Skip to main content

Full text of "02 Mawaqiadi"

See other formats


العفير الاسلامية 


تعواجية الثياناث الاطدادية 


كه 


رت 0 


امشجاز العقّيكةوالأويّان 


المقدمة 7 


تسو ار اق اد 
المقدمة 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا 
محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم... 

وبعد: 

إن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من 
أهم الواجبات التي يجب على العاقل أن يعلمهاء ويهتم بهاء ولذلك وجب ' 
على العلماء والباحثين أن يهتموا ببيان حقيقة أركان الإيمان التي لا يتحقق 
لأجن العجاة فى الآحرة ولا السعادة فى الذتباء إلا إذا لي وطعا]. 
بمتعضاها. 0 ْ 

ولماريت الحلة ملسة ليباق تلك الأر كان عقدت الموع ور كليم على 
الله لبحث هذه الأركان بحثا علميًا يجمع بين العمق» واليسر. 

فعرفت في البداية معنى العقيدة لغة واصطلاحًا وأهميتها ومدى الحاجة 
إليهاء ثم بينت الأسماء التي تطلق على العقيدة» كالإيمان» وعلم التوحيدء 
وعلم أصول الدين» وعلم الفقه الأكبر. 

ومن أجل التركيز على المنهج القرآني في دراسة مسائل العقيدة» درست 
بعض مسائل العقيدة وكيف كان فهم الصحابة لهاء بعد بيان الرسول كَِْهِ لهم 
وانتهيت إلى أن صحابة النبي كلِ ما كانوا يتكلفون فهم الأمور على غير 
مرادهاء وكان لسان حالهم بعد أن يقرءوا آيات القرآن التي فيها أسماء الله 
وصفاته» أو بعض الآيات التي توهم التشبيه أن يقولوا سمعنا وأطعنا. 

ولكن بعد عهد رسول الله يَكِْةِ وفي آخر عهد الخلفاء الراشدين بذاك 
بعض الفرق تظهر وبرزت رؤوس مسائل عقدية كان الاختلاف حولهاء الأمر 


3 المقدمة 


الذي أدى إلى ظهور ما يعرف بعلم الكلام بمسائله وقضاياه ولقد رصدت 
بعضًا من هذه الاختلافات» وانتهيت إلى أنه كلما بعد العهد عن رسول الله 
. يكو كلما ظهرت بعض الفرق التي تبعد في فهمها لمسائل العقيدة بعيدًا عن 
فهم الصحابة والتابعين. 

في الفصل الأول: تحدثت عن وجود الله ومنهج القرآن في إثبات 
وجود الله» ثم تساءلت هل أنكر العرب وجود الله؟ وانتهيت إلى أن العرب 
الذين نزل فيهم القرآن الكريم لم ينكروا وجوده. وأثبت أن القرآن الكريم كان 
يولي أهمية قصوى لإثبات الوحدانية. 

ثم تناولت بإيجاز دليل المتكلمين في إثبات وجود الله ودليل الفلاسفة 
ثم تحدثت باستفاضة حول شبه منكري الألوهية وعرضت بالتفصيل شبه 
القائلين بأزلية الكونء والقائلين بأن العالم خلق بالصدفة وليس بالقصد 
والتدبير» وشبهة القائلين بالتطور في خلق الكائنات إنكارًا للخلق من قبل الله. 

أما الفصل الثانى : فكان عن توحيد الله فى أسمائه وصفاته» عرضت فيه 
لإثبات أسيناء الله حسفي وصفاته العلياء الت لمذهب السلف فى 
إثناك الأسناء والصمات: ْ 

ثم عرضت لشبهة غير الموحدين» متمثلة في الوثنيين» فعرضت شبهتهم 
في اتخاذ الأصنام شفعاء لهم عند الله تعالى وشبهة عبادتهم للكواكب وشبهة 
ادعائهم اتخاذ الله ولدًا. 

ثم احتجاجهم بالقدر على شركهم ووضحت منهج القرآن الكريم في الرد 
على تلك الشبهات. 

واستأنست بمفهوم العلماء وتفسيرهم واستنباطهم الحجج من القرآن 
الكريم وسنة النبي وَل لدحض مفتريات المشركين ومن على شاكلتهم في 
كل زمان ومكان. 


المقدمة ه 


ثم عقبت بتعقيب حول اهتمام القرآن الكريم بالوحدانية إثبانًا بالأدلة 
البرهانية والإقناعية والخطابية» وبينت أن ملاك الأدلة قدمها القرآن الكريم 
لإقناع النفس البشرية بتوحيد الله سبحانه» الذي جاءت به جميع الرساللات 
من لدن أدم عليه السلام إلى سيدنا محمد وَللِه. 
أسأل الله تعالى أن يمكن لدينه وأن يوفقنا لخدمة ديئنا الحنيف وأزهرنا 
الشريف. 
«وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب» 
أ.د/ فرج الله عبد الباري أبو عطا الله 
أستاذ العقيدة 
بجامعة الأزهر 


معنى العقيدة لغة واصطلاحًا 04 


مدخل 
ويشتمل على المسائل التالية : 
المسألة الأولى : معنى العقيدة لغة واصطلاحًا: 
كالأبواب» وعَقّد يناعم وعقّدى وتعقد السحاب إذا صار كأنه عقد مبنى» 00 
وورد في معجم الرائد: «عقد يعقد عقدًا الحبل أو نحوه جعل فيه عقدة» وعقد 
البيع أو اليمين أو العهد أو نحوها أحكم اي 
وفي المعجم الوسيط: «العقيدة: هي الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى 
معتقده. وفى الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل» كعقيدة وجود الله وبعثة الرسل 
والجمع عقائد» 5 
وقد وردت مادة عقد في القرآن الكريم وكان يقصد بها الإحكام والربط 
بين شيئين» والتوثيق. 
يقول سبحانه: ولا تَْرْمُا عُْفَدَةَ أليَكاح حَىٍّ يِبْلْمَ الكتبٌ ج4 
[البقرة :8 77] ء 
و م رورده مت 2 لخ 7 
ويقول عز وجل: لإإِلّ أن يَمَقُورت أو يَمْمَُأ آلَذِى بيَدوء عَقَدَة أليكاح4 
[البقرة :/ا77] . 
ويقول سبحانه: «وَآلَذِنَ عفد 


(1) أساس البلاغة للزمخشري (؟71/7١).‏ 
)١(‏ الرائد جبران مسعود (؟8/1*١٠).‏ 
(”) المعجم الوسيط .)5١ 5/7١‏ 


/ معنى العقيدة لغة واصطلاحًا 


5-5 


ويقول عز وجل: (إأَرَفُوأ بالمقود» المائدة ]١:‏ . 

ويقول سبحانه: «إوَلكن بوذكم يما عدم د لمن »4 [المائدة :8]. 

ويقول عز وجل: #وَاحَدلَ عَقْدَهٌ من لْسَاق © يفْفهوا أ فول [طه :4-91 9]. 

ويقول جل وعلا: «إوّمِن سر التَقَّدئتِ ف الْمَقَدِ) [الفلق :؛]. 

وكلمة العقيدة في معناها اللغوي تعني الميثاق الذي ورد في القرآن الكريم 
بعدة معانٍ من بينها العهدء كما في قوله تعالى: مواد حل الله مكو ساق يكن 
لمآ َاتتَحكُم من كتب ب وَحِكمةٍ 4 0 0 

كما في فول تعالى: دل أكة لل كو بف بتيهبة تن 


لي د ب 


منهم اثنى عَشَرَ يَقِبنا4 [المائدة :؟١]‏ . 

وكمافي قوله تعالي: لوَإِدْ أَعَدْنَا من البَبَعنَ مِسَفَهُمْ وينلكت ين فح 
رهم وموس وعيسى أَبْنٍ ص ا نهم هم مَِبَنقَا عَلِيظًا [الأحزاب :0] . 

هذه الآيات جميعها وردث فيها كلمة الميئاق بمعنى العهد والعقد 0©. 

أما معنى العقيدة في الاصطلاح فهي: «مجموعة من قضايا الحق المسلمة 
بالسمع والعقل والفطرة يعقد عليها الإنسان قلبه ويئني عليها صدره جازما بصحتها 
قاطعًا بوجودها وثبوتها» ”) 

ونستطيع أن تقرر في وضوح أن العقيدة الإسلامية هي الإيمان الجازم بالله 
من ناحية وحدانيته واتصافه بصفات الكمال وتنزيهه عن جميع صفات 
النتقص؛ والإيمان الجازم بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره 
وشره حلوه ومره. 
إن العقيدة في الإسلام تعني الإيمان كما ورد في القرآن الكريم بمعنى أنه 


مسمههم 


1 )4١9ص‎ ( انظر : تفسير الجلالين‎ )١( 
مكتبة الكليات الازهرية.‎ )٠١ (؟) مباحث في علوم العقيدة: د/أآمنة نصير (ص‎ 


وحدة العقيدة . 


في حقيقته ليس مجرد قول باللسان» ولا عمل بالبدن فحسبء وإنما هو عمل 
نفسي يبلغ أغوار النفس ويحخيط بجواتبها من كل ناحية سواء الإذراك أو 
الإرادة أو الوجدان, فلا بد من إدراك ذهني تتكشف به حقائق الوجود على ما 
هي عليه في الواقع وهذا التكشف لا يتم إلا عن طريق الوحي الإلهي 
المعصوم ('©: الذي لن تجده البشرية إلا في دين الإسلام الذي جاء به محمد 
يَكلِدِ حاتمًا للأنبياء والرسل. 

يقول سبحانه: نما لْموْسُونَ لد ذِينَ اموأ أنه ورسولو- ثم لم بريَابوأ 
يَحَْهَدُاْ بِأْتَوَلِهِمَ وَلَفْسِهِمَ في سبل 5 ُوْلَتِكَ هُمْ الصَيؤونَ» 
[التحسر ات |10 . 

ثانيًا: وحدة العقيدة : 

ينبغي أن نقرر أن العقيدة في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر 

واحدة مع جميع الأنبياء والمرسلين من أول سيدنا آدم إلى سيدنا رسول الله 


يل يقول الله تعالى: «إسَرَعَ لم يَنّ لين ما وض يو نحا َي أوَحَبَنَآ 
ِلتَكَ وَمَا وَصَيْنَا يد إبَرْسِمَ ومومئ وعسج أن أَقمُوا أدبن ولا تفرشأ فيد» 
[الشورى ]١7:‏ . 


فأصول العقائد واحدة بين جميع الأنبياء والمرسلين ولكن الاختلاف يكون 
في التشريعات» فكل أمة لها من التشريعات ما يتناسب مع ظروفها وأحوالها 
ومستواها الفكري والروحي. 

يقول سبحانه: «إلِكُلَ جَعَلَنَا هنكم سْرَعَةٌ وم يناجا [المائدة :44]. 


وينبغي أن نقرر في ا ذاثة أن دين جميع الأنبياء هو الإسلام» يقول 
سبحانه: طّ اليرت عند الله الإسكة4 [آل عمران ]١9:‏ . 


ويقول سبحانه: فوص يَِبيَْ عير الْإِسَلم ديا فلن يِقبَلَ مِنْهُ وَهُوٌ في 


م 5-5 


لجرو مِنّ الْخَسِرنَ4 [آل عمران :86] ٠‏ 


)0 انظر دراسات في العقيدة الإسلامية: د/ةة فتحي الزغبي (ص ”8#). 
(؟) انظر تفسير الجلالين ( ص 5107) . 


٠٠١‏ أ*مية علم العقيدة 


ثالنًا: أهمية علم العقيدة: 

علم العقيدة أو الإيمان أو التوحيد, أهم العلوم وأشرفها فهو بمثابة الرأس 
. والقلب من الجسدء فكل العلوم تابعة لعلم العقيدة؛ ع العلوم الشرعية» فإذا 
أراد الإنسان أن يدرس علم التفسير مثلا فلا بد أن يتيقن أن القرآن الكريم 
كلام الله أنزله على قلب سيدنا محمد يكِةِ وأن إثبات الرسالة من مفردات 
علم العقيدة» وإذا أراد أن يدرس علم الفقه والأحكام الشرعية المستنبطة من 
أدلتهاء فلا بد أن يعتقد أولاً صدق الرسول يِه وهكذا دواليك؛ ومن ثم فإن 
علم لعجيو د منفعته في الدنيا بانتظام أمر المعاش وأما في الآخرة فهو 
النجاة من النار والفوز بالجنة. 

وكمايقرر التفتازاني: «بأنه أشرف الغايات مع الإشارة إلى شدة الاحتياج إليه 
وابتناء سائر العلوم عليه والإشارة بوثاقة براهينه لكونها يقينيات يتطابق عليها العقل 
والشرع» 60 

إن حاغة التشبر إلى العقيدةالسحيحة قوق كل صرورة لأنوالا حياة 
للقلوب ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بأسمائه 
وصفاته وأفعاله ويكون مع ذلك أحب إليها مما سواه ويكون سعيها فيما 
يقربها إليه دون غيره من سائر خلقه """. 

وتتمثل أهمية علم العقيدة في: 

-١‏ الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان: «إيَرْي ألَّهُ لذن اموأ 
نكم وَألَدنَ أو لعل دَرَحاتٍ ا [المجادلة ]١1:‏ . 

؟- إرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة وإلزام المعاندين بإقامة الحجة. 

+«- حفظ قواعد الدين على أن تزلزلها شبه المبطلين. 


)١(‏ انظر شرح المقاصد للسعد التفتازاني ( ١‏ / 8) بتصرف يسير. 
[هة شرح الطحاوية بتصرف ( ص )١17‏ تحقيق الشيخ: أحمد شاكر. 


أهمية علم العقيدة ١١‏ 


4- أن يبنى عليه العلوم الشرعية فإنه أساسها وإليه يؤول أخذها واقتياسها. 


التضحية من أجل العقيدة: 


للعقيدة ثمرات كثيرة يجنيها المسلم في حياته وبعد مماته» ففي حياته 
ويأتي على رأس هؤلاء جميعًا الانبياء والرسل. 

من أجل الدفاع عن العقيدة وجد الشهداء الذين قابلوا الموت بوجوه 
ضاحكة ونفوس مستبشرة) ولسان أحدهم يقول فزت ورب الكعبة. 

من أجل الدفاع عن العقيدة الصحيحة وجد المؤمنون الأوفياء الذين 

ل سيره سا سس بو م مل 9 مذ >حو ‏ م 0 جمرمو م حو مي م لل سي 

صََقُوا ما عَهَدُوْ أله عَلَنَهِ ضَنْهم من قضئ حب ومنهم من يننظِر وما بذلوا 
ويلا [الأحزاب :78 ]207 . 

وما أصحاب الأخدود وأهل الكهف وزوجة فرعون وصحابة النبي كَل إلا 
بما فازوا به من عز وكرامة في الدنياء وجنات ونهر في الآخرة» يقول سبحانه: 
1 أ أتقك يت ليت تسر تنوك يأك كمد الجن 


444 عر سيرم رو رط وعم 


2 5 0 ره 00007 مو 
يتيلرت فى سكيل الله فِيمَئْلُونَ وشئلوت وعَذَا عليه حمًا يف الموَرسة 


0 رمعل .م 08 8 05 8 2 | ا 
وَالوِضِلٍ وَالْفْرْءَانِ وَمَنْ أوول يعَهدوء ص أله فاستبشروا سبكم الزى 
يعم بد وَدَللَك هو الْعوْرُ لْمَظِيم 4 [العوبة .]11١:‏ 


ل ترا تنا 


)8-8 وانظر العقيدة والأخلاق ( ص‎ )١( 


١‏ الأسماء التي تطلق على علم العقيدة 


رابعًا: الأسماء التي تطلق على علم العقيدة: 

-١‏ علم التوحيد: 

سمي بعلم التوحيد لأن:مبحث الوخدانية أشهر مباحقه 23 ولذلك اشتهر 
بين الدارسين والعلماء بعلم التوحيد إذ ما جاء رسول ولا نبي إلى قومه إلا 
بالتوحيد» يقول سبحانه: إوَمَآ رسلا ين فلك من يَسُولٍ إلا نوين إِه أ 
ا إِلَهَ إَاَ آنأ َأعْبَدُونٍ4 [الأنبياء :10]. ويقول عز وجل: لإوَبَكَلٌ مَنَ أَرسَلنَا من 
َبِكَ من يسم أَجَعَلَنَا مِن دون ابحم اله َعْبَدُوت4 [الزخرف :40]. 

يقول الإمام محمد عبده: «أصل معنى التوحيد اعتقاد أن الله واحد لا شريك له. 
وسُّمي هذا العلم به تسمية له بأهم أجزائه وهو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في 
خلق الأكوان وأنه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل قصد وهذا المطلب كان الغاية 
العظمى من بعثة النبي كِ ("2: وكل الأنبياء والمرسلين من قبله. 

وقد عُرفت تسمية علم العقيدة بعلم التوحيد من قديم حيث عُرف كتاب 
التوحيد للإمام أبي منصور الماتريدي» وكتاب التمهيد لقواعد التوحيد للإمام 
النسفي» وشاعت في العصور المتأخرة فألف الشيخ اللقاني جوهرة التوحيد 
التي شرحها الإمام البيجوري وألف الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب 
«التوحيد الذي هو حق الله على العبيد؛ وجمال الدين القاسمي له كتاب يسمى 
«دلائل التوحيد» والشيخ محمد عبده له «رسالة التوحيد»» وعُرف تدريس العقيدة 
الإسلامية في معاهد الأزهر الشريف وجامعته باسم «مادة التوحيد» 7" 

وهذه التسمية هي ما نستريح إليه ونفضل إطلاقها على علم العقيدة لأنه 
فضلاً عن أن صفة الوحدانية أشهر مباحث علم التوحيدء فإن التوحيد علم 
)١(‏ البيجوري على الجوهرة ( ص .)١5‏ 


(1) رسالة التوحيد ( ص ٠١‏ 
(9؟) انظر بتصرف دراسات في العقيدة الإسلامية ( ص ١ه‏ 7ه) 


الأسماء التي تطلق على علم العقيدة ١‏ 
على دين الإسلام» كما أن التثليث علم على النصرانية المبدلة والإسبات أي 
الراحة يوم السبت علم على اليهود والتناسخ علم على الهنود كما يقرر 
0 

؟- علم الفقه الأكير: 

أول من أطلق على علم العقيدة علم الفقه الأكبر الإمام أبو حنيفة ووجه 
التسمية بهذا أن علم التوحيد هو الفقه الأكبر بالنسبة إلى فقه الفروع. 

يقول شارح الطحاوية: «ولهذا سمي الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى ما قاله 
وجمعه في أوراق من أصول الدين الفقه الأكبر؛ لأن حاجة العباد إليه فوق كل حاجة 
وضروراتهم إليه فوق كل ضرورة» ”") 

وقد رجح بعض الباحثين المعاصرين هذه التسمية ودلل عليها ببعض الأدلة 
منها: 

1- أنها تسمية ذات. أبس :عريقة قرانية فضبلا عن خعلوها من المانحد الى 
تثيرها التسمية المشهورة بعلم الكلام. ْ 

؟- أن هذه التسمية ترفع مكانة هذا العلم الباحث في الأحكام الشرعية 
الاعتقادية الذي سماه «بالفقه الأكبر» فوق علم الفقه أو العلم الباحث في 
الأحكام العملية الفرعية من حيث إن هذه الأخيرة تنبني على صحة الاعتقاد 
بأصول الدين من معرفة بالشارع سبحانه» وبصحة ورود الشريعة ووجوب 
التزام المكلف بهاء ومن ثم كانت هذه أصولاً والأولى فروعًا 9©. 

“- أنها تبين ارتباط هذا العلم «التوحيد؛ بعلوم الشريعة الإسلامية ومكانته 
بين العلوم من ناحية» كما أنها من ناحية أخرى تتيح له التوسع والتفتح 
)١(‏ انظر تحقيق ما للهند من مقولة ( ص 5”) عالم الكتب الطبعة الثانية "940١م‏ 


)١7 شرح الطحاوية ( ص‎ )١( 
)١58 زه المدحل لدراسة علم الكلام ( ص‎ 


١‏ الأسماء التي تطلق على علم العقيدة 


ليتضمن بحث الأصول الفكرية للدين الإسلامي سواء كانت مما يلزم اعتقاده 
أو مما ينبئق عن هذه العقيدة أو يرتبط بها من أصول ومبادئ عامة تصور 
موقف الإسلام من الكون والحياة والإنسان 0©. 

؟- علم أصول الدين: 

سُمي علم العقيدة بعلم أصول الدين لأن المسائل التي يقوم يإثباتها والدفاع 
عنها هي الأصول العقدية التي ينبغي على المكلف العلم بها. 

يقول شارح الطحاوية: «فإنه لما كان علم أصول الدين أشرف العلوم إذ شرف 
العلم بشرف المعلوم. وهو الفقه الأكبر بالنسبة لفقه الفروع» 7"©. 

وكثيرًا ما كان العلماء يسمون بحوثهم في العقيدة بعلم أصول الدين أو 
أصول الملة أو الديانة» فالإمام الأشعري ألف كتابه: «الإبانة عن أصول الديانة»؛ 
وللجويني كتاب سماأه: «الشامل في أصول الدين»» والبغدادي أل كتابًا في 
العقيدة سماه: «أصول الدين»»: وللإمام فخر الدين الرازي كتاب معنون ب 
«الأربعين في أصول الدين»» يقول في مقدمته: «فهذا مختصر يشتمل على خمسة 
أنواع من العلوم المهمة فأولها علم أصول الدين» ”". 

وللغزالي أبي حامد كتابًا اسمه: «الأربعين في أصول الدين» تحدث فيه عن 
كثير من الأصول العقدية التي تتعلق بالإلهيات والسمعيات ©). 

وكذلك عندما أنشعت الكليات في الجامع الأزهر أطلق علي الكلية التي 
تقوم بتدريس مادة العقيدة الإسلامية وما يتصل بها من قريب أو بعيد كلية 


1 2 
افا ال 


)88 ء‎ 779 2١4 المدخل لدراسة علم الكلام :د/ حسن الشافعي ( ص‎ )١( 
003 شرج الطحاوية وض‎ )0( 

(7) الأربعين في أصول الدين بهامش محصل أفكار المتقدمين ( ص *) 

(5) انظر دراسات في العقيدة ( ص 45) 

(©) نفس المصدر ( ص 57) 


الأسماء التي تطلق على علم العقيدة ١‏ 


#- علم الكلام: 

من أشهر الإطلاقات على علم العقيدة «علم الكلام» لأن أبوابه عُنونت 
بالكلام في كذاء أو لأنه قد كثر الاختلاف فيه حول مسألة الكلام 7©. 

يقول الشيخ محمد عبده في رسالة التوحيد: «وقد يسمى» أي علم العقيدة: 
«علم الكلام» إما لأن أشهر مسألة وقع فيها الخلاف بين علماء القرون الأولى هي أن 
كلام الله المتلو حادث أو قديم. وإما لأن مبناه الدليل العقلي وأثره يظهر من كل متكلم 
في كلامه وقلما يرجع فيه إلى النقل» اللهم إلا بعد تقرير الأصول الأولى ثم الانتقال 
منها إلى ما هو أشبه بالفرع عنها وإن كان أصلًا لما يأتي بعدهاء وإما لأنه في بيان طرق 
الاستدلال على أصول الدين أشبه بالمنطق في تبيينه مسالك الحجة في علوم أهل النظر 
وأبدل المنطق بالكلام للتفرقة بينهما» ”"2. 

وكلام الشيخ محمد عبده تلخيصًا لما قاله صاحب المواقف وشارح 
المقاصد وما أورده صاحب العقيدة النسفية. 

وينفذ الشيخ مصطفى عبد الرازق إلى السبب الحقيقي لتسمية علم العقيدة 
بعلم الكلام يقول: «وإنما سمي البحث في الشئون الاعتقادية كلامًا وسمي أهله 
متكلمين لأحد وجهين : 

أولهما: يؤخذ مما رواه جلال الدين السيوطي (54١8ه)‏ في كتاب «صون 
المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام وأخرج عن مالك رضي الله عنه المتوفى 
(195١ه)‏ قال: «إياكم والبدع . قيل: يا عبد الله وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين 
يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه 
الصحابة والتابعون لهم بإحسان». 

ويورد الشيخ مصطفى عبد الرازق نصوصًا كثيرة عن رسول الله وله وعن 


)١5 شرح البيجوري على الجوهرة ( ص‎ )١( 
)5١ 7١ (؟) رسالة التوحيد ( ص‎ 


الصحابة والسلف تذم الكلام والذين يشتغلون به. 

ثانيهما: يؤخذ مما نقله ابن عبد البر المتوفى (4751ه) في كتاب «مختصر 
جامع بيان العلم وفضله»» عن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: كان مالك بن 
أنس يقول: «الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه نحو 
الكلام في رأي جهم والقدر وما أشبه ذلك ولا أحب الكلام إلا فيما فيه عمل» ”"©. 

. وهو تعليل مقبول إلى حد كبير من الناحية الاصطلاحية ؛ لأن أرباب الفرق 
كانوا يُعرفون بالمتكلمين فى مقابل السلف الذين كانوا يسكتون عن الكلام 
فيما نهوا عن الخوض فيه. 1 

تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 
الذي اشتهر به عند مؤرخي العقيدة وأرباب الفرق والمقالات 


أولاً: عند الإمام الغزالي: 

يقول عنه: «وإنما مقصوده حفظ عقيدة أهل السنة وحراستها عن تشويش أهل 
البدعة») 

ويشرح الغزالي الغاية من علم الكلام والاشتغال به فيذكر: «أن الله ألقى إلى 
عباده على لسان رسوله عقيدة الحق على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم كما نطق بمعرفته 
القرآن والأخبارء ثم ألقى الشيطان في وساوس المبتدعة أمورًا مخالفة للسنة فلهجوا بها 
وكادوا يشوشون عقيدة الحق على أهلها فأنشأ الله تعالى طائفة المتكلمين وحرّك 
دواعيهم لنصرة السنة بكلام مرتب يكشف عن تلبيسات أهل البدعة المحدثة على خلاف 
السنة المأثورة فمنه نشأ علم الكلام وأهله» ”". 

ويعلق المرحوم الدكتور عبد الحليم محمود على كلام الغزالي بقوله: « نرى 
)١(‏ انظر : تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية ( ص 5١5‏ - 717؟) بتصرف. 


(؟) المنقذ من الضلال ( ص 78) 
(9) نفسه رص 075) 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي ١١7‏ 


ا 


الإمام الغزالي مع هدمه في النهاية لعلم الكلام مجاملا للمتكلمين 

وهذا كلام الإمام الدكتور عبد الحليم محمود الخبير .المحيط بأراء الغزالي 
في المتكلمين والفلاسفة وسائر الفرق. 

ثانيًا: عند ابن خلدون: 

يعرف ابن خلدون علم الكلام بأنه: «علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية 
بالأدلة العقلية والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات من مذاهب السلف وأهل 
السنة» 60 

ولعلنا نجد وجه الشبه واضحًا بين تعريف ابن خلدون وتعريف الإمام 
الغزالي من قبله؛ ومفاد التعريفين أن السلف أخذوا العقائد الإيمانية من 
الكتاب والسنة ثم جاء المتكلمون وأوضحوا تلك العقائد وجادلوا بها 
المعاندين ليدفعوا البدع التي أثارها المبتدعون حول عقائد السلف. 

ويعرفه التفتازاني بقوله: «الكلام هو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية 
وموضوعه العلوم من حيث ما يتعلق به إثباتها ومسائله القضايا النظرية الشرعية 
الاعتقادية» وغايته تحلية الإيمان بالإيقان» ومنفعته الفوز بنظام المعاش ونجاة المعاد 
فهو أشرف العلوم» دا 

وواضح من تعريف التفتازاني أنه يجعل علم الكلام قائمًا على الأدلة اليقينية 
المستمدة من الكتاب والسئة. 

ويعرفه عضد الدين الإيجي بأنه: «علم يقتدر به معه على إثبات العقائد الدينية 


بإيراد الحجج ودفع الشبه» 247. 


)78 هامش المنقذ من الضلال ( ص‎ )١١ 

١١؟)‏ مقدمة ابن خلدون ( ص )0 

(؟) شرح المقاصد انظر ( ص )١9٠ » ١79‏ تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة 
(5) المواقف ( ص ”7) 


174 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 


ويشرح التعريف فيذ كر: «أن المراد بالعقائد ما يقصد به نفس الاعتقاد دون العمل 
وبالدينية المنسوبة إلى دين محمد كَكلةٍ فإن الخصم وإن أخطأناه لا نخرجه من 
علماء الكلام) 27. 

ويلاحظ الشيخ مصطفى عبد الرازق أن الإيجي في تعريفه يجعل علم 
الكلام أداة دفاع لكل معتقد عن عقيدته سواء أكانت على منهج السلف أو 
كانت على غيره؛ لأن مفاد تعريفه أن دفاع المبتدع عن عقيدته بالبراهين 
العقلية كلام أيضًا (". 

خامسا: حكم الاشتغال بعلم الكلام: 

دار أخذ ورد بين العلماء في الاشتغال بعلم الكلام ما بين مُحرم له وما بين 
مجوز للاشتغال به» بل وبعض العلماء أوجب الاشتغال به لمن كانت عنده 
القدرة على الجدال. 


قد لخص الإمام الرازي حجج المانعين للاشتغال بعلم الكلام ثم فندها: 

-١‏ حجج القائلين بعدم جواز الاشتغال بعلم الكلام: 

قوله تعالى: «إمَا صَرَو لَك إلا ِل بل مر قَوْعٌ سحَصِمُون4 [الزخرف :08] فيه 
ذم الجدل وقال: واد رَلتَ ادن يحُوصُونَ يه َايئَِا عض عَنَهُمْ حَقّ يخوصُوأ في 
حَدِيثِ عبرو 4 [الأنعام :4] قالوا: فأمر بالإعراض عنهم عند خحوضهم في آيات 
الله تعالى. 

؟- استدلوا بقوله يكِ: «إذا ذكر القدر فأمسكوا» وبأن هذا العلم لم تتكلم فيه 
الصحابة فيكون بدعة» وما نقل عن مالك بن أنس: «إياكم والبدع قيل: وما 
البدع يا أبا عبد الله؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته 
وكلامه ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون). 


(1 المواقف ( ص 7) 
)١(‏ التمهيد ( ص ؟55) 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 11 
وسكل سفيان بن عيينة عن الكلام فقال: اتبع السنة ودع البدعة. 

وقال الشافعي رضي الله عنه لأن يبتلى العبد بكل ذنب سوى الشرك خية 
له من أن يلقاه بشيء من الكلام. 

هذه كانت حجج المانعين للاشتغال بعلم الكلام بإيجاز ”"2. 


وقد أجيب عن هذه الحجج بالآتي: 

-١‏ أن الجدل في قوله: «إمَا صَرَبوهُ لَكَ إلا 7 [الزخرف :08] محمول 
على الجدل بالباطل» توفيقًا بينه وبين قوله: 99و جَدِلهُر يلتي ِي أحَسَنْ4 
[النحل :0؟١]‏ وأما قوله: «إوإدًا َل لذن يحُوصُونَ فى اين عض عَنهم 4 [الأنعام: 
4 فالخوض ليس هو النظر بل الخوض في الشيء هو اللجاج والخصومة 
المؤدية إلى النزاع. 

- أما قوله يلِ: «إذا ذكر القدر فأمسكواء يقول عنه الرازي: فضعيف؛ لأن 
النهي الجزئي لا يفيد النهى الكلى. 

أما استدلالهم بأن الإجماع منعقد على أن الصحابة والسلف لم ينشغلوا 


فلو كان المراد أن الصحابة لم يستعملوا ألفاظ المتكلمين فمسلم, لكنه لا 
يلزم منه القدح في الفقه ألبتة» ثم إن الصحابة لم يستعملوا ألفاظ الفقهاء ولا 
يلزم منه القدح في الفقه. ثم إن الصحابة لم يستعملوا هذه الألفاظ لأن مثلهم 
كمثل قوم ليس بحضرتهم من يقاتلهم فلا يقاتلهم فلا يتكلفون السلاح "'". 


717١ وانظر تمهيد في تاريخ الفلسفة الإسلامية (ص‎ )٠١ 0-٠٠١١ ( انظر التفسير الكبير للرازي‎ )١( 
وانظر:‎ )4 ٠ - 74 وانظر مقدمة المنقذ من الضلال تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود ( ص‎ » )707 
المدخل لدراسة علم الكلام (ص ) د/حسن الشافعي.‎ 

(؟) انظر هذه الحجج مفصلة لدى الرازى فى التفسير الكبير ( 5-١١57/١‏ ١٠):وانظر‏ المدخل لدراسة 
علم الكلام ( ص 4١‏ - ؟47). 


0 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 
وأما تشديد السلف على الكلام فهو محمول على أهل البدع والمخالفين 
للكتاب والسنة وهذا ما يشهد له اشتغالهم هم أنفسهم بلون من الكلام يتفق 
في رأيهم مع القرآن الكريم ويعتمد على السنة الصحيحة ومدارك العقول. 

فألف أبو حذيفة الفقه الأكبر والفقه الأوسط والوصية والعلم والمتعلم. 

وناظر الشافعي حفصًا الفرد وغيره وهو من المتكلمين المبتدعين» ورد على 
المرجئة. وألف الإمام حي كتاب: «الرد على الجهمية» وكلها مؤلفات فى 
الكلام إلا أنه كلام موافق لعقيدة أهل السنة والجماعة جاء على نهج الكتاب 
والسنة: 


موقفنا إزاء هذه الحجج من المانعين والمجوزين: 

نرى أن من التزم من المتكلمين بأدلة الكتاب والسنة والأدلة العقلية 
المستقاة منهما فلا ضير عليه بل هو مأجور إن شاء الله. أما من خالف الكتاب 
والسنة وجادل بالباطل لا لنصرة الحق في ذاته وإنما لنصرة مذهبه أو القواعد 
والأصول التي بي عليها مذهبه؛ فهو مذموم؛ ومرتكب ما ثُهِي عنه. 

وكما يقول أستاذنا الدكتور حسن الشافعي بعد أن استعرض رأي المانعين 
والمجوزين باستفاضة: 

«أحسب أن من شاركنا من القراء في استعراض المواقف السابقة ثم دعته دواع فكرية 
أو اجتماعية أو تعليمية للاشتغال بعلم الكلام يستطيع أن يقدم على ما يريد دون حرج 
في الصدر أو تردد في الخطو ينشأ من السؤال التقليدي حول مشروعية البحث في علم 
الكلام» 600 

على أن يكون القصد من وراء الاشتغال نصرة الإسلام والدفاع عنه كما 
فعل علماء الكلام» في بداية نشأته» يقول أستاذنا الدكتور يحيى هاشم: «ولقد 
أرغمت التحديات متكلمي الإسلام على توجيه أنظارهم إلى المباحث التي يدور فيها 


)58 المدخل لدراسة علم الكلام ( ص‎ )١( 


11 


2 
١ 
1 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 55١‏ 


الاحتكاك بين الإسلام وتلك العقائد لقد كان لهذا العلم في هذا المجال هدف جليل 
يتمثل في المحافظة على عقائد المسلمين وكان عليه أن يواجه في هذا الموقف أعتى 
أعداء الإسلام وأخطرهم وأقواهم سلاحًا وأشدهم تمكنًا وأكثرهم تحالفًا وأوسعهم 
0 

بل إن أستاذنا الدكتور يحيى هاشم ليعتبر أن من فضل الله على الأمة أن 
وفق علماء الكلام للذود عن الإسلام» يقول: «وإن المرء ليكاد يؤخذ من هول 
تصوره لما كان يمكن أن يحدث لو أن هذا الهجوم العقدي وجد المسلمين فراغًا والتقى 
فيهم بالمواقف السلبية» ”"©. 

وحول الجدل والتفرق بين المسلمين الذي صاحب نشأة علم الكلام 
يقول: «ومهما يكن القول في آثار هذا العلم التي لا تكاد تمحى في إحداث المذاهمب 
وترسيخ التفرق وإثارة الجدل فإن قيامه بعبء هذا الهدف الجليل» يحتم علينا إغضاء 
الطرق عم اغنطو البدزمق للق 77 

ومفاد كلام أستاذنا أن ما قدمه علم الكلام في بدايته من إيجابيات يفوق 
سلبياته. 

أقسام علم العقيدة: 

جرت عادة العلماء على تقسيم علم العقيدة إلى ثلاثة أقسام: 

الأول: الإلهيات: ويختص الحديث في هذا القسم عن ذات الله من حيث 
ما يحب له وما يستحيل وما يجوز في حقه عز وجلء وكذا مسألة وجود الله 
ووحدانيته ومسألة الصفات والقضاء والقدر. 

القسم الثالث: السمعيات: وهي التي تتعلق بالأمور التي لا طريق إلى إثباتها 
)١ .‏ انظر أستاذنا الدكتور يحبى هاشم حسن فرغل: الأسس المنهجية ( ص 8) 


(؟) نفس المصدر السابق ( ص8) 
(5) نفسه وانظر عوامل وأهداف علم الكلام طبعة مجمع البحوث الإسلامية 


" تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 
إلا بالنصوص الواردة عن الله وعن رسوله يَكلةٍ كاليوم الآخر ومشاهدة الجنة 
والناره وكالملائكة» والجن والشياطين» كل هذه العقائد من السمعيات» 
والتي يتكفل علم العقيدة بإثباتها والاستدلال عليها. هذا هو التقسيم 
المشهور: 

وهناك من يقسم علم العقيدة إلى الإلهيات» والسمعيات ويدخل النبوات 
في السمعيات من حيث إن تصديق النبي يتوقف على السمع. 

وهناك مباحث أخرى تتعلق بعلم العقيدة مثل الأسماء والأحكام ومبحث 
الإمامة الذي يذكر غالبا فى نهاية كتب العقيدة» ويبدو أن أهل السنة 
والجماعة ألحقوا هذا الف م حلي العقيدة لأنهم كانوا يناقشون ويجادلون 
الشيعة» في كون الإمامة من أركان الدين. 

المسألة السادسة: الأمور العقدية في عهد الرسول عَلِلهِ: 

جاء محمد يَلِةٍ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور» ويهديهم إلى صراط 
العزيز الحميدء واهتم عم القرآن الكريم بتأصيل العقيدة وتأسيسها خاصة في 
المرحلة المكية» وجميع أركان العقيدة شملها القرآن الكريم ببيان واضح؛ 
وبينها النبي يَل. 

على أنه كانت تعرض أسئلة عقدية على الصحابة فكانوا يسألون النبي وَلِل 
عنهاء ويستوضحون معانيهاء ولكن صحابة النبي وه كان يشغلهم العمل 
بالقرآن عن الخوض في متشابهه وكانوا لا يتكلفون الأسئلة ولا يتفيهقون ولا 
يتشدقون. 

وهناك بعض آيات القرآن الكريم مما يتعلق بالعقيدة فسرها النبي كله 
وتلقاها الصحابة بالقبول والتسليم. 

ففى قول الله تعالى فيما حكاه عن اليهود: م وَقَالتِ الم 1 يذ قد مقرل علد 
4 [المائدة :54]. 


فسر النبي يَكةٍ هذه الآية» فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه 
أن رسول الله كلل قال: «يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحًّاء الليل والنهار»» وقال: 
«أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده وكان عرشه على 
الماء؛ وبيده الميزان يخفض ويرفع» ”' 

قال الترمذي: «هذا الحديث حسن صحيح . وقد روته الأئمة هكذا: يؤمن به كما 
جاء من غير أن يفسر أو يتوهم» ”"). 

هنا لم يسأل الصحابة هل اليد بمعنى القدرة؟» أو يسألون عن كيفية ملا 
يد الله ولم يسألوا عن العرش وكيفيته والميزان وحقيقته» وإنما كان يكفيهم 
بيان النبي وَللِْةٌ وسكوته. ٠‏ 

ومن قبيل هذا ما أخرجه الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 
قال: جاء حبر إلى النبي يَكِيِ فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله يمسك 
السموات يوم القيامة على إصبع والاراضيين علي إصبع والجبال والشجر على 
(ضبع والماء والترئ على إصبع وسائر الخلق على |ضيع ثم يهزهن'فيقول؟ «أنا 
الملك أنا الملكء فضحك رسول الله وَكوْ تعجا مما قال الحبر تصديقا له ثم قرأً: 


و مر 2 لس فر 000 

وما هدروأ 7 حى فدذرهء وَالاض 0 ضكة 1 ليم الْعَلْمَدِ اموت 
هه هه 2 0010 َ 97 

لوكت يوسيو شبكطز يتل عن ترقت الدر :ما ؛ 1" 


سألوه عنه أو أخبرهم به أو سكت عنه يَكِِ. 
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله يِه هذه 
الآية: مِإيَوْمَيِذٍ ثُ ثُ أَحْبَارمَا © [ [الزلزلة :4]. قال: «أتدرون ما أخبارها». 


قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما 
)١(‏ أخرجه البخاري في التفسير باب قوله: #وتكات عَرَشُمٌ عَلَ الْمَآهِ» [هود :/ا] 0٠١7/0‏ 


(؟) سنن الترمذي (ه / 15؟) 
(7) انظر : فتح الباري ( 8 / )4١١‏ 


فول علق كزيها كول “عمل علا هذاه وفنا جيه لحار" 

وقد بين وَل معنى قوله تعالى: (إوُبه مذ تَضِرَة © إل ريا َاظرَة © [القيامة: 
58-١‏ ] يَكخِ: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جناته وزوجاته ونعيمه وخدمه 
وستوره مشيرة الف سنة وأكرمهم من يتظر إلى الله غذوة وغشية لم قرأ رسول الله 25: 
وجوه يَوْمِذٍ ضر © إن يا َاظِرَة © [القيامة اس ]27 

هكذا فسر وبين وَلكِ وقبل الصحابة - بالتسليم - ما ورد عنه و وإن 
أراد القارئ أن يعرف الفرق بين تلقي الصحابة لهذه الآية وبين غيرهم من 
علماء الكلام فلينظر إلى كتب المتكلمين وما أثاروه حول هذه الآية 
ودلالقينا 70 

لقد نهى القرآن الكريم عن الجدال بغير حق وإن كان الله عز وجل قد أفرد 
آيات كثيرة لجدال المشركين في قضايا الوحدانية والنبوة واليوم الآخر وجادل 
اليهود والنصارى فيما كانوا يثيرونه حول الوحي والنبوة» إلا أنه لا يمد في 
حيل: الول عرص عل الالفة. 

وكثيوا ما تختم آيات الجدل بمثل قوله تعالى: «إوإن بَِدَلُوَكَ قَمُلٍ أنه 
علمُ يما تَمَلُونَ © أنه يحكم بسكم يو اليس نيما 0 قث 
تَحتيِفُون [الحج :هوه ]40). 

هذا الجدل في العقائد عرض له القرآن للحجة وعلى مقدارها من غير أن 

يضجع المسلمين على المضي فيه؛ بل هو قد نفرهم منه في مثل قوله تعالى: 


8 الذيت: قاو إن اا اله ا د ا 
)١(‏ أخرجه الترمذي في التفسير باب ومن سورة «إإدًا رُْزِتِ الْأَرْسُ زِلْرَاهَا4 [الزلزلة :1] (ه/ 
1 08). 

(؟) تحفة الأحوذي 7 / .)307١‏ 

(") انظر الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص 17؟) وانظر الكشاف للزمخشرى (4 / )١157‏ 
وانظر الفصل (”5 / ؟ - 07. 

(4) انظر تمهيد في تاريخ الفلسفة الإسلامية (ص .)7١07١‏ 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 5" 


ح سم ره 100 ل 


دُكروا بدء فأغيبا ١‏ بينهم العداوة وَأَلِقَصَاء إِل يوم لْمِيكمَةِ وَسَوْفَت 

يَسَتهُمُ أنه يمَا كاد 0 يسنوت [المائدة :14 ]7'©: وهذه العداوة 
والبغضاء بسبب الجدال والاختلاف والشقاق الذي ذمه الله عز وجل في 
كتابه» ونهى المؤمنين عنه إلا بالتي هي أحسنء كما في قوله تعالى: مولا 
محلا أَمْلَ ألكتب إِلّا بألتى هَّ أَحْسَنٌ) [المنكبوت ::4]. 

ونلاحظ أن الله - رب العالمين - لم يطلب الحسن في الجدال وإنما 
للح ان حن بعد ا لحيا دل لمان جا جا لق ا رن 
لا 0 

ولذلك وقف النبى له ضد الجدال والمراء في الدين وحذر الصحابة منه 
والأفة مزه اضر از ْ ْ 

وقد وردت الأحاديث عن النبي كَكةِ التي تنهى عن الجدال والمراء وورد 
عن السلف الصالح آثار تسير في اتجاه التحذير من الجدال والخصومة والتقعر 
والبحث عن دقيق الأمور وغوامضها والبحث في المتشابه منها ما أورده 
السيوطي عن كتاب «ذم الكلام وأهله؛ لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي 
المتوفي سنة (١/4ه)»‏ أخرج عن طريق عمر بن شعيب عن أبيه عن جده 
٠‏ قال: خرج رسول الله يك على أصحابه ذات يوم وهم يتراجعون في القدر 
فخرج مغضبًا حتى وقف عليهم فقال: «يا قوم بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافهم 
على أنبيائهم وضربهم الكتاب بعضه ببعض وإن القرآن لم ينزل لتضربوا بعضه ببعض 
ولكن نزل القرآن فصدق بعضه بعضًا ما عرفتم منه فاعملوا وما تشابه فآمنوا به). ظ 

وأخرج عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله يَلِيِهِ ونحن نتنازع في 
القدر فغضب حتى احمر وجهه ثم قال: أبهذا أمرتم أم بهذا أرسلت إليكم؟ ما 
هلك من كان قبلكم حتى تنازعوا في هذا الأمر عزمت عليكم ألا تنازعوا». 
(3) لطر مخصر نشعي ابو كتير 13161 ) 
(؟) مدخل إلى الاستدلال القراني (ص .)1١‏ 


5 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 


وأخرج عن أبي الدرداء وأبي أمامة وأنس بن مالك ووائلة بن الأسقع قالوا: 
خرج إلينا رسول الله يَِيْةِ ونحن نتنازع في شيء من الدين فغضب غضبًا 
شديدًا لم يغضب مثله ثم انتهرنا قال: «يا أمة محمد لا تهيجوا على أنفسكم. ثم 
قال: أبهذا أمرتكم؟ أو ليس عن هذا نهيتكم؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا ثم قال: 
ذروا المراء ”'2 لقلة خيره؛ ذروا المراء فإن نفعه قليل ويهيج العداوة بين 
الإخوان» روا المراء فإن المراء لا تؤمن فتنته» ذروا المراء فإن المراء يورث 
الشك ويحبط العملء ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري» ذروا المراء فكفى 
بك إثمًا ألا تزال مماريّاء ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة, 
ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة في وسطها ورباضها وأعلاها لمن 
ترك المراء وهو صادقء ذروا المراء فإن الشيطان قد يكس من أن يعبد» ولكن 
رضي بالتحريش وهو المراء في الدين» ذروا المراء فإن بني إسرائيل افترقوا 
على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنين وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق 
على ثلاث وسبعين فرقة كلهم على الضلالة إلا السواد الأعظم»» قالوا: يا 
رسول الله وما السواد الأعظم؟ قال: «من كان على ما أنا عليه وأصحابي». ثم 
قال: «إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء»» قالوا يا رسول الله ومن 
الغرباء؟ قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس ولا يمارون في دين الله» ”"“. 

ولا شك أن هذا النهي قد أثر تأثيرًا كبيرًا في الصحابة فلم يسألوا ولم 
يجادلوا ولم يماروا في شيء من أمور الدين» وكما يقرر المقريزي في الخطط: 
«أن من أمعن النظر في دواوين الحديث النبوي ووقف على الآثار السلفية علم أنه لم يرد 
قط من طريق صحيح ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف 
طبقاتهم وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله يَكِيهِ عن معنى شيء مما وصف الرب 
)١(‏ المراء: تمارى القوم: تجادلواء وتمارى في الشيء شك فيه وفي القرآن الكريم: هبأي َالج ريْقَ 
تماق 4 [النجم :ه] انظر المعجم الوسيط (855/7). 


(؟) نقلاً عن كتاب ذم الكلام لشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي. انظر تمهيد لتاريخ الفلسفة 
الإسلامية (ص 1589-7879). 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي ش 0" 


كلهم تهموا ل معنى ذلك وسكبوا عن الكلام في الصفات لم يت أحد متهم 
والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والإكرام والجود 
والإنعام» والعز والعظمة؛ وساقوا الكلام سوقًا واحدّاء وهكذا أثبتوا رضي الله 
عنهم ما أطلقه الله سبحانه على نفسه الكريمة من الوجه واليد ونحو ذلك» مع 
نفي ممائلة المخلوقين» فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيه» ونزهوا من غير 
تعطيل» ولم يتعرض مع ذلك احد منهم إلى تاويل شيء من هذا وراأوا 
بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت» ولم يكن عند أحد منهم ما يستدل به 
على وحدانية الله تعالى وعلى إثبات نبوة محمد يَللِيّةّ سوى كتاب الله ولا 
عرف أحد منهم شيئًا من الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة) ."١‏ 

بهذه النظرة الشاملة عبر المقريزي عن عقيدة الصحابة رضوان الله عليهم 
وأنهم كفاهم ما نزل به القرآن وما حدثهم به النبي يَكةٍ وأن الجدل في الذات 
مداه ا ام ا الله عليهم. 

