيل بمقدار المضاربة بالسيف» مغترين بقوله - عليه السلام -: فليقاتله؛ 
فحملوه على أنواع القتال» وليس يستحق المصلى - سواء وضع سترةء أو لم 
يضعها- سوى مقدار ما يحتاجه لقیامه» ورکوعه» وسجوده. 

فروع سبعة: 

الأول: قال فى الكتاب: الخط باطل» وهو قول جمهور العلماء» وجوزه ابن 
حنبل» إذا لم يجد غيره» وأشهب فى العتبية» وللشافعى قولان؛ لما فى أبى داود: 
قال - عليه السلام -: ذا صَلَى أَحَدَُكُمْ َليجْمَلْ يِْقَاءَ وَجْهِهِ شَيقَاء إن لَمْ يَجِدْ 
يصب عَصَاهُ فإ لَمْ كن مَعْهُ حط خطاء فم ا يَضُوُ مَا مر مام( » وهو 
مطعون عليه جداء والنظر يرده؛ لأنه لا يسمى سترة» ولا يراه المار فيتحرز بسببه. 

قال صاحب النوادر: والحفرة» والنهرء وكل ما لا ينصب قائما كالخطء ليس 
بسترة. واختلف فى صورة الخط : فقيل: من القبلة إلى دبرها. 

وقيل بالعرض» وهو قول أحمد. 

وقيل: [هو شىء]9" كهيئة المحاريب. 

الثانى: قال فى الكتاب: لا بأس أن يصلى المسافر إلى غير سترة» وأما فى 
الحضر فلا. 

قال ابن القاسم: إلا أن يأمن المرور. 

وروی أشهب فى العتبية: لا استتار مع الأمن. 

حجة الأول: ما فى الصحيحين أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: (إِذا وَضَمٌ 
أحَدُكُمْ بين يديه مل مُوَخْرَةٍ الوّخلٍ فليْصَلٌ ولا يبال ما يمر واه ذلِكَ»2*0؛ وهو يدل 
على أن السترة لأجل المرور؛ فحيث لا مرور فلا تشرع. 





)١(‏ أخرجه أبو داود (۱۸۳/۱) فى كتاب الصلاة: باب الخط إذا لم يجد عصا (1۸۹)ء وابن 
ماجه (۱/ )۳٠۳‏ فى إقامة الصلاة: باب ما يستر المصلى (۳٤۹)ء‏ وأحمد »)۲٤۹/۲(‏ وفى 
سنده أبو عمرو بن محمد بن حريث: قال ابن حجر فى التقريب (۲/ 508): مجهول. 
وحريث قال فيه - أيضا - ابن حجر فى التقریب :)۱٥۹/۱(‏ مجهول. 

(۲) فى ط: بالضد. 

)٤(‏ فى ش: وقال. 

)0( أخرجه مسلم )"08/١(‏ كتاب الصلاة: ياب سترة المصلى )4۱ 444/۲۲(« وأحمد ے 


o4‏ ج ۱ شروط الصلاة 





حجة الثانى: ما فى أبى داود: أنه - عليه السلام - قال: «إذّا صَلَى أَحَدُكُمْ إلى 
سْيْرَةِ كيذ مِنْهَاء لا يفطم الشَّيِطانُ عَلَيْهِ صَلَاتهو2"0. 

والشيطان فى كل موضعء والحديث مضطرب الإسناد. واختلف فى هذا 
الشيطان : 

فقيل: هو الموسوس فيمنعه القرب من السترة؛ كما يمنعه غلق الباب من 
الدخول» والغطاء من الأوانى» والبسملة من الطعام. 

وقيل: هو المار. ويعضد" الأول: ما فى البخارى أنه - عليه السلام - صلى 
بمنى إلى غير جدار۵. 

فرع: روى ابن القاسم فى المجموعة: إذا صلى على مكان عال: فإن غابت 
عنه رءوس المارين لم يحتج إلى سترة» وإلا عمل سترة [فى السطوح]9©. 