فى القرآن اام يانء فقد بن دلائل الريوية ا 8 
وسفاتةوكك ولاقل فيو الأتبياء: وبين المعاد وقدرة الله عليه» فكان في بيان 
الله فول الدين الحق وهو دين الله وهي أصول قبع مكحيس وسعارية 
تتضمن بيان العلم النافع والعمل الصالح والهدى ودين الحقء وأهل البدع 
الذين ابتدعوا أصول دين يخالف ذلك» وليس فيما ابتدعوه لا هدى ولادين 
حق» فابتدعوا ما زعموا أنه أدلة وبراهين على إثبات الصانع وصدق الرسول 
له وإمكان المعاد أو وقوعه » وفيما ابتدعوه ما خالفوا به الشرع » وكل ما 
خالفوا فيه الشرع فقد خالفوا فيه العقل أيضًا 0ك 
)١(‏ خطط المقريزي .)181١ -1١840/5(‏ 


0 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 


ويذكر ابن القيم أن الصحابة قد تنازعوا في كثير من مسائل الأحكام وهم 
سادات المؤمنين» وأكمل الأمة إيماناء ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسائل 
الأسماء والفيقات. والأنحال: بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة 
كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم لم يسوموها تأويلا ولم يحرفوها عن 
نوا شعدينا دياف ولم يبدو الشيء منهم إنقطالا ولا دريو ليا أمغالاء ولم 
يدفعوا في صدورها وأعجازهاء ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها 
وحملها على مجازها بل تلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالإيمان والتعظيم؛ 
وجعلوا الأمر فيها كلها أمدًا واحدًا وأجروها على سئن واحدة ولم يقعلوا كما 
فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين وأقروا بعضها وأنكروا بعضها 
من غير فرقان مبين """2. 

وبالجملة فقد فارق النبي كلِةٍ الحياة الدنيا والصحابة مجتمعون متحدون 
على رأي واحد في أصول الدين وعقائده؛ وبعد أن انتقل النبي كَلِِ إلى الرفيق 
الأعلى حدثت اختلافات اجتهادية من الصحابة» سنتحدث عنها إن شاء الله 
تعالى. 

المسألة السابعة: النظر العقدي في عهد الخلفاء الراشدين: 

ذكرنا ما قرره العلماء أن المسلمين عند وفاة رسول الله كَلِةٍ كانوا على 
منهاج واحد في أصول الدين وفروعه غير من أظهر وفاقًا وأضمر نفاقاء كما 


يقول البغدادي في أصول الدين 7". 


وقد تكلم أكثر من واحد حول الاختلافات التي حدثت بعد عهد النبي مَلِل 
كالأشعري في مقالات الإسلاميين والبغدادي في الفرق بين الفرق 
والشهرستاني في الملل والنحل. 


(1) إعلام الموقعين )50/١(‏ دار الحديث. 
(5) الفرق بين الفرق للبغدادي وص .)١5‏ 


: تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي "5 


أول خلاف وقع منهم : اختلافهم في موت النبي كَل فزعم قوم منهم أنه لم 
يمت وإنما أراد الله رفعه إليه كما رفع عيسى ابن مريم إليه» وقد زال هذا 
الخلاف» وأقر الجميع بموته حين تلا عليهم أبو بكر الصديق قول الله تعالى: 
إِنَكَ ميت 0 ميت وَلِمَكم مَيِتُون 4 [ [الزمر »]"١:‏ وقال لهم: «من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا 
قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت» ١7‏ 

وهنا نلاحظ أن الخلاف قد ارتفع ببركة صدق ويقين الصديق رضي الله 
عنه» ولكن فكرة الرفع تلك إذا كانت قد حلت بتلاوة الصديق لآيات من 
القرآن الكريم » فقد كان لها دلالتها العقلية الخطيرة فيما بعد » لأن تفسير 
الموت بمعنى الرفع من قبيل التأويل الذي اتخذته بعض الفرق منهجًا أساسيا 
في تخريج مسائل العقيدة» من الممكن أن يكون لهذا القول الآثر في القول 
بالرجعة عند بعض فرق الشيعة 7"). 

وقد جهر ابن سبأ بالقول بالرجعة فيما بعد فقد زعم أن النبي يَلِدِ سيرجع 
ة أترم وجهر بهذه الفكرة في حياة سيدنا محمد كَلِْةِ ثم بعد وفاة علي 
رضوان الله عليه صرح بأن عليًا لم يمت وإنما صعد إلى السماء وسيرجع مرة 
5 

وعلينا أن نفرق تفريقًا جذريًا بين قول عمر رضوان الله عليه بأن محمدًا لم 
يمتء وبين رجوعه عن تلك الكلمة لما ذكره الصديق بالايات القرآنية التى 
تتحدث عن وفاة الرسول يللِْةِ... إذ إن عمر من فرط حبه وتعلقه بالنبي ع2 
أصيب بصدمة عاطفية» جعلته يقول مقالته» بينما ابن سبأ قد أثار بالكلمة فتنة 
وعمد إلى إفساد عقيدة المسلمين؛ ولأنه يهودي كان يقصد الإثارة والفتئة 
ويقمد إلى بت بذور الشقاق والتخلاف بين المسزلمين الأواقل 20 
)١(‏ الفرق بين الفرق (ص 4 .)١5 -١‏ 
)١(‏ العقيدة الإسلامية (ص .)١١5‏ 
(؟) انظر: الفرق بين الفرق ( ص .)١5‏ 
(4) انظر: في فتنة عبد الله بن سبأ الاختراق اليهودي (ص٠.ه-‏ 4 0). 


وا تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 

الخلاف الثانى : ف دفنه يَكَِدِهِ فأراد أهل مكة رده إلى مكة لأنها مولده 
ومبعثه وقبلته اوضع نسله وبها قبر جده إسماعيل عليه السلام» وأراد أهل 
المدينة دفنه بها لأنها دار هجرته ودار أنصاره» وقال آخرون بنقله إلى أرض 
القدس ودفنه ببيت المقدس عند قبر جده إبراهيم الخليل وزال هذا الخلاف 
بأن روى لهم أبو بكر الصديق عن النبي كلل أن الأنبياء يدفنون حيث 
يقبضون» فدفنوه في حجرته بالمدينة ©. 

ونلاحظ كما لاحظنا من قبل أن كلام الصديق قبل بلا مراجعة ولا جدال 
ولا تحزب لرأي ضد آخر. 

الخلاف الثالث : في الإمامة: فقد قال الأنصار للمهاجرين منا أمير ومنكم 
أمير» وأذعنت الأنصار لسعد بن عبادة الخزرجي» وقالت قريش إن الإمامة لا 
تكون إلا في قريش » ثم أذعنت الأنصار لقريش لما روي لهم قول النبي كلك: 
«الأئمة من قريش» وكان الذي أعلمهم بذلك الصديق رضوان الله عليه وقد 
نزل الصحابة على رأيه؛ وبايعوه واجتمعوا على إمامته واتفقوا على خلافته (2. 

ولكن يبقى هذا الخلاف هو الخلاف الذي سينبني عليه الكثير من 
الاختلافات لأنه كما يقول الشهرستاني: «أعظم خلاف بين الأمة على الإمامة إذ ما 
. سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سُل على الإمامة في كل زمان ”". 

ويقول البغدادي: «وهذا الخلاف باق إلى اليوم - أي زمانه-» 247. 

ولعل هذا الخلاف لخطورته وأهميته» هو ما حدا بالإمام الأشعري أن 
يجعله أول اختلاف بين المسلمين بعد نبيهم يِه ويقرر أنه لم يحدث خلاف 
غيره في حياة أبي بكر رضوان الله عليه» وأيام عمر إلى أيام عثمان بن عفان 
)١(‏ انظر: الفرق بين الفرق (١‏ ص .)١5‏ 
(1) انظر مقالات الإسلاميين (ص ؟) والفرق بين الفرق للبغدادي ( ص .)١5١‏ 


(5) انظر الملل والنحل (ص .)١5‏ 
(:) انظر: الفرق بين الفرق ( ص .)١8‏ 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 5١‏ 


رضوان الله عليه ('2» وهو يقصد بالأولية هنا أهميته وخطورته؛ بالرغم من أنه 
حدث قبله وبعده بعض الاختلافات. 

الخلاف الرابع : في شأن فدك ("©: وفي توريث التركات عن الأنبياء عليهم 
الصلاة والسلام, ثم نفذ في ذلك قضاء 9 بكر بروايته عن النبي علد : «أن 
الأنبياء لا يورثون» ونسجل أن أبا بكر حين منع فاطمة من الميراث منع زوجات 
النبى يَكَخِ ومنهن السيدة عائشة؛ ولذلك رضيت السيدة فاطمة بعد أن سمعت 
رواية الصديق عن أبيها ”©؛ ولكن استغل هذا الحادث من قبل بعض الفرق 
ونفخوا في أواره وخاضوا في أبي بكر الصديق بسببه. 

الخلاف الخامس : اختلفوا في مانعي الزكاة: فقال قوم لا نقاتلهم قتال 
الكفرة» وقال قوم بل نقاتلهم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه: «والله لو منعوني 
عقالا مما أعطوا رسول الله لقاتلتهم عليه؛ ومضى بنفسه إلى قتالهم ووافقه جماعة 
الصحابة بأسرهم وقد أدى اجتهاد عمر رضي الله عنه في أيام خلافته إلى رد 
السبايا والأموال إليهم وإطلاق المحبوسين منهم والإفراج عن أسراهم ”4. 

وكان مرد الخلاف بين أبى بكر وعمرء أن عمر بن الخطاب قال: كيف 
نقاتلهم» وقد قال يلك «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها 
عصموا مني دماءهم وأموالهم» فقال 0 بك لجسن قل قال: «إلا بحقها؛ا»ء ومن 
حقها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة» ولو منعوني عقالاً مما أدوه إلى النبي لقاتلتهم 
)١(‏ مقالات الإسلاميين (ص"). 
)١(‏ فدك: قرية بخيبر وقيل بناحية الحجاز فيها عين ونخل أفاءها الله على نبيه يَكةٍ فكانت في يده 
حياته فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى قال علي: إن النبي يَكيةٍ قد جعلها في حياته لفاطمة رضي الله عنها 
وولدهاء وقضى أبو بكر بأنها لا تورث؛ وما مات أبو بكر سلمها عمر للعباس وعلي يليانها ولا 
يملكانها. 
(؟) دراسات في العقيدة الإسلامية (ص .)١85‏ 
(؟) الملل والنحل والفرق بين الفرق (ص١).‏ 


ا 1 ما قرم و2050 0 


0 00 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 
ويذهب الشيخ مصطفى عبد الرازق: إلى أن الخلاف في قتال مانعي الزكاة أو 
أهل الردة كما يسمونهم كان أصلاً لما حدث بعد ذلك من الخلاف في 
الإيمان والإسلام وتضمنهما للعمل أو عدم تضمنهما له (©. 

الخلاف السادس: في تنصيصٍ أبي بكر على عمر بالخلافة وقت الوفاة 
فمن الناس من قال: وليت علينا فضا غليظَاء وارتفع الخلاف بقول أبي بكر لو 
بألتي.ري لقلت: : وليت عليهم خيرهم لهم؛ وقد وقع في زمانه اخحتلافات 
ار في مسائل ميراث الجد والإخوة والكلالة وفي عقل الأصابع وديات 
الأستان وحدود بعض الجرائم التي لم يرد فيها نص هذا وإنما كانت أهم 
أمورهم: الاشتغال بقتال الروم؛ وغزو العجم ففتح الله تعالى الفتوح على 
المسلمين وكثرت السبايا والغنائم» وكانوا كلهم يصدرون عن رأي عمر 
رضي الله عنه. فانتشرت الدعوة وظهرت الكلمة ودانت العرب ولانت 
العجه”". 

ولكن بدأت بعض الآراء تظهر وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لها 
بالمرصادء فقد ظهر رجل يقال له: «صبيغ بن عسل» يسأل عن المتشابه ويتكلم 
فيما لا يعنيه مما قد يحدث فتنًا بين العامة فطلبه عمر وقال له: أن انلق قال 
عبد الله صبيغ» وقال عمر: أناعيف الله عبت لأخل رصترية ير ا جين النخل 
حتى دمي رأسه فقال صبيغ: حسبك يا أمير المؤمنين فقد ذهب الذي كنت 
أجده في رأسيء ثم نفاه إلى البصرة حتى صلح حاله ". 

وسيدنا عمر رضي الله عنه مثال للخليفة الناصح الذي لا يترك أمرًا يمر 
دون أن يقومه وأن يعيده إلى نصابه. 

وبالجملة فقد كان الصحابة على كلمة واحدة في أبواب العدل والتوحيد 


.)584 انظر تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية (ص‎ )١( 
.)585 -7١ الملل والتحل (ص‎ )( 
انظر التبصير في الدين للإسفرايني (ص ”) بتصرف يسير‎ )©( 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي ءْ رن 
امه تمه اموي ل الس ا ا 1 201 


والوعد والوعيد وسائر أصول الدين؛ وكانوا على هذه الجملة في أيام أبي بكر 
وعمر وسث سنين من خلافة ا 

الخلاف السابع : في أمر الشورى واختلاف الأراء فيهاء واختلفوا كلهم على 
بيعة عثمان رضى الله عنه وانتظم الآمر واستمرت الدعوة فى زمانه وكثرت 
الفتوح وامتلاً بيت المال وعاشر الخلق على أحسن خلق وعاملهم بأبسط يد 
غير أن أقاربه من بني أميّة قد ركبوا نهابر (مهالك) فركبته» وجاروا فجير عليه 
ووقعت في زمانه احتلافات كثيرة وأخذوا عليه أحدانًا كلها محال على بني 
أمكة 0 والأشياء التي وقععت من مخالفيه نقموها منه حتى أقدم كلها 
ظالموه على قتله 7". 

وقد فئد أبو بكر بن العربي في كتابه العواصم من القواصم كل ما لحق 
بسيدنا عفمان من مخالفيه» بالحجة والبيان الشافي زبرا عدداة هنا بها إلنه: 
وملخص ما قاله عن عثمانث: «فلم يأت عثمان منكرًا لا في أول الأمر ولا في آخره ولا 
لماه يمف :وكنانا تفومف نو ون ناطل إياك أن للقت اليد 7 

لت ال ببصيرة إلى فترتين: فترة الرسول كلْةٍ والخليفتين 
من بعذه. وبين الرمن الأحزر عن عهيد شيلنا عتمان. 

يقول في رسالة التوحيد: «مضى زمن النبي كَلِْةِ وهو المرجع في الحيرة 
والسراج في ظلمات الشبهة وقضى الخليفتان بعده ما قدر لهما من العمر في 
مدافعة الأعداء وجمع كلمة الأولياء ولم يكن للناس من الفراغ ما يخلون فيه 
رد إليهماء وقضى الأمرفنه يحكنهينا وبعد استشارة من جاورهما من أهل 
)١(‏ الفرق بين الفرق للبغدادي (ص .)١7‏ 
(؟) الملل والنحل (ص -5١‏ 55). 
(") الفرق بين الفرق (ص7١).‏ 
(4) انظر العواصم من القواصم (ص )1١‏ وانظر (ص .)6١ -5١‏ 


10 تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 
البصر بالدين إن كانت حاجة إلى الاستشارة» وأغلب الخلاف كان في فروع 
الأحكام لا فى أصول العقنافد تم كان العا فى المي يحون إشاراف 
الكتاب ونصوصه. يعتقدون بالتنزيه ويفوضون فيما يوهم التشبيه ويرون أن له 
معنى غير ما يُقُهِم من ظاهر اللفظ... كان الأمر على ذلك إلى أن حدث ما 
حدث في عهد الخليفة الثالث وأفضى إلى قتله فهوى بتلك الأحداث ركن 
عظيم من هيكل الخلافة واصطدم الإسلام وأهله صدمة زحزحتهم عن الطريق 
التي استقاموا عليها وبقى القرآن قائمًا على صراطه ‏ إِنًا ححنٌُ رَرَلَنَا ألذِكرَ وَإِنَّ 
ً ينظو 4 [الحجر :94]» وفتح للناس باب لتعدي الحدود التي حدها الدين 
فقد قثل الخليفة بدون كم شرعى وأشعر الأمر قلوب العامة أن شهوات 
تلاعبت بالعقول في أنفس من لم يملك الإيمان قلوبهم وغلب الغضب على 
فقنظييت أمور عار غير ما بو 00 

بالفعل قد تغيرت النفوس» فقد حدث الخلاف بين الصحابة في أمر 
الخلافة بعد موت رسول الله يِه ولكن رفع الخلاف وبايع الصحابة أبا بكر 
بعد سماعهم لحديث ورد عن رسول الله يَكِْعٍ يرفع النزاع. 

أناءقى هد ميذنا:عقمان فإن السيوفق:قد قلت وإن الأحرات قد تحويت: 
لماذا؟ لأنه قد كثر الداخلوت فى الإسلام وليس لهم من الدين إلا اسم 
يثيرون الاضطرابات في وجه عثمان رضي الله عنه وقامت الفتنة ولم تسكن 
بعل 2: 

الخلاف الثامن: في زمان أمير المؤمنين على رضي الله عنه بعد الاتفاق 


)١(‏ رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده (ص 4 25 )١5‏ دار المعارف الطبعة الثالثة. 
(؟) انظر دراسات في العقيدة الإسلامية (ص .)١155 -١9١‏ 


تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي 3 


فأوله خروج طلحة والزبير إلى مكة ثم حمل عائشة إلى البصرة ثم نصب 
القبال وتعه ويعرك إذلة بخرب الجمل والضيق أنيها جما وتاباإذ ذكرا أنها 
فتذكراه فأما الزبير فقتله «ابن جرموز» بقوس وقت الانصراف وهو أي قاتله في 
النار لقول النبي يَكلِ: «بشر قاتل ابن صفية بالنار»» وأما طلحة فرماه مروان بن 
الحكم بسهم وقت الإعراض فخر ميئًاء وأما عائشة رضي الله عنها فكانت 
محمولة على ما فعلت ثم تابت بعد ذلك ورجعت والخلاف بينه وبين معاوية 
وحرب صفين ومخالفة الخوارج وحمله على التحكيم ومغادرة عمرو بن 
العاض أباسوني الأشعرى تا الهلؤافه إلى وفك وذاكة تكبيرنه ركدلك 
الخلاف: بيه وبين 'الشزأة المارقين بالنهروان عقذا ؤقولاً ونصب: القثال معهتم 
فعلاً ظاهءا 1 

وقد حدثت الخلافات العقدية في عهد سيدنا علئ رضي الله عنه خاصة 
من الخوارج الذين كونوا فرقة لم تكتف بمخالفة المسلمين فكريًا وعقدياء 
ولكنهم تعدوا الفكر إلى حمل السلاح» فكفروا مخالفيهم وأقاموا في كثير 
منهم القتل وقد انبرى لهم الصحابة رضوان الله عليهم بالرد وتفنيد ما أثاروه 
من عقائد وجادلوهم بالحجة والبرهان» فمنهم من استجاب ومنهم من استمر 
في غيه ولم يرجع إلى الحق وكان دينهم تكفير علي وعثمان وأصحاب الجمل 
ومعاوية وأصحابه والحكمين ومن رضي بالتحكيم وتكفير كل ذي ذنب 
ومعظنية 21 وهكذا وضكت الندؤر الأول لاخعلاف الفرق قيما' بعد 

المسألة الثامنة: بداية التفرق العقدي: 

انقضى عصر الخلفاء الراشدين وظهرت رؤوس مسائل عقدية» وبدأت 
الفرق الدينية والسياسية تظهر وتتبلور» غير أن أهم مسألة شغلت المسلمين 
بعد الإمامة هي: 


)١١‏ الفرق بين الفرق (ص )8١‏ تحقيق محيي الدين عبد الحميد. 


مسألة القدر: 


وهي المسألة التي كانت أساسًا للتفرق والاختلاف بعد عهد الرسول يكن 
لقد كان هناك من يسأل عن القدر ويحتج به في عهد الخلفاء الراشدين. 

في عهد عون زعي اللداعة أنى ينارق لعزا كور ل شرفت فال 
قضى الله علئَ فأمر عمر به فقطعت يده وضرب أسواطًا فقيل له في ذلك 
فقال: القطع للسرقة والجلد للكذب على الله. فنحن نرى أن الرجل زعم أن 
القدن يعر التجرينية 4 فعا كان هن ميدن غير إل أن اععير ذلك عن الكدت 
على الله. 

وفي عهد سيدنا علئ قام شيخ إليه فقال: أخبرنا عن سيرنا إلى الشام أكان 
بقضاء الله وقدره؟ فقال: والذي فلق الحبة وبرأ الدسمة ما وطئنا موطمًاء ولا 
هبطنا واديًا إلا بقضاء الله وقدره. كان لشي فعند الله احيفبيت عناي» ما 
أرى لي من الأجر شيعاء فقال: جد انبا لشي لقو عات الله عجر كم في 
مسي ركم وأنتم سائرون» وفي منصرفكم وأنتم منصرفون» ولم تكونوا في 
حالاتكم ا ولا مضطرين» فقال الشيخ: فكيف والقضاء والقدر ساقنا؟ 
فقال: ويحك لعلك ظننت قضاءً لازمًا وقدرًا حتمًا لو كان ذلك كذلك حتمًا 
لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي ولم تأت لائمة من الله 
لمذنب ولا محمدة لمحسن ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ولا 
المسيء أولى بالذم من المحسن تلك مقالة عُجَاد الأوثان وجنود الشيطان 
وشهود الزور أهل العمى عن الصواب وهم قدرية له | كمه ومجوسها إن الله 
أمر تخييرًا ونهى تحذيرًا وكلفف تيسيرًا ولم يخلق السماوات والأرض وما 
بينهما باطلا «إكلك عع لين كتزوأ يق لين دوا + من ألتَارِ» [ص :07]. 

فقال الشيخ: فما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلا بهما؟ فال هو الأمر من 
الله والحكم ثم تلا قوله تعالى فوفص رَيُّكَ أَلَا تَبُدوأ إلا 44 


[الإسراء: 7# ]237 


.)١١8 -1١١1ا/( انظر تاريخ الجدل للشيخ أبي زهرة‎ )١( 


مسألة القدر ا 


ويذهب كثير من أهل العلم إلى أن مسألة القدر والخوض فيها إنما جاء من 
خارج الجزيرة العربية أعني من البلاد التي فتحها المسلمون واختلطوا فيها 
بأرباب الديانات الأخرى... ويذكرون أن أول من قال بالقدر: «معبد الجهني»: 
وقد ورد التصريح بذلك في رواية لمسلم عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر 
قال: «كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني» 7"©. 

ومعنى أول من قال بالقدر أي ينفي القدر وقد أخذ القول بنفي القدر عن 
معبد الجهنى «غيلان الدمشقى» وكان قبطيًا قدريًا من بلغاء الكتاب قال عنه 
الساجي: كان قدريًا داعية عع م ا الور لت وكان 
غير ثقة ولا مأمون وكان مالك ينهى عن مجالسته قلت (أي ابن حجر) وكان 
الأوزاعي هو الذي ناظره وأفتى بقتله وقال رجاء بن حيوة قتله أفضل من قتل 
ألفين من الروم) 0 

والذي يهمنا أن نرصده هو أن أول من قال بنفي القدر معبد الجهني وأنه 
أخذ الفكرة من رجل يقال له «سوسن النصراني» الذي ل بجو ان يديع الفكرة 
في المجتمع الإسلامي فأخذها معبد الجهني وتولى نشرهاء ثم بعد ذلك نادى 
بها غيلان الدمشقيء الذي كان نصرانيًا وجاهر بمذهبه وتأثر به بعض 
العتلضين. 

وكان نفي القدر ومرتكب الكبيرة والتكفير بالمعصية والاختلاف حول 
الصفات وحول كلام الله » القرآن الكريم هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ 
وحول الجبر والاختيار وهل الإنسان مسيئُ أو مخير؟ من المسائل التي شغلت 
المسلفين كينا وتسيبي غنها التفرق والتجدال. 

المسألة التاسعة: حديث افتراق الأمة وما دار حوله: 


روى الإمام أحمد وأبو داود من رواية معاوية رضى الله عنه قال: قام فينا 


00 صحيح مسلم بشرح النووي .)١165 -16-0/1١(‏ 
(؟) لسان الميزان لابن حجر (4/؟45). 


١‏ مسألة القدر 


رسول الله يَكِةِ فقال: «إلا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين 
وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة 
في الجنة وهي الجماعة» ”"". 

وروى ابو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله يكن 
قال: «نفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل 
ذلك وتفترق أمني على ثلاث وسبعين فرقة» ”"). 

موقف العلماء من هذه الأحاديث: 

أولا: رفض هذه الأحاديث جملة وتفصيلا: 
يصحان أصلا من طريق الإسناد وما كان هكذا فليس بحجة عند من يقول بخبر الواحد 
نكيف بمن لا يقول به» 0 

ثانيا: قبول الأحاديث ورفض التنصيص على الناجية والهلكى بعض العلماء 
قَبلَ الأحاديث ولكنه رفض الزيادة التي تنص على الهلكى والناجية» ويمثل 
هذا الفريق «ابن الوزير» فى كتابه «العواصم والقواصم» حيث يقول: إياك أن تغتر 
بزيادة كلهم في النار إلا واحدة فإنها زيادة فاسدة ولا يبعد أن تكون من 
دسيس الملاحدة» والذين يرفضون هذه التكملة لهم سند من الرواية التي 
تذكر أن اثنتين وسبعين فرقة فى الجنة وواحدة فى النار فإن هذا التذييل هو 
تقيض العذييل المشهور الذئي:يذكر أن الفرق كلهناافئ النار ]إلا واحدة: 
)١(‏ أخرجه أبو داود في ستنه باب: شرح السنة من كتاب السنة الحديث رقم (4591) (5/0) 6( 
عن معاوية وأحمد في المسند عن أنس بن مالك )١7١/7(‏ وله شاهد عند الترمذي في كتاب الإيمان؛ 
باب: ما جاء في افتراق هذه الأمة (55140). ش 
حديث حسن صحيح. انظر مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة (ص 7 05 
(5) انظر تاريخ الفرق الإسلامية (ص .)١9‏ 


مسألة القدر عقا 
ويحكن أن شان إن الوو اق له رسعا اقن ا دده ررق .ضار العدية قير . 

*- قبول الحديث مع رفض مفهوم العدد: 

هناك من قَبِلَ هذه الأحاديث ولكنهم رفضوا مفهوم العدد الذي يعني في 
نصوص متعددة التكثير» وعندهم أن النبي كَلٍِ أخبر أن اليهود ستفترق فرقًا 
كثيرة وكذلك النصارى» وأن أمته ستفترق أكثر منهماء دون حصر لعدد معين 
لأي من الطوائف الثلاث» واستعمل لفظ السبعين للدلالة على الفروق في هذه 
الكثرة بين الأمم الثلاث (3©. 

إلا أننا نلاحظ: 

أولا: أن هذه الفرق على كثرتها كما أخبر النبي يَلهِ ليست خارجة عن 
الإسلام وإنما هي من أمة الإسلام» بدليل قول النبي يله وستفترق «أمتي»» فلم 
يكفرهم النبي كله وإنما أبقاهم في عموم الأمة» أمة التوحيد ونحن نبدي 
تلك الملاحظات لنقف أمام نزعة التكفير عند البعض لأناس من أمة الإسلام 
فاختلافهم لا يخرجهم عن الإسلام. 

ثانيَا: يتبين لنا خطأ من صدر كتابه بهذه الأحاديث ثم فصّل ونرّل العدد 
على فرق بعينها كما فعل الشهرستاني في الملل والنحل والبغدادي في الفرق 
بين الفرق» لأن الذين فعلوا ذلك تعسفوا في تحديد الفرق ليناسب العدد في 
لاد ونحن نقول لهم: وماذا لو نشأت فرق جديدة بأسماء جديدة عل 
نفس الشروط التي وضعتموها في تعداد الفرق؟ ولذلك يبقى مفهوم العدد 
الوارد في الأحاديث يراد به التكثير لا العدد بذاته حتى نخرج من دائرة 
التحديد المؤدية إلى التناقضء ومخالفة العدد من جهة» وواقع نشأة الفرق من 
جهة أخرى, والتعصب من جهة ثالثة ؛ لأن كل فرقة تدعي أنها الفرقة الناجية 


)١(‏ انظر: بتصرف تاريخ الفرق الإسلامية (ص )١585 -١9‏ للدكتور محمود مزروعة. 


:4 مسألة القدر 


ثالنًا: أن هناك بعض الفرق خرجت أصلاً عن الإسلام» ومن ثم فالحق 
يقتضي أن لا ندخل هذه الفرق في عدد الفرق الإسلامية» وإنما نقول الفرق 
المنتسبة إلى الإسلام» مثل غلاة الشيعة والبابية والبهائية والإسماعيلية وغيرهم. 

«رابعًا: يجب أن نفسح المجال لرواية أخرى وردت ضمن حديث الافتراق 
تفيد أن كل هذه الفرق في الجنة إلا واحدة» يقول الدكتور عبد الحليم 
محمود: «ولكن مما يدعو إلى الارتياح ويثلج الصدور أن الشعراني في ميزانه» روى 
من حديث ابن النجار وصححه الحاكم بلفظ غريب وهو «ستفترق أمتي على 
نيف وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا واحدة» وفي رواية عن الديلمي «الهالك منها 
واحدة»). 

وفي هامش الميزان عن أنس عن النبي يَكَِِ: اتفترق أمتي على بضع وسبعين 
فرقة كلها في الجنة إلا الزنادقة» وما في هامش الميزان هذا مذكور في تخريج 
أحاديث مسند الفردوس «للحافظ ابن حجر» ولفظه: «تفترق على بضع وسبعين 
فرقة كلها في الجنة إلا واحدة وهي : «الزنادقة» أسنده عن أنس. 

وقال صاحب كشف الخفاء: «ولعل وجه التوفيق أن المراد بأهل الجنة في 
الروانة ولو نالا م37 


)١(‏ التفكير الفلسفي في الإسلام »)٠١94 -١١8/1(‏ الطبعة الرابعة لا/91 ١م‏ الدار المصرية. وانظر: 
للأهمية كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني )١5٠ - ١49/١‏ مكتبة الغزالي. دمشق. 


الفصل الأول 


وجود الله بين المشبتين والمنكرين 


ريشتمل على : 
المبحث الأول: هل أنكر العرب وجود الله . 


المبحث الثاني : حديث القرآن عن وجود الله . 

المبحث الثالث : استدلال المتكلمين على وجود الله . 
المبحث الرابع : استدلال الفلاسفة على وجود الله . 
المبحث الخامس : شبه المنكرين للألوهية والرد عليهم . 


وجود الله بين المثبتين والمنكرين 1 


! | المبحث الأول 
هل أنكر العرب وجود الله ؟ 
إن وجود الله حقيقة لا تحتاج إلى برهان فهي فطرة فطر الله الناس عليها , 
ولذلك فإن القرآن الكريم لم يكن من أهدافه إثبات وجود الله ولا من أهداف 
الرسول يكن لآن العرب الذين ظهر فيهم النبي ولاو جميعهم على الاعتقاد فى 
وجو الله وريقول سبحانه: «إوَلَين اي ص 0 لسوت والارّض لفون 
ل له 
ويقول سبحانه: «إوَلِين سَالَنَهُم مّنْ حَلقَ و وَالرْصَ تون عقن 
لْمَرِيرٌ الْعِيم4 [الزغرف: +]» والآيات كثيرة في القرآن الكريم التي تبين لجوء 
المشركين إلى الله لكشف ما بهم من ضر . 
يقول ابن رسد : «إن العرب كلها تعترف بوجود الباري سبحانه وتعالى» 
0 في الملل والنحل يقول : «وشبهات العرب كانت مقصورة على 
م إنكار البعث : 
ثانيهما: بعثة الرسول (". 
ويقول في نص أخر في كتابه نهاية الإقدام : «وأما تعطيل الصانع العالم القادر 
الحكيم فلست أراها مقالة لأحد ولا أعرف عليها صاحب مقالة إلا ما نقل عن شرذمة 
قليلة من الدهرية أنهم قالوا : العالم كان فى الأزل أجزاء مبثوثة تتحرك على غير 
استقامة واصطكت اتفاقاً فحصل عنها العالم الذى نراه » ودارت الأكوار وكرت الأدوار 


000 


)١(‏ منهاج الأدلة (ص 178- )١55‏ مكتبة الكليات الأزهرية. 
(؟) الملل والنحل للشهرستاني بهامش الفصل .)٠١8/5(‏ 


: الفصل الأول 


وحدثت المركبات . ولست أرى فى صاحب هذه المقالة ممن ينكر الصانع بل هو 
يعترف بالصانع ولكنه يجعل سبب وجود العالم على البخت والاتفاق احترازاً من 
التعليل» 27. 

والشهرستاني حين يذهب إلى أنه لا يعرف أحداً عطل العالم عن صانعه إلا 
الدهرية » فهؤلاء ليسوا من العرب » لأن الكلام الذي نقله الشهرستانى عنهم 
لا يتناسب مع العقلية العربية بدليل قول الشهرستانى: «لم يرد التكليف بمعرفة 
وجود الصانع وإنما ورد بمعرفة التوحيد ونفى الشريك)(أمرت أن أقاتل الناس حتى 
يقولوا لا إله إلا الله» 27. 

فإذا كان الأمر كذلك فعلام يحمل قوله تعالى على لسان الدهريين: (إوَتَالُوا 
ًا هي إِلَّا اننا لديا تسوت وكيا وما يلها ِل لدَهْرٌي» [الجائية: ؛؟]. 

إن الآية تعبر عن العرب الذين أنكروا البعث بعد الموت » ولم ينكروا 
وجود الله » أما الذين أنكروا وجود الله فهم الدهريون من الفلاسفة الذين 
أنكروا وجود الله » فى غير البيئة العربية على اعتبار أن القرآن لم ينزل للعرب 
خاصة وإنما للناس كافة » ومن ثم فهو يعبر عن عقائد العرب وغير العرب . 

يقول ابن كثير فى تفسيره للاية السابقة: «هذا يقوله مشركو العرب المنكرون 
للمعاد وتقوله الفلاسفة اللإلهيون منهم. وتقوله الفلاسفة الدهرية المنكرون 
للصائع؛ مر 

والألوسي يذكر في تفسيره لهذه الآية أن الذين ورد ذكرهم فيها «معترفون 
وجزه الله سيخانة رسا هنا يعور طلز لي و91 

وهذا التفريق من ابن كثير والألوسي يوضح لنا أن العرب لم تنكر وجود 
)١(‏ نهاية الإقدام للشهرستاني (ص .)١54 -١77‏ 
)١(‏ المصدر السابق )١7154 /١77(‏ وانظر موافقة صريح المعقول للمنقول (7/7). 


(؟) تفسير ابن كثير .)١151-١860/5(‏ 
(4) روح المعاني للألوسي ١ه‏ ؟/ه؟١).‏ 


وجود الله بين المثبتين والمتكرين .1 


الله حتى الدهريين منهم لأننا لم نعثر على نصوص فى خطب العرب 
وأشعارهم ينكرون فيها الله عز وجل؛ فكل ما ورد عنهم شعرًا أو خطبًا فيه 
ذكر للدهر وتقلباته وغدره وفي الوقت نفسه نجد في أشعارهم ذكرا لله جل 
وعلا على اعتبار أنه الفاعل المتصرف المدبر للأمور كلها » مع اعتقادهم فى 


الشركاء له سبحانه . 
ولتأحذ مثالاً يوضح لنا أن العرب لم تنكر وجود الله وإن نسبت بعض 
الحوادث للدهر . 
يقول زهير بن أبى سلمى : 
بدا الى أن النامن” تفيئ" الفوتسهي وأموالهم ولا أرى الدهر فانياً 
وفى نفس القصيدة يقول : 
بدا لى أن الله حق فزادنى إلى الحق تقوى الله ما قد بدا ليا 
ألم تر أن الله أهلك تبعًا وأهلك لقمان بن عاد وعاديا 
وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى وفرعون أردى جنده والنجاشيا 2١”‏ 
في قصيدة واحدة ينسب البقاء إلى الدهر ولكنه فى الوقت نفسة يرد الأمور 
كلب لله . 


للدهر جرى مجرى العادة لا مجرى العقيدة فهم من ناحية العقيدة يعترفون 
ناحية العادة يذكرون الفهرجويضيوة اليه يعض الأحوو ل ويسبوته اانا 
كما يفعل البعض الآن فى مثل قولهم «الدنيا لا تترك أحداً فى حاله» أو «هكذا 
الدنيا؛ حين يخبر البعض بموت شاب أو فتاة أو ذهاب مال وخلافه » مع 
اعتقاد القائل تمام الاعتقاد بالله الواحد وأن الدنيا لا تفعل ولا تنفع ولا تضر . 

ومع هذا التقرير لا ينبغى أن يفهم كلامنا على أنه ليس هناك من ينكر 
)١(‏ شرح زهير بن أبي شلمى (ص 5385). 


45 الفصل الأول 


وجود الله .. كلا فهناك بعض الشراذم فى كل عصر ومصر » فسدت فطرهم » 
وأنكروا وجود الله » ولكن نؤكد أنه ليس هناك من ينكر وجود الله فى البيئة 
. العربية حين نزول الوحى » بنصوص القرآن الكريم ؛ وما ورد عن الأئمة فى 
هذا الشان وسوفة تفرد كلانا مسفه نناقش فيه الماديين القدامى 
والمعاصرين الذين ينكرون وجود الله ويثيرون الشبهات » فى وجه المؤمنين 
الموحدين . 


لين يننا كنت 


وجود الله بين المثبتين والمنكرين /13 


١‏ المبحث الثانى 
حديث القرآن الكريم عن وجود الله 

كما يعن يق الآماء«الذكتو و غيل اعطاق ملحيو ٠اقة‏ تاكن ان بو مل 
القرآن أدلة على وجود الله وإن لم يكن ذلك هدفاً من الأهداف القرآنية وإذا نسقنا الأدلة 
ونظمناها فإنما يرجع ذلك إلى استنتاج من نصوص هدفها الصحيح بيان عظمة الله 
وتدبيره وهيمنته على كل ما فى العالم من صغيرة وكبيرة » وبيان عناية الله ورعايته 
وإحكامه المحكم وإبداعه المتقن لكل ما يسرى فى العالم من قوانين ونواميس ٠‏ هذا 
فى الحقيقة هو هدف القرآن من النصوص التى يتحدثون عنها بمناسبة إثبات 
00000 

وسوف نعرض طرفاً من تلك النصوص التي استقى منها العلماء الأدلة على 
وجود الله فيما يعرف بتوحيد الربوبية أى أن خالق الأشياء كلها هو الله عز 


0 7 20074 2 2004 مه 


24 سك اص 56 ج 0 هه مص 
ل ده به 6 ا 2ه 


دسؤو مم عد ص عرسم م2 عر له 2 20 
دير الأمر ين أَلسّمَآهِ إلى الأرضٍ ثم يمرم لبه فى يد 6 ِقُدَاره أل 


ص 


ا © كَِكَ عَم التبب والتهادة لمرو ليد © اله تسن 
وم م د 0 8 


كل شَيْءِ حَلَقَمٌ ويَدَاً خلقّ لضن من طِينٍ» [السجدة :4-/]. 

هذه الآرات تقرر أن السنوات: والأرضن ونا فيهنا بتخلوق وأن: الذي شلن 
هذه الأشياء كلها هو الله تعالى وأنه جل شأنه مدبر هذا الوجود كله فهو الذي 
يوجد ويعدم ويعطي ويمنع ويعز ويذل , لأنه هو عالم الغيب والشهادة وهو 
)١(‏ التفكير الفلسفي في الإسلام (ص 77). 


:1 الفصل الأول 
العزيز الذي لا يغلب الرحيم بخلقه الذي أحسن كل شيء خلقه وأبدعه ١١‏ 


ويقول سبحانه: ون حَلَقَنَكُم فَلوْلا 0 © أَوَمَيمْ نا مننون © 6 
0 ذا يك العو وها عن ف سيقن © عل أن 
ا 1 


سس أ 
وَل ملم و فى مَا لا تَعَلَمُونَ4 [الواقعة :لاه-11]. 
ويقول عز 525 إن فى حَلْقِ السَمَواتٍ وَالْأَرْضٍ وَاخْيِلَفٍِ الل وَالتَهَارٍ 


دق ل 
لكك الى ججخرى ف ابر يما يم الس مآ َرَلَ لله ِنَ التسَك من مم 
ما به الْأَرْصٌ بَمَدَ مَوْيهًا وَبَكّ ذبا مِن كُلٍ دَآَوَ وَتَصْرِيفٍ ألريكج وَالسَحَابٍِ 


لْصَخَّرٍ بَبْنَ ألتما وَالْأَرْضٍ ليت لْقَوْرِ يَعْقِلُونَ4 [البقرة :174]. 
5 اسه ىَ يورو ر< م بير 
ويقول سبحانه نه: وام فوا مِنْ عَبْرٍ شَيْءِ م هُمُ الْحَيِفُونَ © آم حَلَتُوا 


رصح 


لسوت رض بل 0 ) مد [الطور :ه-5"]. 

ويقول سبحانه: إأفى ّم 52 َاطِرٍ َلسَّموْتِ والارض 4 [إبراهيم .]٠١:‏ 

والقرآن الكريم يؤكد الدلالة من الخلق على الخالق لأن الشيء لا يمكن أن 
يوجد بدون علة ولا يمكن أن يوجد نفسه؛ ولم يقبت يفبث أن أحدًا ادغى أنه خلق 
الكائنات أو خلق نفسه. 

إن من ينظر إلى ما ترشد إليه هذه الآيات وغيرها كثير » نظوًا سليمًا بعيدًا 
عن التعصب والهوى ومن يبحث وينقب فى عجائب الصنعة المشاهدة وبديع 
إتقانها ليدرك إدراكا قويًا ويؤمن ويصدق بأن لهذا العالم ريا خالقًا. 
استنبط العلماء منها الآدلة على وجود الله مثل الحوار الذي دار بين موسى 
عليه السلام وفرعون عليه اللعنة. 

يقول سبحانه وتعالى: قال وعَوَنُ وما رب العللييت © فَالَ رب السَّمودَ 


١ 


(01) فى العقيدة الإسلامية (ص4١)‏ لأستاذنا الدكتور عوض الله حجازي. مطبوعات جامعة 
الإمارات. 


وجود الله بين المثبتين والمنتكرين 13 


رصح هي 206 و عر و2 آ 0 عر ع - دع 7 م 2# الى 0 
َلأضٍ وما نهآ إن كم موقيين © َل لمن حوك ألا حَمَمُونَ © ل رَبك 


ورب ابآيكم الْأولينَ © تل 3 لك الى أَسيل إلى لجو © ذال رت 


عدت إِلّهًَا عرق 


المترق والمترية وم ا إن كم تَقَنَ © كَل لين أَتعَدَ 
لَحْيَملدكَ حَمَلَنكَ من الْمَسْجُونِينَ 4 [الشعراء :7؟-55]. 

في هذه الآيات استدل موسى عليه السلام على وجوده سبحانه بدلالة 
الصنعة على الصانع والآثر على المؤثر ولكن فرعون لما قامت عليه الحجة؛ 
لجأ إلى منطق القوة والتهديد والوعيد ون أغَعَدتَ إِلّهًا عبر لَأُحعَلنكَ من 
لْمَسَجُونينَ 4# [الشعراء :9؟]. 

وسوف نكتفي ببعض هذه الأدلة» ونرجئ القسم الأكبر منها عند عرضنا 
لشبهات الماديين والملحدين المنكرين لوجود الله من القدامى والمحدثين. 

وقد سار السلف رضوان الله عليهم على طريقة القرآن الكريم وسنة الرسول 
ل فها هو الإمام أبو حنيفة جاء إليه رجل فقال: ما الدليل على الصانع؟ 
قال: «أعجب دليل النطفة التي في الرحم والجنين في البطن يخلقه الله في ظلمة البطن 
وظلمة الرحم قالبًا منطبعًا ليطبع الجنين فيه فيلزم أن يكون الولد إما ذكرًا وإما أنثى» 
ومرة توأمين وطورًا ثلاثة» وتريد أن تلد فلا تلد. وتريد الذكر فتكون الأنثى» وتريد 
الأنثى فيكون الذكر على خلاف اختيار الأبوين» فعرفنا قطعًا أنه قدرة قادر عليم حكيم 
وأن الفلاسفة ينادون من مكان يغيق 17 

والإمام الشافعي يستدل على وجود الله «بورق الفرصاد (التوت) طبعها ولونها 
سواء وريحهاء فيأكلها دود القز فيخرج من جوفها الإبريسم ويأكلها النحل فيخرج من 
جوفها العسلء وتأكلها الشاة فيخرج من جوفها البعرء فانظر كيف تغيرت الحالات 
عليها فعرفت أنه فعل صانع عالم قاذ بعر هليه الراك و شين لقا راع 7 

وهذا الاستدلال هو استدلال العلماء بالله الذين يأخذون من عجيب خلق 
الله سبحانه وتعالى الدليل على وجوده ووحدانيته. 


.)١١ص( مفيد العلوم ومبيد الهموم للخوارزمي‎ )١( 
.)١ 7” المصدر السابق (ص‎ 6 


3 الفصل الأول 


المبحث الثالث 


استدلال المتكلمين على وجود الله: 

إذا كانت الأدلة على وجود الله واضحة في الكون والآفاق والأنفس فإن 
علماء الكلام دافعوا قديمًا عن العقيدة الإسلامية» وصاغوا أدلة يدافعون بها 
عن وجود الله في وجه الملحدين. 

يقول أستاذنا الدكتور يحيى هاشم: «لقد أرغمت التحديات متكلمي الإسلام 
على توجيه أنظارهم إلى المباحث التي يدور فيها الاحتكاك بين الإسلام وتلك العقائد» 
لقد كان لهذا العلم في هذا المجال هدف جليل تمثل في المحافظة على عقائد 
المسلمين وكان عليه أن يواجه أعتى أعداء الإسلام وأخطرهم وأقواهم سلاحًا وأشدهم 
تمكنًا وأكثرهم تحالقا وأوسعهم تنوعًا» .2١”‏ 

وقد صاغ المتكلمون أدلتهم على وحود الله وأشهر ما يستدلون به: 


دليل الحوادث: 

يقول الإمام الأشعري: من قصد إلى برية لم يجد فيها قصرًا مبنيًا فانتظر أن 
يتحول الطين من حالة الآجر وينتضد بعضه على بعض بغير صانع ولا بان كان 
جاهلاً وإذا كان تحول النطفة علقة ثم مضغة ثم لحمًا ودمًا وعظمًا أعظم في 
الأعجوبة كان أولى أن يدل على صانع النطفة ونقلها من حال إلى حال ". 
من حال إلى حال» ويعزو هذا الاستدلال إلى الخليل إبراهيم عليه السلام في 
حجاجه مع قومه ذلك بأنه لما رآها متغيرة من حال إلى حال علم أنها محدثة 


)١(‏ انظر: عوامل وأهداف نشأة علم الكلام (ص )7١١‏ طبعة مجمع البحوث الإسلامية. 
)١(‏ اللمع في الرد على أهل البدع للأشعري (ص )١57‏ تحقيق د/ حمودة غرابة. 


وجود الله بين المثبتين والمتكرين اه 


متطورة مخلوقة لله سبحانه وتعالى وأن الله هو الذي خلقها فقال عند ذلك: 

إن عجفت حَبهِىَ لِلَدِى ظَرٌ التعات والاضك عنبنًا 2ن كأ يرت 
لمتكي [الأنعام :79 ]207 . 

ويعلق الباقلاني على قول النبي كَل فيما رواه البخاري عن عمران بن 
حصين قال: إني عند النبي يَكِةِ فدخل ناس من أهل اليمن فقال: «اقبلوا البشرى 
يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم»» قالوا: قبلنا جمنا لنتفقه في الدين ولنسألك 
عن أول هذا لامها كان. قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله» وكان عرشه على 
الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيم» 00 

يعلق الباقلاني على هذا الحديث بقوله: «قد بين نبينا يله بأحسن بيان 
يتضمن أن جميع الموجودات سوى الله محدثة مخلوقة) (". 

ويلاحظ أن الباقلاني يرجع إلى نصوص الكتاب والسنة في الاعتماد على 
حدوث العالم وأن محدثه هو الله عز وجل. 

يقول الشهرستاني: «وقد سلك المتكلمون طريقين في إثبات الصانع تعالى وهو 
الاستدلال بالحوادث بإمكان الممكنات على مرجح لأحد طرفي الإمكان ويدعي كل 


واحد في جهة الاستدلال نا 


ودليل الحدوث الذي يستدل به المتكلمون صياغته كالآتي: 

العالم ينقسم إلى جواهر واعراض ولا يخرج عنهما. 

والأعراض حادثة والدليل على حدوثها أننا نشاهدها موجودة بعد أن لم 
تكن كحركة الجسم بعد سكونه فهذه الحركة ثابتة بالمشاهدة» وسكونه 


.)7١-19٠١ انظر: الإنصاف للباقلاني (ص‎ )١( 

(؟) صحيح البخاري» باب: وكان عرشه على الماء )١5٠/9(‏ طبعة الشعب. 
(*) الإنصاف للباقلاني (ص .)3١ -7”١0‏ 

(:) نهاية الإقدام (ص 4؟١١- .)١5١5‏ 


١ه‏ الفصل الأول 
حادث ؛ لأنه بمجيء الحركة قد انعدم ولو كان قديمًا لاستحال عليه العدم ؛ 
لأن مث ثبت قدمه استحال عدمه. 

الجر اه كد ذلك حاونة لأنين «اسساوع الجر ادق ونال دافن 
الحوادث فهو حادث أما أنها لا تخلو عن الحوادث:فلأنها لا تخلوعن 
الحركة والسكون» وهما حادثان فالجواهر لا تخلو عن الحوادث (©. 

إذا ثبت هذا فكل حادث لا بد له من محدثء وهذا بالبداهة » ولا يصح 
أن 0 المحدث للعالم نفسه إذ أنه يصبح حينئذ متقدمًا على نفسه ومتأخرًا 
عنها مخلوفًا وهذا باطل؛ لأن كون الشىء الواحد متقدمًا على نفسه ومتأخرًا 
عنها في وقت واحد باطل بالبداهة - 

هذا المحدث للعالم الموجد له لا بد أن يكون مغايرًا له في صفاته فلا 
يكون حادثًا بل يجب أن يكون قديمًا. 

هذا المحدِث للعالم هو الله تعالى 7". 

والاستدلال بحدوث العالم على وجود الله تعالى» اتفق المتكلمون عليه من 
معتزلة وأشاعرة وماتريدية 7"©» على خلافات يسيرة في صياغة هذا الدليل فيما 


ا 


.)79٠ -845 انظر: الوحدانية لأستاذنا الدكتور بركات دويدار (ص‎ )١( 
لأستاذنا عوض الله حجازي.‎ )١5 -١هص( انظر: في العقيدة الإسلامية‎ )؟١‎ 
وانظر: المنهجية لبناء العقيدة الإسلامية (صه7”0- 5”) لأستاذنا الد كتور‎ )" 0٠.١ زفة الوحدانية‎ 


يحيى هاشم. 