الثالث: قال فى الكتاب: يجوز للمسبوق أن يتقدم» ويتأخرء ويتيامن» ويتياسر» 
لسارية يستتر بها؛ لأن ذلك أخف من مدافعته للناس. 

قال صاحب الطراز: ذلك إذا كانت قريبة. 

الرابع : قال فى الكتاب: السترة قدر مؤخرة الرحل فى جلة الرمح» والحربة نحو 
عظم؟ الذراع» وجلة الرمح أحب إلى» واستحب طول الرمح أو الحربة؛ لما فى 
البخارى: كان - عليه الصلاة والسلام - إذا خرج يوم العيد يأمر بالحربة توضع بين 
يديه» فيصلى إليها والناس خلفهء وكان يفعل ذلك فى السفر [وفى الفيافى. 


= فى المسند (١/11١2؟77١)2‏ وعبد بن حميد ))١١٠١(‏ وأبو داود »)1۸٥(‏ والترمذى 
و ولم أجده فى صحيح البخارى . 

»)٤۰١( ۲)ء وأبو داود (٥1۹)ء والحميدى‎ /٤( أخرجه عن سهل بن أبى حثمة أحمد‎ )١( 
.)٦۲ /۲( والنسائى‎ 

زفق فى ط: والعوذ. 

)۳( فى ش : ويعين . 

)٤(‏ أخرجه البخارى )٠٠٠١(‏ عن ابن عمر» وعن حارثة بن وهب الخزاعى (١١٠٠)ء‏ وعن ابن 
مسعود (110۷) . 

(۵) سقط فى ش. 

() فى ش: خطم. 

(۷) آخرجه البخارى /١(‏ 187) فى كتاب الصلاة: باب سترة الإمام سترة من خلفه (٤۹٤)ء‏ 
وطرفه فى ۰٤۹۸(‏ ۰۹۷۲ 4۷۳)» ومسلم (۱/ ۹٥)ء‏ كتاب الصلاة: باب سترة المصلى 
)£0 / 0*1( و )0501١/585(‏ و (01/549ه) و .(o*\/YEA)‏ 


شروط الصلاة ج۱ 0 





قال ابن حبيب: لا بأس بها دون مؤخرة الرحل فى الطول ودون جلة الرمح فى 
الغلظ»› وقد كانت العنزة التى كانت تركز له - عليه السلام - دون الرمح فى الغلظء 
وإنما يكره من ذلك ما كان رقيقًا جدًا]) . 

وفى التنبيهات: مؤخرة الرحل بفتح الخاء وبالواو» ويقال آخرة الرحل» وهو 
العود الذى خلف الراكب. 

وجلة الرمح - بكسر الجيم وتشديد اللام - أى: غلظه. 

والعئزة: الرمح القصير: 

قال صاحب الطراز: إذا سقطت الحربة. 

قال مالك : يقيمها إن كان ذلك خفيفاء كان جالسا أو قائماء فيتحط لها كما يتحط 
للحجر ليقتل العقرب . 

وكره السوط فى الكتاب؛ لأنه إن كان مطروحا فليس بسترة كالخطء أو قائما فلا 
يۇبه له» بخلاف القلنسوة العالية والوسادة» قاله مالك» وكذلك الحيوان الطاهر 
الروث» وجوزه فى العتبية» بخلاف الخيل» والبغال» والحمير» وجوز - أيضا - 
الاستتار بظهر الرجل» وتردد قوله فى جنبه» ومنع وجهه» وجوز السترة بالصبى إذا 
استقرء بخلاف المرأة ولو كانت أمه أو اخته. 

وفى الجلاب: لا يستتر بامرأة إلا أن تكون من محارمه. 