وجود الله بين المثبتين والمتكرين 51 


١‏ الملبحث الرابع 


استدلال الفلاسفة على وجود الله «دليل الإمكان» 

يستدل الفلاسفة بدليل الإمكان على وجود الله ومفاد هذا الدليل أن 
الممكنات المواقودة اكد يداطة ‏ لأنها مركية مج 'السمكر» والمر كن تيد 
الشيء الممكن يكون ممكئاء وكل ممكن يحتاج إلى سبب يعطيه الوجود 
ويغرتب على هذا أن جملة الممكدات محتاجة يتمامها إلى سبلب يوحدها 
ويعطيها الوجود. 

هذا السبب إما أن يكون عينها أو جزء منها أو غيرها. 

آوله لا يعور أن يكو الهية عتمي أنه يلزم عليه تقدم الشيء على 
نفسه وهذا باطل. 

ناكا لا يجوز أن ايكوق السيت جره من المسركنات + الأنه وري عليه أن 
يكون الشيء علة لنفسه ولما سبق» وهذا باطل. 

ثالنًا: إما أن يكون سبب الممكنات غيرهاء وهذا الغير: 

-١‏ إما أن يكون هو المستحيل وهذا باطل؛ لأن المستحيل معدوم وغير 
موجود وفاقد الوجود لا يعطي الوجود. 

ب- إما أن يكون الذي سيب الموجودات هو واجب الوجود الذي أعطى 
الممكنات وجودهاء وهذا الواجب الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى هو 
الل سيضانة 7 


يقول ابن سينا : «كل موجود إذا التفت إليه من حيث ذاته من غير التفات 
إلى غيره إما أن يكون بحيث يجب له الوجود في نفسه أو لا يكون. 
)١(‏ انظر: في صياغة دليل الفلاسفة في العقيدة الإسلامية (ص9١- .)5١‏ 


ه الفصل الأول 


موود 

وإما ممكن الوجود بذاته» وهذا يحتاج إلى غيره لأن الممكن لا وجود له 

فما حقه فى نفسه الإمكان ليس يصير موجودًا من ذاته فإنه ليس وجوده من 
ذاته أولى من عدمه من حيث هو ممكن فإن غبار أحدهما أولى فلحضور شيء 
أو غيبته فوجود كل ممكن هو من غيزه)! 30 

بين المتكلمين والفلاسفة: 

ينطلق المتكلمون من دليل الحدوث إلى أن العالم حادث وكل حادث لا 
بد له من محدث» والمعحدث للعالم هو الله عز وجل. 

أما الفلاسفة فعندهم: «أن الموجودات كلها ما عدا الله سبحانه ممكنة ولإمكانها 
تحتاج إلى غيرها في وجودهاء وغير الممكن هو الواجب بذاته لأن الواجب بغيره 
ممكن من حيث ذاته واحتياجها ثابت سواء أكانت قديمة أم حادثة لأنه لا مانع عندهم 
أن يكون الشىء قديمًا بالزمان أي لا أول لوجودهء حادثًا بالذات أي يحتاج إلى غيره في 


زفق 
وجوده) 


نقد ابن تيمية لدليلي المتكلمين والفلاسفقة: 
تناول ابن تيمية ممثل المدرسة السلفية دليل المتكلمين والفلاسفة على 
وجود الله عز وجل بالنقد مبيئًا أن طريقة القرآن الكريم هي الأسلم والأقوم 


)١(‏ انظر: الإشارات لابن سينا (ص5١- )٠١‏ وانظر: الوحدانية (ص2508). 
(؟) الوحدانية (ص908؟). 


وجود الله بين المثبتين والمنكرين 0 


وأن الناس لا يحتاجون إلى هذه المقدمات ليصلوا إلى وجود اللهء يقول: 

الإن إثبات الصانع في القرآن بنفس آياته التي يستلزم العلم بها العلم به كاستلزام 
العلم بالشعاع: العلم بالشمس من غير احتياج إلى قياس كلي يقال فيه وكل محدّث فلا 
بد له من محدث أو كل ممكن فلا بد له من محدث أو كل ممكن فلا بد له من مرجح أو 
كل حركة فلا بد لها من علة غائية أو فاعلية ومن غير احتياج إلى أن يقال سبب الافتقار 
إلى الصانع هل هو الحدوث فقط أو الإمكان؟» (2. 

ثم يقول: «إن الإنسان يعلم فقر نفسه وحاجتها إلى خالقه من غير أن يخطر بباله 
أنها ممكنة. والممكن الذي يقبل الوجود والعدم أو أنها محدثة والمحدث مسبوق 
بالعدم بل قد يشك في قدمها أو يعتقده وهو يعلم فقرها وحاجتها إلى بارئهاء والقلب 
بفطرته يعلم ذلك وإن لم يخطر بقلبه وصف الإمكان والحدوث . 

وعلى هذا جاء قوله تعالى: لآم خِْفوا مِنْ َيْرِ شَوْءِ آَم هم الْحَيشْرن» 
[الطور :78]. 

قال جبير بن مطعم: 

«لما سمعتها أحسست بفؤادي قد تصدع وهو استفهام إنكار يقول أوجدوا من غير 
مبدع؟ فهم يعلمون أنهم لم يكونوا من غير مكوّن. ويعلمون أنهم لم يكونوا نفوسهم. 
وعلمهم بحكم أنفسهم معلوم بالفطرة بنفسه» 7"©. 


ا 


)01١(‏ انظر: مجموع الفتاوي توحيد الربوبية (؟/5). 
(؟) توحيد الربوبية (؟5/١١- .)١١‏ 


5ه الفصل الأول 


المبحث الخامس 


شبه منكري الألوهية والرد عليهم 


تمهيد: 

في هذا المبحث نعرض شبه المنكرين للألوهية» وخطتنا في هذا المبحث 
أن نعرض الشبهة متتبعين من قال بها من الماديين القدامى والدهريين 
والطاديية المعدتين» جا معي العناضر النى يسترك فيها القدامى مع 
المعاصرين» ثم تفنيد تلك الشبهة أولاً من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة 
مستأنسين بفهوم علماء الإسلام واستنباطهم من القرآن والسنة في الرد على 
الماديين إن في القديم أو الحديث, ثم بعد ذلك نعمد إلى إبراز موقف العلم 
الحديث من الشبهة التى عرضها الماديون» ولكن لنثبت بطلان بعض الآراء 
العلمية بما يناقضها فى ,تق لمجال وبنفس المنهج العلمي وقد طبقنا ذلك 
المنهج العلمي في نقد القائلين بقدم المادة» وفي نقد القول بالصدفة في خلق 
الكون» وأخيرًا في نقد نظرية التطور. 

وهذا النقد لمنكري الألوهية في شبههم الثلاث من العلم الحديث لا يعد 
تدعيمًا لوجهة النظر الإسلامية بقدر ما هو اعتراف بالحقائق التي جاء بها 
القرآن الكريم .2١7‏ 


وقد قسمت شبه المنكرين إلى ثلاث شبه: 
الشبهة الأولى : ادعاء أزلية الكون وصدوره عن المادة بدون حاجة إلى 
عالق 


)1١(‏ انظر: المنهاج القرآني (ص 277 07/8 لأستاذنا الدكتور عبد الله الشاذلي الناشر المكتبة القومية 
الحديثة بطنطا. 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة /اه 


الشبهة الثانية : القائلين بالصدفة. أي أن الكون خلق بالصدفة وليس من 
الله. 

الشبهة الثالثة : القائلين بالتطور. 

وهذه الشبه الثلاث» تختلف في أشكالها وتتحد في مضمونها الذي ينتهي 
إلى إنكار الخالق سبحانه وتعالى» وكان يمكن أن نكتفي بعرض الشبهة 
الأولى والرد عليهاء ولكن أردنا أن نحاصر الماديين في كل جزئية من 
الجزئيات التي ا أنها تؤيد إنكار وجود الله. 

ولقد حاولنا في الرد على شبه المنكرين لوجود الله أن نسهم في الدفاع عن 
العقيدة الإسلامية آملين أن نضع لبنة في صرح بناء علم كلام إسلامي جديد 
يستخدم مصطلحات العصر الحديث مرتكرًا في الوقت ذاته على الكتاب 
والسنة كما فعل أسلافنا عليهم رضوان الله. 


مه الفصل الأول 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة والرد عليهم 


الشبهة الأولى 
أزلية الكون وقيامه بنفسه بدون خالق 


إن ادعاء قيام الكون بنفسه ووجوده منذ الأزل» شبهة قال بها الماديون 
اختلاف فيما بينهم في تحديد هذه العناصر بين الماء والهواء والنار والتراب أو 
هذة ا العاط محسيعة كما ذفيتن :«اتزادوقليس) من الثلاسقنة اليوتان 77 
وانتقلت هذه الآراء إلى من عرفوا بالدهرية في المجتمع الإسلامي ”"» الذين 
ذهبوا إلى القول: «بقدم العالم وأزليته وأنكروا العلة الفاعلية» وكانوا لا يقرون إلا بما 
أوجده العيان أو ما يجري مجرى العيان») نز 

واستمرت هذه النزعة المادية التى تقول بقدم العالم واكتفائه بنفسه على 
نحو آلى بدون حاجته إلى إله» إلى العصر الحديث الذي دعمت التجارب 
العلمية فيه النزعة المادية (*6» وتساءل الطبيعيون لم لا تمد المادة نفسها إلى 
غير نهاية فنعتبرها الله؟ 
بقوله: «إن كل شيء يفسر بالمادة والحركة وأنهما أزليتان أبديتان والعالم مدبر 
: : ' )6( 
بقوانينهما وأن الكون ليس مدبرًا من إله " . 
)١(‏ انظر الفلسفة اليونانية: يوسف كرم (ص ؟١-‏ و ه” - 47)» وقصة الفلسفة لديورانت (ل/ » 
.)١4 4‏ 
(؟) انظر: تاريخ الفلاسفة في الإسلام: دي بور (ص .)١5 2١5‏ 
() انظر: الحيوان للجاحظ (85/5» )١7 217/17( 25٠‏ وإخوان الصفا (؟/550))» وانظر: مفيد 
العلوم ومبيد الهموم للخوارزمي (ص 2٠١17 2٠١5‏ المنقذ من الضلال للإمام الغزالي (ص14). 
(4) انظر: مدخل إلى الفلسفة الحديثة (ص8 9 507٠١‏ 571). 
(0) انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة (ص 2١51١‏ 57١)؛‏ ومدخل إلى الفلسفة ))١55 »١1514(‏ وانظر: 
الوجودية المؤمنة والوجودية الملحدة (ص 57)» وانظر: العلم في منظوره الجديد (ص 7؟١-‏ 010). 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 1ه 


وقامت فلسفات مادية كالماركسية التي تبنت قول الماديين الأوائل في 
نظرتهم إلى الكون وظهر هذا في تعليق الينين» على عبارة «هيرقليطس» هذا 
العالم الذي هو سواء بالنسبة للجميع لم يخلقه إله من الآلهة ولا واحد من 
البشر» ولكنه كان دائمًا كما هو اليوم وسيستمر دائمًا نارًا بمعايير لاندلاعهاء 
عاو لوي 3 

يقول «ليئين» تعليعًا غلى هذه العبارة عرض ممعاز لمنادكة المادية 
الايالكنيكية '''»:ووسيل الأمر بالمافيق إل أن أنولو | النادة مكان الله وذهيرا 
إلى أن أهم الصفات التي يوصف بها الله وهي القدم والخلق وجدناها تضاف 
عادة للمادة فالله أمره نافذ وكذلك القوانين الآلية الميكانيكية 9. 

ويمكن وضع تلك الشبه في نقاط محددة هي: 

أولا: العالم قديم وأوجد نفسه بدون علة خارجية. 

ثانيا: لا وجود للإله. 

ثالنًا: اعتبار أن المادة هي الله. 

وسنغند تلك الشبه: 
أولا: بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية. 
ثانيًا: بما استنبطه علماء الإسلام من القرآن والسنة. 
ثالقًا: بما انتهى إليه العلم الحديث في شأن قدم المادة. 

رابعًا: مقارنة بين عبادة المادة» وعبادة الله. 
1 فونه الآخرين وض 01 
(1) الدفاتر الفلسفية للينين نقلاً عن النظرية المادية في المعرفة (ص 15) روجيه جارودي وانظر: 
الفلسفة الماركسية اللينينية. ترجمة لويس اسكاروس.ء دار الثقافة ١/9١م.‏ 


(؟) انظر: أسس الفلسفة (ص ؟5١)‏ للدكتور توفيق الطويل» مكتبة النهضة المصرية الطبعة الثانية 
ه85 ام. 


,3 الفصل الأول 


أولا: لقد نزل القرآن الكريم بخطاب شامل للبشرية كلها فكان يواجه 
المشرك كما كان يواجه الجاحد المنكر للألوهية وكان يواجه اليهود 
والنصارى. 

وإذا كان وجود الله فطرة قُطر الناس عليهاء فإن هناك بعض التراكمات 
على تلك الفطرة تحجب الإنسان عن معرفة الله رب العالمين» وكذلك فإن 
الأدلة القرآنية راعت في المقام الأول أن تزيل هذه التراكمات واستثارت 
يلكات الإسناك وويتيع مفر رية غو وده رمع إثازة القطر اسك الأذلة 
القرآنية بلفت نظر الإنسان إلى الكون ونظامه ودقته وإبداعه» ومن هنا كانت 
أدلة القرآن الكريم هي جماع الأدلة وهي منبع الأدلة التي تمخضت عنها 
أقوال الحكماء في هذا البات 239 

أ- دلالة الاختراع: 

وهذه الأدلة تعني إثبات أن الله عز وجل خلق الكون كله لا على مثال 
سابق» وتهدف هذه الأدلة إلى إثبات حدوث العالم والرد على القائلين بقدمه 
وأزليته وهذه الآيات على سبيل المثال لا الحصر هي قوله تعالى: 

-١‏ طيتايا الاش أعَبدوا ريك الى عَلَمَمْ وَالَدنَ ين قَبَكم لعلكم 
تَتَفُونَ 4 [البقرة :١؟]‏ . 

-١‏ إن فى حَلْتقَ اَلتَمَواتٍ وَالْأَرْضٍ وَاخْيِلفٍِ لكل وَأَلنَهَارٍ وَالْمْلكِ الى 
يحرى بن البخر يِمَا ينهم أَلنّاسَ ومآ 0 3 كلها بم 3 الْأَرضصَ 


ند مويه وَبَك يها بين حكُلٍ دك ودر 


رام 
السَمء وَاَلْأَرَضِ ليت الَفَوَمٍ يَعَقَلور يَعقَ يَعْقَلُونَ 4 [البقرة 0 
َو- 7 و سم مراتيد ا و ساس ساح سل او ريه 


نوا أن التموت: والارض. كان .رتنا فمنمتهما 
)١(‏ الفلسفة القرآنية (ص 44) للعقاد» دار الإسلام» القاهرة» وانظر: الألوهية في الفكر الإسلامي 
(ص ه20 ك/ا). 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 11 


55 200 رورسم رلا 
وجحعلنا هن الماد ا ألا يوون [الأنبياء :0]. 
2 526 ا 20 رو : 4 2 سرصم مايه 
: - «وأوا 0 الله الكاق كر جيذ إن للخل أل 
4 ار مص بر مء رء رع م2 موه عه 
مد © فل سينأ فى الْأئض فَأنظرواً حبق : يَأ الخلو شم الله ينثو ألنّمَأَة 
عٍِ 00 


لآخرة إِنَّ أله ١‏ كل شىء نْء قَدرْ» [العنكبوت ١-19:‏ 7]. 


ه- لاله الى حَلقَ السَمنوت والأرضّ وَمَا بَنَهُمَا في سِنَّةَ ام َرّ أستروا 
عل الْعَرشٍ ما لم مّن ذوزفء من ويل ولا سَفيعَ أقلا لتَدَكرونَ4 [السجدة :4] . 

-١‏ لكل يكم كرود الى حَلَ الْْسَ فى يوم مَتَمَلودَ لَه دام 
دلِكَ رب الْعلِينَ © وَجَعَلَ فب رَواسِىَ من هَوَقِهَا وَبَرَكَ فا وَكَدَّرَ فآ أَقَوَمهَا فى 
أبْحَةٍ أيآَوِ سَوَك لْسَلِاِنَ © ثم استوئة إِلّ لَه وى دُحَانُ هَقَالَ ا وَلِلدَرْضٍ أنْتا 


«>. 5 


1 
مه 
0 
6 
3 
7 
لت 
9 يي 
-- 
ىس 


-١‏ آم مقا ين غَيرِ شَْءِ آم هم الْكَيثْرتَ © آم حَلَمُأْ ألسَموتٍ وَالْأرضَ 
بل د يوفِنونَ 4 [الطور :ه5-7”]. 

/- لضن حَلفَكَكم فَلوَل تُصِيَفون 4 [ [الواقعة :/01]. 

هذه الآيات تقرر أن الكون لم يكن ثم كان بإرادة الله عز وجل وهذا 
الخلق تم بإرادته ومشيئته في الوقت الذي حددهء يقول تعالى: ريك 0 
مَا يكَآه َتاذ ما حكات ره 0 ل عَمَا بوك4 
[القتصص :58]. 

وذلك لأن الله تعالى فعال لما يريد» وهذا الخلق والاختراع تم بالأمر «كن» 
بقول النله تغالى: ؤإِنََا مركا لقتوى» إذا أردته أن تقول ل 3 سكن 4 
[النحل :40]. 

هذه الآيات مجتمعة تقرر أن الحياة لم تكن ثم كانت بأمر الله في الوقت 
الذي أراده ولفظ خلق إشارة إلى التكوين ”'', ويقرر المفسرون في هذه 


(1) الألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١١١‏ 


5 الفصل الأول 


الآياك :أن السنتواك و الارض كاها معدوية كار عد هنا آله والسيكات 
باعتبار ذاتها وحدها تكون معدومة واتصافها بالوجود لا يكون إلا من واجب 
الوتهوة وهو الله قيال 537 

والقرآن الكريم يؤكد الدلالة الضرورية من الخلق على الخالق لأن الشيء لا 
يمك أن وجل يدون غلة .ولا يمكق أيضا أن بكرن هل علة ضواقة و00 
ولذلك ركز الله رب العالمين على خلقه للأشياء وإيجادها من العدم؛ ولم 
ينبت أن أحدًا ادعى أنه أوجدهاء وهذه الآيات التى تحدثئت عن خلق 
النتموات والأرض يع الأ شىء كانت هن الليئطة للا ماع علبياء الإسلام 
من الادلة على وجود الله سبحانه وتعالى. 

يول الأجعرع: لزن سال ساكل ففان :م النك عبر أن نلعلق عنام سيقن 
ومدبرًا دبره؟ قيل له: الدليل على ذلك أن الإنسان الذي هو في غاية الكمال والتمام كان 
: فة ثم علقة ثم لحمًا ودمًا وعظمّاء وعلمنا أنه لم ينقل نفسه من حال إلى حالء وإذا 
كان تحول النطفة علقة ثم مضغة ثم لحمًا ثم دما وعظمًا أعظم في الأعجوبة كان أولى 
أن يدل على صانع صنع النطفة ونقلها من حال إلى حال» وقد قال الله تعالى: يم 
ا تون ©© َأَسْمَ تَخلفُوتهد آَم تحن لَلْتَيِفُونَ4 [الواقعة :8ه-04] فما استطاعوا أن 
يقولوا بحجة أنهم يخلقون ما يمنون» ”". 

ويرد على القائلين بقدم النطفة بناء على افتراض سؤالهم «فإن قالوا فما 
يؤمنكم أن تكون النطفة لم تزل قديمة؟ قيل لهم: لو كان ذلك ما ادعيتم لم يجز أن 
يلحقها الاعتمالء والتأثير ولا الانقلاب والتغيير لأن القديم لا يجوز انتقاله 
وتغيرو» 4). 

فالأشعري قد استخدم دليل الحدوث والعناية للدلالة على أن كل ما سوى 
الله حادث وليس بقديم. 


.)"0 ,54/١1( والألوسي‎ »)0١5 ه١‎ 5/9( انظر: الزمخشري (070/1)» وأبو السعود‎ )١( 
.)075 التفكير الفلسفي في الإسلام (ص‎ )١( 

(5) اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع (ص .)١8‏ 

(:) السابق (ص .)١5‏ 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 3 


وتتهء أن المدرية الا جعرية تستخدم دليل الحدوث في الاستدلال على عدم 
قدم العالم» والإمام «الباقلاني» استدل أيضًا بدليل الحدوث وتغير الموجودات 
من حال إلى حال وعزا هذا الاستدلال إلى الخليل إبراهيم عليه السلام في 
حجاجه مع قومه ذلك بأنه لما رآها متغيرة من حال إلى حال علم أنها محدثة 
متطورة مخلوقة لله تعالى وأن الله هو الذي خلقها فقال عند ذلك: 
ِف مَجّعْتْ دَجَهِىَ لِلرَى طرَ التعؤب والأرض عنيفا وم الأ يرت 

لمتكي 4 [الأنعام :79 ]2310 . 

ويستطرد الباقلاني فيعلق على قول رسول الله يَكْةٍ فيما رواه البخاري عن 
عمران بن حصين قال: إني عند النبي وَلكةٍ إذ جاء قوم من بني تميم قال: 
«البشرى يا بني تميم»؛ قالوا: بشرتنا فأعطنا. فدخل ناس من أهل اليمن فقال: 
«اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم»؛ قالوا: قبلنا جئنا لنتفقه في 
الذيى ولتساللة: عن أول :هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شيء قبلهء 
وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيم ”). 

يعلق الباقلاني على هذا الحديث بقوله: «قد بيّن نبينا يَِِهِ بأحسن بيان 
يتضمن أن جميع الموجودات سوى الله محدثة مخلوقة» ١‏ 

وقد أطبق علماء الإسلام على الاستدلال بحدوث المخلوقات من لا شيء 
على وجود الخالق سبحانه وتعالى ”*“. وابن رشد في كتابه «مناهج الأدلة؛ يبين 
أن الأدلة على وجود الله تعالى التي دعا إليها الشرع واعتمدها صحابة رسول 
الله وَكِْدٌ تنحصر في جنسين: 


)١(‏ انظر: الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به (ص ١٠*؛ )"١‏ بتصرف » طبعة الخانجى 
515ام. 1 
(؟) صحيح البخاري» باب: وكان عرشه على الماء )١٠5٠0/9(‏ طبعة الشعب. 

(9؟) الإنصاف (ص ”23 )3١‏ بتصرف. 

(4) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص )3٠١‏ وانظر: الاقتصاد في الاعتقاد (ص 79- .)4١‏ 


55 الفصل الأول 


الأول : دليل العناية أي عناية الله بالإنسان وخلق جميع الموجودات من 
أجله. 

الثاني : دليل الاختراع: أي اختراع الحياة في الجماد والإدراكات الحسية 
والعقل ومن الآيات التي تتحدث عن الاختراع خلق السماوات والأرض وما 
ينثافيهما من داب 37 

والآيات التي أوردناها من هذا النوع فهي تقرر أن الكون مخلوق وله بداية 
ونهاية وأن مادته ليست أزلية وأن الله بدأه من لا شىء + وفى هذه الآيات من 
الأسرار ما لا يحصى لأن العقول لا تستطيع أن تدركهاء إذ إن كيفية الخلق 
والأعادة كو الكمون' الس اعم :بها الحق ميان 7" وق أفزي لهذه الطرقة 
ابن تيمية صفحات كثيرة من مؤّلفاته» يذكر أن الدلالة بالخلق على وجود الله 
وتوحيده طريقة الأنبياء عليهم السلام » وقد استدل بهذه الدلائل الخليلء 

١ 

وموسى عليهما السلام 7" إذ إن العلم بافتقار المحدّث أبين في العقل وأَبْدَه 
له. 


ولهذا قال الله تعالى: مَإآمْ خَلِفُواْ من عَيْرٍ َيْءِ م هم الْحَيِفْونَ4» [الطور :ه"]. 

يقول جبير بن مطعم: سا ار ري 0 
قد انصدع وقال تعالى: مَإْأرَءَيُمُ ما تون © َأَتْرْ لبه َم تحن للْتيشن4 
[الواقعة :4ه-09]. 

إذ كان كل من القسمين: وهو كونهم خلقوا من غير خالق. 

وكونهم خلقوا أنفسهم معلوم الانتفاء بالضرورة. فإن الإنسان يعلم 
ع ل ع وين 0 نفسهء فلما كان - 


ا 


.)١١5 7١8 وصراع المذهب والعقيدة (ص‎ )1١ انظر: الألوهية في الفكر الإسلامي (ص‎ )١( 
.م١9/.5 الطبعة الثانية‎ )3١ انظر: بتصرف دقائق التفسير لابن تيمية (ه/؟5١٠١- ؛‎ )1( 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 0 


بأنه لا بد له من محدّث وأن محدثه ليس إياه علمًا ضروريًا ثبت بالضرورة أن 
لهمحدثًا غيره وكل ما يقدر فيه أنه مخلوق فهو كذللك كالسماوات والأرض 
وغيرهما لأن الخلق يتضمن الحدوث والتقدير ففيه معنى الإبداع 
والتقدير 230 

وقد استدل العلماء بهذه الآيات في مناقشتهم للقائلين بقدم العالم من 
الدهريين ببطلان الترجيح بلا مرجح, والدور والتسلسل ("©. 

وإذا ثبت بالقرآن الكريم والسنة أن العالم حادث وأن الذي خلقه هو الله 
فإن العلم الحديث يثبت هو الآخر أن الكون له بداية وله نهاية وذلك عن 
طريق علم الفلك وعلم الفيزياء. 

يقول أحد العلماء: «إن أهم اكتشاف علمي في القرن العشرين أن الكون أصبح 
قابلا للبحث باستخدام علمي الفيزياء والفلك» 7". 

أولاً: دلالة علماء الفيزياء على حدوث العالم: 

إن النظرة التي استند إليها الماديون في القول بأزلية المادة وإن الكون قائم 
بنفسه بدون خالق له أصبحت بعد الاكتشافات العلمية المثيرة تسمى بالنظرة 
القديمة. 

أما النظرة الجديدة فإنها تفبت أن المادة ليست أزلية وأن الكون له بداية 
وعلة أولى نشأ عنها. يقول الفيزيائي «أدموند ويتبكر 1ع 7/516]8[1 8021120 
(ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار 
العظيم وأنه حدث بينهما تفاعل فجائي ٠‏ فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها من 


.)١١5 2١١5/9( انظر: بتصرف موافقة صريح المعقول للمنقول لابن تيمية‎ )١( 

(؟) انظر: المسائل الخمسون في أصول الدين للرازي (ص 75- 507؟)» وانظر: الإنصاف (ص 7١ح‏ 
-“٠‏ 0073# وانظر: موافقة صريح المعقول للمنقول .)١١8 211١17/9(‏ 

(") العلم في منظوره الجديد (ص 55). 


515 الفصل الأول 


اللحظات في الأزلية؟ والأبسط أن نفترض خلقا من العدم أي إبداع الإرادة الإلهية 
للكون من العدم؛ 60 

هذا هو العلم الذي يقرر أن الكون حادث ووراءه إرادة أخرجته من العدم 
وإن اكتشاف بعض القوانين العلمية الحديثة لينسف القول بأزلية المادة نسمّاء 
لإثبات حدوثها وصدورها عن إله حكيم. 

من هذه القوانين ما يعرف بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية ومفاد هذا 
القانون أن المادة إذا ضغطت سخنت وارتفعت درجة تعادلها الحراري وكلما 
ازداد عدد الانكماشات العظيمة للكون ازدادت حرارته ودرجة تعادله 
الحراري» وبما أن درجة حرارة الكون ودرجة تعادله الحراري محدودتان في 
الوقت الراهن فلا بد من أنه كانت له بداية» وإن مظاهر الكون المتمثلة في 
الشمس المستعرة والنجوم المتوهجة والأرض الغنية بأنواع الحياة كلها دليل 
واضح على أن أصل الكون 0 يرتبطان بزمان بدأ من لحظة معينة» فهو 
إذا حذث: من الأحدات» ومعنى ذلك أنه لايد لأصل الكوق:من خالق أزلي 
ليس له بداية» فالقانون يغبت أن الكون ما دام فيه حرارة فلا يمكن أن يكون 
أزلجًا ؛ لأن الحرارة لا توجد بنفسهاء ولو كان أزليًا لكان باردًا وكان قد 
استهلك طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط فيه ”". 

ثم إن هناك مواد مشعة في الكون وهي تفقد أجزاء منها في كل فترة زمنية 
بانتظام وتتحول إلى مواد أخرى غير مشعة ولو أن الكون أزليًا لكانت هذه 
المتواة المشعة قد تحولت بكاملها 7*. 


ويؤكد هذا الدكتور «بول كلارنس أيرسولد» أستاذ الطبيعة الحيوية ومدير 


.)14 العلم في منظوره الجديد (ص‎ )١( 

(1) انظر: العلم في منظوره الجديد (ص 78 وانظر الله يتجلى في عصر العلم (ص 6)» القرآن 
يتحدى (ص 255860 2))١5951‏ وانظر: الله جل جلاله (ص .)١15‏ 

(5) توحيد الخالق (/7؟: 7؟) عبد المجيد الزنداني» دار المجتمع 941١م.‏ 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 1 


قسم النظائر والطاقة الذرية يقول: «إن الأمر الذي نستطيع أن نثق به كل الثقة هو أن 
اسار ار جو جر انا لمك امقر ! إن لهما بداية ولا 
بد لكل بداية من مبتدئ كما أننا نعرف أن هذا النظام الرائع المعقد الذي يسود هذا 
الكون يخضع لقوانين لم يخلقها الإنسان». وإن معجزة الحياة في حد ذاتها لها بداية كما 
أن وراءها توجيهًا وتدبيرًا خارج دائرة الإنسان إنها بداية مقدسة وتوجيه مقدس وتدبير 
إلهي محكم؛ .2١(‏ كل هذه الاكتشافات تثبت أن الكون ليس أزلها وأنه لم 
ثانيّا: دلالة علم الفلك على حدوث الكون: 
إذا كان علم الفيزياء الحديثة قد أثبت عن طريق القوانين العلمية أن الكون 
له بداية فإن علم الفلك يؤكد ذلك. 
يقرر الفلكي «روبرت جاسترو 725161018 11056154(أن سلسلة الحوادث التي 
م ا ل ل 
وطاقة» '"؛ ويقرر علم الفلك أيضًا أن الكون يتسع بالتسلسل الدائم وأن كل 
مجاميع النجوم والأجرام السماوية تتباعد بسرعة مدهشة بعضها عن بعض ولا 
يمكن تفسير هذه الحالة إلا بالتسليم بأن الكون له بداية وكانت الأجزاء 
ار كيبيه عر كزة وميعتجعة بعصيام بعض ثم بدأت الحركة والحرارة» 
بعتم بهذه القوانين العلمية» ثم إنكار أن يكون لهذا الكون إله كمن يدعي 
أن الأهرامات قامت بنفسها مع تسليمه بأن الأهرامات بناها المصريون منذ 


أريعة الف يي 


إن كل هذه الدلائل تثبت قيام العالم بآللة سبحابة وتعالى وأن الكون نا 
)١(‏ الأدلة الطبيعية على وجود الله ضمن كتاب الله يتجلى في عصر العلم (ص 78). 
(؟) العلم في منظوره الجديد (ص 14) وانظر: دراسة الأسفار المقدسة في ضوء المعارف الحديثة رص 
.)١51‏ 
() انظر: الإسلام يتحدى بتصرف (ص .5» »)0١‏ وانظر: توحيد الخالق (ص 55- 55). 


3 الفصل الأول 


كيف تنشأ الحياة من المادة التي لا حياة فيها؟ 


انال عار وجسر يقول: إن أ لَه ل كنب والتومن مرج ) 
حرج الت 02 ل ل أسَّدُ أن و45 [الأنعام :46]. 

هذا إعلان من الله أنه أغرج اللحى عن الميك» بجحب المتليو يها + لأنه لم 
يدع أحد إلى الآن ذلك. 

وإن ادعاء خروج الحياة من اللاحياة بفعل الطبيعة أو بالتولد الذاتي قول 
يتناقض مع العقل» ومع العلم في آن واحد . أما تناقضه مع العلم» فلاستحالة 
كون المادة مصدر الحياة لخلوها من الحياة» وما كان خاليًا من شيء قوة 
وفغلة لآ يمكنه مطلقًا أن يكون مصندرا له والعتادة حالية من الحياة بالقوقء 
لأنها لواقلارت: أن تبرز الحياة ذات يوم لقدرث أن تبرزغا قبن ذلك؛ لأن طبائع 
الأشياء لا تتغير وإذا قدرت أن تبرزها قبل ذلك اليوم فإنها قادرة أن تبرزها 
الآن» ولا يمكن أن توجد في وقت آخرء وذلك مقرر في مبادئ علوم الطبيعة؛ 
أما 0 من الحياة بالفعل فشيء ثابت وظاهر لأننا لم نر مادة جامدة 
أنبتت حياة للا 

أما تناقض القول بأن الحياة تخرج من اللاحياة مع العلم فيرجع إلى أن 
«جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية قد باءت بخذلان 
وفشل ذريعين» ومع ذلك فإن من يُنكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر 
على أن مجرد تجمع بعض الذرات والجزئيات يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة 
وصيانتها وتوجيهها بالصورة الموجودة في الخلايا الحية؛ لأن كل خلية من هذه الخلايا 
قد بلغت درجة من التعقيد يصعب على العلماء فهمها . وأن ملايين الملايين من 
الخلايا الحية على سطح الأرض تشهد بقدرة الله شهادة تقوم على الفكر والمنطق؛ 


)١(‏ انظر: دلائل التوحيد للقاسمي (ص ١‏ ”7١٠غ)‏ وانظر: موقتف العلم والعقل والعالم من رب 
العالمين للشيخ مصطفى صبري .)75١١ -708/١(‏ 


مب> )أ 


ع من ألميّتٍ 


ا 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة 58 


ولشخص أن يقبل أن الحياة نشأت بدون إله ولكنه حين يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد 
إعجارًا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق الأشياء ودبرها» 2"7, 
ونحن قطعًا نسلم بداية بأن الكون مخلوق لله وأن الحياة تخرج من اللاحياة 
بإرادة الله» ولكن إذا كان الذين يديئون بالعلم وقوانينه هم الذين يردون على 
الملحدين بنفس منهجهم وطريقتهم.؛ فإن المسلم عليه أن يستثمر تلك النقطة 
وأن يستأنس بردود هؤلاء العلماء بعد أن بنى يقينه على العلم الصادر من الله 
007 


أما النقطة الثانية من الشبهة الأولى: وهي ادعاء عدم وجود الله: 


فإن الله عز وجل يكذب الذين يزعمون ذلك؛ لأنه قد فطرهم على معرفته 
57 5 5 5 ساء 4م هه 0 2006 7 - 

ووجوده ووحدانيته يقول الله تعالى: لوَِذْ أحدَ ريك مِنْ بف ءَادَمْ مِن رهر 
ري وَلتبَم ع آشِيم آلسث يكم تالا بل سهد أك عا ينم التبمة 
إِنَا كنا عَنْ هذا عَلْفلِينَ © أو نولو نآ كر َابَآوْنَا ين كَبَلُ وَحكنًا درَيَةُ 
93 ب 2 يزه سكرب اس سسام كوه > جع صسداب د لخديام معطم «١‏ عد ول ادم 
مَنْ بعَدِهم فلك ما مَل المبطلون © وَكَدَلِكَ نَصَلُ لبت وَلعَلَهُمْ جهوت 4 
[الأعراف :174-17/7]. وهذه الآيات تبين أن الله قد فطر الخلق على معرفته 
وتوحيده ولذلك يقول: مواقم وَجَهَكَ للدت - حينا فِطرَتٌ لد لبي فطر 
دس عَكا ل با يلق لل يك أزيث اليم لكت أسخر الكاين 
ل يعلمون» [الروم كاك وا لمفسد ون أكدوا على أن هذه الآيات تبين أن الله 
فطر الناس على الإقرار بوجوده ووحدانيته» ولهذا كان أكثر الناس على أن 
الإقرار بالصانع ضروري فطري ؛ لأن اضطرار النفوس إلى الله أعظم من 
اضطرارهم إلى ما لا تتعلق به حاجتهمء ألا ترى أن الناس يعرفون من أحوال ما 
تتعلق به منافعهم ومضارهم كولاة أمورهم وأصدقائهم وأعدائهم ما لا يعلمونه 
)١(‏ انظر:بتصرف مقال الخلايا الحية تؤدي وظيفتها للدكتور «رسل تشارلز أرنست» ضمن كتاب 
الله يتجلى في عصر العلم (ص 77). 
(؟) انظر: الألوهية في الفكر الإسلامي (ص”57؛ 44). 


7 الفصل الأول 


من أحوال من لا يرجونه ولا يخافونه ولذلك فإن احتياج المخلوق للخالق أبين 
وأوضح ؟ لأنه الذي يأتيهم بالمنافع ويدفع عنهم عات 0 

أننا إنكان وتجود اللةفانه لاايكرن إلا بعد أن تغير القطرة بفعل الإنس 
والجن» وتفسد مدارك السمع والبصر والعقل وهناك أيات كثيرة تثبت عدم 
ا ل الإيمانية كما في قوله تعالى: وما نكم أنهآ 
12ت كا ويه و ويتلك افد اصرح كنا 3 وبلا يوه ايل عرز 
وَنَدَرُهُمٌ في طُعْيِنِهِمم د هده يَعَمَهُونَ 4 [ 0 لك نااك وهناك من الآيات ما يبين 
ذلك فى 2009 

ولكن هذا الفساد يزول عن الإنسان ويرجع إلى ربه حين يصيبه البأساء 
والضراء ففي ذلك الوقت تنقشع الغشاوة من على الفطرة ويعود الإنسان إلى 
ربه وقد صرح القرآن الكريم بذلك؛ يقول تعالى: هر ألذِى سق في لير 


ووء سد اه _- 030 م< و 02000 3-411 ا ثلا نيا عرز 1 
وَألحْرٍ حو إِذَا كثر زو 0 رجح 

سار 2 702 وله 1 آ ته م و يي 
0 ب 0 مخلصين له 


5 ل ره عئطء م44 . سمدم عه ع 22خ ص كت ل 6 اس 
0 في البحرٍ ضل من 00 إِيَأهِ فلما يد 
ِل لبر عرض وَكان الإفسن كُقورا» [الإسراء :/17؟ ]20 . 


2 


ويقول سبحانه وتعالى: فَإوَلمُ مَا فى آل 
.)2 عه صل 7 رسف ا ا ات 
تُونَ © وَمَا يكدُم ين يَمْمََ هَمِنَ أله ثم إِدَا مَسَّكُمْ لص َي يترون [النحل 


زكرن" 


)١(‏ انظر: تفسير ابن كثير (/477غ» 478)» والرازي -57/١0(‏ 48)» وموافقة صريح المعقول 

.)١55/9( للمنقول‎ 

(؟) انظر: سورة البقرة أية: (/8)» والأنفال آية: (5)» والنساء آية: »)١٠5(‏ ومحمد أية: (057)؛ 

والفرقان: (4 4)»وغيرها من الآيات الكثيرة. انظر: الإيمان لابن تيمية (١؟5-‏ 54) تحقيق الألباني 
6 اها 

(599) انظر: يونس: .)١7(‏ 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة “١‏ 


وهذه الآيات تبين أن الإنسان ساعة الضر وساعة الشدة لا يجد ملجأ ولا مفما 
إلا الله وللإنسان أن يتأمل التعبير القرآني في اللجوء إلى الله والاستعانة به 
والاستغاثة بقوته ورحمته هذا التعبير: ملي يحتَروْنَ4 [النحل :*ه] فإن الآية 
تظهر أن الإنسان يجأر أي يرفع صوته بالدعاء والتضرع والاستغاثة» وهذا يعني 
أن الدافع الفطري والإحساس بأن الله هو المنقذ عميق وقوي ومسيطر على 
التفمن الشرية ويظين ذا الشعور حي يمس الانسان ادن يل 0 

ولذلك فإن «الشهرستاني» يعتبر أن أوضح الأدلة على وجود الله هو دليل 
الفطرة السليمة شهدت بضرورة فطرتها وبديهية فكرتها على صانع حكيم 
عالم قدير والناس إن غفلوا عن الفطرة في حال السراء فلا شك أنهم يلوذون 
به في حال الضراء ويستشهد بالآيات السابق ذكرها. 

والرسل إنما هم مبعوثون لتذكية الفطرة وتطهيرها عن تسويل الشيطان» 
فإنهم الباقون على أصل الفطرة وما كان له عليهم من سلطان ولذلك قال: 
د ين نت الوك © سيد من 4 [الأعلى ]٠١-:‏ ومن رحل إلى الله 
قربت مسافته حيث رجع إلى نفسه أوفى رجوع فعرف احتياجه إليه في تكوينه 
وبقائه وتقلبه ”"'» وابن تيمية في درء تعارض العقل مع النقل يولي كلام 
الشهرستاني اهتمامًا كبيرًا في الاستدلال على وجود الله 7". 

ولا يقولن قائل إننا نناقش قومًا كفروا بالله ورسله وكتبه فكيف نستدل لهم 
بآيات من القرآن الكريه؟ 

والحق أن القرآن حين نبه على الدلائل التي توصل إلى معرفته وخاصة دليل 
الفطرة لم يختص قومًا دون قوم ولم يخاطب نفسًا دون نفس وإنما خاطب 
الناس كلهم ؛ لأنه عالم بنفوسهم وتفكيرهم. 
)١(‏ انظر: المنهاج القرأني (ص 288 85). 


(؟) انظر: نهاية الإقدام للشهرستاني (ص 0-1714 .)١55‏ 
(؟) موافقة صريح المعقول للمنقول لابن تيمية (20159/9 .)١7٠0‏ 


7 الفصل الأول 


يقول تعالى: مألا يَعَلَمُ مَنْ حَلَقَ وهو اللطِيف أَخْيَيرٌ4 [الملك :14] » وإذا لم يقتنع 
الإنسان أيّا كان زمانه ومكانه وتفكيره بكلام الله فهل يتصور أن يقتنع بغير 
كلام الله؟ الحق أن الله عز وجل بعد أن أودع القرآن الكريم الدلائل على 
وجوده ووحدانيته قال: فإتَْكَ َلِيَتُ أله تَلُومَا عَّكَ باحق مَأَيَ حَدِيثٍ بعد آله 
ودَابنِو- يوون [الجائية :1] » أي: إذا لم يقتنع الملحد والكافر أمريكيًا أو 
: أ 7 1 0١‏ 
يخاطب أهل مكة وهو يعلم أنهم على الكفر ”''. 

ولكن لأن أدلة القرآن الكريم تنفذ إلى النفس البشرية وتغيرهاء كان 
خحطاب الله لهؤلاء» وما على الذي يعرض كتاب الله إلا أن يتحلى باللغة 
المناسبة والفطرة التى نأخذ منها دليلاً على وجود الله من هذه الأدلة التى 
يتساوى جميع الناس فيها على اختالاف السنتهم والوانهم وتفكيرهم وفقرهم 
وغناهم» يلمح لهذا الدكتور «فاروق الدسوقى» فى كتابه «القضاء والقدر» فيذ كر 
أن ملحدي العصر يعمدون إلى إنكار الغيبيات لفقدهم الدليل المادي على 
وجودها فهم لا يؤمنون إلا بالمادة المحسوسة والمناهج التجريبية كوسائل 
للبحثء والقرآن الكريم يقدم لهؤلاء وسيلة تناسب ما يؤمنون به من الناحية 
الحسية» لا ليقبت لهم وجود الله ولكن ليأخذ منهم اعترافًا صريحًا أن الله 
موجود فى أعماق نفوسهم. وإذا ثبت أن الإيمان موجود في أعماقهم فقد 
أثبت ما ينتهي إليه هذا الإيمان» والمنهج الذي يقدمه القرآن لكشف حقيقة 
فى أن نأخذ بعض الملاحدة في قارب صغير في بحر لجي حيث يوشك القارب أن 
يغرق بهم بشرط أن تكون التجربة دون علم هؤلاء الملاحدة؛ ثم علينا بعد ذلك أن 
نسجل مشاهداتنا وملاحظاتنا عن سلوكهم حيال هذا الخطر على حياتهم؛ وسنرى هل 
)1١(‏ انظر: العقيدة في الله (ص 201 58) الدكتور عمر سليمان الأشقرء مكتبة الفلاح الكويت سنة 
45 ام. 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة ف 


سيتوجهون إلى الأرخ ض أم السماء ء؟ وهل سيدعون البحر أم رب البحر وخالقه؟ وعلينا 
أن نسألهم بعد ذلك من أين لهم هذا الإيمان دون مناظرة أو مجادلة؟ إن القرآن الكريم 
يخبرنا أنهم في تلك اللحظة لا يؤمنون فقط بوجود الله ولكن بأنه الواحد الأحد القادرء 
ونحن نتحدى ملاحدة هذا العصر أن يقيموا هذه التجربة بشرط أن يتحلوا بالأمانة 
والحياد والرغبة في الوصول إلى الحق والحقيقة» ”'". 

وصدق الله العظيم حين قال: مِصَّلَّ و5 7 [الإسراء :/519] . 

وأخيرًا نأتي إلى النقطة الثالثة من الشبهة الأولى وهي 

صفات الله ثم المادة: 

الحق الذي ظهر للباحث أن الماديين حين كفروا بالله آمنوا بالمادة وفعلوا 
مع المادة مثلما يفعل المؤمنون مع الله. 

فإذا كان المؤمن يؤمن بقوة غيبية لا ترى» هذه القوة هي الله» فإن الماديين 
يؤمنون أيضًا بقوة غيبية لا ترى وهم مضطرون إلى ذلك فما القانون العلمي 
والقوة والحركة والزمن والأزلي والأبدي إلا مفاهيم لا تخضع للحس 
والمشاهدة ومع ذلك لا يجرؤ أحد من الماديين أن ينكرها وإلا لكان علمه 
ساذجًا ولانّهمه زملاؤه بالسطحية. 

يقول الأستاذ وحيد الدين خحان: «إن أي عالم من علماء عصرنا لا يستطيع أن 
يخطو دون الاعتماد على ألفاظ مثل القوة: 0106 1الطاقة: 226181 الطبيعة: 
106 وقانون الطبيعة: 23161116 01 1017 . وما إلى ذلك . ولكن هذا العالم لا 
يدري ما القوة والطاقة والطبيعة وقانونهاء فهو قد صاغ كلمات تعبر عن وقائع معلومة 
لكي يبين عللا غير معلومة وهذا العالم لا يقدر على تفسير هذه الألفاظ تمامًا كرجل 
الدين لا يستطيع تفسير صفات الإله وكلاهما يؤمن بدوره بعلل غير معلومة» ”"2. وإذا 


)١(‏ انظر: بتصرف القضاء والقدر في الإسلام )٠١١ -45/١(‏ دار الدعوة الإسكندرية. 
(؟) الإسلام يتحدى (ص 47))» وانظر: الله يتجلى في عصر العلم (ص .)١18‏ 


0 975 الفصل الأول 


تتبعنا الماديين في كثير جدًا من المواقف نجد أنهم لا يختلفون عن المؤمنين 
في مواقفهم فإن عندهم إيمانًا بل وعندهم إلهام داخلي. 

يقول الدكتور كونانت: «أعظم الفروض التمهيدية الكبرى التي جاء بها تاريخ 
العلم نشأت نتيجة لعملية ذهنية يعبر عنها أحيانًا بأنها (مسة من عبقرية) أو (خاطرة 
ملهمة) أو (ومضة من خيال باهر) وقلما يتبين فيها الناظر أنها كانت نتيجة لتمحيص 
النتائج كلها أو تحليل منطقي لها أو محاولة منظمة لصياغتها أدّت إلى ما انتهى إليه 
1 

ونستطيع أن نقول بدون تجاوز للحقيقة: إن المؤمن كما يعبد الله ويتوجه 
إليه فإن المادي يعبد المادة ويتوجه إليهاء لا فرق بين القدامى والمحدثين» 
فإن «الشهرستاني» وصف المادة بأنها معبود الدهريين ”"". وكما يعتقد المؤمن 
في الرسل فإن المادي يعتقد في الفلاسفة الماديين الذين صاغوا مذهبه. وكما 
أن المؤمن له كتاب مقدس فإن المادي له أيضًا كنتب مقدسة تتمثل فى 
المؤلفات المادية » وكما أن المسلم يصلي ويعبد الله فإن الماديين يفعلون م 
ذلك كما في معابد أم البشرية ”؟© » وكما أن المسلم يذهب إلى بيت الله 
الحرام» فإن الماديين يطوفون حول قبور زعمائهم كما يحدث في الاتحاد 
الوق 0 

العبادة لله لا للمادة: 


يتفق المؤمنون والماديون كل فيما يعتقد: أن ظواهر العلم متغيرة وأن كل 


-١/٠١ مواقف حاسمة وص 5 نقلاً عن الدكتور يحيى هاشم» في مواجهة الإلحاد المعاصر (ص‎ )١( 
.)0/١ 

.)١١5 انظر: نهاية الإقدام للشهرستاني (ص‎ )١( 

() انظر: للأهمية العلم والدين في الفلسفة المعاصرة (ص .٠ه-‏ 7ه). 

(4) انظر مجلة أكتوبر بتاريخ ١91717/11/١7‏ نقلاً عن: في مواجهة الإلحاد المعاصر (ص 5517). 
(0) في مواجهة الإلحاد المعاصر (ص 75؟). 


عرض شبه القائلين بأزلية المادة ”7 


متغير له أصل صدر عنه؛ وظواهر العالم لها أصل تتغير عنه وهذا متفق عليه » 
ولكن الكلام في هذا الأصلء هل وجوده لذاته أو لغيره؟ المؤمنون يقولون إن 
أصل الكون وهو الله وجوده لذاته» والماديون يقولون المادة التي صدر عنها 
الكون وجودها لذاتها. والمؤمنون يجمعون على أن الله ذو سلطان لا راد 
لأمره تخضع لتحركة الأشباء والماديون يفولون ذلك أيعنا بالنسبة للمادة. 

والسؤال الذي يطرح للمؤمن والمادي هو: 

هل هذا الأصل من جنس العالم الذي نعرفه أو ليس من جنسه؟ 

الماديون يقولون: إنه من جنس هذا العالم؛ لأنهم لا يعترفون بغين الجادةء 
والمؤتون يقولوق» إنه اليس أن يشت قلا العام لولس كبتري كو © 2 

ا لْصِير 4 [ [(الشورى ٠. ]١١:‏ 

والماديون يقعون في التناقض حين يقولون إن أصل العالم من جنس 
العالم للآتي: 

-١‏ لأن القول بأنه من جنس هذا العالم المادي يقتضي كونه جزءًا منه, 
والقول بأنه أصل العالم يقتضي كونه غيره وهذا تناقض. 

-١‏ ولأن القول بأنه من جنس هذا العالم يقتضي كونه ذا بداية لأن ما هو 
من جنس العالم له بداية كما أثبتت النظريات العلمية وهم يقولون بأزليته. 

+- ولأن القول بأنه من جنس هذا العالم المادي يقتضي كونه فانيًا لأن ما 
هو من هذا العالم يفنى وهم قد قالوا بخلوده. 

ولاايقال إننا تريك بالأصل:الماذة من احيت هن منادة» وهى “عندنا (أي 
الماديين) واجبة لا نهائية أبدية 570000 ْ 

ونحن نقول للماديين إن ما تقولونه عن المادة المتصفة بما تقدم يخرجها 
عن كونها من جنس هذا العالم المادي الذي نعرفه؛ لأن ما نعرفه من هذا 


75 الفصل الأول 


العالم المادي إنما هو أفراد فنعرفه ممكن الوجود منتهيًا له بداية وله نهاية. 

فما السبيل إلى معرفتكم المادة المطلقة التي وصفتموها بالأزلية والأبدية 
وهي من جنس العالم المادي الذي نعرفه. 

ولذلك فأنتم تقولون بشيء ليس من جنس العالم وإن سميتموه مادة فهو 
خارج عنها غير متصف بصفاتها ©. 

ربع تداك المقارنة تعس إلن أن السرفين تعره الما جنا يمينا 
بصفات الجلال والكمال. 

أما الماديوق. قبنز كوا مع الله خيره خب ينخد ون الماد ة إلِها وهم في ذلك 
اك مر 0 00 5-5 يتَ من أعَذَ لهم هونة 


0 0 دواع دصميه و سلسم 


نه أفلا 4 © ومَالُوا مهن إل > 16 أ ا ّ و 
000 نون 44 [الحاثية 14-١17":‏ ؟7] . 

إن الدع وجل يرشع :طيورة للنفس الظرية شين تترك الأضل القايته الذي 
يحركها وتشعر به وهو الله » ثم تتعبد للهوى وتخضع له وتقيمه إلهّا قاهرا لها 
مستوليًا عليها » إن القران الكريم يعجب من هذا الذي اتخذ إلهه هواه بعد 
معرفته للحق الذي كان ينبغي أن يصده عما اتخذه من دون الله ولكن؛ ل 
ا 0 وتركه فى عمايته » ولذلك 

7 0 

قينا فذحف لها الاذلة ا فلن يهتدي لأنه رفض هداية الله بداية 
فاستحق الجزاء على ذلك الرفض » وكأن تلك الآية يقرؤها الإنسان 0 
من الله فى هذه الآية الفذة 0_0 يَقَوْلُ نتيجان من 
)١(‏ انظر: في مواجهة الإلحاد المعاصر (ص -١8/8‏ ١٠1؟)‏ بتصرف. 
(؟) انظر: ظلال القرآن (ه/.998- 75781). 


القائلون بالصدفة في خلق العالم 7 


أ القائلون بالصدفة في خلق العالم والرد عليهم 
الشبهة الثانية : القول بالصدفة 
لقد وجد قديمًا فى فلاسفة اليونان من ذهب إلى أن الحياة نشأت اتفاقا 
دون أي غائية أو علة تخا رجية وبنى العالم على الاتفاق والمصادفة ”". 
وهنا بقنة نوع عنة النغرريع اليج ذهيوا إك أن العالم كان في الازل 
أجزاء مبثوثة تتحرك على استقامة فاصطكت اتفاقا فحصل عنها العالم الذي 


زاه 050 
نراة 8 


وإذا كان القدامى من الماديين والدهريين قد ذهبوا إلى هذا القول فإن 
كثيرا من الماديين المحدثين ذهبوا إلى القول بالصدفة لئلا يفسروا الكون 
بخالق » من هؤلاء «أرنست هكل» الذي ذهب إلى أن المادة هى الموجد 
الضروري للحياة وأن الحياة ترجع إلى أصل واحد هو «المونيرا» التي تَزكيت 
اتفاقا من «الأزوت والهيدروجين والأكسجين» ومنها تكونت الحياة 7". 

ووصل الثقة بالصدفة وما ينتج عنها أن زعم « هكسلي» ين «لو جلست ستة 
من القرود على آلات كاتبة وظلت تضرب على حروفها لملايين السنين فلا نستبعد أن 
نجد فى بعض الأوراق الأخيرة التى كتبوها قصيدة من قصائد (شكسبير) فكذلك كل 
الكون الآن نتيجة لعمليات عمياء ندور في المادة لبلابين الم 


بل وصل الأمر إلى ابعد من ذلك حين زعم «هكل» فك عالم البيولوجيا أنه 


.)4١ تاريخ الفلسفة اليونانية (ص‎ )١( 

.)٠١5 مفيد العموم ومبيد الهموم للخوارزمي (ص‎ )١( 

(”) تاريخ الفلسفة الحديثئة وص .)5٠0٠‏ 

(4) الإسلام يتحدى (ص 55 وانظر: الله من الفطرة والدليل ( ص )5١‏ الشيخ محمد حسن آل 
ياسين (ص .)1٠١‏ 

(0) أستاذ علم الحيوان بجامعة فيينا 5 -١815‏ 1919. 


١‏ الفصل الأول 


قادر على خلق الإنسان يقول : «ائتوني بالهواء وبالماء وبالأجزاء الكيماوية 
وبالوقت وسأخلق الإنسان» ”"©. 

ويلخص الفيلسوف «برتراند رسل» تاريخ البشرية كلها في القول بالصدفة 
فيقول :اليس وراء تشاة الإنسان قاية أواتدبير إن تقانه وحياته وآماله ومشاوقه 
وعواطفه وعقائده ليست إلا نتيجة اجتماع ذرات جسمه عن طريق المصادفة» ("). 

كانت هذه هي شبه القائلين بالصدفة وهذه الشبهه لا تخرج في مضمونها 
عن الشبه الأولى اللهم إلا في الشكل فقط ولكن المضمون واحد . 

وسنحاول أن نفند تلك الشبهات مرتكزين على القرآن الكريم مستخرجين 
منه الأدلة الباهرة التي تبطل القول بالصدفة عن طريق ما أودعه الله في الكون 
والإنسان والحيوان والنبات من قصد وتدبير مستأنسين بمفهوم العلماء حول 
إبداع الله في هذه الأشياء مستعينين في الوقت نفسه بما قرره العلماء 
المحدثين من نتائج العلم الحديث حول ما نستشهد به من نماذج. 

إن القرآن الكريم فيه من الدلائل التي تضيف إلى الخلق والإبداع العناية 
والقصد في الكون بأسره من شمس وقمر وجبال وأنهار وإنسان وحيوان 
وزاك لان كل سكروف تله الله زثمنا عه لفانة وحلمه قدر . وإن قات 

عن المخلوقين فلا يغيب عن الخالق جل في علاه مصداقا لقوله تعالى: 9 إنًا 
01 حَلقئَهُ تند بترِ» 1 [القمر:؟؟] . 

وسنحاول عرض نماذج من الآيات التي تتحدث عن الكون وما فيه من ليل 
ونهار وشمس وقمر وكذلك للايات التي تتحدث عن خلق الإنسان والعناية 
به» ثم خلق الحيوان ثم خلق النبات . 


.07١ الإسلام يتحدى (ص‎ )١( 
ويليام توبلوتشي: مقال بعنوان المادية وحدها لا تكفي ضمن كتاب الله يتجلى في عصر العلم.‎ )١( 


القائلون بالصدفة في خلق العالم 27 


أولا: الآيات الكونية ويعرف هذا الاستدلال بدليل الآفاق : 


“1 


الاخشوزل التانهتعاق :“زات ق علق اعكوات والاض والخيتن الكل 
ا | 0 00 
وََلبََارٍ لآَينتٍ لَأُوْل الْألبتب © [آل عمران :190] . 

3 وتقدول تسييفانة :ولاق الجاء تسمل أكل شكا والشيمن والقدر 
0 ذَلِكَ نديد العيز لْعَلِيِوِ © [الأنعام :95] . 
ويقول تعالى: «وهو ل جَعَلَّ الشّنس ضناة والقمر .ورا ودر متازل 


000 سراي “و2 


كلما 2ه السو والكات تانق ان كلدت إل الك قل اقلت 
لِقَوَرِ يَعَلَمُونَ 4©9 [يونس: 0]. 

وقول «(رتة لتم ولق عل عزن لكل فشك 4 [الرعد 6 : 

ه. ويقول سبحانه: «إوَسَكخَرَ لك لكيس بلقم فيان رسفي لك أل 
وََلتَارَ4 [| [إبراهيم :*”] . 

+ ويقول تعالى: وو ايد لَُمْ آلَلُ تْلَعُ ينه التبَارَ دا هُم مُظيِمُونَ © 
مس ءَ دير الْعيز الْعلِيم © وَالْفَمر هَدَرَئَهُ 


بباح مول عن نا 


مَنَارِلٌ ّ حي عاد كلتف عام 1 الى > 45 بَتى هآ أن درك القمر ولا 


أ ولك دءد ىو 


00 
١ 
0 
0 
1 
م‎ 
2 


"5 


بالدليل الغائي : 

وقد قال بهذا علماء الإسلام وعلى رأسهم «ابن رشد» ''2 وقال به الغربيون 
واعتبره «كانط» أوضح الأدلة كلها على وجود الله ("© » ولكن مع كل ما قاله 
العلماء تبقى آيات القرآن الكريم شاهدة على أن هذا الكون خلقه الله وأبدعه 


)00 منهاج الأدلة (ص .)١٠١٠١‏ 
(5) المدحل في الفلسفة (ص 555). 


م/ الفصل الأول 


وسخره » وأي انحراف وخروج عن المسار الذي رسمه الله لمخلوقاته سيحيل 
العالم إلى فوضى واضطراب ولن تعمر الأرضء بل لن تبقى 

والآيات التي عرضناها خير دليل على ذلك فإن في خلق السموات والأرض 
واختلاف الليل والنهار لدلائل عظيمة شاهدة على الإبداع والعناية ولذلك 
كانت من المعجزات التي أيد الله رسوله بها . 

فقد روى الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أنت قريش اليهود 
فقالوا : بم جاءكم موسى من الآيات؟ قالوا عصاه » ويد بيضاء للناظرين ‏ 
و م فقالوا+ كيل كان عينسق :؟تقالوا + كان يبرط الأكمه والأبرض 
ويحبي الموتى » فأتوا النبي فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا . فدعا 
ربهء فتزلت الآية «إإرك فى خَلْقَ السَموت وَالأَرضٍ وَأخْيَلفٍ أليلٍ عكار 
لدبت يدول لْدلْبتب» [آل عمران ]١50:‏ «فليتفكروا م 

إن الشمس والقمر وسيرهما الدقيق لمن الدلائل على وجود الصانع وعلمه 
وقدرته وحكمته » ففلق ظلمة الليل بنور الصبح لمن أعظم النعم لأن الأحوال 
الفلكية أعظم في القلوب وأكثر وقعا في النفوس من الأحوال الأرضية. 

وإن الناظر للسماء وما فيها من كواكب تزينها ويهتدي بها في ظلمات 
الليل ليمكن أن يعدي بهذه التجوم والأقلاك ويسعدل بماعتلن اللليف 
الخبير 0©, 

إلا إن الشيء الذين يلفت النظر ويثير الانتباه هو حركة الشمس والقمر 
وسير كل منهما في فلك يسبحون فهذا من أعظم الدلائل وأبينها على القصد 
والغاية » فضلا عن أن العلماء المحدثين قد اكتشفوا أفضل تعبير عن حركة 
الشمسن والقمز هو لفظ السباحة. 


.)٠١١ لباب المنقول في أسباب النزول بهامش الجلالين (ص‎ )١1( 
.)©9 -*2/5( والكشاف‎ 0٠١١-١٠٠١ لم3‎ -9 5/1١79 انظر: الرازي‎ )؟١‎ 


القائلون بالصدفة في خلق العالم ١م‏ 


يقول الأستاذ وحيد الدين خان «كان الإنسان في العصر الغابر يشاهد النجوم تتحرك 
وتبتعد عن أماكنها بعد وقت معين ولذلك لم يكن هذا التعبير القرآني موضع دهشتهم 
واستغرابهم ولكن البحوث الحديثة قد خلعت على هذه التعبيرات ثوبا جديدا فليس 
هناك تعبيرا أروع ولا أدق من (السباحة) لدوران الأجرام السماوية في الفضاء البسيط 
اللطيف)07©. 

فالشمس والقمر لا يتسهل لأحد منهما ولا يستقيم ولا ينبغي لأحدهما أن 
يترك فلكه الذي حدد له لجريانه ودورانه » والمسافات التي جعلها الله بين 
مدارات الكواكب بعيدة شاسعة حتى لا تصطدم » وكل مقدر له أن يسير في 
فلكه سابحا فيه كما عبر القرآن الكريم 7". 

ويأتي الإعجاز في وضع الشمس والقمر بالنسبة للأرض. 

إن الله عز وجل أتقن حركة الشمس والقمر وقدر بعدهما عن الأرض 
فالشمس التي نعدها اليوم وسيلة حياتنا تبلغ درجة حرارة سطحها اثنتي عشرة 
ألف درجة «فهرنهيت» والمسافة بينها وبين الأرض تبلغ ما يقرب من 
...#0 ميلا » وهذا البعد الهائل لا يتغير أبدا بالزيادة أو النقصان وفى 
ذلك عبرة وتقدير من العزيز العليم لأن هذه المسافة لو نقصت واقتربت 
الشمس من الأرض فإن الحياة تصبح مستحيلة على الأرض » ولو أن هذه 
المسافة بعدت أيضًا فإن البرودة الشديدة التي تنجم عن هذا البعد سوف 
تقضى على الحياة على وجه الأرض ولو حل محل الشمس نجم آخرء فإن 
الأرض ستصبح تنورا رهيبا لا حياة فيه لإنسان أو حيوان أو نبات أو جماد0”". 

هذا عن الشمس . فماذا عن القمر ؟ 

إن القين قة عل انلها ل ستانافة معيية ونه نيا عن الآر طن ومين هده 
)١(‏ الإسلام يتحدى (ص 075» وانظر: الأسفار المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (ص -١/87‏ 
45). 
)١(‏ انظر ظلال القرآن (ه/ /99551- 55355)» وانظر: التسبية والكون (ص )١7/١١‏ للد كتور عبد 
المحسن صالح وانظر: التوحيد (77/9- 714). 


2( الإسلام يتحدى (ص 08ه) بتصرف. 


8 الفصل الأول 


المسافة ينتفع بالقمر ويسير الناس في ضوئه ويتغنى الشعراء بطيفه 

فماذا لو بعد عن المسافة التي عليها الآن ؟ إن المد في المحيطات والبحار 
الذي يرتبط بالقمر» كان سيبلغ من القوة بحيث إن جميع الأراضي التي 
تحت منسوب الماء كانت سثغمر مرتين في اليوم بماء متدفق يزيح بقوته 
الجبال نفسها وفى هذه الحالة ربما كانت لن توجد الآن القارات » وكانت 
الكرة الأرضية من الممكن أن تتحطم من جراء هذه الاضطرابات وكان المد 
الذي في الهواء سيحدث أعاصير كل يوم 7". 

من الذي قدر هذه الأمور كلهاء الصدفة العمياء أم قدرة الله الواحد 
القهار ؟ 

سنضرب مثالا بسيطا من الواقع العالمي : إن الدول الكبرى الآن تتبارى 
وتتباهئ فى إطلاق الأقمار الصناعية فهل إذا زعم اعفد :أن القن قمر صناعي أو 
مائة اوعكرة أو قمرًا واحدًا خرج من ال رن وأخحذ يسير في مدار مرسوم متزن 
حول أرضنا نتيجة لتفاعلات كساتة وه الأسلدك رايم وبقية المواد 
المختلفة هل سيجد هذا الإنسان من يصدقه؟ إن الدنيا بأسرها ستسخر من 
هذا الإنسان لأنه قد أنكر علم العلماء وتقنيات محطات الفضاء ومهارة الفنيين 
والمدربين » قمر صغير لا يصدق أحد بأنه نشأ من تلقاء نفسه ويأتي من يزعم 

من المادبيق أن هذا العالم وجد بالصدفة بما يحويه من ملايين من الأفلاك 
والنجوم والمجرات السابحة في مداراتها المنتظمة 7" التي يذهب علماء 
الفلك إلى أن مصادفة مرور نجمين متقاربين لدرجة تكفي لإحداث مد خفاق 
هدام هي في نطاق الملايين» وأن مصادفة التصادم هي نادرة لدرجة وراء 
ال 1 


)٠١؟‎ 2301/9( انظر العلم يدعو للإيمان (ص ١ه» 7ه)» والألوهية في الفكر الإسلامي‎ )١( 
.)57 وعقيدة المسلم للشيخ الغزالي (ص ؟؟-‎ 

.)59 28/9( انظر التوحيد‎ )١( 

(؟) العلم يدعو للإيمان (ص 05). 


القائلون بالصدفة في خلق العالم نه 
لاود ادك اين ا ا لحي ع ع يت أب 0 


إن هذا النظام العجيب والمحكوم القائم على التدبير والتنظيم هو الذي جعل 
أحد كبار الملحدين وهو « برتراند رسل» يقول : «إننا نجد حتى في مملكة 
الكواكب عمليات تنطوي على خصائص غائية لا تختلف اختلافا جوهريا عن ملامح 
السلوك الغرضي في الحيوانات العليا» ”'2. 

أين ذهبت المصادفة التي زعمها «رسل» وادعى أن تاريخ البشرية كلها قائم 
عليها؟ إن الإبداع والنظام والتقدير في الكون يجعل كبار الملحدين يعترفون 
بالقوة اجن لك مجر مدرو سيط زولك ممعيم عن ااانا 
والدعوة إليها الاستكبار والهوى. 

ثانيًا: الإنسان: 

إن الله عز وجل خلق الإنسان في أحسن تقويم وسخر له الكائنات كلها 
ولفت نظر الإنسان إلى نفسه وطلب منه أن يتأملها ويتدبر ما فيها من لطيف 
الصنع وعظيم الغاية » رامت بار الله تعالى: «سَبْرِيهِمَ ءَإينِنَا فى 
1 0 َنفْسيم حَقَّ يبن لهم أنه 0 َوَلّمْ يَكْفِ بَرَيِكَ نَم عَكَ صٌٍِ 

سيد 4 [فنصلت :"ه]» وفي قوله تعالى: ورف آي أقلا بعرو © 

ا 

ويمتن الله تعالى على الإنسان فيقول: ولا يَرْكُرٌ الْإِنَنُ أنا حَلَقَنَهُ من 

بل وَل يك سَيمَاك [مريم :510] . 

ويلفت النظر إلى تكوين الإنسان منذ أن كان نطفة فعلقة فيقول: وإ وَلقَدٌ 
خَلَقَمَا لاضن من سكاع ين طبن © ثم جعلتة جَعَلَنَهُ نُظمَهٌ في قار مَكين © © حلفا 
له عه من اَل مفكسة تكتقه الْمضْعَةَ عِظمًا 2111 الب 
كما 3 أنعَأتهُ حَلَمَا حر قَتََ تَبَارَةَ أمّهُ لَحْسَنُ للقن © 2 د ل 
لمَتنونَ 4 [ [المؤمنون .]١5-١7:‏ 


قر 


4/ الفصل الأول 


فيك كو الأكسان بالنعم الظاهرة فيقول: «َإثُلٌ هْرٌ الى تساك مَجَعلَ جَعلَ لكر لشم 


ل وَاليدة ليلا م 4 [الملك :*3] . 


اه 0000 


ويقولعزوجل: ألم 20 عِيَنَينِ (© وَلِسَانًا وسفن (ه) وهديسة 
جد #4 [البلد ]٠١-4:‏ . 


وهذه الآيات في مجموعها تتحدث عن الإنسان وما أودع الله فيه من 
ملكات وأعضاء ويسمي العلماء هذا الدليل: 


الدليل النفسي: 

والحق أن الذي يقرأ ما كتبه المفسرون (©» وعلماء الإسلام حول ذلك 
الدليل النفسي يرى أن العلماء لم يهتموا بالجانب الظاهري فقط من هذه 
النعم» وإنما التفتوا إلى الجانب الباطني في الإنسان من إلهام وإدراك وشعور 
وفرح وحزن وغير ذلك من الأشياء التي لا ثُرى ولا تُشاهدء وإن الآيات لتشير 
إلى ذلك في وضوح وجلاءء» ومن العلماء الذين اهتموا بالجانب النفسي في 
الإنسان من هداية ومعرفة لله ورجوع إليه الإمام الغزالي في «إحياء علوم الدين» 
الذي يذكر أن من أهم نعم الله على الإنسان الأشياء الحاصلة للنفس وهي من 
أخص النعم كالفضائل النفسية التي يرجع حاصلها مع تشعب أطرافها إلى 
الإيمان وحسن الخلقء والإيمان يشمل علم المكاشفة وهو العلم بالله تعالى 
وصفاته وملائكته ورسله؛ ويشمل أيضًا علم المعاملة مع الخلق وحسن الخلق 
الذي يشمل: ترك مقتضى الشهوات ا ويسمى هذا النوع بالعفة 
ويشمل مراعاة العدل في الكف عن مقتضى الشهوات حتى لا يمتنع أصلاً.. 
ويخلص إلى أن «الفضائل الخاصة بالنفس المقربة إلى الله تعالى أربعة: علم 
مكاشفة . وعلم معاملة. وعفة وعدالة» 0 
)١(‏ انظر: التفسير الكبير للرازي »)١ 1٠١ -/١19/71(‏ وابن كثير -١١5/4(‏ 5755)» والقرطبي 


العلا ه6ا). 
(؟) انظر إحياء علوم الدين (11١/5-0؟75-‏ 11؟55). 


القائلون بالصدفة في خلق العالم هم 


ولم يكتف الغزالي بلفت النظر إلى النعم النفسية التي في داخل الإنسان ولكنه 
أوضح النعم الظاهرة التي أنعم الله بها على الإنسان وأعظم تلك النعم نشأته 
وتكوينه التي يقف الخلق عاجزين أمام صنع الله في الإنسان وتكوينه من نطفة 
ثم علقة ثم مضغة, إن الإنسان إذا فكر في عملية تكوينه في بطن أمه وجد 
ايات وايات» ذلك الجزء الذي يصنع العين لماذا يصنع العين؟ والجنين لا 
حاجة له بالعين وهو في بطن أمه من الذي نظم للإنسان هذا الجهاز البصري 
ليرى به ما حوله بعد خروجه إلى الحياة؟ من الذي كوَّن للعين أغشية بصرية 
رقيقة وعدسة محكمة وماءً زجاجيًا مقدرًا وشبكية تتكون إحدى طبقاتها من 
ثلاثين مليون عود بصري وثلاثة ملايين مخروط بصري؟ ومن الذي أخبر ذلك 
الجزء من النطفة أن ينشئ العصب البصري ويشق له فتحة بقدر محدد في 
الجمجمة؛» ويصنع مركرًا بصريًا في المخ ويربط به ذلك العصب البصري وما 
يقال في العين يقال في الرئتين» إن الجنين لا حاجة له إلى الرئتين بل لو دخل 
قليل 1 الهواء إلى القرار المكين لأحدث فيه أضرارًا بالغة» فلماذا يصنع إذن 
هذا الجهاز التنفسي لاستقبال الهواء؟ إن الذي صنع وإن الذي قدّر هو العالم 
بما يحتاج | مر الحياة ولا نملك إلا أن نقرأ قوله 
تعالى: هر أله بك إذ أنقاك يرت النْضٍ وَإِد أنثر له فى. بظون مهي 
20 3 مر علد يعن ات)4 [العجم وم ]237 

وما يُذكر عن الجنين في بطن أمه يُذكر عن الإنسان بعد أن يخرج إلى 
الحياة وما فيه من نعم ظاهرة من يدين ورجلين وسمع وبصر وإدراك 
وإحساس. 

ولقد عرض ض «الإمام الغزالي» هذه النعم الظاهرة في بيان رائع وأمطلوت بديع 
مَبِيكًا العرابط الذي يأغد بالألبنات نين أغعشناء الإتسان بعضها والبعض 
ال 


)١(‏ انظر توحيد الخالق 4/7١‏ - 47)» وانظر إيثار الحق على الخلق لابن الوزير )١772١55(‏ وانظر 
الاعتقاد إلي سبيل الهداية والرشاد (ص »5١‏ ؟17). 
(؟) انظر إحياء علوم الدين -9778154/١5(‏ 0755.0). 


0 الفصل الأول 


الإنسان وأعضاؤه في العلم التجريبي: 

إذا كان المفسرون وعلماء الإسلام «كالغزالي وابن الوزير؛ وغيرهم قد لفتوا 
الأنظار إلى النعم الداخلية والخارجية للإنسان وبينوا بديع صنع الله فيه؛ فإن 
العلماء التجريبيين قد انكبوا على دراسة الإنسان من الناحية العضوية وخرجوا 
نتائج لا يملك الإنسان إلا أن يقول سبحان الله الذي خلق فسوى والذي قدّر 
فهدىء وفى الوقت ذاته لا يملك إلا أن يسخر من الماديين الذين يقولون 
بالصدفة ا قال التجريبيون؟ 

أ- ميخ الإنسان: 

إن ملايين الأخبار تجري ليل نهار على جهازنا العصبي» وهذه الأخبار هي 
التي توجه القلب في تدفقه وفي حركاته وتتحكم في حركات الأعضاء 
المختلفة وتتحكم في الحركات الرئوية» ولو لم يكن هذا النظام موجودًا في 
أجسامنا لصارت الأجسام تلفيقًا مبعثرا تسلك كل منها مسلكا خاصًا. وه ركز 
هذا النظام مخ الإنسان وفية يوجد آلف مليون خخحلية عصبية ومن هذه الخلايا 
تخرج الأنسجة العصبية» ويجري في هذه الأنسجة نظام إرسال واستقبال 
للأخبار بسرعة سبعين ميلا في الساعة» ومن خلال هذه الاتسيعة نتذوق 
ونسمع ونرى ونباشر سائر أعمالنا. 

ب- في حاسة الذوق: 

توجد ثلاثة آلاف من الشعيرات المتذوقة ولكل منها مسلك عصبي متصل 
بالمخ وبواسطة هذه الشعيرات يحس الإنسان بالمذاقات المختلفة ولولا هذه 
الشعيرات ما شعر الإنسان بطعم حلاوة أو مرارة. 

ج- وفي حاسة الإبصار: 

يوجد في كل عين مائة وثلاثون مليونًا من الخلايا الملتقطة للضوء تقوم 
كك إردال المجدرعة ارين لخ المت 


القائلون بالصدفة في خلق العام // 

د- وفي حاسة السمع ("©: 

وجل فى الأذن عشرة آلاف خلية سمعية ومن خلال نظام معقد يسري من 
هذه الخلايا يسمع مخنا. 

ه- وفي حاسة الإدراك والإحساس: 

توجد انشجة سسية عن "امعداة علن الإنسان" فإذا قربا شيعا تحاذا قن 
ثلاثين ألما من الخلايا الملتقطة للحرارة تحس بهذه العملية وترسلها إلى 
المخ. وإذا قربنا شيمًا باردًا إلى الجلد فإن ربع مليون من الخلايا ترسل هذا 
الإحساس إلى المخ في رتعد الجسمء ثم تتسع الشرايين الجلدية فيسرع مزيد 
من الدم إليها وتزودها بالحرارة. 

و- النظام العصبي: 

في الإنسان يشتمل على عدة فروع منها الفرع المتحرك ذاتيًا ويقوم بأعمال 
الهضم والتنفس وحركات القلب وتحت هذا الفرع يوجد نظامان: 

أحدهما: النظام الخالق للحركة. 53:5]6112 ©5[/111122112611. 

الثاني : المانع للحركة. ©11 5/5222 172/251 والنظام الثاني يقوم 

والنظام الأول : لو ترك الأغر لد لزادت حركات القلب زيادة يترتب عليها 

ولو ترك الأمر للنظام الثاني: لتوقفت حركة القلب توققًا تامًا ولكن توزعت 
أعمال النظامين بدقة وعناية. 
الجسمية ا 
)١(‏ انظر: العلم يدعو إلى الإيمان (ص .)١١5‏ 


)١(‏ انظر: تضنفة: أساشية الإسلام يتحدى (ص 65 05) بتصرف كبير» وانظر: العلم يدعو إلى 
الإيمان (ص )١١5‏ وانظر: القرآن الكريم يتحدى (ص 2.398١‏ 3857). 


مم الفصل الأول 


وبعد هذه الدلائل الكبرى التي أودعها الله في الإنسان يأتي «هكلي» ويقول: 
ائتوني بالماء والهواء وسأخلق الإنسان.. هنا يقول: إني سأخلق فكأن الصنعة 
لا بد لها من صانع. 

يقول الأستاذ كريس موريس: «إن (هكل) يتجاهل في دعواه الجينات الورائية 
فإن أول شيء سيحتاج إليه عند خلق الإنسان هو الذرات التي لا سبيل إلى مشاهدتها ثم 
يخلق الجينات أو حملة الاستعدادات الوراثية بعد ترتيب هذه الذرات حتى يعطيها ثوب 
الحياة وإن إمكان الخلق بعد هذه المحاولة لا تعدو أن تكون واحدًا على عدة بلايين ولو 
افترضنا أن (هكل) نجح في محاولته فإنه لن يسميها «صدفة» بل سوف يقررها 
ويعدها نتيجة لعبقريته) (20. 

ومع هذا الادعاء فلم ينجح اليه ا الآن ذ ي خخلق نطفة أ خلية حجئة فضلة 
عن الإنسان» وما زال التحدي قائمًا «هدًا | خَلْنُ أن فَأَرْئففٍ مادا عَلَقَ ادبن 
من 0 بل لصون فى صَللٍ من [لقمان ]١١:‏ . 

ثالًا: في الدواب: 

إن نعم الله لا تحصى على الإنسان في الأنعام فقد سخرها الله له تحمله 
من بلد إلى بلد ويلبس من أصوافها وأوبارهاء ثم يأكل منها لحمًا ويشرب منها 
لبئا» ولقد وردت أيات في القرآن الكريم تتحدث عن القصد والعناية والغاية 
من خلق الدواب والأنعام» لا يمكن أن تكون إلا من فعل قادر حكيم عليم. 


كرو 4س ورقة 


يقول تعالى: «إومًا ين دَآبَةَ في الْأَرْضٍ ولا طهر يطِيرٌ ينَاحيَهِ إلا أمم أمالكم 
2 15 وطاق الكني هن كوو ثم إل ريم يحسَروت 4 [الأنعام :28] . 

0 ع2 بج اسع دي . وير 0 

ا ظوَإنَ لك في الْأَشَر لجره ضَقِيكٌ ينا في بطونه- مِنْ بن هرب 


ود : اماما 5 ِْسَدرِبينَ4 [ [الئحل :55] ٠‏ 


.)7١ ءا/ل0٠ الإسلام يتحدى (ص‎ )١( 


القائلون بالصدفة في خلق العام 114 


عو 


ا فلرنها كرك يلق انه ووقنة لين إن ى كلق كه لمر بنفك و40 
[النحل :59-548]. 

هذه الآيات يبين الله فيها أنه ما من دابة ولا طائر إلا عالم مثل عالم 
الإنسان في كونها جماعات وفي كونها مخلوقات يشبه بعضها بعضًا ويأنس 
بعضها ببعض ويتزوج كل جنس مع جنسه» وأن الله دبر أمرها وخلقها وهداها 
وتكفل برزقها ”"©. 

ولقد قام العلماء المحدثون بدراسة سلوك الحيوانات في العقود الأخيرة 
وانتهوا إلى وجود جماعات حيوانية حقيقية ولم يتم اكتشاف تفاصيل هذه 
التنظيمات إلا منذ عهد قريب 7"؛ وسوف ندرس بعض الإشارات التي وردت 
في القرآن الكريم عن الحيوانات والطيور ومنافعها وما ألهمه الله في هذه 
الحيوانات والطيور من إبداع ودقة ونظام. 

أ- الأنعام: 

إن العبرة التي يلفت الله تعالى نظر الإنسان إليها هي خروج اللبن ذو القيمة 
الغذائية العالية من بين فرث ودمء وإذا كان القدامى من العلماء قد نظروا إلى 
الآية على أنها من الناحية الظاهرية معجزة ومن أكبر النعم على الإنسان 7" 
فإن العلم الحديث كشف دلالات ما كانت لتخطر على بال أحد أودعها الله 
في تلك الاية. 

ولقد لفت إلى هذه الدلائل اللجنة التي وضعت تفسير المنتخب الصادر 
عن الميعليس الأغلى للقفيق الإتلامية 277 وبر ز هده الدلائل أورده اموريلين 
)١(‏ انظر: التفسير الكبير للرازي »)١١4 ١١ /١7(‏ والألوهية في الفكر الإسلامي (ص8 2٠١‏ 
0 
)١(‏ دراسة الاسفار في ضوء المعارف الحديثة ( .)5١8‏ 


(5) انظر: الرازي (55/90- 38)» والقرطبي »)١775 2178/1١١١‏ والكشاف .)41١9/5(‏ 
6 انظر: المنتتخب في التفسير (ص ه95؟١)‏ الهامشء الطبعة الثانية سنة 51/7 ١ام.‏ 


3 الفصل الأول 


0. 


على هذه الآية «تأتي المواد الأساسية» التي تتكفل بتغذية الجسم عامة من 
تفاعلات كيميائية تحدث فى القناة الهضمية» وتأتى هذه المواد من عناصر 
موجودة فى محتوى الأمعاء» وعندما تصل هذه المواد الموجودة بالأمعاء إلى 
المرحلة المطلوبة في التفاعل الكيميائي فإنها تمر عبر جدار الأمعاء نحو 
الدورة العامة ويتم هذا الانتقال بطريقتين: إما مباشرة بواسطة ما يسمى 
بالأوغية الليجفاوية» وإها :بشكل غير مباشر بواسطة الدورة البابية العى تقود 
هذه المواد إلى الكبد حيث تقع عليها بعض التعديلات ثم تخرج من الكبد 
لتذهب أخيرًا إلى الدورة الدموية بهذا الشكل إذ يمر كل شيء بالدورة 
الدموية» والغدد الثديية هى التى تفرز مكونات اللبن وتتغذى هذه الغدد إذا 
جاز القول بمنتجات هضم الاغذية التي تاتي بواسطة الدم الدائر. 

لدم ]دن يلعي دور المتفتضل والعال للمواد المسعحرجة من الأغذية 
ومغذي الغدد الثديية منتجة اللبن مثلما يغذي أي عضو آخرء كل شيء 


بوكاي» في كتابه «الأسفار المقدسة في ضوء المعارف الحديثة» يقول في تعليقه 


يحدث هنا ابعداءٌ من مواجهة محتوى الأمعاء مع الدم في الجدار الأمعائي 
نفسه» هذه المعلومة المحددة تعد اليوم من مكتسبات الكيمياء» وفسيولوجيا 
الهضم كانت غير معروفة مطلقًا في عصر النبي محمد يك وإن معرفتها لترجع 
إل العصر الحديث (23» وإن تحدي الله للبشر ليظهر في هذه الآية فإن 
ا 00 بين دم وفرث كما بينت 
لآية 97> بهذا الترتيب الداقيق المعجر. 
ب- النحل والنمل: 
أمور يعجز علماء العصر أن يرتبوها أو يخططوها على هذا النحو. 


.)5١؟17‎ 250717 انظر: دراسة الكتب المقدسة (ص‎ )١( 
.)٠١١ الألوهية في الفكر الإسلامي (ص‎ )١( 


القائلون بالصدفة في خلق العام 0 


فالئحل لها مملكة خاصة بها ولها ملكة تقوم على رعاية شئون المملكة 
وتدافع عنها وإن البيت الذي تبنيه النحلة لهو من أعجب العجب في شكله 
السداسئ زانداف دؤة جاتر الأشكال: لآن السكل السداسي إذا:اتصييث 
بعض أشكاله إلى بعض صار شكلاً مستديا كاستدارة ال 1 يبقى فيه 
فروج ولا خلل» ويشد بعضه بعضًا حتى يصير طبقًا واحدًا لا يدخل من بيوته 
رؤوس الإبر مما يعجز عن صنعه البشرء فمن الذي ألهمها ذلك وهداها؟ هل 
هي الصدفة العمياء أو العزيز العليم؟ 

ثم الإلهام لها من قبل الله أن تتخذ من الجبال بيونًا ومن الشجر ومما 
يعرشون وهو الترتيب الذي يتناسب مع حياة الإنسان فقد ألهمها الله عز وجل 
أن تكون مستعدة ؛ لأن تحيا في الكهوف والجبال مع الإنسان في طوره 
الحجري يوم كان الإنسان يسكن الكهوف والمغارات» كما ألهمها أن تسكن 
الأشجار عندما انتقل الإنسان من حياة الرعي والتنقل إلى حياة الزراعة 
والاستقرار» ثم ألهمت في النهاية أن ترحل إلى الخلية عندما يتعلم الإنسان 
الصناعة ويتحضر على فنونها.. 

فالمراحل الثلاث التي ذكرت في سياق الوحي للنحل هي أوامر إلهية 
لطبيعة النحل أن تستجيب لحاجات الإنسان كلما طور الإنسان حياته ثم 
هناك الإلهام الذي يتخاطب النحل عن طريقه؛ وهو الرقص الذي يعرف 
بواسطته الاتجاه الذي يجب أن يتخذه والمسافة التي توجد عليها الزهور التي 
سيمتص رحيقها وأخيرًا العسل الذي يخرج من بطونهاء بما يحويه من شفاء 
للناس؛ وهذا ما قرره علماء العلم الحديث أخيراء وصدق الله العظيم الذي 
00 
)١(‏ انظر: شفاء العليل في القضاء والقدر والتعليل لابن القيم (ص 58-75 العلم يدعو إلى الإيمان 


(ص 018-115)» والألوهية في الفكر الإسلامي (ص »)٠١١ -٠٠١‏ ودراسة الأسفار المقدسة في 
ضوء المعارف الحديئة (ص .)5١94‏ 


اه الفصل الأول 


أما النمل: 

فله شأن آخر في التنظيم والترتيب والهداية» من أول خروجها من بيتها 
للبحث عن الطعام إلى الحصول عليه إلى الرجوع به إلى دخوله في بيتهاء 
ذلك بأنها تخرج للبحث عن رزقهاء فإذا وجدته حملته فإذا لم تستطع حمله 
استدعت زميلاتها فيتعاونون جميعًا في حمله وحين تخزيئه تنظر إليه فإذا كان 
مما ينبت فلقته فلقتين فإذا كان في فلقها اثنتين إنبات عمدت إلى كل فلقة 
ففلقتها اثنتين فمن الذي أخبرها أن هذا النبات ينبت في فلقتين وهذا لا 
ينبت؟ إنه الله تعالى الذي رزقها حاسة شم قوية تدرك بها ما يدركه غيرها 
لعي 1 البيي0, 

وقد لاحظ العلماء أن النملة «تقوم بعمليات معقدة» فإذا كانت مكونة من ذرات 
مادية فمن الذي ألهمها ذلك؟ لا شك أن هناك خالقًا أرشدها إلى كل ذلك». 

والأمثلة لا تحصى على هداية الله للكائنات التي خلقهاء والمتأمل في 
سلوكها وما تقوم به من أفعال لا يمكن أن يقول إنها صادرة عن الصدفة 
العمياء» وما تفعله ثعابين البحر من هجرات طويلة وعودة صغارها إلى مواطن 
آبائها الأصلية إلا نموذج لعلك الهداية والأمثلة كثيرة في عالم الطيور 
والزواحف والحيوانات وجميعها أدلة تشهد بخالق بارئ مصور خلق كل شيء 
فقدره ا 

ثالثًا النبات: 

من الأدلة البليغة التي تغبت العناية والقصد في النبات ما ذكره الله تعالى 
في الأيات التي تتحدث عن النبات» وعجائب صنع الله فيه وتزاوجه نذكر من 
هذه الأيات: 
(1) انظر: شفاء العليل (ص 55- .)7١‏ 
(؟) انظر: العلم يدعو للإيمان (ص ١7١-1١٠١‏ وانظر: الأمثلة المتعددة التي ذكرها الشهيد سيد 


قطب في ظلال القرآن عند تفسيره لقول الله تعالى: إن كل عن حَلتَتَه عَلَقَتَهُ تدر [القمر :49] الآية 
1 من سورة القمر» وانظر: ظلال القرآن (5/ 81458/- 514141). 


القائلون بالصدفة في خلق العالم 57 


5 م ا 00 0 ب سل سح لو 

-١‏ يقول الله تعالى: «إو في الْأَرضٍ قَِطْمٌ متَجَلوراتٌ وجنت من أَعَتب وزدع 

ره كر ع 2 ل لس سن ار سر ساسم : 
َكل نان وَعَيْرٌ صِنوانٍ يسقن يماو وج رِ وَنِفَضَلٌ بَعْسًََا عن بَعَْضٍ في 


3 


الأكر 0 ف ذلِلتَ ليت قوق تهت» [الرعد :4] 
؟- ويقول سبحانه 90 #وما در دنا كم ف لْدرْضٍ نما الونم 


له ف ولعت 0 لْعَرَرِ يدَكَرون 4 [النحل ]١7:‏ . 
+- ويقول عز وجل: ##وترى الأرص هايِدَة فإذ 
0 070 م ل له رس سم 


أ يت وريت وَأَنْبَنَتَ من كل زوج بهيج 4 [الحج :5]. 
8- ويقول 0 #حَلقَ الشكوات 550 مي وها ولد 5 رض رواسى 


7-6 لخر 85 م 1 مس سرج ج0210 20 مسر 0201 2 
أن تَمِيدَ يك وَيَنَّ فا من كَل دَآبَوْ وَلَرََنَا من ألسَمَآءِ مأك كنا ذا ين حكن 
دج كبر # 0000 
20 م2 6 و 
6- وقول سبحانه: 9 سحن اندقف لق روج تن اه 


وير و سا١‏ ->ج جو 


الارض ومن أَنَفُسهمر كا 1 56 [يس :5"]. 


4 


وو 


هذه الآيات في مجموعها تقرر أمرين: 

الأمر الأول: إعطاء كل نبات خاصية معينة في الطعم والشكل بالرغم من 
كونها متجاورة متلاصقة ومع ذلك ثُرى وهي تُسقى بماء واحد ومتعرضة 
لحرارة واحدة» بالرغم من ذلك كله يراها الإنسان متغايرة الثمر في الأشكال» 
والألوان» والطعوم؛ والروائح متفاضلة ذ في الأكل 7" منها الحلو ومنها المرء 
فلو كانت الصدفة 6 التي العحة هد العا هل كانت ستراعي هذا 
التفاضل؟ نقول كلا وألف كلا » إن الذي خلقها «قادر مريد موقع لأفعاله على 


وجه دون وجه) 
: 8 5 روج 2م موس مح ماع 
الأمر الثانى: التناسل في النبات: ومن كل مىءٍِ خلفنا زوجين 
[الذاريات :4]. 


2030 1075 انظر الكشاف (43/9"), والرازي (5/19- 8)» (7/90- ه)» الدين (ص‎ ١ 
.)719/9( (؟) الكشاف‎ 


اتات 1 1 1 ص 1 1 
وإن من عجائب صنع الله في النبات عملية التلقيح والتناسل بين النباتات 
بعضها والبعض الآخر لقد كشف العلم الحديث أن التناسل في النبات يتم 
بطريقتين: 

الطريقة الأولى : جنسية : وهذه الطريقة هي التي تحدد العملية البيولوجية 
التي تهدف إلى إظهار فرد جديد مطابق لذلك الذي أولده» ويتم هذا التناسل 
الجنسي بواسطة تزاوج عناصر ذكرية بعناصر أنثوية : تنتهي إلى مكونات 
التجديد المجتمعة على نقس آلنبات أو المتفضلة؛ 

الطريقة الثانية: اللاجنسية: وهذه الطريقة يتم التكاثر فيها عن انقسام عضو 
يكتسب بانفصاله عن النبات الأصلي نمرًا يجعله شبيهًا بذلك الذي خرج 
عنه. 

ولكن كيف ومتى بدأت هذه العمليات؟ لا يكفي أن يكون هنالك ضوى 
ومواد كيميائية وهواء لكي ينمو النبات» إن هنالك قوة داخل البذرة تنبثق في 
الظروف المناسبة تؤدي إلى قيام كثير من التفاعلات المتشابكة؛ إن تلك 
البذرة تتكون من أعداد لا حصر لها من العناصر والعمليات تكون نبانًا جديدًا 
يكون له مثل الصفات للنبات الذي يخرج عنه بحيث لا تنتج حبّة القمح إلا 
قمحاء ولا بذرة البرتقال إلا البرتقال» وبالرغم من التشابه القريب جدًا بين 
أنواع النباتات إلا أن لكل نبات صفاته ومميزاته وخواصه. إن كل هذه 
الترتيبات تدل على نظام رائع » وجمال لا مثيل له ولا حدود له كل هذه 
العجائب يراها الإنسان أينما اتجه في عالم النبات العجيب (©. 

وتحنه لز تبلكدالة أن ريده فول الله معالىة «من نم لله الى أَنقنَ 
شَئء# [ [النمل :88] . وقوله سبحانه: هذا حَلْقُ نَم هآ فَأرْفٍ رقف مادا حَلَىَ اند 
من دونهء بل َلطَِِمُونَ في صَللٍ من [لقمان .]١١:‏ 


وانظر: الأسفار المقدسة فى ضوء المعارف الحديئة (ه١5-‏ 17١5؟)»‏ وقصة الإيمان (ص .)١79‏ 


القائلون بالصدفة في خلق العام هه 


استحالة المصادفة من الناحية العملية: 

بعد هذا التنويع من الدلائل التي تغبت بما لا يدع مجالاً للشك في أن 
القول بالصدفة خرافة الماديين» فإننا نعمد في هذه السطور لنأخذ من علم 
الحساتب والإخصاء خطأً القول بالمضادفة من الباحية الرياضية» ولقد.أورد 
كريس موريسون» رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك مثالا يوضح ذلك » يقول: 
النفترض أن معك كيسًا يحوي مائة قطعة من الرخام» تسع وتسعون منها سوداء وواحدة 
بيضاءء والآن هز الكيس. وخذ منه واحدة إن فرصة سحب القطعة البيضاء لا تزال 
بنسبة واحد إلى مائة غير أن فرصة سحب القطعة البيضاء مرتين متواليتين هي بنسبة 
واحد إلى عشرة آلاف» والآن جرب مرة ثالثة: إن فرصة سحب تلك القطعة البيضاء 
ثلاث مرات متوالية هي بنسبة مائة إلى عشرة آلاف مرة بنسبة واحد من المليون ثم جرب 
مرة أخرى أو مرتين تصبح الأرقام فلكية» ”"©. 

هذا مثال واقعي من الممكن أن يقوم به أي إنسان في بيته» فلننقل هذا 
المثال إلى خلق الكون بالمصادفة ولنجرب عليه ما حدث في قطع الرخامء 
فسوف ينتج لنا ما لا يتصور بأي مقياس من المقاييسء إن البروتينات من 
المركبات الأساسية في جميع الخلايا الحية تتكون من خمسة عناصر هي: 
الكربون والأيدروجينء والنيتروجين؛ والأوكسجين والكبريت» وعدد الذرات 
في الجزيء البروتيني الواحد 1..٠.٠‏ ذرة» وعدد العناصر الكيميائية شق 
الطبيعة ؟9 عنصورا موزعة توزيعًا عشوائيًا واحتمال اجتماع هذه العناصر 
الخمسة لكي تكوّن جزيئًا من جزيئات البروتين يمكن حسابه لمعرفة كمية 
المادة التي ينبغي أن تُخلط خلطًا مستمرًا لكي تؤلف هذا الجزيى, ثم لمعرفة 
طول الفترة الزمنية اللازمة لكي يحدث الاجتماع بين ذرات الجزيء الواحد. 

ولم تقف محاولة العلماء عند حدء فقد قام العالم الرياضي السويسري 


.)١94 -١917( العلم يدعو إلى الإيمان بتصرف‎ )١( 


ان الفصل الأول 


«تشارلز يوجيه جاي» بحساب هذه العوامل جميعهاء فوجد أن الفرصة لا تتهيا 
عن طريق المصادفة لتكوين جزيء بروتيني واحد إلا بنسبة: ١‏ إلى رقم عشرة 
مضروبًا في نفسه ٠‏ مرة وهو رقم لا يمكن النطق به أو التعبير عنه بكلمات 
وينبغي أن تكون كمية المادة التي تلزم لحدوث هذا التفاعل بالمصادفة لإنتاج 
جزيء واحد أكثر مما يتسع له كل هذا الكون بملايين المرات» ويتطلب 
تكوين هذا الجزء على سطح الأرض وحدها بطريق المصادفة بلايين لا 
تحصى من السنوات قدّرها العالم السويسري بأنها عشرة مضروبة في نفسها 
ا ال 

كم يحتاج نخلق الإنسان؟ كم يحتاج خلق الحيوان؟ إذا كانت هذه الأرقام 
من أجل إنتاج غلنة نح واضدة "رس الععيب اتسين البادى الكوة: إلى 
المصادفة ولا ينسبه إلى الله ("2» بالرغم من أن الإمكان الرياضي في توفر 
العلل اللازمة للخلق عن طريق الصدفة في نسبتها الصحيحة هو ما يقرب من 


للا ا دا 


)١(‏ انظر مقال فراتك ألن: نشأة العلم هل هو مصادفة أو قصد ضمن كتاب الله يتجلى في عصر 
العلم (ص 0). 