قال أبو الطاهر: لا يستتر بمرحاض وتحوهة ولا بنائم» ولا بمجئون ؛ ولا مأبون 
فى دبرهء حكاه المازرى عن ابن القاسم» وزاد: الكافر» قال: واختلف0) إذا كان 
وراء السترة رجل يتحدث » وملع فى الكتاب من الصلاة للحجر المنفرد» بخلاف 
الحجارة المجتمعة؛ لشبهه بالصنمء والمنع فى النائم؛ لا حتمال اتكشاف عورته. 

وفى الجلاب: المنع من حلق المتكلمين فى الفقة وغيره؛ لما فيه من شغل 
البالء بخلاف الطائفين بالبيت؛ لما فى أبى داود أنه - عليه الصلاة والسلام - صلى 
مما يلى باب ہنی سهمء والناس يمرون بين يديه ولأن الطواف بالبيت 
صلاة . 
)١(‏ ما بين المعقوفين سقط فى ش. 
)۲( فى ط: ويختلف. 
(۳) أخرجه أبو داود )١١13(‏ عن كثير بن كثير بن أبى وداعة عن بعض أهله عن جده. 


o۹‏ ج ۱ شروط الصلاة 


قال صاحب القبس: ولا تجعل السترة قبالة وجهه؛ لحديث المقداد: ما رأيته يل 
صلی إلى شىء يصمد إليه؛ إنما کان يجعله على [يمينه أو على]20 يساره» قال: 
ولا يتقدم من سترته كثيراء حتى إذا أراد أن يسجد تأخرء وقد رأيت بعض الغافلين 
ممن ينتصب للتعليم يفعله» وهو جهالة؛ لأنه عمل فى الصلاة. 

وقال أبو الطاهر: اختلفت الأحاديث فى الذى كان بينه - عليه السلام - وبين 
سترته . 

فروى بلال ثلاثة أذرع ١‏ 

وروى سهل بن سعد: ممر الشاة. 

واختلف فى الجمع: فحمل أكثر الأشياخ الأول على حالة القيام. 

والثانى: على مقدار ما يبقى" فى حالة السجود. 

وروى أبو الطيب: أنه يحمل على أنه - عليه السلام -: كان إذا وقف قرب 
من سترته بمقدار ممر الشاة2 فإذا أراد الركوع بَعُدَ منها بالمقدار الأول» وكان 
أبو الطيب يفعل هذاء ويرى أنه من العمل اليسير لإصلاح الصلاة؛ لأن الدنو من 
السترة أجمع للقلب. 

قال صاحب الطراز: لا حد للقرب من السترة» لكنه مأمور به. 

وحده الشافعى وابن حنبل بثلاثة أذرع؛ لأنه - عليه السلام - لما صلى فى 
الكعبةء [كان بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع. قال: وليس فيه دليل لأن الصلاة فى 
الكعبة لا تحتاج إلى سترةء قال: وكان مالك يوما يصلى بعيدا من سترته» فمر به 
رجل لا يعرفهء فقال له: أيها المصلى › ادن من سترتك» فجعل مالك يتقدم ويقول: 
«وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما». 

الخامس: قال فى الكتاب: لا أكره المرور بين الصفوف عرضا والإمام يصلى؛ 
لأنه سترة لهم» قال: وكان سعد بن أبى وقاص يمشى بين الصفوف عرضا حتى 


)١(‏ سقط فى ش. 
(۲) فى ط: يتقى. 
(۳) زاد فى ط: ابن خلدون. 
)٤(‏ فى ط: الثانى. 
(0) سقط فى ش. 


أركان الصلاة +۱ o۷‏ 


يصل إلى الصلاة» وكذلك كل من عرض له عارض يمشى عرضا؛ لما فى الموطأ: 
قال ابن عباس : أقبلت راكبا على أتان» وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام» ورسول الله 
كل يصلى للناس بمنى» .فمررت بين يدى بعض الصفوف» فتزلت وأرسلت الأتان 
ترتع » ودخلت فى الصف» ولم ينكر ذلك علئ أحد. ويؤكده وجهان: 

أحدهما: أن المأموم لا يوجب سهوه سجودا؛ فكذلك خلل المأموم" إذا 
اختص به لا يوجب خالا فى الصلاة. 