(؟) انظر: مداخل إلى العقيدة الإسلامية (ص219175 .)١51‏ 

(؟) الإسلام يتحدى رص .)7٠١‏ 


شبهة القائلين بالتطور والرد عليهم 9 


شبهة القائلين بالتطور والرد عليهم حول التطور مفهومًا وفرضًا 

وهذه الشبهة نتائجها متضمنة في الشبهتين السابقتين إذ إنها في التحليل 
النهائي تهدف إلى أن الكون أزلي أبدي وأنه وُجد بنفسه بدون خالق وأن 
الأحواء معو هو ماه الا سان وين يوان إل ان 

والقول بالتطور ليس من مبتدعات الماديين المحدثين ولكن يعود القول 
بالفطون إل اللسييو الأواقن اف البوتان.كقد أشاروا عرضا إلى العطوزة 
وصرح به «أنكسمندر» في تفسيره لنشأة الكون حيث زعم أ التحياء تطورت 
بعد أن تولدت من التراب والماء والهواء فالكائنات كانت في الأصل 2 
ثم تطورت إلى الأنواع المختلفة التي نراها. 

والإنسان منحدر من حيوانات مائية مختلفة عنه بالنوع حملته في بطنها 
زميًا ويلك 0 1 

وفي الفلسفة الحديثة عرف القول بالتطور عند «لامارك» الفيلسوف الفرنسي 
4- 18559 وغُرف كذلك عند «ديدور» ١784 -١1/١7‏ ولكنه اشتهر 
وارتبط باسم الفيلسوف الإنجليزي «تشارلز داروين» -1١7/605‏ 2418807 الذي 
ذهب إلى أن الباحث الطبيعي إذا تدبر أصل الأنواع وأمعن النظر فيما يقع بين 
الكائنات العضوية انتهى به البحث إلى أن الأنواع لم تُخلق مستقلة منذ البدء, 
بل نشأت من أنواع أخرى» وقد اعتمدت نظرية اداروين» في المقام الأول» 
على مجموعة من الحفريات ومجموعة من الأحياء البحرية» ومن هذه وتلك 
وجد هناك تشابهًا عميقًا بين الأحياء بعضها وبعض » فخطر له فرض مؤقت 
هو تطور هذه الأنواع بالرغم من أن لها أصلاً واحدًا أو بضعة أصول نمت 
وتكائرت وتنوعت في زمن مديد بمقتضى قانون الانتخاب الطبيعي» هذا عن 
)١(‏ انظر: يوسف كرم (ص »)١5‏ وحكمة الغرب :55/١(‏ 75)» والعلم الإغريقي »)44/١(‏ 
والإغريق (ص "57 737107). 


أن الفصل الأول 
الكاتنانك الي 30 


أما عن الإنسان فقد ترك «داروين» مسألة الإنسان معلقة» ولكنه عاد فرأي 
أن ليس هناك من موجب لاستثنائه من قانون التطورء وقد تبعه في هذه النظرية 
كب الفلاسفة الماديين منهم «توماس هكسلي و«أرنست هكل»»؛ وذاعت هذه 
النظرية ذيوعًا كبيوًا في الأوساط العلمية بالرغم من عدم علميتهاء وسنبين 
السبب في ذلك عند نقضها إن شاء الله تعالى. 


ا 


)١(‏ انظر: أصل الأنواع: تشارلس داروين (ص9١١- )1١ 617١‏ وما بعدهاء ترجمة إسماعيل 
مظهرء وانظر: مدخل إلى الفلسفة أزفلد كولبه (6١؟- )5١5‏ وأسس الفلسفة (ص 585» 
وموسوعة الفلسفة -477/١(‏ 474) للدكتور عبد الرحمن بدويء وانظر: تاريخ الفلسفة الحديئة 
-51١(‏ 058") وانظر: الإنسان والداروينية: محمد صالح كريم خان» مطبعة الموصل سنة 915١م.‏ 


الرد على شبهة التطوريين 1 


الرد على شبهة التطوريين 

أولاً: من القرآن: 

لقد عرضنا نماذج من الآيات القرآنية التي أوضحت أن الكون لم يكن شيعمًا 
0 بأمر الله » وأردفنا ذلك بمقررات العلم الحديث التي أثبتت عدم أزلية 
الكون واستحالة صدور الكون عن مادة لا حياة فيهاء وهنا نؤكد على أمرين: 

الأمر الأول : أن الله سبحانه وتعالى أعلن الإبداع فى خلق الأشياء كلها فى 
قوله تعالى: «وّين كُلٍ عَْءِ حَلَنَا رَدِمْينِ دآ , ادكو 4 [الذاريات :59] » 
وهذه الآية وغيرها كثير من الآيات في القرآن الكريم تدلنا على الخلق 
المستقل لكل شىء مما نعلمه» وهذه الآية ترد على الذين يقولون بالتطور من 
النبات إلى الحيوان» ومن الحيوان إلى الإنسان. 
العلم, 0 بعا: وم قد - لق علق اتوت ' 57 وَلَا حَلَقَ نشم وما 
مي مد ل َم [الكهف :١د].‏ فالذين يتحدثون عن تطور الكائنات 
مكدو مو وس جد قرا هذه الكائنات» ولو سألنا واحدًا منهم هل 
قرةا سول إلى إنسانة سح ال 37 

وحيئئذ يقعون فى التناقض لأن العلم الذي يبنون عليه إلحادهم ويتبجحون 
بنتائجه لأنه يقوم على التجربة والحس والمشاهدة» يتناقض مع ما يدعونه لأنه 
يتنافى مع أبسط قواعد البحث العلمي وهو التحقق من صحة الفروض» وهم 
لم يتحققوا بعد من فروضهم حول التطور» فكيف ينادون بنظرية التطور على 


أنها حقيقة؟ 


.)١57 انظر معجزة القرآن (ص‎ )١( 


5 الفصل الأول 


بعد تقديم هذين الأمرين ننطلق في عرض حقائق القرآن اليقينية عن 
خلق الإنسان: 

إن أول ما نبدأ به حديثنا عن خلق الإنسان هو: آدم عليه السلام. 

اه سي د سام يقول 
تونالي 1 لذ َل مَك مهكد إن مشحصرًا ين صَلْصل من حمل سنوي 
© ددا سوضة و فتهت فيك من روج عو 7 عه ١‏ [الحجر :95-58] » وهذه 
الآية تبين أن آدم مخلوق بإرادة الله ولم يتطور عن نبات أو حيوان» وبعد أن 
خلقه خلق زوجه حواء؛ على اختلاف بين المفسرين هل خلقت من ضلعه أو 
خلقت من جنسه. ارين اختلافهم حول تفسير قوله تعالى: «إ ييا أ لاسن 
نوأ ويك الى علقكأ ين مني مدو مكلك من َه و مهما رجالا كما وضاء 
وَأتَُوأ لَه الى من بوء وَالْأَيسامْ إِنَّ لَه كن عَلَيَجْ تيبا [النساء :1]. 

فهل النفس هنا يقصد بها آدم؟ أو أن النفس هنا بمعنى الجنس أي من 
جنس واحد؟ ولن نعرض لاختلافهم 7'©» فالذي يهمنا هو أن آدم وحواء هبطا 
من الجنة أسوياء مخلوقين لا متطورين عن شيء آخر وهذا إن دل فإنما يدل 
الي ا ا و م 
قوله تعالى: لإوَعَلُمَ 51م الأشاء لها ثم نه عَرَصَهُم عَلَ الْمَلتبَكَةَ فَقَالَ نبو 
باسباء مولا ل ع 7 َا عِلَم نا 37 م 
نت أ مَل فير © دَالَ ينادم أيهم أتمب لمآ أَنْبأهُم بأتَمَيم فَالَ ألم أكل 
ل إن غلم عن اسوك وَالْأَرْضٍ وَأَعَكمْ مَا دون ا 6 تبون 4 
[البقرة ريرض ” 

وشيء آخر نضيفه قبل أن نترك آدم عليه السلام» وهو أن إرادة الله لا 


-8/84( والجلالين (ص 54).» والمنار‎ »)4١7/١( والكشاف‎ »)١51 21١50/9( انظر الرازي‎ )١( 
مع تحفظنا على التفسير الذي ذكره الإمام محمد عبده ودافع عنه الشيخ رشيد رضا.‎ 17 


الرد على شبهة التطوريين ١٠١١‏ 


تخضع لنواميس البشر ومقايبسهم, وإلا فماذا يقول التطوريون في خلق عيسى 
عليه السلام الذي شبهه الله بخلق آدم عليه السلام؟ (©2. 

هذا ما يتعلق بخلق آدم وأنه مخلوق بداية ولم يتطور عن شيء. 

أما بني الإنسان فإن الله قد أشار إلى خلقهم منذ أن كانوا نطفة إلى أن 
«وَلعَدْ حَلَقَمَا لوس ين سْلَدَوَ ين طِِنِ © جَمَلْنَهُ نمه ف هار تكن © 
حَلقَنَا النطفة عَلَقَهُ هَحَلقَنا الْعلقَدَ مضعةٌ مَكَلْقَسَا الْمضعَة عِظَما فَكْسُونا 


8 


م 3 0 4 سمو 0 2 سس سي و 24 ص در 
العظدم لما ثم أنشأئة خَلْقَا ءاخر فتَبارك الله أَحَسَن الحللِقِيَ © [المؤمنون -١7:‏ 
4] . 


هذه الآية وغيرها كثير من الآيات التي تتحدث عن الإنسان ومراحل خلقه 
المختلفة منذ أن كان سائلاً منويًا إلى كمال تكوينه» توضح أن الإنسان مزود 
من قبل الله تعالى بخصائص معينة تظهره في أحسن صورة؛ ولا مجال 
للتداخل على الإطلاق بين الحيوان والإنسان لأنهما خلقان مستقلان لا يمكن 
للحيوان أن يتجاوز نوعه ولا يمكن للإنسان أن يتجاوز نفسه فهما مختلفان» 
والإنسان مميز بالنفخة الإلهية التي صار بها إنسانًا مسخرًا له ما في الأرض 
جميعًاء مجهز لحمل الأمانة التي كلفه الله بها (©» فالأطوار التي يمر بها 
الإنسان سواء وهو في بطن أمه أو بعد خروجه للحياة لا تمت للتطور الذي 
يتكلم عنه الماديون بصلة» فهذه المراحل والأطوار لا تعدو إلا أن تكون نموًا 
للإنسان» من النطفة إلى العلقة إلى المضغة» وكذلك من الطفولة إلى الصبا 
إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة: وهذه الأطوار لم تخرجه عن كونه 
إنسانًا فيه كل مقومات الإنسان» يشير إلى هذا «موريس بوكاي» في قوله: «إن 


.)55 انظر: الإسلام والاتجهات العلمية (ص ؟51-‎ )١( 
.)71014/5( انظر: في ظلال القرآن (1//4ه55- 5550)» وانظر:‎ )١( 


١.‏ الفصل الأول 


مقولات القرآن عن التناسل البشري تعبر في ألفاظ بسيطة عن حقائق أولية أنفقت 
البشرية مئات السنين لمعرفتها» '2. 

أما ما يستند عليه التطوريون في دعواهم من وجود تشابه بين الإنسان 
والإنسان» وبينه وبين الحيوان» فلا ينهض دليلا على التطور وإنما يستخدم 
شاهدًا على قدرة الله عز وجلء فإنه بالرغم من هذا التشابه فإن لكل إنسان 
صنؤزة كفل عن الآأخو هذا عشبلا عن أن النشرية كتهامدد حلفت إلى :أن 
يفنى العالم لن يجد فيها العلماء بصمات إنسان مشابهة لبصمات إنسان آخر 
على امتداد تاريخ البشرية كلهاء فمن الذي أوجد هذا الاختلاف؟ 7" العناصر 
المتطورة التي لا تحس ولا تشعر أم الله الخالق البارئُ المصور؟ إنه الله الذي 
علق فنيرق: والذق :كدر تهدى: 

إن دعاة التطور لا دليل لهم من عقل أو حسء يقول «الأفغاني): «من 
واهياته ما كان يرويه «دارون») عن جماعة كانوا يقطعون أذناب كلابهم,؛ فلما 
واظبوا على عملهم هذا قروئًا صارت الكلاب تولد بلا أذناب كأنه يقول حيث 
لم تعد للذنب حاجة كفت الطبيعة عن هبته» وهل صمت إذن هذا المسكين 
خبر العبرانيين والعرب وما يقومون به من الختان لالاف السنين وإلى الآن لم 
يولد واحد منهم 0ك نا 

وسوف يتضح لنا تهافت نظرية التطور من خلال العلم الحديث عند عرضنا 
لنقد نظرية التطور. 
(1) دراسة الأسفار المقدسة في ضوء المعارف الحديثة (ص 184) وانظر: الدراسة الوافية التي قدمها 
عن خلق الإنسان في القرآن الكريم (ص 759- 1537). 
(؟) انظر: معجزة القرآن »)١514 -١55(‏ وانظر دليل الأنفس بين القرآن الكريم والعلم الحديث رص 
4*--5534)» وانظر: الدكتور يوسف عيسى: مجلة عالم الفكر العدد الرابع من المجلد الثالث نقلا 
عن الإسلام والاتجاهات العلمية (ص 8ه- 05). 


(9) الرد على الدهريين (ص 7؟) جمال الدين الافغاني ترجمة الإمام محمد عبده؛ نشر الإسلام 
العالمية 97.05 ١ام.‏ 


الرد على شبهة التطوريين ١٠١‏ 


ثانيًا: العلم الحديث ونقده لنظرية التطور: 

بعد أن قدمنا وجهة النظر الإسلامية وهى من وجهة نظرنا كافية لإبطال 
نظرية التطور إلا أننا نريد أن نتبع وجهة النظر القرآنية بما انتهى إليه العلم من 
نتائج حول التطور. 

ونحن حين نعرض وجهة النظر الحديثة فإنما نعرضها لأمرين 

الأول: إن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها. 

الثاني : كما يقول أستاذنا الدكتور/ عبد الله الشاذلي: إن إبطال بعض 
الاراء العلمياريعا با تطهااتي نفس الميعال» وبنفس المنهج العلمي ذاته 
ل ا تتأرجح» وتسقط؛ و 
بطلان القول ا 0 وإنما هو اعتراف 
بالحقيقة التي أقرها القرآن الكريم 7". 

وتتلخص وجهة النظر الغربية في نقد التطور في الآتي: 

أولا: إن هذه النظرية ظنية وليست قائمة على التجربة أو المشاهدة ونظرية 
التطور لم يلاحظها أحد أو جربها في معمله ؛ لأن ذلك ضرب من المستحيل» 
فهي نظرية معقدة فضلا عن أنها تتعلق بماض سحيق جدًا موغل في القدم؛ 
ولذلك فإن أصحابها يتعاملون معها لا على أنها فرض علمي أو تجربة علمية 
ولكن على أنها عقيدة يقول السير آثر كيث: «إن نظرية الارتقاء عقيدة أساسية في 


وتعرف أيضًا في أحد المعاجم العلمية بأنها «نظرية قائمة على تفسير بلا 


ا 7 


)١(‏ انظر: المنهاج القرآني (ص 07/7 بتصرف يسير. 
(؟) الإسلام يتحدى (ص 45). 


١٠‏ الفصل الأول 


ثانيًا: لقد ألف مجموعة من العلماء كتايًا تحت عنوان «خلق لا تطور» 
وانتهوا فيه إلى أن: 

أ- الجماد غير قادر على تحسين نفسه بل هو على الضد يميل إلى التجرد 
أو الاستقرار ولا فائدة قط من الاعتماد على طول الزمن لأن طول الزمن يؤدي 
إلى الانحلال والتفككء ويسبب انقراض المعادن » وتفتت الصخورء وعلى 
هذا فالزمن عامل رئيسي للهدم وليس للبناء ومن ثم فالزمن هو العدو الأول 
للتطور» وليس سلاحًا يتسلح به التطور ”''»؛ على ما يزعم التطوريون. 

ب- هناك إجماع دن العنباء المشعغلين بالأجياء على أن السياة لا بد أن 
تأتي من الحياة وليس هذا فحسبء وإنما الإجماع منعقد على أن كل كائن 
حي يأتي بمثله ولذلك فإن الاستدلال بقانون الانتخاب الطبيعي يفسر عملية 
بقاء الأصلح ولا يمكن أبدًا أن يفسر حدوث هذا الأصلح؛ وهذا ما جعل 
العلماء يذهبون إلى أن التطور هو أحد السنن الكونية والذي يحتاج إلى من 
يبدعه فهو إذن من خلق الله وصنعه. 

إن كل ما يفعله الانتخاب الطبيعي هو أنه إحدى الطرق التي تسلكها بعض 
الكائنات في سبيل البقاء أو الزوال عن طريق الحياة» والتكائر بين الأنواع 
المختلفة أما الأنواع ذاتها التي يتم فيها الانتقاء فإنها تنشأ عن خطوات تخضع 
لقوانين تسير بعناية وتدبير ولا تخضع للصدفة العمياء ”". 

الإصرار على الكفر هو سبب تمسك الماديين بنظرية التطور 

والسؤال الذي يطرح هنا إذا كانت نظرية التطور غير ثابتة علميًا فلماذا 
التمباك ها والأعرار ضليها من يجاني الماديين؟ 

)١(‏ انظر: خلق لا تطور (ص 5©) بقلم: مجموعة من العلماء ترجمة: د/ إحسان حقي» دار النفائس 


ببيروت الطبعة الثانية سنة 94.1١م.‏ 
00 خلق لا تطور (ص 57). الإسلام يتحدى (ص »)7١‏ الله يتجلى في عصر العلم (ص 59). 


الرد على شبهة التطوريين ه.١‏ 


وإن تعجب فعجب قولهم إن العلماء الماديين يعترفون بأن النظرية ما هى إلا 
فروض لم تتحقق ولكن التخلي عن نظرية التطور ستجعلهم يؤمنون بخالق 
للكون وهم لا يريدون ذلك وبالتالي فهم يفضلون اتباع الظن على اتباع الحق 
هكذا يقولون. 

يقول أرثر كيث: «إن نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علميًا ولا سبيل إلى إثباتها 
بالبرهان» ونحن لا نؤمن بها إلا لأن الخيار الوحيد بعد ذلك هو الإيمان بالخلق الخاص 
انياشت هذا هالا بتكن حي التقكير في 7 

وهذه هي إرادة الإلحاد وهذا هو الكثر والتعصب للباطل فماذا يقال لهؤلاء 
من برهان وإقناع؟ ثم بماذا يناقشون؟ وقد عرفوا الحق وأعرضوا عنه. 


.)79 نقلاً عن الإسلام يتحدى (ص‎ )١( 


الفصل الثانى 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى 


ريسّتمل على المباصت التاليك: 
المبحث الأول: أسماء الله الحسنى 
المبحث الثانى: صفات الله سبحانه 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١‏ 


١‏ المبحث الأول 
أسماء الله الحسنى 

أسماء الله عز وجل هي أعلام عليه» أخبرنا الله عز وجل بها في كتابه 
ووردت عن النبي يَكِةٍ في أحاديثه: د 0-00 الله عر وجل أن واه 
بها ورب ليه موا يرل ميخ الدة طائ 01د للقت نهر ,ا روزا اين 
لْحِدُوَ ف أسمنيدء 4 [الأعراف :180] . 

يقول الرازي: «الإلحاد في أسماء الله يقع على ثلاثة أوجه : 

الأول: إطلاق أسماء الله المقدسة الطاهرة على غير الله مثل تسمية الكفار 
أوثانهم بالآلهة» ومن ذلك أنهم سموا أصنامًا لهم باللات» والعزى والمناة» 
واشتقاق اللات من الإله والعزى من العزيز ومناة من المنان. 


الثاني : أنهم سموا الله بما لا يجوز تسميته به مثل تسمية من سماه أبَا 
للمسيح وقول جمهور النصارى أبء وابن » وروح قدس. 

الغالك : أن يذكر العبد ربه بلفظ لا يعرف معناه ولا يتصور مسماه فإنه 
زيما كان عسيهاه انعا غير لاتق بجلذل الله 0 

والأسماء جمع اسم همزته وصل وأصله مشتق من سموت ؛ لأنه تنويه 
ورفعة وهو من «السمو» والارتفاع والعلو”". 

والحسنى جمع أحسن وهو أفعل تفضيل من الحسن وسميت الحسنى 
لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول ”". 
)١(‏ التفسير الكبير (8١/١/ا-‏ 7). 


(؟) مختار الصحاح (ص 585). 
الإيمان أركانه وحقيقته (ص .)5١‏ 


١٠٠‏ الفصل الثاني 


وتوحيد الله في أسمائه يقتضي الإيمان بكل اسم سمى الله به نفسه أو أنزله 
في كتابه أو علمه أحدًا من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده. 

عدد الأسماء الحسنى: 

ورذت تفوس يت أن كناك الواتسحة وتسعون اما امن هذه 
الأحادية ما روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال 
رسول الله يَكِْدِ: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا فمن أحصاها دخل الجنة 


١ 
.2١” إنه وتر يحب الوتر»‎ 


لكن هل الأسماء محصورة في هذا العدد؟ 

العلماء على رأيين: فريق يقول إن أسماء الله منحصرة في هذا العدد. 

وفريق آخر يقول: إن الأسماء ليست منحصرة في هذا العدد. وحجتهم ما 
ورد عن النبي وَلِِ: «ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك 
وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك. عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك 
سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم 
الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله 
عنه همه وأبدله مكان همه فرحًا»» قالوا: يا رسول الله ألا نتعلم هذه الكلمات؟ 
قال: «بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن» ""2. 

وقد نقل النووي اتفاق العلماء على أن العدد غير محصور في هذه الأسماء 
ويكون معنى من أحصاها دخل الجنة فالمراد الإخبار عن دخول الجنة 
بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماءء ومعنى إحصائها معرفتها وحفظها 
والإيمان بها وحسن المراعاة لها ودعاء الله بها. ويكون معنى الحديث: «من 
)١(‏ صحيح البخاري» كتاب التوحيد (5١//1/ا7).‏ 


2١‏ رواه أحمد وابو عوانة في صحيحه قال الهيئمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وابو يعلى والبزار 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١1١١‏ 


حفظها متفكرًا فى مدلولاتها معتبرًا عاملا بمقتضاها مقدسًا لمسماها دخل الجنة» 217. 


وقد قال بعضن العلماء نما ص السعة والتسعين اسا لأنها أكثر الأسماء 
وأنيكها معي رولا يدل :ذلك على الفمس إن أكفر هذه الأسماء نات 
وصفات الله تعالى غير متناهية ©2. 

وأسماء الله الحسنى الواردة في القرآن هي: 

-١‏ أسماء الله بذاته تعالى وهي: 

الواحد. الأحد. الحق. القدوس. الصمد. الغني. الأول. القيوم. 

؟- أسماء متعلقة بالتكوين وهي: 

الخالق. البارئ. المصور. البديع. 

"- أسماء متعلقة بصفتي الحب والرحمة فيما عدا رب ورحمن ورحيم: 

وهي: الرءوف. الودود. اللطيف. الحليم. العفو. الشكور. المؤمن. البار. 
رفيع الدرجات. الرزاق. الوهاب. الواسع. 

:- أسماء متعلقة بعظمة الله وجلاله وهي: 

العظيم. العزيز. العلي. المتعالي. القوي. القهار. الجبار. المتكبر. الكبير. 
الكريم. الحميد. المجيد. المتين. الظاهر. ذو الجلال وال كرام. 

5- أسماء متعلقة بعلمه تعالى وهي: 
العليم. الحكيم. السميع. الخبير. البصير. الشهيد. الرقيب. الباطن. 
امه 


* ا 


.)58 الإيمان أركانه وحقيقته (ص 785)» وانظر: في العقيدة الإسلامية (ص‎ )1١( 
.)59 (؟) انظر: في العقيدة الإسلامية (ص‎ 


١١!‏ الفصل الثاني 


1- أسماء متعلقة بقدرته تعالى وتدبيره للأمور وهي: 

القادر. الوكيل. الولي. الحافظ. المالك. الملك.الفتاح. الحسيب. 
المنتقم. المقيت. 

"- وهناك أسماء أخرى لم تذكر بالنص في القرآن ولكنها استمدت 
من أفعال أو صفات له تعالى وردت بالقرآن وهي: 

القابض. الباسط. الرافع. المعز. المذل. المجيب. الباعث. المحصي. 
المبدئ. المعيد. المحيي. المميت. مالك الملك. الجامع. المغني . المعطي . 
المانع. الهادي. الباقي. الوارث. 

/- وهناك أسماء أخرى له تعالى مستمدة من المعاني الواردة في القرآن 
الكريم وهي: 


النوره الضبور, الرشيد المسيتط الوال: الكل : الحدل» الكافض: 
الواحد. المقدم. المؤخر. الضار. النافع 7"©. 


اسم الله الاعظم 

إذا كانت تلك الاسماء التى وردت وغيرها كثير نؤمن بها وإن لم نعرفهاء 
فإن الرسول يكل ينبهنا على أن الله له اسم أعظم إذا دُعي به أجاب» وإذا سئل 
به أعطى. 

-١‏ عن بريدة رضي الله عنه قال: سمع النبي كله رجلا يدعو وهو يقول: 
اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد 
الذي لم يلد ولم يكن له كفوًا أحدء قال: فقال: «والذي نفسي بيده لقد سأل الله 
باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى» ”"“. 

)١(‏ انظر: العقائد الإسلامية (ص 117- 58) للشيخ سيد سابقء الفتح للإعلام العربي. 
إسناده لا مطعن فيه ولا أعلم أنه روي في هذا الباب أجود منه. وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١١1‏ 
ا ا مر ار كر 77 تت 


-١‏ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي ككيةٍ المسجد ورجل 
قد صلى وهو يدعو ويقول في دعائه: اللهم لا إله إلا الله أنت المنان بديع 
السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام» فقال النبي كَككْةِ: «أتدرون بما دعا الله؟ 
دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ا انر 0 

6 وظرح استماء مجك يريك رين الله عنها أن النبي يل قال: «اسم الله 
ام 0 الآيتين: ##وَإلهر لَه وي آله إِلَه إلا هْوَ ايمْسنُ اليَسِرْ # 
[البقرة :17] » ل أنه 7 ]5 إِلهَ ِب 2 ل لسو 4 [البقرة :0ه8] ) 2©7, 

يقول شارح الطحاوية: «واعلم أن هذين الاسمين «الحي القيوم» مذ كوران في 
القرآن معًا وهما من أعظم أسماء الله الحسنى حتى قيل 0 2 الأعظم 
فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه» 7(" 

4- وعن سعيد بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يَكِةٍ يقول 
«هل أدلكم على اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سكل به أعطى؟ الدعوة 
التي دعا يونس حيث نادى في الظلمات الثلاث الآ إِلَهَ إلا أت سنِحدك إِيّ حت 
بن الطَلِمينَ* [الأنبياء :40] ». فقال رجل: يا رسول الله هل كان ليونس 
0 فقال رسول الله يَكِِْ: «ألا تسمع قول الله عز وجل : #وَييَهُ 
المَمْ يَكدَللك نب الْموميية 4 [الأنبياء :هه] 47.6 

هذه ل ين كان 
عنده سبحانه إذا سأل المؤمن ربه بها استجاب له هكذا أخبر يللد أما ما 
يزعمه البعض أن لبعض الأسماء خواص؛ يحصل بها العجائب والخوارق» وأن 
لكل اسم من أسمائه خادمًا روحانيًا يخدم من يواظب على الذكر به» لا شك 


)١(‏ رواه أبو داود والترمذدي والنسائي. 

(؟) رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 

(") شرح الطحاوية (ص 077. 

(5) رواه الحاكم وانظر مختصر ابن كثير للصابوني (ص 015). 


١١:‏ الفصل الثاني 


أنتهذا آمو واقت علويهما وود عن رسول الله وأن القائلية ذلك مولعو بادغاء 
الخصوصيات والزيادة على المأثور» والصحيح أن الله اختار من أسمائه ما 
كشفه لنا لتكون وسيلة نتعرف بها عليه وأن الإنسان إذا واظب على ذكر الله 
بها طهرت نفسه وصفت روحه خاصة إن كان حاضر القلب فاهم المعنى» أما 
ما سوى ذلك فهو غلو قد نهى الشرع عنه وحسبنا الاقتصار على ما ورد في 
الشرع 7©, 


لين يرن ين 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ه١١‏ 


الملبحث الثاني 
صفات الله سبحانه 

مز بدا مش الأذلة. عل ووه اللهتعالنه جر كل موعرد انه ادافين رفاك 
يتصف بهاء وما دام الله موجودًا فإنه لا بد وأن يتصف بصفات كمال تليق به 
سبحانه وتعالى ويجب أن ينزه الله تعالى عن صفات النقص التي لا تليق 
بالخالق المبدع الذي أحسن كل شيء خلقه» ولقد وصف الله تعالى نفسه 
بصفات في القرآن الكريم تحب قوله تخالى: للنسن. ككلده 2 وهو 
لسَحِيعٌ لْْصِيرَ © [الشورى ]١١:‏ . 

والذي يعتقد فى صفات الله سبحانه أن الله لا يشبه أحدًا من خلقه ولا 
ضابية اعد وبا أطلهة ابعل انقيط أ وطن علق الأتيدال عل الا بنتيفهنها 
في المعنى الحقيقي إذ صفات القديم جل وعز بخلاف صفات المخلوق. 

والواجب على المؤمن في باب إثبات الصفات لله تعالى: 

أولًا: تنزيه الله عز وجل عن مشابهة خلقه وعن أي نقص. 

ثانها: الإيمان بالأسماء والصفات الواردة في القرآن الكريم وسنة الرسول 
يكِهِ بلا زيادة ولا نقصان» ومن غير تحريف ولا تعطيل. 

ثالنًا: قطع الطمع عن إدراك هذه الصفات ١١‏ 

يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: ابوس الله بدا وف ع 
أو وصفه به رسوله كَككِيةٍ بما لا يتجاوز القرآن والحديث» ”" 


.)١5 الإيمان والحقيقة وأركانه (ص‎ )١( 
شرح العقيدة الواسطية (ص ١؟5) الشيخ محمد خليل هراس.‎ )؟١(‎ 


١١‏ الفصل الثاني 


وقال نعيم بن حماد شيخ البخاري: «من شبه الله بخلقه كفر ومن جحد ما وصف 
الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفرء وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله 
تشبيه ولا تمثيل). 

ولا يجوز أن يعتقد أن الله وُصف بصفة بعد أن لم يكن متصمًا بها ؛ لأن 
صفاته سبحانه صفات كمال وفقدها صفات نقص ولا يجوز أن يكون قد 
حدث له الكمال بعد أن كان متصقًا بضده ولا يرد على هذا صفات الفعل 
والصفات الاختيارية ونحوها كالخلق والتصوير والإحياء والإماتة والقبض 
والبسط والطي والاستواء والإتيان والمجيء والنزول والغضب والرضا ونحو 
ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسولهء وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته 
التي هي تأويله ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا 7" 
هذا هو الاعتقاد الذي يجب على المؤمن أن يعتقده في صفات الله سبحانه 
وتعالى. 

ولا عبرة لما ذهب إليه «ابن حزم؛ من أنه لا يجوز أن نطلق لفظ الصفات 
على الله سبحانه وتعالى» ويشتط ابن حزم في نفي لفظ الصفات على الله 
اغا أن.ذللق محال يقول: 

«وأما إطلاق لفظ الصفات لله تعالى فمحال لا يجوز ؛ لأن الله تعالى لم 
ينض “قط فى كاويه الشرل' فلن لفظ الصقات ولا عل لفك الصنقة دولا سنا 
فين للدي كيه وذ له سال عقة أ عات شن لامجا د قط وللن عن اسل نين 
السبافاءة رضي الله غنيم ولاعن حدم غبار الدابعيج ومن كان سكد ارود 
يحل لأحد أن ينطق به» فلا يجوز القول بلفظ الصفات ولا اعتقاده بل هي 
بدعة منكرة ”"©؛ قال الله تعالى: فإ إن م أت ميسَمموها أت وباو مآ 
071 أَلَّهُ يها من سَلْطن إذ يعون إلا الطن وما كيو الكت وَلْقَدَ جَآءَهُم ين 


.)8١ شرح الطحاوية (ص 9لا-‎ )١( 
(؟) الفصل (؟/48).‎ 


0 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١١/‏ 


يبع أفْد» [النجم :58] . 

ثم يقول بأن الذي احترع لفظ الصفات «المعتزلة وهشام ونظراؤه من رؤساء 
الرافضة وسلك سبيلهم قوم من أصحاب الكلام سلكوا غير مسلك السلف الصالح ليس 
فيهم أسوة ولا قدوة وحسبنا الله ونعم الوكيل» ”'©. 

هذا ما زعمه «ابن حزم» يقالن به إجماع المسلمين» ويمكن الرد على ابن 
جزم بالاتي: 

أولا: أن الله تعالى ذكر في القرآن الكريم اما وأخبر عن هذه ال سفاء 
لمصبادرها:والإخيار عن الاب بالحصيس وليل على أؤدلية» الأ نتيا معان 
وأوصافًاء ولو لم يشتمل على معان وأوصاف لما أخبر الله عنها بمصادرهاء بل 
لتر يي اال د ورياك لل ا 

يقول الله عر وجل: 3 2 7 لرََاَقُ 1 لكر لْمَتِينُ» [ [الذاريات :0/8]» 
فالقوة هنا مصدر ووصف أخذ منه اسم القوي » ويقول تعالى: لإمَلَِهِ الْعرَّوٌ 
ع4 [فاطر ]٠١:‏ » هنا يقبت الله لنفسه وصف العزة ويشتق منه اسم العزيزء 
ويقول تعالى: لي َه . يل 1 يما أل 2 لله بِعِليمه4 
[النساء »]١55:‏ ويقول: م 0 00 من عَلْمدء [البقرة :765])» ويشتق 
منه اسم العليم» ويقول سبحانه: وإ أَمَطَفيَنَكَ عَلَ اليس ِرِسَلق وَيكَلهى4 
[الأعراف ]١544:‏ » وهو وصف اشتق منه اسم المتكلمء وقوله تعالى: وريك 
الْعفور دُو لتحم [الكهف :08] . 

وهكذا في أسماء الله كلها حيث إنها أعلام باعتبار دلالتها على الذات» 
وصفات باعتبار ما دلت عليه من المعاني» والقرآن دل على ذلك كما بيناء 
وقد أجمع أهل اللغة والعرف على أنه لا يقال عليم إلا لمن له علم» ولا سميع 
إلا لمن له سمعء ولا بصير إلا لمن له بصرء وهذا أمر ابين من أن يحتاج إلى 
7 
)١(‏ الفصل (؟/58). / 1 
(؟) القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى للشيخ ابن عثيمين نقلا عن: في الاسماء والصفات 
(ص )4١‏ حولية أصول الدين 991١م.‏ 


م١١‏ الفصل الثان 


كأننا: ورد في السنة أحاديث عن رسول الله كَككٍِ يغبت فيها الله عز وجل 
السمع والقدرة والعلم وغيرها من صفات الله تعالى. 

يقول كلد «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات» وفي حديث الاستخارة: 
«اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك»»؛ فالرسول كَكلْهِ يثبت لله عز وجل 
السمع والعلم والقدرة وهي من الصفات التي وصف بها الله سبحانه وتعالى. 

ثالنًا: أئمة الإسلام اجتمعوا على إثبات الصفات لله سبحانه على أدلة منها 
أن فقهاء المدينة وهم السبعة من خيرة التابعين عرفوا ربهم بصفاته كما نطق 
بها الكتاب وشهد بها رسول الله يَكِِ على حد رواية أبي عثمان إسماعيل بن 
فيو رسن الاو 03 

يقول الشهرستاني: «اعلم أن جماعة كبيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى 
الجلال والإكرام والجود والإنعام » والعزة والعظمة ولا يفرقون بين الذات وصفات 
الفعل بل يسوقون الكلام سوقًا واحدّاء ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات» والسلف 
يثبتون» سُمي السلف صفاتية والمعتزلة معطلة» ”"2. 

ويقول مطرف: «الحمد لله الذي من الإيمان به الجهل بغير ما وصف به نفسه». 

وسفيان بن عيينة يقول: «كل ما يوصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسير». 

وهو يقصد والله أعلم أن اللفظ يبقى على ظاهره ونؤمن به كما ورد وقد 
وردت عبارة: «كل ما يصف الله به نفسه» كثيوًا على لسان الإمام مالك 
والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وغيرهم ”". 

رابعًا: يذكر ابن القيم أن الأسماء لو لم تشتمل على معان وصفات لما 
صح أن يخبر عنها بأفعال فلا يقال يسمع ويرى ويعلم ويقدر ويريد لأن ثبوت 


)١(‏ انظر: ابن قدامة رسالة ذم التأويل (ص )7١‏ وما بعدها نقلاً عن «في الأسماء والصفات» (ص 
247 

١‏ الملل والئحل بهامش الفصل 2»)55/١(‏ طبعة السلام العالمية. 

(©) انظر أستاذنا الدكتور عبد الله الشاذلي: الألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١185‏ 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١16‏ 
أحكام الصفات فرع ثبوتها على أصل إثبات الصفة فإذا انتفى أصل الصفة 
اسعشال تمواقي 1 . 

بعد هذه الحجج الدامغة والنصوص الصريحة الواضحة يظهر بطلان ما 
ذهب إليه ابن حزم من نفيه للصفات» ووصفه - بغير حق - لمن يقول بها 
بالمبتدع» نعم قد يكون هناك بعض المبتدعة الذين أضافوا صفات لله لم ترد 
نطنها ولأ مكناها أو بكرن هناك بعطن'المتدعة كالمسحكسمة والمفبية 
والمعطلة.. لكن من يطلق فقط لفظ الصفات على الله » كما وردت لا ينبغي 
والسنة. 

الصفات وأقسامها: 

قام العلماء بتقسيم الصفات وياد للذا شم بعد إجماعهم على أنه 
يجب لله كل كمال يليق بذاته المقدسة ويستحيل عليه كل نقصء لا يليق 
بذاته سبحانه. 

أما تفصيلاً فقد ذكروا ثلاث عشرة صفة وقسموها ثلاثة أقسام: 

الأول: صفة نفسية واحدة: وهي صفة الوجود. 

الثاني : صفات سلبية وهي خمس : 

-١‏ الوحدانية. 

وك الأول 

م- الآخر. 

ه- القيام بالنفس. 


)ع2 مدارج السالكين لابن القيم (8/1- 4 وراجع بحث الد كتور يحيى ربيع: في الأسماء 
والصفات «حولية أصول الدين» 591 ام. 


١‏ الفصل الثاني 


الثالث: صفات المعاني: وهي القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع 
والبصر والكلام (©2. 

والبعض يقسم الصفات إلى صفات ذات وهي الصفات السابقة وبالجملة 
هي كل كمال يليق به سبحانه وصفات فعل نحو: الرزق والإماتة والإحياء 
(التعيي انحط وعيهاء 


-١‏ صفة الوجود: 

تعرف بأنها صفة نفسية ثبوتية يدل الوصف بها على نفس الذات دون معنى 
زالسكبيا» وفعت صن بيه درت أنهاتسيت الس أي الذات :2 لأنه 
لا تتعقل إلا بها فلا تتعقل نفس إلا بوجودها ”". 

والدليل على وجوب الوجود لله: أن الله يجب افتقار العالم إليه وكل من 
وجب افتقار العالم إليه فهو واجب الوجود ”". 

وقد ذكرنا الأدلة المتنوعة عند إثبات وجود الله» عند مناقشة شبهات 
المنكرين للألوهية» فليرجع هناك. 


وهي صفات تنفي عن الله معنى لا يليق بذاته سبحانه وتعالى» وسميت 
سلبية لأنها نفنت عن الله أمدًا وجوديًا للذات الإلهية: فعتدما نقول الله تعالى 
هو الأول» فإن لفظ الأول لم يضف للذات الإلهية وصمًا وجوديًا كالقدرة 
والإرادة وإنما يفهم منه فقط أن الله تعالى ليس بحادث ”*) والآخرية تسلب 


.)55 انظر: دراسات في العقيدة الإسلامية (ص‎ )١( 

(؟) شرح جوهرة التوحيد (ص 57). 

(؟) المصدر السابق (ص .)5١‏ 

(4) انظر: في العقيدة الإسلامية (ص 8؟) لأستاذنا الدكتور عوض الله حجازيء وانظر: دراسات في 
العقيدة الإسلامية (ص 15 ) للد كتور يحيى ربيع. 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحستى ١١١‏ 


أشخرية الوضوه والوعدائية يلي التعناد والفخالفة للحوادت تنتلت البننائلة 
لها والقيام بالنفس وتسلب الافتقار إلى الغير ”'©. 

وليس المقصود من ذكر هذه الصفات الخمس أنها محصورة فى هذا 
العدد فالله منزه عن الولد والصاحبة والجسمية ولكن بنظرة فاحصة 0000 
هذا عائدًا إلى هذه الصفات الخمسء فالعدد ليس على سبيل الحصر ولكن 
على أساض أنها اميا وأصول'7' لغيرها من الصفات الواعية له ستحاته: 

أولاً: الوحدانية: 

هي أشرف الصفات ولذلك سُمي بها علم التوحيد. وكثر التنبيه والثناء 
عليها في الآيات القرانية. 

فالله واحد في ذاته: بمعنى أن ذاته لا تشبه شيمًا ولا يشبهها شيء, والله 
واحد في صفاته بمعنى أن صفاته من العلم والقدرة والإرادة وغيرها لا يشاركه 
فيها أحد من خلقه. 

والله واحد في أفعاله: بمعنى أن أفعاله خاصة به وليس لأي مخلوق أن 
يُوجد مِثّْل فعله لا خلقًا ولا عدمًا ولا تدبيواء فهَذة الأمور كلها كله ومين 
يعتقد أن أحدًا يشارك الله في ذاته ا 0 مكرك 27 

والوحدانية تعني توحيد الألوهية الذي يب يعني أن الله وحده هو المستحق 
للعادة لا شولك ل 

وتوحيد الربوبية أن الله وحده خالق كل شيء. 


وتوحيد الصفات بمعنى أن الله لا يشبهه أحد من خلقه. 


.)05 في الأسماء والصفات (ص‎ )١( 

١؟)‏ المصدر السابق (59). 

() في العقيدة الإسلامية (ص 58)» وانظر: جوهرة التوحيد (ص 17) والدين الخالص (ص 5» 
0606 


١"!‏ الفصل الثاني 
وقد جاءت الأنبياء والرسل بهذا التوحيد بأنواعه فهو أول دعوة للرسل وأول 
منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى '". 

بقول سحانه: ولد عاك مدقل بق تبثا لله م 
سا 2 0 موك 
من إلهِ غيره: © [المؤمنون :*5] . 


وقال هود علي هالسلام لقومه: اعَبدوأ َعم ٌّ من إلدو غيرهة 4 


سل 


[الأعراف :09] . 
وقال صالح عليه السلام لقومه: طأأمَيْدُوأ أنه ما ل من إِلو غيرِ» 
[الأعراف :09]. 


وبالجملة قال الله تعالى للناس على بيدا جميع الرسل: اعبدوا الله» يقول 
سبجان: لويد بها فى حكُلٍ أي ًا ف أتئذوا لله جتنا 
01 عد 
ا لطدخوت 4# [النحل :7"5]. 

وقال تعالى: توما أَرَسَلْنَا من للكت من 
إل أ عدون 4 [الأنبياء :6؟7]. 

700 الا الالح لس مضو سرد حمس 220 7 ساسع 
1 دماح برا 4ه رسع 5ت +2 + سرعم 
لم ميد وَلَمْ يولد © ولم يك أمْ كفوا أحذة [الإخلاص ١١-؛]‏ ؛ 
عدة أمور: منها: 

-١‏ إثبات ألوهية الله تعالى المستلزمة لاتصافه بكل صفات الكمال كالعلم 

9- إثبات أحديته الموجبة تنزيهه تعالى عن التعدد والتركيب وما يستلزم 
أحدهما كالجسمية والتجزؤ والمشاركة فى الخلقة وخواصها كوجوب 
الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة. 


و 


9 
رسول إلا ضو- 


.)55 انظر العقيدة الطحاوية (ص‎ )١( 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١77‏ 


*- إثبات صمديته تعالى المقتضية استغناءه عن كل ما سواه وافتقار كل 
ما عداه إليه في الوجود وسائر الأحوال. 

؟ - إبطال زعم من زعم أن له ولدًا كاليهود والنصارى بقوله: «لم يلد) لأن 
الولد من جنس أبيه والله لا يجانسه أحد ولا يجانس أحدًا ولا يفتقر إلى من 
يعينه أو يخلفه لامتناع احتياجه وفنائه. 

ه- إثبات أوليته بقوله: «لم يلد» أي لم يفصل عن غيره وهذا لا نزاع فيه 
وإنما ذكر لتقرير ما قبله إذ المعهود أن ما لا يولد لا يلد. 

1- نفي ممائلة شيء له تعالى في أي زمان كان لأن ما لا يوجد في 
الماضي لا يكون في الحال. ضرورة أن الحادث لا يكون كفمًا للقديم ". 

وسورة الإخلاص هي سورة الوحدانية» ولذلك تعدل ثلث القرآن كما أخبر 
بذلك رسول الله عَلةِ. 

ومن الأدلة التي يستدل بها على الوحدانية ويعول عليها كثير من العلماء 
قول الله سيحانه: لو كان فهماً َل 31 َ فَسَركا)4 [الأنبياء :77]» وهو ما 
يسمى بدليل التمانع وهو وإن كان نصبًا إلا أن فحواه عقلي. 

يقولون: لو وجد إلهان لما وجد شيء من العالم لكن عدم وجود شيء من 
العالم باطل بالمشاهدة إِذَا يبطل وجود إلهين» وإذا بطل وجود إلهين ثبت 
نقيضه وهو وجود إله واحدء وإنما لزم من وجود الإلهين عدم وجود العالم 
لأنه لو وجد إلهان متساويان في القدرة والإرادة لحصل الخلاف بينهما 
بالضرورة؛ فإن أراد أحدهما وجود العالم وأراد الآخر عدمه فلا بد حينئذ أن 
يتحقق فرض من فروض ثلاثة لا رابع لها: 

الأول: إما أن ينفذ مرادهما فيجتمع الضدان. 


)0( الدين الخالص (ص .)١١-١١‏ 


غ+؟ ١‏ الفصل الثاني - 


الثاني : وإما أن لا ينفذ مرادهما فيلزم عجزهما. 

الغالث : وإما أن ينفذ مراد أحدهما دون الآخرء وعلى تقدير حصول كل 
فرظ :من الدلاقة ينص المخال«وما أد إلى التخال يكون فالا وإذا طن 
التعدد في الآلهة ثبتت الوحدانية ”"©. 

وقد نقد دليل التمانع عند المتكلمين «الآمدي» في غاية المراد «وابن رشدا 
في منهاج الأدلة يقول: «أما ما تتكلفه الأشعرية من الدليل الذي يُسمى بالممانعة 
فشيء ليس يجري مجرى الأدلة الطبيعية والشرعية؛ لأنه من الناحية الشرعية لا يقدر 
الجمهور على فهمه فضلا عن أن يقع لهم به إقناع» وأما أنه ليس يجري مجرى الأدلة 
الطبيعية فلأنهم قسموا الآية ثلاثة أقسام وَلبَطن :قن الآية لقنتي 77 

مستلزمات التوحيد: 

بعد أن عرضنا أهمية التوحيد وأنه دعوة جميع الأنبياء والمرسلين نخلص 
إلى: 

ما الذي يلزم المؤمن الموحد بعد أن أيقن بهذه العقيدة؟ 

١-وجوب‏ إخلاص المحبة لله عز وجل فلا يتخذ العبد نذا لله في الحب 
يحبه كما يحب الله أو يقدمه في المحبة على حب الله عز وجل» فمن فعل 
ذلك كان من المشركين» قال سبحانه: لوم ألنّاس من يَتَخِذٌ من دُونٍ أل 
أكذاذا ويم ع كب أ وَلدَنَ عَامَنْوَا ة حب لو [البقرة .]١58:‏ 

؟-وجوب إفراد الله سبحانه وتعالى في الدعاء والتوكل والرجاء فيما لا 
يقدر عليه إلا هو سبحانه وتعالى؛ يقول عز وجل: «إولا تَنْعٌ مِن ذون أله ما لا 


0 آ[ز تل آآ ره 


يَمَمْكَ و يدك إن كََنْتَ فَِلَكَ ذا مَنَّ القَايِينَ4 [ [يونس »]٠١5:‏ وقال تعالى: 


)١(‏ دراسات في العقيدة الإسلامية (ص 49- 08.0 )» وانظر جوهرة التوحيد (ص 258 59)» وانظر 
شرح :التفتازاني على العقائد النسفية (ص 51- 317). 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ه ١"‏ 


وَعَلَّ أله هَتَوَكُوَا إن ع مُوْمِِنَ4 [المائدة :17]. 

«-وجوب إفراد الله تعالى بالخوف منه فمن اعتقد أن بعض المخلوقات 

تضره بمشيئتها وقدرتها فخاف منها فقد أشرك بالله لقوله تعالى: ٍِإتَوَ 

م [النحل :01] » ولقوله: «إوَإن يَنْسَسَْكَ أنَّهُ بِضْرٍ قلا كاسْفٌ لَهد | 


0# 
0 


1 وَلت ردك محَيْرٍ قلا رآدّ لِمَضْلِدء يُصِيب به من يِسَاهُ مِنْ عِبَادِوء وهو 
ماللاو 
الغفور بصم # [يونس .]٠6/‏ 

ماك نفرقا :يبن حوفت العبادة الذي ين ينبغي أن 0 لله لاخر 


يرى ثعبانًا فيخاف أو حيوانًا مفترسًا لو 0 فهذا من 
الخوف الفطري الذي فطر الله الناس عليه. 

3 -من مستلزمات التوحيد وجوب إفراد الله سبحانه وتعالى ب بجميع أنواع 
العبادات البدنية من صلاة وركوع وسجود» وصوم وذبح ف وجميع 
العبادات فيجب أن تكون لله وحده 2©7. 

؟- صفة الأول «القدم»: 


وعالن الو 
والدليل على كون الله هو الأول قوله تعالى: فهو الْأَوَلٌ والآخر» 
[الحديد :"| . 


وقال مَل فيما رواه البخاري عن عمران بن حصين: «كان الله ولم يكن شيء 
قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل 


60 
سى ع ) ٠‏ 


(1) انظر: الإيمان حقيقته وأركانه (ص .)١١ -١4‏ 
3( صحيح البخاري» باب: وكان عرسّه على الماء .)١6 ٠0/9١‏ 


١ "717‏ الفصل الثاني 


في هذا الحديث يبين النبي وَل أن جميع الموجودات سوى الله محدثة 5 أما 
الدليل العقلي فيمكن صياغته كالتالي: ثبت أن موجد العالم هو الله وهو 
واجب الوجود لذاته؛ لأنه لو لم يكن هو الأول ('©, لكان حادنًا ولأدى ذلك 
إلى المحال وكل ما أدى إلى المحال فهو محال. 

؟-صفة الآخر «البقاء»: 

فمعنى الآخر عدم آخرية الوجود لله تعالى أي ليس لوجوده نهاية فلا يكون 
فانياء فالآخر ينفى عن الله تعالى الفناء فهو أمر لا يليق بذاته سبحانه وتعالى. 

الحو عت الا ا وبق وه رَيْكَ 4 [الرحمن و ]» 9 كله شىّءِ 


هَالِكُ إل اا [القصص: 2188 لهو دول ل والآحر 4 [الحديد :8] . 


#-المخالفة للحوادث: 

ومعنى هذه الصفة أن الله مخالف لجميع الكائنات في ذاته وصفاته 
وأفعاله» فهو وهو الْأَولُ وَالْآجر وَالهِرٌ اباي 4 [الحديد :*] وغيره له بداية 
ويلحقه العدم» والآية الجامعة في هذا الشأن قوله تعالى: «إلَيّس صِثْلِوء 
ل وهو أَلسَمِيعٌ البصِير» [الشورى ]١١:‏ . 

5-القيام بالنفس: 

ومعنى تلك الصفة أنه غني عن العالمين والجميع محتاج إليه ويقول 
تببالكة: 2١‏ النآس أسْم لْفُقَرَاة ِل أل وَأَلَّهُ هو اَمَو الحميد» 
[فاطر »]١١6:‏ «وَآنَه الى 1 و وار نشم الفقرة4 1 [محمد :08]» فالله غني عن عباده 
وهم فقراء إليه؛ لأنه سان لو احتاج إلى شيء لكان حادثًا وحدوثه محال؛ 


(1) آثرت أن أستخدم الأول بدلا من القدبم لأن التعبير بالأول هو تعبير القرآن الكريم» وقد أنكر كثير 
من السلف والخلف إطلاق لفظ القديم على الله؛ لأن الشرع جاء باسمه الأول وهو أحسن من القديم؛ 
لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له بخلاف القديم والله تعالى له الأسماء الحسنى. انظر شرح 
الطحاوية (ص /50- 58). 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى 7 ١”‏ 
وبالتالى فاحتياجه محال (“2. 
ثانيًا:. صفات المعاني أو الصفات الوجودية: 


يطلق عليها وجودية ؛ لأنها موجودة متحققة فيه تعالى» ويطلق عليها 
صفات المعاني أو الصفات الثبوتية وذلك لأنها تدل على معنى زائد على 
الذات أو يجب إثباتها في حقه تعالى ويقوم إثباتها في حقه من وجهين: 

الأول: اقتضاء كماله لها. 

الناني: دلالة أفعاله عليها (©. 

أ-صفة القدرة: 

هي صفة أزلية قائمة بذاته تعالى يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدامه على 
وفق الإرادة 0 

رمف كؤنها فقوب الأذ الله معان لاايوصت بالخوادت ومع قائمة 
بذاته» أن الصفة لا قيام لها بنفسها فلا بد من ذات تقوم بها ويتأتى بسببها ؛ 
لأن الله هو الفاعل على الحقيقة. 

أما تعلقها فهي لا تتعلق إلا بالممكن- أي الشيء الذي يقبل الوجود تارة 
والعدم تارة أخرى- فهي لا تتعلق بالواجب ؛ لأنها لا يصح أن تعدمه ؛ لأنه لا 
يقبل العدم ولا يصح أن توجده؛ لاثة موجود بالفعل» فيكون كتحصيل 
الحاصلء ولا تتعلق بالمستحيل ؛ لأن المستحيل لا وجود لهء وهو عدم؛ 
ككون الابن أكبر من أبيه؛ والجزء أكبر من الكل» وكوجود الشريك 
والصاحبة والولد. تعالى الله عن ذلك علوًا كبيطا. 

تين ثريا يزخ 

.)3 الدين الالو (ص‎ )١( 
.)5١ انظر: في الاسماء والصفات (ص‎ (32 
.)75 جوهرة التوحيد (ص‎ )5( 


١4‏ الفصل الثاني 


حلط ااا م0000 


ب-الإرادة: 

وهي صفة قديمة زائدة على الذات قائمة بها تخصص الممكن يبعض ما 
يجوز عليه فتجعله طويلاً أو قصيرًا حسئًا أو قبيحًا عالمًا أو جاهلاً في هذا 
المكان أو فى غيره وهو سبحانه يتصرف في ملكه حسب مشيئته وإرادته 

وى 5 60 

والدليل عليها: قوله تعالى: مال يْمَا ك4 [هود 1٠0:‏ » وقوله: توويك 
ع 7 22 ركاذ نا كارك لير 4 | [القصص :18]» وقوله: مإيرِيدٌ 

و + رسا يي الس ساس لس سر سه 0 1 
لِيطهَركُم وَلِمْيِمّ يِعَمََم عَليِكم مَنَكُمْ تنكرت؟ | [المائدة :5] 00 
2 لِسَبَيْنَ لَك و د 2 بحم و هه شن الدين من 0 ل 0 ع و عَلع 


و.. شرو ور سيب واس 


ع2 © وا 0 اس 3 ب د 
عَبِلواً ميل مَيَكَا عَظِيمًا» [ [النساء :5؟-/1ا؟]. 
0 0 م 0 ِو ردن ن ا 0 00 [النحل ٠:‏ 


تعلق الإرادة: 

تتعلق الإرادة بالممكنات مثل صفة القدرة» غير أن الفرق بين تعلق القدرة 
والإرادة أن القدرة تعلق إيجاد وإعدامء أما الإرادة فهي تعلق تخصص. فإذا 
تعلقت القدرة بإيجاد إنسان مثلاً فالقدرة صالحة ؛ لأن توجده طويلاً أو قصيرًا 
أبيضًا أو أسودء ولكن إرادة الله تعالى هي التي تخصص هذا الإنسان بصفته 
كالطول بدل القصر والبياض بدل السواد وفي الزمن المعين بدل غيره من 
الأزمنة فعملها يسبق عمل القدرة ويلي عمل العلم بالقبية للشمكنات :7 


)١(‏ انظر: جوهرة التوحيد (ص 75)) والعقائد الإسلامية (ص 09) للشيخ سيد سابق. 
)١(‏ انظر دراسات في العقيدة الإسلامية (ص 5ه- 017). 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١6‏ 


إرادة الله للخير والشر: 

إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله يريد جميع الأشياء خيرها 
وكرها» لأق انا تحسبة خيوا قد يكون هو الكثر بعيته وها دراه تشواء قدا يكرن 
هو الخير الذي ما بعده خير» وحسبنا قوله تعالى: ومح أن حَكَرَهُوأ شيا 


رعذ سعوو > بوك عددارل 46 4 4م مم مهد #44 سم سمهو هكمو 4.52 ل 
وَهْرَ حر لَحكُم وحمي أن تحبوأ سَينًا وهو شر وَآسَّهُ يَحْكَمْ وَأَنشم لا 
عَلمُوت #» [البقرة :5١؟]»‏ وإنما ينسب الخير لله والشر للإنسان تأذما وإن كان 


نقرر هذا لأن المعتزلة يقولون بأن الله لا يريد الشرء وهم يريدون بذلك 
تنزيه الله عن فعل الشرور ولكن أدى بهم هذا إلى نسبة العجز إلى الله سبحانه 
وتعالى؛ لأن على مذهبهم الله لا يريد الكفرء والكفر قد وقع بالفعل من 
الكافر» فيلزم من ذلك: أن يقع في ملك الله ما لا يريدهء فكأنهم أرادوا أن 
ينزهوا الله فوقعوا من حيث لا يشعرون إلى وصفه بالعجز «فقد وقف أعرابي على 
حلقة فيها (عمرو بن عبيد) فقال الأعرابي: يا هؤلاء إن ناقتي سُرقت فادعوا الله أن 
يردها على فقال عمرو بن عبيد: اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقته فسرقت فارددها 
عليه . فقال الأعرابي : لا حاجة لي في دعائك» قال: ولم؟ قال: أخاف كما أراد أن لا 


اسان ١ ١‏ 
نُسرق فسّرقت أن يريد ردها فلا يردها» ” 0 


الفرق بين الإرادة والأمر والمحبة والرضا: 

هناك فرق بين إرادة الشيء والأمر به. 

١-فقد‏ يريد الله عز وجل شيمًا ويأمر به» كإيمان المؤمنين الذين علم الله 
عنهم الإيمان» فأراد الإيمان وأمرهم به كالصحابة وغيرهم من المؤمنين الذين 
ماتوا على ذلك. 


)١(‏ شرح العقيدة الطحاوية (ص37). 


١‏ الفصل الثاني 


١-وقد‏ لا يريد ولا يأمرء فالله عز وجل لا يريد الكفرء ولا يأمر به قبل 
وقوعه. 

*- وقد يريد ولا يأمر كالكفر الواقع بالفعل بمن كفرء وكالمعاصي فإنه 
أرادها ولم يأمر بها 7". 

ولا نقول كيف يريد شيعًا ولا يأمر به؟ نقول: إن الله لا يأمر بالكفر ولا 
بالفحشاء ولكن وقوعها من الكافر والفاسق» يريده الله؛ لأنه لا يقع في ملك 
الله ما لا يريده ولو قلنا إن الله لا يريد الكفر الحاصل من الكافر والفسق 
الواقع من العاصي يكون قد وقع في ملك الله ما لا يريده وهذا لا يقول به 
مؤمن: 

- وقد يأمر بالشيء ولا يريده لحكمة يعلمها عز وجل أحيانًا 00 
وأحيانًا يخفيها سبحانه وتعالى كقوله تعالى: إوَلَوَ أَرَادُوأْ لحرن لد 
ع وَلدكن حكره أله لَه ماني نَهُمْ فَتَبَطْهم 4 [التوبة :45]. 

فقد أخبرنا سبحانه بالمفاسد التي تترتب على خروجهم مع رسول الله وَل 
فقال: 9لَوُ حَرَجُوا فك ما اوم إلا حَبَالَا؟ك [العوبة :40] أي فسادًا وشرًا 

لإ لصوا ا مِللك» [التوبة :49] أي سعوا بينكم بالفساد والشر «و بَعُوتَحُ 
لْْنَدَ وفيا سَمَعُونَ م[ [التوبة :40] أي قابلون منهم مستجيبون لهم فيتولد 
من سعي هؤلاء وقبول هؤلاء من الشر ما هو أعظم من مصلحة خروجهم 
فاقتضت الحكمة والرحمة أن أقعدهم عنه ”"". 


بهذا التوفيق يزول ما يوهم التعارض بين إرادة الله وأمره ورضاه ومحبته. 
صفة العلم 
صفة وجودية أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بجميع الواجبات والجائزات 
والمشفحيلات دن إعائلة 0 وإنخاطة :دون سبق خفاء أو جهدل: 


.)975 جوهرة التوحيد (ص ه/ا-‎ )١( 
.)7371 شرح الطحاوية (ص *8؟-‎ )١( 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنٍ ١١‏ 


والدليل عليه قوله تعالى: © إنَّ لَه بَكُلّ شَىْءٍ ليم © [الأنفال :78]. 

وقوله تعالي: وما يَحْبُ عَن رَيْكَ من يقال درو في الْأرضٍ وَلَا في 
َلسَّمَلِ» [يونس »]5١1:‏ وقوله تعالى: فلالا بعلم من عقاوق وهو اللَطِف هر 4 
[الملك .]١54:‏ 

وهذه الآية تنكر على الذين يقرون بخلق الله للعالم ثم ينكرون علمه 
بالأشياء فمن البديهي أن يعلم الخالق خلقه. وقوله تعالى: 3 ندم مَمَاتِع 
التي لا يتلئهآ إلا مر ويك ما مَا فى آلبرّ وَالبَحَرٌ وَمَا شَمْقُْط ين وَرَكَةٍ إِلَا 
20 ع و لتك الل رلك رلك ولا ا لال كي ان 
[الأنععام :وول وهذه الآية تدل على 9 الله وإحاطته على ا 
التفصيل. 

أما الدليل العقلي فيصاغ هكذا: إن فعل الله متقن وكل من كان فعله متقن 
0 فإن من نظر في الآفاق وتأمل ارتباطات العلويات بالسفليات سيما 

فى الحيوانات وما هديت إليه من مصالحها وأعطيت من الآلات المناسبة لهاء 
تحنم أن الذي فعل ذلك عالمء ؛ وعلم الله لا يوصف بأنه سدرووئ آذ ترك أو 
بدهي أو تصوري أو تصديقي؛ لك اليه 

وقد أنكر معبد الجهني ومن تبعه علم الله للأشياء إلا بعد حدوثهاء وأن 
الأمر مستأنف بعلم حادث وقدرة وإرادة وقد تبرأ منه عبد الله بن عمر ومن 
أصحابه كما أنه من الأمور التي كمّر بها الفلاسفة إنكارهم علم الله تعالى 
بالجزئيات حيث يقصرون علمه على الكليات» أما تفاصيل الأمور ودقائقها فلا 
يقرون علم الله بها 7"©. 


(1) انظر: المواقف (ص 580). والدين الخالص (ص ١١).؛‏ وانظر العقيدة الطحاوية (ص 15). 
(؟) انظر: جوهرة التوحيد (ص 77):وانظر: في الأسماء والصفات (ص55). 


١‏ الفصل الثانٍ 


صفة الحياة 
صقية وجودية أزلنة قائمة بذاته تعالى تصحح اتصاف الله تعالى بالعلم 
والكترة را وراد رش ضف ١‏ تان لها والدليل عليها قوله تعالى: مأ هآ 


لَه إلا هر لعن اليم [البقرة :ه10 وقوله تعالى: لإوَيََكَلَ عل الي الى 
ا موت 3 [الفرقان :08]» «هوٌ الْكَثٌ لآ إِلهَ إِلَّا هو فادغوه 3 7 


أل لَلَْمَدُ يِه رَبَ العَكِيتَ) [غافر :ه:]. 

فالله سبحانه هو الحي والحياة هي الصفة التي تصحح لموصوفها الاتصاف 
بالقدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر فلو لم يكن حيًّا ما ثبتت له هذه 
الصفات وحياة الله كاملة ليس هناك أكمل منها ولا يُكتّته كنهها وحياته 
سبحانه لا يلحقها عدم ولا يُقَضِى عليها بالفناء والعلم لا يصدر إلا من حي » 
مم 

صفة السمع 

صفة وجودية أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بالمسموعات تعلق انكشاف 
في كدب لله حلي المسموعات وهي الأصوات والكلام» والدليل عليها 
قوله تعالى: 9 إركت لَه سجِيع د بَصِيرٌ * [الحج :0/]» وقوله سبحانه: ني 
ممحتكما 3 وأريك* [ [طه :45]» ويقول عز وجل: (إوَالَهُ يَتَضْى الى 
وَألَدِنَ يَدَعُونَ من دونو لا يَقَصُونَ بِنَىَءٍ إنَّ اله هْوَ لسَّمِيمٌ البصير 4 
[غافر .]٠١:‏ 

فالله سبحانه سميع يسمع كل شيء حتى إنه ليسمع دبيب النملة السوداء 
على الصخرة الملساء في الليلة الظلماء دون أن يشغله سماغه تسمناعة عر 
سماعه جماعة آخرين 


0 00 


.)15١ -5٠ العقائد الإسلامية (ص‎ )١١( 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١‏ 


طلفة الع 
ضنفة أزلية قاكمة"يذاتة علق بالمونجؤداف وفييي 7" والذليل عليه قوله 
تعالى: ِنَم هو - لْبصِير # [الإسراء ]١:‏ . 
وقوله سبحانه: فإآمٌ عَيبُ اموت والارض أت صف وَأسْيِع4 
[الكهف :5؟] . 
وفي الحديث: «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك». 
والله عز وجل السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في 
السماء وهو الجدير بالعبادة والتوبة والقصد أما غيره فلا يستحق العبادة يقول 
تعالى على لسان سيدنا إبراهيم لأبيه: ل يكاتٍ لِمَ تَكَبْدُ مَا لا بسْمَعْ ولا صر ولا 
ِغْنى عنك شيا [مريم :؟4] . 
صفة الكلام 
صفة وتجودية أزلبة قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت فدل على 
الواجبات والجائزات والمستحيلات ("©: ويكون الأمر والنهي والخبر والوعد 
بكلام أزلي قديم قائم بذاته سبحانه وتعالى '". 
والدليل عليه قوله تعالى: وك أَهُ مُوس تَحكلِيمًا؛ [النساء :154]. وقوله 


وآ 16 


تعالى: لولم له مو امنا وكلَمَُ و4 [الأعراف :4 »]١‏ وقوله سبحانه: 
0 لين أن 2 إَّ ويا [الشورى :01] . 
وقوله تعالى: تكّل لو كن الْبَحرُ هِدَادًا لكت رَقٍ لَنَقْدَ البْحَرُ قْلَ أن تنفد 
كلمت رق [الكهف ]٠١9:‏ . 
)١١(‏ جوهرة التوحيد (ص 85). 
(؟) جوهرة التوحيد (ص »)8١‏ ودراسات في العقيدة الإسلامية (ص 8مه- 059). 
() الأربعين في أصول الدين (ص 707). 


غ١‏ الفصل الثاني 


قال لأبي عمرن 2 العلذء احذ القراء السيعة: أريت أن تقر ا: 22 0 موسا 4 
[النساء :155] بنصب الله ليكون موسى هو المتكلم لا الله فال له أبو عمرو: 
هب أني قرأت هذه الآية هكذا فكيف تصنع بقوله تعالى: 95و 0 
ميا وكلَمُ ريم [الأعراف :14]» فبهت المعتزلي. 

يقول شارح الطحاوية : وكم في الكتاب والسئة من دليل على تكلم الله 
تعالى لأهل الجنة وغيرهم قال عز وجل: و«إسَلمُ قلا من رب تحر » 
[يس :08]. 

فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله كَيةِ: اابينا أهل الجنة في نعيمهم 
إذ سطع لهم نور فرفعوا أبصارهم فإذا الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم 
فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة وهو قول الله تعالى : #سَلمُ قرلا من رب تَحِرٍ # 
[يس :58] فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى 
يحتجب عنهم وتبقى بر كته ونوره). 

ففى هذا الحديث إثبات صفة الكلام وإثبات الرؤية وإثبات العلو. وقال 
العا سل ليك باب: كلام الرب تبارك وتعالى مع أهل الجنة وساق فيه 
عن جاده فأفضل نعيم أهل الجنة رؤية وجهه تبارك وتعالى» وتكليمه لهم , 
فإنكار ذلك إنكار لروح الجنة وأعلى نعيمها وأفضله الذي ما طابت لأهلها إلا 
ا 

صفات الذات وصفات الفعل 

ما مر من إثبات للصفات إنما هي صفات الذات بمعنى أنها صفات قائمة 
بالله تعالى» وهناك صفات فعل كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والغضب 
والفرح وغيرها من صفات الفعل» ويقول صاحب الطحاوية: ما زال بصفاته 
قديمًا قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئًا لم يكن قبلهم من صفته كما كان بصفاته أزليًا 


.)١ 3١ -١7٠0 شرح الطحاوية (ص‎ )١١( 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١‏ 


كذلك لا يزال عليها أبديا» 27. 

ويقول ابن العز في شرح النص السابق: أي أن الله تعالى لم يزل متصمًا 
بصفات الكمال: صفات الذات وصفات الفعل ولا يجوز أن يعتقذ أن الله 
وُصف بصفة بعد أن لم يكن متصمًا بها؛ لأن صفاته سبحانه صفات كمال 
«خااضفة نقعن: ولا كعزر أن ايكون ك3 خضتل له الكتال' بعد أن كان 
متصفًا بضده ولا يرد على هذا صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها 
كالخلق والتصوير والإحياء والإماتة والقبض والبسط والطي والاستواء والإتيان 
والمجيء والنزول والغضب والرضا ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به 
رسوله وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله ولا ندخل في ذلك 
متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا ”"2. 

ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الإمام مالك رضي الله عنه لما سكل 
عن قوله تعالى: طم استوئ عل ألْمرشٍ أ [الأعراف :04] كيف استوى؟ فقال 
الامتزاء معلوم والككيق ميجهول:وإن كانت هذه الأحوال تحدث فى بوقت 
دون وقت كما في حديث الشفاعة: «إن ربي غضب اليوم غضبًا شديدًا لم يغضب 
قبله مثله ولن يغضب بعده مثله»؛ لآن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع ولا 
يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن» ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلمًا 
بالأمس لا يقال إنه حدث له الكلام فالساكت بغير آفة يُسمى متكلمًا بالقوة 
بمعنى أنه يتكلم إذا شاء وفي حال تكلمه يسمى متكلمًا بالفعل '". 

«وهذا الفهم هو الذي يميز صفات الله عن صفات البشر ولذلك كان المنهج السلفي 
في تناول قضية الصفات الإلهية هو المنهج الأمثل وقاعدته المشهورة تقر أن نثبت لله 
تعالى ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله كَكْةِ ومن غير تشبيه أو تمثيل ولا تأويل ولا 
)١(‏ المصدر السابق (ص 129). 


.)8١ المصدر السابق (ص9/!ا-‎ )١( 
.)6١ شرح الطحاوية (ص‎ )9( 


١‏ الفصل الثان 


تعطيل وبهذه القاعدة تنحل جميع المشاكل التي تصورها غير السلف من 
الفرق الأحرى) (©. 

واجب المسلم تجاه الصفات: 

إن المسلم يجب أن يتجاوز الدراسة الشكلية للصفات التي كان 
المتكلمون يشمرون ساعد الجد في دراستها مثل هل الصفات هي عين الذات 
أو زائدة على الذات؟ إلى غير ذلك :من المسائل الجدلية. ْ 

أقول: إن المسلم عليه أن يستفيد وأن يستلهم روح الصفات الإلهية 
ويحاول أن يسير على هديها ويستنير بها وأن تكون هي المثل الأعلى الذي 
يضعه الإنسان نصب عينيه ليصل إليه عبادة وسلوكا وورعًا وتقوىء إن 
الصفات الإلهية يجب أن تخلق فينا التوثب والعمل المستمر والسعي الدءوب 
نحو الاكتمال في حدود الطاقة البشرية إنها يجب أن تسير بالإنسان نحو مقام 
العبودية التامة لله رب العالمين» ذلك الإطار الذي جعله الله حصئًا لا يستطيع 
إبليس أن يخترقه حتى يوسوس للإنسان أو يغويه عن صراط الله المستقيم: 
يقول سبحانه: و إِنَّ عبَادى ليس لَكَ عَلَتِمَ سُلْطَدنٌ4 [الحجر :49 ]7". 

ماذا لو استشعر الإنسان معنى القدرة» فعلم أن الله قادر على كل شيء 
وأن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماءء وأن ما يلوح أمام الناس من 
طغيان وتكبر وتجبر وظلم وعدوان وبغي في الأرض بغير الحقء الله بقدرته 
وجبروته قادر على تدمير أصحاب تلك القوة المزعومة» فانظر إلى السكينة 
والاطمعنان وكيف يشعر بهما الإنسان وهو يعلم أن الله قادر على كل شيء؛ 
وماذا يمكن أن تعدل صفة القدرة» من ظلم الإنسان لغيره» إذا أيقن أن الله 
قادر على كل شيء. 
(1) انظر: أصول العقيدة الإسلامية (ص .)١١4 -١١*‏ 


١؟)‏ سورة الحجر الآية: ؟وئع وانظر: أصول العقيدة الإسلامية وص 5١‏ -595) لأستاذنا الد كتور 


محمد نصار. 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى / ١‏ 


ولنقل مثل هذا في صفة العلم» حين يعيش الإنسان مؤمئًا موقنًا أن الله قد 
أحاط بكل شيء علمًا وأن علم الله لا نهاية له ولا حدود أيمكن بداية أن 
يعصي الله وهو موقن أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ أيمكن أن 
ودر بعلل يعد أن تظهر له بعض الأسرار في كون الله؟ إن الإنسان إذا ركب 
متن الغرور في أمر من الأمور ثم استشعر صفات الله علم أن الله أقوى وأغنى 
وأعدل وأعلم وهكذاء أي أن تلك الصفات يجب أن تكون أعلامًا هادية 
للإنسان في حركاته وسكناته يستلهم الإنسان منها - وباستمرار - الوصول 
إلى الخير الأسمى في علاقة الإنسان بربه وفي علاقته بالمجتمع؛ لنأخذ مثلاً 
صفة الرحمة التي تعني الرفق واللين وعدم الشدة وهي المدخل الطبيعي إلى 
الروابط الاجتماعية؛ ولما كان الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع مترابط 
متماسك فإن لحمة هذا المجتمع وسداه تتحقق بالرحمة فإذا استلهم المؤمن 
هذه الصفة الإلهية فأي أثر يمكن أن يعود بعد ذلك؟ إن المجتمع الذي لا 
تسوده الرحمة متقطع الأوصال متهدم -البنيان متداع غير متماسك (©. 
| بين السلف والخلف فى النصوص الموهمة للتشبيه 

ؤرةات :بض _الايات.والأحاديف ف ظاهرها التشبيه مثل قوله تعالى: #إإِنَّ 
لبت يِبَايِمُونَكَ إِنَمَا يايو أله يَدُ أله هوق دِيم 4 [الفتح ]٠١:‏ . 

وقوله تعالى: «9 ليحن عَلَ الْمَرشٍ ستو 4 [طه :ه]. 

وقوله تعالى: 9#وهو الْمَاهِر فَوْقَ عِبَادِوء [الأنعام :18] . 

وقوله سبحانه: «إوَيَا رَيّكَ وَالْمَآكُ صَهَا صَمَا) [الفجر :؟]] . 

وقوله جل وعلا: لإواصتع لمك بِأَمْينَِاك [هود :*"]. 

وقول الرسول يَلكةِ: «إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها 
9" وليف ايتؤل ينا كل ليلة إلى السماء الذنياة: 


حث شاء») 


.)16 -54 نفسه وانظر: العقائد الإسلامية وص‎ )١( 
(؟) جامع الأحاديث للسيوطي (1780/7؟).‎ 


بم ١‏ الفصل الثاني 


فهذه مجمل الآيات والأحاديث التي يوهم ظاهرها التشبيه. وللعلماء 
مسالك تحاة ذه“ الآيات والأحاديف: 

اول ودوك الدلق ‏ وروة اعم خوط عن ا قلف الاباك والأخاديك 
وعدم التعرض لمعناها وقالوا: الله أعلم اد عا 

فلو أن قائلاً قال: كيف ينزل ربنا إلى السماء الدنيا؟ قيل له كيف هو؟ فإذا 
قال: لا أعلم كيفيته» قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله» إذ العلم بكيفية 
الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهو فرع وتابع له» فكيف تطالبنا ببيان 
كيفية سمعه وبصره وتكلمه واستواؤة ونزوله؟ وأنت. لا تعلم كيفية ذاته: وإذا 
كنت كقن يآن الله عن وجل حفيقه ثابعة فى :تقين الأمر بمسعويجبة لمفات 
الكمال لا يماثلها شيء فسمعه وبصره وكلامه ونزوله واستواؤه سبحانه ثابت 
في نفس الأمر وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابهه فيها سمع 
المخلوقين وبصرهم وكلامهم ونزولهم واستواؤهم ”© 

ويقف السلف على لفظ الجلالة في قوله تعالى: هر الى أَرَلَ عَلِكَ 
الكتبٌ هِنْهُ مَايتّ كنت هُنَّ أ الكتب وَل متقييت كنا الاق 
َيمْنَ ما مَكبَه ونه أَيْعَكَ الْهِنْنَةْ وأبَيعة نبل وَمَا يِمَكمُ تأويلة: 
[آل عمران :/!] ٠‏ 

وهذا المسلك هو الأسلم ؛ لأن وصف الله تعالى بهذه الصفات فوق 
مستوى العقول البشرية» وقد وردت النصوص الكثيرة عن السلف لتؤكد هذا 
الفجدلك: 

١-روى‏ أبو بكر الخلال في كتاب السنة عن الأوزاعي قال ككل مكهول 
والوهري :عو بير الأحادية فقالا: حرا كا ادف وروع أيضًا عن 
الوليد بن مسلم قال: سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد 


(1) الروضة الندية (ص 75) نقلاً عن الإيمان حقيقته وأركانه (ص )١8‏ 


صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ١‏ 


والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات فقال: أَمِدُوها كما جاءت وفى 
زواية:-فقالوا أعروها كنا جاءت يله كس» ١‏ 

١-وروى‏ الخلال بإسناد» كلهم أئمة ثقات» عن سفيان بن عيينة قال: سئل 
ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: يمن عَلَ الْمَرْشٍ أنتر» 
[طه :ه] كيف استوى؟ قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله 
الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق (©. 

؟-يقول ابن القيم: تنازع الناس «بقصد الصحابة» في كثير من الأحكام ولم 
يتنازعوا في آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد بل اتفق الصحابة 
والتابعون على إقرارها وإمرارها على حقائقها مع فهم معانيها. 

وقد ذهب الإمام الجويني في الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية «ذهب 
أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها 
إلى الرب تعالى والذي نرتضيه رأيًا وندين لله به عقدًا اتباع سلف هذه الأمة فالأولى 
الاتباع وترك الابتدا الوه 

هذا هو رأي السلف إجراء النصوص على ظاهرها بدون تأويل» وهذا هو 
الذي نميل إليه ؛ لأنه ما عليه الصحابة والسلف الصالح. 

المسلك الثاني: مسلك الخلف: 

الذين ذهبوا إلى تأويل هذه الآيات على ما يليق بجلال الله تعالى وذلك 
أنهم قالوا: إنه قد ثبت مخالفة الله تعالى لجميع خلقه وأنه لا يشبه شيئًا من 
الحوادث» ولما كانت هذه الآيات والأحاديث توهم مشابهة الله لخلقه وجب 
تأويلهاء وصرفها عن ظاهرها فقالوا في قوله تعالى: «إيدُ أله وق يديم 
[الفتح ]٠١:‏ قدرته فوق قدرتهم فأولوا اليد بالقدرة وقالوا في قوله تعالى: 


.)4. -”9 انظر: مجموعه الفتاوي الأسماء والصفات (ص‎ )1١( 
العقيدة النظامية نقلا عن العقيدة الإسلامية (ص ؟7؟).‎ )7١١ 


١5٠‏ الفصل الثاني 


000 


ا وأضنَع لْقْْكَ بأَعَيِْنَاك [هود :“م] أي بحراستنا ورعايتنا فأولوا العين بالرؤية 
والحراسة والعناية» وأولوا الوجه في قوله تعالى: فويض وَبَهُ رَيْكَ 4 
[الرحمن :/7ا؟] أي بالذات» أي تبقى ذاته تعالى 0 

ونحن نرى أن كل مسلك من هذين المسلكين قصد تنزيه الله تعالى عن 
مشابهته للمخلوقات» وبالتالي فهم متفقون على نفي المعنى الإنساني عن الله 
عز وجل وصرف حقيقة الألفاظ اللغوية عنه سبحانه وتعالى» والفارق الوحيد 
بين السلف والخلف هو أن السلف توقف عند ظاهر النصوص ولم يخوضوا 
في معناها ووكلوا العلم لله وقالوا الله أعلم بمراده ”" 

أما الخلف فقد أولوا اللفظ وصرفوه عن ظاهره إلى معنى يليق بالله تعالى؛ 
ولذلك نقرر أن الفريقين متفقان على تنزيه الله تعالى وعدم مشابهته لخلقه. 

وكما يقرر الدكتور يحيى ربيع أن: «هذين الرأيين - أعني التفويض والتأويل - 
لا يصح أن يكونا مادة للتكفير أو التفسيق أو حتى التجهيل بل لا يصح أن نجعل من 
هذا الخلاف وسيلة للتفرق والتشرذم ما دمنا متفقين على التنزيه وعدم التجسيم 
والتشبيهء مع ملاحظة أن هناك بعض الفرق لكل منهم رأي في الصفات وهؤلاء لا علاقة 
لهم بمذهب السلف والخلف وهم المجسمة الذين يرون أن الله جسمًا كالبشرء 
والمعطلة الذين يتصورون أن الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصرء فهؤلاء عطلوا الله عن 
ضفاته الغليا وأسمائ الع 3 


(1) في العقيدة الإسلامية (ص 77). 
)١١‏ نفسه. 
(5) في الأسماء والصفات (ص 88- .)5١0‏ 


الفصل الثالث 


شبهات غير الموحدين والرد عليها 


قات غير الزعدين والرذ عليه ١‏ 


توطئة 


قبل الحديث عن الشرك ومظاهرة والرد .على شبهات المشركين» تخاول أن 
نبرز ما كانت عليه الأمم قبل الشرك وخاصة العرب الذين نزل فيهم القرآن 
الكريم. 

لقل اععرفن العرت بوجو الله الخالق السماوات والارضن 6 وقد صون القران 
الكريم عقيدتهم في أيات متعددة منها قوله تعالى: #ثل لَمِنِ الأرض ومن فيها 
إن كر لوت © سَيَتُونونَ يو كل أقلا تدكرويت © فل من رب 


يح ديره م 


0 7 م 07 ا 1 50 3 7-0 2 2 - 06 2 ج02 
ادوع السيع ورت, المدرش العظيم 9 سيقولون لله قل أفلا لثقورتت 9©) 


ا سس ار واه 2 معد ل ع شي اياعر س” مء 
قل من بيرى ت ككل ثىءٍ وهو يمجير ولا جار عليه إبنا كنت 


- 
0 5 


0 فوت لله قل فاذه حرو 4 [المؤمنون :69-854] . 

وقول سبحانه: وين سَأتَهُم بن َلقَ اتات وَآلْسَ وَسَرٌ اللَنس 
وَالْقَمَرَ مولن أ مَأ يوفَن4 [العنكبوت :11] . 

ويقول سبحانه: لإوَلِين سَالَنَهُم مَنْ حَلقَ ألسَمْوتِ وَالارْضَ بون حَلمَهنَ 
لْعَرِيرُ الْعلِيم © [الزخرف :4] . 

ولقد اعتبر العرب الإيمان بالله مسألة دين 2١‏ ولم يبذلوا كبير جهد في 
الاستدلال على وجود الله سبحانه وتعالى؛ لان وجود الله فطرة في نفوسهم» 
فالبعرة تدل على البعير والسير على المسير. 

وكما يقول عامر بن الظرب العدواني: (إني ما رأيت شيئًا قط خلق نفسه ولا 
رأبت موضوعا إلا مصنوعًا ولا جائيًا إلا ذاهبًا ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم 


الدواء» 650 


.)5515 الحكمة العربية (ص‎ )١( 
.)١١9/5( الملل والنحل للشهرستاني‎ )١( 


1 الفصل الثالث 


ومع اعتراف الشرة توتهرة اللهفانهي كاتوا فين على أن أريابيم لثم 
تشارك الله فى خلق السماوات والأرض بل كانوا مقرين بأن الله وحده خلق 
الجعارات كنا حب اللو لي 0 ومع اعترافهم بوجود الله فقد 
عرفوا التوحيد قبل أن تدخل الأصنام الجزيرة العربية. وقد عرفوا التوحيد من 


طرق متعددة) منها: 
١-الفطرة:‏ يقول تعالى: «يِظرَتَ أنه آي طن الام لك لك فول لكان 
أ ديلت للك الزبيثتك اليم وللكرج أ 0 حفر الفتاس له يعلمون 4 [الروم :0"]ء 


والفطرة هي ما أودع في النفوس من الإيمان بوجود الله وتوحيذه. 
"-الأنبياء: يقول تعالى: إن أَرْسَلْتكَ بِلْلَىَ بشيرا وتذيرا وَإن من أَمّةٍ إ 
حلا فيا ندر » [فاطر :74]» فالآية تشير إلى أنه ما من أمة إلا وأرسل الله إليها 
نذيوا والرسل ان بالتوحيد وعبادة الله وحده. وهناك بعض الروايات تذكر أن 
آدم عليه السلام كان مسكنه الحرم وأخبر القرآن الكريم أن إبراهيم وإسماعيل 


رفعا القواعد من البيت» يقول عز وجل: (إوَإد برهم رهم القواعة من البيت 
قف 


عرس ممم ١‏ اال 


وسيل ريا نعل 1 إِنَّكَ أَنتَ لسَّمِيعٌ لْعَلِيمْ 4# [البقرة ١١7:‏ ] 
#-الصحف القديمة: وأشهرها صحف إبراهيم وموسى. وقد أورد ابن 
إسحاق رواية فيها: «أن قريشًا وجدوا في الركن كتابًا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى 
قرأه لهم رجل من يهود فإذا هو: أنا ذو بكة خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض 
وصورت الشمس والقمر وحففتها تسعة أفلاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك 
لأهلها في الماء واللبن» ”") 
ونص آخر أورده ابن إسحاق ومفاده أنه وجد في الكعبة حجر قبل مبعث 


النبي يك بأربعين سنة مكتوب فيه من يزرع خيرًا يحصد غبطة ومن يزرع شْرًا 


.)77 الإيمان لابن تيمية (ص‎ )١( 
.)5918 (؟) انظر: الحكمة العربية (ص 9/ا؟1-‎ 
وأخشباها: أي جبلاها.‎ )١ با م.‎ ٠ 5/١( سيرة ابن هشام‎ )8( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١‏ 
حصي ا 19 

فهذه الصحف كانت من ضمن المصادر التي عرف العرب من خلالها 
وحدانية الله. وكما يقول أستاذنا الدكتور عبد الله الشاذلي: «وعلى فرض صحة 
هذه الروايات وليس هناك مبرر لرفضها فإن تلك الصحف والأخبار كانت مصدرًا 
للتوحيد في الوقت الذي تصلح أن تكون أمارات وشواهد قاطعة على بقاء التوحيد 


وأسبقيته» ”"). 


ويدل على وجود التوحيد قبل عبادة الأصنام ما أورده الدكتور (جواد علي) 
نقلا عن المسعودي من أن بعض الحنفاء ضجوا من تغيير عمرو بن لحي 
للحنيفية واستبداله الأصنام بهاء يروي المسعودي شعرًا عن (شحنة بن خلف) 
أو سحنة بن خلف الجرهمي يقول فيه: 

يا عمرو إنك قد أحدثت آلهة شتى بمكة حول البيت أنصابا 
كان ليت" ريه واختن لبذ فقد جعلت له في الناس أربايا 
لتعرفن بأن الله في مهل سيصطفي دونكم للبيت حجابا7") 

وقد انحرف العرب عن التوحيد وعبدوا مظاهر وثنية مثل سائر الامم من 
قبلهم ولذا فقد كان محل النزاع بين الرسل وبين أقوامهم توحيد الله وعبوديته 
يقول (الشهرستاني): كان محل النزاع بين الرسل وبين الخلق التوحيد؛ يقول 
نعالى: كلك يآته ينا ذ اله مَنْدَهُ كَركر وَإن ةيده ينا 
م 1 لْعَيَ لير »4 [غافر :97 ]250, 

وقد توجه العرب مثل غيرهم من الأمم إلى بعض المظاهر المادية كالأصنام 
والكواكب وغيرها بالعبادة وتقديم القرابين» وسنتحدث عن الوثنيين 
)١(‏ نفسه .)5١9/١(‏ 

(؟) الحكمة العربية رص 055-15 
(7) المفصل في تاريخ العرب نقلا عن المسعودي (؟19/5- .)5١‏ 
(5) انظر: نهاية الإقدام للشهرستاني (ص 4 )١١‏ والتفكير الفلسفي في الإسلام للدكتور عبد الحليم 


.)77/١( محمود‎ 


١.5‏ الفصل الثالث 


المشركين من العرب خاصة» مشيرين إلى من اشترك معهم من الأمم السابقة 
فى التوجه إلى هذه المظاهر المادية » وتحن نعتبر أن الرد على شبهة 
امرك من العرب رد على غيرهم إذ إن أصول شبهاتهم واحدة» وأيضًا 
تفنيد شبهاتهم أصولها والجدة 7 


.)١9-١48/١( انظر: الملل والنحل للشهرستاني‎ )١( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١7‏ 


١‏ المبحث الأول 


الوثنيون المشركون 

هؤلاء هم الذين يديئون بوجود إله ويتخذون معه آلهة أخرى في صور 
شتى» منها: 

عبادة الأصنام: 


من المظاهر الوثنية التي توجه إليها الماديون المؤلهون. الأصنام التي تعد 

عبادتها أأقدم عبادة؛ لأن نوحًا عليه السلام وهو أقدم الأنبياء جاء بالرد على 
عبدة الأصنام: ومن م فإن عبادتها كانت موجودة قبل نوح وأكثر أطراف 
الاآرض مستمرون على عبادتها 0 

ولقد عبدها العرب ونصبوها حول الكعبة» وقدموا لها القرابين» وقاتل من 
قاتل من المشركين بسبي القمسك بعبادقها 6 وتدور شبهة غيادة الأصنام عند 
العرب خاصة حول: 

أولاً: اعتقادهم أنها تقربهم إلى الله زلفى: 

وقد صور القرآن الكريم هذه الكوية على لساتهم فى كوله كر وجل 
«والّيت أعَدُاْ ين دونو ويس ما نَبُدُهُمْ إلا ربوا إل أَلَّهِ زلى» 
[الزمر :"] . 
(1) عبد الأصنام من الأتم القديمة على سبيل المثال لا الحصر: المصريون الذين قدسوها واتخذوا من 
صور ملوكهم ألهة نحتوها وتوجهوا إليها بالعبادة وما زالت التماثيل التي عبدها المصريون من دون 
الله قائمة إلى يومنا هذا » وعبدها الهنود والبوذيون وتوجه إليها الصينيون. انظر: ديانة مصر القديمة 
(ص »)١7١‏ وانظر مقال: الحياة في مصر في الدولة الوسطى» ضمن تاريخ العالم (/07)» وانظر: 


البيروني تحقيق ما للهند من مقولة (ص »)6١‏ وانظر: الهند القديمة (ص ؟١5١)‏ » وانظر: في عبادة 
الصينيين للأصنام: مروج الذهب للمسعودي )١١17/1(‏ والفهرست لابن النديم (ص ؟١١5).‏ 


١ /‏ الفصل الثالث 


ثانياء اعتقادهم أن الأصنام تشفع لهم عند الله: 
وقد عرض القرآن الكريم لهذه الشبهة في آيات كثيرة منها هذه الآيات: 


8 5 5 0 5 رو 01 وظااروم 
١-في‏ سورة يونس يقول تعالى: ل وعَبدُوت من دوت أن ما لا يضرهم 
و مووروى دلدر4ه 1م وري 


00 
ينمفعهم ويقولون هلؤلاء شْمَعوْئا عند أللّد4 [يونس .]١16:‏ 


هي سورة 0 0 تعالى: أ أنحَدُوأ من دون لوه سفعَاء 1 راد 
3 أ 
خاوأ ل كا و حت [الزمر 6]ء 


وورد قولهم: لذت والعزى. ومناة الثالثة ا 00007 ق العلى وإن 
شفاعتهن لترتجى ("". وقد كانت قريش تردد ذلك في طوافهم حول الكعبة. 
ثالثا: تقليد الآباء والأجداد: 
لقد عبد العرب الأصنام وكان من أسباب عبادتي لها تقايدهم 7 
وأجدادهم, يقول تعالى: لوَإِدًا قل لم أَتَبِعُوا 2 م ند و وأ بل َه 3 7 
لياع 4712 [البقرة ]. 
الله أمرهم بها وأنهم ا أباعقم عليها 000 تعالى: «وَإِدًا فَمَلْوَا فَاحِسَةَ 


ب وس ساح سا سرس رسع 


الوا وجل نا 6ل 102116 واه مرا يبأ4 [الأعراف :98]. 
وقد تكررت هذه الشبهة عند قوم إبراهيم 7", وقوم صالح », وقوم 
000 وقل - جمع القرآن القائلين بهذه الشبهة في أية واحدة من سورة 


)١(‏ انظر: موقف الإسلام من الوثنية واليهودية والنصرانية وص 59؟- )5١‏ للشيخ حسن خالد مفتي 
لبنان» دار الإنماء العربى الطبعة الاولى سنة 9/85١م.‏ 

إفة الأصنام لابن الكلبي (ص .)١8‏ 

(©) سورة الأنبياء الآيات: (1ه- 8ه). 

25 سورة هود الأيات: مح 006 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١.8‏ 


الزخرف في قوله تعالى: لوَكَدِكَ م1 أَرْسَلن] ين قَبلِكَ فى قَرَيَمَ ين َذِيرٍ إلا قال 
06 5 1 252608 ع ِو إِنَّ ع ءَاترهم مُفَتَدُوتَ* [ [الزخرف ضرفا * 
ويوم القيامة يبين الله عز وجل سبب ضلال أهل النار وذلك بتقليدهم 


واتباعهم لسادتهم وكبرائهم 


١ 


3 


رابعًا: تعليق عبادتهم للأصنام على المشيئة والقدر: 


5 " رهم 4 
يعرض الله عز وجل شبهتهم في سورة الأنعام ف ى قوله تعالى: مَوسَيِمُولَ 
أن نيوا و م أنه مآ أذرسكنا وَل مَآرْتَا وَل يننا ين و ذلك 


اه م ' 0 لي سر لكر م ل ره لح -ه 25 و "و 
كد ادمك من كلو كن ثانا بأمنا هل حل عدحكت قن على ترجه 
نآ إن تَكَبِعْوْت إِلَّا لظن وَإِنْ أَنسْرٌ إِلَّا حْرَصُونَ4 [الأنعام :4 .]١‏ 


رفي سورة «الفخل في نوه تعالى: طوَقَالَ اليرت أشْرْ] لز سَآَ أله ما عبدنا 


مر # زه اه 


كن دوقي افك تََءِ ل ولا يازا ولا حرمنا من دواضن من سَيْءٍ كلك محل 


نرت من ل فَهَلْ عَلَ ألدُسْلٍ إلا لبَلَعْ لين [النحل :هم] . 
0 سم ل رساو لسر جع 0 


وفي سورة الزخرف يقول سبحانه: واوا لَوْ سَاء الرحمن ما عِبَدتهم 
يلك مِنْ عِلْمْ إِنْ هُمْ إِلّا يْرمُونَ4 [الزخرف :10] . 

هذه مجمل الشبه التي كررها عباد الأصنام متذرعين بها لصحة عبادتهم 
لها؛ والقرآن حين :يعرض شبهة عباد الأضنام لا يخض العرب وتحدذهع؟ لأنه لم 
ينزل لهم فحسب وإنما يعرض شبهة كل من قال بقولهم من المتقدمين 
والمتأخرين ؛ لأن الانحراف مصدره واحد . يقول تعالى 8 كَدَِلك قَالَ 
لعن نري ل رزو اتتحيت ارج 1ج ابت بزو 
وقَمُوركت [البقرة .]١18:‏ 

وتبعًا لعبادة العرب للأصنام فإنهم أشركوهم مع الله في التشريع والأمر 
والنهي وقسموا لهم نصيبًا من أنعامهمء يقول تعالى: «إوَجَمَلُوأ يِه مِمَا دا 


11 3 


م سا ء ل سم 6ج 7 او سم 2 2 


5 


١66‏ الفصل الثالث 


كا كانت إِدكَبهمْ كلا يِل إل ال د ما كات يِه فَهُوَ صل 
إك كي ساء ما ب يَحُكُبْوَ 4 انكام :5"(] . ويقول تعالى: ومَالوا 

ما فى بون هزه لتر حَالِصسَةُ إَرْحكُورنًا رم 3 رجض وَإِن 
يكن 3 7 44 0 18 رك 070 مَحْرْنِهُمَ و 3 عع صَفَهُمْ إِنَمُ 0-4 0 م علي » 
00 

الرد على شبهات المشركين: 

أولا: بالنسبة لاعتقادهم أن الأصنام تقرب إلى الله زلفى. نرى أن القرآن 
الكريم يجيب عليهم بعدة أجوبة منها: 

أ-التهديد واتهامهم بالكذب الصريح 

يقول تعالى: لإإِنَّ أَلَهَ يحَكُم بَيْتَهُر في مَا هُمْ فِيهِ َنِم إِنَّ أنه لا 
يَهَدِى مَنْ هو كَدَذِبٌ كنَاد)4 [الزمر :"] . 

مره 0 اا ا ا 
علاجه أن يحتال بحيلة توجب زوال ذلك الإصرار من قلبه فإذا زال الإصرار 
من قلبه فبعد ذلك يسمعه الدليل على بطلانه فيكون أفضى إلى المقصود. 

وبعد التهديد رماهم بالكذب؛ لأن من أصر على الكفر بقى محرومًا من 
الهداية وهم قد كذبوا لوصفهم الأصنام أنها آلهة مستحقة للعبادة مع علمهم 
بأنها جمادات خسيسة وهم نحتوها وتصرفوا فيهاء والعلم الضروري حاصل 
بَأث وصف هذه الأشياء بالإلهية كذب محض 0 والجواب بشطريه مبنى 
على رد الدعوى في الشبهة من أساسها. 