وثانيها: أن الجماعة لا يحتاج كل واحد منهم إلى سترة إجماعا؛ فكانت سترة 
الإمام سترة لهمء فإن لم يمر أحد بين الإمام وسترته» كانت سترتهم سالمة عن 
الخلل؛ فلا يضرهم ذلك» مع أن أبا الطاهر قد حكى الخلاف فى سترة الجماعة: 
هل هى سترة الإمامء فإذا وقع فيها خلل وقع فى سترتهم» أو هى للإمام خاصة؛ فلا 
يضرهم الخلل فى سترته؟ ولفظ الكتاب - كما سمعته -: «والإمام سترة لهم». 

السادس: قال فى الكتاب: لا يقطع الصلاة شىء يمر بين يدى المصلى. وهو 
قول (ش) و (ح) وجمهور الفقهاء. 

وقال أحمد بن حنبل: يقطعها الكلب الأسود» وفى نفسى من المرأة والحمار 
شىء» محتجا بما فی مسلم: اذا ام أَحَدُكُمْ يُصَلَى فَإِنّهُ سره إِذَا گا َيْنَ يَدَيِْ مل 
اجر الرّخْلٍء لن لم يَكُنْ بين يَدَيِْ مل آجِرَء الرّخلٍ» فاه يفط صَلَاَهُ الْحمَارٌ 
وَالمَرَْةٌ وَالكَلْبُ الأَسْوَدُه قال أبو ذر: سألت النبى - عليه السلام - فقال: «الْكَلْبُ 
الأسْوّدٌ شَيْطَانٌة0» زاد أبو داود: «وَالخزيرٌ ولودی والمَجُوسر». 


)١(‏ أخرجه البخارى )01/١ /١(‏ كتاب الصلاة: باب سترة الإمام سترة من خلفه (۹۳٤)ء‏ ومسلم 
)"11١/1١(‏ كتاب الصلاة: باب سترة المصلى (514؟/ 5 »)5١‏ ومالك (۱/ 1686 - )٠١١‏ فى 
قصر الصلاة فى السفر : باب الرخصة فی المرور بين يدى المصلى .(A‏ 

(۲( فى ش: المرور. 

(۳) فى ط: مؤخرة. 

(4) فى ط: مؤخرة. 

(0) أخرجه مسلم (110/ 4201١‏ وأبو داود )1817/١(‏ فى الصلاة: باب ما يقطع الصلاة 
»07١7(‏ والترمذى (۲/ )١157 - ١051‏ كتاب الصلاة: باب ما جاء أنه لا يقطع الصلاة إلا 
الكلب والحمار والمرأة (۳۳۸)» والنسائى (۲/ ٠۳‏ - 54) كتاب القبلة: باب ذكر ما يقطع 
الصلاة وما لح يقطع . 

0( أخرجه أبو داود 7ع عن أبن عباس . 


o۸‏ ج١‏ أركان الصلاة 


لنا: ما فى الصحيحين : أن عائشة - رضى الله عنها - قالت: شبهتمونا بالكلاب 
والحمير؟! لقد رأيته - عليه السلام - يصلى وأنا على السرير بينه وبين القبلة 
مضطجعة فتبدو لى الحاجة وأكره أن أجلس فأوذيه - عليه السلام - فأنسل من عند 
رجليه0"). وفی الموطأ: قال على بن أبى طالب وابن عمر - رضى الله عنهما -: 
لا يقطع الصلاة شىء0"؛ فيترجح ما ذكرناه بعمل الصحابة» وبالقياس على الهوام 
والطيور» أو يجمع؛ فيحمل القطع على قطع الإقبال على الصلاة» بسبب الفكرة فى 
المارء لا على الإيطال. 