ا 


.)455 -4885/4( انظر: التفسير الكبير للرازي (741/7- 47 ؟) وأبو السعود‎ )١( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١٠6١‏ 


ب-عدم المساواة بين من يخلق ومن لا يخلق: 

إن هذه الأصنام لا تحمل حياة» ولا تسمع ولا تبصر وما دامت لا تملك 
لنفسها ضرًا ولا نفعًا فكيف تملك لغيرها؟ ويستخدم القرآن الكريم في الرد 
على المشركين ما يعرف عند العلماء بدليل المقابلة» أي المقابلة بين من لا 
يملك لنفسه ضرًا ولا نفعّاء وبين القادر على كل شيء» يقول تعالى: قل من 
ُ لتَكوتٍ وَالاَيَضٍ كُلٍ أمَدُ كل عدم ين دريو يه لا يَنلكوْنَ لضم تنما و 
نا ل ل يَنيى التنئ وَاِصِيرُ أن ل صَنْتَرى الظشت الور م جما ري شكة 
علا كتنيد عند للك تيأ ف لله ين كي عو مف الامذ التك» 
[الرعد .]١5:‏ 

والمقائلة بين الأعدتى والتعنن :«الأعمن من لايدزك الجعاتق والمصمر من 
يدركهاء والظلمة التي تعتم النفس والنور الذي يشرق به القلب ومن يخلق ومن لا 
يخلق ومن عنده أدنى مُسكة من العقل يوقن بأن الأصنام عمياء صماء لا تخلق فكيف 
تقرب أحدًا عند السميع البصير الحي الخالق الواحد القهار؟ ''. 

و أخزق يتحداهم الله عز وجل في قوله تعالى: إل ريم ما دعوت 
ين دون أله وف مادا حَلَمُا وس الذرّضٍ أ لم سرك فى لسوت نون يكنب ين 
نَل هَنذَآ أَوَ أَنرَوَ من عِلْمِ إن كم صندقيت# [الأحقاف :4]. 

وهذه الآية وغيرها كثير من الآيات تبين أن الجماد الذي ليست فيه حياة 
أصلاً.. ولا يسمع ولا يبصر ولا يصح أن يعبد من دون الله '"©» فهي لم تخلق 
أي جزء من أجزاء العالم ولم تعن الخالق على خلقه. 

وأخيوا يعدد الله نعمه على خلقه. من خلق الإنسان وخلق الأنعام وما فيها 


)١(‏ انظر التفسير الكبير للرازي 27١/١١(‏ 2077 والمعجزة الكبرى للشيخ أبي زهرة (ص هه”2 
كه 5), 


(؟) القرطبي .)١87/١5(‏ 


١٠6‏ الفصل الثالث 
من منافع كثيرة للإنسان ثم أنزل الماء من السماء لإنبات الزرع والانتفاع به 
وتسخير الشمس والقمر والنجوم وتسخيره البحر وما يستخرج منه من الطعام 
والحلية» وحفظ الأرض بالرواسي الشامخات 7"» ثم يقابل ما 
خلق هذه الأشياء ومن لا يخلق من الأصنام وغيرهاء يقول سبحانه: «لأفمَن 
20 0 بعلن أقلا يَدَكَرُونَ» [النحل :17]. 

ل الرازي: «اعلم أنه تعالى لما ذكر الدلائل شرحًا وتفصيلا لأنواع نعم الله 
تعالى استنكر أن يحسن في العقول الاشتغال بعبادة موجود سواهء لاسي ناكا 
المعبوه مادا لأ يقهم ولا بقدرء فلهذا الويعه فال أت يتك كن 21ل 4 
[النحل :17] أي: من يخلق هذه الأشياء التي لد 
على شيء أصلاء فإن هذا القدر لا يحتاج إلى تدبر وتفكر ويكفي أن تتنبهوا 
على ما في عقولكم من أن العبادة لا تليق إلا بالمنعم الأعظمء والأصنام 
جمادات محضة وليس لها فهم ولا قدرة ولا اختيار» فكيف تقدمون على 
عبادتها وكيف تجوزون الاشتغال بخدمتها وطاعتها؟) (©. 

وما دامت الأصنام لا تحمل حياة» فهي لا تخلق ولا تقدر على شيء حتى 
ولو كان ذبابة» وقد استخدم :القرآن الكريم مع المشركين ضرب الأمثال» ومن 
هذه الأمثلة ما ورد في سورة الحج في قوله تعالى: «إيتأيها ألدَاسُ صُرِب مكل 
أسْكيكوأ آم إك الدِبت تنغت من ذون أَلَّهِ أن يحلا دبا وَلْرِ 
ل لجا عَيكًا لا يقد يد جَمْك الَلِك 

1 لوب 4 [الحج :77] . 

وهذه الآية من أبلغ ما أنزل الله في تجهيل قريش واستركاك عقولهم 
والشهادة عليهم بأن الشيطان قد خزمهم بخزائمه حيث وصفوا بالإلهية - 
التي تقضي القدرة على المخلوقات والإحاطة بالمعلومات - صورًا وتماثيل 
)١(‏ سورة النحل الآيات: (4- .)١15‏ 

)١(‏ التفسير الكبير للرازي )١١/٠١(‏ بتصرف. 


شبهات غير الموحدين والرد عليها - ١6+‏ 


يستحيل معها أن كدر على أقل ها خلقه الله واذله-واضغرم وأحقرة ولو 
اجتمعوا له وخص الله الذباب بالذات لمهانته وضعفه ولاستقذاره وكثرته 
فإذا كانت الأصنام لا تقدر على خلق ذبابة أو استنقاذ شيء منها فكيف تقدر 
على أن تكون آلهة مطاعة؟ وهذه الآية أقوى الحجج وأوضح البراهين 3). 
هذه الاستدلالات مجتمعة الغرض منها بيان عجز الأصنام عن فعل شيء أو 
خلقه فكيف تعبد ويتقرب لها؟ فإذا كانت الأصنام قد عجزت عن تغيير سنة 
واحدة من سنن الله في الكون وعجزت أن تخلق ذبابة بل عجزت أن تستنقذ 
ما استلبه الذباب منها. فليست بآلهة ؛ لآن من خصائص الإله القدرة العامة 
الشافلة 7 


ج-عدم استجابة الأصنام للمشركين: 
من الوجوه التي رد الله عز وجل بها على المشركين عدم استجابة الأصنام 

م ولي ومن سَلُّ مس يَدعُوأ ين ذون أ من لّا ؛ ل ِلّ 
نون اقلم وَهُمّ عن ديهم عَِلُونَ © وَإذَا حير الاش كنأ للم 1 وكاو 
امم كفن [الأحقاف :ه-5]. 

يقول الرازي: إنه لا أمر أبعد عن الحق وأقرب إلى الجهل ممن يدعوا من 
دون الله الأصنام فيتخذها آلهة ويعبدها وهي إذا دعيت لا تسمع ولا تصح 
منها الإجابة لا في الحال ولا بعد ذلك اليوم إلى يوم القيامة. 

وأنزل الله الأصنام منزلة العقلاء ووصفها بالغفلة وهي جمادات؛ لأن 
المشركين لما عبدوها ونزلوها براه مو يضرع د يقال فيها إنها بمنزلة 
الغافل الذي لا يسمع ولا يجيب ” "ا في الدنيا واللاخرة» وقد وردت أيات 
عدة تبين تحدي الله للمش ركين يوم القيامة أن يأتوا بشركائهم ©). 


.)814/5( وأبو السعود‎ )917/1١5( 57؟) والقرطبي‎ -١7/( الكشاف للزمخشري‎ )1١( 

.)10/١( التفكير الفلسفي في الإسلام‎ )١( 

(؟) التفسير الكبير للرازي (8/؟ ه .)١.-‏ 

(5) انظر: سورة القصص الآية: 4, والأنعام الآية: ؟5» والنحل الآية: 307 والقصص الآية: ؟55. 
4لاء فصلت الآية: 24177 والقلم الآية: .4١‏ 


١٠5‏ الفصل الثالث 


وبعد هذه الردود المقنعة» نلاحظ أن القرآن رد تلك الدعاوى من أساسها 
واتهمهم بالكذب وهددهم بما سيحدث لهم يوم القيامة» ثم فندها على 
احتمال التسليم بوجودهاء وجاء التفنيد على أن الأصنام لا حياة لها ولا تسمع 
ولا تعقل ولا تخلق شيئًا ولا تستجيب لمن يدعوهاء فضلا عن أن تسمعه أو 
تبصره» وهكذا سد القرآن الكريم كل الشبه التي احتج بها المشركون في 
دعواهم أن الأصنام تقربهم إلى الله زلفى. 

وبالدليل العملي أثبت القرآن الكريم ذلك في قصة الخليل إبراهيم عليه 
السلام وتكسيره للأصنام؛ لقد أفحمهم سيدنا إبراهيم عليه السلام حي سالوه: 
مَنْ كر الأصنام؟ فأشار إل كبيرهم وطلي مدهع سؤالف قلما اعترثوا أمامة 
أن الأصنام لا تنطق نكسوا على رءوسهم وأجابوا بخزي: «إلْمَدَ عَلِمَتَ عَلِمْتَ ما 
هتوُلاءِ يَنطِفرت4 [الأنبياء :ه5] فتلقف إبراهيم منهم هذا لاعن ف اسه 
عقولهم ؛ ؛ لأنها تعبد من لا يملك الدفاع عن نفسه فضلا عن أن يوفره لغيره» 
ولما أفحمهم وعجزوا عن مناقشته قالوا ما حكاه القرآن عنهم: «إلَقَدَ عَلِمَتَ ما 
كول بطرت © كال أَمَبدنَ من ذيب الله نا لا نص مب ولا 


ع © أَفِ لك لَك وَلِمًا ورك من دون سه أفَ تعقوت #» [الأنبياء :6- 
00 
/ 


لنفسها شيعًا لي يدع ا ذلك فذأت 5 والبرهان على دعواه. 
ل 0 من أنها 


بن إلى الله زلف 


ثانيّاء الرد على اتخاذ الأصنام شفعاء عند الله: 


ا 


بالجهل والكذب» وهذا وحده كاي لعدم الالتفات إليهم» ويكمن الرد على 


.)0060 -194/١١( انظر: الكشاف للزمخشري (؟/8لاه- 4/اه) والقرطبي‎ )١( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١‏ 


المشر كين في دعواهم في نقاط هي: 

أ-عدم وجود الشفاعة من الأصنام أصلا: 

لقد توجهت بعض آيات القرآن الكريم لتأكيد هذا الأمرء يقول تعالى: 

عدوت من دوب أَلَهِ ما لا يَصُرهُمَ ولا يستَعْهُر وَيَفُولونَ ملك شتكزا 

8 3 م ل 20 ل سس سس م 0 207 م و« 
عند أله هل تيوت أله يما لا يِمَلَمُ في السّكوت ولا في لكين" مسْبَحَمَةُ 
تت ل ل سر 
وتعلل عمًا سشرذورت#4 [يونس :18] . 

والمعنى : أتخبرونهم بكونهم شفعاء عنده وهو إنباء بما ليس بمعلوم. وإذا 
لم يكن معلومًا له وهو العالم المحيط بجميع المعلومات لم يكن ذلك شيعًا؛ 
أن الس ورها بعلم يها وخر طب دكا حر لي اله سيجتر رةه والمر اذ تلقن 
علم الله تعالى بذلك تقرير نفيه فى نفسه وبيان أنه لا وجود له ألبتة ؛ لأنه لو 
كان موجودًا لكان معلومًا لله تعالى» وحيث لم يكن معلومًا لله وجب ألا 
يكون مو 

يقول الرمخشري: «فإن قلت: كيف أنبئوا الله بذلك؟ قلت: هو تهكم بهم وبما 
ادعوه من المحال الذي هو شفاعة الأصنام وإعلام بأن الذي اعتقدوه باطل غير منطو 
نحو على صحة. فكأنهم يخبرونهم بما لا يتعلق به علمه» ”"©. 

ب-إن الشفيع لا بد أن يكون من أرباب الجاه: والأصنام لا جاه لها فالذي 
يشفع لا بد أن تكون له رجاحة عقل ومنزلة عند المشفوع له؛ والأصنام ليست 
ملف و قعالن: 0 دس بل 


م أحَحَدُوا من دون أله شفعاء قل أوَلَمَ حكاووا ل 
ا ل ا سس 
يَملْكونَ سيا ولا يعَقِلُوت* [الزمر :47] . 

والهمزة للاستنكار والاستقباح والتوبيخ» أي قل: أتتخذونهم شفعاء ولا 
يملكون شيئًا في الدنيا ولا يعقلون أمرا فلا شفاعة لهم بداهة ؛ لأن الشفاعة 


.)50/١7( الكشاف (؟/890؟) والرازي‎ )١( 
.)770/؟١ نفسه‎ )١( 


١5‏ الفصل الثالث 


كلها لله الذي بيده ملك السماوات والأرض ولا يستطيع أحد شفاعة ما إلا أن 
يكون المشفوع له مرتضى ومأذونًا له وكلاهما مفقود هنا ”"©. 

يقول الرازي: «اعلم أن الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالا فقالوا نحن لا نعبد 
هذه الأصنام لاعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع وإنما نعبدها لأجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا 
عند الله من المقربين فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله 
تعالى. وتقرير الجواب : أن هؤلاء الكفار إما أن يطمع بتلك الشفاعة من هذه الأصنام 
أو من أولئك العلماء والزهاد الذين جعلت هذه الأصنام تماثيل لهاء والأول باطل ؛ لأن 
هذه الأصنام لا تملك شيئًا ولا تعقل شيئًا فكيف يعقل صدور الشفاعة عنها؟ والثاني 
باطل ؛ لأنه في يوم القيامة لا يملك أحد شيئًاء ولا يقدر أحد على الشفاعة إلا بإذن الله 
فيكون الشفيع في الحقيقة هو الله الذي يأذن في تلك الشفاعة فكأن الاشتغال بعبادته 
أولى من الاشتغال بعبادة غيره» 2. 

ج- -تعليق الشفاعة على الإذن الإلهي : إذا سلمنا جدلاً أن للأصنام شفاعة فلا 
شفاعة إلا بالإذن والرضاء والله سبحانه وتعالى لم يأذن ولم يحَدنيا أن الأصنام 
تحمل هذه المزية» يقول الله سبحانه: لوك ين مَك فى أَلسَمواتٍ لا تن 
َمَعَُبُمَ عَيْكا إلا من بد أن ن يَأذت أله لمن يِنَاهُ ويرضى4 [النجم :15] . 

ومفاد هذه الآية أن الملائكة في السماوات وهم المقربون لا تغني 
شفاعتهم شيعًا إلا بعد الإذن والرضا لمن يشاء الله منهم » فما بال الأصنام 
التي اعتبرها القرآن لا حقيقة حقيقة لها فما هي إلا أسماء سماها المشركون ما أنزل 
الله بها من سلطان » يقول تعالى: طم اموا الذي وَعممْ من هون َك 
يَبْلِكون 56 الكتوف ولق لْارْضٍِومَا م فبهما من شلثر, وما 
لوُ يتم ين طهيرٍ © للا كَنَمْ الشَمَمَةُ عِنده إِلَّا لمن أذن ك4 
[سبا :؟؟-"؟]. 


(1) أبو السعود (4171/5- 4017)» والقرطبي -7515/1١8(‏ 55154). 
(؟) التفسير الكبير للرازي (586/75). 


شبهات غير الموحدين والرد عليها /اه ١‏ 


يقول ابن تيمية: فهذه الأربعة هي التي يمكن أن يكون لهم بها تعلق: 

الأول: ملك شيء ولو قل. 

الثاني : شركهم في شيء من الملك. 

الغالث: المعاونة التي يصيرون بها أندادًا. 

وهذه الأمور الثلاثة منتفية. فبقي: 

الرابع : الشفاعة فعلقها بالمشيئة وهو لا يأذن إلا لمن يشاء ويرضى '"2. 

بهذه الوجوه فند القرآن الكريم كل ما يمكن أن يتعلق به المشركون من 
شفاعة الأصنام لهمء فشفاعة الأصنام غير موجودة وعلى فرض وجودها فإن 
الشفيع يجب أن يكون من أرباب الجاه والسلطان ورجاحة العقل؛ والأصنام 
لاا شيء عندهم من هذه الأسباب» وأخيوًا على فرض الجاه والسلطان فإن 
الشفاعة لا بد أن تكون بالإذن والرضا من الله تعالى» والله سبحانه وتعالى لم 
يأذن لهم ولم يرض عنهم. 

ويوفق ابن حزم بين هذه الآيات التي تغبت الشفاعة في القرآن الكريم 
والآيات التي تنفيها بقوله: «صحت الشفاعة بنص القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين 
يديه ولا من خلفهء يقيئًا أن الشفاعة التي أبطلها الله عز وجل هي غير الشفاعة التي 
أثبتها عز وجل» وإذ لا شك في ذلك». فالشفاعة التي أبطلها الله عز وجل هي الشفاعة 
للكفار الذين هم مخلدون في النار» ”"". 

ثالثا: تقليد المشركين لآبائهم في الشرك: 

إن التقليد متابعة بلا دليل أو برهان ويكون في العقائد وفى العبادات وهو 
في العقائد الصحيحة مختلف في صحته»ء وصحة إيمان المقلد, أما التقليد في 


.)١١5 -115/١( توحيد الألوهية‎ )١( 
.)017/5( الفصل لابن حزم‎ )١( 


م١‏ الفصل الثالث 


الباطل فهو مرفوض شرعًا وعقلاء وسنورد آراء المتكلمين في التقليد وحكم 
إيمان المقلد» ثم نتحدث عن تقليد المشركين ورد القرأن الكريم عليهم. 

أولا: التقليد في نظر المتكلمين: 

يعرف التقليد بأنه الأخذ بقول الغير من غير أن يعرف دليله (')» وهو ينقسم 
إلى التقليد في الفروع والتقليد في الأصول. 

فأما التقليد في الفروع فهو جائز كما يقول القرطبي ”"). 

وأما في الأصول: فهناك خلاف بين العلماء فيه» ويعرض ابن حزم آراء 
طوائف الإسلام فيه فيقول: 

«ذهب محمد بن جرير الطبري والأشعرية كلهم حاشا السمناني إلى أنه لا يكون 
مسلمًا إلا من استدل وإلا فليس مسلمًاء 9 ويبدو أن النظر والتفكر والتدبر قد 
اشترطه علماء الإسلام لمعرفة الله » ولذا فإن المدارس الكلامية كلها من 
اعتزالية وأشعرية وماتريدية وغيرها على إثبات النظر طريقًا إلى العلم ”24. 

وقد أورد الشيخ البيجوري الأقوال في التقليد على هذا النحوء يقول 
وحاصل الخلاف فيه على أقوال ستة: 

الأول: عدم الاكتفاء بالتقليد بمعنى عدم صحة التقليد فيكون المقلد 
كافرًا. 

الثاني : الاكتفاء بالتقليد مع العصيان مطلقًا أي سواء كان فيه أهلية للنظر 
أم لا. 

الغالث: الاكتفاء به مع العصيان إن كان فيه أهلية للنظر والاستدلال وإلا 
)١(‏ البيجوري على الجوهرة (ص 75). 
)١(‏ تفسير القرطبي (؟/5171). 
(©) الفصل لابن حزم (68/4). 


)١8 انظر: مناهج الأدلة لابن رشد (ص 255 ه٠2)5 وغاية المرام في علم الكلام للأمدي و(ص‎ (5١ 
هامش المحقق.‎ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١‏ 
فلا عصيان. 

الرابع : إن من قلَّد القرآن والسنة القطعية صح إيمانه لاتباعه القطعي» ومن 
قلد غير ذلك لم يصح إيمانه لعدم أمن الخطأ. 

الخامس : الاكتفاء به من غير عصيان مطلفًا ؛ لأن النظر شرط كمال» فمن 
كان أهلية للنظر ولم ينظر فقد ترك الأولى. 

السادس : إن إيمان المقلد صحيح» ويحرم عليه النظر وهو محمول على 
المخلوط بالفلسفة 0©. 

ويرجح البيجوري الرأي الصحيح من هذه الآراء بأن من قلد وفيه أهلية 
للنظر والاستدلال كان عاصيًا وإن لم يكن فيه أهلية لا يكون عاصيًا. 

ويرفض ابن حزم تسمية اتباع الحق تقليدًاء ويسمي هذا الاتباع بالإيمان. 
أما التقليد فهو ما كان فيه اتباع للباطل. 

يقول ابن حزم: «إن التقليد لا يحل ألبتة وإنما التقليد أخذ المرء قولا من دون 
رسول الله يكِِْ ممن لم يأمرنا الله عز وجل باتباعه قطء ولا بأخذ قوله بل حرم 
علينا ذلك ونهانا عنه وأما أخذ المرء قول رسول الله يَكلِيَةِ الذي افترض علينا 
طاعته وألزمنا اتباعه وتصديقه وحذرنا عن مخالفة أمره وتوعدنا على ذلك أشد 
الوعيد فليس تقليدًا بل هو إيمان وتصديق واتباع للحق وطاعة لله عز وجل 
وأداء للمفترض») 5 

وابن تيمية يرى أن كل من خالف الرسول كَل مقلد متبع لمن لا يجوز له 
اتباعه» وكذا من اتبع الرسول بغير بصيرة وتبيّن» فالتقليد المزعوم هو اتباع 
هوى من لا يجوز اتباعه» كالذي يترك طاعة رسل الله ويتيع ساداته 
ان 


.)38 البيجوري على الجوهرة (ص /ا"اء‎ )١( 
.)70 -79/5( (؟) الفصل لابن حزم‎ 
.)58١١ -50/5( مفصل الاعتقاد‎ )9( 


0 ْ الفصل الثالث 


كان هذا هو رأي علماء الإسلام في التقليد الحق إذا صح أن نسمي اتباع 

الحق تقليدًاء فإن من العلماء من متعه ومنهم من جِوّزه بالرغم من أنه في 

الحق» فما بالنا إذا كان التقليد فى الباطل وهو ما حدث من المشر كين. 
ثانيّا: التقليد في الباطل: 


التقليد في الباطل هو اتباع الآباء والأجداد والرؤساء والكبراء في غير ما أمر 
عليه آباؤهم وأجدادهم وتتمثل ردود القرآن الكريم ف لد 

١-تسفيه‏ عقول المقلدين: وذلك ؛ لأن الإنسان ميزه الله عز وجل عن سائر 
الحيوانات بالعقل والتفكير. ووردت أآيات كثيرة تحث الإنسان على النظر 
والتفكر وتخرجه من ربقة الجمود وتطلق له العنان في التعقل والتدبر ليصل 


7 001 و 


تَبِعُاً مآ أَنَرْلَ اللّهُ قَالُوا بل لض مآ أَلْفيْنًا 0 0 ولو كارت 0 


بقع 3 


يتَقرت و4 | 000 

ويتعجب القرآن الكريم منهم. والمعنى أيتبعونهم ولو كان أباءهم لا يعقلون 
شيثا هن النيى ول ببعدون إلى الصواب؟ ١7‏ ويصفهم بالحيوانات 0 
وا » يقول تعالى: ال كدرو كَمَثَلٍ الى يد ينعن عا لا 
يسْمَعْ إِلَّا عه د ص بكم عم في لا يعْيَُونَ 4 [البقرة :2]19/1 أي ا 
اتباعهم لأباؤهم وأجدادهم ان مدارك لكر ريه 
والبصر التي أعطاهم الله إيا إياها » وها منتهى الزراية بمن يعطل الفكر ويغلق 
مَنَاقك المغرفة الود 0 : 
(0 الكشاف .)7728/١(‏ 
(0) ظلال القرآن (1/هه1- .)١155‏ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١5١‏ 


يقول صاحب غرائب أي التنزيل: «فإن قيل : ما وجه صحة التشبيه في قوله تعالى : 

َمَكَلُ ادن كَمَرُوا كَمََلٍ الى ينِنُ4 [البقرة :171] وظاهر تشبيه الكفار بالراعي؟ 
قلنا: فيه إضمار تقديره: ومثلك يا محمد مع الكفار كمثل الراعي مع الأغنام» 
أو تقديره: ومثل الذين كفروا كمثل بهائم الراعي. أو مثل واعظ الذين كفروا 
كمثل الناعق بالبهائم. أو مثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام كمثل الراعي. 

فإن قيل: كيف خص المنعوق بأنه لا يسمع إلا دعاء ونداء مع أن كل عاقل 
كذلك أيضًا لا يسمع إلا دعاء ونداء؟ 

قلنا: المراد بقوله: لا يسمع أنه لا يفهم؛ كقولهم: أساء سمعًا فأساء إجابة 
أي ابا 90 وهو تجريح). 

ب-وصفهم بالكذب والافتراء على الله: ذلك بأنهم ادعوا زورًا وبهتانًا أن 
اقترافهم الفواحش إنما هو لتقليد أبائهم وتنفيذهم لامر الله. تعالى الله عن 
ذلك علرًا كبيواء يقول تعالى: 9وَإدًا مَمَنُاْ فَحِسَّهٌ فَالُوأْ وَجَدَنا عَليبَآ ءابدا وله 
رن ييا هل ات لله 3 يأئ: بالتعئل اعون ع1 لله ما 1 كنوت »4 
[الأعراف :18]. 

قال مجاهد: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة يقولون: نطوف كما 
ولدتنا أمهاتنا وهذا الشيء قد ابتدعوه من عند أنفسهم واتبعوا فيه آباءهم 
ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع فأنكر الله عليهم 
ذلك نا 

يذكر الرازي أن المشركين كانوا يحتجون على أقوامهم على فعل الفواحش 
بأمرين: 

الأول : التقليد: وهذا الأمر مسكوت عنه؛ لأنه إشارة إلى محض التقليد 


.ه١‎ 4٠١ ملحق مجلة الأزهر عدد المحرم‎ )١١/١1( غرائب آي التنزيل‎ )١( 
.)5١/8/5( تفسير ابن كثير‎ )١( 


5 الفصل الثالث 
وقد تقرر في عقل كل أحد أنه طريقة فاسدة؛ لأن التقليد حاصل في الأديان 
النضافضة مز يان متا حا تاتون الام حاكن ون كر رع 
المتناقضين حقاء ومعلوم أنه باطل» ولما كان فساد هذا الطريق زاهرًا جليًا 
لكل أحد لذا لم يذكر الله تعالى الجواب عنه. 

الثاني : أمر الله بها : م م 
لإ أَسَّهَ لا يَأ لمكا أتفُولون ع2 عل أنه مَا لا صََلَمُوت 4 [الأعراف :18] . 
فالله لا يأ ل 
9 أَنَقُولُونَ عَلَ أَنَّوِ مَا كا سَنْلَمُوت4 [الأعراف :18] والمراد من هذا الاستفهام: 
أنكم تقولون: إن الله أمركم بهذه الأفعال المخصوصة:؛ فعلمكم بأن الله 
أمركم بها حصل لأنكم سمعتم كلام الله ابتداء من غير واسطة أو عرفتم ذلك 
عن طريق الوحي والأنبياء. 

أما الأول: فمعلوم الفساد بالضرورة ؛ لأن الكلام لا يكون إلا ممن 
اصطفاهم الله من الأنبياء عن طريق الوحي. 

وأما الثاني : فباطل على قولكم لأنكم تنكرون نبوة الأنبياء على الإطلاق » 
وإذا كان الأمر كذلك فلا طريق لهم إلى تحصيل العلم بأحكام الله تعالى؛ 
فكان قولهم: إن الله أمرنا بها قولا على الله تعالى بما ليس معلومّاء وهو 
0 

وبهذه المناقشة القائمة على الحجة والإقناع يبطل الله عز وجل ما يتعلق به 
المشركون من التقليد وافتراؤهم على الله بادعائهم أنه أمرهم بالفحشاء. 

ج-المكابرة والإصرار على الخطأ أساس التقليد: 

إن القرآن الكريم يصور المش ركين على مر الأزمنة وفي مختلف الأمكنة 
وهم يحتجون بتقليد الآباء على الباطل . والمقولة التي يرددونها لكل نبي أنهم 


.)٠١7 -1١١7/8( ه- 055)» وروح المعاني للألوسي‎ 5/١ 4( انظر: التفسير الكبير للرازي‎ )١( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ار 
لالطو العا ا اع لي ا 


على دين آبائهم» يقول تعالى: (إرَكَدَِكَ مآ أَرْسَلْنَا من قَبَلِكَ فى قَرَيَمَ من تَدِيرٍ إلا 
َال مترفوهآ 5 وعدا ٠‏ 02012 خلج عد وَإِنَا عَلْح رهم مُفَحَدُوتَ »© 
[الزخرف :78 .2١7]‏ 

إن هذه الآية ساقها الله عز وجل بعد أن تسائل عن مصدر الشرك لدى 
لحك عبن فقال تعالى 119 :ك3 حضتكا تن كاد تر ينبا متطتيلكن» 
[الزخرف :1؟]» والمعنى: هل أعطيناهم كتابًا من قبل شركهم فهم به 
مستمسكون أي: فيما هم فيه؟ أي: ليس الأمر كذلك لقوله عز وجل: آم 
رن عَلَيْهُمٌ سُلْطنًا سَلْطنًا فهو هو ِتَكَلَمُ يما يمَا كنوأ بد ترون 4 [الروم :هم ]7 أي: لم 
يكن ذلك. 

فالمشركون لا مستند لهم فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء 
والأجداد بأنهم كانوا على أمة والمراد بها الدين» وقولهم وإنا على آثارهم 
مهتدون دعوى منهم بلا دليل "", فليس من المنطق إذا قيل اتبعوا ما أنزل الله 
أ يقرارا بل تسيعاما عليه اباننا لأنه من الجائز أن يكون آباؤهم لا يعقلون 
شيمًا ولا يهتدون» وليس من المنطق أن يلغوا عقولهم ويتخذوا من الألف ومن 
العادة والعرق مقياها يعرقون به التق 137 إد أن مصدر الحق هو الله 
واللعشر كون لم يتبعوا العقل ولا النقل في تقليدهم للآباء والأجداد» وقد غرطن 
عليهم الر سول يكلِةٍ فيما يحكيه القرآن أن يأتيهم بأفضل وأهدى مما عليه 
آباؤهم وأجدادهم فماذا كانت النتيجة؟ 

يقول تعالى: طقل لو مك رمت مما ودج عَكو 3/57 لوا كا ينآ 
يشر بو كَفرُونَ4 [الزخرف :4؟] » أي: أن كل نذير قال لأمته أولو جكتكم 
بدين أهدى من دين آبائكم القائم على الضلال وعدم الهداية؟ ولكنهم رفضوا 


00 بود الزخرف الآية: 277 وانظر: الآية: 74 من سورة يونس والآية: 359- .1١‏ 
(؟) تفسير ابن كثير (75/5). 

(9) المصدر السابق (55/5). 

(4) انظر: التفكير الفلسفي في الإسلام (ص 5ه- 507). 


1 الفصل الثالث 


وبينوا السبب الحقيقي لرفضهم وقالوا: إنا كافرون لا نريد الاهتداء ولا 
ابوس لامر ل وس لومم و 
عذر ولا علة, فلهذا قال تعالى: لإكَأَكَهَمَنَا متهم كَأَظرَ كنت كن عَلقبَة 
ىك لَحَكَذْبينَ4 [ [الوتخرف م 200 

يقول الأستاذ العقاد: «ولعل أكبر الموانع في سبيل العقل عبادة الأسلاف التي 
تسمى بالعرف والاقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية والخوف المهين لأصحاب 
السلطة الدنيوية» وهذه الموانع كلها موانع العرف والقدوة العمياء والخوف الذليل إنما 
تقوم وتبقى قائمة ما هان على الإنسان أن يعيش بغير عقل يرجع إليه في أكرم مطالبه 
الإنسانية وهو صلاح ضميره ولكنها تزول على الأثر يوم يرجع إلى عقله أمام كل عقبة 
من عقباتها وقد يشق عليه أن يذلل تلك العقبات أو يناجزها ولكنه حق العقل عليه ولا 
بد من حق تهون من أجله المشقة ؛ لأنها أهون من سلب الإنسان فضيلته العليا 
واستكانته إلى حياة لا تعقل أو حياة تعقل ولكنها تؤثر الحطة على علمها ما هو أرفع 
000 

وبعد أن يبين القرآن الكريم ضلال مقلدي الآباء والأجداد بإبراز أن 
تقليدهم لا يستند على كتاب يرشدهم إلى ذلك وإن كان معهم فليظهروه. 
وأيضًا لا يستند على عقل؛ لأن آباءهم على ضلال» ثم يعرض على لسان رسله 
أن يأتي لهم بالحق ولكنهم مصممون على الكفر والضلال» بعد ذلك كله 
يؤكد القرآن الكريم المسئولية الفردية للإنسان أمام الله وأن الابن لا يتحمل 
وزر أبيه وأن الفرد سيحاسب عما اقترفت يداه. 

يقول تعالى: «إهلا زَدُ واه وذ ا [الأنعام :174]» ويقول سبحانه: 
وآ ل ِلإضدن إلاآما م :60 ون سعية سَعَيَمٌ سَوْفَ يرن [النجم :0-9 4] . 
(1) انظر: التفسير الكبير للرازي (707/517- 205017 وأبو السعود (540/4)» والقرطبي /١(‏ 


:/ا- 7/6), 
)١(‏ انظر: التفكير فريضة إسلامية (ص )١5 -١8‏ بتصرف. 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١"‏ 


فكننا أن الإتسان لا يعمل أوزارعيزه كذلات يحب آلا تحمل الأسيات وزره 
لغزره وال لها اسعاميف الامو ولها ما زه الجدياة: 

وهناك آأيات كغبرة فيهنا يثبرا الأتباع من المسوعيو 00:ئ والسادة من 

رابعا: الرد على تعليقهم الشرك على القدر: 

لقد احتج المشركون في دفع دعوة الأنبياء والرسل» بأن قالوا: كل ما 
حصل فهو بمشيئة الله تعالى وإذا شاء الله منا ذلك فكيف يمكننا تركه؟ لأنه 
ليس فى وسعنا وطاقتنا أن نأتى بفعل على خلاف مشيئة الله. 

ولقد رد عليهم القرآن الكريم دعواهم ووصفهم الله بالجهل والكذب. 

أ-بالجهل : لأنهم لا علم لهم به ولا حجة وهذا يدل على فساد مذهبهم. 
ولو كان عندهم علم فليظهروه ولانهم لم يظهروه فهم يدعون دعوى لا دليل 
عليها ولا تقوم على الحق وإنما تقوم على الظن؛ لان اعتبار علة شركهم بالله 
تعالى هى المشيئة الإلهية فقط مع تجاهل إرادتهم واختيارهم لهذا الشرك 
اتباع للظن ومجافاة للحقيقة ”*2» ولقد رد الله عليهم وبين أن حجتهم 
داحضة؛ ل لو كانت صحيحة لما أذاقهم الله بأطية ودمر عليهم مساكنهم 
زديك طالبهم الله بالبينة: قل هلْ عِندَكُم يِنْ عِلْرِ مَتُحْرجْوهُ آنآ إن 
عور ىت إل لطن وَإِنْ ا 76 3 صو 4 00 ] »2 وهذا من 'العهكم 
والشهادة بأن مثل قولهم ما أ يكون له حعة 0 

ب -بالكذب: 00 قولهم كان على سبيل الاستهزاء والسخرية ة ودفعًا لدعوته 
)١(‏ انظر: الآيات (1717-157) من سورة البقرة. 
)1١(‏ انظر: سورة سبأ الأية: -#١‏ مام. 
(©) انظر: الآيات (74- 737) من سورة عبس. 
(5) التفسير الكبير للرازي »)7577/١7(‏ وانظر: القضاء والقدر (١/585؟).‏ 
(5) انظر: تفسير القاسمي (555414/5). 


2-5 الفصل الثالث 
وفعلاً لعصيانه وعدم الانقياد لهديه, لا تفويضاً للكائنات إلى مشيئة الله 
تعالى » فما صدر عنهم كلمة حق أريد بها باطل ولذلك وصفهم الله 
بالتكذيب لأنهم قصدوا تكذيب النبي يَكْةِ في وجوب اتباعه . يقول صاحب 
الانتتصاف: «أن الرد عليهم كان لاعتقادهم أنهم مسلوبون الاختيار والقدرة وإن 
إشراكهم إنما صدر منهم على وجه الاضطرار وزعموا أنهم يقيمون الحجة لأنفسهم 
فشبههم بمن اغتر بهذا الخيال فكذب رسل الله عز وجل وأشرك بالله واعتمد على أنه 
يفعل ذلك كله بمشيئة الله ورام إفحام الرسل بهذه الشبهة . اي أنهم لا حجة 
لهم في ذلك وأن الحجة البالغة له لا لهم بقوله: «قل ييه لليجَدٌ البيمَة* [الأنعام :144] 
ارمع تاي انه ل اوور اقل ممحيح ران لم جنا كه دنا مطدر ب 
[الأنعام :149 ]237. 

ل ب اا بالمشيئة 
وقع لهم بمشيئة الله » ومن ثُمّ يج ينجت أن "لآ يكون بينهم وبين المسلمين 
مخالفة ونعاداة يل موافقة وموالاة ويلرم على قول :المشركيق أن كل ما 
وقدره آم ولكن المش ركين احتجوا بالقدر» فيما يتصورون انه يعفيهم من 
المسئولية أمام الله» أما حين يلزمهم ذلك بمعاملة المسلمين بالمثل فإن 
لويم كنات 

ويذهب ابن حزم إلى كذب وقع منهم لا بسبب مقالتهم: ولو شَآءَ لَه مآ 
| [الأنعام ١8:‏ ] » ولكن بسبب تكذيبهم السرل ار 0 
قال مثل قولهم من السابقين لرسلهمء يذكر ابن حزم أن قوله تعالى: مإسَيَفُولُ 
)١(‏ الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (09/5). 
(؟) انظر: الألوسي (07/8)» والقاسمي (5545/5). 


شبهات غير الموحدين والرد عليها 3 


010 000 


لذن دمو 31 سآ ا 0 اك و ءَابَاوْنَا و حرمنا من شو 
[الأنعام :54 )]١‏ من أعظم الحجج على القذوية لأنه تعالى لم ينكر عليهم قولهم 
ولو أنكره لكذبهم فيه وإنما أنكر قولهم بغير علم وإن وافقوا الصدق 
بموافقتهم لكلامه عز وجل في قولهم أنه لو شاء ما أشركوا ولا آباؤهم ولا 
حرمواء وأخبر تعالى أنه لو شاء لهداهم فاهتدوا وبين أنه له الحجة عليهم في 
ذلك ولا حجة لأحد عليه ثم بكن تعالى أنه إنما أنكر تكذيبهم لرسله 70 
ولذلك قال: «كدّب» بالتشديد ولم يذمهم بالكذب في قولهم ذلك وإلا يقال 
كذب بالتخفيف إشارة إلى أن ذلك الكلام فى نفسه حق وصدق 7©. 

وقد دار خلاف بين المعتزلة وأهل السنة حول مشيئة الله ومشيئة العبد . 
فالمعتزلة يروك أن العبد هو الذي يحلن أفغال نفسة ويستدل «القاضى عبد 

ّ 1 - 2 سار مكوء 000 رس حرس وا 

الجبار» على ذلك بايات منها قوله تعالى: وفَمَن شَاءَ فلمؤمن ومن شاءً يكف 44 
[الكهف :79 ]2"0» ويعلق على هذه الآية بقوله: «فقد فوّض الأمر فى ذلك إلى 
اختيارنا فلولا أن الكفر والإيمان متعلقان بنا ومحتاجان إلينا وإلا كان لا معنى لهذا 
الكلام وتنزل منزلة قوله من شاء فليسود ومن شاء فليبيض» فكما أن ذلك سخف؛ لأن 
الإسوداد والإبيضاض غير متعلقين بنا كذلك في مساألتنا» 247. 

أما أهل السنة: فيذهبون إلى أن الحوادث كلها مرادة من الله تعالى خيرها 
3 . 3 2 
وشرها نفعها وضرها 

وقد فند العلماء ما ذهب إليه المعتزلة. يقول ابن حزم فى معرض تفنيده لما 
)1١(‏ الفصل لابن حزم (9//ام- 88). 
(١‏ انظر: ابن حزم 9//ام- )0 وانظر: القاسمي محاسن التأويل 655/5١‏ ). 
() سورة الكهف الآية: 259 ويستدل بالآيات من سورة البقرة رقم 238 وسورة النساء كرت والتوبة 
؟م/- هت والفرقان 15 2 والسجدة /ا231 والرحمن 000 والواقعة 2325 والحديد 3و2 والمدثر 9 هذه 
الآيات بها يستدل على أن العبد يخلق أفعال نفسه. 
(5) انظر: الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (ص 56.0 - 00 بتصرف. 

:2( انظر: أصول الدين للبغدادي (ص 1١17 -١585‏ ولمع الأدلة للجويني وص 57). 


١8‏ الفصل الثالث 


ذهب المعتزلة إليه: «ويكفي من هذا اجتماع الأمة على قول: (ما شاء الله كان وما لم 
يشألم يكن)» فهذا على عمومه موجب أن كل ما في العالم كان أو سيكون فقد شاءه 
الله تعالى نضا ولا يحتمل تأويلا على أنه أراد كون كل ذلك فمن ذلك قوله تعالى: 
«لِس كة يك كن يتم © وا نَتَامُونَ إِلَاَ أن من لَه رتب الْعْلِييتَ» 
[التكوير :58؟19-5] . 

فنص الله تعالى نضا جليًا على أنه لا يشاء أحد استقامة على طاعته تعالى 
إلا أن يشاء الله تعالى أن يستقيم» فلو صح قول المعتزلة إن الله تعالى شاء أن 
يستقيم كل مكلف لكان بنص القرآن كل مكلف مستقيم لأن الله تعالى 
عندهم قد شاء ذلك» وهذا تكذيب مجرد لله تعالى» فصح يقيئًا لا مدحل 
للشك في صحته أنه تعالى شاء خلاف الاستقامة منهم ولم يشأ أ 
بنص القرآن) (3©. 

وينبغي أن نشير إلى أن عدم مشيئة الله تعالى لاستقامتهم راجعة إلى علم 
الله أنهم يستحبون الكفر على الإيمان» فالله علم منهم ذلك ولكن لم يجبرهم 
على الكفر؛ لأن العلم صفة انكشاف وليست صفة تأثير. 

وممن جادل المعتزلة أيضًا الإمام الرازي» يقول عند تفسير قوله تعالى: 
لوَوُلٍ الْحَنُ من َي هَمَن سه وص وَمَن شه يَكُثرَ4 [الكهف :4!]» وهي 
الآية التي استدل بها القاضي عبد الجبار والزمخشري 7". يقول الرازي: «ولقد 
سألني بعضهم- أي المعتزلة- عن هذه الآية فقلت: هذه الآية من أقوى الدلائل على 
صحة قولناء وذلك لأن الآية صريحة في أن حصول الإيمان وحصول الكفر موقوف على 
حصول مشيئة الإيمان وحصول مشيئة الكفر وصريح العقل أيضًا يدل له فإن العقل 


الاختياري يمنع حصوله يدون القصد إليه وبدون الاختيار إذا عرفت هذا فنقول حصول 


مله انظر: الفصل لابن حزم ١؟/‏ م)ءوانظر ردوده القيمة / ؟الم- 675). 
(؟) الكشاف (؟587/9). 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١8‏ 


ذلك القصد والاختيار إن كان بقصد آخر يتقدمه لزوم أن يكون كل قصد واختيار مسبوقا 
بقصد آخر إلى غير النهاية وهو محال فوجب انتهاء تلك القصود وتلك الاختيارات إلى 
قصد واختيار يخلقه الله تعالى في العبد على سبيل الضرورة عند حصول ذلك القصد 
الضروري والاختيار الضروري» 0 

يقول صاحب الانتصاف: (إن أهل السنة يضيفون فعل العبد إلى الله تعالى من 
حيث كونه مخلوقًا له وإلى العبد من حيث كونه مقرونًا بقدرته واختياره ولا تنافي بين 
الا 60 

ويوفق ابن القيم بين آيات القرآن الكريم التي تثبت المشيئة لله في جميع 
الأمور وبين بغض الآيات الأخرى العي تغبت عدم رضاء الله عن الكفر 
والفساد. يقول في تحليله الرائع: «إن الله سبحانه له الخلق والأمر وأمره سبحانه 
وتعالى نوعان: أمر كوني قدري وأمر ديني شرعيء فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره 
الكوني وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكره كله داخل تحت مشيئته كما خلق إبليس وهو 
يبغضه وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها فمشيئته 
سبحانه شاملة لذلك كله. وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني وشرعه الذي شرعه 
على ألسنة رسله فما وجد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعًا فهو محبوب للرب واقع 
بمشيئته كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين» وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره 
الديني ولم تتعلق به مشيئته» وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته 
ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني وما لم يوجد منه لم تتعلق به مشيئته ولا 
محبته فلفظ المشيئة كوني ولفظ المحبة شرعي» ولفظ الإرادة ينقسم إلى : 

إرادة كونية فتكون هي المشيئة. 

وإرادة دينية فتكون هي المحبة. 

إذا عرفت هذا فقوله تعالى: نولا ب لِعِبَاو الْكْثْرٌَ) [الزمر »]٠:‏ وقوله: 


.)١١9/571١١ التفسير الكبير للرازي‎ )١( 
(؟) الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (؟587/1).‎ 


١.‏ الفصل الثالث 


ولا بح الما عاد [البقرة :ه.م]ء وقوله: م يريد بكم لسر # 
[البقرة :186]» لا يناقض نصوص القدر والمشيئة العامة الدالة على وقوع ذلك 
بلشتعه وكشنائه وقدرهء كن السعنة غين الشوكة والأم شين الشف 17 هذا 
البيان «لابن القيم» يرد على كثير من الاعتراضات التي مخ الممكن أن يوعديها 
البعض إلى القرآن الكريم في نسبته الهداية والمشيئة إلى الله أحيانًا وإلى العبد 
أحيانًا أخرى؛ فمشيئة الله عبارة عن ترجيح بعض الممكنات على بعض كائنا 
ما كان من غير اعتبار الرضا أو السخط في شيء من الطرفين ”"©. 

تفنيد مزاعم المشركين فيما جعلوه لشركائهم من التحريم 
والتحليل: 

لقد رد القرآن الكريم على المشركين الذين جعلوا لله نصيبًا ولشركائهم 
نصيبًا ولم يه قسموه ولكنهم جاروا على حقوق الله في زعمهم 
وردوها للأصنام لأنهم كانوا إذا ذهب ما لشركائهم بالإنفاق عليها وعلى 
سدنتها عوضوا منه ما لله» وإذا ذهب ما لله بالإتفاق على الضيفان والمساكين 
لم يعوضوا منه شيمًا وقالوا الله غني وش ركاؤنا فقراء ". 

أ- بالنسبة لتقسيمهم نصيبًا لله ونصيبًا لشركائهم فإن"الأساين ال يرا 
عليه تلك القسمة باطل؛ لأن الله له ملك السماوات والأرض» فتقسيمهم لله 
من باب الجهل منهم وعدم تقدير الله حق قدره. 

وعلى فرض أن تقسيمهم هذا جائز إلا أنهم أساءوا في حكمهمء وقد ذكر 
الرازي وجومًا عديدة في إساءتهم لله منها: 

١-أنهم‏ رجحوا جانب الأصنام في الرعاية والحفظ على جانب الله تعالى 


.)1/ - 147 انظر: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة من التعليل (ص‎ )١( 
.)0175/4 ( انظر: أبو السعود‎ )١( 
6٠١-880 (؟) القرطبي‎ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها هل 


؟-أن ذلك الحكم حكم أحدثوه من قبل أنفسهم ولم يشهد بصحته عقل 
ولا شرع فكان أيضًا سفهًا. 

+-أنه لو حسن إفراز نصيب الأصنام لحسن إفراز النصيب لكل حجر 
ومدر. 

4-أنه لا تأثير للأصنام في حصول الحرث والأنعام ولا قدرة لها أيضًا على 
الانتفاع بذلك النصيب فكان إفراز النصيب لها عبثًا. 

والمقضوة من حكاية هذة المذاقت الفاسذة أن يعرتك:النان قلة عقول 
القائلين بهذه المذاهب وأن يصير ذلك سببًا لتحقيرهم في أعين العقلاء وألا 
يُلتفت إلى كلامهم أحد ألبتة (©. 

ب-أما بالنسبة لتحريمهم ما في بطون البحائر والسوائب على بعض 
أولادهم دون البعض الآخر فما نزل منها حيًا فهو خالص للذكور لا تأكل منه 
الإناث وما ولد ميئًا اشترك فيه الذكور مع الإناث. 

فإن الله وصفهم بالكذب والافتراء عليه » إذ لا علم لهم من جهة الله تعالى 
يدل على تحريم ما ذهبوا إليه» وسخر منهم واستنكر عليهم تحريمهم لأشياء 
لم يحرمها الله. 

يقول تعالى: ام حَكُدبّرُ مدآ إذْ وَصَّلِكٌُ أمّدُ بهذا [الأنمام :14ل 
يعني أم شاهدتم ربكم حين أمركم بهذا التحريم وذكر المشاهدة على 
مذهبهم ؛ لأنهم كانوا لا يؤمنون برسولء والمعنى أعرفتم التوصية به 
مشاهدين: لأتكو :لا تؤمنون بالرسل؟ 9). 

واتبع القرآن الكريم معهم طريقة السبر والتقسيم في الجدال معهم يقول 


.)5١5/١( التفسير الكبير للرازي‎ )١( 
الكشاف (؟/51).‎ )؟١‎ 


١‏ الفصل الثالث 


النبي يكِةِ فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله تعالى يمسك السموات يوم 
القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال والشجر على إصبع والماء 
على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الملك.. 

فضحك رسول الله يَككِِ تعجبا لما قال الحبر تصديقًا له ثم قرأ «ومَا كَدَرَوأ 
لقاع قرو والازق حييكا تعيظة بن ليدم لسوت مَظويت 


دوم 


ذه 3 2 20000 24-2 
مويف تست وو كا لتر كك 4 لض 1ب ]7 
تين يننا تن 


)١(‏ صحيح مسلم (؟/ 0١6‏ طبعة عيسى البابي الحلبي. 


شبهات غير الموحدين والرد عليها س١‏ 


لأنه لم يأت لهم رسول قبل النبي وإذا بطل جميع ذلك ثبت المدعي وهو أن 
ما قالوه افتراء على الله وضلال (©2. 


ثانيًا: عبادة الكواكب: 


تعد عبادة الكواكب من الشيوع بحيث لم تخل أمة من عبادتها بعد 
انحرافهم عن عبادة الله عز وجل ووحدانيته» فقد توجه إليها المصريون فعبدوا 
الشمس وعللوا ذلك بأنها مصدر الحياة وكل ما على الأرض » وأيضًا عبدوا 
القمر وربطوا به وجود الخير والزرع» وعبدوا الشعرى اليمانية ؛ لأن ظهورها 
يكون سقابة وصؤل:الفيضان ورمرا لبدء الستة الزراعية 9'؟.:وغبادة الفرقن 
للنار مشتقة من كونها تمثل الكوكبين العظيمين الشمس والقمر ”"» وكانت 
عبادة الكواكب شائعة عن البابليين والكنعانيين والعبرانيين والهنود (4؛, 
والصيئيون عبدوا الشمس والقمر وكان لكل منهما ملك يعبده الناس 
ويستعيئون به 2*0 وعرفت عبادة الشمس والقمر والكواكب عند العرب في 
اليمن وفي الجزيرة العربية» وكانت علة عبادتهم للشمس أنها مصدر النباتات 
ولانها تمدهم بالضوء والحرارة. وعُبد القمر لانه كان هاديًا للرجال في حلهم 
وترحالهم؛ أما الكواكب فلأنهم كانوا يعتقدون أن لها تأثيرًا في المطر والرياح 
والزرع 0 


)1١(‏ انظر: الإتقان في علوم القرآن )١177-1١75/17(‏ بتصرف. 

(؟) انظر: قصة الحضارة »)١89/7(‏ وديانات مصر القديمة (ص 58- 55). 

() الفرس إمبراطورية الشاه الأعظم. مقال ضمن تاريخ العالم (؟/537 4). 

(4) قصة الديانات سليمان مظهر (ص 8- 1) وما بعدهاء ودراسات في تاريخ العرب قبل الإسلام 
١5/1١١‏ ). 

(5) مقدمة الحوار (ص .)١7‏ 

(3) انظر: المفصل (4/5ه- 55). 


١7:‏ الفصل الثالث 


وقد لخص الرازي شبهة عُبّاد الكواكب في الشبه الآتية: 

أولا: أن الناس لما رأوا تغيرات أحوال هذا العالم الأرضي مربوطة بتغيرات 
العو ال«الكواككي #القتضمول الأرعة وقلكو أن السعاذة والكتقاوة ريط 
بمنازل النجوم عبدوها من دون الله. 

ثانيا: أن الذين عبدوا الشمس والقمر اعتقدوا أن الله فض تدبير كل واحد 
من الأقاليم إلى ملك يعينه. 

ثالنًا: من الجائز أنهم اعتقدوا حلول الرب فيها فعبدوها على هذا 
التأويل 200 

وسنفند هذه الشبه مستندين إلى القرآن الكريم وإلى فهوم العلماء في الرد 
على عُبّاد الكواكب. 

الرد على شبه عباد الكواكب: 

إن القرآن الكريم يقرر بداية أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمر الله 
وأنها من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان فعلى الإنسان أن ينتفع بالنعمة 
وأن يشكر المنعم عليهاء هذا ما يوجبه الله على الإنسان. 

أما حين يتوجه الإنسان إلى النعمة وينسى صاحب النعمة فهنا يتدخل الله 
رب العالمين عن طريق أنبيائه ليصحح لعباده مفاهيمهم عن طريق رسله. 
ولذلك فإن أنبياء الله لهم مقامان في الرد على عباد الكواكب . 

المقام الأول: إقامة الدلائل على أن هذه الكواكب لا تأثير لها في أحوال 
هذا العالم وأنها مسخرة بأمر الله 7". 


)١(‏ انظر: التفسير الكبير للرازي (15:/7- »)١81‏ وانظر: (73/1- 4037 وانظر الملل والتحل 
للشهرستاني (171//7- 2078 وانظر: كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي .)١57/4(‏ 
(؟) انظر: التفسير الكبير للرازي .)77/1١7(‏ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها و١‏ 


وسنورد مجموعة من الآيات تقرر هذا الأمر» منها قول الله تعالى: «9إركت 
و 


8 - 
د رو 2 ر«#” وي مر مس مس لاس صرء مرس» 
م 


رَيَكْم أنَّهُ الزى حَلقَ السَّموْتِ والأرض في سِنَةٍ أَيَامٍ ثم أستوى عل المثر 
0 سروعس سس سا د 2 لله > 
| 


دق لجل ار 2 شيك ل والقمر واللجوم مَسَخَرَتٍ دأهس و لا له 


0 
4 لمح كيو سسسماع> شر لهم موسي لس 
ْحَلق وَالْأَسم تَبَارَكَ الله رب الْمَلْمِينَ4 [الأعراف :54]. 


وفي وصفها بأنها مسخرات مذللات تابعات لتصرفه سبحانه وتعالى فيهن 
بما يشاء فيه دلالة على أنها لا تأثير لها بنفسها في شيء أصلاء ولذلك قال: 
آلا له أكَلْنُ والدم4 (الكمراق 4ف امهو الى ”ديرها وصوكيا غك مني 
2 وبعد أن جمعهم في آية الأعراف أفرد الشمس في آية وأبطل 
عبادتها وكذلك القمر وكذلك الكواكب. 

وكان المنهج المتبع في الإبطال أنها لا تأثير لها وأنها مخلوقات من خلق 
اللهء يقول سبيحائه وتعالى مبطلا غبادة الشمسن في سورة التمل: «(وبدتها 
مها يتمدو لشيس من دز لله ونيم لَهُْ_اللَبِطَنُ أمكتقع َنم عن 
َلتَيلٍ هَهمْ لا يَهْتَدُونَ © ألا مسَجُدُوا يِه الى يخرج الْحَبْءَ في السَمْوتٍ 
َالأرّضٍ وَيَتَلدُ مَا ححْفْوْنَ وما لنت © لَنَُّ ل إِلَهَ إلا هْرٌ وَبُ الْمَرْش العَظي »© 
[النمل :55-74] . 

ويجمع الشمس والقمر معًا وينهى عن السجود لهما إذ السجود لا ينبغي أن 
يكون إلا الله يفول تعالى: طاوين اينيد الكل والتهاد اقنش والقدل ل 
تتجنوا لكين ولا يلكمر وأنمثوا يه الى حَفَهْيتَ إن كُمْمْ رج؛ 


تَعبدُوت 4 [فصلت :/ا”]. 


إرادته 


0000 ول عا بر 


وينهى عن عبادة الكواكب فيقول: فون هُوَ رَبٌ لتر [النجم :41]. 
ومفاد هذه الآيات أن الشمس مسخرة لله سبحانه لا ينبغى السجود لها 
ولكن الله الذي يخرجح الخبء فى السماوات والارطن: وقد جاء الأمر بصيغة 


.)0١؟ى/4( روح المعاني للألوسي‎ )١( 


١‏ الفصل الثالث 


التخصيص في أية سورة النمل» والنهي في سورة فصلت عن السجود للشمس 
ولا للقن والأفن بالسجود لله وحده رب الشعرى؛ فلا ينبغى أن تعبد؛ وخص 
الله الشعرى بالذات ؛ لأن العرب كانت تعبده باسليي اع وجل أذ 
الشعرى مربوب وليس برب؛ لأنهم كانوا ينكرون ذلك» أكد ذلك بالفصل 
فقال: «وَأتَمَ هُوّ رت اليّعرَى» [النجم :و4] للتأكيد على ذلك (©2. 

المقام الثاني: في إبطال شبهة عباد الكواكب يتمثل في أن الكواكب 
بتقدير أنها تفعل شيئًا ويصدر عنها تأثيرات في هذا العالم إلا أن دلائل 
الحذوت خض 2 هيدا ارك كوتها قلق :ا لانسها ل يناده الأضل اول 
من الاشتغال بعبادة الفرع 7"©» ويندرج تحت هذا النوع ممتيوعة حو الآيات 
على رأسها قصة سيدنا إبراهيم في إبطال عبادة الشمس والقمر والكواكب 

061 22 


5 سه ه/ 00707 
تقول تفالى: لقنا جَنَّ علي ليل را كوكبا َالَ هنذَا رق كَلَمّآ فل قَالَ /آ 


29 


4 ع كبي. حر مده عل ممم عر ب مك مك ع م و 1 كر أ 6 
حت الآفليح © فَلَمَا يا الْمَمَرَ بَازِعًا مَالَ هنذا رَقَ فَلَما أفل قال لين لم دفي 


جد 7 704 4 م اسه د بجع بدي سس دم مي 6 نس سم 
2 9 ذه أ 0 


يا ان 


نح ذلا أكلَتَ كَل يمور إِنْ برى مَنَا مُتْروْتَ © إن وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لل 

00 روح عم 7 رط 0 ره 7 

فطر السَموْتِ والأرض حنِيفا وما أنا مَِ المتركيت4» [الأنعام :794-1/5]. 
لقد عرض الله ما فعله سيدنا إبراهيم في إبطال عبادة الكواكب فإنه عليه 

السلام لما عرف أن القوم على دين ابائهم واجدادهم» وتقليدهم لهم. مال 

مطمئنًا بالإيمان. حتى إذا قام عليهم الدليل المبطل لقولهم كان قبولهم لذلك 

الدليل أتم وانتفاعهم باستماعه أكمل ”". 

-15-/4( وتفسير الرازي (79/59- 78؟)» وانظر: فتح الباري‎ »)١١9/11( انظر: القرطبي‎ )١( 

95 كتاب التفسير وبلوغ الإرب للألوسي (؟7/١57)»‏ وابن كثير (75/9- 511). 

(؟) انظر: التفسير الكبير للرازي .)77/١7(‏ 

00 انظر: التفسير الكبير للرازي .)00/١1(‏ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها يف 
ونلاحظ أن سيدنا إبراهيم عليه السلام عكر بالأقول عن حركة الكواكب 
والشمس والقمر وحدوثها بدلا من الغروب مع أن الكلمتين تدلان على 
الحدوث. إلا أن الدليل الذي يحتج به الأنبياء في معرض دعوة الخلق إلى الله 
لا بد وأن يكون ظاهرًا جليّاء بحيث يشترك في فهمه الذكي والغبي والعاقل؛ 
ودلالة الحركة على الحدوث وإن كانت يقينية إلا أنها دقيقة لا يعرفها إلا 
الأفضل من الخلقء أما دلالة الأفول فإنها دلالة ظاهرة يعرفها كل أحدء فإن 
الكوكب سلطانه يزول وقت الأفول» فكانت دلالته على المقصود أتم 7". 

وطريقة سيدنا إبراهيم تفسر المحاولة الاهتدائية كما تؤكد صورة التدرج 
النفسي في طريق الهداية عن طريق التجربة العقلية © أمام الخصم. 

ويلحق بالمقام الثاني الذي يدل على أن هذه الكواكب حادثة ولا تأثير لها 


ور مم 


ويجب الاشتغال بعبادة خالقها لا عبادتها آيات نحو قوله تعالى: «إهوّ ألَذِى 


9 


م رآ ره هه ا 0 
كل السمس عا وَالْهَمَرَ نون ١‏ تفده مَكَارك لكلنوا عد السيون والحيات 


ما حَلَنَّ أنه للك لا بألْحَق َيِلٌ 00 00 0 [يونس :ه]» وقوله 
تعا تعالى: وال 6 رِ بر العزيز إزك و © وَالْقَمرَ 


ليدع . لو 0 ا 0 درك لق 
ا ابل سَابقٌ تار وى َلك ' سْبَحُون 4 [يس :0-88 4] . 

هذا عن الميس والقمر أما عن تعره فآيات مثل قوله تعالى: «وَعَلمبٍ 
وَباَلتَحَم هم يِبَنَدَ يمَتَدُوتَ © أفمّن عق ف كُمن لا © 0 بعلن أقلا مَدَكَرُونَ © وإن ا 
فيه ا 0 !تك الله لعفرة يحي [النحل .]18-١5:‏ 

7 الآيات كقزر متفنكها آنا الى دلقم كظطلوقاف لله رونو العا تميق 
ومسخران لبني آدم ليسيروا في نورهما ويعلموا من خلالهما عدد السنين 
)١(‏ التفسير الكبير (79١/١1ه-‏ 05)» وانظر: الكشاف (9.0/9- 59). 
(؟) صراع المذاهب والعقيدة في القرآن (ص ***) عبد الكيريم غالب الناشر دار الكتاب اللبناني 
الطبعة الأولى 917١م.‏ 


7 الفصل الثالث 


والحساب» وكل منهما لا يستطيع أن يخرج عما كلف به فلا الشمس تسرع 
في حركتها حتى تدرك القمر والقمر هو الآخر يسير بقدر لا يخرج عنه ”') 
والنجوم يهتدى بها. 

والتعقيب: من الذي يستحق العبادة: الخالق أو المخلوق؟ 

ثالثاء دعوى الولدية: 

من الشبه التي أثارها المشركون زعمهم أن لله ولدّاء وهذا القول ليس 
مقصورًا على اليش ر كين واليهود والتصارى فحسبء وإنما هذه الشبهة 
وجدت عند الأمم الوثئية قبل الإسلام» فالمصريون اعتبروا أن ملوكهم آلهة 
وأبناء آلهة. 

والبوذية اعتبرت بوذا إلهًا وأمه والدة الإله "؟» ونسجت حولهما من 
الأناطي ها اخرسهيمااعن تطاق التشزية: والعزت: كانواايستيرون الملذتكة 
بئات الله © وسنكتفى بمناقشة المشركين العرب في زعمهم أن لله ولذّاء 

تقوم شبهة المشركين على ادعاء أن الملائكة بئات الله يقول تعالى: «إآلة 
نّم من إفكهم لتُولوست © ود أَنَهُ وَإنبْمْ لبون © أضَطق البنَاتِ عل 
ل 582 [القساناات عو ]لكي ويقول تعالى: «إوَجَعَلُوأ لم مِنْ عِبَادو جَرءا 
نّ لضن 5 مبين 6 © آم د هما هما لق بْنَاتِ مم اين 4 
[الزخرف ]١5-1١6:‏ . 

هذه مجمل دعوى الذين قالوا إن لله ولدًا.. ولقد رد القرآن الكريم عليهم 
وبين أن قولهم باطل من وجوه: 
)١(‏ انظر: أبو السعود (86/4- 285))» وانظر القرطبي -917/1١(‏ 84). 
١١؟)‏ ديانات مصر القديمة وص .)5١‏ 
)9١‏ الفلسفة الهندية (ص 5517؟). 
(4) تفسير أبي السعود (798/54). 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١‏ 
ذ ذ ام 7 7 ا 


الوجه الأول: أن دعواهم لا دليل عليها من عقل أو نقل» فهم كاذبون في 
قولهم إن الملائكة بنات الله إذ لا حجة لهم ولا بينة ولذلك يسأل سبحانه إلى 
أي شيء استندتم في حكمكم هذا؟ م لَيْر سُلْطنٌ مُرِييكٌ4 [الصافات ]١55:‏ ) 
والسلطان يأني بمعنى الحجة والبرهان أو الحجة والعلم والبيان فما هي 
حجتكم؟ وما هو علمكم الذي علمتم منه هذا؟ ولذلك تحداهم فقال: فَإكأنوأ 
كبر إن 2 دقن 4 [الصافات :لا6١].‏ 

يذكر الرازي أن كلام المشركين في نسبة الولد إلى الله باطل من جهة 
الحس والخبر والنظر فأما الحس فمفقود؛ لأنهم ما شهدوا هذا الولدء وأما 
الخير 'ففقود أيضّا» لأه الحبر إنحايفيد العكم إذا غلم كوه صدقا قلعا 
وهؤلاء الذين يخبرون عن هذا الحكم كذابون أفاكون لم يدل على صدقهم لا 
دلالة ولا أمارة» وأما النظر فمفقود أيضًا ؛ لأن العقل يقتضي فساد مذهبهمء 
فالله أكمل الموجودات والأكمل لا يليق به اصطفاء الأخس وهو المراد 
بقوله: #أصطى َلْنَاتِ ص عل لين ما لك كف كمون 4 [الصافات -١67:‏ 
4) والمعنى أن العقل يقضي إسناد الأفضل إلئن الأفضل لا إسناد الأدنى إلى 
الأفضل» فإن كان حكم العقل هو المعتد به كان قو ل المكر كين باطلا وعلى 
فكان المصير إليه باطلاً قطعًا 2©7. 
0 وهي الغا فراش أن لله ولا دل البنات 9-0 سيصطفي 
من خخلقه ما يشاءء يقول سبحانه: : الَو راد أمَهُ أن يد وَكدَا لَأمَطَق يمَا 
ماد كَل سبكم هْوَ أَنَّهُ الْوحِدُ الْقَهكازُ »4 [الزمر :]» والمراد أن يقيم 
الدلائل الثابتة على كونه منزمًا عن الولد لآنه لوا ]نهذ ولذا تنا رهتىئ إلا 


.)١58 التفسير الكبير للرازي (5؟151/1-‎ )١( 


ا الفصل الثالث 


بأكمل الأولاد وهو الابن فكيف ينسبون إليه البنت وهم لا يرضون ذلك 
لأنفسهمء يقول عز وجل: «وَجَعَلُوا أ من عاد جَرأ إن الإضس لكفور 
بن © أ أَعَسَدَّ سما يكلْقُ بات وَلْسْمَدمْ يلين © وَإدَا مْرَ لَعَدْهُم يما 
رب لِليَمَلِ مثلا ظلّ مَحَهُهُ موا وَهْوَ كليم © أوْمَن مُنَئَوا في 
لْحِيَةِ وهر في لَلِصَِ عد من © وَجَمَنُوا المليكة الَدِنَ هُمَ عبد يمن 
مم أَسَهِدُوأ 0 سَهَندَممم وَلسْحَلُوتَ4 [الزخرف .]19-١6:‏ 

إن القرآن الكريم يتعجب من جهل المش ركين وينكر عليهم جعلهم لله 
جزءًا وهو الإناث دون الذكور مع أنهم أنفر خلق الله عن الإناث وأمقتهم 
لهن» والله عز وجل يعيب عليهم ما جعلوه له وكأنه يقول: هبوا أن إضافة 
اتخاذ الولد إلى الله جائزة فرضًا وتمثيلاً أما تستحيون من الشطط في القسمة 
ومن ادعائكم أنه آثركم على نفسه بخير الجزئين وأعلاهما (©. 

يذكر الرازي أن الله تعالى في هذه الآية: أ أَخَمَدَ مما يَخْلْقُ بات 
َأَصفَدم ِآلْسَدِينَ4 [الزخرف :15]» رتب هذه المناظرة على أحسن الوجوه؛ 
وذلك لأنهتعالن يكن أن إقات الولد لله محال وبتقدير أن يديت الولة فجتعله 
بنئًا أيضًا محالء أما بيان أن إثبات الولد لله محال فلأن الولد لا بد أن يكون 
جزءًا من الوالد وما كان له جزء كان مركبًا وكل مركب ممكن وأيضًا ما كان 
كذلك فإنه يقبل الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق» وما كان كذلك 
فهو عبد محدث فلا يكون إلهّا قديمًا. 

وعلى تقدير ثبوت الولد فإنه يمتنع كونه بنيًا وذلك ؛ لأن الابن أفضل من 
البنت» فلو قلنا إنه اتخذ لنفسه البنات وأعطى البنين لعباده لزم أن يكون حال 
العبد أكمل وأفضل من حال الله وذلك مدفوع في بديهة العقل ("©. 


)1١(‏ الكشاف: (كظ ١1م‏ - ؟487). 
(؟) التفسير الكبير للرازي .)5١١1/707(‏ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١8م‏ 


الوجه الثاني: إن الله ليست له صاحبة فكيف يكون له ولد؟ 


ل ال ا من الزوج 
والزوجة ولا بد أن تكون الزوجة من - جنس الزوجء ٠‏ ولذلك فإن الله 5-6 

0 0 فقال: يريع َلسَّمَروْتِ وَالْدرْضٍ كَ 1 م ود ل وَل تكن 
َم مجه وا خَلنَ كل سنَو وهو يكل شنو عَلِم © دلِحكم أله 2 9 ِل 
ل 7 ع دكن ير تتا وَهْوَ عل كُلْ مَّىْء وَحكيلٌ»4 
[الأنعام »]٠١-101:‏ وهذا الطريق في المحاج هو ما يطلق عليه العلماء 
الاستدلال بالتعريف أي أن نفي الولد وإثبات الوحدانية جاء من التعريف 
بآثار الله 7" وخلقهء ومن كانت هذه صفاته وآثاره امتنع أن يكون له ولد أو 
شريك. 

يقول ابن تيمية : «فأخبر أن المتولد لا يكون إلا عن أصلين كما تكون النتيجة عن 
عبياك ركدلك: طائز المماولات المياونة! ا يعدت المدلرة اراد ران باتع به القلة 
فأما الشي, الواحد فلا يكون علة ولا والدًا قط» (") وقد نفت الآية السابقة الولد 
من ثلاثة اوجه: 

الأول: أنه مبدع السماوات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن 
يوصف خالقها بالجسم ومن ثم لا يصح أن يكون والدًا. 

الثاني : أن الولادة لا تكون إلا من زوجين من جنس واحد وهو متعال عن 
ذلك فلما لم يصح أن له صاحبة لم يصح أن له ولدًا. 

الثالث : أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به ومن كان بهذه الصفة 
كان غنيًا عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج» وقد ثبت أن الله غني عن 
العالميرة 2 


6 0 الكبرى (ص 407 7- 51/8). 

(؟) نقض المنطق لابن تيمية (ص »)2٠١1‏ وانظر: (ص .)١١١‏ 

(؟) انظر في إبطال دعوى الولدية الكشاف (51/75)» والتفسير الكبير (5 »)١١7/١‏ والقرطبي (/ 
ه- 4 ه)» وانظر: درء تعارض العقل مع النقل لابن تيمية (775/10- 755)» وانظر: الاستدلال 
القرآني (ص 55). 


١‏ الفصل الثالث 


وبعد أن يبطل القرآن الكريم شيهة المشركين في دعوى رفي يقرر الله عز 
وجل الوحدانية في آيات كثيرة منها قوله تعالى: هما احد اند ين ولد وكا 
سكا مذ ين لد نا لعب كل يكم يما حَلقَ وكا بَنشهُم عل يتن 
سبح أله عَمَا يصِفُورت4 [المؤمنون :41]. 

00 برهانًا عقليًا "2 على نفي الولد والشريك وهذا البرهان 
يعتبر من أوكد الأدلة لأنه يقتضي الصدق لا محالة ("). 

ونلاحظ زيادة «من» في قوله تعالى: «ؤين وَلّرِ) ونين إِلَهوِ» وهذا يدل على 
أنه مستغن عن كل منهما في أي صورة من الصور أيّا كان الولد وأيّا كان 
الشتريك 60 

وني شور الإخلاص نفي للولد والشريك وإثبات للوحدانية: «إقلٌ 0 
0 لصَسمَد © لم جيذ وَلَمّ يكذ © وَلَمْ بك لو كدر 

حل [الإخلاص ]4-١:‏ . 

وقد نزلت هذه السورة حين جاء المشركون إلى النبي مَلْةِ يقولون: انسب 
لناربكء فأنزل الله عز وجل: إقُلٌ هو أَنَّهُ أَحََدِّ) [الإخلاص ]١:‏ إلى 
3 5 

00 المبورة أنواع الكفر الثمانية كما يذكر البيجوري فقوله: 
فل هو فو لَه أحد» [ [الإخلاص ]١:‏ نفي للكثرة والعدد وقوله: لاله 
اي [الإخلاص ]١:‏ نفي للقلة والنقصء وقوله: فلم ميد وَلَمْ يُولد» 
[الإخلاص :"] نفي للعلة والمعلولية أي: أن 28 تعالى علة ير وأن يكون 
معلولاً لخيره» وقوله: َك يك أو يرا أحتد) الإخلاص :؛] نفي 

نا 
)١(‏ الألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١59‏ 
(؟) الاستدلال القرآني (ص .)5١١‏ 
(؟) الألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١١١‏ 
(4) لباب النقول في أسباب النزول (ص 47 .)١5‏ 
(5) البيجوري على الجوهرة (ص 11) بتصرف. 


شنيات غيز الموحدين والزه خلنها 01 


ويذكر ابن تيمية أن الله نزه نفسه في سورة الإخلاص عن الوالد والولد 
وكمر من جهل الهااولةًا أو والذًا أو شويكاءوسورة الإخلاض لم يضم عن النبع 
يكل في فضل سورة من القرآن ما صح في فضلها وعليها اعتماد الأئمة في 
التوحيد» والله قد نفى عن نفسه فيها الأصول والفروع والنظراء وهي جماع ما 
نسب المخلوق إليه من الأوصاف التي لا تليق به سبحانه» فقوله: «لم يلد؛ رد 
لقول من يقول إن له بنين وبنات من الملائكة أو البشر أو يقول المسيح ابن 
الله أو العزير ابن الله وقوله لم يولد 7'©؛ أي لم يصدر عن شيء لاستحالة نسبة 
العدم إليه سابقًا ولاحمّاء وقد نبه على عدم ولادته بالرغم أن أحدًا لم يقل به 
للإشارة إلى أنهما متلازمان إذ المعهود أن ما يلد يولد» وما لا يلد لا يولدء 
ومن قضية الاعتراف بأنه لم يولد الاعتراف بأنه لا يلد ”"©. 


تعقيب: 


» 


بعد أن انتهينا من عرض شبه المشركين والرد عليهم في عبادتهم للأصنام 
والكواكب ودعواهم اتخاذ الله ولدًا. ولأنق بنماذج من الأدلة التي وردت في 
القرآن الكريم لإثبات الوحدانية ونفي الشريك في كل 0 وقد سلك 
القرآن الكريم مسالك متعددة في إثبات الوحدانية ونفي الشريك لطرق 
متعددة.. تمثلت فى: 


#خ+الأدلة الحنظا ببة: 
#-الأدلة البرهانية. 
الطريقة الأولى: اشتملت على صيغتين هما: 
وو ل مك يسم 
١-أسلوب‏ الاستثناء التام المنفي : مثل قوله تعالى: «إوَإلهَكٌ إِلَه ويد لا 


)١(‏ توحيد الألوهية لابن تيمية (؟/47/8- 479) بتصرف. 
(؟) أبو السعود (817/4) بتصرف يسير. 


١/4‏ الفصل الثالث 


000 
١ 


ل هو أَلتَحْمَنٌ أَلتَحِعْر؟ [البقرة :15]» رك رم ماه لآ إِلَهَ إلا هو 
عن اقيم 4 [البقرة :00؟]» ومثل قوله: «إلة لَه إلا هْوَ التيدٌ كيم » [آل 
عمران :5] ومثل قوله: وما من إِلَهِ إَ 4 [آل عمران :57]. 

وهذه الصيغة ترد كثيرًا فيما يقرب من تسع وخمسين 2١7‏ موضعًا تتحدث 
عن نفي كل ألوهية لغيره وتثبت في الوقت ذاته الألوهية له عز وجل. 

يقول الرازي: 

«معناه أنه واحد في الإلهية لأن ورود لفظ الواحد بعد لفظ الإله يدل على أن تلك 
الوحدة معتبرة في الإلهية لا في غيرهاء ولما قال: #وَإكَيَكٌ إِلَدٌ و4 [البقرة :17] 
أمكن أن يخطر ببال أحد أن يقول: هب أن إلهنا واحد فلعل إله غيرنا مغاير 
لإلهنا فلا جرم زال هذا الوهم ببيان التوحيد المطلق فقال: .8 لَه إلا هْوَ»4 
[البقرة :18 ]200 

؟-أسلوب الاستفهام الإنكاري: وقد وردت آيات كثيرة بهذا الأسلوب 
الذي ينفي الشريك لله أيّا كان ويثبت الوحدانية له سبحانه وتعالى يقول 
مالو سور النمل: «إقل للْمْدُ لله َه سكم عل عا عافن درك 0 َأ 
خَيْرٌ ما شروت © أَصَْ خلقَ لسَمَنْوتِ وَالْأَرْضَ وَل لحكم من السّماء مأ 
نمدا يو حَدَكِقَ داك بَهْبَةٍ ب كات لك أن تبثا 1 
ا را © أت جَعل الأ قَرَنًا يتصل يللها هر جعل 


دع لس 8 0م اح وزرم َِ 


وك ا دور لَه بل أحار 


| 
ًُ 
1 


1 5 “سوس وب 020 رمه ماخ رطام 41 3 
07 به 2 1 اه م 
الْارضٍ 3 لله مع َ قلي 7 كيو 9 ص 2 و ظلملت البر 
2 20 3 . مهمه لظ + دور دم ركع 1 م 7 
وََلْبْحْرٍ ومن يُرْسِلُ الريلح بِشَرًا بيت يَدَى يحمتوء أولنه مع أله تعد الَهُ عم 


(1) انظر: الألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١١5‏ 
(1) التفسير الكبير للرازي .)١97/5(‏ 


سمصيات عت للف هكد ١/5‏ 


اي ل ا ا ا لاء جو وس 2 ل 5 


يشَرِكُونَ (© أمَن يبِدَوَا الاق ثم يعيدم ومن درزة ادك 
أنه قل كصائوا مَك إن قشر كدقيك؟ [النمل :وه-عب ١7]‏ 

ومعنى الآيات أإله آخر كائن مع الله الذي ذكر بعض أفعاله التي لا يكاد 
يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له تعالى في العبادة» وهذا تبكيت 
لهم بنفي الألوهية عما يشركونه به تعالى في ضمن النفي الكلي على الطريقة 
البرهانية بعد تبكيتهم بنفي الخيرية عنه بما ذكر من الترديد فإن أحدًا ممن له 
تمييز فى الجملة كما لا يقدر على إنكار انتفاء الخيرية عنه بالمرة لا يكاد 
يقدر على إنكار انتفاء الالوهية عد راش) لاسيما ينك ماتحكلة التقاء احكامها 
غبنا سواه قال 0 

الطريقة الثانية: إثبات الوحدانية بالأدلة الخطابية: 

وقد استخدم القرآن صيغتين لإثبات الوحدانية عن هذه الطريقة 

الصيغة الأولى: صيغة الإخبار: 

بعل كرت تعالى ازيل من 
ولاه لا يمون لش نما ولا صَرَا هل هل يَنتوى الأقَى وَالْصِيرٌ م 
لكك يذ أ تاي 3 لوا كني ميد قله عي في آنه حي 

شَئْو وهو الود هر 4 [الرعد .]١5:‏ 

يقول القرطبي : «بين في أثناء الكلام أنه لو كان للعالم صانعان لاشتبه الخلق ولم 
يتميز فعل هذا عن فعل ذلك فكيف يعلم أن الفعل من اثنين؟ والآية رد على الشركية 
والقدرية الذين زعموا أنهم خلقوا كما خلق الله» 7" . 


و رم 61 


ألتتت والائي فل للا فل لم يد وده 


0 

ال 
2 
ل 


1 


)١(‏ وهناك من الآيات التي وردت بنفس الصيغة على سبيل المثال لا الحصر: الأنعام: (215 45)؛ 
والأعراف: (0٠4١)؛‏ ويوسف: (594).: والقصص الآية: (9). 

.)5١5/4( أبو السعود‎ )١( 

(©) القرطبي )١5/9(‏ بتصرف. 


ما الفصل الثالث 


93 5 0 3 وه 0 00 سس ست حورم د وو سل مكعم 2 
ومثل قوله تعالى: لي هُم برونٌ ل فق علَ الله ينهم كدءٌ لِمَنِ الملك الوم 
20 الرئهه لْقَهَا رٍ 4 [غافر ١5:‏ د 


الصيغة الثانية: الحصر: وقد وردت أيات متعددة بهذه الصيغة منها قوله 


8 0 بر 22 م تسر 2 .0 1 م عم لس ري بغ 4 ل ار صصح ارم 
تعالى: فإثل أ مَنْء أكير سَبْدَهٌ هل ألَهُ سَيِيد بين بتكم وأوح إِلَّ هذا لقان 
في 


در يد وما بلا بتك لندبَدُونَ أرك عع أَمَه هد ا قل ل هبد هن ثم 
هو إِلَه ود وَإِنَّ برع ما مُسْرِطُوتَ) [الأنعام :19]. 

وقوله تعالى: لوول أنه لا تدا إَِهَْنٍ نين إِثمَا هْرَ لَه ويد يِنَىَ 
َأَرهبُون 4 [النحل ]. وقوله سبحانه: لكل إِنَّمَآ آنا بسر متك برج إل أن 
اك لَه وحِد) [الكهف .2"0]11١:‏ 

وإن دل تعدد الصيغ في نفي الألوهية عن كل ما سوى الله تعالى ؛ لأن 
الشرك لما كان مستنكوا مستقبحًا فالتنفير عنه يكون بالآيات الكثيرة التي 
تغبت الوحدانية ليصير توالي تلك الآيات سببًا لوقوف العقل على ما ا 
قبح) والله عز وجل قد نفى الشريك بكل معنى وصيغة يليقان بذاته» وبين أن 
الشرك منفي بكل وجه من الوجوه العقلية واللغوية وبكل صيغة دالة على 
ذلك 600 

الطريقة الثالثة: إثبات الوحدانية بالأدلة البرهانية: 

وهذه الطريقة تضمنتها بعض آيات القرآن الكريم مثل قوله سبحانه: «لؤ 
كن فيما َه إلا أنَهُ لمَسدَتَا4 [الأنبياء :؟1]. وهذه الآية أخذ منها علماء 
الكلام ما يسمى بدليل التمانع. 

يقول الأشعري في اللمع: «إن قال قائل لم قلتم إن صانع العالم واحد؟ قيل: لأن 
)0 هناك آيات كثيرة وردت تثبت الوحدانية بصيغة الإخبار: البقرة: »)١51(‏ إبراهيم: »)١58(‏ 
والحج: (4 )2 والدمل: )2 والعنكبوت: (55)» والصافات: (5): وغافر: .)١5(‏ 
(؟) سورة كهف الآية: »)١1(‏ والأنبياء الآية: »)٠١(‏ وفصلت الاية: (5)» وغيرها كثير. 
(") انظر: التفسير الكبير للرازي »)47/7١(‏ والألوهية في الفكر الإسلامي (ص .)١58‏ 


شبهات غير الموحدين والرد عليها /1 ١‏ 


الاثنين لا يجري تدبيرهما على نظام ولا ية يتسق على إحكام ولا بد أن يلحقهما العجز أو 
واحدًا منهما لأن أحدهما إذا أراد أن يحيى إنسانًا وأراد الآخر أن يميته لم يخل يخل أن يتم 
مرادهما جميعًا أو لا يتم مرادهما أو يتم مراد أحدهما دون الآخرء ويستحيل أن يتم 
مرادهما جميعًا أو لا يتم مرادهما أو يتم مراد أحدهما دون الآخرء ويستحيل أن لا يتم 
مرادهما جميعًا ؛ لأنه يستحيل أن يكون الجسم حيّا ميئًا في حال واحدة» وإن لم يتم 
مراهما جميعًا وجب عجزهما والعاجز لا يكون إلهّاء ولا قديماء وإن تم مراد أحدهما 
دون الآخر وجب عجز من لم يتم مراده منهماء والعاجز لا يكون إلهًا ولا قديما وهذا 
يؤكد قول ما قلناه على أن صانع الأشياء واحد وقد قال الله تعالى: «آو كن فِيما مله 
إلا لَه تدكا © [الأنبياء :07]) 230 

ويصوغ هذا الدليل بطريقة أخرى «السعد التفتازانى» فى شرحه على العقائد 
النسفية فهو يذكر: أن واجب الوجود لا يصدق إلا على ذات واحدة ويسوق 
الآية السابقة ويستنبط منها أنه لو أمكن إلهان فأراد أحدهما حركة إنسان 
وأراد الآخر سكونه فإما يحصل الأمران فيجتمع الضدان أو لا يحصل فيلزم 
عجزهما. أو يحعيل من أجدهنا فيكون الآأخر عاجرًا وهو أمارة الحدوث 
والإمكان لما فيه من شائبة الاحتياج» فالتعدد يستلزم لإمكان التمانع المستلزم 
الحخال فيكون نالا وهذا تفصيل ما يقال إن أحدهما إن لم يقدر على 
مخالفة الآخر لزم عجزه وإن قدر لزم عجز الآخر وبهذا يندفع ما يقال إنه 
يمكن أن يتفقا من غير تمانع أو تكون الممانعة والمخالفة غير ممكنة 
لاسعارامهما المحال 20 

ويسوق «عضد الدين الإيجي» دليل المتكاميزة المستنبط من الاية القرآنية 
لشرائط الإلهية لوجهين 
)١(‏ انظر: اللمع للأشعري (ص »)2١ -٠١‏ وانظر: نهاية الإقدام للشهرستاني والإرشاد للجويني 


(ص؛ ه)» وانظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي »)١55/1(‏ وأبو السعود (511/5). 
)١(‏ شرح التفتازاني على العقائد النسفية (ص ؟515- 55). 


م١‏ الفصل الثالث 


الأول: لو وجد إلهان قادران لكان نسبة القدورات إليهما سواء إذ المقتضى 
للقدرة ذاتهما وللمقدورية الإمكان فتستوي النسبة فإذا يلزم وقوع هذا 
المقدور المعين إما بهما وهو باطل لامتناع وقوع مقدور بين قادرين وإما 
بأحدهما ويلزم الترجيح بلا مرجح. 

الثانى: إذا أراد أحدهما شيئًا فإما أن يمكن من الآخر إرادة ضده أو يمتنع 
وكلاهما محال 00 

وكما أن الآية تفيد دليل التمانع ”© تفيد أيضًا دليل التواردء أي على هذا 


.)775 -17178 المواقف لعضد الدين الإيجي (ص‎ )1١( 
مما تجدر الإشارة إليه أن دليل التمانع الذي ذهب إليه المتكلمون نقده بعض المتكلمين أنفسهم مثل‎ )١( 
الآمدي ونقده أيَضا ابن رشد في تاهج الأدلة.‎ 

أ-يقول الأمدي في غاية المراد: أما المتكلمون فقد سلك عامتهم في الإثبات رأيين ضعيفين: الأول: 
أنهم قالوا: لو قدرنا وجود إلهين وقدرنا أن أحدهما أراد تحريك جرم ما والآخر تسكينه. ص ١6١‏ . 

وساق دليل التمانع الذي ذكره المتكلمون. الثاني: أنهم قالوا: الطريق الموصل إلى معرفة الباري تعالى 
ليس إلا وجود امحادئات لضرورة افتقارها إلى مرجع ينتهي الأمر عنده وهي لا تدل على أكثر من واحد). 
انظر: غاية المرام في علم الكلام ص .١57‏ 

وبعد أن نقد الأمدي دليل المتكلمين ساق دليلاً رآه أكثر دقة من وجهة نظره من دليل المتكلمين يقول: 
«والصواب أن يقال: لو قدرنا وجود إلهين لم يخل إما أن يشتركا من كل وجه أو يختلفا من كل وجه أو 
يشتركا من وجه دون وجه. فإن كان الأول فلا تعدد ولا كثرة. وإن كان الثاني فلا محالة أنهما لم 
يشتركا في وجوب الوجود ولا فيما يجب لله من الكمالات ويستحيل عليه من الصفات وإذ ذاك 
فأحدهما لا يكون | لكا وإن كان الشالك محسيضي مايه الامترالك مايه الأتراق في كل سد مهما يا 
أن يستند إليه أو إلى ارج عنه فإن استند إما أن يكون ذلك له بالذات أو بالإرادة لا جائز أن يكون له 
بذاته وإلا لوجب الاشتراك فيه لضرورة أن المقتضى له فيهما واحد وإن كان ذلك له بالإرادة استدعى 
كونه متحققًا وموجودًا دون ما خصصه وهو محالء وإن كان ذلك مستندًا إلى خارج لزم أن يستند في 
وجرييا ككل والحنطلى ص جيه وقر لعي ونع كرك فذقا فبارم أناليكرنه كل شونا مكلا رده رهز 
محال) غاية المرام ص .١87‏ 

ك2 -أما أبن رشد: فهو ينقد دليل الأشاعرة على وجه الخصوص يقول: «أما ما تتكلفه الأشعرية من 
الدليل الذي يسمى بلممانعة والمستنبط من الآية الكريمة «9لؤ كَنَ فيماً لَه إِلَّا لله لسكا 4 
[الأنبياء :77]» فشيء ليس يجرى مجرى الأدلة الطبيعية والشرعية أما ل 
فلأن الجمهور لا يقدرون على فهم ما يقولون من ذلك فضلاً عن أن يقع لهم به إقناع. وأما كونه ليس 
يجري مجرى الأدلة الطبيعية فلأنهم قسموا الآية إلى ثلاثة أقسام وليس في الآية تقسيم ودليلهم الذي 
استعملوه هو الذي يعرفه أهل المنطق بالقياس الشرطي المنفصل» ويعرفونه هم في صناعتهم بدليل السبر 
والتقسيم» مناهج الأدلة ص ١١8-١017‏ بتصرف. وعد ايقل دلي الأشاعزة يقول ابن رشد: «وا محال 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١08‏ 
الآخر لأ دلوم عجر هيا ل ا 
الاخر طاريق اك الس هك قاد لي 1 
قوله 91 2 اد اند ين ولد 7 كات من للد 1 د 
بالق و بَعضْهُمٌ صٍّ عض بعلن م درت 4 [المؤمنون .]4١:‏ 
يقول البيهقي : «يعلم استغناء المصنوع بصانع واحد وعلو بعضهم على بعض وما 
يدخل من الفساد في الخلق من وجود آلهة معه. فيستدل بذلك على أنه إله واحد لا 
5 زفق 
شربك ل71. 
والآية فيها الاستدلال على نفي الشريك وإثبات الوحدانية» بالتسليم وهو 
فرض ابيع كه 8 ا كرد ابد ريسع 
ل ا ا 0 
سلمنا أنه معه سبحانه وتعالى إلهّا لزم من ذلك التسليم بذهاب كل إله بما 
خلق وعلو بعضهم على بعض فلا يتم في العالم أمر ولا ينفذ حكم ولا تنظم 
أحواله والواقع خلاف ذلك ففرض إلهين فصاعدًا محال لما يلزم منه المحال » 
والآية تفيد أنه لو كان معه آلهة كما يزعمون لذهب كل واحد منهما بما 
خلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين ووقع بينهم التغالب والتجارب 
كما هو جار بين الملوك» وقد قام البرهان على استناد جميع الممكنات إلى 
وانحبي الوعود الواخدة بالذاث 7 
الذي أفضى إليه دليل الكتاب ليس مستحيلاً على الدوام وإثما علقت الاستحالة فيه على وقت مسخصوص 


وهو أن يوجد العالم فاسدًا في الآية ثم استثنى أنه غير فاسد فوجب ألا يكون هناك إلا إله واحد). مناهج 
الأدلة ص 18 

.)15 شرح البيجوري على الجوهرة (ص‎ )١( 

(؟) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد تصنيف البيهقي الشافعي بتصرف. 

(5) الإتقان في علوم القرآن للسيوطي »)١117/7(‏ وأبو السعود (17/5). 


١9‏ الفصل الثالث 


توحيد العبودية: 

بعد أن أثيت ت القرآن الكريم الوحدانية يكل الأساليت كما رأينا من لفي 
الشرك وإثبات الوحدانية والاستدلال بالأدلة الخطابية والبرهانية» أكثر من 
التنبيه على العبودية له وحده وأوضح القرآن الكريم أن العبودية لله وحده 
كانت محور رسالة الانبياء. 


00 تعالى عن دعوة نوح: : لَقَدَ م نا نوا 1 قوم قال ” قوق عدوا 
ما ل من ِل 0 ف أ ََافُ عتم عد عذَاب » 2 عَظِي م4 [ [الأعراف :09]. 
وهي دعوة هود . يقول تعالى: وَل عَادٍ ل عَادٍ اه فو موك كل يقزر أَعَبِدُوأ أَشَّه ما 


206 هه 


لَك ين إل 1 أفلا تَنَقَونَ؟ [الأعراف :10]. 
وهي دعوة صالح: لوال تمُوه أََاهُمَ صَيكَا َل يَدمَِْ مذو أله 
كم : من لَه ع قَنّ ج نحثم بين 20 ين تق05 4 [الأعراف :77]. 
وبالجملة فهي ذعوة 00 نبياء يقول تعالى: «إوَمَآ رسلا ين قلت 
لا إله 0 أن أنأ فأَعَبدُونٍ» [الأنبياء :0؟]. 


ص 


يه سول ل 5-5 إِليْهِ أنه 


ويقول: سكل مَنٌَ 2 من قَبِكَ من ما أحدنا جعلنا من دون سحن اليه 
يعْبَدُونَ [الزخرف :40]. 

والمعنى : أن الامبلاء ينها ادا بالتوحيد وعبادة الله » فأدلة العقل 
شاهدة أنه لا شريك له » والنقل عن جميع الأنبياء موجود والدليل إما معقول 
أو منقول» وقال قتادة: لم يرسل نبي إلا بالتوحيد والشرائع مختلفة في التوراة 
والإنجيل والقرآن وكل ذلك على الإخلاص والتوحيد 77©. 

وبناء على هذا فإن الإيمان المعتد به في الشرع هو ما كان شاملا لتوحيد 


.)580/١١( القرطبي‎ )١( 


شبهات غير الموحدين والرد عليها ١1١‏ 


ولكنهما منفكان لدى المشرك الذي يرى الله فاعلاً ولكن لا يعبده ولذلك 
فإن الإيمان الشرعى المقبول عند الله هو الجامع للتوحيد بكل معناه التوحيد 
فعلا والطاعة خلقًا وعبادة مسيطرة وخضوع هيمنة واستسلام 27. ومن هنا 
فإن أي إيمان بدون طاعة وامتثال فهو إيمان ناقص» يقول الله تعالى: وما 
0 ل دنا امه عضن له الذي حتفاء ويقبموا السلرة ونوا ل وَدلِكَ 


00 


دين لْقيَمَةِ)4 [البينة :0]. 


ا 


.)188 -١174( الألوهية في الفكر الإسلامي‎ )١( 


فهرس الموضوعات 


فهرس الموضوعات 
المقدمة 00000010001 0 ا 
مدخحل اماك انق اول ماس لالص سساو و ات ا تو 0 
ويشتمل على المسائل التالية: 00000 11ذ[1[ذ111#1#111[1#1ظ2 
المسألة الأولى: معنى العقيدة لغة واصطلاحا: 0 
ثالمًا: أهمية علم العقيدة: ا ا 
رابعًا: الأسماء التي تطلق على علم العقيدة:..............ت. ...1 1 
تعريف علم الكلام على النحو الاصطلاحي ا م ا 
الفصل الأول ا 
وجود الله بين المثبتين والمدكرين ا 1100010 
المبحت الأول ا 1 
هل أنكر العرب وجود الله ؟ ا 
المبحث الثانى ايا 10000000 
حديث القرآن الكريم عن وجود الله 2100000 
المبحث الثالث اا 0 000 
اعد لال المتكلية على وجوة الله ات مما وما سو وق مه محا ل 1 
المبحث الرابع... وف ا ا 51 
استدلال الفلاسفة على وجود الله «دليل الإمكان» 6 ا 
المح الخامس 0001 ا 
شبه منكري الألوهية والرد عليهم و اس وا 5 
عرض شبه القائلين بأزلية المادة والرد عليهم 00 اا 


١1‏ فيل لانت 
الشبهة الأولى 15ذ1111ذذ1اااا 0 
أزلية الكون وقيامه بنفسه بدون خالق 0 
القائلون بالصدفة في خلق العالم والرد عليهم...... 52777 1'219غ21 
الشبهة الثانية: القول بالصدفة 11[ [ذ[ز[ز[ز[ز |[ 0111 
شبهة القائلين بالتطور والرد عليهم حول التطور مفهومًا وفرضًا 10000 
الرد على شبهة التطوريين 1 1 011 
صفات الله تعالى وأسماؤه الحسنى ا 
الضف الأول 8 0001|[ |[ [ [ 1 11107011 
أسماء الله الحسنى اع و ا و ا 
المبحث الثاني 0 0 1 اا 
صفات ‏ الله سبحانه 0 
صفة العلم 1 ا 
صفة ال حياة ا الا ا 1 
صفة السمع ل ا 
صفة البصر ام ا ا ا ا 
صفة الكلام ا ا 117 
صفات الذات وصفات الفعل وان نو اسك حال اتا الم ع و ا 171017 
الفصل الثالث 11 
شبهات غير الموحدين والرد عليها تسد ا و تخ ع ا ١‏ 
توطئة امط مك ل تا ااه تا ل لخ ادج سس م ا 
المبحث الاول م ا ا ا ل وول امد و ا الوة ‏ 1 اا ا 10 11 
الوثنيون المشركون بببب00 ا ا اا 


العميرة الأسلامية 
تعواجية الثياياث لاطهادبة 
8 8 #8 838 #8 #8 #8 خخ 3# #8 5 5 


يعرض فيه المؤلف معنى العقيدة وأهميتها ومدى الحاجة إليها - ويدرس 
بعض المسائل العقدية وكيف كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يفهمونها 
كمسألة الأسماء والصفات والقضاء والقدر وغيرها - ثم يرصد الكتاب بداية 
ظهور الاختلاف بين الفسرق حول أصول المسائل العقيدية, وانتهى الكتاب إلى أنه 
كلما بعد العهد عن زمن الرسول يك - ظهرت بعض الفرق التى تبتعد فى فهمها 
لأمور العقيدة عن فهم الصحابة والتابعين. 

وقد تناول الكتتاب افتراق الأمة وسببه - ثم ناقش. منكرى الألوهية قديما 
وركز حديثا على التيارات الإلحادية. كالتى تقول بأزلية الكون والقائلين بالصدفة 
والتطور فى خلق الكائنات - وعرض الكتاب للوحدانية فى الذات والأسماء 
والصفات ثم ناقش الكتاب الأدلة العقلية والنقلية شبه غير ال موحدين وانتهى إلى 
ضرورة الرجوع إلى المنهج القرآنى فى إثبات الوحدانية بالآدلة البرهانية والإقناعية 
والخطابية» وأن هذه الأدلة هى ملاك الإقناع للنفس البشرية بتوحيد الله سبحانه 
وتعالى الذى جاءت به جميع الرسالات من لدن آدم عليه السلام إلى سيدنا محمد يكلِة. 


١.5.8.ذ1.‎ 977 - 344 - 093 - 1