السابع: قال فى الكتاب: لا يتناول أحد شيئا بين يدى المصلى؛ لأنه بمنزلة 
المرور؛ لاشتراكهما فى قلة احترام الصلاة» أو فى اشتغال المصلى عنها وكره فى 
المجموعة: أن يتكلم رجل عن يمينه مع رجل عن يساره؛ لما فيه من قلة الاحترام؛ 
قال فى الكتاب: فإن كان المصلى هو المناول لغيره منع أيضا؛ لأن العين المتناولة 
تمر بين يديه وتشغله عن الصلاة0). 





:)51١5( فى الصلاة: باب من قال: لا يقطع الصلاة شىء‎ 07٠١ /١( أخرجه البخارى‎ )١( 
.,)617 /۲۷۰( ومسلم 6 ورف كتاب الصلاة: باب الاعتراض بين يدى المصلى‎ 

(؟) أخرجه مالك )155/١(‏ (50). 

(۳) فى ش: المكان. 

(4) ثبت فى ش: تم بحمد الله تعالى الجزء الأول بتجزئتناء وبليه الجزء الثانى - إن شاء الله 
تعالى - وأوله: الباب الرابع فى أركان الصلاةء أعان الله على إتمامه» وصلى الله على سيدنا 
محمد وعلى آله وصحبه وسلم. 


فهرس محتويات 
الجزء الأول 
من 


الذخيرة 


فهرس المحتويات ج ۱ o۳1‏ 


المقدمة الأولى فى فضيلة العلم وآدابه YP cesses‏ 
المقدمة الثانية PQ esase‏ 
الباب الأول: فى الاصطلاحات N sees‏ 
الباب الثانى: فى معانى حروف يحتاج إليها الفقيه Ve eens‏ 
الباب الثالث: فى تعارض مقتضيات الألفاظ VN cece‏ 
الباب الرابع: فى الأوامر وفيه ثمانية فصول VA eee‏ 
الباب الخامس: فى النواهى وفيه ثلائة فصول AO eens‏ 
الباب السادس: فى العمومات AN wees‏ 
الباب السابع: فى أقل الجمع O eee‏ 
الباب الثامن: فى الاستشناء اك 
الباب التاسع: فى الشرط ece‏ ليل 
الباب العاشر: فى المطلق والمقيد VY eens‏ 
الباب الحادى عشر: فى دليل الخطاب VY esses‏ 
الباب الثانى عشر: فى المجمل والمبين ns‏ ةم 185 
الباب الثالث عشر: فى فعله عليه السلام VV esses‏ 
الباب الرابع عشر: [فى النسخ] cesses‏ 4 
الباب الخامس عشر: [فى الإجماع] MY ceases‏ 
الباب السادس عشر: فى الخبر MV cesses‏ 
الباب السابع عشر: [فى القياس] YE cesses‏ 
الباب الثامن عشر: [فى التعارض والترجيح] WY cesses‏ 
الباب التاسع عشر: فى الاجتهاد TT cesses‏ 


الباب العشرون: فى جميع أدلة المجتهدين» وتصرفات المكلفين .... ٠٤١‏ 


oY‏ ج ١‏ فهرس المحتويات 
كتاب الطهارة 
الباب الأول ا ا اين 
فى الطهارة NOT cece eee‏ 
الباب الثانى : فى الوضوء PE ss‏ 
الباب الثالث: فى الغسل وفيه فصلان AY cee‏ 
الباب الرابع : فى المسح: الذى هو بدل من الغسل P4 ns‏ 
الباب الخامس YT sese‏ 
الباب السادس: فى الحيض 0 Ne‏ 
كتاب الصلاة 
الباب الأول: فى الأرقات YA cesses‏ 
الباب الثانى: فى الأذان» والإقامة EV eens‏ 
الباب الثالث: فى شروط الصلاة Of eseren‏